فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقرأ أبو عمرو، وسائر أهل الكوفة بالجمع.
وأنكر الأخفش سعيد القراءة الأولى.
وأجيب عنه بأنها صحيحة على حذف المضاف، أي جعلا له ذا شرك، أو ذوي شرك.
والاستفهام في {أَيُشْرِكُونَ مَالا يَخْلُقُ شَيْئًا} للتقريع والتوبيخ، أي كيف يجعلون لله شريكًا لا يخلق شيئًا ولا يقدر على نفع لهم، ولا دفع عنهم.
قوله: {وَهُمْ يُخْلَقُونَ} عطف على {مَالا يَخْلُقُ} والضمير راجع إلى الشركاء الذين لا يخلقون شيئًا، أي وهؤلاء الذين جعلوهم شركاء من الأصنام أو الشياطين مخلوقون.
وجمعهم جمع العقلاء لاعتقاد من جعلهم شركاء أنهم كذلك {وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ} أي: لمن جعلهم شركاء {نَصْرًا} إن طلبه منهم {وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ} إن حصل عليهم شيء من جهة غيرهم، ومن عجز عن نصر نفسه فهو عن نصر غيره أعجز.
وقد أخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وأبو الشيخ عن ابن عباس، قال: قال حمل بن أبي قيس، وشمول بن زيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أخبرنا متى الساعة إن كنت نبيًا كما تقول فإنا نعلم ما هي؟ فأنزل الله: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الساعة أَيَّانَ مرساها قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبّي} إلى قوله: {ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ}.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن قتادة {أَيَّانَ مرساها} أي: متى قيامها؟ {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبّي لاَ يُجَلّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ} قال: قالت قريش يا محمد أسرّ إلينا الساعة لما بيننا وبينك من القرابة؟ قال: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الساعة أَيَّانَ مرساها قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ الله} وذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «تهيج الساعة بالناس، والرجل يسقي على ماشيته، والرجل يصلح حوضه، والرجل يخفض ميزانه ويرفعه، والرجل يقيم سلعته في السوق، قضاء الله لا تأتيكم إلا بغتة» وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله: {أَيَّانَ مرساها} قال: {منتهاها}.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن مجاهد {لاَ يُجَلّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ} يقول: لا يأتي بها إلا الله.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، في الآية قال: هو يجليها لوقتها لا يعلم ذلك إلا الله.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله: {ثَقُلَتْ في السموات والأرض} قال: ليس شيء من الخلق إلا يصيبه من ضرر يوم القيامة.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله: {ثَقُلَتْ في السموات والأرض} قال: ثقل علمها على أهل السموات والأرض.
يقول كبرت عليهم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله: {ثَقُلَتْ في السموات والأرض} قال: إذا جاءت انشقت السماء، وانتثرت النجوم، وكوّرت الشمس، وسيرت الجبال، وما يصيب الأرض.
وكان ما قال الله سبحانه فذلك ثقلها فيهما.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد، في قوله: {لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً} قال: فجأة آمنين.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي في البعث، عن مجاهد، في قوله: {كَأَنَّكَ حَفِىٌّ عَنْهَا} قال: استحفيت عنها السؤال حتى علمتها.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله: {كَأَنَّكَ حَفِىٌّ عَنْهَا} يقول: كأنك عالم بها، أي لست تعلمها.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه {كَأَنَّكَ حَفِىٌّ عَنْهَا} قال: لطيف بها.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي، عنه أيضًا {كَأَنَّكَ حَفِىٌّ عَنْهَا} يقول: كأن بينك وبينهم مودّة كأنك صديق لهم.
قال لما سأل الناس محمدًا صلى الله عليه وسلم عن الساعة، سألوه سؤال قوم كأنهم يرون أن محمدًا حفيّ بهم، فأوحى الله إليه: {إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ الله} استأثر بعلمها فلم يطلع ملكًا ولا رسولًا.
وأخرج عبد بن حميد، عن عمرو بن دينار قال: كان ابن عباس يقرأ «كأنك حفيّ بها».
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج {قُل لا أَمْلِكُ لِنَفْسِى نَفْعًا وَلاَ ضرًا} قال: الهدى والضلالة {وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الغيب} متى أموت {لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخير} قال: العمل الصالح.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن ابن عباس، في قوله: {وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الغيب لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخير} قال: لعلمت إذا اشتريت شيئًا ما أربح فيه، فلا أبيع شيئًا لاربح فيه {وَمَا مَسَّنِىَ السوء} قال: ولا يصيبني الفقر.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن زيد في قوله: {وَمَا مَسَّنِىَ السوء} قال: لاجتنبت ما يكون من الشرّ قبل أن يكون.
