فصل: فَصْلٌ فِي مَعْنَى اتِّبَاعِ الرَّسُولِ وَمَوْضُوعِهِ وَلَوَازِمِهِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ثُمَّ وَصَفَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ نَفْسَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ وَتَوْحِيدِ الْأُلُوهِيَّةِ وَبِالْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ فَقَالَ: الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يَحْيَى وَيُمِيتُ وَالْمُرَادُ بِمُلْكِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ: التَّصَرُّفُ وَالتَّدْبِيرُ فِي الْعَالَمِ كُلِّهِ، لِمَا جَرَى عَلَيْهِ عُرْفُ الْبَشَرِ مِنْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ هِيَ الْعَوَالِمُ الَّتِي تَعْلُو هَذِهِ الْأَرْضَ الَّتِي يَعِيشُونَ فِيهَا، وَصَاحِبُ الْمُلْكِ وَالتَّصَرُّفِ وَالتَّدْبِيرِ فِيهِمَا هُوَ رَبُّهُمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ وَهُوَ وَاحِدٌ، وَلَوْ كَانَ لِغَيْرِهِ تَصَرَّفٌ لَتَعَارَضَ مَعَ تَصَرُّفِهِ، وَفَسَدَ النِّظَامُ الْعَامُّ؛ فَإِنَّ وَحْدَةَ النِّظَامِ فِي جُمْلَةِ الْمَخْلُوقَاتِ وَعَدَمِ التَّفَاوُتِ وَالتَّعَارُضِ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى وَحْدَةِ مَصْدَرِهَا وَتَدْبِيرِهَا، وَإِذَا كَانَ رَبُّ الْخَلَائِقِ وَاحِدًا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَعْبُودَ وَحْدَهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَالتَّوْحِيدُ بِقِسْمَيْهِ، تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ بِالْإِيمَانِ وَتَوْحِيدِ الْأُلُوهِيَّةِ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ- أَيْ عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ- هَمَّا أَصْلُ الدِّينِ وَأَسَاسُهُ، وَالرُّكْنُ الْأَوَّلُ لِعَقَائِدِهِ، وَقَدِ اقْتَرَنَ بِرِسَالَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ الرُّكْنُ الثَّانِي، وَأَمَّا وَصْفُهُ تَعَالَى بِالْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ، وَهُوَ بَعْضُ تَصَرُّفِ الرَّبِّ فِي خَلْقِهِ فَيَتَضَمَّنُ عَقِيدَةَ الْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ الَّتِي هِيَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ مِنْ أَرْكَانِ الْإِيمَانِ، فَقَدْ أُدْمِجَتْ فِي دَعْوَى الرِّسَالَةِ أَرْكَانُ الدِّينِ الثَّلَاثَةُ- وَهُوَ مِنْ إِيجَازِ الْقُرْآنِ الْغَرِيبِ- وَبَنَى عَلَى ذَلِكَ الدَّعْوَةَ إِلَى الْإِيمَانِ عَلَى طَرِيقَةِ التَّفْرِيعِ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ بَلِ الْأُصُولِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: {فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ} أَيْ: فَآمَنُوا يَا أَيُّهَا النَّاسُ مِنْ جَمِيعِ الْأُمَمِ بِاللهِ الْوَاحِدِ فِي رُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ الَّذِي يُحْيِي كُلَّ مَا تُحِلُّهُ الْحَيَاةُ فِي الْعَالَمِ، وَيُمِيتُ كُلَّ مَا يَعْرِضُ لَهُ الْمَوْتُ بَعْدَ الْحَيَاةِ، وَهَذَا أَمْرٌ يَتَجَدَّدُ كُلَّ يَوْمٍ فَتُشَاهِدُونَهُ، وَمَثَلُهُ الْبَعْثُ الْعَامُّ بَعْدَ الْمَوْتِ الْعَامِّ وَخَرَابِ هَذَا الْعَالِمِ، وَآمَنُوا بِرَسُولِهِ الْإِيمَانَ الْمُطْلَقِ الْمُمْتَازِ بِأَنَّهُ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ الَّذِي بَعَثَهُ فِي الْأُمِّيِّينَ الْعَرَبِ رَسُولًا إِلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ، وَيُزَكِّيهِمْ وَيُطَهِّرُهُمْ مِنْ خُرَافَاتِ الشِّرْكِ وَالرَّذَائِلِ وَالْجَهْلِ وَالتَّفَرُّقِ وَالتَّعَادِي بِعَصَبِيَّاتِ الْأَجْنَاسِ وَاللُّغَاتِ وَالْأَوْطَانِ؛ لِيَكُونُوا بِهِدَايَتِهِ أُمَّةً وَاحِدَةً يَتَحَقَّقُ بِهَا الْإِخَاءُ الْبَشَرِيُّ الْعَامُّ، وَقَدْ بَشَّرَ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ الْكِرَامُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ؛ لِأَنَّهُ الْمُتِمُّ الْمُكَمِّلُ لِمَا بُعِثُوا بِهِ مِنْ هِدَايَةِ الْأَقْوَامِ، وَأُمِّيَّتُهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَعْظَمِ مُعْجِزَاتِهِ، وَأَيَّةٌ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَى الرِّسَالَةِ أَقْوَى وَأَظْهَرُ مِنْ تَعْلِيمِ الْأُمِّيِّ الَّذِي لَمْ يَتَعَلَّمْ شَيْئًا لِجَمِيعِ الْأُمَمِ مَا فِيهِ صَلَاحُهُمْ وَفَلَاحُهُمْ مِنَ الْعُلُومِ وَالْحِكَمِ؟!.
الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ أَيْ: يُؤْمِنُ بِمَا يَدْعُوكُمْ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ مِنْ تَوْحِيدِ اللهِ تَعَالَى وَكَلِمَاتِهِ التَّشْرِيعِيَّةِ الَّتِي أَنْزَلَهَا لِهِدَايَةِ خَلْقِهِ، وَهِيَ مَظْهَرُ عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَكَلِمَاتِهِ التَّكْوِينِيَّةِ الَّتِي هِيَ مَظْهَرُ إِرَادَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَبَعْدَ أَمْرِهِمْ بِالْإِيمَانِ أَمَرَهُمْ بِالْإِسْلَامِ فَقَالَ: وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ أَيْ: وَاتَّبِعُوهُ بِالْإِذْعَانِ الْفِعْلِيِّ لِكُلِّ مَا جَاءَكُمْ بِهِ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ فِعْلًا وَتَرْكًا، رَجَاءَ اهْتِدَائِكُمْ بِالْإِيمَانِ وَبِاتِّبَاعِهِ لِمَا فِيهِ سَعَادَتُكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَثَمَرَةُ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ اهْتِدَاءُ صَاحِبِهِمَا وَوُصُولِهِ بِالْفِعْلِ لِسَعَادَةِ الدَّارَيْنِ كَمَا فَصَّلْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَدَلِيلُهُ الْفِعْلِيُّ فِي الدُّنْيَا أَنَّهُ مَا آمَنَ قَوْمٌ بِنَبِيٍّ إِلَّا وَكَانُوا بَعْدَ الْإِيمَانِ بِهِ خَيْرًا مِمَّا كَانُوا قَبْلَهُ مِنْ هَنَاءِ الْمَعِيشَةِ وَالْعِزَّةِ وَالْكَرَامَةِ فِي دُنْيَاهُمْ، وَأَظْهَرُ التَّوَارِيخِ وَأَقْرَبُهَا عَهْدًا تَارِيخُ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ، وَمِنَ الْعَجَائِبِ أَنْ يَصِلَ بِهِمُ الْجَهْلَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى تَرْكِ هَذِهِ الْهِدَايَةِ الَّتِي نَالُوا بِهَا الْمُلْكَ الْعَظِيمَ وَالْعِزَّ وَالسُّؤْدُدَ وَالْغِنَى وَالْحَضَارَةَ، وَأَعْجَبُ مِنْهُ أَنْ يَزُولَ الْمَعْلُولُ بِزَوَالٍ عِلَّتِهِ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ بِهِ فَيَعُودُوا إِلَيْهِ وَأَعْجَبُ مِنْ هَذَيْنِ أَنْ يَصِلَ بِهِمُ الْجَهْلُ إِلَى أَنْ يَعْتَقِدَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي هَذَا الْعَصْرِ أَنَّ هِدَايَةَ الْإِسْلَامِ الَّتِي سَعِدُوا بِهَا ثُمَّ شَقُوا بِتَرْكِهَا هِيَ سَبَبُ هَذَا الشَّقَاءِ الْأَخِيرِ لَا تَرْكَهَا.

