فصل: تفسير الآية رقم (160):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.تفسير الآية رقم (160):

قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (160)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما أخبر أن أمرهم ليس إلا إليه، كان كأنه قيل: فماذا يفعل بهم حينئذ؟ فأجيب بقوله: {من جاء} أي منهم أو من غيرهم {بالحسنة} أي الكاملة بكونها على أساس الإيمان {فله} من الحسنات {عشر أمثالها} كرمًا وإحسانًا وجودًا وامتنانًا، يجازيه بذلك في الدنيا أو في الآخرة، وهذا المحقق لكل أحد ويزداد البعض وضوحًا بحسب النيات، وذكر العشر، لأنه بمعنى الحسنة، وهو مضاف إلى ضميرها.
ولما تضمن قوله: {وأوفوا الكيل والميزان بالقسط} [الأنعام: 153] مع تعقيبه بقوله: {لا نكلف نفسًا إلاّ وسعها} [الأنعام: 152] الإشارة إلى أن المساواة في الجزاء مما ينقطع دونه أعناق الخلق، أخبر أن ذلك عليه هين لأن عمله شامل وقدرته كاملة بقوله: {ومن جاء بالسيئة} أي أيّ شيء كان من هذا الجنس {فلا يجزى} أي في الدارين {إلا مثلها} إذا جوزي، ويعفو عن كثير.
ولما كانت المماثلة لا يلزم كونها من كل وجه وإن كانت ظاهرة في ذلك لاسيما في هذه العبارة، صرح بما هو ظاهره لأنه أطيب للنفس وأسكن للروع فقال: {وهم لا يظلمون} أي بكونها مثلها في الوحدة وإن كانت أكبر أو من جنس أشد من جنسها ونحو ذلك، بل المماثلة موجودة في الكم والكيف، فلا ينقص أحد في ثواب ولا يزاد في عقاب. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

