فصل: من مجازات القرآن في السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قال طاووس بن كيسان رحمه الله لهشام بن عبد الملك الخليفة الأموي المعروف قال: يا أمير المؤمنين اذكر يوم الأذان، قال: وما يوم الأذان؟ قال: إن الله يقول: {فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين} فصعق هشام رحمه الله فقال طاووس بن كيسان: سبحان الله هذا ذل الصفة فكيف بذل المعاينةي صعقت وأنا مجرد وصفت لك اليوم فكيف لو عاينته ورأيته بعينيك!.
ثم قال الله جل وعلا: {وبينهما} أي بين الجنة والنار {حجاب} هذا الحجاب جاء مفسرا في سورة الحديد: {فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب}.
قال الله جل وعلا: {وبينهما حجاب وعلى الأعراف} مكان مرتفع {رجال} الله أعلم بهم قيل إنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم وهذا قول حذيفة واختاره أكثر المفسرين وقيل إنهم أنبياء وقيل إنهم ملائكة ولا يوجد نص نجزم به ونفيء إليه.
{وبينهما حجاب وعلى الأعراف يعرفون كلا بسيماهم} يعني يعرفون أهل الجنة ويعرفون أهل النار بسيماهم أي بعلاماتهم فإن الله قال عن أهل الجنة: {تعرف في وجوههم نضرة النعيم} وقال عن أهل الكفر: {ونحشر المجرمين يومئذ زرقا} أي أعينهم زرقا فيعرف المجرمون بزرقة أعينهم ويعرف المؤمنون جعلني الله وإياكم منهم بما عليهم من نظرة نعيم.
هؤلاء أصحاب الأعراف عندما يقفون عليها معهم نور هذا النور يجعلهم يطمعون أن يدخلوا الجنة فيقفون حكما بين الفريقين قال الله جل وعلا: {وبينهما حجاب وعلى الأعراف يعرفون كلا بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة} المنادي أصحاب الأعراف والمنادى أصحاب الجنة {أن سلام عليكم} وتقف ثم ينقطع الكلام {لم يدخلوها} والمعنى أن أصحاب الأعراف لم يدخلوها في أظهر الأقوال {وهم يطمعون} أي ويطمعون في دخولها وهذا الطمع الرغبة في دخولها حث عليها أنهم ما زالوا يملكون النور ولم ينقطع. ثم بعد أن يرون أهل الجنة تصرف أبصارهم من غير إرادة منهم إلى أهل النار قال الله جل وعلا: {وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين} إذا رأوا أهل النار وما هم فيه من عظيم الجحيم والنكال والحميم تعوذوا بالله واستجاروا به {قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين}.
ثم قال الله جل وعلا: {ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم} أي رجالا كانوا في الدنيا على الكفر يصدون عن سبيل الله: {قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون*أهؤلاء} أي الضعفاء الفقراء المساكين {أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة} كنتم تقسمون في الدنيا أنهم لن ينالوا رحمة ولا مغفرة! {أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون}.