.فَصْلٌ فِي مَعْنَى اتِّبَاعِ الرَّسُولِ وَمَوْضُوعِهِ وَلَوَازِمِهِ:

قَوْلُهُ تَعَالَى هُنَا: {وَاتَّبِعُوهُ} أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا: {وَاتَّبِعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ} فَتِلْكَ فِي اتِّبَاعِ الْقُرْآنِ خَاصَّةً، وَهَذِهِ تَشْمَلُ اتِّبَاعَهُ صلى الله عليه وسلم فِيمَا شَرَعَهُ مِنَ الْأَحْكَامِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَعْطَاهُ ذَلِكَ، وَأَذِنَ لَهُ بِهِ، وَاتِّبَاعَهُ فِي اجْتِهَادِهِ وَاسْتِنْبَاطِهِ مِنَ الْقُرْآنِ إِذَا كَانَ تَشْرِيعًا- كَتَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ الْمَنْصُوصِ فِي الْقُرْآنِ- وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ اتِّبَاعُهُ فِيمَا كَانَ مِنْ أُمُورِ الْعَادَاتِ كَحَدِيثِ: كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ طَيِّبٌ مُبَارَكٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَرَوَاهُ غَيْرُهُمَا بِأَلْفَاظٍ أُخْرَى وَأَسَانِيدُهُ ضَعِيفَةٌ، وَحَدِيثُ كُلُوا الْبَلَحَ بِالتَّمْرِ إِلَخْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ عَنْ عَائِشَةَ وَصَحَّحُوهُ؛ فَإِنَّ هَذَا مِنْ أُمُورِ الْعَادَاتِ الَّتِي لَا قُرْبَةَ فِيهَا وَلَا حُقُوقَ تَقْتَضِي التَّشْرِيعَ بِخِلَافِ حَدِيثِ: كُلُوا لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ وَادَّخِرُوا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَقَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ، فَإِنَّ الْأَضَاحِيَّ مِنَ النُّسُكِ وَالْأَكْلَ مِنْهَا سُنَّةٌ فَأَمَرَ الْمُضَحِّيَ بِهِ لِلنَّدْبِ، وَادِّخَارُهَا جَائِزٌ لَهُ، لَوْلَا الْأَمْرُ بِهِ لَظُنَّ تَحْرِيمُهُ أَوْ كَرَاهَتُهُ لِعَلَاقَةِ الْأَضَاحِيِّ بِالْعِيدِ فَهِيَ ضِيَافَةُ اللهِ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ فِي أَيَّامِ الْعِيدِ، فَالتَّشْرِيعُ إِمَّا عِبَادَةٌ أُمِرْنَا بِالتَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِهَا وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا، وَإِمَّا مَفْسَدَةٌ نُهِينَا عَنْهَا اتِّقَاءً لِضَرَرِهَا فِي الدِّينِ كَدُعَاءِ غَيْرِ اللهِ فِيمَا لَيْسَ مِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي يَتَعَاوَنُ عَلَيْهَا النَّاسُ، وَكَأَكْلٍ الْمَذْبُوحِ لِغَيْرِ اللهِ وَتَعْظِيمِ غَيْرِ اللهِ بِمَا شَرَعَ تَعْظِيمَ اللهِ بِهِ مِنَ الذَّبْحِ لَهُ وَالْحَلِفِ بِاسْمِهِ- أَوْ لِضَرَرِهَا فِي الْعَقْلِ أَوِ الْجِسْمِ أَوِ الْمَالِ أَوِ الْعِرْضِ أَوِ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ- وَإِمَّا حُقُوقٌ مَادِّيَّةٌ أَوْ مَعْنَوِيَّةٌ أُمِرْنَا بِأَدَائِهَا إِلَى أَهْلِهَا كَالْمَوَارِيثِ وَالنَّفَقَاتِ وَمُعَاشَرَةِ الْأَزْوَاجِ بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ أُمِرْنَا بِالْتِزَامِهَا لِضَبْطِ الْمُعَامَلَاتِ كَالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ، وَبِإِدْخَالِ حُكْمِ الِاسْتِحْبَابِ وَحُكْمِ كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ فِي التَّشْرِيعِ تَتَّسِعُ أَحْكَامُهُ فِي أُمُورِ الْعَادَاتِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي:
لَيْسَ مِنَ التَّشْرِيعِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ امْتِثَالُ الْأَمْرِ وَاجْتِنَابُ النَّهْيِ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ اللهِ تَعَالَى، وَلَا لِخَلْقِهِ لَا جَلْبُ مَصْلَحَةٍ وَلَا دَفْعُ مَفْسَدَةٍ كَالْعَادَاتِ وَالصِّنَاعَاتِ وَالزِّرَاعَةِ وَالْعُلُومِ وَالْفُنُونِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى التَّجَارِبِ وَالْبَحْثِ، وَمَا يَرِدُ فِيهَا مِنْ أَمْرٍ وَنَهْيٍ يُسَمِّيهِ الْعُلَمَاءُ إِرْشَادًا لَا تَشْرِيعًا إِلَّا مَا تَرَتَّبَ عَلَى النَّهْيِ عَنْهُ وَعِيدٌ كَلُبْسِ الْحَرِيرِ.
وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُ الصَّحَابَةِ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- أَنَّ إِنْكَارَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِبَعْضِ الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى التَّجَارِبِ لِلتَّشْرِيعِ كَتَلْقِيحِ النَّخْلِ فَامْتَنَعُوا عَنْهُ فَأَشَاصَ خَرَجَ ثَمَرُهُ شِيصًا أَيْ رَدِيئًا أَوْ يَابِسًا فَرَاجَعُوهُ فِي ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ قَالَ مَا قَالَ عَنْ ظَنٍّ وَرَأْيٍ لَا عَنِ التَّشْرِيعِ، وَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ» وَالْحَدِيثُ مَعْرُوفٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَحِكْمَتُهُ تَنْبِيهُ النَّاسِ إِلَى أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْمَعَاشِيَّةِ كَالزِّرَاعَةِ وَالصِّنَاعَةِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا لِذَاتِهَا تَشْرِيعٌ خَاصٌّ بَلْ هِيَ مَتْرُوكَةٌ إِلَى مَعَارِفَ النَّاسِ وَتَجَارِبِهِمْ.
