فصل: من فوائد ابن عرفة في الآية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من فوائد ابن عرفة في الآية:

قال رحمه الله:
قوله تعالى: {خَتَمَ الله على قُلُوبِهِمْ}.
قرر ابن عرفة وجه المناسبة بين هذه الآية وبين ما قبلها بأنها سبب فيه، كأنه قيل: لِمَ لا ينفع الإنذار فيهم؟ فقيل: بسبب الختم على قلوبهم.
قال ابن عرفة: هكذا قرره بعضهم.
ويرد عليه أنه كأن يكون الأوْلى تقدير هذه الآية على ما قبلها، لأنها سبب فيه وكان يمشي لنا فيه إن كان تقرير المناسبة بأنّ امتناع تأثير الفعل في المفعول إما لخلل في الفاعل أو المَانِعِ في القابل فقد يضرب بالسيف شجاع قوي ويكون على المضروب مصفّح من حديد فلا يؤثر فيه شيئا، فأخبر هنا أن تعذر تأثير الإنذار فيهم لا بتوهم أنه لإخلال واقع في الرسول في تبليغه بوجه بل لمانع فيهم هو الطبع على قلوبهم.
وفسر ابن عطية الختم بثلاثة أوجه:
الاول: أنه حسي حقيقة، فإن القلب على هيئة الكف ينقبض مع زيادة الضلال كما ينقبض الكف إصبعا إصبعا.
الثاني: أنّه مجاز عبارة عن خلق الضّلال في قلوبهم وأنّ ما خلق الله في قلوبهم من الكفر والضلال والإعراض عن الإيمان سمّاه ختما.
الثالث: إنّه مجاز في الإسناد كما يقال، أهلك المال فلانا وإنّما أهلكه سوء تصرفه فيه.
قال ابن عرفة: وسكت ابن عطية عن هذا الثالث وهو إنما يناسب مذهب المعتزلة ولما جاءت الآية مصادمة لمذهبهم تأولها الزمخشري وأطال وقال: إنه مجاز واستعارة.
وقال ابن عرفة: فجعله تمثيلا.
قال: والفرق بين التشبيه والتمثيل والاستعارة أن إطلاق الصفة على الموصوف إن كان بأداة التشبيه فهو تشبيه مثل: زيد كالأَسَدِ، وإلا فإن كان بواسطة ما يدل على التمثيل فهو تمثيل نحو: زيد الأسد، وإن لم يكن بواسطة فهو استعارة مثل: رأيت أسدا يكرّ ويفرّ في الحرب.
وظاهر كلام الطيبي أنّه لا فرق بين التشبيه والتمثيل.
قال: والآية حجة لمن يقول: إن العقل في القلب، ولو كان في الدماغ لقال: ختم الله على أدمغتهم.
فإن قلت: لم قدم القلب والأصل تأخيره؟ قلت: لوجهين:
إما لأنّ السمع والبصر طريقان إليه فما يلزم من الختم عليهما الختم عليه، إذ لعلّه يعلم المعقولات بقلبه.
ويلزم من الختم على القلب عدم الانتفاع بمدركات السمع؛ وإما لأن المدركات قسمان: وجدانيات ومحسوسات.
فما يلزم من نفي المحسوسات نفي الوجدانيات بخلاف العكس.
قال: وأجاب الطيبي بأن الأمور المدركات على ثلاثة أقسام: معقولات، ومسموعات، ومبصرات.
قال: فإن المعقولات أغمض وإدراكها أصعب والمحسوسات أبين وإدراكها أهون، فقدم الختم على القلب ليكون تأسيسا، إذ لا يلزم من عدم إدراكهم الدليل الصعب الغميض عدم إدراكهم الدليل البين الظاهر.
وقال بعض الناس: نص أفلاطون وأرسطو وغيرهما على أن المعقولات فرع المحسوسات، ونفي الفرع لا يستلزم نفي الأصل بخلاف العكس.
قوله تعالى: {وعلى سَمْعِهِمْ}.
إفراد السمع إما لأمن اللبس أو لأنه مصدر مبهم يحتمل القليل والكثير.
