فصل: فصل من بشائر صفينا من أنبياء بني إسرائيل:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وفي الفصل الحادي والعشرين منه أيضا أن الضعفاء والمساكين يستسقون ماء ولا ماء لهم فقد جفت ألسنتهم من الظمأ وأنا الرب أجيب يومئذ دعوتهم ولن أهملهم بل أفجر لهم في الجبال الأنهار وأجري بين القفار والعيون وأحدث في البدو أجساما وأجرى في الأرض العطشى ماء معينا وأنبت في البلاقع القفار الصنوبر والآس والزيتون وأغرس في القاع الصفصف البر ليروها جميعا ثم يتدبروا ويعلموا أن يد الله صنعت ذلك وقدوس إسرائيل ابتدعه وهذه صفات بلاد العرب فيما أحدث الله تعالى لهم فيها بإسلامهم فصل ومن بشائر يوال بن نوتال من أنبياء بني إسرائيل.
مثل الصبح المسلط على الجبال شعب عظيم عزيز لم يكن مثله قط ولا يكون بعده مثله إلى أبد الأبد أمامه نار تتأجج وخلفه لهيب وتلتهب الأرض بين يديه مثل فردوس عدن فإذا جاز فيها وعبرها تركها برية خاوية رؤيته كرؤية الجبل رجالته فر سراع مثل الفرسان أصواتهم كصوت لهب النار الذي يحرق الهشيم رجفت الأرض أمامهم وتزعزعت السماء وأظلمت الشمس وغاب نور النجوم والرب أسمع صوتا بين يدي أجناده لأن عسكره كثيرا جدا وعمل قوله عزيز لأن نور الرب عظيم مرهوب جدا وهذا نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فصل من بشائر عوبديا من أنبياء بني إسرائيل.
وفي كتابه قد سمعنا خبرا من قبل الرب وأرسل رسولا إلى الشعوب ثم يتقدم إليه بالحرب أيها الساكن في بحر الكهف ومحله في الموضع الأعلى لأن يوم الرب قريب من جميع الشعوب فهذا مرموز في نبوته فصل من بشائر ميخاء من أنبياء بني إسرائيل في كتابه.
فأما الآن فسيتسلم إلى الوقت الذي تلد فيه الوالدة ويقوم فيرعاهم يعني الرب وبكرامة اسم الله ربه ويقبلون بهم إلى من سيعظم سلطانه إلى أقطار الأرض ويكون على عهده الإسلام فصل من بشائر حبقوق من أنبياء بني إسرائيل جاء الله من طور سيناء واستعلن القدوس من جبال فاران وانكسفت لبهاء محمد وانخسفت من شعاع المحمود وامتلأت الأرض من محامده لأن شعاع منظره.
مثل النور يحفظ بلده بعده وتسير المنايا أمامه وتصحب سباع الطير أجناده قام فمسح الأرض وبحث عنهم فتصفصفت الجبال القديمة واتضعت الروابي الدهرية وتزعزع سور أرض مدين ولقد جاز المساعي القديمة قطع الرأس من حب الأثيم ودمغت رؤوس سلاطينه بغضبه ومعلوم أن محمدا وأحمدا ومحمودا صريح في اسمعه وهما يتوجهان إلى من انطلق عليه اسم المحمد وهو بالسريانية موشيحا أي محمد ومحمود ولهذا إذا أراد السرياني أن يحمد الله تعالى قال شريحا لإلهنا فصل من بشائر حزقيال من أنبياء بني إسرائيل في كتابه إن الذي يظهر من البادية فيكون فيه حتف اليهود كالكرمة أخرجت ثمارها وأغصانها عن مياه كثيرة وتفرعت منها أغصان مشرقة على أغصان الأكابر والسادات وبسقت فلم تلبث تلك الكرمة أن قلعت بالسخطة وضرب بها على الأرض فأخرجت ثمارها وأتت نار فأكلتها فكذلك غرس في البدو وفي الأرض المهملة المعطلة العطشى وخرج من أغصانه الفاضلة نار فأكلت ثمار تلك حتى لم يبق منها عصا قوية ولا قضيب ينهض بأمر السلطان.