وَكَانُوا يُرَاجِعُونَهُ أَيْضًا فِيمَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِمْ أَهْوَ مِنْ رَأْيِهِ صلى الله عليه وسلم وَاجْتِهَادِهِ الدُّنْيَوِيِّ أَوْ بِأَمْرٍ مِنَ اللهِ تَعَالَى؟، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَشْرِيعًا كَسُؤَالِهِ عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي اخْتَارَهُ لِلنُّزُولِ فِيهِ يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ لَهُ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ رضي الله عنه أَهَذَا مُنْزِلٌ أَنْزَلَكَهُ اللهُ لَيْسَ لَنَا مُتَقَدَّمٌ عَنْهُ وَلَا مُتَأَخَّرٌ؟ أَمْ هُوَ الرَّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ؟ فَلَمَّا أَجَابَهُ بِأَنَّهُ رَأْيٌ لَا وَحْيٌ، وَأَنَّ الْمُعَوِّلَ فِيهِ عَلَى الْمَصْلَحَةِ وَمَكَايِدِ الْحَرْبِ أَشَارَ بِغَيْرِهِ فَوَافَقَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَإِذَا اشْتَبَهَ عَلَى بَعْضِ الصَّحَابَةِ بَعْضُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فَغَيْرُهُمْ أَوْلَى بِأَنْ يَعْرِضَ لَهُمُ الِاشْتِبَاهُ فِي كَثِيرٍ مِنْهَا، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُبَيِّنُ لِأُولَئِكَ الْحَقَّ فِيمَا اشْتَبَهُوا فِيهِ، وَمَنْ ذَا يُبَيِّنُ ذَلِكَ مِنْ بَعْدِهِ؟ وَلَوْ لَمْ يَتَّخِذِ النَّاسُ اجْتِهَادَ الْعُلَمَاءِ مِنْ بَعْدِهِ دِينًا يُوجِبُونَ اتِّبَاعَهُ لَهَانَ الْأَمْرُ، وَلَكِنَّ اتِّخَاذَهُ دِينًا قَدْ كَثُرَتْ بِهِ التَّكَالِيفُ، وَوَقَعَ الْمُسْلِمُونَ بِهِ فِي حَرَجٍ عَظِيمٍ فِي الْأَزْمِنَةِ الَّتِي ضَعُفَ فِيهَا الِاتِّبَاعُ، فَثَقُلَتْ عَلَى الطِّبَاعِ فَصَارُوا يَتْرُكُونَ مَا ثَقُلَ عَلَيْهِمْ مِنْهَا، وَجَرَّأَهُمْ ذَلِكَ عَلَى تَرْكِ الْمَشْرُوعِ الْقَطْعِيِّ الَّذِي لَا حَرَجَ وَلَا عُسْرَ فِيهِ، ثُمَّ جَرَّهُمْ ذَلِكَ إِلَى تَرْكِ بَعْضِهِمْ لِلدِّينِ كُلِّهِ، وَدَعْوَةِ غَيْرِهِمْ إِلَى ذَلِكَ، وَالْجَامِدُونَ مِنْ مُقَلِّدَةِ الْفِقْهِ الْمُتَشَدِّدِينَ فِي إِلْزَامِ الْأُمَّةِ التَّدَيُّنَ بِاجْتِهَادِ الْفُقَهَاءِ لَا يَشْعُرُونَ بِهَذِهِ الْعَاقِبَةِ السُّوءِ وَلَا يُبَالُونَ إِذَا أَشْعَرَهُمُ الْمُصْلِحُونَ.
مِثَالُ مَا شَدَّدَ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ صَبْغُ الشَّيْبِ بِالسَّوَادِ، وَهُوَ مِنَ الْأُمُورِ الْعَادِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالزِّينَةِ الْمُبَاحَةِ إِذْ لَا تَعَبُّدَ فِيهِ وَلَا حُقُوقَ لِلَّهِ وَلَا لِلنَّاسِ، إِلَّا مَا قَدْ يَعْرِضُ فِيهِ وَفِي مِثْلِهِ كَالزِّيِّ مِنْ كَوْنِ فِعْلِهِ أَوْ تَرْكِهِ صَارَ خَاصًّا بِالْكُفَّارِ، وَفَعَلَهُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ تَشَبُّهًا بِهِمْ أَوْ صَارَ بِفِعْلِهِ لَهُ مُشَابِهًا لَهُمْ بِحَيْثُ يُعَدُّ مِنْهُمْ، وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ مَعْنَوِيٌّ وَسِيَاسِيٌّ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْبَاحِثِينَ فِي سُنَنِ الِاجْتِمَاعِ مِنْ كَوْنِ الْمُتَشَبِّهِ بِقَوْمٍ تَقْوَى عَظَمَتُهُمْ فِي نَفْسِهِ مِنْ حَيْثُ تَضْعُفُ فِيهَا رَابِطَتُهُ بِقَوْمِهِ وَأَهْلِ مِلَّتِهِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي صَبْغِ الشَّيْبِ أَخْبَارٌ وَآثَارٌ يَدُلُّ بَعْضُهَا عَلَى اسْتِحْبَابِهِ عَادَةً لَا عِبَادَةً وَلَوْ بِالسَّوَادِ، وَفَهِمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمَا اسْتِحْبَابَهُ شَرْعًا، وَفَهِمَ آخَرُونَ مِنْ بَعْضٍ آخَرَ كَرَاهَتِهِ بِالسَّوَادِ بَلْ قَالَ الْمُتَشَدِّدُونَ مِنْهُمْ بِتَحْرِيمِهِ، فَصَارَ الْمُقَلِّدُونَ لَهُمْ يُنْكِرُونَ عَلَى فَاعِلِهِ، وَيَعُدُّونَهُ عَاصِيًا لِلَّهِ تَعَالَى، فَخَالَفُوا هَدْيَ السَّلَفِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَفِي الْقَاعِدَةِ الْعَامَّةِ وَهِيَ عَدَمُ الْإِنْكَارِ فِي الْمَسَائِلِ الِاجْتِهَادِيَّةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْخِلَافُ.
