فصل: قال ابن كثير:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال القفال نحو هذا القول قال هو الذي خلق كل واحد منكم من نفس واحدة وجعل من جنسها زوجها وذكر حال الزوج والزوجة {وجعلا} أي الزوج والزوجة، لله تعالى شركاء فيما آتاهما لأنهما تارة ينسبون ذلك الولد إلى الطبائع كما هو قول الطبائعيين وتارة إلى الكواكب كما هو قول المنجّمين وتارة إلى الأصنام والأوثان كما هو قول عبدة الأصنام انتهى، وعلى هذا لا يكون لآدم وحوّاء ذكر في الآية، وقيل الخطاب بخلقكم خاص وهو لمشركي العرب كما يقرّبون المولود للات والعزى والأصنام تبركًا بهم في الابتداء وينقطعون بأملهم إلى الله تعالى في ابتداء خلق الولد إلى انفصاله ثم يشركون فحصل التعجب منهم، وقيل: الخطاب خاص أيضًا وهو لقريش المعاصرين للرسول صلى الله عليه وسلم و{نفس واحدة} هو قضى منها أي من جنسها زوجة عربية قرشية ليسكن إليها والصالح الولد السوي {جعلا له شركاء} حيث سميا أولادهما الأربعة عبد مناف وعبد العزّى وعبد قصي وعبد الدار والضمير في {يشركون} لهما ولأعقابهما الذين اقتدوا بهما في الشرك انتهى.
{ليسكن إليها} ليطمئن ويميل ولا ينفر لأنّ الجنس إلى الجنس أمْيَل وبه آنس وإذا كان منها على حقيقته فالسكون والمحبة أبلغ كما يسكن الإنسان إلى ولده ويحبه محبة نفسه أو أكثر لكونه بعضًا منه وأنث في قوله: {منها} ذهابًا إلى لفظ النفس ثم ذكر في قوله: {ليسكن} حملًا على معنى النفس ليبين أن المراد بها الذكر آدم أو غيره على اختلاف التأويلات وكان الذكر هو الذي يسكن إلى الأنثى ويتغشاها فكان التذكير أحسن طباقًا للمعنى.
{فلما تغشاها حملت حملًا خفيفًا فمرت به} إن كان الخبر عن آدم فخلق حواء كان في الجنة وأما التغشّي والحمل فكانا في الأرض والتغشي والغشيان والإتيان كناية عن الجماع ومعنى الخفة أنها لم تلق به من الكرب ما يعرض لبعض الحبالى ويحتمل أن يكون {حملًا} مصدرًا وأن يكون ما في البطن والحمل بفتح الحاء ما كان في بطن أو على رأس الشجرة وبالكسر ما كان على ظهر أو على رأس غير شجرة، وحكى يعقوب في حمل النخل، وحكى أبو سعيد في حمل المرأة حمل وحمل، وقال ابن عطية: الحمل الخفيف هو المني الذي تحمله المرأة في فرجها، وقرأ حماد بن سلمة عن ابن كثير {حملًا} بكسر الحاء، وقرأ الجمهور {فمرت به}، قال الحسن: أي استمرت به، وقيل: هذا على القلب أي فمر بها أي استمر بها، وقال الزمخشري: فمضت به إلى وقت ميلاده من غير إخراج ولا إزلاق، وقيل: {حملت حملًا خفيفًا} يعني النطفة {فمرت به} فقامت به وقعدت فاستمرت به انتهى، وقرأ ابن عباس فيما ذكر النقاش وأبو العالية ويحيى بن يعمر وأيوب {فمرت به} خفيفة الراء من المرية أي فشكت فيما أصابها أهو حمل أو مرض، وقيل معناه استمرت به لكنهم كرهوا التضعيف فخففوه نحو وقرن فيمن فتح من القرار، وقرأ عبد الله بن عمرو بن العاصي والجحدري: فمارت به بألف وتخفيف الراء أي جاءت وذهبت وتصرفت به كما تقول مارت الريح مورًا ووزنه فعل، وقال الزمخشري: من المرية كقوله تعالى: {أفتمارونه} ومعناه ومعنى المخففة فمرت وقع في نفسها ظن الحمل وارتابت به ووزنه فاعل، وقرأ عبد الله فاستمرت بحملها، وقرأ سعد بن أبي وقاص وابن عباس أيضًا والضحاك فاستمرت به، وقرأ أبي بن كعب والجرمي فاستمارت به والظاهر رجوعه إلى المرية بني منها استفعل كما بنى منها فاعل في قولك ماريت.
{فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحًا لنكونن من الشاكرين} أي دخلت في الثقل كما تقول أصبح وأمسى أو صارت ذات ثقل كما تقول أتمر الرجل وألبن إذا صار ذا تمر ولبن، وقال الزمخشري: أي حان وقت ثقلها كقوله أقربت، وقرئ أثقلت على البناء للمفعول ربهما أي مالك أمرهما الذي هو الحقيق أن يدعى ومتعلق الدعاء محذوف يدل عليه جملة جواب القسم أي دعوا الله ورغبا إليه في أن يؤتيَهما صالحًا ثم أقسما على أنهما يكونان من الشاكرين إن آتاهما صالحًا لأن إيتاء الصالح نعمة من الله على والديه كما جاء في الحديث: «إن عمل ابن آدم ينقطع إلا من ثلاث» فذكر الولد الصالح يدعو لوالده فينبغي الشكر عليها إذ هي من أجل النعم ومعنى صالحًا مطيعًا لله تعالى أي ولدًا طائعًا أو ولدًا ذكرًا لأنّ الذكورة من الصلاح والجودة، قال الحسن: سمياه غلامًا، وقال ابن عباس: بشرًا سويًا سليمًا، ولنكونن جواب قسم محذوف تقديره وأقسما لئن آتيتنا أو مقسمين لئن آتيتنا وانتصاب صالحًا على أنه مفعول ثان لآتيتنا وفي المشكل لمكي أنه نعت لمصدر أي ابنًا صالحًا. اهـ.

.قال ابن كثير:

{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189) فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190)}.
ينبه تعالى على أنه خلق جميع الناس من آدم، عليه السلام، وأنه خلق منه زوجه حواء، ثم انتشر الناس منهما، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً} الآية [النساء: 1].
وقال في هذه الآية الكريمة: {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} أي: ليألفها ويسكن بها، كما قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21] فلا ألفة بين زَوْجين أعظم مما بين الزوجين؛ ولهذا ذكر تعالى أن الساحر ربما توصل بكيده إلى التفرقة بين المرء وزوجه.
{فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} أي: وطئها {حَمَلَتْ حَمْلا خَفِيفًا} وذلك أول الحمل، لا تجد المرأة له ألما، إنما هي النُّطفة، ثم العَلَقة، ثم المُضغة.
وقوله: {فَمَرَّتْ بِهِ} قال مجاهد: استمرت بحمله. وروي عن الحسن، وإبراهيم النَّخَعَي، والسُّدِّي، نحوه.
وقال ميمون بن مهران: عن أبيه استخفته.
وقال أيوب: سألت الحسن عن قوله: {فَمَرَّتْ بِهِ} قال: لو كنت رجلا عربيًا لعرفت ما هي. إنما هي: فاستمرت به.
وقال قتادة: {فَمَرَّتْ بِهِ} واستبان حملها.
وقال ابن جرير: [معناه] استمرت بالماء، قامت به وقعدت.
وقال العَوْفي، عن ابن عباس: استمرت به، فشكت: أحملت أم لا.
{فَلَمَّا أَثْقَلَتْ} أي: صارت ذات ثقل بحملها.
وقال السدي: كبر الولد في بطنها.
{دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا} أي: بشرا سويا، كما قال الضحاك، عن ابن عباس: أشفقا أن يكون بهيمة.
وكذلك قال أبو البَخْتري وأبو مالك: أشفقا ألا يكون إنسانًا.
وقال الحسن البصري: لئن آتيتنا غلامًا.
{لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ.}. اهـ.

.قال أبو السعود:

{هُوَ الذي خَلَقَكُمْ}.
