فصل: قال القاسمي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{وَالْقُمَّلَ} في التفسير الفارسي ملخ ياده وقيل: هو كبار القردان وهو جمع قراد يقال له بالتركي كنه مسلط على البعير وفي الأمثال أسمع من قراد وذلك أنه يسمع صوت أخفاف الإبل من مسيرة يوم فيتحرك لها وقيل: هو السوس الذي يخرج من الحنطة وقيل: إنه شيء يقع في الزرع ليس بجراد فيأكل السنبلة وهي غضة قبل أن تقوى فيطول الزرع ولا سنبل له وقرأ الحسن والقمل بفتح القاف وسكون الميم يريد به القمل المعروف الذي يقع في بدن الإنسان وثوبه وإذا ألقيت القملة حية أورثت النسيان.
قال الجاحظ: وفي الحديث: «أكل الحامض، وسؤر الفار، ونبذ القمل يورث النسيان» وإذا أردت أن تعلم هل المرأة حامل بذكر أو أنثى فخذ قملة واحلب عليها من لبنها في كف إنسان فإن خرجت من اللبن فهي جارية وإن لم تخرج فهو ذكر وإن حبس على إنسان بوله فخذ قملة من قمل بدنه واجعلها في إحليله فإنه يبول من وقته، والقمل المعروف يتولد من العرق والوسخ إذا أصاب ثوبًا أو ريشًا أو شعرًا حتى يصير المكان عفنًا.
قال الجاحظ: وربما كان للإنسان قمل الطباع وإن تنطف وتعطر وبدل الثياب كما عرض لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام حين استأذنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم في لباس الحرير فأذن لهما فيه ولولا أنهما كانا في حد ضرورة لما أذن لهما لما في ذلك من التشديد فيجوز لبس الثوب الحرير لدفع القمل لأنه لا يقمل بالخاصية.
قال في أنوار المشارق: والأصح أن الرخصة لا تختص بالسفر انتهى.
وفي الواقعات المحمودية: أن القمل يكون من البرودة ولذلك يكثر في الشتاء ولا يكون في الصيف.
قال السيوطي: ولم يقع على ثيابه عليه السلام ذباب قط ولا أذاه القمل.
{وَالضَّفَادِعَ} جمع ضفدع مثل خنصر وهو الأشهر الصحيح من حيث اللغة والأنثى ضفدعة وناس يقولون بفتح الدال كدرهم، وأنكره الخليل حيث قال: ليس في الكلام فعلل إلا أربعة أحرف درهم وهجدم وهبلع وبلعم وهو اسم والضفادع أنواع كثيرة ويكون من سفاد وغير سفاد فالذي من سفاد يبيض في البر ويعيش في الماء والذي من غير سفاد يتولد في المياه القائمة الضعيفة الجري ومن العفونات وغب الأمطار الغزيرة حتى يظن أنه يقع من السحاب لكثرة ما يرى منه على الأسطحة عقيب المطر والريح وليس ذلك عن ذكر وأنثى، وإنما الله تعالى يخلقه في تلك الساعة من طباع تلك التربة وهي من الحيوانات التي لا عظام لها وفيها ما ينق وفيها مالا ينق والذي ينق منها يخرج صوته من قرب أذنه وتوصف بحدة السمع إذا تركت النقيق وكانت خارج الماء، وإذا أرادت أن لا تنق أدخلت فكها الأسفل في الماء ومتى دخل الماء في فيها لا تنق وما أظرف قول بعض الشعراء وقد عوتب في كلامه:
قالت الضفدع قولًا ** فسرته الحمكاء

