فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (10)}
سَهَّلنا عليكم أسباب المعيشة، ويسَّرنا لكم أحوال التصرف، ثم أراد منكم أَنْ تتخذوا إليه سبيلًا، ولم يعتصِ عليه مراد.
{قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ} لاستعمالكم- في الخلاف- أبدانَكم، ولإنفاقكم- بالإسراف- أحوالكم، ولاستغراقكم- في الحظوظ- أوقاتكم. فلا نعمة الفراغ شكرتم، ولا من مسِّ العقوبة شكوتم... خسرتم وما شعرتم!. اهـ.

.قال الشنقيطي:

قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ} الآية.
لم يبين هنا كيفية هذه المعايش التي جعل لنا في الأرض، وكلنه بين ذلك في مواضع أخر كقوله: {فَلْيَنظُرِ الإنسان إلى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الماء صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الأرض شَقًّا فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا وَحَدَائِقَ غُلْبًا وَفَاكِهَةً وَأَبًّا مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ} [عبس: 24-32].
وقوله: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ الماء إِلَى الأرض الجرز فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ} [السجدة: 27]، وقوله: {وَأَنزَلَ مِنَ السماء مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شتى كُلُواْ وارعوا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لأُوْلِي النهى} [طه: 53-54].
وذكر كثيرًا من ذلك في سورة النحل كقوله: {والأنعام خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} [النحل: 5] إلى غير ذلك من الآيات. اهـ.

.التفسير الإشاري:

قال نظام الدين النيسابوري:
التأويل: {المص} هو إله من لطفه أفرد عباده للمحبة وللمعرفة وأنعم عليهم بالصدق والصبر لقبول كمالية المعرفة والمحبة بواسطة {كتاب أنزل على قلبك} فانفسح له صدرك وانشرح فلم يبق فيه ضيق وحرج بخلاف ما أنزل من الكتب في الألواح والصحف فقد عرض لبعضهم ضيق عطن فألقى الألواح. وكما شرف نبيه بالكتاب المنزل على قلبه حتى صار خلقه القرآن شرف أمته بأن أمرهم باتباع ما أنزل إليهم ليتخلقوا بأخلاق الله. {وكم من قرية} قبل أفسدنا استعدادها {فجاءها بأسنا} أي إزاغة قلوبهم بإصبع القهارية وأهلها نائمون على فراش الحسبان {قائلون} في نهار الخذلان فما كان ادّعاؤهم إلا أن قالوا من قصر نظرهم لا من طريق الأدب {إنا كنا ظالمين} فنسبوا التصرف إلى أنفسهم ولم يعلموا أن الله تعالى مقلب أفئدتهم وأبصارهم {فلنسئلن الذين أرسل إليهم} وهم عامة الخلائق هل قبلتم الدعوة وعملتم بما أمرتم أم لا فيكون السؤال سؤال تعنيف وتعذيب أو هم الذين قبلوا الدعوة فيكون السؤال سؤال تشريف وتقريب {ولنسئلن المرسلين} سؤال إنعام وإكرام هل بلغتم وهل وجدتم أممًا قابِلِي الدعوة {فلنقصن عليهم بعلم} فليعلمن أنا ما أرسلنا الرسل إليهم عبثًا وإنما أرسلناهم لأمر عظيم وخطب جسيم {وما كنا غائبين} عن الرسل بالنصر والمعونة وعن المرسل إليهم بالتوفيق والعناية {والوزن يومئذ} لأهل الحق لا الباطل لا نقيم لهم يوم القيامة وزنًا.
روي أنه يوم القيامة يؤتى بالرجل العظيم الطويل الأكول الشروب فلا يزن جناح بعوضة. {فمن ثقلت موازينه} بالأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة والأحوال الكاملة {فأولئك هم المفلحون} من شر أنانيتهم وإنما جمع الموازين لأن لبدن كل مكلفٍ ميزانًا يوزن به أعماله ولنفسه ميزانًا يوزن به صفاتها ولقلبه ميزانًا يوزن به أوصافه ولروحه ميزانًا يوزن به نعوته ولسره ميزانًا يوزن به أحواله ولخفيه ميزانًا يوزن به أخلاقه. والخفي لطيفة روحانيّة قابلة لفيض الأخلاق الربانية ولهذا قال صلى الله عليه وآله: «ما وضع في الميزان شيء أقل من حسن الخلق» وذلك أنه ليس من نعوت المخلوقين وإنما هو خلق رب العالمين والعباد مأمورون بالتخلق بأخلاقه {خسروا أنفسهم} أفسدوا استعدادها {ولقد مكناكم} هيأنا لكم خلافة الأرض دون غيركم من الحيوانات والملك {وجعلنا لكم} خاصة {معايش} ولكل صنف من الملك والحيوانات معيشة واحدة وذلك أن الإنسان مجموع من الملكية والحيوانية والشيطانية والإنسانية. فمعيشة الملك هي معيشة روحه، ومعيشة الحيوان هي معيشة بدنه، ومعيشة الشيطان هي معيشة نفسه الأمارة بالسوء، وقد حصل للإنسان بهذا التركيب مراتب الإنسانية وإنها لم تكن لكل واحد من الملك والحيوان والشيطان وهي القلب والسر والخفي، فمعيشة قلبه هي الشهود، ومعيشة سره هي الكشوف، ومعيشة خفيه هي الوصال والوصول. اهـ.

