فصل: الكلام على قوله تعالى: {كلا إذا بلغت التراقي}:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الكلام على قوله تعالى: {كلا إذا بلغت التراقي}:

كلا ردع وزجر والمعنى ارتدعوا عن ما يؤدي إلى العذاب {إذا بلغت} يعني النفس وهذه كناية عن غير مذكور والتراقي العظام المكتنفة لثغرة النحر عن يمين وشمال وواحد التراقي ترقوة ويكنى ببلوغ النفس إلى التراقي عن الإشفاء على الموت {وقيل من راق} فيه قولان أحدهما أنه قول الملائكة بعضهم لبعض من يرقى روحه ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب والثاني أنه من قول أهله من يرقيه بالرقي والقولان عن ابن عباس قوله تعالى: {وظن} أي أيقن الذي بلغت روحه إلى التراقي {أنه الفراق} للدنيا {والتفت الساق بالساق} فيه خمسة أقوال أحدها أمر الدنيا بأمر الآخرة قاله ابن عباس والثاني اجتمع فيه الحياة والموت قاله الحسن والثالث التفت ساقاه عند الموت قاله الشعبي والرابع التفت ساقاه في الكفن قاله سعيد بن المسيب والخامس التفت الشدة بالشدة قاله قتادة قال الزجاج آخر شدة الدنيا بأول شدة الآخرة.
يا لها من ساعة لا تشبهها ساعة يندم فيها أهل التقى فكيف أهل الإضاعة يجتمع فيها شدة الموت إلى حسرة الفوت لما احتضر أبو بكر الصديق رضي الله عنه قالت عائشة:
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى ** إذا حشرجت يومًا وضاق بها الصدر

فقال ليس كذلك ولكن قولي {وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد}.
ولذلك كان يقولها أبو بكر وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند الموت ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي ولما دخلوا على عثمان رضي الله عنه جعل يتمثل.
أرى الموت لا يبقى حزينًا ولا يدع ** لعاد ملاكا في البلاد ومرتقى

يبيت أهل الحصن والحصن مغلق ** ويأتي الجبال من شماريخها العلى

ولما جرح علي بن أبي طالب رضي الله عنه جعل يقول:
شد حيازيمك للموت ** فإن الموت لاقيك

ولا تجرع من الموت ** إذا حل بواديك

ولما احتضر معاوية جعل يقول:
إن تناقش يكن نقاشك يا رب ** عذابًا لا طوق لي بالعذاب

أو تجاوز فأنت رب عفو ** عن مسيء ذنوبه كالتراب

ولما احتضر معاذ جعل يقول أعوذ بالله من ليلة صباحها النار مرحبًا بالموت مرحبًا زائر مغب حبيب جاء على فاقة اللهم إني قد كنت أخافك وأنا اليوم أرجوك اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لكرى الأنهار ولا لغرس الأشجار ولكن لظمأ الهواجر ومكابدة الساعات ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر ولما احتضر أبو الدرداء جعل يقول ألا رجل يعمل لمثل مصرعي هذا ألا رجل يعمل لمثل ساعتي هذه ألا رجل يعمل لمثل يومي هذا وبكى فقالت له امرأته تبكي وقد صاحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ومالي لا أبكي ولا أدري علام أهجم من ذنوبي ولما احتضر أبو هريرة بكى فقيل له وما يبكيك فقال بعد المفازة وقلة الزاد وعقبة كئود المهبط منها إلى الجنة أو إلى النار وقيل لحذيفة في مرضه ما تشتهي قال الجنة قيل فما تشتكي قال الذنوب ولما احتضر عمرو بن العاص قيل له كيف تجدك فقال والله لكأن جنبي في تخت وكأني أتنفس من سم الخياط وكأن غصن شوك يجر به من قدمي إلى هامتي ثم قال:
ليتني كنت قبل ما قد بدا لي ** في قلال الجبال أرعى الوعولا

