فصل: مطلب خطأ قول القدرية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ثم بين حالتهم في النار بقوله: {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ} فراش تحتهم {وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ} أغطية منها ونظير هذه الآية قوله: {مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} الآية 16 ص الزمر في ج 2 يعني أن النار محيطة بهم {كَذلِكَ} مثل هذا الجزاء الشديد {نَجْزِي الظَّالِمِينَ 41} أنفسهم في الدنيا بالعذاب الشنيع في الآخرة وحرمانهم من الجنة {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ} في دنياهم لهم ما يشاءون في الآخرة لا يضيّق عليهم فيها أبدا لأنا {لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَها} بما يسهل عليها ويكون في طوقها ممّا لا حرج فيه عليها من الأعمال وهذه جملة اعتراضية بين المبتدأ وهو الموصول والخبر وهو {أُولئِكَ} أي المؤمنون باللّه العاملون صالحا هم {أَصْحابُ الْجَنَّةِ} في الآخرة الدائمة و{هُمْ فِيها خالِدُونَ 42} أبدا، والذي أحسن وقوعها مناسبتها للمعنى لأنه لما ذكر العمل الصالح الذي لا كلفة فيه ذكر أنه في وسعهم فعله، وفيه تنبيه للكفرة على أن الجنة مع عظمها يتوصل إليها بالعمل الصالح السهل إجراؤه على العامل قال تعالى: {وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} كان بينهم في الدنيا فلم يبق بين أهل الجنة إلا التوادد والتعاطف، قال علي كرم اللّه وجهه: إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير منهم، وما قيل أنه قال فينا واللّه أهل بدر نزلت هذه الآية لا يصح، لأن الآية مكية بالاتفاق وحادثة بدر بعد الهجرة بسنتين في دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد إن لكم أن تحيوا ولا تموتوا أبدا، وإن لكم تصحوا ولا تسقموا أبدا، وإن لكم أن تشبوا ولا تهرموا عليه وسلم لن يدخل الجنه أحد يعمله وإنما يدخلها برحمة اللّه تعالى، لأن دخول الجنة حقيقة برحمة اللّه إلا أن انقسام المنازل والدرجات بالأعمال.
وإن المؤمن لن ينال العمل الصالح إلا برحمة اللّه وتوفيقه فيكون دخول الجنة برحمة اللّه ثوابا وجزاء على الأعمال الصالحة في الدنيا قال صاحب بدء الأمالي:
دخول الناس في الجنّات فضل ** من الرحمن يا أهل الأمالي

ونظير هذه الآية 32 من سورة النحل والآية 63 من سورة الزخرف في ج 2 ولا يخفي ما في هذه الآية من الرد الواضح على القدرية الزاعمين أن كل مهتد خلق لنفسه الهدى ولم يخلق اللّه له ذلك.

.مطلب خطأ قول القدرية:

قال الشيخ أبو منصور إن المعتزلة خالفوا اللّه فيما أخبروا وأبا البشر الثاني نوحا عليه السلام وأهل الجنة وأهل النار وإبليس أيضا.
فاللّه تعالى قال: {يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ} الآية 29 من سورة الرعد في ج 3.
وقال نوح: {وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ} الآية 34 من سورة هود في ج 2.
وقال أهل الجنة {وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ} الآية المارة.
وقال أهل النار {لَوْ هَدانَا اللَّهُ لَهَدَيْناكُمْ} الآية 21 من سورة ابراهيم في ج 2.
وقال إبليس {فَبِما أَغْوَيْتَنِي} الآية 15 المارة فدونك أعرض قول المعتزلة على هذه وانظر قول اللّه حكاية عن قول الموحدين وهم في مقعد صدق {وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ} في حال الدنيا مع قولهم المهتدي من اهتدى بنفسه وانظر هداك اللّه ما تختاره فلا شك أنك تقول اللّه الهادي ولا تعدل عنه ابدا إذ لا يوازي قول اللّه قول.
