فصل: مطلب في مكارم الأخلاق التي يأمر بها اللّه رسوله:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.مطلب في مكارم الأخلاق التي يأمر بها اللّه رسوله:

قال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ} الميسور من أخلاق الناس مما يسهل عليهم ولا تستقص عليهم فينفروا منك، وهذا كقوله صلّى اللّه عليه وسلم: يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا، أي لا تكلفهم بما يشق عليهم واقبل منهم ما تيسر وعليه قوله:
خذي العفو مني تستديمي مودتي ** ولا تنطقي في ثورتي حين أغضب

يريد سكوتها عند ثورة غضبه، وفي رواية: في صورتي أي لا تقابليني بما أتكلم عليك.
ويجوز أن يكون المراد اعف عن المذنبين من أصحابك، وعاملهم بالعفو، وهو أولى لموافقة الظاهر وما يوافق الظاهر أظهر.
روى البخاري عن عبد اللّه بن الزبير قال: ما نزلت هذه الآية إلا في أخلاق الناس، ومعنى العفو لغة الفاضل الزائد على قدر الحاجة من المال، ولذلك قال ابن عباس: معناها هنا خذ ما عفا من أموال الناس مما آتوك به لا تكلفهم غيره.
وهذا قبل نزول آية الصدقات عدد 266 من سورة البقرة في ج 3، وأخرج أبو الشيخ عن الجوهري أنه قال: لما نزلت هذه الآية كان الرجل يمسك من ماله ما يكفيه ويتصدق بالفاضل، إلى أن نزلت آية الزكاة {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} المستحسن من الأفعال والأقوال فإنه أقرب إلى قول الناس، لأن الأمر بالجميل من الأقوال والأفعال وكل ما يرتضيه العقل والشرع من الخصال إذا كان بالمعروف يتلقى بالقبول، وجاء في باب التأويل: وأمر بكل ما يأمرك اللّه به وعرفته من الوحي وهو كما ترى {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ 199}
بمقالك وكتابك وربك، ولا تكافئهم على سفههم ولا تمارهم على جدالهم، وعاملهم بالحكمة وأغض عما يسوءك منهم وعن مساوئهم، وقابلهم بأخلاقك لا بأخلاقهم، فإنه أجدر بمقامك وأوقع بمكانتك وأليق بمخاطبتك ودم على هذا حتى يأتي الوقت الذي ستؤمر فيه بقسرهم، وهذه الآية أجمع آية في القرآن العظيم لمكارم الأخلاق، ففي أخذه بالعفو صلة من قطيعة والصفح عن من ظلمه، وفي الأمر بالمعروف تقوى اللّه وغض البصر عن المحارم وصون اللسان عن الكذب، وفي الإعراض عن الجاهلين تنزيه النفس عن السفهاء ومنازعة اللجوجين، ولا شيء منها إلا وهو داخل في هذه الآية الكريمة من جوامع الكلم، هذا وان ما قاله السدي بأن هذه الآية منسوخة بآية القتال لا وجه له، ولا توجد ضرورة داعية إلى دعوى النسخ لأنها عبارة عن تحري حسن المعاملة والمعاشرة مع الناس وتوخي تبدل الجهد وإفراغ الوسع في الإحسان إليهم والمداراة لهم فيما لا يضر بالدين ويجلب إلى المودة وتحسين العلائق معهم.

.مطلب في النسخ والنزغ ومعناه.