ليتني كنت حمضا عركتني الإماء بذرير الإذخر ونظر إلى صناديق فيها مال فقال لبنيه من يأخذها بما فيها يا ليته كان بعرًا وكان عبد الملك بن مروان يقول في مرضه وددت إني عبد لرحل من تهامة أرعى غنيمات في جبالها وأني لم أل من هذا الأمر شيئًا ولما احتضر عمر بن عبد العزيز قال إلهي أمرتني فلم أئتمر وزجرتني فلم أنزجر غير أني أقول لا له إلا الله ولما احتضر الرشيد أمر بحفر قبره ثم حمل إليه فاطلع فيه فبكى حتى رحم ثم قال يا من لا يزول ملكه ارحم من قد زال ملكه وكان المعتصم يقول عند موته ذهبت الحيل فلا حيلة وبكى عامر بن عبد قيس لما احتضر وقال إنما أبكي على ظمأ الهواجر وقيام ليل الشتاء وبكى أبو الشعثاء عند موته فقيل له ما يبكيك فقال لم أشتف من قيام الليل وبكى يزيد الرقاشي عند موته فقيل ما يبكيك فقال أبكي على ما يفوتني من قيام الليل وصيام النهار ثم جعل يقول يا يزيد من يصلي لك ومن يصوم عنك ومن يتقرب إلى الله عز وجل بالأعمال بعدك ويحكم يا إخواني لا تغتروا بشبابكم فكأن قد حل بكم مثل ما قد حل بي وقال المزني دخلت على الشافعي في علته التي مات فيها فقلت له أبا عبد الله كيف أصبحت قال أصبحت من الدنيا راحلًا ولإخواني مفارقًا وبكأس المنية شاربًا وعلى الله تعالى واردًا ولا أدري نفسي تصير إلى الجنة فأهنئها أم إلى النار فأعزيها ثم بكى وقال:
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي ** جعلت رجائي نحو عفوك سلما

تعاظمني ذنبي فلما قرنته ** بعفوك ربي كان عفوك أعظمًا

وما زلت ذا عفو عن الذنب سيدي ** تجود وتعفو منة وتكرما

ولولاك لم يغوي بإبليس عابد ** فكيف وقد أغوى صفيك آدمًا

وقال إبراهيم بن أدهم مرض بعض العباد فدخلنا نعوده فجعل يتنفس ويتأسف فقلت له على ماذا تتأسف قال على ليلة نمتها ويوم أفطرته وساعة غفلت فيها عن ذكر الله عز وجل وبكى بعض العباد عند موته فقيل له ما يبكيك فقال أن يصوم الصائمون ولست فيهم ويذكر الذاكرون ولست فيهم ويصلي المصلون ولست فيهم وقال أبو محمد العجلي دخلت على رجل وهو في الموت فقال لي سخرت بي الدنيا حتى ذهبت أيامي ولما احتضر عضد الدولة تمثل:
قتلت صناديد الرجال فلم أدع ** عدوا ولم أمهل على ظنه خلقا

وأخليت دور الملك من كل نازل ** فشردتهم غربا وبددتهم شرقًا

فلما بلغت المجد عزا ورفعة ** وصارت رقاب الخلق أجمع لي رقا

رماني الردى سهمًا فأخمد جمرتي ** فها أنا ذا في جفوتي عاطلًا ملقًا

فأذهبت دنياي وديني سفاهة ** فمن ذا الذي مني بمصرعه أشقى

ثم جعل يقول ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانية فرددها إلى أن مات.
ركب الأمان من الزمان مطية ** ليست كما اعتاد الركائب تبرك

والمرء مثل الخوف بين سهاده ** وكراه يسكن تارة ويحرك

يا مشغولًا قلبه بلبني وسعدى يا مستلذ الرقاد وهذي الركائب تحدى يا عظيم المعاصي يا مخطئًا جدًّا يا طالما طال ما عتا وتعدى كم جاوز حدًا وكم أتى ذنبًا عمدًا يا أسير الهوى قد أصبح له عبدا يا ناظمًا خرزات الأمل في سلك المنى عقدًا يا معرضا عما قد حل كم حل عقدًا كم عاهد مرة وكم نقض عهدًا من لك إذا سقيت كأسًا لا تجد من شربها بدا مزجت أو صابًا وصابا صار المصاب عندها شهدًا من لك إذا لحقت أبًا وأما وأخا وعما وجدا وتوسدت بعد اللين حجرًا صلبًا صلدًا وسافرت سفرًا يا له من سفر بعدًا واحتوشك عملك هزلًا كان أو جدًّا ولقيت منكرًا ونكيرًا فهل لقيت أسدًا فبادر قبل الموت فما تستطيع للفوت ردًا.
نهاك عن البطالة والتصابي ** نحول الجسم والرأس الخضيب

