فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
قوله جلّ ذكره: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ}.
لكلِّ قوم مدةٌ مضروبةٌ، فإذا تناهت تلك المدة زالت تلك الحالة؛ فلنعمةِ المُتْرَفِين مُدَّةٌ، فإذا زالت فليس بعدها إلا الشِّدّة، ولمحنةِ المستضعفين مدةٌ فإذا انقضت تلك المدة زالت تلك الشدة.
ويقال إذا سقط قرصُ الشمس زال سلطانُ النهار فلا يزداد بعده إلا تراكم الظلمة، فإذا ارتحلت عساكرُ الظلام بطلوع الفجر فبعد ذلك لا تبقى فيه للنهار تهمةٌ. اهـ.

.التفسير الإشاري:

قال نظام الدين النيسابوري:
التأويل: {قد أنزلنا عليكم لباسًا}
هو لباس الشريعة {يواري} سوآت الأفعال القبيحة في الظاهر وسوآت الصفات الذميمة النفسانية والحيوانية بآداب الطريقة في الباطن {وريشًا} زينةً وجمالًا في الظاهر والباطن {ولباس التقوى} وهو لباس القلب والروح والسر والخفي. فلباس القلب من التقوى هو الصدق في طلب المولى فيواري به سوآت الطمع في الدنيا وما فيها، ولباس الروح من التقوى هو محبة المولى فيواري به سوآت التعلق بغير المولى، ولباس السر من التقوى هو رؤية المولى فيواري بها رؤية غير المولى، ولباس الخفي من التقوى بقاؤه بهوية المولى فيواري بها هوية غير المولى {ذلك خير} لأن لباس البدن بالفتوى هو الشريعة ولباس القلب بالتقوى هو الحقيقة {ذلك من آيات الله} أي إنزال الشريعة والحقيقة مما يدل على المولى.
{لا يفتننكم الشيطان} بالدنيا وما فيها ومتابعة الهوى فيخرجكم عن جنة الصدق في طلب الحق {كما أخرج أبويكم من الجنة} وجوار الحق {ينزع عنهما لباسهما} من الشرع وذلك نهيهما عن شجرة المحبة {ليريهما سوآتها} من مخالفة الحق وما علما أن فيها هذه الصفة، ومن جملة سوآتهما كل كمال ونقصان كان مستورًا فيهما فأراهما بعد تناول الشجرة {إنه يراكم هو وقبيله} يعني من الروحانيين الذين لا صورة لهم في الظاهر فإنهم يرون بنظر الملكوت الروحاني من الإنساني بعض الأفعال التي تتولد عن الأوصاف البشرية كما رأوا في آدم {وقالوا أتجعل فيها من يفسد فيها} [البقرة: 30] {من حيث لا ترونهم} أي إنما يرونكم من حيث البشرية التي منشؤها الصفات الحيوانية فإنكم محجوبون بهذه الصفات عن رؤيتهم لا من حيث الروحانية التي هي منشأ علوم الأسماء والمعرفة لإنهم لا يرونكم في هذا المقام، وأنتم ترونهم بالنظر الروحاني بل بالنور الرباني. {إنا جعلنا الشياطين أولياء} خلقناهم مستعدين لتولية أمور أهل الغفلة والطبيعة. {وإذا فعلوا فاحشة} هي طلب الدنيا وحبها {قالوا إنا وجدنا آباءنا} على محبة الدنيا وشهواتها {والله أمرنا} بطلب الكسب الحلال {قل إن الله لا يأمر بالفحشاء} وإنما يأمر بالكسب الحلال بقدر الحاجة الضرورية لقوام القالب بالقوت واللباس ليقوم بأداء حق العبودية وذلك قوله: {قل أمر ربي بالقسط} {كما بدأكم} لطفًا أو قهرًا {تعودون} إليه. فأهل اللطف يعودون إليه بالإخلاص والطاعة وأهل القهر الذين حقت عليهم الضلالة يعودون إليه جبرًا واضطرارًا فيسحبون في النار على وجوههم {خذوا زينتكم} فزينة الظاهر التواضع والخضوع، وزينة الباطن الانكسار والخشوع، وزينة نفوس العابدين آثار السجود، وزينة قلوب العارفين أنوار الوجود فالعابد على الباب بنعت العبودية والعارف على البساط بحكم الحرية {وكلوا واشربوا} في مقام العندية كما قال: «أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني» {ولا تسرفوا} بالإفراط فوق الحاجة الضرورية والتفريط في حفظ القوة بحيث تضيع حقوق العبودية. {زينة الله} فزين الأبدان بالشرائع وآثارها، وزين النفوس بالآداب وأقدارها، وزين القلوب بالشواهد وأنوارها، وزين الأرواح بالمعارف وأسرارها، وزين الأسرار بالطوالع وآثارها، فمن تصدّى لطلب هذه المقامات فهي مباحة له من غير تأخير وقصور وحظر ومنع {والطيبات من الرزق} ما لم يكن مشوبًا بحظوظ النفس، فهذه الكرامات والمقامات لهؤلاء السادة في الدنيا مشوبة بشواهد الآفات النفسانية وكدورات الصفات الحيوانية {خالصة يوم القيامة} من هذه الآفات والكدورات كما قال: {ونزعنا ما في صدورهم من غل} [الحجر: 47] {الفواحش} ما يقطع على العبد طريق السلوك إلى الرب؛ ففاحشة العوام {ما ظهر منها} ارتكاب المناهي {وما بطن} خطورها بالبال، وفاحشة الخواص {ما ظهر منها} تتبع ما لأنفسهم نصيب منه ولو بذرة {وما بطن} الصبر على المحبوب ولو بلحظة، وفاحشة الأخص {ما ظهر منها} ترك أدب من الآداب أو التعلق بسبب من الأسباب {وما بطن} الركون إلى شيء في الدارين والالتفات إلى غير الله من العالمين. {والإثم} الإعراض عن الله ولو طرفة عين {والبغي} وهو حب غير الله فإنه وضع في غيره موضعه. وأن يستغيثوا بغير الله ما لم يكن فيه رخصة وحجة من الشريعة {وأن تقولوا} بفتوى النفس وهواها أو بنظر العقل {على الله ما لا تعلمون} حقيقتها أو تقولوا في معرفة الله وبيان أحوال السائرين ما لمستم به عارفين {وكل أمة} من السائرين إلى الله أو إلى الجنة مدة مضروبة في الأزل، وفيه وعد للأولياء واستمالة لقلوبهم ووعيد للأعداء وسياسة لنفوسهم. اهـ.

.تفسير الآية رقم (35):

قوله تعالى: {يَا بَنِي آَدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (35)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما كان استشراف النفس إلى السؤال عما يكون بعد حين المستقر والمتاع أشد من استشرافها إلى هذا لكونه أخفى منه، فهو أبعد من خطوره في البال؛ قدم قوله: {قال فيها تحيون} [الأعراف: 25] ولما كان ذكر الدواء لداء هتك السوءة أهم قدم {أنزلنا عليكم لباسًا} [الأعراف: 26] ثم ما بعده حتى كان الأنسب بهذه الاية هذا الموضع فنظمت فيه.
ولما تقدمت الإشارة إلى الحث على اتباع الرسل بآيات المقصد الأول من مقاصد هذه السورة كقوله تعالى: {كتاب أنزل إليك} [الأعراف: 2] و{لتنذر} [الأعراف: 2] و{اتبعوا ما أنزل إليكم} [الأعراف: 3] وقوله: {فلنسئلن الذين أرسل إليهم} [الأعراف: 6] وقوله: {قل أمر ربي بالقسط} [الأعراف: 29]، {إنما حرم ربي الفواحش} [الأعراف: 33] والتحذير من الشياطين بقوله: {ولا تتبعوا من دونه أولياء} [الأعراف: 3] وبقوله: {لأقعدن لهم صراطك المستقيم} [الأعراف: 16]، {لا يفتننكم الشيطان} [الأعراف: 27] وغيره، فتحرر أنه لا سبيل إلى النجاة إلا بالرسل، وختم ذلك بالأحل حثًا على العمل في أيام المهلة؛ أتبع ذلك قوله حاثًا على التعلق بأسباب النجاة باتباع الدعاة الهداة قبل الفوت بحادث الموت ببيان الجزاء لمن احسن الاتباع في الدارين {يا بني آدم}.
ولما كان له سبحانه أن يعذب من خالف داعي العقل من غير إرسال رسول، وكان إرسال الرسل جائزًا له وفضلًا منه سبحانه إذ لا يوجب عليه، أشار إلى ذلك بحرف الشك فقال: {إما} هي إن، الشرطية وصلت بها ما تأكيدًا {يأتينكم رسل} ولما كانت زيادة الخبرة بالرسول أقطع للعذر وأقوى في الحجة قال: {منكم} أي من نوعكم من عند ربكم.
ولما كان الأغلب على مقصد هذه السورة العلم كما تقدم في {فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين} [الأعراف: 7] ويأتي في {ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم} [الأعراف: 52] وغيرها، كان التعبير بالقص- الذي هو تتبع الأثر كما تقدم في الأنعام- أليق فقال: {يقصون عليكم آياتي} أي يتابعون ذكرها لكم على وجه مقطوع به، ويتبع بعضهم بها أثر بعض لا يتخالفون في أصل واحد من الأصول.
ولما كان لقاء الرسل حتمًا والهجرة إليهم واجبة لأن العمل لا يقبل إلا بالاستناد إليهم مهما وجد إلى ذلك سبيل، ربط الجزاء بالفاء فقال: {فمن اتقى} أي خاف مقامي وخاف وعيدي بسبب التصدق بالرسل والتلقي عنهم {وأصلح} أي عمل صالحًا باقتفاء آثارهم {فلا خوف} أي غالب {عليهم} أي بسبب ذلك من شيء يتوقعونه {ولا هم} أي بضمائرهم {يحزنون} أي يتجدد لهم في وقت ما حزن على شيء فاتهم، لأن الله يعطيهم ما يقر به أعينهم، وكأنه غاية في التعبير لأن إجلالهم لله تعالى وهيبتهم له يمكن أن يطلق عليهما خوف. اهـ.

