فصل: البلاغة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.البلاغة:

سر استعمال القمّل:
وردت لفظة {القمّل} في آية من القرآن حسنة مستساغة، وقد وردت في بيت للفرزدق غير حسنة مستهجنة، وهو:
من عزّه احتجزت كليب عنده ** زربا كأنهم لديه القمّل

وإنما حسنت هذه اللفظة في الآية دون البيت لأنها جاءت في الآية مندرجة في ضمن كلام متناسب، ولم ينقطع الكلام عندها، وجاءت في الشعر قافية، أي: آخرا انقطع الكلام عندها، فقد تضمنت الآية خمسة ألفاظ هي الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم، وأحسن هذه الألفاظ الخمسة هي الطوفان والجراد والدم، فلما وردت هذه الألفاظ الخمسة بجملتها قدم منها الطوفان والجراد وأخرت لفظة الدم آخرا، وجعلت لفظة القمل والضفادع في الوسط، ليطرق السمع أولا الحسن من الألفاظ الخمسة، وينتهي إليه آخرا. ثم إن لفظة {الدم} أحسن من لفظتي {الطوفان} و{الجراد}، وأخف في الاستعمال، ومن أجل ذلك جيء بها آخرا. ومراعاة مثل هذه الأسرار والدقائق في استعمال الألفاظ ليس من القدرة البشرية.

.[سورة الأعراف: الآيات 137- 138]

{وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ (137) وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهًا كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138)}.

.اللغة:

{كَلِمَتُ رَبِّكَ} نصّوا على رسم هذه بالتاء المجزورة أي المبسوطة وما عداها في القرآن بالهاء على الأصل، والمراد بالكلمة وعده تعالى لهم بقوله: {ونريد أن نمنّ} إلخ.
{يَعْرِشُونَ}: بضم الراء وكسرها، وقد قرئ بهما في السبع.
أي يرفعون من البنيان تمهيدا للشروع في قصة بني إسرائيل وما أحدثوه بعد إنقاذهم من فرعون من أنواع الكفر وأنماط التعنت والشطط مما لا تزال شواهده نواطق بحقائقهم.

.الإعراب:

{وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا} الواو عاطفة أو استئنافية، وأورثنا القوم فعل وفاعل ومفعول به، والذين صفة للقوم، وجملة كانوا صلة الموصول، وجملة يستضعفون خبر كانوا، ويستضعفون فعل مضارع مبني للمجهول، والواو نائب فاعل، مشارق الأرض مفعول به ثان، ومغاربها عطف على مشارق {الَّتِي بارَكْنا فِيها وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا} التي اسم موصول صفة للمشارق والمغارب، وجملة باركنا لا محل لها لأنها صلة الموصول، وفيها جار ومجرور متعلقان بباركنا، وتمت كلمة ربك عطف على {أورثنا}، وكلمة فاعل، والحسنى صفة لكلمة، وعلى بني إسرائيل جار ومجرور متعلقان بتمت وبما جار ومجرور متعلقان بصبروا {وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ} الواو عاطفة، ودمرنا فعل وفاعل، وما اسم موصول في محل نصب مفعول به، وجملة كان صلة، واسم كان ضمير مستتر، وجملة يصنع خبر كان، وفرعون فاعله، وقومه عطف على فرعون، وما عطف على ما الأولى، وجملة {كانوا يعرشون} صلة {ما} وجملة يعرشون خبر كانوا {وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ} الواو استئنافية، والكلام مستأنف مسوق للشروع في قصة بني إسرائيل وما أحدثوه من بدع للاعتبار والاتعاظ بحال الإنسان المفطور على الشرّ. وببني إسرائيل جار ومجرور متعلقان بجاوزنا، والبحر مفعول به، ويجوز أن يتعلق {ببني} بمحذوف حال {فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ} فأتوا عطف على جاوزنا، وعلى قوم جار ومجرور متعلقان بأتوا، وجملة يعكفون صفة لقوم، وعلى أصنام جار ومجرور متعلقان بيعكفون، ولهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لأصنام {قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهًا كَما لَهُمْ آلِهَةٌ} كلام مستأنف مسوق لبيان تعنتهم وافتئاتهم وطلبهم الآلهة ورؤية اللّه جهرة، وغير ذلك من أنواع المعاصي. وجملة اجعل مقول القول، ولنا جار ومجرور متعلقان باجعل، أو بمحذوف مفعول به أول، وإلها مفعول به ثان. وكما الكاف حرف جر، وما اسم موصول بمعنى الذي، ولهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف صلة، وآلهة بدل من الضمير المستكن في {لهم} والتقدير: كالذي استقر هو لهم آلهة، والكاف ومجرورها صفة لإلها، واختار الزمخشري أن تكون {ما} كافة للكاف، فهي كافة ومكفوفة، ولذلك وقعت الجملة بعدها {قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} كلام مستأنف لبيان جواب موسى لهم، وإن واسمها وخبرها، وجملة تجهلون صفة لقوم، وجملة إنكم مقول القول.