ثم شرع جل شرعه فيما يقع بينهما من المحادثة فقال: {وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ} وذلك بعد أن استقر كل بمكانه {أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا} على لسان رسله من النعيم المقيم {حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ} من العذاب المترتب على تكذيبكم رسلكم في الدنيا {حَقًّا قالُوا نَعَمْ} وجدناه حقا ومسنا ألمه {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ} هو صاحب الصور إسرافيل عليه السلام أو غيره من الملائكة وما قيل أنه علي عليه السلام بعيد عن الصحة لعدم الدليل ولأنه كرم اللّه وجهه يكون إذ ذاك في حظائر القدس فكيف يكون مؤذنا في ذلك المقام فهو أكبر مقاما وأعز شأنا وأرفع مكانا وأعظم من ذلك وكيفية الأذان هي {أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ 44} إعلاما بسرور أهل الجنة وخزي أهل النار.
واعلم أن {أَنْ} هذه والتي قبلها مخففتان من الثقيلة أو مفسرة لكيفية المناداة وهو الأصوب لأن المخففة يعقبها اللام وهو مفقود هنا.
راجع آخر سورة القلم المارة، وقرأها بعضهم بالتشديد كما قرأ {نعم} بكسر العين، هذا، وأن الذين لعنهم اللّه هم {الَّذِينَ} كانوا {يَصُدُّونَ} الناس في الدنيا {عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} السوي {وَيَبْغُونَها} أي سبيل اللّه التي سنها لعباده من الحق والعدل السويين ويحاولون أن يجعلوها {عِوَجًا} مائلة إلى الباطل فيبدلونها عما هي عليه.
والعوج بالكسر يكون في الدين والطريق أي المذهب الذي يتدين به وما يدرك بفكر وبصيرة كالأرض البسيطة والمعاش، وبالفتح بالخلقة تقول في ساقه عوج وما يدرك بالبصر كالخشب المنتصب ونحوه راجع تفسير الآية الأولى من سورة الكهف في ج 2 {وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ 45} منكرون لانهم لم يصدقوا بوجودها حينما كانو في الدنيا ولا يقال كيف يسمع أهل النار وهم في الأرض نداء أهل الجنة وهم في السماء، لأن اللّه قادر ان يقوي أصوات اهل الجنة واسماع اهل النار ويصير البعيد قريبا ولا يعجزه شيء، وهذا النداء من العموم إلى العموم، لأن الجمع إذا قابل الجمع يوزع الفرد على الفرد، فكل فريق من الجنة ينادي من كان يعرفه في الدنيا من أهل النار الكفرة {وَبَيْنَهُما} أي أهل الجنة وأهل النار {حِجابٌ} سور وهو المذكور في قوله تعالى: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ} الآية 13 من سورة الحديد في ج 3، والمراد بالرحمة الجنة وبالعذاب النار.
واعلم أن هذه الآية والآية التي نحن بصددها تفيدان أن ليس بينهما سوى هذا الحجاب المعبر عنه بالسور ويؤيد هذا حديث الصراط الممدود على متن جهنم فإن من يقطعه يصل إلى الجنة مع أن الجنة في السماء والنار في الأرض فانظر قدرة القادر بعظم هذا الحجاب وإسماع أقوال الطرفين ورؤيتهما بعضهما لبعض آمنّا وصدفنا وأيقنا بأن اللّه تعالى قادر على أكثر من هذا وأعظم.