ثم قال الله جل وعلا: {ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء} جعلنا الله وإياك في هذه الحالة ممن ينادى لا ممن ينادي، فإن الله جل وعلا بقدرته يجعل لأهل النار اطلاعا على أهل الجنة فإذا رأوها أحوج ما يكون إليه أهل النار الماء قال الله جل وعلا: {ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله} فيجيبهم أهل الإيمان {قالوا إن الله حرمهما} الماء والرزق {إن الله حرمهما على الكافرين} فلا يوجد شيء يحتاجه أهل النار أول أمر أكثر من احتياجهم إلى الماء لأنهم إذا استسقوا في النار يسقون ماء حميما كما قال الله: {فقطع أمعاءهم}، فقد أخذ العلماء من هذه الآية أن من أفضل القربات إلى الله سقي الماء، وقد قال العلماء إنه ثبت في الصحيح: «أن الله جل وعلا غفر لرجل لأنه سقى كلبا» فكيف بمن سقى مؤمنا يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ولما قيل لابن عباس رضي الله تعالى عنهما: «يا ابن عم رسول ما أفضل الصدقة؟ قال: أن تسقي الماء».
أين أنت من قول الله جل وعلا: {أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين}ثم ذكر الله بعضا من نعوت الكافرين قال: {الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون} وليس الله جل وعلا ينسى أبدا {قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى}، ولكن هذا في لغة العرب يسمى المشاكلة في الكلام وإنما يتركهم الله جل وعلا من غير نصرة من غير ظهرة من غير معين، حتى يتساقطوا في جهنم.ثم بين الله جل وعلا عظيم كتابه قال سبحانه: {ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون*هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل} أي في الدنيا {قد جاءت رسل ربنا بالحق}.
فيتمنون أمرين: {فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا} وهذه قطعها الله بقوله: {فما تنفعهم شفاعة الشافعين} وطلبوا أمرا ثانيا: {أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل} وهذه قطعها الله جل وعلا عنهم أن الله لن يخرجهم من النار {أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون}.
فلما ذكر الله تبارك وتعالى حال الفريقين وذكر الحالة الثالثة وهي حال أهل الأعراف عرف الله جل وعلا بذاته العلية، والقرآن أيها المؤمن كله فاضل لكن آياته فيها فاضل وفيها مفضول، أما كونه فاضل فلأن القرآن كله من عند الله وأما كونه فاضل ومفضول فإن من آيات الله ما تتكلم عن الله فجمعت الفضل من وجهتين:
الوجهة الأولى: أنها كلام الله.
والوجهة الثانية: أنها تتحدث عن الله.
وليس هناك أحد أعلم بالله من الله ولذلك من أراد أن يرقق قلبه وتدمع عينه فليقرأ ما تكلم الله جل وعلا به عن ذاته العلية كخواتم سورة الحشر وأوائل سورة الحديد وهذه الآيات التي في الأعراف وفي الفرقان يتكلم الرب جل وعلا عن ذاته العلية أو آية الكرسي، فكل آية تحدث الله فيها عن ذاته العلية فإن الله جل وعلا لا أحد أعلم به منه قال الله جل وعلا: {ولا يحيطون به علما} وقال: {أأنتم أعلم أم الله}.
فالآيات التي يتحدث فيها الرب جل وعلا عن ذاته العلية هي أعظم آيات القرآن قدرا لأنها جمعت المجد من طرفيه: كونها من الله وكونها تتحدث عنه جل جلاله.
قال الله جل وعلا: {إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين*ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين}.
هذه مجمل ما تكلم الله جل وعلا به عنه عن ذاته العلية.
هذا وصلى الله على محمد وعلى آله، والحمد لله رب العالمين. اهـ.