.[سورة الأعراف: الآيات 139- 141]

{إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (139) قالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (140) وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (141)}.

.اللغة:

{مُتَبَّرٌ} مكسّر، فهو اسم مفعول من تبر، أي: دمّر وأهلك، والمصدر التتبير. ومنه التبر وهو كسارة الذهب، لتهالك الناس عليه.

.الإعراب:

{إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ} كلام مستأنف مسوق لبيان مصيرهم الذي يئولون إليه. وإن حرف مشبه بالفعل، وهؤلاء اسم إشارة اسم إن، ومتبر يجوز أن يكون خبر إن، وما اسم موصول في محل رفع نائب فاعل لمتبر، وهم فيه مبتدأ وخبر، والجملة لا محل لها لإنها صلة، ويجوز أن يكون الموصول مبتدأ، ومتبر خبره المقدم عليه، والجملة خبر إن {وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ} الواو حرف عطف، وباطل خبر مقدم، وما مبتدأ مؤخر، وكانوا يعملون من كان واسمها وخبرها صلة ما، ولك أن تعطف {باطل} على {متبر} وتجعل {ما} فاعلا لباطل لأنه اسم فاعل {قالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلهًا} كلام مستأنف مسوق للشروع في بيان شئون اللّه الموجبة لتخصيص العبادة به. والهمزة للاستفهام الإنكاري التوبيخي، وغير مفعول به لفعل محذوف، أي: أأطلب لكم معبودا غير المستحق للعبادة؟ وجملة أبغيكم مقول القول، وإلها تمييز أو حال، ويجوز أن يكون غير مفعولا مقدما لأبغيكم، والكاف منصوبة بنزع الخافض، أي:
أ أبغي لكم غير اللّه؟ ويجوز على هذا الوجه إعراب غير حالا وإلها هو المفعول به {وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ} الواو حالية، وهو مبتدأ، وجملة فضلكم خبر، والجملة كلها حالية، وعلى العالمين جار ومجرور متعلقان بفضلكم، ويجوز أن تكون الواو للاستئناف، والجملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب {وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} الواو عاطفة أو استئنافية، وإذ مفعول به لفعل محذوف، تقديره: اذكروا وقت أنجيناكم، وجملة أنجيناكم في محل جر بالإضافة، ومن آل جار ومجرور متعلقان بأنجيناكم، وفرعون مضاف إليه مجرور وعلامة جره الفتحة لمنعه من الصرف {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ} الجملة نصب على الحال من آل فرعون، ويسومونكم فعل مضارع وفاعل ومفعول به أول، وسوء العذاب مفعول به ثان {يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ} جملة يقتلونكم بدل من جملة يسومونكم، ويستحيون نساءكم جملة معطوفة عليها {وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} الواو حالية أو استئنافية، وفي ذلكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم، وبلاء مبتدأ مؤخر، ومن ربكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لبلاء، وعظيم صفة ثانية.

.[سورة الأعراف: الآيات 142- 143]

{وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142) وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقًا فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)}.