في الآية مسائل:
المسألة الأولى:
قال بعضهم: الحسنة قول لا إله إلا الله، والسيئة هي الشرك، وهذا بعيد بل يجب أن يكون محمولًا على العموم إما تمسكًا باللفظ وإما لأجل أنه حكم مرتب على صف مناسب له فيقتضي كون الحكم معللًا بذلك الوصف فوجب أن يعم لعموم العلة.
المسألة الثانية:
قال الواحدي رحمه الله: حذفت الهاء من عشر والأمثال جمع مثل، والمثل مذكر لأنه أريد عشر حسنات أمثالها، ثم حذفت الحسنات وأقيمت الأمثال التي هي صفتها مقامها وحذف الموصوف كثير في الكلام، ويقوي هذا قراءة من قرأ عشر أمثالها بالرفع والتنوين.
المسألة الثالثة:
مذهبنا أن الثواب تفضل من الله تعالى في الحقيقة، وعلى هذا التقدير فلا إشكال في الآية، أما المعتزلة فهم فرقوا بين الثواب والتفضل بأن الثواب هو المنفعة المستحقة والتفضل هو المنفعة التي لا تكون مستحقة ثم إنهم على تقريع مذاهبهم اختلفوا.
فقال بعضهم: هذه العشرة تفضل والثواب غيرها وهو قول الجبائي قال: لأنه لو كان الواحد ثوابًا وكانت التسعة تفضلًا لزم أن يكون الثواب دون التفضل، وذلك لا يجوز، لأنه لو جاز أن يكون التفضل مساويًا للثواب في الكثرة والشرف، لم يبق في التكليف فائدة أصلًا فيصير عبثًا وقبيحًا، ولما بطل ذلك علمنا أن الثواب يجب أن يكون أعظم في القدر وفي التعظيم من التفضل.
وقال آخرون: لا يبعد أن يكون الواحد من هذه التسعة ثوابًا، وتكون التسعة الباقية تفضلًا، إلا أن ذلك الواحد يكون أوفر وأعظم وأعلى شأنًا من التسعة الباقية.
المسألة الرابعة:
قال بعضهم: التقدير بالعشرة ليس المراد منه التحديد، بل أراد الإضعاف مطلقًا، كقول القائل لئن أسديت إلي معروفًا لأكافئنك بعشر أمثاله، وفي الوعيد يقال: لئن كلمتني واحدة لأكلمنك عشرًا، ولا يريد التحديد فكذا ههنا.
والدليل على أنه لا يمكن حمله على التحديد قوله تعالى: {مَّثَلُ الذين يُنفِقُونَ أموالهم فِي سَبِيلِ الله كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلّ سُنبُلَةٍ مّاْئَةُ حَبَّةٍ والله يضاعف لمن يشاء} [البقرة: 261].
ثم قال تعالى: {وَمَن جَاء بالسيئة فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا} أي الأجزاء يساويها ويوازيها.
روى أبو ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تعالى قال الحسنة عشر أو أزيد والسيئة واحدة أو عفو فالويل لمن غلب آحاده أعشاره» وقال صلى الله عليه وسلم: «يقول الله إذا هم عبدي بحسنة فاكتبوها له حسنة وإن لم يعملها فإن عملها فعشر أمثالها وإن هم بسيئة فلا تكتبوها وإن عملها فسيئة واحدة» وقوله: {وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} أي لا ينقص من ثواب طاعتهم، ولا يزاد على عقاب سيئاتهم في الآية سؤالان:
السؤال الأول: كفر ساعة كيف يوجب عقاب الأبد على نهاية التغليظ.
جوابه: أنه كان الكافر على عزم أنه لو عاش أبدًا لبقي على ذلك الاعتقاد أبدًا، فلما كان ذلك العزم مؤبدًا عوقب بعقاب الأبد خلاف المسلم المذنب، فإنه يكون على عزم الإقلاع عن ذلك الذنب، فلا جرم كانت عقوبته منقطعة.
السؤال الثاني: إعتاق الرقبة الواحدة تارة جعل بدلًا عن صيام ستين يومًا، وهو في كفارة الظهار، وتارة جعل بدلًا عن صيام أيام قلائل، وذلك يدل على أن المساواة غير معتبرة.
جوابه: إن المساواة إنما تحصل بوضع الشرع وحكمه.
السؤال الثالث: إذا أحدث في رأس إنسان موضحتين: وجب فيه إرشان، فإن رفع الحاجز بينهما صار الواجب أرش موضحة واحدة، فههنا ازدادت الجناية وقل العقاب، فالمساواة غير معتبرة.
وجوابه: إن ذلك من تعبدات الشرع وتحكماته.
السؤال الرابع: إنه يجب في مقابلة تفويت أكثر كل واحد من الأعضاء دية كاملة، ثم إذا قتله وفوت كل الأعضاء، وجبت دية واحدة، وذلك يمتنع القول من رعاية المماثلة.
جوابه: أنه من باب تحكمات الشريعة. والله أعلم. اهـ.

.قال السمرقندي:

{مَن جَاء بالحسنة فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} يعني: من جاء بالإيمان بشهادة أن لا إله إلا الله فله بكل عمل عمله في الدنيا من الخير عشرة أمثاله من الثواب.
{وَمَن جَاء بالسيئة} يعني: بالشرك {فَلاَ يجزى إِلاَّ مِثْلَهَا} وهو الخلود في النار، لأن الشرك أعظم الذنوب والنار أعظم العقوبة.
فذلك قوله: {جَزَاءً وفاقا} [النبإ: 26] يعني: جزاءً وافق العمل.
ويقرأ فله عشر بالتنوين أمثالُها بضم اللام فتكون الأمثال صفة للعشر، وهي قراءة شاذة قرأها الحسن البصري ويعقوب الحضرمي والقراءة المعروفة عشر أمثالها على معنى الإضافة، وتكلموا في المثل.
قال بعضهم إذا عمل عملًا يعطى في الآخرة ثواب عشرة.
ويقال: وإنه يكتب للواحدة عشرة.
وروى أبو أمامة الباهلي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنَّ صَاحِبَ اليَمِينِ أمِيرٌ عَلَى صَاحِبِ الشِّمالِ.
وَإذا عَمِلَ العَبْدُ حَسَنَةً كُتِبَ لَهُ عَشَرَة أمْثَالِهَا.
وإذَا عَمِلَ سَيِّئَةً فَأرَادَ صَاحِبُ الشِّمَالِ أنْ يَكْتُبَهَا قَالَ لَهُ صَاحِبُ اليَمِينِ: أَمْسِكْهَا فَيُمْسِكُ سِتَّ سَاعَاتٍ أوْ سَبْعَ سَاعَاتٍ.
فإنِ اسْتَغْفَرَ لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإنْ لَمْ يَسْتَغْفِرْ كُتِبَ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ وَاحِدَةٌ»
ويقال: إن الله تعالى قد وعدّ للواحدة عشرًا فهو أعرف بكيفيته.
فإن قيل: ذكر هاهنا للواحدة عشر وذكر في آية أُخرى سبعمائة وفي آية أُخرى أضعافًا مضاعفة، قيل له: قد تكلم أهل العلم في ذلك.
قال بعضهم: يكون للعوام عشرة والخواص سبعمائة وأكثر إلى ما لا يحصى.
وقال بعضهم: العشرة اشترط لسائر الحسنات، والسبعمائة للتفقه في سبيل الله فالخاص والعام فيه سواء.
وقد جاء في الأثر ما يؤكد القولين فقد روى عطية عن ابن عمر قال: نزلت هذه الآية في الأعراب {مَن جَاء بالحسنة فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} قال رجل ما للمهاجرين يا أَبا عبد الرحمن؟ قال: هو أفضل من ذلك {إِنَّ الله لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يضاعفها وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 40] وإذا قال الله لشيء عظيمًا فهو عظيم.
وروى همام عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا أَحْسَنَ أَحَدُكُمْ إسْلاَمَهُ فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا يُكْتَبُ لَهُ عَشْرُ أَمْثَالِها إِلى سَبْعِمائَةِ ضِعْفٍ.
وَكُلُّ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُها يُكْتَبُ لَهُ بِمِثْلِها حَتَّى يَلْقَى الله بِلا ذَنْبٍ»
.
وروى ابن فاتك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الأَعْمَالُ سِتَّةٌ فَمُوجِبَتَانِ، وَمِثْلٌ بِمِثْلٍ، وَحَسَنَةٌ بِحَسَنَةٍ، وَحَسَنَةٌ بِعَشْرٍ، وَحَسَنَةٌ بِسَبْعِمائَةٍ.
فَأَمَّا المُوجِبَتَانِ فَمَنْ مَات وَلَمْ يُشْرِكْ بالله شَيْئًا دَخَلَ الجَنَّةِ وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بالله دَخَلَ النَّارَ.
وَأَمَّا مِثْلٌ بِمِثْلٍ فَمَنْ عَمِلَ سَيِّئَةٍ فَجَزَاءٌ سَيِّئَةٍ مِثْلُهَا.
وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ حَتَّى تَشْتَهِيَ بِهَا نَفْسُهُ وَيَعْلَمَهَا الله مِنْ قَلْبِهِ كُتِبَ لَهُ حَسَنَة.
وَأَمَّا حَسَنَةٌ بِعَشْرٍ فَمَنْ عَمِلَ حَسَنَةً فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِها.
وَأَمَّا حَسَنَةٌ بِسَبْعِمائَةٍ فَالنَّفَقَةُ فِي سَبِيلِ الله»
ثم قال: {وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} يعني: لا ينقصون من ثواب أعمالهم شيئًا ولا يزادون على سيئاتهم شيئًا. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله عز وجل: {مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا} في الحسنة والسيئة هنا قولان:
أحدهما: أن الحسنة الإيمان، والسيئة الكفر، قاله أبو صالح.
والثاني: أنه على العموم في الحسنات والسيئات أن جعل جزاء الحسنة عشر أمثالها تفضلًا، وجعل جزاء السيئة مثلها عدلًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَبْعَدَ اللَّهُ مَنْ غَلَبَتْ وَاحِدَتُهُ عَشْرًا». ثم في ذلك قولان:
أحدهما: أنه عام في جميع الناس.
والثاني: أنه خاص في الأعراب إذا جاء أحدهم بحسنة فله عشر أمثالها، فأما غيرهم من المهاجرين فلمن جاء منهم بحسنة سبعمائة، قاله ابن عمر، وأبو سعيد الخدري.
فأما مضاعفة الحسنة بعشر أمثالها فلأن الله فرض عُشْر أموالهم، وكانوا يصومون في كل شهر ثلاثة أيام وهي البيض منه، فكان آخر العُشْر من المال آخر جميع المال، وآخر الثلاثة الأيام آخر جميع الشهر.
وأما مضاعفة ذلك بسبعمائة ضعف فلقوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلِةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لَمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 261]، فضاعف الله الحسنة بسبعمائة ضعف، وكان الحسن البصري يقرأ: {فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالُهَا} بالتنوين، وَوَجْهُهُ في العربية صحيح.
وحكى ابن بحر في الآية تأويلًا يخرج عن عموم الظاهر، وهو أن الحسنة اسم عام يطلق على كل نوع من الإيمان وينطلق على عمومه، فإن انطلقت الحسنة على نوع واحد منه، فليس له عليها من الثواب إلا مثل واحد، وإن انطلقت على حسنة تشتمل على نوعين، كان الثواب عليها مثلين كقوله: {اتَّقُواْ اللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُم كفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ} [الحديد: 28]، والكفل: النصيب كالمثل، فجعل لمن اتقى وآمن بالرسول نصيبين، نصيبًا لتقوى الله، ونصيبًا لإيمانه برسوله، فدل على أن الحسنة التي جعلت لها عشر أمثالها هي التي جمعت عشرة أنواع من الحسنات، وهو الإيمان الذي جمع الله في صفته عشرة أنواع بقوله: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} إلى قوله: {وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الاحزاب: 35]، فكانت هذه الأنواع العشرة التي ثوابها عشرة أمثالها، فيكون لكل نوع منها مثل، وهذا تأويل فاسد، لخروجه عن عموم الظاهر، لما لا يحتمله تخصيص العموم، لأن ما جمع عشرة أنواع فهو عشر حسنات، فليس يجزي عن حسنة إلا مثلها، وبطل أن يكون جزاء الحسنة عشر أمثالها.
وذكر بعض المفسرين تأويلًا ثالثًا: أن له عشر أمثالها في النعيم والزيادة لا في عظيم المنزلة، لأن منزلة التعظيم لا تنال إلا بالطاعة، وهذه مضاعفة تفضيل كما قال: {لِيُوَفِّيهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ} [فاطر: 30]. اهـ.