وأساس هذا كله المحبة للحق، ومن دواعي المحبة وملاكها هذه المعاملة المبيّنة أعلاه والمعاشرة التي هي أساس كل خير وخلاصته، وإذا علم أن للقرآن العظيم مادة عامة ومادة خاصة وان استعمال كل في موقعه من الحكمة التي ينبغي أن يتحلى بها كل حكيم محاكم لأمره ناظر عاقبته أيقن أن لا نسخ في هذه الآية وأشباهها مما أشرنا إليه قبلا سنشير به بعد، وقد علم كل أناس مشربهم ولكل وجهة، فالسعيد من لا يتعدى بوجهته ظاهر كلام اللّه ما وجد له محملّا خشية أن يقع بما لا يرضيه، وفقنا اللّه لرضاه.
هذا.
وما أحسن وقع هذه الآية الجليلة بعد تعداد أباطيل المشركين وقبائحهم بما لا يطاق حمله: قال ابن زيد لما نزلت هذه الآية قال صلّى اللّه عليه وسلم: كيف بالغضب يا رب؟ فأنزل اللّه جل انزاله {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ} أي نخس بوسوسة يروم إبقاءها في قلبك الشريف على خلاف ما أمرت به في هذه الآية وما قبلها مما أنزل عليك من الوحي فلا تمل إليه ولا تركن لما ينخسك به ولا تطعه بوساوسه في كل ما هو مخالف لشرعك وأخلاقك التي أمرت بها، وإذا ضاق صدرك مما ينزغه ولم تقدر على دفعه {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} بالالتجاء إليه {إِنَّهُ سَمِيعٌ} لإجابة استعاذاتك به سريع لقبولها بأن يعصمك من نزغه وينزعه من قلبك فلا يترك فيه شيئا منها لما فيه من الخطر على مقام النبوة الذي تكلف اللّه بعصمته فلا يثبت فيه شيء لا يرضاه لك، ومعنى النزغ لغة شك الجلد بالابرة أو بطرق العصاة وكذلك النخس والنسغ وقد يكون بمعنى الإفساد وهو بالنسبة لحضرة الرسول باعتباره المجازي عبارة عن اعتراء الغضب ليس إلا {عَلِيمٌ 200} بك وبما ينالك من جميع خلقه ليسمع تضرعك إليه ويعلم ما تريده منه قبل استعاذتك به، روى مسلم عن ابن مسعود قال: قال صلّى اللّه عليه وسلم ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة، قالوا وإياك يا رسول اللّه، قال وإياي إلا ان اللّه أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير (قال الشيخ محيي الدين النووي يروى فأسلم بفتح الميم أي صار مؤمنا لا يأمر إلا بخير، وبفتحها أي أسلم من فتنته وشره، واختاره الخطابي، ورجح القاضي عياض الأول وقال: الأمة مجمعة على عصمة الأنبياء من الشيطان في جسمه وخاطره ولسانه، وهذا الحديث يشير إلى التحذير من فتنته ووسوسته واغوائه وهذا الخطاب قد يراد به غير الرسول لأنه صلّى اللّه عليه وسلم معصوم من النزغ وهو جار على حد قوله: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} الآية 65 من الزمر في ج 2 لأنه معصوم من الشرك قطعا وعليه يكون المراد بالآية جنس الإنسان ومثله فيما نحن في تفسيرها أي مطلق إنسان ونظير هذه الآية 36 من سورة فصلت في ج 2 فإنهما مطلقتان بطلب الاستعاذة في جميع الأحوال أما آية النحل عدد 99 في ج 2 فهي خاصة بالقراءة والمراد فيها مطلق قارئ لا مطلق إنسان كما هنا، تدبر، إذ يخاطب صلّى اللّه عليه وسلم بشيء ويراد به غيره وهو جار بين العرب حتى ضرب به المثل وهو إياك اعني واسمعي يا جارة.
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا} ربهم ورسخت التقوى بقلوبهم واتصفوا بها {إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ} لمّة ألمت به {مِنَ الشَّيْطانِ} لأن الطائف ما يطوف بالإنسان ويلم به وقرئ {طيف} وهو مثله بالمعنى ويفيد الوسوسة أو تسمى طيفا أو طائفا إيذانا بأنها لا تؤثر بالأنبياء البتة، فكأنها تطوف حولهم فلا تمسهم ولا تؤثر فيهم بل لا تصل إليهم ولهذا عبر بالنزغ بحقهم لأنه أول الوسوسة، وبالمس بحق المتقين لأنه لا يكون إلا بعد التمكن من النزغ فيهم، فيعقبه المس، ولهذا جاءت هذه الآية تأكيدا وتقريرا لوجوب الاستعاذة المارة عند حدوث الوسوسة لئلا يتخطى الأمر إلى المس، وإنباء بأن عادة المتقين إذا اعتراهم المس وأحسوا به ركنوا إلى ذكر اللّه استنادا لقوله: {تَذَكَّرُوا} أوامره ونواهيه فيما طرأ عليهم منه فيلجأون إلى اللّه من مكايد الشيطان ومكره {فَإِذا هُمْ} بسبب الذكرى التي أمروا بها عند وقوع غفلة أدت إلى الوسوسة أو اعراض سبب المس {مُبْصِرُونَ 201} مواقع خطاهم فيعدلون عنها إلى السداد ويدفعون خطراته بعد أن يزنوها بميزان الشرع ويعرضوها على أصوله وقواعده ويستغفروا ربهم منها إذا ظهر لهم مخالفتها فيغفرها لهم.
وقد بينا الحكم الشرعي في الاستعاذة في المقدمة فراجعها تعلم سنيتها في سائر الأحوال.
هذا، ولما ذكر اللّه تعالى حال الأنبياء والمتقين شرع في بيان حال من يقبل نزعات الشيطان ويؤثر فيهم مسه فقال عز قوله: {وَإِخْوانُهُمْ} الجاهلين المبعدين من طرق التقوى وهم الشياطين قرناء الفسقة من البشر {يَمُدُّونَهُمْ} يكونون لهم مددا وعدونا {فِي الغَيِّ} وطرقه فيزيدونهم على غيهم غيا قصد ضلالهم وإضلالهم.
وقرأ الجحدري يمادّونهم من باب المفاعلة، أي كأن الشيطان يعاضدهم بالإغراء وتهوين المعاصي بأعينهم على إغواء البشر أيضا فهم يعينون الشياطين بالاتباع والامتثال {ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ 202} لا يمسكون عن إغوائهم ولا يكفون عن مسهم فيصروا على تلك الوساوس ولا يرجعوا عنها إن استطاعوا، حتى إذا تمكنوا منها عمدوا إلى المس فيتدرجوا فيه إلى أن يوقعوه في الغيّ والإغواء فيصير من صنفهم وقد علمت أن ضمير الجمع المضاف إليه أولا في إخوانهم والمفعول ثانيا في يمدونهم يعودان إلى الجاهلين، وضمير الفاعل في يقصرون يعود إلى الشياطين إخوان الجاهلين، فالخبر جاء على غير ما هو له على حد قوله:
أقوم إذا الخيل جالوا في كويتها

