فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج أحمد وأبو نعيم في الحلية عن مالك بن دينار قال: قرأت في التوراة يا ابن آدم لا تعجز أن تقوم بين يدي في صلاتك باكيًا فإني أنا الله الذي اقترتب لقلبك وبالغيب رأيت نوري. قال مالك: يعني الحلاوة والسرور الذي يجد المؤمن.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن وهب بن منبه قال: أربعة أحرف في التوراة مكتوب من لم يشاور يندم، ومن استغنى استأثر، والفقر الموت الأحمر وكما تدين تدان.
وأخرج أحمد وأبو نعيم عن خيثمة قال: مكتوب في التوراة ابن آدم تفرغ لعبادتي املأ قلبك غنى وأسدّ فقرك، وإن لا تفعل املأ قلبك شغلًا ولا أسد فقرك.
وأخرج أحمد في الزهد عن بيان قال: بلغني أن في التوراة مكتوب ابن آدم كسيرة تكفيك، وخرقة تواريك، وحجر يأويك.
وأخرج أحمد عن وهيب المكي قال: بلغني أنه مكتوب في التوراة يا ابن آدم اذكرني إذا غضبت اذكرك إذا غضبت فلا أمحقك مع من أمحق، وإذا ظلمت فارض بنصرتي لك فإن نصرتي لك خير من نصرتك لنفسك.
وأخرج أحمد عن الحسن بن أبي الحسن قال: انتهت بنو اسرائيل إلى موسى عليه السلام فقالوا: إن التوراة تكبر علينا فأنبئنا بجماع من الأمر فيه تخفيف. فاوحى الله إليه: ما سألك قومك؟ قال: يا رب أنت أعلم. قال: إنما بعثتك لتبلغني عنهم وتبلغهم عني. قال: فإنهم سألوني جماعًا من الأمر فيه تخفيف، ويزعمون أن التوراة تكبر عليهم فقال الله عز وجل: قل لهم لا تظالموا في المواريث، ولا يدخلن عليكم عبد بيتًا حتى يستأذن، وليتوضأ من الطعام ما يتوضأ للصلاة، فاستخفوها يسيرًا ثم إنهم لم يقوموا بها. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك «تقبلوا إلي بستٍ أتقبل لكم بالجنة، من حدث فلا يكذب، ومن وعد فلا يخلف، ومن ائتمن فلا يخون، احفظوا أيديكم وأبصاركم وفروجكم».
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار قال: قرأت في التوراة من يزدد علمًا يزدد وجفًا. وقال: مكتوب في التوراة من كان له جار يعمل بالمعاصي فلم ينهه فهو شريكه.
وأخرج أحمد عن قتادة قال: إن التوراة مكتوبًا يا ابن آدم تذكرني وتنساني، وتدعو إلي وتفر مني، وأرزقك وتعبد غيري.
وأخرج عبد الله وابنه عن الوليد بن عمر قال: بلغني أنه مكتوب في التوراة ابن آدم حرك يديك افتح لك بابًا من الرزق، وأطعني فيما آمرك فما أعلمني بما يصلحك.
وأخرج عبد الله عن عقبة بن زينب قال: في التوراة مكتوب لا تتوكل على ابن آدم فإن ابن آدم لليس ولكن توكل على الحي الذي لا يموت، وفي التوراة مكتوب مات موسى كليم الله فمن ذا الذي لا يموت؟
وأخرج أحمد عن وهب بن منبه قال: وجدت فيما أنزل الله على موسى أن من أحب الدنيا أبغضه الله، ومن أبغض الدنيا أحبه الله، ومن أكرم الدنيا أهانه الله، ومن أهان الدنيا أكرمه الله.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عروة قال: مكتوب في التوراة ليكن وجهك بسطًا وكلمتك طيبة تكن أحب إلى الناس من الذين يعطونهم العطاء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عروة قال: بلغني أنه مكتوب في التوراة كما تَرحمون تُرحمون.
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال: والذي فلق البحر لبني إسرائيل في التوراة مكتوب: يا ابن آدم اتق ربك، وابرر والديك، وصل رحمك، أمدَّ لك في عمرك، وأيسر لك يسرك، واصرف عنك عسرك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن كردوس الثعلبي قال: مكتوب في التوراة اتق توقه إنما التوقي في التقوى، ارحموا ترحموا توبوا يتاب عليكم.
وأخرج الحكيم في نوادر الأصول عن أبي الجوزاء قال: قرأت في التوراة أن سرَّك أن تحيا وتبلغ علم اليقين فاحتمل في كل حين أن تغلب شهوات الدنيا، فإن من يغلب شهوات الدنيا يفرق الشيطان من ظله.