.فصل من بشائر صفينا من أنبياء بني إسرائيل:

في كتابه أيها الناس ترجوا اليوم الذي أقوم فيه للشهادة فقد حان أن أظهر حكمي بحشر الأمم وجميع الملوك لأصب عليهم سخطي وتكبري هناك أجدد للأمم اللغة المختارة ليرفعوا اسم الرب جميعا وليعبدوه في ربقة واحدة معا وليأتوا بالذبائح من مغاراتها تكون ومعلوم أن اللغة العربية هي المختارة لأنها طبقت الأرض وانتقلت أكثر اللغات إليها حتى صار ما عداها نادرا فصل من بشائر زكريا بن يوحنا من أنبياء بني إسرائيل.
في كتابه رجع الملك الذي ينطق على لساني وأيقظني كالرجع الذي يستيقظ من نومه وقال لي ما الذي رأيت فقلت منارة من ذهب وكفة على رأسها ورأيت على الكفة سبعة سرج لكل سراج منها سبعة أفواه وفوق الكفة شجرتا زيتون إحداهما عن يمين الكفة والأخرى عن يسارها فقلت للملك الذي ينطق على لساني ما هذه يا سيدي فرد الملك علي وقال لي أما تعلم ما هذه فقلت ما أعلم فقال لي هذا قول الرب في زربابال يعني محمدا وهو يدعى باسمي وأنا أستجيب له للنصح والتطهير وأصرف عن الأرض أنبياء الزور والأرواح النجسة لا بقوة ولا بعز ولكن بروحي بقول الرب القوي ويعني بشجرتي الزيتون الدين والملك وزربابال هو محمد صلى الله عليه وسلم.

.فصل من بشائر دانيال من أنبياء بني إسرائيل:

في كتابه رأيت على سحاب السماء المسمى كهيئة إنسان جاء فانتهى إلى عتيق الإمام وقدموه بين يديه فحوله الملك والسلطان والكرامة أن تعبد له جميع الشعوب والأمم واللغات سلطانه دائم إلى الأبد له يتعبد كل سلطان ويمضي ألفان وثلثمائة ينقضي عقاب الذنوب يقوم ملك منيع الوجه في سلطانه عزيز القوة لا تكون عزته تلك بقوة نفسه وينجح فيما يريد ويجوز في شعب الأطهار ويهلك الأعزاء ويؤتى بالحق الذي لم يزل قبل العالمين وفي هذا دليل على أمرين أحدهما صدق الخبر لوجوده على حقه والثاني صحة نبوته لظهور الخبر في صحته فصل من بشائره في رؤيا بختنصر.
وهو أن بختنصر رأى في السنة الثانية من ملكه رؤيا ارتاع منها ونسيها فأحضر من في ممالكه من الكهنة والمنجمين وكان قد ملك الأقاليم السبعة وسألهم عن الرؤيا وتأويلها فقالوا له اذكرها لنا حتى نذكر تأويلها لك فأمر بقتلهم إن لم يذكروها وتأويلها.
وكان دانيال النبي قد سباه من اليهود فاستمهل في أمرهم ورغب إلى الله تعالى في إطلاعه على الرؤيا وتأويلها فأطلعه الله تعالى على ذلك فأتى بختنصر وقال أيها الملك إنك كلفت هؤلاء ما لا يعلمه إلا الله وقد رغبت إليه فأطلعني عليه ورؤياك التي رأيتها أن قلبك جاش واختلج بما يحدث بعدك في آخر الزمان فعرفك مبدي السرائر ما يكون إنك أيها الملك رأيت صنما عظيما قائما قبالتك له منظر رائع رأسه من الذهب الإبريز وصدره وذراعاه من فضة وفخذاه من نحاس وساقاه من حديد وبعض رجليه من حديد وبعضها من خزف ورأيت حجرا انقطع من جبل عظيم بغير يد إنسان فضرب ذلك الصنم فهشمه حتى صار كالرماد ألوت به ريح عاصف حتى لم يعرف له مكان ثم عظم الحجر الصلد الذي صك الصنم حتى صار جبلا عظيما امتلأت منه الأرض كلها فهذه الرؤيا وأنا معبرها أما الصنم فهم الملوك فأنت الرأس الذهب ويقوم من بعدك من هو دونك ألين منك.