.قال ابن عطية:

قوله تعالى: {من جاء بالحسنة} الآية.
قال أبو سعيد الخدري وعبد الله بن عمر: هذه الآية نزلت في الأعراب الذين آمنوا بعد الهجرة فضاعف الله حسناتهم للحسنة عشر. وكان المهاجرون قد ضوعف لهم الحسنة سبعمائة.
قال القاضي أبو محمد: وهذا تأويل يحتاج إلى سند يقطع العذر، وقالت فرقة: هذه الآية لجميع الأمة، أي إن الله يضاعف الحسنة بعشرة ثم بعد هذا المضمون قد يزيد ما يشاء، وقد يزيد أيضًا على بعض الأعمال كنفقة الجهاد، وقال ابن مسعود ومجاهد والقاسم بن أبي بزة وغيرهم: الحسنة لا إله إلا الله والسيئة الكفر.
قال القاضي أبو محمد: وهذه هي الغاية من الطرفين، وقالت فرقة: ذلك لفظ عام في جميع الحسنات والسيئات، وهذا هو الظاهر. وأنث لفظ العشر لأن الأمثال هاهنا بالمعنى حسنات، ويحتمل أن الأمثال أنث لما أضيفت إلى مؤنث، وهو الضمير كما قال الشاعر: [الطويل]
مَشَيْنَ كَمَا اهْتَزَّتْ رِمَاحٌ تَسَفَّهَتْ ** أعالِيهَا مَرّ الرياح النواسم

فأنث وقرأ الحسن وسعيد بن جبير وعيسى بن عمر والأعمش ويعقوب {فله عشرٌ} بالتنوين {أمثالُها} بالرفع.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الأعمال ست موجبة وموجبة ومضعفة ومضعفة ومثل ومثل، فلا إله إلا الله توجب الجنة. والشرك يوجب النار، ونفقة الجهاد تضعف سبعمائة ضعف، والنفقة على الأهل حسنتها بعشرة، والسيئة جزاؤها مثلها، ومن همَّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة مثلها»، وقوله تعالى: {لا يظلمون} أي لا يوضع في جزائهم شيء في غير موضعه، وتقدير الآية من جاء بالحسنة فله ثواب عشر أمثالها، والمماثلة بين الحسنة والثواب مترتبة إذا تدبرت، وقال الطبري قوله: {من جاء بالحسنة} الآية، يريد من الذين فرقوا دينهم أي من جاء مؤمنًا فله الجنة.
قال القاضي أبو محمد: والقصد بالآية إلى العموم في جميع العالم أليق باللفظ. اهـ.