وأخرج الطبراني في السنة وأبو الشيخ عن كعب قال: لما أراد الله أن يكتب لموسى التوراة قال: يا جبريل ادخل الجنة فائتني بلوحين من شجرة الجنة، فدخل جبريل فاستقبلته شجرة من شجر الجنة من ياقوت الجنة، فقطع منها لوحين فتابعته على ما أمره الرحمن تبارك وتعالى، فأتى بهما الرحمن فأخذهما بيده، فعاد اللوحان نورًا لما مسّهما الرحمن تبارك وتعالى، وتحت العرش نهر يجري من نور لا يدري حملة العرش أين يجيء ولا أين يذهب منذ خلق الله الخلق، فلما استمد منه الرحمن جف فلم يجر، فلما كتب لموسى التوراة بيده ناول اللوحين موسى، فلما أخذهما موسى عادًا حجارة، فلما رجع إلى بني إسرائيل والى هارون وهو مغضب أخذ بلحيته ورأسه يجره إليه فقال له هرون: يا ابن آدم {إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني} [الأعراف: 155] ومع ذلك إني خفت أن آتيك فتقول: فرقت بين بني إسرائيل ولم تنتظر قولي، فاستغفر موسى ربه تبارك وتعالى، واستغفر لأخيه وقد تكسرت الألواح لما ألقاها من يده.
وأخرج أحمد في الزهد عن كعب الأحبار. أن موسى عليه السلام كان يقول في دعائه: اللهم ليّن قلبي بالتوراة ولا تجعل قلبي قاسيًا كالحجر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال: سأل موسى جماعًا من العمل؟ فقيل له: انظر ما تريد أن يصاحبك به الناس فصاحب الناس به.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {فخذها بقوّة} قال: بجد وحزم {سأوريكم دار الفاسقين} قال: دار الكفار.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {فخذها بقوّة} قال: بجد {وأمر قومك يأخذوا بأحسنها} قال: أمر موسى أن يأخذوها بأشد مما أمر به قومه.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {فخذها بقوة} قال: إن الله تعالى يحب أن يؤخذ أمره بقوة وجد.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله: {فخذها بقوة} قال: بطاعة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله: {فخذها بقوة} يعني بجد واجتهاد {وأمر قومك يأخذوا بأحسنها} قال: بأحسن ما يجدون منها.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {سأوريكم دار الفاسقين} قال مصيرهم في الآخرة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {دار الفاسقين} قال: منازلهم في الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله: {سأوريكم دار الفاسقين} قال: جهنم.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {سأوريكم دار الفاسقين} قال: رفعت لموسى حتى نظر إليها.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة في قوله: {سأوريكم دار الفاسقين} قال: مصر. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الألواح مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً}.
قوله: {في الألْوَاحِ} يجوز أن تكون لتعريف الماهيَّةِ، وأن تكون للعهد؛ لأنَّهُ يروى في القصَّة أنَّهُ هو الذي قطَّعَهَا وشقَّقَهَا.
وقال ابنُ عطيَّة أل عوض من الضمير، تقديره: في ألواحه، وهذا كقوله: {فَإِنَّ الجنة هِيَ المأوى} [النازعات: 41] أي: مأواه.
أمَّا كاون أل عوضًا من الضَّمير فلا يعرفه البصريون.
وأمَّا قوله: {فَإِنَّ الجنة هِيَ المأوى} فإنَّا نحتاجُ فيه إلى رابطٍ يَرْبِطُ بين الاسم والخبر، والكوفيون: يجعلون أل عوضًا من الضمير.
والبصريون: يُقَدِّرُونَهُ، أي: هي المأوى له، وأما في هذه الآية فلا ضرورة تدعو إلى ذلك.
وفي مفعول {كتبنا} ثلاثةُ أوجهٍ، أحدها: أنَّهُ {موعِظَةً}، أي: كتبنا له مَوْعِظَةٌ وتفْصِيلًا.
و{مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} على هذا فيه وجهان، أحدهما: متعلِّقٌ بـ {كَتَبْنَا} والثاني: أنَّهُ متعلِّقٌ بمحذوف؛ لأنَّهُ في الأصلِ صفةٌ لـ {مَوْعِظَةً} فلمَّا قُدِّم عليها نُصِبَ حالًا، و{لِكُلِّ شيءٍ} صفة لـ {تفصيلًا}.
والثاني: أنَّهُ {مِنْ كُلِّ شَيْءً}.
قال الزمخشريُّ {مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} في محل نصب مفعول {كَتَبْنَا}، و{مَوعِظَةً وتفْصِيلًا} بدل منه، والمعنى: كَتَبْنَا له كُلَّ شيءٍ كان بنو إسرائيل يَحْتَاجُونَ إليه في دينهم من المواعظِ، وتفصيل الأحكامِ وتفصل الحلالِ والحرامِ.
الثالث: أنَّ المفعول محل المجرور.
