فصل: باب ما جاء في ذم القول في دين الله تعالى بالرأي والظن والقياس على غير أصل وعيب الإكثار من المسائل دون اعتبار:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



1042- واحتج من ذهب مذهب داود من جهة الأثر بما حدثناه عبد الوارث بن سفيان، ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا عبيد بن عبد الواحد بن شريك، ثنا نعيم بن حماد قال: نا عيسى بن يونس، عن حريز بن عثمان الرحبي قال: نا عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عوف بن مالك الأشجعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة أعظمها على أمتي فتنة قوم يقيسون الدين برأيهم يحرمون ما أحل الله ويحلون ما حرم الله تعالى» قال أبو عمر: هذا عند أهل العلم بالحديث حديث غير صحيح، حملوا فيه على نعيم بن حماد، وقال أحمد بن حنبل ويحيى بن معين: حديث عوف بن مالك هذا لا أصل له، وأما ما روي عن السلف في ذم القياس فهو عندنا قياس على غير أصل، أو قياس يرد به أصل.
1043- حدثنا أحمد بن سعيد بن بشر، وأحمد بن محمد قالا: نا وهب بن مسرة، ثنا محمد بن وضاح، ثنا محمد بن ماهان قال: سمعت محمد بن كثير، عن ابن شوذب، عن مطر، عن الحسن قال: أول من قاس إبليس قال: خلقتني من نار وخلقته من طين.
1044- وبهذا الإسناد عن ابن ماهان قال: سمعت يحيى بن سليم الطائفي، غير مرة يقول: أنا داود بن أبي هند، عن ابن سيرين قال: أول من قاس إبليس وإنما عبدت الشمس والقمر بالمقاييس.
1045- حدثنا عبد الوارث، ثنا قاسم، ثنا أحمد بن زهير، نا محمد بن محبوب، ثنا أبو عوانة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر، عن مسروق قال: إني أخاف أن أقيس فتزل قدمي.
1046- قال أحمد بن زهير، وثنا أحمد بن يونس، ثنا زهير، ثنا جابر عن عامر قال: قال مسروق، لا أقيس شيئا بشيء قلت: لم؟ قال: أخشى أن تزل رجلي
1047- وذكر نعيم بن حماد، ثنا ابن إدريس، عن عمه، داود، عن الشعبي، عن مسروق قال: لا أقيس شيئا بشيء فتزل قدمي بعد ثبوتها
1048- قال نعيم، ونا وكيع، عن عيسى الحناط، عن الشعبي قال: إياكم والقياس فإنكم إن أخذتم به أحللتم الحرام وحرمتم الحلال ولأن أتعنى عنية أحب إلي من أن أقول في شيء برأيي وذكر الشعبي، مرة أخرى القياس فقال: أيش في القياس. وقال الشعبي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تهلك أمتي حتى تقع في المقاييس، فإذا وقعت في المقاييس فقد هلكت» وقد ذكرنا في هذا المعنى زيادة في باب ذم الرأي من هذا الكتاب؛ لأنه معنى منه، وبالله التوفيق، فاحتج من نفى القياس بهذه الأثار ومثلها وقالوا في حديث معاذ: إن معناه أن يجتهد رأيه على الكتاب والسنة وتكلم داود في إسناد حديث معاذ ورده ودفعه من أجل أنه عن أصحاب معاذ ولم يسموا، قال أبو عمر: وحديث معاذ صحيح مشهور رواه الأئمة العدول وهو أصل في الاجتهاد والقياس على الأصول وبه قال جمهور العلماء وسائر الفقهاء، وقالوا في هذه الآثار وما كان مثلها في ذم القياس: إنه القياس على غير أصل، والقول في دين الله بالظن ألا ترى إلى قول من قال منهم: أول من قاس إبليس رد أصل العلم بالرأي الفاسد والقياس لا يجوز عند أحد ممن قال به إلا في رد الفروع إلى أصولها، لا في رد الأصول بالرأي والظن، وإذا صح النص من الكتاب والأثر بطل القياس والنظر وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة الآية، وأي أصل أقوى من أمر الله تعالى لإبليس بالسجود، وهو العالم بما خلق منه آدم وما خلق منه إبليس، ثم أمره بالسجود له فأبى واستكبر لعلة ليست بمانعة من أن يأمره الله بما يشاء؟ فهذا ومثله لا يحل ولا يجوز. وأما القياس على الأصول والحكم للشيء بحكم نظيره فهذا ما لم يخالف فيه أحد من السلف، بل كل من روي عنه ذم القياس قد وجد له القياس الصحيح منصوصا لا يدفع هذا إلا جاهل أو متجاهل مخالف للسلف في الأحكام.