استئناف سيق لبيان كمالِ عِظَمِ جنايةِ الكَفَرةِ في جراءتهم على الإشراك بتذكير مبادئ أحوالِهم المنافيةِ له، وإيقاعُ الموصول خبرًا لتفخيم شأنِ المبتدأ، أي هو ذلك العظيمُ الشأنِ الذي خلقكم جميعًا وحدَه من غير أن يكون لغيره مدخلٌ في ذلك بوجه من الوجوه {مّن نَّفْسٍ واحدة} هو آدمُ عليه الصلاة والسلام، وهذا نوعُ تفصيلٍ لما أشير إليه في مطلع السورةِ الكريمة إشارةً إجماليةً من خلقهم وتصويرِهم في ضمن خلق آدمَ وتصويرِه وبيانٌ لكيفيته {وَجَعَلَ} عطف على خلقكم داخلٌ في حكم الصلة، ولا ضيرَ في تقدمه عليه وجودًا لِما أن الواوَ لا تستدعي الترتيبَ في الوجود {مِنْهَا} أي من جنسها كما في قوله تعالى: {جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} أو من جسدها لما يُروى أنه تعالى خلقَ حوّاءَ من ضِلْع من أضلاع آدمَ عليه الصلاة والسلام، والأولُ هو الأنسُب إذِ الجنسيةُ هي المؤديةُ إلى الغاية الآتيةِ لا الجزئيةُ، والجعلُ إما بمعنى التصييرِ فقوله تعالى: {زَوْجَهَا} مفعولُه الأولُ والثاني هو الظرفُ المقدّم، وإما بمعنى الإنشاءِ والظرفُ متعلقٌ بجعل قُدّم على المفعول الصريحِ لما مر مرارًا من الاعتناء بالمقدم والتشويقِ إلى المؤخر، أو بمحذوف هو حالٌ من المفعول والأولُ هو الأولى وقوله تعالى: {لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} علةٌ غائيةٌ للجعل باعتبار تعلُّقِه بمفعولِه الثاني أي ليستأنسَ بها ويطمئِنّ إليها اطمئنانًا مصححًا للازدواج كما يلوح به تذكيرُ الضميرِ ويُفصح عنه قوله تعالى: {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} أي جامعها {حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا} في مبادئ الأمرِ فإنه عند كونه نطفةً أو علقمةً أو مضغة أخفُّ عليها بالنسبة إلى ما بعد ذلك من المراتب لذكر خِفته للإشارة إلى نعمته تعالى عليهم في إنشائه تعالى إياهم متدرجين في أطوار الخلقِ من العدم إلى الوجود ومن الضَّعف إلى القوة {فَمَرَّتْ بِهِ} أي فاستمرّت به كما كانت قبل حيث قامتْ وقعدت وأخذت وتركت، وعليه قراءةُ ابن عباس رضي الله تعالى عنه وقرئ {فمَرَتْ} بالتخفيف و{فمارَتْ} من المور وهو المجيءُ والذهابُ أو من المِرْية فظنت الحملَ وارتابت به، وأما ما قيل من أن المعنى حملت حملًا خفّ عليها ولم تلْقَ منه ما يلقى بعضُ الحبالى من حملهن من الكرب والأذّية ولم تستثقِلْه كما يستثقِلْنَه فمرّت به أي فمضَت به إلى ميلاده من غير إخداج ولا إزلاق فيرده قوله تعالى: {فَلَمَّا أَثْقَلَت} إذ معناه فلما صارت ذاتَ ثِقلٍ لكبر الولدِ في بطنها، ولا ريب في أن الثقلَ بهذا المعنى ليس مقابلًا للخفة بالمعنى المذكور إنما يقابلها الكربُ الذي يعتري بعضَهن من أول الحمل إلى آخره دون بعضٍ أصلًا، وقرئ {أُثقِلت} على البناء للمفعول أي أثقلها حملُها {دَّعَوَا الله} أي آدمُ وحواءُ عليهما السلام لمّا دَهِمهما أمرٌ لم يعهَداه ولم يعرِفا مآله فاهتما به وتضرّعا إليه عز وجل وقوله تعالى: {رَبُّهُمَا} أي مالكَ أمرِهما الحقيقَ بأن يُخَصَّ به الدعاءُ إشارةٌ إلى أنهما قد صدّرا به دعاءَهما كما في قولهما: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا} الآية، ومتعلَّقُ الدعاءِ محذوفٌ تعويلًا على شهادة الجملةِ القسَمية به، أي دَعَواه تعالى أنه يُؤتيَهما صالحًا ووعدا بمقابلته الشكرَ على سبيل التوكيدِ القسَميِّ وقالا أو قائلين: {لَئِنْ ءاتَيْتَنَا صالحا} أي ولدًا من جنسنا سويًا {لَنَكُونَنَّ} نحن ومن يتناسل من ذريتنا {مِنَ الشاكرين} الراسخين في الشكر على نعمائك التي من جملتها هذه النعمةُ، وترتيبُ هذا الجوابِ على الشرط المذكورِ لما أنهما قد علما أن ما علّقا به دعاءَهما أُنموذَجٌ لسائر أفرادِ الجنسِ ومعيارٌ لها ذاتًا وصفةَ وجودُه مستتبعٌ لوجودها وصلاحُه مستلزِمٌ لصلاحها فالدعاءُ في حقه متضمنٌ للدعاء في حق الكل مستتبِعٌ له كأنهما قالا: لئن آتيتنا وذريتَنا أولادًا صالحة، وقيل: إن ضميرَ آتيتَنا أيضًا لهما ولكل من يتناسل من ذريتهما فالوجهُ ظاهرٌ، وأنت خبيرٌ بأن نظمَ الكل في سلك الدعاءِ أصالةً يأباه مقام المبالغةِ في الاعتناء بشأن ما هما بصدده، وأما جعلُ ضميرِ لنكونن للكل فلا محذورَ فيه لأن توسيعَ دائرةِ الشكر غيرُ مُخِلَ بالاعتناء المذكور بل مؤكدٌ له. اهـ.

.قال الألوسي:

{هُوَ الذي خَلَقَكُمْ}.
استئناف لبيان ما يقتضي التوحيد الذي هو المقصد الأعظم، وإيقاع الموصول خبرًا لتفخيم شأن المبتدأ أي هو سبحانه ذلك العظيم الشأن الذي خلقكم جميعًا وحده من غير أن يكون لغيره مدخل في ذلك أصلًا {مّن نَّفْسٍ واحدة} وهو آدم عليه السلام على ما نص عليه الجمهور {وَجَعَلَ مِنْهَا} أي من جنسها كما في قوله سبحانه: {جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} [الشورى: 11] فمن ابتدائية والمشهور أنها تبعيضية أي من جسدها لما يروى أنه سبحانه خلق حواء من ضلع آدم عليه السلام اليسرى، والكيفية مجهولة لنا ولا يعجز الله تعالى شيء، والفعل معطوف على صلة الموصول داخل في حكمها ولا ضير في تقدم مضمونه على مضمون الأول وجودًا لما أن الواو لا تستدعي الترتيب فيه، وهو إما بمعنى صير فقوله سبحانه: {زَوْجَهَا} مفعوله الأول والثاني هو الظرف المقدم واما بمعني انشأ والظرف متعلق به قدم على المفعول الصريح لما مر مرارًا أو بمحذوف وقع حالا من المفعول {لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} علة غائية للجعل أي ليستأنس بها ويطمئن إليها، والضمير المستكن للنفس، وكان الظاهر التأنيث لأن النفس من المؤنثات السماعية ولذا أنثت صفتها إلا أنه ذكر باعتبار أن المراد منها آدم ولو أنث على الظاهر لتوهم نسبة السكون إلى الأنثى والمقصود خلافه، وذكر الزمخشري أن التذكير أحسن طباقًا للمعنى وبينه في الكشف بأنه لما كان السكون مفسرًا بالميل وهو متناول للميل الشهواني الذي هو مقدمة التغشي لاسيما وقد أكد بالفاء في قوله تعالى: {فَلَمصا تغشاها} والتغشي منسوب إلى الذكر لا محالة كان الطباق في نسبته أيضًا إليه وإن كان من الجانبين، وفيه إيماء إلى أن تكثير النوع علة المؤانسة كما أن الوحدة علة الوحشة، وأيضًا لما جعل المخلوق أولا الأصل كان المناسب أن يكون جعل الزوج لسكونه بعد الاستيحاش لا العكس فإنه غير ملائم لفظًا ومعنى، لكن ذكر ابن الشحنة أن النفس إذا أريد به الإنسان بعينه فمذكر وإن كان لفظه مؤنث، وجاء ثلاثة أنفس على معنى ثلاثة أشخاص وإذا أريد بها الروح فهي مؤنثة لا غير وتصغيرها نفيسة فليفهم.