قال تعالى: {وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ} معجزة باهرة ظاهرة {قالُوا} لك المشركون يا سيد الرسل {لَوْلا اجْتَبَيْتَها} اختلقتها وأنشأتها كما أتيت بغيرها استهزاء وسخرية بك {قُلْ} يا حبيبي أنا لا أفتري شيئا من عندي، ولا أقدر على إجابة طلبكم إظهار آية ما {إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ} وأتلقاه {مِنْ رَبِّي} دون اقتراح عليه بإنزال الآيات، إذ ليس لي ذلك أبدا، وإذا كنتم تفنعون بالآيات وتؤمنون بها فدونكم {هذا} القرآن الذي أنزله علي وبلغتكم إياه فهو أعظم آية وأكبر معجزة وهو {بَصائِرُ} دلائل وحجج وبراهين قاطعة {مِنْ رَبِّكُمْ} تبصركم بصدقي وتنير لكم طرق الحق وتريكم الهدى والرشد لأنها نفسها {هُدىً} لمن أراد الاهتداء لسلوك العناية الإلهية {وَرَحْمَةٌ} من الرحيم ونعمة من المنعم لعباده ومنّة من المنّان {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ 203} به ويتبعون رسله، أما الكافرون فهو لهم ضلال في الدنيا وعذاب في الآخرة لأن هذا القرآن نور لأناس ظلمة لآخرين بآن واحد، إذ يسمعه اثنان فيكون لأحدهما نور وللآخر همى كما سيأتي في تفسير الآية 44 من فصلت في ج 2 والآيه 11 من الأحقاف أيضا فراجعهما.

.مطلب الناس على ثلاث مراتب:

ومن هنا يعلم أن الناس على ثلاث مراتب: فالذين بلغوا غاية علم التوحيد حتى صار لهم كالمشاهدهم أصحاب عين اليقين فهم السابقون المقربون، فالقرآن في حق هؤلاء بصائر، والذين بلغوا درجة الاستدلال والنظر هم أصحاب علم اليقين فهم أصحاب اليمين، فالقرآن في حقهم هدّى، والذين ليسوا من الطريقين وهم عامة المسلمين فهم أصحاب اليقين وهم المقلدون لأهل العلم الماشون على طريقهم، فالقرآن في حقهم رحمة والذين دون هؤلاء إذا ماتوا على الإيمان فهم ناجون لأن من زحزح عن النار فقد فاز، وإلا فالعياذ باللّه هم الخاسرون في الدنيا والآخرة مع إخوانهم الكافرين إخوان الشياطين.
وهكذا كما يتفاوت الناس في العلم والعمل والمكانة في الدنيا يتفاوتون في الآخرة بالمنازل والدرجات في الجنة، وكما أن الجنة درجات فكذلك النار دركات، وقد ألمعنا لما يتعلق في هذا البحث في سورة التكاثر المارة.