.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{حتى إذا ادّاركوا} كان يعقوب: إذا وقف على {إذا} يبتدئ {تداركوا} بالتاء. سهل: مخير، وكذلك قوله تعالى: {قلتم} {وقالوا إنا طيرنا} وافق الكسائي في {تثاقلتم} {أخراهم لأولاهم} بالإمالة الشديدة: إبراهيم بن حماد وحمزة وعلي وخلف. وقرأ أبو عمر وغير إبراهيم بن حماد {أولاهم} بالإمالة اللطيفة {أخراهم} بالإمالة الشديدة، وافق ورش من طريق النجاري والخزاز عن هبيرة في {أخراهم} بالإمالة الشديدة {فآتهم} بضم الهاء: رويس وكذلك كل كلمة سقطت الياء لعلة. إلا قوله: {ومن يولهم} [الأنفال: 6] {لا يعلمون} بياء الغيبة: أبو بكر وحماد {لا تفتح لهم} بتاء التأنيث والتخفيف: أبو عمرو. وقرأ حمزة وعلي وخلف بفتح ياء تحتانية وبالتخفيف. الباقون بتاء التأنيث والتشديد. {غواشي} بالياء في الوقف: يعقوب وكذلك كل كلمة سقطت الياء لأجل التنوين أو لاجتماع الساكنين وهو مذهب سهل من طريق ابن دريد، {ما كنا} بغير واو العطف: ابن عامر. الآخرون بالواو. {أورثتموها} وبابه بإدغام الثاء: أبو عمرو وحمزة وعلي وهشام.

.الوقوف:

{آياتي} لا لأن الفاء بعده لجواب الشرط {ولاهم يحزنون} o {النار} ط {خالدون} o {بآياته} ط {من الكتاب} ط {يتوفونهم} لا لأن ما بعده جواب إذا. {من دون الله} ط {كافرين} o {في النار} ط {أختها} ط {جميعًا} لا لما قلنا. {من النار} ط {لا يعلمون} o {يكسبون} o {الخياط} ط {المجرمين} o {غواش} ج {الظالمين} o {وسعها} ط وجعل {أولئك} خبرًا للموصول أوجه بناء على أن قوله: {لا نكلف نفسًا إلا وسعها} معترضة {الجنة} ط {خالدون} o {الأنهار} ط للعطف مع العارض. {اهدنا الله} ج لانقطاع النظم مع اتفاق المعنى {بالحق} ط لابتداء النداء بأنها جزاء بعد انتهاء الحمد والثناء على أنها عطاء {تعملون} o. اهـ.