فأما المملكة الثالثة التي هي مثل النحاس فتسقط على الأرض كلها وأما المملكة الرابعة التي هي مثل الحديد فتكون عزيزة كما أن الحديد يهشم الجميع فكذلك هذه تسحق وتغلب الكل.
وأما الأرجل والأصابع التي رأيت أن منها من خزف الفخار ومنها من حديد فإن المملكة تكون مختلفة ومتفرقة يكون منها أصل من جوهر الحديد وخلط من خزف الفخار فيكون بعض المملكة قويا وبعضها واهيا كسيرا لا يأتلف بعضها ببعض كما لا يختلط الحديد بالخزف.
وأما الحجر الواقع من الجبل فإن إله السماء يرسل مملكة من عنده لأنه لم تقطع الحجر يد إنسان في زمان هذه الممالك يهلكها ويبقى إلى آخر الدهر ولا يكون لأمة أخرى مملكة ولا سلطان إلا دقة كما يدق الحجر الحديد والنحاس والفضة والذهب فعرفك الله العظيم ما يكون بعدك في آخر الأيام فهذه رؤياك وتأويلها.
فخر بختنصر على وجهه ساجدا لدانيال وقال إن إلهكم هذا هو إله الآلهة ورب الأملاك حقا وهو مبدي السرائر وجعل دانيال رأسا مؤمرا على أرض بابل ومعلوم أنه لم يرسل الله تعالى سلطانا أزال به الممالك وملأ به الأرض ودام له الأمر إلا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم فصل من بشائر أرميا بن برخنا من أنبياء بني إسرائيل في أيام بختنصر لما قتل أهل الرس نبيهم قال ابن عباس أمر الله تعالى أن يأمر بختنصر أن يغزو العرب الذين لا أغلاق لبيوتهم فيقتلهم بما صنعوا بنبيهم فأمره بذلك فدخل بختنصر بلاد العرب فقتل وسبى حتى انتهى إلى تهامة فأتى بمعد بن عدنان فأمر بقتله فقال له النبي لا تفعل فإن في صلب هذا نبيا يبعث في آخر الزمان يختم الله به الأنبياء فخلى سبيله وحمله معه حتى أتى حصونا باليمن فهدمها وقتل أهلها وزوج معدا بأجمل امرأة منهم في زمانها وخلفه بتهامة حتى نسل بها قال ابن عباس وفي ذلك نزل قوله تعالى: {وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين}.

.فصل من بشائر داود في الزبور:

سبحان الذي هيكله الصالحون يفرح إسرائيل بخالقه وبيوت صيفون من أجل الله اصطفى له أمته وأعطاه النصر وسدد الصالحين منه بالكرامة يسبحونه على مضاجعهم ويكبرون الله بأصوات مرتفعة بأيديهم سيوف ذوات شفرتين لينتقموا من الأمم الذين لا يعبدونه يوثقون ملوكهم بالقيود وأشرافهم بالأغلال ومعلوم أن سيوف العرب هي ذوات الشفرتين ومحمد هو المنتفم بها من الأمم.