وقال أبُو حيَّان- بعد ما حكى الوجه الأول عن الحوفي والثَّاني عن الزمخشري-: ويُحْتَمَلُ عندي وجهٌ ثالثٌ، وهو أن يكونَ مفعولُ {كَتَبْنَا} موضع المجرور، كما تقولُ: أكلت من الرغيف و{مِنْ} للتبعيض، أي: كتبنا له أشياء من كُلِّ شيء، وانتصب {مَوْعظَةً وتَفْصِيلًا} على المفعول من أجله، أي: كتبنا له تلك الأشياءَ للاتِّعاظِ وللتفصيل.
قال شهابُ الدِّينِ: والظَّاهِرُ أنَّ هذا الوجه هو الذي أراده الزَّمخشري، فليس وجهًا ثالثًا.
قوله: {بِقُوَّةٍ} حالٌ: إمَّا من الفاعل، أي: ملتبسًا بقوة، وإمَّا من المفعول، أي: ملتبسه بقوة، أَي: بقوَّةِ دلائلها وبراهينها، والأول أوضح.
والجملةُ من قوله: {فَخُذْهَا} يُحتمل أن تكون بدلًا من قوله: {فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ} وعاد الضَّميرُ على معنى ما لا على لفظها.
ويحتمل أن تكونَ منصوبة بقول مضمر، ذلك القولُ منسوقٌ على جملة {كَتَبْنَا} والتقدرُ: وكتبنا فقلنا: خُذْهَا، والضَّميرُ على هذا عائدٌ على الألواحِ أو على التَّوراةِ، أو على الرِّسالاتِ، أو على كُلِّ شيءٍ؛ لأنَّهُ في معنى الأشياء.
قال القرطبيُّ: فكأنَّ اللَّوحَ تلوح فيه المعاني.
ويقال: رجل عظيم الألواح إذا كان كبيرَ عظم اليدين، والرِّجليْنِ.
وقوله: {مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ} فهو كالبيانِ للجملة التي قدمها بقوله: {مِن كُلِّ شَيْءٍ} ثم قال: {فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ} أي: بعزيمةٍ قويةٍ ونيَّةٍ صادقةٍ.
قوله: {وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا}.
الظَّاهِرُ أنَّ يأخُذُوا مَجْزُومٌ جوابًا للأمر في قوله وأمْرُ ولابد من تأويله، لأنَّه لا يلزمُ مِنْ أمره إيَّاهم بذلك أن يأخُذُوا، بدليل عصيانِ بعضهم له في ذلك، فإنَّ شَرْطَ ذلك انحلال الجملتين إلى شرطٍ وجزاءٍ.
مُحَمَّدُ تَفْدِ نَفْسَكَ كُلُّ نَفْسٍ ** إذَا مَا خِفْتَ مِنْ أمْر تبالاَ

وهو مذهبُ الكسائي.
وابن مالك يرى جوازه إذا كان في جواب قُلْ، وهان لم يُذْكَرْ قُلْ، ولكن ذُكر شيءٌ بمعناه؛ لأنَّ معنى وأمُرْ وقُلْ واحد.
قوله: {بِأحْسَنِهَا} يجوزُ أن يكونَ حالًا كما تقدَّم في: {بِقُوَّةٍ}، وعلى هذا فمفعولُ {يَأخُذُوا} محذوفٌ تقديرُه: يَأخُذُوا أنفسهم، ويجُوزُ أن تكون الباء زائدة، وأحسنها مفعول به، والتقديرُ: يأخُذُو أحسنها كقوله: [البسيط]
-.................. ** سُودُ المَحَاجِرِ لا يَقْرَأنَ بالسُّوَرِ

وقد تقدَّم تحقيقه في قوله تعالى: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكة} [البقرة: 195].
وأحسن يجوز أن تكون للتَّفضيل على بابها، وأن لا تكون بل بمعنى حَسَنَة.
كقول الفرزدق: [الكامل]
إنَّ الذي سَمَكَ السَّماءَ بَنَى لَنَا ** بَيْتًا دَعَائِمُهُ أعَزُّ وأطْوَلُ

أي: عزيزةٌ طويلةٌ.
قوله: {سَأُوْرِيكُمْ دَارَ الفاسقين}.
جَوَّزُوا في الرُّؤية هنا أن تكون بصريَّةً، وهو الظَّاهِرُ فتتعدَّى لاثنين، أحدهما: ضمير المخاطبين، والثاني: دَارَ.
والثاني: أنَّها قلبية، وهو منقولٌ عن ابن زيد وغيره، والمعنى: سأعْلِمُكُمْ سَيْرَ الأولين وما حَلَّ بهم من النَّكَالِ: وقيل: {دَارَ الفاسِقِينَ} ما دَارَ إليه أمرهم، وذلك لا يُعْلم إلا بالإخبار والإعلام.