.الإعراب:

{وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ} الواو استئنافية، والكلام مستأنف مسوق لتفصيل ما أجمله في سورة البقرة، وهو قوله تعالى: {وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة}، وواعدنا موسى فعل وفاعل ومفعول به، وثلاثين مفعول به ثان لواعدنا، وفيه حذف مضاف تقديره: تمام ثلاثين، وليلة تمييز، وذلك ليصومها حتى نكلمه، وأتممناها عطف على واعدنا، وبعشر جار ومجرور متعلقان بأتممناها {فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} الفاء عاطفة، وتم ميقات فعل وفاعل، وربه مضاف إليه، وأربعين حال، أي تمّ بالغا هذا العدد، وليلة تمييز، وسيأتي في باب الفوائد تعليل نصبها على الحال. وقيل: هو مفعول {تم} لأن معناه بلغ، ولا يصح أن يكون ظرفا للتمام، لأن التمام إنما هو بآخر جزء من تلك الأزمنة {وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ} الواو عاطفة، وقال موسى فعل وفاعل، ولأخيه جار ومجرور متعلقان بقال. وهارون: بدل من أخيه أو عطف بيان {اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} الجملة مقول قول موسى، واخلفني فعل أمر ومفعول به، وفي قومي جار ومجرور متعلقان باخلفني، وأصلح عطف على اخلفني، ولا تتبع الواو حرف عطف، ولا الناهية وتتبع فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، وسبيل المفسدين مفعول به {وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا} الواو عاطفة، ولما رابطة أو حينية، متضمنة معنى الشرط، وجملة جاء موسى لا محل لها. أو في محل جر بالإضافة، ولميقاتنا جار ومجرور متعلقان بجاء، واللام للاختصاص، كما تقول: أتيته لعشر خلون من الشهر {وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} وكلمه ربه عطف على جاء، وربه فاعل كلمه.
وجملة قال لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم، ورب منادى مضاف محذوف منه حرف النداء، وأرني فعل أمر للدعاء، وفاعله مستتر، والنون للوقاية، والياء مفعول به أول، ومفعول الرؤية الثاني محذوف تقديره: نفسك، وأنظر فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب وجملة الطلب وجوابه مقول القول، وإليك جار ومجرور متعلقان بأنظر {قالَ لَنْ تَرانِي} الجملة مقول القول، ولن حرف نفي ونصب واستقبال، وتراني فعل مضارع منصوب بلن والياء مفعول به {وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي} الواو عاطفة، ولكن حرف استدراك مخفف مهمل، وانظر فعل أمر، والى الجبل جار ومجرور متعلقان بانظر، فإن الفاء عاطفة، وإن شرطية، واستقر فعل ماض في محل جزم فعل الشرط، ومكانه ظرف مكان متعلق باستقر، فسوف الفاء رابطة لجواب الشرط، وسوف حرف استقبال، وتراني فعل مضارع، والجملة في محل جزم جواب الشرط {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} الفاء عاطفة، ولما رابطة أو حينية، وتجلى ربه فعل وفاعل، وللجبل جار ومجرور متعلقان بتجلى، وجعله فعل ومفعول به، والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم، ودكا مفعول به ثان لجعله، لأنه مصدر بمعنى مفعول، أي: مدكوك، ويجوز نصبه على المصدرية، إذ التقدير: دكه دكا {وَخَرَّ مُوسى صَعِقًا} صعقا حال {فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} الفاء عاطفة، ولما رابطة أو حينية، وجملة أفاق لا محل لها، أو في محل جر بالإضافة، وجملة قال لا محل لها، وسبحانك مفعول مطلق لفعل محذوف، وتبت فعل وفاعل، وإليك جار ومجرور متعلقان بتبت، وأنا الواو عاطفة، وأنا مبتدأ، وأول المؤمنين خبر.

.الفوائد:

رؤية اللّه في الآخرة:
استدل الزمخشري وغيره من أئمة المعتزلة على عدم رؤية اللّه تعالى في الآخر ب لن، قالوا: هي للتأكيد والتأبيد. ورد عليهم علماء السنة، وشجر خلاف طويل حول ذلك، وجر إلى التهاتر والتراشق بالحساب العسير والتهم، مما لا يتسع المجال له في كتابنا. فارجع إليه في المطولات.