فَمِنَ الْأَخْبَارِ فِي الْمَسْأَلَةِ مَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ أَبَا قُحَافَةَ وَالِدَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه جَاءَ أَوْ أُتِيَ بِهِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ» فَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيَّةُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى تَحْرِيمِ الصَّبْغِ بِالسَّوَادِ، مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي وَاقِعَةِ عَيْنٍ تَتَعَلَّقُ بِأَمْرٍ عَادِيٍّ فَلَا هِيَ مِنْ مَسَائِلِ الْحَرَامِ وَالْحَلَالِ، وَلَا مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي يُعْتَبَرُ فِيهَا الْعُمُومُ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْأُصُولِ، وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ مُعَارَضَةٌ بِإِطْلَاقِ الْأَمْرِ بِصَبْغِ الشَّيْبِ الْمُوَجَّهِ لِلْأُمَّةِ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ- وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَحْسَنَ مَا غَيَّرْتُمْ بِهِ هَذَا الشَّيْبَ الْحِنَّاءُ وَالْكَتَمُ» وَظَاهِرُهُ تَغْيِيرُهُ بِهِمَا مَعًا، وَإِلَّا لَقَالَ: «أَوِ الْكَتَمُ»، وَيُؤَيِّدُهُ مَا صَحَّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ مَعًا، إِنَّهُ أَسْوَدُ يَضْرِبُ إِلَى الْحُمْرَةِ أَيْ لَيْسَ حَالِكًا، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ يَكُونُ شَدِيدَ السَّوَادِ إِذَا كَانَ قَوِيًّا مُشَبَّعًا، وَيَضْرِبُ إِلَى الْحُمْرَةِ إِذَا كَانَ خَفِيفًا، وَهُوَ أَسْوَدُ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
وَذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ سَبَبَ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِاجْتِنَابِ السَّوَادِ فِي تَغْيِيرِ شَيْبِ أَبِي قُحَافَةَ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْسِنْهُ لِشَيْخٍ بَلَغَ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا، وَكَانَ شَعْرُ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ كَالثَّغَامَةِ فِي شِدَّةِ بَيَاضِهِ كُلِّهِ، وَمَنْ رَجَعَ إِلَى ذَوْقِ الْبَشَرِ الْعَامِّ أَدْرَكَ أَنَّ السَّوَادَ لَا يَلِيقُ بِمِثْلِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا نَخْضِبُ بِالسَّوَادِ إِذْ كَانَ الْوَجْهُ جَدِيدًا فَلَمَّا نَفَضَ الْوَجْهُ وَالْأَسْنَانُ تَرَكْنَاهُ اهـ. وَلِمِثْلِ هَذِهِ الْخُصُوصِيَّاتِ قَالَ الْأُصُولِيُّونَ: إِنَّ وَقَائِعَ الْأَعْيَانِ لَا عُمُومَ لَهَا. وَذَكَرَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ أَيْضًا: أَنَّ الَّذِينَ أَجَازُوا الصَّبْغَ بِالسَّوَادِ تَمَسَّكُوا بِالْأَمْرِ الْمُطْلَقِ بِتَغْيِيرِهِ مُخَالَفَةً لِلْأَعَاجِمِ وَقَالَ وَقَدْ رَخَّصَ فِيهِ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ مِنْهُمْ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَجَرِيرٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ-أَيْ مِنَ الصَّحَابَةِ-أَقُولُ: وَقَدْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْحَدِيثَيْنِ مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنِ الْقَاضِي عِيَاضٍ بَعْدَ جَزْمِهِ هُوَ بِأَنَّ الْأَصَحَّ الْمُخْتَارَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تَحْرِيمُ السَّوَادِ مَا نَصُّهُ:
وَقَالَ الْقَاضِي اخْتَلَفَ السَّلَفُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي الْخِضَابِ وَفِي جِنْسِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَرْكُ الْخِضَابِ أَفْضَلُ. وَرَوَوْا حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّهْيِ عَنْ تَغْيِيرِ الشَّيْبِ، وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُغَيِّرْ شَيْبَهُ، رُويَ هَذَا عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأُبَيٍّ وَآخَرِينَ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-، وَقَالَ آخَرُونَ: الْخِضَابُ أَفْضَلُ، وَخَضَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ لِلْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ، ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فَكَانَ أَكْثَرُهُمْ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ مِنْهُمُ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَآخَرُونَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَخَضَبَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ، وَبَعْضُهُمْ بِالزَّعْفَرَانِ، وَخَضَبَ جَمَاعَةٌ بِالسَّوَادِ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ابْنَيْ عَلِيٍّ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَابْنِ سِيرِينَ وَأَبِي بُرْدَةَ وَآخَرِينَ قَالَ الْقَاضِي قَالَ الطَّبَرَانِيُّ الصَّوَابُ أَنَّ الْآثَارَ الْمَرْوِيَّةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِتَغْيِيرِ الشَّيْبِ وَبِالنَّهْيِ عَنْهُ كُلَّهَا صَحِيحَةٌ، وَلَيْسَ فِيهَا تَنَاقُضٌ، بَلِ الْأَمْرِ بِالتَّغْيِيرِ لِمَنْ شَيْبُهُ كَشَيْبِ أَبِي قُحَافَةَ، وَالنَّهْيِ لِمَنْ لَهُ شَمَطٌ فَقَطْ قَالَ: وَاخْتِلَافُ السَّلَفِ فِي فِعْلِ الْأَمْرَيْنِ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ فِي ذَلِكَ لَيْسَ لِلْوُجُوبِ بِالْإِجْمَاعِ؛ وَلِهَذَا لَمْ يُنْكِرْ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ خِلَافَهُ فِي ذَلِكَ.
قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِيهِمَا نَاسِخٌ وَمَنْسُوخٌ.
قَالَ الْقَاضِي وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ عَلَى حَالَيْنِ فَمَنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ عَادَةُ أَهْلِهِ الصَّبْغُ أَوْ تَرْكُهُ فَخُرُوجُهُ عَنِ الْعَادَةِ شُهْرَةٌ وَمَكْرُوهٌ، وَالثَّانِي أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ نَظَافَةِ الشَّيْبِ فَمَنْ كَانَتْ شَيْبَتُهُ تَكُونُ نَقِيَّةً أَحْسَنَ مِنْهَا مَصْبُوغَةً فَالتَّرْكُ أَوْلَى، وَمَنْ كَانَتْ شَيْبَتُهُ تُسْتَبْشَعُ فَالصَّبْغُ أَوْلَى قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا مَا نَقَلَهُ الْقَاضِي، وَالْأَصَحُّ الْأَوْفَقُ لِلسُّنَّةِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ مَذْهَبِنَا وَاللهُ أَعْلَمُ اهـ.