فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال: إن كان الرجل من قوم عاد ليتخذ المصراع من الحجارة لو اجتمع عليه خمسمائة من هذه الأمة لم يستطيعوا أن ينقلوه، وإن كان أحدهم ليدخل قدمه في الأرض فتدخل فيها.
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن ثور بن زيد الديلمي قال: قرأت كتابًا: انا شداد بن عاد، انا الذي رفعت العماد، وانا الذي سددت بدرًا عن بطن واد، وانا الذي كنزت كنزًا في البحر على تسع أذرع لا يخرجه إلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن بكار عن ثور بن زيد قال: جئت اليمن فإذا أنا برجل لم أر أطول منه قط فعجبت. قالوا: تعجب من هذا؟ قلت: والله ما رأيت أطول من ذا قط...! قالوا فوالله لقد وجدنا ساقًا أو ذراعًا فذرعناها بذراع هذا، فوجدناها ست عشرة ذراعًا.
وأخرج الزبير بن بكار عن زيد بن أسلم قال: كان في الزمن الأول تمضي أربعمائة سنة ولم يسمع فيها بجنازة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {آلاء الله} قال: نعم الله. وفي قوله: {رجس} قال: سخط.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {قد وقع عليكم من ربكم رجس} قال: جاءهم منه عذاب، والرجس: كله عذاب في القرآن.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله رجس وغضب؟ قال: الرجس: اللعنه، والغضب: العذاب. قال: وهل تعرف ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت قول الشاعر وهو يقول:
إذا سنة كانت بنجد محيطة ** وكان عليهم رجسها وعذابها.

{فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ (72)}.
أخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: لما أوحى الله إلى العقيم أن تخرج على قوم عاد فتنتقم له منهم، فخرجت بغير كيل على قدر منخر ثور حتى رجفت الأرض ما بين المشرق والمغرب، فقال الخزان: رب لن نطيقها ولو خرجت على حالها لأهلكت ما بين مشارق الأرض ومغاربها، فأوحى الله إليها: أن ارجعي. فرجعت فخرجت على قدر خرق الخاتم وهي الحقلة، فأوحى الله إلى هود: أن يعتزل بمن معه من المؤمنين في حظيرة، فاعتزلوا وخطَّ عليهم خطًا، وأقبلت الريح فكانت لا تدخل حظيرة هود ولا تجاوز الخط، وإنما يدخل عليهم منها بقدر ما تلذ به أنفسهم وتلين عليه الجلود، وإنها لَتَمَرُّ من عاد بالظعن بين السماء والأرض وتدمغهم بالحجارة، وأوحى الله إلى الحيات والعقارب: أن تأخذ عليهم الطرق فلم تدع عاديًا يجاوزهم.
وأخرج ابن عساكر عن وهب قال: لما أرسل الله الريح على عاد اعتزل هود ومن معه من المؤمنين في حظيرة ما يصيبهم من الريح إلا ما تلين عليه الجلود وتلتذه الأنفس، وإنها لتمر بالعادي فتحمله بين السماء والأرض وتدمغه بالحجارة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {وقطعنا دابر الذين كذبوا} قال: استأصلناهم.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن هزين بن حمزة قال: سأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يريه رجلًا من قوم عاد، فكشف الله له عن الغطاء، فإذا رأسه بالمدينة ورجلاه بذي الحليفة، أربعة أميال طوله.
وأخرج ابن عساكر من طريق سالم بن أبي الجعد عن عبد الله قال: ذكر الأنبياء عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلما ذكر هود قال: «ذاك خليل الله».
وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن عساكر عن ابن عباس قال: لما حجَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ بوادي عسفان فقال: «لقد مر به هودًا وصالح على بكرات حمر خطمهن الليف، ازرهم العباء وأرديتهم النمار يلبون ويحجون البيت العتيق».
وأخرج ابن عساكر عن ابن سابط قال: بين المقام والركن وزمزم قُبِرَ تسعة وسبعون نبيًا، وان قبر نوح وهود وشعيب وصالح وإسمعيل في تلك البقعة.
وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة قال: ما يعلم قبر نبي من الأنبياء إلا ثلاثة: قبر اسمعيل فإنه تحت الميزاب بين الركن والبيت، وقبر هود فإنه في حقف تحت جبل من جبال اليمن عليه شجرة وموضعه أشد الأرض حرًا، وقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن هذه قبورهم حق.
وأخرج البخاري في تاريخه وابن جرير وابن عساكر عن علي بن أبي طالب قال: قبر هود بحضرموت في كثيب أحمر، عند رأسه سدرة.
وأخرج ابن عساكر عن عثمان بن أبي العاتكة قال: قبلة مسجد دمشق قبر هود عليه السلام.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي هريرة قال: كان عمر هود أربعمائة واثنتين وسبعين سنة.
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: عجائب الدنيا أربعة: مرآة كانت معلقة بمنارة الاسكندرية، فكان يجلس الجالس تحتها فيبصر من بالقسطنطينية وبينهما عرض البحر، وفرس كان من نحاس بأرض الأندلس قائلًا بكفه كذا باسطًا يده أي ليس خلفي مسلك فلا يطأ تلك البلاد أحد إلا أكلته النمل، ومنارة من نحاس عليها راكب من نحاس بأرض عاد، فإذا كانت الأشهر الحرم هطل منه الماء فشرب الناس وسقوا وصبوا في الحياض، فإذا انقطعت الأشهر الحرم انقطع ذلك الماء، وشجرة من نحاس عليها سودانية من نحاس بأرض رومية، إذا كان أوان الزيتون صفرت السودانية التي من نحاس فتجيء كل سودانية من الطيارات بثلاث زيتونات، زيتونتين برجليها، وزيتونة بمنقارها، حتى تلقيه على تلك السودانية النحاس، فيعصر أهل رومية ما يكفيهم لأدامهم وسرجهم شتويتهم إلى قابل. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ (72)}.
لا رتبةَ فوق رتبة النبوة، ولا درجة أعلى من درجة الرسالة.
وأخبر سبحانه أنه نجَّى هودًا برحمته، وكذلك نجَّى الذين آمنوا معه برحمته، ليُعْلَمَ أنَّ النجاةَ لا تكون باستحقاق العمل، وإنما تكون بابتداء فضلٍ من الله ورحمته؛ فما نَجَا مَنْ نجا إلا بفضل الحق سبحانه. اهـ.