أو لإضافته إلى المجموع فأغنى عن جمعه أو لأن الكلام على حذف مضاف قدره الزمخشري: {وعلى} حواس سمعهم، وابن عطية: على مواضع سمعهم.
وضعف ابن عرفة الأول بأنه أمن اللبس أيضا في القلوب فهلا قيل: {خَتَمَ الله على قُلُوبِهِمْ} وضعف الثاني بأن الختم إذا كان حقيقة كأول تأويلات ابن عطية: فيه أنه حسّي فلا يصح تعلقه بالسمع لأن المصدر معنى من المعاني إلا أن يتجوز في الختم، أو يتجوز في السمع فيراد به محله.
قال الزمخشري: والبصر نور العين، وهو ما يبصر به الرائي ويدرك به المرئيات، كما أنّ البصيرة نور القلب وهو ما به يستبصر ويتأمل.
قيل لابن عرفة: إنّ ابن راشد قال: إنّ هذا لا يجري على قواعده وإنما يتم على مذهب أهل السنة؟
فقال: بل هو يحتمل الأمرين، لأن ذلك النور هل هو بأشعة تنفصل من الرائي للمرئي، أو يحتمل المذهبين؟
قال: وإعادة حرف الجر دليل على أن لكل واحد منهما ختما يخصه فهو يمنزله الكلّية لاَ الكل.
قوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} قال ابن عرفة: العَظِيمُ للتّهكم.
قال الزمخشري: والعظيم نقيض الحقير، والكبير نقيض الصغير، والعظيم فوق الكبير، كما أن الحقير دون الصغير.
قال ابن عرفة: هذا ينتج له العكس لأن نفي الأبلغ يحصل بثبوت أدون نقائضه، ونفي احقر العذاب يصدق بثبوت العذاب العظيم وإن كان في نفسه صغيرا، أما العذاب الصغير يصدق عليه أنه عذاب عظيم لأن نفي الأبلغ في الحقارة عنه منتف، فإذا كان ضد الحقير عظيما لزم أن يكون الكبير أعظم من العظيم قطعا، لأنه إذا انتفى عن العذاب اسم الحقارة ثبت له نقيضه وهو العظم وإن كان في نفسه صغيرا.
وإذا انتفى عنه ما فوق الحقارة وهو الصغر ثبت له ما فوق ذلك وهو الكبر وكان أعظم من العظيم.
ويؤيد ذلك اختيارهم في تكبير الصلاة عند الإحرام لفظ: الله أكبر ولم يختاروا الله العظيم فدل على أن الكبير أعظم من العظيم.
قلت: هذا عند مالك خلافا لأبي حنيفة فإنه أجاز دخول الصّلاة بالله العظيم أو السّميع أو الكبير ونحو ذلك والزمخشري حنفي المذهب. اهـ.

.من فوائد الشعراوي في الآية:

قال رحمه الله:
{خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)}.
وكما اعطانا الحق سبحانه وتعالى أوصاف المؤمنين يعطينا صفات الكافرين.. وقد يتساءل بعض الناس إذا كان هذا هو حكم الله على الكافرين؟ فلماذا يطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم الإيمان منهم وقد ختم الله على قلوبهم؟! ومعنى الختم على القلب هو حكم بألاّ يخرج من القلب ما فيه من الكفر.. ولا يدخل إليه الإيمان.
نقول أن الله سبحانه وتعالى غني عن العالمين.. فإن استغنى بعض خلقه عن الإيمان واختاروا الكفر.. فإن الله يساعده على الاستغناء ولا يعينه على العودة إلى الإيمان.. ولذلك فإن الحق سبحانه وتعالى يقول في حديث قدسي: «أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني.. فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه، وإن اقترب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن اقترب إلي ذراعا اقتربت إليه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة».
وقد وضح الحديث القدسي أن الله تبارك وتعالى يعين المؤمنين على الإيمان، وأن الله جل جلاله كما يعين المؤمنين على الإيمان.. فإنه لا يهمه أن يأتي العبد إلى الإيمان أو لا يأتي.. ولذلك نجد القرآن دقيقا ومحكما بأن من كفروا قد اختاروا الكفر بإرادتهم. واختيارهم للكفر كان أولا قبل أن يختم الله على قلوبهم.. والخالق جل جلاله أغنى الشركاء عن الشرك.. ومن أشرك به فإنه في غنى عنه.
إن الذين كفروا.. أي ستروا الإيمان بالله ورسوله.. هؤلاء يختم الله بكفرهم على آلات الإدراك كلها.. القلب والسمع والبصر. والقلب أداة إدراك غير ظاهرة.. وقد قدم الله القلب على السمع والبصر في تلك الآية لأنه يريد أن يعلمنا منافذ الإدراك.. وفي القرآن الكريم يقول الحق تبارك وتعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: 78].
وهكذا يعلمنا الله أن منافذ العلم في الإنسان هي السمع والأبصار والأفئدة.. ولكن في الآية الكريمة التي نحن بصددها قدم الله القلوب على السمع والأبصار.. أن الله يعلم أنهم اختاروا الكفر.. وكان هذا الاختيار قبل أن يختم الله على قلوبهم.. والختم على القلوب.. معناه أنه لا يدخلها إدراك جديد ولا يخرج منها إدراك قديم.. ومهما رأت العين أو سمعت الأذن.. فلا فائدة من ذلك لأن هذه القلوب مختومة بخاتم الله بعد أن اختار أصحابها الكفر وأصروا عليه.. وفي ذلك يصفهم الحق جل جلاله: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ} [البقرة: 18].
ولكن لماذا فقدوا كل أدوات الإدراك هذه؟
لأن الغشاوة التفت حول القلوب الكافرة، فجعلت العيون عاجزة عن تأمل آيات الله.. والسمع غير قادر على التلقي من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إذن فهؤلاء الذين اختاروا الكفر وأصروا عليه وكفروا بالله رغم رسالاته ورسله وقرآنه.. ماذا يفعل الله بهم؟ أنه يتخلى عنهم. ولأنه سبحانه وتعالى غني عن العالمين فإنه ييسر لهم الطريق الذي مشوا فيه ويعينهم عليه.. واقرأ قوله تبارك وتعالى: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَانِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف: 36] ويقول جل جلاله: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} [الشعراء: 221- 222].
ومن عظمة علم الله تبارك وتعالى أنه يعلم المؤمن ويعلم الكافر.. دون أن يكون جل جلاله تدخل في اختيارهم.. فعندما بعث الله سبحانه وتعالى نوحا عليه السلام.. ودعا نوح إلى منهج الله تسعمائة وخمسين عاما. وقبل أن يأتي الطوفان علم الله سبحانه وتعالى أنه لن يؤمن بنوح عليه السلام إلا من آمن فعلا.. فطلب الله تبارك وتعالى من نوح أن يبني السفينة لينجو المؤمنون من الطوفان.. واقرأ قوله جل جلاله: {وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ} [هود: 36- 37].
وهكذا نرى أنه من عظمة علم الله سبحانه وتعالى.. أنه يعلم من سيصر على الكفر وأنه سيموت كافرا.. وإذا كانت هذه هي الحقيقة فلماذا يطلب الله تبارك وتعالى من رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبلغهم بالمنهج وبالقرآن؟ ليكونوا شهداء على أنفسهم يوم القيامة.. فلا يأتي هؤلاء الناس يوم المشهد العظيم ويجادلون بالباطل.. أنه لو بلغهم الهدى ودعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لآمنوا.. ولكن لماذا يختم الله جل جلاله على قلوبهم؟ لأن القلب هو مكان العقائد.. ولذلك فإن القضية تناقش في العقل فإذا انتهت مناقشتها واقتنع بها الإنسان تمامًا فإنها تستقر في القلب ولا تعود إلى الذهن مرة أخرى وتصبح عقيدة وإيمانا.. والحق سبحانه وتعالى يقول: {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَاكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: 46].