1049- أخبرنا عبد الوارث، ثنا قاسم، ثنا أحمد بن زهير قال: أنا سليمان بن أبي شيخ، قال: قال مساور الوراق: كنا من الدين قبل اليوم في سعة حتى ابتلينا بأصحاب المقاييس قاموا من السوق إذ قلت مكاسبهم فاستعملوا الرأي عند الفقر والبوس أما العريب فقوم لا عطاء لهم وفي الموالي علامات المفاليس فلقيه أبو حنيفة فقال: هجوتنا نحن نرضيك فبعث إليه بدراهم فقال: إذا ما أهل مصر بادهونا بآبدة من الفتيا لطيفه أتيناهم بمقياس صحيح صليب من طراز أبي حنيفه إذا سمع الفقيه به وعاه وأثبته بحبر في صحيفه قال أبو عمر: اتصلت هذه الأبيات ببعض أهل الحديث والنظر من أهل ذلك الزمان فقال: إذا ذو الرأي خاصم عن قياس وجاء ببدعة منه سخيفه أتيناهم بقول الله فيها وآثار مصححة شريفه فكم من فرج محصنة عفيفة أحل حرامها بأبي حنيفة قال أبو عمر رحمه الله: هذا تحامل وجهل واغتياب وأذي للعلماء؛ لأنه إذا كان له في النازلة كتاب منصوص وأثر ثابت لم يكن لأحد أن يقول بغير ذلك فيخالف النص والنص مالا يحتمله التأويل وما احتمله التأويل على الأصول واللسان العربي كان صاحبه معذورا.
1050- أنشدنا أبو القاسم عبد الوارث بن سفيان قال: أنشدنا أبو محمد قاسم بن أصبغ قال: أنشدنا محمد بن وضاح ببغداد على باب أبي مسلم الكشي قال: قال لي غلام خليل: أنشدني بعض البصريين لبعض شعرائهم يهجو أبا حنيفة وزفر بن الهذيل إن كنت كاذبة بما حدثتني فعليك إثم أبي حنيفة أو زفر الواثبين على القياس تعديا والناكبين عن الطريقة والأثر خلت البلاد فارتعوا في رحبها ظهر الفساد ولا سبيل إلى الغير قال لنا أبو القاسم: قال لنا قاسم بن محمد ولد محمد بن وضاح وكان أدرك غلام خليل ومات محمد بن محمد بن وضاح بجزيرة إقريطش قال أبو عمر: بلغني أن أبا جعفر الطحاوي أنشد هذه الأبيات: فعليك إثم أبي حنيفة أو زفر فقال: وددت أن لي أجرهما وحسناتهما وعلي إثمهما وسيئاتهما، وكان من أعلم الناس بسير القوم وأخبارهم؛ لأنه كان كوفي المذهب وكان عالما بجميع مذاهب الفقهاء رحمه الله وقد رويت في ذم الرأي والقياس آثار كثيرة وسنورد لها بابا في كتابنا هذا إن شاء الله تعالى. اهـ.
وقال أيضا رحمه الله تعالى ما نصه:

.باب ما جاء في ذم القول في دين الله تعالى بالرأي والظن والقياس على غير أصل وعيب الإكثار من المسائل دون اعتبار:

1186- حدثني عبد الرحمن بن يحيى، ثنا علي بن محمد ثنا أحمد بن داود، ثنا سحنون بن سعيد، ثنا عبد الله بن وهب، ثنا عبد الله بن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير، قال: حج علينا عبد الله بن عمرو بن العاص، فجلست إليه فسمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله عز وجل لا ينزع العلم من الناس بعد إذ أعطاهموه انتزاعا، ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم، فيبقى ناس جهال يستفتون فيفتون برأيهم فيضلون ويضلون» قال عروة: فحدثت بذلك عائشة رضي الله عنها، ثم إن عبد الله بن عمرو حج بعد ذلك فقالت لي عائشة: يا ابن أخي، انطلق إلى عبد الله فاستثبت منه الحديث الذي حدثتني به عنه، قال: فجئته فسألته فحدثني به كنحو ما حدثني فأتيت عائشة فأخبرتها فعجبت وقالت: والله لقد حفظ عبد الله بن عمرو، قال ابن وهب: وأخبرني عبد الرحمن بن شريح، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك أيضا.
1187- وحدثني عبد الوارث بن سفيان، ثنا قاسم بن أصبغ، قال: نا عبيد الله بن عبد الواحد بن شريك، ثنا نعيم بن حماد، نا ابن المبارك، ثنا عيسى بن يونس، عن حريز بن عثمان الرحبي، ثنا عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة أعظمها فتنة قوم يقيسون الدين برأيهم يحرمون به ما أحل الله ويحللون به ما حرم الله».