في فمي ماء وهل ** ينطق من في فيه ماء

قال سفيان: يقال إنه ليس شيء أكثر ذكرًامنه.
قال الزمخشري: تقول في نقيقها سبحان الملك القدوس.
روي أن داود عليه السلام قال: لأسبحن الله الليلة تسبيحًا ما سبحه أحد من خلقه فنادته ضفدع من ساقية في داره يا داود أتفخر على الله تعالى بتسبيحك وإن لي لسبعين سنة ما جفّ لي لسان من ذكر الله وإن لي لعشر ليال ما طعمت خضراء ولا شربت ماء اشتغالًا بكلمتين، قال: ما هما قالت يا مسبحًا بكل لسان ومذكورًا بكل مكان، فقال داود في نفسه: وما عسى أن أكون أبلغ من هذا.
وعن أنس «لا تقتلوا الضفادع فإنها مرت بنار إبراهيم عليه السلام فحملت في أفواهها الماء وكانت ترشه على النار».
وقال ابن سينا: إذا كثرت الضفادع في سنة وزادت على العادة يقع الوباء عقيبه.
وفي الواقعات المحمودية: تعبير الضفدع أنه نقصان خفي فإنه يذكر أنه كان في الأصل كيالًا فلأجل نقصانه في الكيل أدخل فيه، ومن خواصه أنه إذا أخذت امرأة ضفدع الماء وفتحت فاه وبصقت فيه ثلاث مرات ورمته إلى الماء فإنها لا تحبل ودمه إذا طلي به الموضع الذي نتف شعره لم ينبت أبدًا، وشحم الضفادع الإجامية إذا وضع على الأسنان قلعها من غير وجع.
قال القزويني: ولقد كنت بالموصل ولنا صاحب في بستان بنى مجلسًا وبركة فتولدت فيها الضفادع وتأذى سكان المكان بنقيقها وعجزوا عن إبطاله حتى جاء رجل وقال اجعلوا طشتًا على وجه الماء مقلوبًا ففعلوا فلم يسمعوا لها نقيقًا بعد ذلك.
{وَالدَّمَ}.
روي إنهم مطروا ثمانية أيام في ظلمة شديدة لا يستطيع أن يخرج واحد من بيته ودخل الماء بيوتهم حتى قاموا فيه إلى تراقيهم وهي جمع ترقوة وهي العظم الذي بين ثغرة النحر، والعاتق وهو موضع الرداء من المنكب ولم يدخل بيوت بني إسرائيل منه قطرة مع أنها كانت مختلطة ببيوت القبط فاض الماء على أرضهم وركد فمنعهم من الحرث والتصرف ودام سبعة أيام، فقالوا له عليه السلام: ادع لنا ربك يكشف عنا ونحن نؤمن بك فدعا فكشف عنهم فنبت من العشب والكلاء ما لم يعهد مثله فقالوا هذا كنا نتمناه وما كان هذا الماء إلا نعمة علينا وخصبًا، فلا والله لا نؤمن بك يا موسى فنقضوا العهد وأقاموا على كفرهم شهرًا فبعث الله عليهم الجراد بحيث وقع على الأرض بعضه على بعض ذراعًا فأكل زروعهم وثمارهم وأبوابهم وسقوفهم وثيابهم ولم يدخل بيوت بني إسرائيل منه شيء ففزعوا إليه عليه السلام كما ذكر فخرج إلى الصحراء وأشار بعصاه نحو المشرق والمغرب فرجع إلى النواحي التي جاء منها بعد أن أقام في أرضهم سبعة أيام فلم يبق جرادة واحدة ثم نظروا فإذا في بعض المواضع من نواحي مصر بقية كلاء وزرع فقالوا هذا يكيفنا بقية عامنا هذا فلا والله لا نؤمن بك فسلط الله عليهم القمل فمكث في أرضهم سبعة أيام فلم يبق لهم عودًا أخضر ولحس جميع ما في أراضيهم مما أبقاه الجراد وكان يقع في أطعمتهم ويدخل بين ثيابهم وجلودهم فيمصها وينهشهم ويأكل شعورهم وحواجبهم وأشفار عيونهم ومنعهم النوم والقرار وظهر بهم منه الجدري.
قال الحدادي في تفسيره: هم أول من عذبوا بالجدري وبقي في الناس إلى الآن ثم فزعوا إليه عليه السلام ثالثًا فرفع عنهم فقالوا قد تحققنا الآن أنك ساحر قالوا وما عسى ربك أن يفعل بنا وقد أهلك كل شيء من نبات أرضنا فعلى أي شيء نؤمن بك اذهب فما استطعت أن تفعل فافعله ثم أرسل الله عليهم الضفادع بحيث لا يكشف ثوب ولا طعام إلا وجدت فيه وكانت تمتلىء منها مضاجعهم وتثب إلى قدورهم، وهي تغلي وإلى أفواههم عند التكلم وكان بعضهم لا يسمع كلام بعض من كثرة صراخ الضفادع، وكانوا إذا قتلوا واحدًا منها خافوا ما حول محله حتى لا يستطيعون الجلوس فيه ففزعوا إليه رابعًا وتضرعوا فأخذ عليهم العهود فدعا فكشف الله عنهم بريح عظيمة نبذتها في البحر فنقضوا العهد، فأرسل الله عليهم الدم فصارت مياههم وآبارها وأنهارها دمًا أحمر عبيطًا، حتى كان يجتمع القبطي والإسرائيلي على إناء فيكون ما يليه دمًا وما يلي الإسرائيلي ماء على حاله ويمص الماء من فم الإسرائيلي فيصير دمًا فيه.
ثم إن فرعون أجهده العطش وكانوا يأتونه بأوراق الأشجار الرطبة فيمصها فتصير دمًا عبيطًا أو أجاجًا وكانوا لا يأكلون ولا يشربون سبعة أيام إلا الدم فقال فرعون أقسم بإلهك يا موسى لئن كشفت عنا هذا الدم لنؤمنن لك فدعا فعذب ماؤهم فعادوا لكفرهم إلى أن كان من أمر الغرق ما كان {مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا} حال من مفعول أرسلنا أي أرسلنا عليهم هذه الأشياء حال كونها آيات وعلامات مبينات لا يشكل على عاقل أنها آيات الله ونقمته، وقيل معنى مفصلات مفرقات ومنفصلات بأن فصل بعضها عن بعض بزمان لامتحان أحوالهم هل يعتبرون أو يستمرون على المخالفة والعناد وما كان بين كل اثنتين منها شهر وكان امتداد كل واحدة منها أسبوعًا.
{فَاسْتَكْبَرُوا} أي: تعظموا عن الإيمان بها.
{وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ}. اهـ.