وفيه أن الله أظهر من صيفون أكليلا محمودا وصيفون العرب والأكليل النبوة ومحمود هو محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي مزمور آخر منه أنه يجوز من بحر إلى بحر ومن لدن الأنهار إلى الأنهار إلى منقطع الأرض وأن تخر أهل الجزائر بين يديه على ركبهم وتلحس أعداؤه التراب تأتيه الملوك بالقرابين وتسجد وتدين له الأمم بالطاعة والإنقياد لأنه يخلص المضطهد البائس ممن هو أقوى منه وينقذ الضعيف الذي لا ناصر له ويرأف بالضعفاء والمساكين وأنه يعطي من ذهب بلاد سبأ ويصلى عليه في كل وقت ويبارك عليه في كل يوم ويدوم ذكره إلى الأبد ومعلوم أنه لم يكن هذا إلا لمحمد صلى الله عليه وسلم.
وفي مزمور آخر قال داود اللهم ابعث جاعل السنة حتى يعلم الناس أنه بشر أي ابعث نبيا يعلم الناس أن المسيح بشر لعلم داود أن قوما سيدعون في المسيح ما ادعوه وهذا هو محمد صلى الله عليه وسلم فصل من بشائر المسيح به في الإنجيل.
قال المسيح عليه السلام للحواريين أنا ذاهب وسيأتيكم البارقليط روح الحق الذي لا يتكلم من قبل نفسه إلا كما يقال له وهو يشهد علي وأنتم تشهدون لأنكم معي من قبل الناس وكل شيء أعده الله لكم يخبركم به.
وفي نقل يوحنا عنه أن البارقليط لا يجيئكم ما لم أذهب فإذا جاء وبخ العالم على الخطيئة ولا يقول من تلقاء نفسه شيئا ولكنه مما يسمع به يكلمكم ويسوسكم بالحق ويخبركم بالحوادث والغيوب.
وفي نقل آخر عنه أن البارقليط روح الحق الذي يرسله باسمي هو يعلمكم كل شيء إني سائل أن يبعث إليك بارقليط آخر يكون معكم إلى الأبد وهو يعلمكم كل شيء.
وفي نقل آخر عنه أن البشير ذاهب والبارقليط بعده يحيي لكم الأسرار ويقيم لكم كل شيء وهو يشهد لي كما شهدت له فإني لأجيئكم بالأمثال وهو يأتيكم بالتأويل والبارقليط بلغتهم لفظ من الحمد وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أحمد وأنا محمود وأنا محمد.
فهذه من بشائر الأنبياء عن الكتب الإلهية المتناصرة بصحة نبوته المتواترة الأخبار بانتشار دعوته وتأييد شريعته ولعل ما لم يصل إلينا منها أكثر فمنهم من عينه باسمه ومنهم من ذكره بصفته ومنهم من عزاه إلى قومه ومنهم من أضافه إلى بلده ومنهم من خصه بأفعاله ومنهم من ميزه بظهوره وانتشاره وقد حقق الله تعالى جميعها فيه حتى صار جليا بعد الاحتمال ويقينا بعد الارتياب.
فإن قيل مجيء الأنبياء موضوع لمصالح العالم وهم مأمورون بالرأفة والرحمة ومحمد جاء بالسيف وسفك الدماء وقتل النفوس فصار منافيا لما جاء به موسى وعيسى فزال عن حكمهما في النبوة لمخالفتهما في السيرة فعنه ثلاثة أجوبة:
أحدها أن الله تعالى بعث كل نبي بحسب زمانه فمنهم من بعثه بالسيف لأن السيف أنجع ومنهم من بعثه باللطف لأن اللطف أنفع كما خالف بين معجزاتهم بحسب أزمانهم فبعث موسى بالعصا في زمان السحر وبعث عيسى بإحياء الموتى في زمان الطب وبعث محمد بالقرآن في زمان الفصاحة لأن الناس في بدء أمرهم يتعاطفون مع القلة ثم يتنافرون ويتحاسدون مع الكثرة ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نجا أول هذه الأمة باليقين والزهد ويهلك آخرها بالبخل والأمل.