إذا ما مات بعضك فابك بعضًا ** فبعض الشيء من بعض قريب

أخبرنا محمد بن أبي منصور أنبأنا علي بن الحسين أنبأنا أبو علي بن شاذان سمعت أبا صالح كاتب الليث يذكر عن الفضل بن زياد عن الأوزاعي أنه وعظ فقال في موعظته أيها الناس تقووا بهذه النعم التي أصبحتم فيها على الهرب من النار الموقدة التي تطلع على الأفئدة فإنكم في دار الثواء فيها قليل وأنتم فيها مؤجلون وخلائف من بعد القرون الذين استقبلوا من الدنيا زخرفها وزهرتها فهم كانوا أطول منكم أعمارا وأمد أجسامًا وأعظم آثارا فحددوا الجبال وجابوا الصخور ونقبوا في البلاد مؤيدين ببطش شديد وأجسام كالعماد فما لبثت الأيام والليالي أن طوت مدتهم وعفت آثارهم وأخوت منازلهم وأنست ذكرهم فما تحس منهم من أحد ولا تسمع لهم ركزًا كانوا بلهو الأمل آمنين كبيات قوم غافلين أو كصباح قوم نادمين ثم إنكم قد علمتم الذي قد نزل بساحتهم بياتا فأصبح كثير منهم في ديارهم جاثمين وأصبح الباقون ينظرون في آثار نقمة وزوال نعمة ومساكن خاوية فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم وعبرة لمن يخشى وأصبحتم من بعدهم في أجل منقوص ودنيا مقبوضة في زمان قد ولى عفوه وذهب رجاؤه فلم يبق منه إلا جمة شر وصبابة كدر وأهاويل عبر وعقوبات غبر وأرسال فتن ورذالة خلف بهم ظهر الفساد في البر والبحر فلا تكونوا أشباها لمن خدعه الأمل وغره طول الأجل نسأل الله عز وجل أن يجعلنا ممن وعى نذره وعقل سراه فمهد لنفسه.
تزوج دنياه الغبي بجهله ** فقد نشزت من بعد ما قبض المهر

تطهر ببعد من أذاها وكيدها ** فتلك بغي لا يصح لها طهر

ونحن كركب الموج ما بين بعضهم ** وبين الردى إلا الذراع أو الشبر

.الكلام على قوله تعالى: {ما عندكم ينفد وما عند الله باق}:

يا كثير الخلاف يا عظيم الشقاق يا سيى ء الآداب يا قبيح الأخلاق يا قليل الصبر يا عديم الوفاق يا من سيبكي كثيرًا إذا انتبه وفاق والتفت الساق بالساق أين من أنس بالدنيا ونسي الزوال أين من عمر القصور وجمع المال تقلبت بالقوم أحوال الأهوال كم أراك عبرة وقد قال: {سنريهم آياتنا في الآفاق} أين صديقك المؤانس أين رفيقك المجالس أين الماشي فقيرًا وأين الفارس امتدت إلى الكل كف المخالس فنزلوا تحت الأطباق وكأن قد رحلت كما رحلوا ونزلت وشيكًا حيث نزلوا وحملت إلى القبر كما حملوا إلى ربك يومئذ المساق من لك إذا ألم الألم وسكت الصوت وتمكن الندم ووقع بك الفوت وأقبل لأخذ الروح ملك الموت وجاءت جنوده وقيل من راق ونزلت منزلًا ليس بمسكون وتعوضت بعد الحركات السكون فيا أسفًا لك كيف تكون وأهوال القبر لا تطاق وفرق مالك وسكنت الدار ودار البلاء فما دار إذ دار وشغلك الوزر عمن هجر وزار ولم ينفعك ندم الرفاق أما أكثر عمرك قد مضى أما أعظم زمانك قد انقضى أفي أفعالك ما يصلح للرضا إذا التقينا يوم التلاق يا ساعيًا في هواه تصور رمسك يا موسعا إلى خطاه تذكر حبسك يا مأسورًا في سجن الشهوات خلص نفسك قبل أن تعز السلامة وتعتاق الأعناق وينصب الصراط ويوضع الميزان وينشر الكتاب يحوي ما قد كان ويشهد الجلد والملك والمكان والنار الحبس والحاكم الخلاق فحينئذ يشيب المولود وتخرس الألسن وتنطق الجلود وتظهر الوجوه بين بيض وسود يوم يكشف عن ساق فبادر قبل أن لا يمكن وحاذر قبل أن يفوت الممكن وأحسن قبل أن لا تحسن فاليوم البرهان وغدًا السباق فانتهب عمرًا يفنى بالمساء والصباح وعامل مولى يجزل العطايا والأرباح ولا تبخل فقد حدث على السماح {ما عندكم ينفد وما عند الله باق}. اهـ.