.مطلب في أصحاب الأعراف:

{وَعَلَى الْأَعْرافِ} أعالي الحجاب وهو السور المذكور {رِجالٌ} من آخر المسلمين دخولا في الجنة لقصور أعمالهم وهم المرجون لأمر اللّه المذكورون في الآية 106 من سورة التوبة في ج 3 فإنهم يحبسون عليه فيقضون على شرفه البارزة ويقال لكل مرتفع عرف، ويبقون عليه بين الجنة والنار إلى أن يأذن اللّه لهم بدخول الجنة والانصراف عن النار وهؤلاء الرجال {يَعْرِفُونَ كُلًّا} من الفريقين المذكورين {بِسِيماهُمْ} علامات لهم فيهم أو بسيماهم التي صاروا إليها وهي بياض وجه المؤمن ونضارته وسواد وجه الكافر وزرقة عيونه {وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ} إذا عرضوا لهم ورأوا ما هم عليه من السرور فيقولون لهم {أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ} يهنونهم في هذه التحية بالسلامة من هول الآخرة وحصول الأمن لهم بدخول الجنة وهؤلاء المسلمون {لَمْ يَدْخُلُوها} أي الجنة بعد لأنهم ينتظرون أمر اللّه فيهم {وَهُمْ يَطْمَعُونَ 46} بدخولها لوثوق أملهم بربهم ورجاء لطفه بهم وعطفه عليهم بعدم زجهم في النار، بسبب قلة حسناتهم عن سيئاتهم ولعدم وجود دار في الآخرة غير الجنة أو النار، ولأن من نجا من النار طمع بدخول الجنة بلا شك، وحاشا كرم اللّه وفضله أن يدخلهم النار بعد أن أوقفهم خارجها، لأن خيار البشر لا يرجح جهة الشر على الخير فكيف بخالق الخيار القائل {خَلَطُوا عَمَلًا صالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} الآية 102 من سورة التوبة في ج 3 والخلطة لا تقتضي التسوية فقد تكون أكثر وأقل ومساوية، وعسى من جانبه جل جلاله تكون لتحقيق هذا، واعلم أن ما قيل بأن هؤلاء الذوات فقهاء أو أنبياء أو ملائكة وان درجتهم أعلى من الجنة وأن وجودهم على الأعراف ليطلعوا على حال الفريقين لا دليل يؤيده وسياق التنزيل يأباه وسياقه ينفيه لأن اللّه تعالى يقول: {وَهُمْ يَطْمَعُونَ} أي بدخول الجنة مما يدل على أنهم لم يستحقوها بعمل مرجح بل بطمعهم بفضل اللّه وبمنّه عليهم يرجون ادخالهم الجنة بترجيح حسناتهم على سيئاتهم وصرف النظر عن جهة الزيادة والنقصان، وانظر ما يقول اللّه عز قوله: {وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ} وظهر لهم حالهم وما حل بهم من العذاب أعرضوا عنهم فلم يكلموهم والتفتوا إلى من أنعم على أولئك وانتقم من هؤلاء خائفين من مصيرهم لأنه لم يتحقق لهم بعد فاستعاذوا من حالهم و{قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ 47} أي باعدنا عنهم فزعا مما شاهدوه من أنواع عذابهم فإن هذه الآية تؤيد ما جرينا عليه من التفسير بان أصحاب الأعراف قوم استوت أو نقصت حسناتهم عن سيئاتهم وقد أوقفهم اللّه على شرف السور كما مر وليسوا بفقهاء ولا أنبياء ولا ملائكة كما جاء في ذلك القيل ولذلك صاروا يتضرعون إلى ربهم بان لا يجعلهم من أهل النار وان شدة الهول والفزع مما رأوا من عذاب جهنم أنساهم طلب الجنة لأنهم يريدون البقاء على الأعراف على أن لا يدخلوا النار فقط واللّه أعلم بمراده بكلامه وكأن هؤلاء يبقون موقوفين على الأعراف مشرفين على الفريقين حتى الأخير ينظرون من يدخل الجنة فيهنئونه، ومن يدخل النار فيستعيذون منه، ولهذا أخير عنه مولاهم بقوله: {وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالًا} التنكير هنا يدل على أن المناديين عظماء معروفين بالدنيا كرؤوس الكفر، وتكرير لفظ الأعراف مع كفاية الإضمار للفرق بين المراد منهم هنا، لأن المنادى هناك الكل وهنا البعض، ولزيادة التقرير {يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ} التي كانوا عليها في الدنيا، لأن صورة الرجل مهما شوهت لابد أن تبقى سيماها الدالة عليها، انظر إلى صور الرجال الذين يعلنونهم في الجرائد الهزلية كيف يشوهونها ويخرجون بعضها عن صورة الإنسان إلى غيره من الحيوانات وعند ما تراها تعرفها صورة من هي، فكذلك هنا لأن اللّه تعالى لم يجعل شيئا في الآخرة إلا وجعل له مثالا في الدنيا إلا أن الفرق شاسع {قالُوا} أصحاب الأعراف لأولئك الرجال الكبار المشهورين {ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ} كثرتكم في الدنيا وما جمعتموه من مال ونشب واتباع وأشياع {و} ما أغنى عنكم أيضا {ما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ 48} عن الإيمان بالرسل وعلى الناس أجمع في دنياكم، وهذا استفهام تقريع وتوبيخ، أي أن ذلك كله ما وقاكم من عذاب اللّه بل زادكم تعذيبا به.
