فصل: فصل في ترتيب مقادير الحجارة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في ترتيب مقادير الحجارة:

قال النويري:
قال الثعالبي: إذا كانت صغيرة فهي حصاة.
فإذا كانت مثل الجوزة وصلحت للاستنجاء بها، فهي نبلة. وفي الحديث: «اتقوا الملاعن وعدوا النبل». يعني عند إتيان الغائط.
فإذا كانت أعظم من الجوزة فهي قنزعة. فإذا كانت أعظم منها وأصلحت للقذف، فهي مقذاف ورجمة ومرداة. ويقال: إن المرداة، حجر الضب الذي ينصبه علامة لجحره.
فإذا كانت ملء الكف، فهي يهير.
فإذا كانت أعظم منها، فهي: فهر، ثم جندل، ثم جلمد، ثم صخرة، ثم قلعة. وهي التي تنقلع من عرض الجبل. وبها سميت القلعة التي هي الحصن.
وقال صاحب كتاب الفاخر: من أسمائها الحجارة، والجلمود والجلمد الحجر الصلب.
والبرطيل، الصخرة العظيمة.
والصفوان، الأملس.
والرضمة، الحجر العظيم.
والأتان، صخرة في مسيل ماء أو حافة نهر.
والإزاء، التي عند مهراق الدلو.
والرجمة، ما تطوى به البئر.
والكذان، الرخو.
واليرمع، الأبيض الرخو.
والمدق والمداك والصلاية، حجر العطار الذي يسحق عليه العطر.
والفهر، ما يملأ الكف ويسحق به العطر.
والمرداة، ما يكسر به الحجر.
والمرداس ما يرمى به في البئر لينظر أفيها ماء أم لا. قال الشاعر:
من جعل العد القديم الذي ** أنت له عدة أحراس

إلى ظنون أنت من مائه ** منتظر رجعة مرداس

والنشف، حجر تدلك به الرجل في الحمام.
والنقل، ما كان في طرق الجبال.
والأثقية. ما ينصب عليه القدر.
والقلاعة، ما يرمى به في المقلاع.
والظران، حجارة محددة يذبح بها.
والصفيح، ما رق منه عرض.
واللخاف، حجارة عراض.
والفلك، قطعة مستديرة وترتفع عما حولها.
والمدملك، المدور.
والكليت، حجر مستدير يسد به وجار الضبع.
والبليت، التام.
وقال ابن الأعرابي: القبيلة، صخرة على رأس البئر، والعقابان من جنبتيها يعضدانها.
ومنها المرو، وهي البيض كالحصى.
والحصباء، الصغار.
والرضراض، نحوها.
والقضيض، أصغر منها.
والزنانير، واحدها زنير، أضغر ما يكون.
ما يتمثل به من ذكر الجبال والحجارة ما جاء من ذلك على لفظ أفعل. يقال: أثقل من ثهلان. أثقل من نضاد. أثقل من أحد. أصلب من الحجر. أصلب من الجندل. أقسى من الحجر. أصبر من حجر. أيبس من صخر. أبقى من النقش في الحجر.
ويقال: رمي فلان بحجره. رد الحجر من حيث جاءك. وجه الحجر وجهة ما، أي دبر الأمر على وجهه. ألقمه الحجر، أي جاوبه بجواب مسكت. رماه بثالثة الأثافي. أنجد من رأى حضنا وحضن جبل بنجد أي من رآه لم يحتج أن يسأل هل بلغ نجدًا أم لا. الليل يواري حضنا، أي يخفي كل شيء حتى الجبل. اهـ.

.قال ابن القيم:

{وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين} (البقرة: 23) إن حصل لكم ريب في القرآن الكريم وصدق من جاء به، وقلتم: إنه مفتعل فأتوا بسورة واحدة تشبهه، وهذا خطاب لأهل الأرض أجمعهم، ومن المحال أن يأتي واحد منهم بكلام يفتعله ويختلقه من تلقاء نفسه ثم يطالب أهل الأرض بجمعهم أن يعارضوه في أيسر جزء منه يكون مقداره ثلاث آيات من عدة ألوف ثم تعجز الخلائق كلهم عن ذلك، حتى إن الذين راموا معارضته كان ما عارضوه من أقوى الأدلة على صدقه، فإنهم أتوا بشيء يستحي العقلاء من سماعه، ويحكمون بسماجته، وقبح ركاكته وخسته، فهو كمن أظهر طيبًا لم يشم أحد مثل ريحه قط، وتحدى الخلائق ملوكهم وسوقتهم بأن يأتوا بذرة طيبة مثله، فاستحى العقلاء وعرفوا عجزهم وجاء الحمقاء بعذرة منتنة خبيثة، وقالوا: قد جئنا بمثل ما جئت به فهل يزيد هذا ما جاء به إلا قوة وبرهانًا وعظمة وجلالة، وأكد تعالى هذا التوبيخ والتقريع والتعجيز بأن قال: {وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين} (23)، كما يقول المعجز لمن يدعى مقاومته: أجهد على بكل من تقدر عليه من أصحابك وأعوانك وأوليائك ولا تبق منهم أحدًا حتى تستعين به، فهذا لا يقدم عليه إلا أجهل العالم وأحمقه وأسخفه عقلًا إن كان غير واثق بصحة ما يدعيه أو أكملهم وأفضلهم وأصدقهم وأوثقهم بما يقول، والنبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية وأمثالها على أصناف الخلائق أميهم وكتابيهم وعربهم وعجمهم ويقول: لن تستطيعوا ذلك ولن تفعلوه أبدًا فيعدلون معه إلى الحرب والرضى بقتل الأحباب فل وقدروا على الإتيان بسورة واحدة لم يعدلوا عنها إلى اختيار المحاربة، وإيتام الأولاد، وقتل النفوس، والإقرار بالعجز عن معارضته.
وتقرير النبوة بهذه الآية وجوه متعددة: هذا أحدها.
وثانيها: إقدامه هذا الأمر وإسجاله على الخلائق إسجالا عاما إلى يوم القيامة أنهم لن يفعلوا ذلك أبدا فهذا لا يقدم عليه ويخبر به إلا عن علم لا يخالجه شك مستند إلى وحي من الله تعالى وإلا فعلم البشر وقدرته يضعفان عن ذلك.
وثالثها: النظر إلى نفس ما تحدى به وما اشتمل عليه من الأمور التي تعجز قوى البشر على الإتيان بمثله الذي فصاحته ونظمه وبلاغته فرد من أفراد إعجازه.
وهذا الوجه يكون معجزة لمن سمعه وتأمله وفهمه وبالوجهين الأولين يكون معجزة لكل من بلغة خبره ولو لم يفهمه ولم يتأمله فتأمل هذا الموضع من إعجاز القرآن تعرف فيه قصور كثير من المتكلمين وتقصيرهم في بيان إعجازه وأنهم لن يوفوه عشر معشار حقه حتى قصر بعضهم الإعجاز على صرف الدواعي عن معارضته مع القدرة عليها وبعضهم قصر الإعجاز على مجرد فصاحته وبلاغته وبعضهم على مخالفة أسلوب نظمه لأساليب نظم الكلام وبعضهم على ما اشتمل عليه من الإخبار بالغيوب إلى غير ذلك من الأقوال القاصرة التي لا تشفي ولا تجدي وإعجازه فوق ذلك ووراء ذلك كله فإذا ثبتت النبوة بهذه الحجة القاطعة فقد وجب على الناس تصديق الرسول في خبره وطاعة أمره وقد أخبر عن الله تعالى وأسمائه وصفاته وأفعاله وعن المعاد والجنة والنار فثبت صحة ذلك يقينا فقال تعالى: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ} الآية فاشتملت الآيات على تقرير مهمات أصول الدين من إثبات خالق العالم وصفاته ووحدانيته ورسالة رسوله والمعاد الأكبر. اهـ.