.التفسير الإشاري:

.قال نظام الدين النيسابوري:

التأويل: لقد أرسلنا نوح الروح إلى قومه ببلاد القوالب وهم القلب وصفاته والنفس وصفاتها، ومن صفة الروح العبودية والطاعة دعوة القلب والنفس وصفاتها إلى الله وعبوديته، ومن صفات النفس تكذيب الروح ومخالفته والإباء عن نصحه والتعجب {فكذبوا} يعني النفس وصفاتها نوح والروح {فأنجيناه والذين معه} في الفلك الشريعة {وأغرقنا} النفس وصفاتها في البحر الدنيا وشهواتها {إنهم كانوا قومًا عمين} عن رؤية الله والوصول إليه {وزادكم في الخلق بسطة} كما أوقع التفاوت بين شخص وشخص فيما يعود إلى المباني أوقع التباين بين قوم وقوم وفيما يرجع إلى المعاني {قد رفع عليكم من ربكم رجس وغضب} أي مقالتكم تدل على حالتكم أنه أصابكم سطوات العذاب. فمن أمارات الإعراض رد العبد إلى شهود الأغيار وتغريقه إياه في بحار الظنون والأوهام والجدال. اهـ.

.قال الألوسي:

ومن باب الإشارة في الآيات: على ما قاله القوم رضي الله تعالى عنهم {إن ربكم الله الذي خلق السموات} أي سموات الأرواح {والأرض} أي أرض الأبدان {في ستة أيام} وهي ستة آلاف سنة وإن يومًا عند ربكم كألف سنة مما تعدون وهي من لدن خلق آدم عليه السلام إلى زمان النبي صلى الله عليه وسلم وهي في الحقيقة من ابتداء دور الخفاء إلى ابتداء الظهور الذي هو زمان ختم النبوة وظهور الولاية {ثم استوى على العرش} وهو القلب المحمدي بالتجلي التام وهو التجلي باسمه تعالى الجامع لجميع الصفات.
وللصوفية عدة عروش نبهنا عليها في كتابنا الطراز المذهب في شرح قصيدة الباز الأشهب.
وتمام الكلام عليها في شمس المعارف للإمام البوني قدس سره {يغشي الليل} أي ليل البدن {النهار} أي نهار الروح {يطلبه} بالتهيء والاستعداد لقبوله باعتدال مزاجه {حثيثًا} أي سريعًا {والشمس} أي شمس الروح {والقمر} أي قمر القلب {والنجوم} أي نجوم الحواس {مسخرات بأمره} [الأعراف: 54] الذي هو الشأن المذكور في قوله تعالى: {كل يوم هو في شأن} [الرحمن: 29] {ادعوا ربكم} أي اعبدوه {تضرعًا وخفية} إشارة إلى طريق الجلوة والخلوة أو ادعوه بالجوارح والقلب أو بأداء حق العبودية ومطالب حق الربوبية {إنه لا يحب المعتدين} [الأعراف: 55] المتجاوزين عما أمروا به بترك الامتثال أو الذين يطلبون منه سواه {ولا تفسدوا في الأرض} أي أرض البدن {بعد إصلاحها} بالاستعداد {وادعوه خوفًا وطمعًا} [الأعراف: 56] لئلا يلزم إهمال إحدى صفتي الجلال والجمال {وهو الذي يرسل الرياح} أي رياح العناية {بين يدي رحمته} أي تجلياته {حتى إذا أقلت حملت سحابا ثقالا} بأمطار المحبة {سقناه لبلد} قلب {ميت فأنزلنا به الماء} ماء المحبة {فأخرجنا به من كل الثمرات} من المشاهدات والمكاشفات {كذلك نخرج الموتى} القلوب الميتة من قبور الصدور {لعلكم تذكرون} [الأعراف: 57] أيام حياتكم في عالم الأرواح حيث كنتم في رياض القدس وحياض الأنس {والبلد الطيب} وهو ما طاب استعداده {يخرج نباته بإذن ربه} حسنًا غزيرًا نفعه {والذي خبث} وهو ما ساء استعداده {لا يخرج إلا نكدًا} [الأعراف: 58] لا خير فيه {لقد أرسلنا نوحًا} أي نوح الروح {إلى قومه} [الأعراف: 59] من القلب وأعوانه والنفس وأعوانها {فكذبوه فأنجيناه والذين معه} كالقلب وأعوانه {في الفلك} وهو سفينة الأتباع {وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا} في بحار الدنيا ومياه الشهوات {إنهم كانوا قومًا عمين} [الأعراف: 64] عن طريق الوصول ورؤية الله تعالى، وعلى هذا المنوال ينسح الكلام في باقي الآيات.
ولمولانا الشيخ الأكبر قدس سره في هؤلاء القوم ونحوهم كلام تقف الأفكار دونه حسرى فمن أراده فليرجع إلى الفصوص يرى العجب العجاب والله تعالى الهادي إلى سبيل الرشاد. اهـ.