قال الكلبي ينادونهم من على السور يا وليد بن المغيرة يا أبا جهل بن هشام يا فلان يا فلان، لكل جحجاح فخور من فراعنة أمة محمد وهكذا فراعنة الأنبياء السالفين ينادونهم جماعة منهم الذين يعرفونهم.
ثم خاطبوهم ثانيا مشيرين إلى طائفة من أهل الجنة كانوا فقراء في الدنيا يسخرون منهم ويستهزئون بهم ويضحكون عليهم قائلين {هؤُلاءِ} صهيب وسلمان وخباب وغيرهم من فقراء أمة محمد وأصحاب العفة الذين كنتم تأنفون مجالستهم في الدنيا حتى أنكم طلبتم من حضرة الرسول أن يعين لهم مجلسا على حدة لئلا يحضروا معكم تباعدا عن أوساخهم ورثاثة لباسهم {الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ} حالة كونكم في الدنيا بأنه {لا يَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ} نراهم قد نالوها وقد قال لهم ربهم الذي كنتم تجحدونه {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ} فدخلوها وأنتم الآن في النار تعذبون وهم ينعمون وقد زادهم فضلا بقوله لهم {لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ} الآن مما يخافه غيركم {وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ 49} على ما فتكم من نعم الدنيا ولا مما يلاقي هؤلاء إذ لا يهمكم شأنهم الآن كما كانوا في الدنيا لا يهتمون بكم، وكذلك الذين من هذا القبيل من أتباع الرسل المتقدمة، لأن الآيات كلها عامة، وان تخصيصها بأناس لا ينفي عمومها عن شمول غيرهم، تدبر، قال تعالى: {وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ} لنطفىء به بعض حرارة هذه النار المحرقة {أو} أعطونا {مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} من الأشربة الطيبة لنبلّ به غليل قلوبنا، وهذه الآية تؤيد ما ذكرناه آنفا من أن الجنة فوق النار وأن لا حاجز بينهما غير السور المار ذكره {قالُوا} مجيبين لهم {إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما} أي ماء الجنة وشرابها {عَلَى الْكافِرِينَ 50} به الجاحدين رسله وكتبه وهم {الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ} في الدنيا فجعلوه {لَهْوًا وَلَعِبًا} فحرموا ما شاءوا وأحلوا ما أرادوا وعبدوا ما زين لهم الشيطان وعملوا ما هوته أنفسهم {وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا} بزخارفها الفانية وخدعهم أملهم فيها فلم يلتفتوا إلى صانعهم الحقيقي وكتابه المنزل ولم يكترثوا برسله بل أهانوهم وكذبوهم {فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ} من رحمتنا فنهملهم ولا نعتد بهم ولا نسمع دعاءهم {كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا} وأهملوه فلم يعملوا صالحا لأجله ولم يعتدوا به لذلك فإني أعرض عنهم كما أعرضوا عن آياتي ورسلي {وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ 51} يكذبون بها وبالذين جاءوهم بها، وسمى اللّه جزاء نسيانهم نسيانا على طريق المجاز، وهو عبارة عن تركهم في العذاب وعدم الالتفات إليهم وقد تعبر العرب بالنسيان عن الترك وإلا فإن اللّه تعالى لا ينسى شيئا، والمعنى أنا نعاملهم معاملة الناسين عبيدهم من خيرهم لأنهم لم يعترفوا بوحدانيتنا في الدنيا وأشركوا معنا من لا يستحق العبادة ولا ينفع نفسه.