1188- وأخبرنا أحمد بن قاسم، ويعيش بن سعيد، قالا: نا قاسم بن أصبغ، ثنا محمد بن إسماعيل الترمذي، ثنا نعيم بن حماد، ثنا ابن المبارك، ثنا عيسى بن يونس، ثنا حريز، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة، أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم فيحللون الحرام ويحرمون الحلال» وروي عن يحيى بن معين أنه قال: حديث عوف بن مالك الذي يرويه عيسى بن يونس ليس له أصل، ونحوه عن أحمد بن حنبل رحمه الله قال أبو عمر: هذا هو القياس على غير أصل والكلام في الدين بالتخرص والظن، ألا ترى إلى قوله في الحديث: «يحلون الحرام ويحرمون الحلال» ومعلوم أن الحلال ما في كتاب الله أو سنة رسوله تحليله، والحرام ما في كتاب الله أو سنة رسول الله تحريمه، فمن جهل ذلك وقال فيما سئل عنه بغير علم وقاس برأيه حرم ما أحل الله بجهله وأحل ما حرم الله من حيث لم يعلم، فهذا هو الذي قاس الأمور برأيه فضل وأضل ومن رد الفروع في علمه إلى أصولها فلم يقل برأيه.
1189- حدثنا عبيد بن محمد، ثنا عبد الله بن محمد القاضي، بالقلزم، ثنا محمد بن إبراهيم بن زياد بن عبد الله الرازي، ثنا الحارث بن عبد الله، بهمدان قال: نا عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي، عن الزهري عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعمل هذه الأمة برهة بكتاب الله وبرهة بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يعملون بالرأي فإذا فعلوا ذلك فقد ضلوا».
1191- حدثنا عبد الرحمن بن يحيى، قال: أنا علي بن محمد، قال: أنا أحمد بن داود، ثنا سحنون، ثنا ابن وهب، قال: ثنا يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال وهو على المنبر: «يا أيها الناس إن الرأي إنما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم مصيبا؛ لأن الله عز وجل يريه، وإنما هو منا الظن والتكلف».
1192- وبه عن ابن وهب، قال: أخبرني ابن لهيعة، عن ابن الهادي، عن محمد بن إبراهيم التيمي، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: «أصبح أهل الرأي أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يعوها وتفلتت منهم أن يرووها فاستبقوها بالرأي».
1193- قال ابن وهب، وأخبرني عبد الله بن عياش، عن محمد بن عجلان، عن عبيد الله بن عمر، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: «اتقوا الرأي في دينكم»، قال سحنون: يعني البدع.
1194- قال ابن وهب، وأخبرني رجل، من أهل المدينة، عن ابن عجلان، عن صدقة بن أبي عبد الله، أن عمر بن الخطاب، كان يقول: «إن أصحاب الرأي أعداء السنن أعيتهم أن يحفظوها وتفلتت منهم أن يعوها، واستحيوا حين سئلوا أن يقولوا: لا نعلم، فعارضوا السنن برأيهم فإياكم وإياهم».
1195- أخبرنا أحمد بن عبد الله بن محمد، قال: حدثني أبي ح، وأخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف، قال: أنا سهل بن إبراهيم، قالا جميعا: ثنا محمد بن فطيس، ثنا أحمد بن يحيى الأودي الصوفي، ثنا عبد الرحمن بن شريك، قال: حدثني أبي، عن مجالد بن سعيد، عن عامر يعني الشعبي، عن عمرو بن حريث، قال: قال عمر رضي الله عنه: «إياكم وأصحاب الرأي؛ فإنهم أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا».
1196- أخبرنا محمد بن خليفة، ثنا محمد بن الحسين البغدادي، ثنا أبو بكر بن أبي داود، ثنا محمد بن عبد الملك القزاز، ثنا ابن أبي مريم، ثنا نافع بن يزيد، عن ابن الهادي، عن محمد بن إبراهيم التيمي، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «إياكم والرأي؛ فإن أصحاب الرأي أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يعوها وتفلتت منهم أن يحفظوها فقالوا في الدين برأيهم» قال أبو بكر بن أبي دواد: أهل الرأي هم أهل البدع، وهو القائل في قصيدته: ودع عنك آراء الرجال وقولهم فقول رسول الله أزكى وأشرح.
1197- حدثنا أحمد بن عبد الله، نا الحسن بن إسماعيل، نا عبد الملك بن بحر، نا محمد بن إسماعيل، نا سنيد، نا يحيى بن زكريا، عن مجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عبد الله، قال: لا يأتي عليكم زمان إلا وهو شر من الذي قبله، أما إني لا أقول: أمير خير من أمير ولا عام أخصب من عام، ولكن فقهاءكم يذهبون ثم لا تجدون منهم خلفا، ويجيء قوم يقيسون الأمور برأيهم.