.مطلب وجوب الاستماع والسكوت عند القراءة:

قال تعالى: {وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} أيها الناس بتفكر وتدبر وأصفوا له بكليتكم لتفهموا معانيه وتعوا مواعظه {وَأَنْصِتُوا} عند قراءته ليقر في قلوبكم وتلهموا مبانيه لأن الكلام عند سماعه لا يجوز إذ يضيع المغزى المراد منه لذلك أمركم ربكم بالسكوت، وهذان أمران ظاهرهما الوجوب، فيكون الاستماع والسكوت واجبين عليكم أيها المؤمنون عند قراءة القرآن بدليل هذه الآية، وكلمة أنصتوا لم تكرر إلا في الآية 29 من سورة الأحقاف ج 2، قال الحسن وأهل الظاهر: إذا قرئ القرآن في أي وقت وموضع يجب على كل واحد الاستماع والسكوت لعموم الأمر، ولذلك قال عروة ابن الزبير والقاسم بن محمد إن المأموم يقرأ إذا أسرّ الإمام ولا يقرأ إذا جهر وهو رواية عن ابن عمرو، هذا بالنسبة للتفسير أحسن من رواية من رأى وجوبها في حالتي الإسرار والجهر إذ قال به الأوزاعي وذهب إليه الشافعي رضي اللّه عنه وهو مروي عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود ومعاذ، وحجتهم أن الآية نزلت على وجوب قراءة الفاتحة خلف الإمام ولم يفرق بين السرية والجهرية، ويستدلون بالأخبار الواردة بقراءة الفاتحة، وأحسن من روايته من رأى عدم القراءة في الحالتين وهو مروي عن جابر وإليه ذهب أصحاب الرأي، وقال الحسن وأبو حنيفة رحمهما اللّه وحجتهم ظاهر هذه الآية لأنه لا يعدل عن الظاهر إلّا بمسوغ أقوى ولا يوجد، وإن القول الأول هو الحالة الوسطى وخير الأمور أوساطها، لأن الآية تدل على الأمر بالاستماع لقراءة القرآن، ودلّت السنة على وجوب القراءة خلف الإمام، فحملنا مدلول الآية على صلاة الجهر ومدلول السنة على صلاة السرّ جمعا بين دلائل الكتاب والسنة، وإذا أنعم النظر وأمعن الفكر وجد هذا القول أحسن الأقوال، فاتبعوه {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ 204} باقتضاء ما أمرتم به وابتعاد ما نهيتم عنه، وإن وجوب الاستماع هو سبب نزول هذه الآية لمناسبة السباق وموافقة السياق، وقيل نزلت في تحريم الكلام في الصلاة إذ كانوا يتكلمون فيها فمنعوا، وقيل إنها نزلت في ترك الجهر خلف الإمام إذ كانوا يجهرون خلفه:، وهذه روايات وأقاويل بعيدة عن الثبوت ولا شيء يؤيدها، لأن الصلاة لم تفرض بعد على القول بأن الإسراء وقع في السنة العاشرة من البعثة عند نزول أول سورة الإسراء الآتيه وهو الصحيح، أما على القول بأن الإسراء كان في السنه الخامسة أو السادسة عند نزول سورة والنجم المارة المنوه بها في بحث الإسراء صراحة فسديد، ولكن يا للأسف لم نجد ما يؤيده حتى الآن، وقد ذكرنا ما يتعلق في هذا البحث آخر سورة والنجم فراجعه، واعلم أن الآية عامة مطلقة في القراءة دون الصلاة مما يطلب الاستماع إليها والإنصات لها، أما ما روي عن ابن مسعود أنه سمع أناسا يقرأون مع الإمام فلما انصرف قال: أما آن لكم أن تفقهوا {وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} إلخ كما أمركم اللّه فهو لا يؤيد سبب النزول ولا دليل فيه عليه وإنما ينصرف على لزوم الإنصات عند قراءة الإمام وهو واجب بلا شك، وإذا كان الإنصات دون الصلاة واجب ففيها من باب أولى، وان ابن مسعود قال هذا القول في حادثة أناس يقرأون مع الإمام في المدينة لا في سبب النزول الكائن في مكة: لأنه لا يعرف تاريخ قوله هذا ليستدل به على النزول فإن في مكة فهو غير صحيح وإن في المدينة لا دليل له عليه، وأضعف من هذه الأقوال القول بأنها نزلت في السكوت عند الخطبة يوم الجمعة، لأن هذه الآية مكية قطعا وإنما وجبت الجمعة في المدينة، تأمل هذا واعرف مزية هذا التفسير الذي جاء على ترتيب نزول القرآن وعرفك المقدم والمؤخر، وإلا لغرقت في أقوال ينسيك آخرها أولها ولا رتبكت واحتججت بروايات تضارب إحداها الأخرى فتفحم من غير غلب وتحقر من غير ذنب فتسكت للواقع وأنت محق في المواقع، فاحمد اللّه.