.قال القاسمي:

{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ} أي: على آل فرعون، وأما قوم موسى فلطف تعالى بهم، فلم ينلهم ولا محالهم سوء من الطوفان ولا غيره.
والطوفان لغة هو المطر الغالب، ويطلق على كل حادثة تطيف بالْإِنْسَاْن وتحيط به، فعم الطوفان الصحراء، وأتلف عشبها، كسر شجرها، تواصلت الرعود والبروق، ونيران الصواعق في جميع أرض مصر {وَالْجَرَادَ} فأكل جميع عشب أرض مصر والثمر، مما تركه الطوفان، حتى لم يبق شيء من ثمرة ولا خضرة في الشجرة، ولا عشب في الصحراء {وَالْقُمَّلَ} فعم أرض مصر، وكان على الناس والبهائم، وهو بضم وتشديد كسُكَّر صغار الذر، أو شيء صغير بجناح أحمر، أو دواب صغار من جنس القردان، أو الدبي الذي لا أجنحة له، وهو الجراد الصغار.
قال أبو البقاء: القمّل، يقرأ بالتشديد والتخفيف مع فتح القاف وسكون الميم. قيل: هما لغتان.
قيل: هما القمل المعروف في الثياب ونحوها، والمشدد يكون في الطعام. انتهى.
وردّ ابن سيده، وتبعه المجد في القاموس القول بأن المراد به قمل الناس.
{وَالضَّفَادِعَ} فصعدت من الأنهار والخلج والمناقع، وغطت أرض مصر {وَالدَّمَ} فصارت مياه مصر جميعها دمًا عبيطًا، ومات السمك فيها، وأنتنت الأنهار، ولم يستطع المصريون أن يشربوا منها شيئًا.
{آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ} أي: مبينات لا يشكل على عاقل أنها آيات الله تعالى ونقمته، أو مفرقات بعضها إثر بعض. وآيات حال من المنصوبات قبل.
{فَاسْتَكْبَرُواْ} أي: عن الإيمان، فلم يؤمنوا لموسى، ويرسلوا معه بني إسرائيل: {وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ} أي: عاصين كافرين.
قال الجشمي: تدل الآية على عناد القوم، وإصرارهم على الكفر وجهلهم، حيث عاهدوا في كل آية يأتي بها على صدقه وإثبات العهد، أنهم لا يؤمنون بها وليس هذه عادة من غرضه الحق.
وتدل على ذم من يرى الآيات ولا يتفكر فيها، وتدل على وجوب التدبر في الآيات. انتهى. اهـ.

.قال ابن عاشور:

والفاء في قوله: {فأرسلنا} لتفريع إصابتهم بهذه المصائب على عتوهم وعنادهم.
والإرسال: حقيقته توجيه رسول أو رسالة فيعدى إلى المفعول الثاني بإلى ويضمّن معنى الإرسال من فوق، فيعدى إلى المفعول الثاني بعَلى، قال تعالى: {وأرسل عليهم طيرًا أبابيل} [الفيل: 3]، {وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم} [الذاريات: 41] فحرف على دل على أن جملة أرسلنا مفرعة تفريع العقاب لا تفريغ زيادة الآيات.
والطوفان: السَيْح الغالب من الماء الذي يغمر جهات كثيرة ويطغى على المنازل والمزارع، قيل هو مشتق من الطواف لأن الماء يطوف بالمنازل، أي: تتكرر جريته حولها، ولم يدخل الطوفان الأرض التي كان بها بنو إسرائيل وهي أرض جاسان.
والجراد: الحشرة الطائرة من فصيلة الصرصر والخنافس له أجنحة ستة ذات ألوان صفر وحمر تنتشر عند طيرانه، يكون جنودًا كثيرة يسمى الجند منها رِجْلا.
وهو مهلك للزرع والشجر، يأكل الورق والسنبل ووَرَق الشجر وقشره، فهو من أسباب القحط.
أصاب أرض قوم فرعون ولم يصب أرض بني إسرائيل.
والقُمّلُ: بضم القاف وتشديد الميم المفتوحة في القراءات المشهورة اسم نوع من القراد عظيم يسمى الحُمْنان بضم الحاء المهملة وميم ساكنة ونونين واحدته حمنانة وهو يمتص دم الإنسان وهو غير القَمْل بفتح القاف وسكون الميم الذي هو من الحشرات الدقيقة التي تكون في شعر الرأس وفي جلد الجسد يتكون من تعفن الجلد لوسخه ودسومته ومن تعفن جلد الرأس كثيرًا، أصاب القبط جند كثير من الحمنان عسر الاحتراز عنه ولعله أصاب مواشيَهم.