.قال النويري:

حكى أصحاب التواريخ في حدوث النار أن آدم عليه السلام لما هبط إلى الأرض وحج، ونزل جبل أبي قبيس. فأنزل الله إليه مرختين من السماء، فحك إحداهما بالأخرى فأوريا نارا، فلهذا سمي الجبل بأبي قبيس.
ويدل على أن النار من الشجر، وقوله عز وجل: {الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون}.
والعرب تقول: في كل شجر نار، واستمجد المرخ والعفار. لأنهما أسرع اقتداحا.
قال الله عز وجل: {أفرأيتم النار التي توقدون أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون}.
وقال أصحاب الكلام في الطبائع: إن الله عز وجل جمع من النار الحركة، والحرارة، واليبوسة، واللطافة، والنور. وهي تفعل بكل صورة من هذه الصور خلاف ما تفعل بالأخرى.
فبالحركة تعلي الأجسام؛ وبالحرارة تسخن؛ وباليبوسة تجفف؛ وباللطافة تنفذ؛ وبالنور تضيء ما حولها.
ومنفعة النار تختص بالإنسان دون سائر الحيوان. فلا يحتاج إليها شيء سواه، وليس به عنها غني في حال من الأحوال.
ولهذا عظمتها المجوس، وقالوا: إذ أفردتنا بنفعها، فنفردها بتعظيمها. على أنهم يعظمون جميع ما فيه منعة على العباد، فلا يدفنون موتاهم في الأرض، ولا يستنجون في الأنهار.

.أسماء النار وأحوالها في معالجتها وترتيبها:

.أسماء النار:

أما أسماؤها:
فمنها: النار، والصلاء، والسكن، والضرمة، والحرق، والحمدة وهو صوت التهابها، والحدمة، والجحيم، والسعير، والوحى.

.تفصيل أحوال النار:

وأما تفصيل أحوالها ومعالجتها وترتيبها، فقد قال الثعالبي في فقه اللغة: إذا لم يخرج النار عن القدح، قيل: كبا يكبو.
فإذا صوت ولم يخرج، قيل: صلد يصد.
فإذا أخرج النار، قيل: ورى يرى.
فإذا ألقى الإنسان عليها ما يحفظها ويذكيها، تقول: شيعتها وأثقبتها.
فإذا عالجها لتلهب، قال: حضأتها وأرثتها.
فإذا جعل لها مذهبًا تحت القدر، قال: سخوتها.
فإذا زاد في إيقادها وإشعالها، قال: أحجبتها.
فإذا اشتد تأججها، فهي جاحمة.
فإذا طفئت البتة، فهي هامدة.
فإذا صارت رمادًا، فهي هابية.
والله تعالى أعلم.

.عباد النار:

وسبب عبادتها وبيوت النيران أول من عبد النار قابيل بن آدم.
وذلك أنه لما قتل أخاه هابيل هرب من أبيه إلى اليمن، فجاءه إبليس لعنه الله، وقال له: إنما قبل قربان هابيل وأكلته النار لأنه كان يخدمها ويعبدها. فانصب أنت أيضا نارا تكون لك ولعقبك، فبنى بيت نار. فهو أول من نصب النار وعبدها.
وأول من عظمها من ملوك الفرس، جم. وهو أحد ملوك الفرس الأول، عظمه ودعل الناس إلى تعظيمها، وقال: إنها تشبه ضوء الشمس والكواكب، لأن النور عنده أفضل من الظلمة.
ثم عبدت النار بالعراق، وأرض فارس، وكرمان، وسجستان، وخراسان، وطبرستان، والجبال، وأذربيجان، وأران، وفي بلاد الهند، والسند، والصين.
وبنى في جميع هذه الأماكن بيوت للنيران، نذكرها بعد إن شاء الله تعالى.
ثم انقطعت عبادة النيران من أكثر هذه الأماكن إلا الهند. فإنهم يعبدونها إلى يومنا هذا. وهم طئفة تدعى الإكنواطرية. زعموا أن النار أعظم العناصر جرما، وأوسعها حيزا، وأعلاها مكانا، وأشرفها جوهرا، وأنورها ضياء وإشراقا، وألطفها جسما وكيانا، وأن الاحتياج إليها أكثر من الاحتياج إلى سائر الطبائع؛ ولا نور في العالم إلا بها، ولا نمو ولا انعقاد إلا بممازجتها.
وعبادتهم لها أن يحفروا أخدودا مربعا في الأرض ويحشوا النار فيه، وثم لا يدعون طعامًا لذيذًا، ولا شرابًا لطيفًا، ولا ثوبًا فاخرًا، ولا عطرًا فائحًا، ولا جوهرًا نفيسًا، إلا طرحوه فيها: تقربًا إليها، وتبركًا بها، وحرموا إلقاء النفوس فيها، وإحراق الأبدان بها، خلافًا لجماعة أخرى من زهاد الهند.
وعلى هذا المذهب أكثر ملوك الهند وعظمائها. يعظمون النار لجوهرها تعظيمًا بالغًا، ويقدمونها على الموجودات كلها.
ومنهم زهاد وعباد يجلسون حول النار صاغين، يسدون منافسهم حتى لا يصل إليها أنفاسهم نفس صدر عن صدر مجرم. وسنتهم الحث على الأخلاق الحسنة، والمنع من أضدادها، وهي الكذب، والحسد، والحقد، والكفاح، والحرص، والبغي، والبطر. فإذا تجرد الإنسان عنها، تقرب من النار.
وأما بيوت النيران، ومن رسمها من ملوك الفرس قال المسعودي: أول ما حكى ذلك عنه أفريدون الملك. وذلك أنه وجد نارا يعظمها أهلها، وهم معتكفون على عبادتها. فسألهم عن خبرها ووجه الحكمة منهم في عبادتها. فأخبروه بأشياء اجتذبت نفسه إلى عبادتها وأنها واسطة بين الله تعالى وبين خلقه، وأنها من جنس الآلهة النورية، وأشياء ذكروها له. وجعلوا للنور مراتب وقوانين وفرقوا بين طبع النار والنور وزعموا أن الحيوان يجتذبه النور، فيحرق نفسه: كالفراش الطائر بالليل فما لطف جسمه، ويطرح نفسه في السراج فيحرقها. وغير ذلك مما يقع في صيد الليل من الغزلان، والوحش، والطير، وكظهور الحيتان في الماء إذا قربت من السراج في الزوارق كما يصاد السمك ببلاد البصرة في الليل، فإنهم يجعلون السرج حوالي المركب، فيثب السمك من الماء إليها؛ وإن النور صلاح هذا العالم، وشرف النار على الظلمة إلى غير ذلك.
فلما أخبروا أفريدون بذلك أمر أن تحمل جمرة منها إلى خراسان، فحملت. فاتخذ لها بيتا بطوس، واتخذ بيتا آخر بمدينة بخارا يقال له برد سورة. وبيتا آخر بسجستان كواكر، كان اتخذه بهمن بن إسفنديار بن يستاسف بن يهراسف.
وبيت آخر ببلاد الشير والران، كانت فيه أصنام أخرجها منه أنوشروان، وقيل إنه صادف هذا البيت، وفيه نار معظمة فنقلها إلى الموضع المعروف بالبركة.
وبيت آخر للنار يقال له كوسجة: بناه كيخسرو الملك.
وقد كان بقومس بيت نار معظم لا يدرى من بناه، ويقال له حريش. ويقال أن الإسكندر لما غلب عليها. تركها ولم يطفئها.
وبيت نار آخر يسمى كنكدز، بناه سياوش بن كاوس الجبار، وذلك في زمن لبثه بشرق الصين مما يلي البركة.
وبيت نار بمدينة أرجان من ارض فارس، بناه قمار.
وبيت بأرض فارس أتخذ في أيام يهراسف.
فهذه البيوت كانت زرادشت بعد ذلك بيوتا للنيران. فكان مما اتخذ بيت بمدينة نيسابور من بلاد خراسان، وبيت بمدينة نسا والبيضاء من أرض فارس. وقد كان زرادشت أمر يستاسف الملك بطلب نار كان يعظمها جم فطلبت، فوجدت بمدينة خوارزم. فنقلها يستاسف الملك إلى مدينة دار بجرد من أرض فارس والمجوس تعظم هذه النار مالا تعظم غيرها من النيران والبيوت وللفرس بيت نار بإصطخر فارس، يعظمه المجوس. كان في قديم الزمان للأصنام، فأخرجتها جمان بنت بهمن بن اسبنديار وجعلته بيت نار. ثم نقلت عنه النار فجرب وفي مدينة سابور من أرض فارس بيت معظم عندهم اتخذه دارا بن دارا. وفي مدينة جور من أرض فارس بيت بناه أردشير بن بابك وقد كان أردشير بني بيت نار يقال له بارنوا في اليوم الثاني من غلبته على فارس. وبيت نار على خليج القسطنطينية من بلاد الروم بناه سابور الجنود ابن أردشير بن بابك حين نزل على هذا الخليج وحاصر القسطنطينية. ولم يزل هذا البيتإلى خلافة المهدي. وكان سابور اشترط على الروم بقاء هذا البيت وبأرض العراق بين نار بالقرب من مدينة السلام. بنته بوران بنت كسرى ابرويز، الملكة، بالموضع المعروف بأسنيبا.
وبيوت النيران كثيرة تعظمها المجوس. والذي ذكرناه هو المشهور منها.
نيران العرب ونيران العرب أربعة عشر نارا.
نار المزدلفة توقد حتى يراها من دفع من عرفة. وأول من أوقدها قصي بن كلاب.
نار الاستسقاء كانت الجاهلية الأولى، إذا تتابعت عليهم الأزمات، واشتد الجدب، واحتاجوا إلى الأمطار. يجمعون لها بقرًا، في أذنابها وعراقيبها السلع والعشر، ويصعدون بها إلى جبل وعر، ويشعلون فيها النار، ويضجون بالدعاء والتضرع. وكانوا يرون ذلك من الأسباب المتوصل بها إلى نزول الغيث. وفي ذاك يقول الوديك الطائي:
لا درَّ درُّ رجالٍ خاب سعيهم ** يستمطرون لدى الأزمات بالعشر