.قصص الأنبياء:

.قال ابن كثير:

.قصة مدين قوم شعيب عليه السلام:

قال الله تعالى في سورة الأعراف بعد قصة قوم لوط: {وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جائتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين وان كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أو لو كنا كارهين قد أفترينا على الله كذبا ان عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شي علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين وقال الملأ اللذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فيكف آسي على قوم كافرين} وقال في سورة هود بعد قصة قوم لوط أيضا: {وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولاتبخسوا الناس أشيائهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين بقيت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ قالوا يا شعيب أصلوتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا وأن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الاصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ويا قوم لا يجر منكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه ورائكم ظهريا إن ربي بما تعلمون محيط ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود} وقال في الحجر بعد قصة قوم لوط أيضا: {وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين فانتقمنا منهم وإنهما لبامام مبين} وقال تعالى في الشعراء بعد قصتهم: {كذب أصحاب الأيكة المرسلين إذ قال لهم شعيب ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلى على رب العالمين أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين وزنوا بالقسطاس المستقيم ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين واتقوا الله الذي خلقكم والجبلة الأولين قالوا إنما أنت من المسحرين وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين قال ربي أعلم بما تعملون فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم}.
كان أهل مدين قوما عربا يسكنون مدينتهم مدين التي هي قرية من أرض معان من أطراف الشام مما يلي ناحية الحجاز قريبا من بحيرة قوم لوط وكانوا بعدهم بمدة قريبة ومدين قبيلة عرفت بهم القبيلة وهم من بني مدين بن مديان بن إبراهيم الخليل وشعيب نبيهم هو ابن ميكيل (1) ابن يشجن (2) ذكره ابن إسحاق قال ويقال له بالسريانية بنزون (3) وفي هذا نظر ويقال شعيب بن يشخر بن لاوي بن يعقوب ويقال شعيب بن نويب بن عيفا (4) بن مدين بن إبراهيم ويقال شعيب بن ضيفور بن عيفا (5) بن ثابت بن مدين بن إبراهيم وقيل غير ذلك في نسبه.
قال ابن عساكر ويقال جدته ويقال أمه بنت لوط وكان ممن آمن بإبراهيم وهاجر معه ودخل معه دمشق وعن وهب ابن منبه أنه قال شعيب وملغم ممن آمن بإبرأهيم (6) يوم أحرق بالنار وهاجرا معه إلى الشام فزوجهما بنتي لوط عليه السلام ذكره ابن قتيبة وفي هذا كله نظر أيضا والله أعلم.
وذكر أبو عمر بن عبدالبر في الاستعباب في ترجمة سلمة بن سعد العنزي قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وانتسب إلى عنزة فقال نعم الحي عنزة مبغى عليهم منصورون قوم شعيب وأختان (7) موسى فلو صح هذا لدل على أن شعيبا من موسى وأنه من قبيلة من العرب العاربة يقال لهم عنزة لا أنهم من عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان فإن هؤلاء بعده بدهر طويل والله أعلم.