.تفسير الآية رقم (11):

قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما ذكر سبحانه ما منحهم به من التمكين، ذكّرهم ما كانو عليه قبل هذه المكنة من العدم تذكيرًا بالنعم في سياق دال على البعث الذي فرغ من تقريره، وعلى ما خص به أباهم آدم عليه السلام من التمكين في الجنة بالخلق والتصوير وإفاضة روح الحياة وروح العلم وأمر أهل سماواته بالسجود له والغضب على من عاداه وطرده عن محل كرامته ومعدن سعادته وإسكانه هو بذلك المحل الأعلى والموطن الأسنى مأذونًا له في كل ما فيه إلا شجرة واحدة، فلما خالف الأمر أزاله عنه وأخرجه منه؛ وفي ذلك تحذير لأهل المكنة من إزالة المنة في استدرار النعمة وإحلال النقمة فقال: {ولقد خلقناكم} أي بما لنا من صفات العظمة {ثم صورناكم} أي قدرنا خلقكم ثم تصويركم بأن جعلنا فيكم قابلية قريبة من ذلك بتخصيص كل جزء من المادة بمقداره المعين بتخمير طينة آدم عليه السلام على حالة تقبل ذلك كما يهيأ التراب بتخميره بإنزال المطر لأن يكون منه شجرة، وقد تكون تلك الشجرة مهيأة لقبول صورة الثمرة وقد لا تكون كما قال تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظمًا فكسونا العظم لحمًا ثم أنشأناه خلقًا آخر} [المؤمنون: 12-14] وقال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح» وعنه أيضًا رضي الله عنه عند مسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا مر بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكًا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها، ثم قال: يا رب! أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك» الحديث.
فظاهر هذا الحديث مخالف للفظ الذي قبله وللآية، فيحمل على أن معنى صورها: هيأها في مدة الأربعين الثانية لقبول الصورة تهيئة قريبة من الفعل، وسهل أولها بالتخمير على هيئة مخصوصة بخلاف ما قبل ذلك، فإنها كانت نطفة فكانت بعيدة عن قبول الصورة، ولذلك اختلفوا في احترامها وهل يباح إفسادها والتسبب في إخراجها، ومعنى خلق: قدر أي جعل لكل شيء من ذلك حدًا لا يتجاوزه في الجملة، والدليل على هذا المجاز شكه في كونها ذكرًا أو أنثى، ولو كان ذلك على ظاهره لما حصل شك في كونها ذكرًا أو أنثى إذ آلة الذكر والأنثى من جملة الصورة، وبهذا تلتئم هذه الاية مع قوله تعالى: {إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرًا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين} [ص: 71] فهذا خلق بالفعل، والذي في هذه السورة بإيداعه القوة المقربة منه، والمراد من الآية التذكير بالنعم استعطافًا إلى المؤالفة وتفظيعًا بحال المخالفة، أي خسروا أنفسهم والحال أنا أنعمنا عليهم بنعمة التمكين بعد أن أنشأناهم على الصورة المذكورة بعد أن كانوا عدمًا وأسجدنا ملائكتنا لأبيهم وطردنا من تكبر عليه طردًا لا طرد مثله، وأبعدناه عن محل قدسنا بعدًا لا قرب معه، وأسكنا أباهم الجنة دار رحمتنا وقربنا، فقال تعال مترجمًا عن ذلك: {ثم قلنا} أي على ما لنا من الاختصاص بالعظمة {للملائكة} أي الموجودين في ذلك الوقت من أهل السماوات والأرض كلهم، بما دلت عليه ال سواء قلنا: إنها للاستغراق أو الجنس {اسجدوا لآدم} أي بعد كونه رجلًا قائمًا سويًا ذا روح كما هو معروف من التسمية؛ ثم سبب عن هذا الأمر قوله: {فسجدوا} أي كلهم بما دل عليه الاستثناء في قوله: {إلا إبليس} ولما كان معنى ذلك لإخراجه ممن سجد أنه لم يسجد، صرح به فقال: {لم يكن من الساجدين} أي لآدم. اهـ.

.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{لأملأن} بتليين الهمزة الثانية حيث كان: الأصبهاني عن ورش وحمزة في الوقف: {تخرجون} من الخروج: حمزة وعلي وخلف وسهل ويعقوب وابن ذكوان الباقون: مبنيًا للمفعول من الإخراج والله أعلم.

.الوقوف:

{إلا إبليس} ط لأنه معرفة فلا تصلح الجملة صفة له. {الساجدين} o {إذ أمرتك} ط {منه} ج لانقطاع النظم مع اتحاد المقول. {طين} o {الصاغرين} ه. {يبعثون} o {المنظرين} o {المستقيم} o لا للعطف {شمائلهم} ط {شاكرين} o {مدحورًا} ط لأن ما بعده ابتداء قسم محذوف. {أجمعين} o {الظالمين} o {الخالدين} o {الناصحين} o {بغرور} ج لأن جواب لما منتظر مع الفاء {ورق الجنة} ط لأن الواو للاستئناف {مبين} o {أنفسنا} سكتة للأدب إعلامًا بانقطاع الحجة قبل ابتداء الحاجة. {الخاسرين} o {عدو} ط لعطف المختلفين {إلى حين} o {تخرجون} o. اهـ.