.من مجازات القرآن في السورة الكريمة:

.قال ابن المثنى:

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
سورة الأعراف:
{المص} (1): ساكن لأنه جرى مجرى سائر فواتح السور اللواتى جرين مجرى حروف التّهجّى، وموضعه ومعناه على تفسير سائر ابتداء السور.
{كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ} (2) رفع من موضعين أحدهما: أنزل إليك كتاب، والآخر على الاستئناف.
{فَلا يَكُنْ}: (2) ساكن لأنه نهى {فى صدرك حرج منه} أي ضيق.
{بَياتًا} (3): أي ليلا بيّتهم بياتا وهم نيام.
{أَوْ هُمْ قائِلُونَ} (3): أي نهارا إذا قالوا.
{فَما كانَ دَعْواهُمْ} (4) لها موضعان أحدهما قولهم ودعواهم، والآخر ادّعاؤهم.
{ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} (11) مجازه: ما منعك أن تسجد، والعرب تضع لا في موضع الإيجاب وهى من حروف الزوائد، قال أبو النجم:
فما ألوم البيض ألّا تسخرا ** ممّا رأين الشمط القفندرا

أي ما ألوم البيض أن يسخرن، القفندر: القبيح السّمج، وقال الأحوص:
ويلحيننى في اللّهو ألّا أحبّه ** وللّهو داع دائب غير غافل

أراد: في اللهو أن أحبه، قال العجاج:
فى بئر لا حور سرى وما شعر

الحور: الهلكة، وقوله لا حور: أي في بئر حور، ولا في هذا الموضع فضل.
{اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُمًا}. (17) وهى من ذأمت الرجل، وهى أشد مبالغة من ذممت ومن ذمت الرجل تذيم، وقالوا في المثل: لا تعدم الحسناء ذاما، أي ذما، وهى لغات.
{مَدْحُورًا} (17) أي مبعدا مقصى، ومنه قولهم: ادحر عنك الشيطان، وقال العجّاج:
فأنكرت ذا جمّة نميرا ** دجر عراك يدجر المدحورا

{وَقاسَمَهُما} (20) أي حالفهما، وله موضع آخر في موضع معنى القسمة.
{سَوْآتِهِما} (21) كناية عن فرجيهما.
{وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما} (21) يقال طفقت أصنع كذا وكذا كقولك:
ما زلت أصنع ذا وظللت، ويخصفان الورق بعضه إلى بعض.
{وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ} (23) إلى وقت يوم القيامة، وقال:
وما مزاحك بعد الحلم والدّين ** وقد علاك مشيب حين لا حين

أي وقت لا وقت.
{ورياشا} (25) الرياش والريش واحد، وهو ما ظهر من اللباس والشارة وبعضهم يقول: أعطانى رجلا بريشه أي بكسوته وجهازه وكذلك السرج بريشه، والرياش أيضا: الخصب والمعاش.
{إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ} (26) أي وجيله الذي هو منه.
{كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقًا هَدى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ} (28، 29) نصبهما جميعا على إعمال الفعل فيهما أي هدى فريقا ثم أشرك الآخر في نصب الأول وإن لم يدخل في معناه والعرب تدخل الآخر المشرك بنصب ما قبله على الجوار وإن لم يكن في معناه، وفى آية أخرى {يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذابًا أَلِيمًا} (76/ 31) وخرج فعل الضلالة مذكرا والعرب تفعل ذلك إذا فرّقوا بين الفعل وبين المؤنثة لقولهم: مضى من الشهر ليلة.
{حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعًا} (37) أي اجتمعوا فيها، ويقال تدارك لى عليه شيء أي اجتمع لى عنده شىء، وهو مدغم التاء في الدال فثقلت الدال.
{عَذابًا ضِعْفًا} (37) أي عذابين مضعف فصار شيئين.
{فِي سَمِّ الْخِياطِ} (39) أي في ثقب الإبرة وكل ثقب من عين أو أنف أو أذن أو غير ذلك فهو سمّ والجميع سموم.
{لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ} (40) أي فراش وبساط ولا تنصرف جهنم لأنه اسم مؤنثة على أربعة أحرف.
{وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ} (40) واحدتها غاشية وهى ما غشاهم فغطاهم من فوقهم.
{لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَها} (21): طاقتها، يقال: لا أسع ذلك.
{وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ} (45) مجازها: على بناء سور لأن كل مرتفع من الأرض عند العرب أعراف، قال:
كل كناز لحمه نياف ** كالعلم الموفى على الأعراف

وقال الشّمّاخ:
وظلّت بأعراف تفالى كأنها ** رماح نحاها وجهة الرّيح راكز

أي على نشز.
{بِسِيماهُمْ} (45) منقوصة، والمعنى: بعلاماتهم.
{وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ} (46) أي حيال أصحاب النار، وفى آية أخرى {تِلْقاءَ مَدْيَنَ} (28/ 22) أي حيال مدين وتجاهه.
{فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ} (50) مجازه: نؤخرهم ونتركهم، {كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا} (50) أي كما تركوا أمر ربهم وجحدوا يوم القيامة.