أجاعل أنت بيقورًا مسلعة ** ذريعة لك بين الله والمطر

وقال أمية بن أبي الصلت:
ويسوقون باقر السهل للطو ** د مهازيل خشية أن تبورا

عاقدين النيران في بكر الأذ ** ناب منها لكي تهيج النحورا

سلع ما ومثله عشر ما ** عائل وما وعالت البيقورا

نار الزائر والمسافر ويسمونها نار الطرد. وذلك أنهم كانوا إذا لم يحبوا رجوع شخص، أوقدوا خلفه نارا ودعوا عليه. ويقولون في الدعاء. أبعد الله وأسحقه! وأوقدوا نار إثره. قال الشاعر:
وجمة قوم قد أتوك ولم تكن ** لتوقد نارًا خلفها للتندم

والجمة: الجماعة يمشون في الدم، وفي الصلح. ومعنى هذا البيت: لم تندم على ما أعطيت في الحمالة عند كلام الجماعة، فتوقد خلفهم نارا كي لا يعودوا.
نار التحاليف كانوا لا يعقدون حلفهم إلا عليها، فيذكرون منافعها، ويدعون الله بالحرمان والمنع من منافعها على الذي ينقض العهد، ويطرحون فيها الكبريت والملح. فإذ فرقعت هول على الحالف. قال الكميت:
همو خوفوني بالعمى هوة الردى ** كما شب نار الحالفين المهول

وقال أوس بن حجر:
إذا استقبلته الشمس صد بوجهه ** كما صد عن نار المهول حالف

نار الغدر كانت العرب إذا غدر الرحل بجاره، أوقدوا له نارا بمنى، أيام الحج على الأخشب وهو الجبل المطل على منى. ثم صاحوا: هذه غدرة فلان. قالت امرأة من هاشم:
فإن نهلك فلم نعرف عقوقا ** ولم توقد لنا بالغدر نار

نار السلامة وهي نار توقد للقادم من سفره، إذا قدم بالسلامة والغنيمة. قال الشاعر:
يا سليمى أوقدي النارا ** إن من تهوين قد زارا

نار الحرب وتسمى نار الأهبة والإنذار. توقد على يفاعٍ، فتكون إعلاما لمن بعد. قال ابن الرومي:
له ناران نار قرى وحرب ** ترى كلتيهما ذات التهاب

نار الصيد يوقدونها لصيد الظباء، لتعشى أبصارها.
نار الأسد كانت العرب توقدها إذا خافوه؛ فإن الأسد إذا عاين النار حدق إليها وتأملها.
نار السليم توقد للملدوغ، والمجروح، ومن عضه الكلب حتى لا يناموا فيشتد بهم الألم. اهـ.