وإذا عمى القلب عن قضية الإيمان.. فلا عين ترى آيات الإيمان.. ولا أذن تسمع كلام الله.. وهؤلاء الذين اختاروا الكفر على الإيمان لهم في الآخرة عذاب عظيم.. ولقد وصف الله سبحانه وتعالى العذاب بأنه أليم.. وبأنه مهين.. وبأنه عظيم.. العذاب الأليم هو الذي يسبب ألما شديدا.. والعذاب المهين هو الذي يأتي لأولئك الذين رفعهم الله في الدنيا.. وأحيانا تكون الإهانة أشد إيلاما للنفس من ألم العذاب نفسه.. أولئك الذين كانوا أئمة الكفر في الدنيا.. يأتي بهم الله تبارك وتعالى يوم القيامة أمام من اتبعوهم فيهينهم.. أما العذاب العظيم فإنه منسوب إلى قدرة الله سبحانه وتعالى.. لأنه بقدرات البشر تكون القوة محدودة.. أما بقدرات الله جل جلاله تكون القوة بلا حدود.. لأن كل فعل يتناسب مع فاعله.. وقدرة الله سبحانه وتعالى عظيمة في كل فعل.. وبما أن العذاب من الله جل جلاله فإنه يكون عذابا عظيما. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)}.
أخرج ابن جريج وابن أبي حاتم والطبراني في الكبير في السنة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} ونحو هذا من القرآن قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرص أن يؤمن جميع الناس، ويتابعوه على الهدى، فأخبره الله أنه لا يؤمن إلا من سبق له من الله السعادة في الذكر الأوّل، ولا يضل إلا من سبق له من الله الشقاء في الذكر الأول.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو قال قيل يا رسول الله إنا نقرأ من القرآن فنرجو، ونقرأ فنكاد نيأس فقال: «ألا أخبركم عن أهل الجنة وأهل النار؟» قالوا بلى يا رسول الله قال: «{الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين} إلى قوله: {المفلحون} هؤلاء أهل الجنة» قالوا: إنا نرجو أن نرجو أن نكون هؤلاء. ثم قال: «{إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم} إلى قوله: {عظيم} هؤلاء أهل النار». قلنا لسنا هم يا رسول الله؟ قال: «أجل».
وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {إن الذين كفروا} أي بما أنزل إليك، وإن قالوا إنا قد آمنا بما جاء من قبلك {سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} أي أنهم قد كفروا بما عندهم من ذكرك، وجحدوا ما عليهم من الميثاق لك، فقد كفروا بما جاءك، وبما عندهم مما جاءهم به غيرك، فكيف يسمعون منك إنذارًا وتخويفًا، وقد كفروا بما عندهم من نعتك {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة} أي عن الهدى أن يصيبوه أبدًا بعير ما كذبوا به من الحق الذي جاءك من ربك، حتى يؤمنوا به وإن آمنوا بكل ما كان قبلك، ولهم بما عليه من خلافك {عذاب عظيم} فهذا في الأحبار من يهود.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: {إن الذين كفروا} قال: نزلت هاتان الآيتان في قادة الأحزاب، وهم الذين ذكرهم الله في هذه الآية: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرًا} [إبراهيم: 28] قال: فهم الذين قتلوا يوم بدر، ولم يدخل من القادة أحد في الإِسلام إلا رجلان. أبو سفيان، والحكم بن أبي العاص.
وأخرج ابن المنذر عن السدي في قوله: {أأنذرتهم أم لم تنذرهم} قال: وعظتهم لم لم تعظهم.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} قال: أطاعوا الشيطان فاستحوذ عليهم، فختم الله على قلوبهم، وعلى سمعهم، وعلى أبصارهم غشاوة، فهم لايبصرون هدى، ولا يسمعون، ولا يفقهون، ولا يعقلون.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال: الختم على قلوبهم، وعلى سمعهم، والغشاوة على أبصارهم.
وأخرج ابن جريج عن ابن مسعود قال: {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم} فلا يعقلون، ولا يسمعون، وجعل على أبصارهم يقول: أعينهم {غشاوة} فلا يبصرون.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل: {ختم الله على قلوبهم} قال: طبع الله عليها قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: أما سمعت الأعشى وهو يقول:
وصهباء طاف يهود بها ** فابرزها وعليها ختم

وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن وأبي رجاء قرأ أحدهما {غشاوة} والآخر {غشوة}. اهـ.