وأخرج أحمد، والترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والروياني، والطبراني، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، وابن مردويه، عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لما ولدت حواء طاف بها إبليس، وكان لا يعيش لها ولد، فقال: سميه عبد الحارث فإنه يعيش، فسمته عبد الحارث فعاش، فكان ذلك من وحى الشيطان وأمره» وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه، عن سمرة في قوله: {فَلَمَّا ءاتاهما صالحا جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء} قال: سمياه عبد الحارث.
وأخرج عبد بن حميد، وأبو الشيخ، عن أبيّ بن كعب، نحو حديث سمرة المرفوع موقوفًا عليه.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس قال: حملت حواء فأتاها إبليس فقال: إني صاحبكما الذي أخرجتكما من الجنة، لتطيعنني أو لأجعلن له قرني أيل، فيخرج من بطنك فيشقه، ولأفعلنّ، ولأفعلنّ، يخوّفهما، سمياه عبد الحارث، فأبيا أن يطيعاه، فخرج ميتًا، ثم حملت فأتاهما أيضًا فقال مثل ذلك، فأبيا أن يطيعاه فخرج ميتًا، ثم حملت فأتاهما، فذكر لهما، فأدركهما حبّ الولد، فسمياه عبد الحارث.
فذلك قوله: {جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا ءاتاهما}.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن الحسن، في الآية قال: كان هذا في بعض أهل الملل وليس بآدم.
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه، عن سمرة، في قوله: {حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا} لم يستبن {فَمَرَّتْ بِهِ} لما استبان حملها.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله: {فَمَرَّتْ بِهِ} قال: فشكت أحملت أم لا؟ وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن أيوب قال: سئل الحسن عن قوله: {فَمَرَّتْ بِهِ} قال: لو كنت عربيًا لعرفتها، إنما هي استمرّت بالحمل.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن السدّي، في قوله: {حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا} قال: هي النطفة {فَمَرَّتْ بِهِ} يقول: استمرت به.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله: {فَمَرَّتْ بِهِ} قال: فاستمرت به.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ميمون بن مهران {فَمَرَّتْ بِهِ} يقول: استخفته.
وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبي صالح في قوله: {لَئِنْ ءاتَيْتَنَا صالحا} فقال: أشفق أن يكون بهيمة، فقالا لئن آتيتنا بشرًا سويًا.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد نحوه.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن الحسن في الآية قال غلامًا سويًا.
وأخرج عبد بن حميد، عن ابن عباس، في قوله: {جعلا له شركاء} قال: كان شريكًا في طاعة، ولم يكن شريكًا في عبادة.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه، قال: ما أشرك آدم إنّ أوّلها شكر، وآخرها مثل ضربه لمن بعده.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن السديّ، في قوله: {فتعالى الله عَمَّا يُشْرِكُونَ} هذا فصل من آية آدم خاصة في آلهة العرب.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك نحوه.
وأخرج عبد بن حميد، وأبو الشيخ، عن الحسن، في الآية قال: هذا في الكفار يدعون الله، فإذا آتاهما صالحًا هوّدًا أو نصرًا، ثم قال: {أَيُشْرِكُونَ مَالا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} يقول: يطيعون مالا يخلق شيئًا، وهي الشياطين لا تخلق شيئًا وهي تخلق {وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا} يقول لمن يدعوهم. اهـ.

.التفسير المأثور:

{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آَتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189) فَلَمَّا آَتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آَتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190) أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (192)}.
أخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لما ولدت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد، فقال: سميه عبد الحارث فإنه يعيش، فسمته عبد الحارث فعاش، فكان ذلك من وحي الشيطان وأمره».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه عن سمرة بن جندب في قوله: {فلما آتاهما صالحًا جعلا له شركاء} قال: سمياه عبد الحارث.
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن أُبي بن كعب قال: لما حملت حواء وكان لا يعيش لها ولد آتاها الشيطان، فقال: سمياه عبد الحارث يعيش لكما، فسمياه عبد الحارث فكان ذلك من وحي الشيطان وأمره.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أُبي بن كعب قال: لما حملت حواء أتاها الشيطان، فقال: أتطيعيني ويسلم لك ولدك؟ سميه عبد الحارث فلم تفعل، فولدت فمات، ثم حملت فقال لها مثل ذلك: فلم تفعل، ثم حملت الثالث فجاءها فقال لها: إن تطيعيني سلم لك، وإلا فإنه يكون بهيمة، فهيبها، فأطاعته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال: ولد لآدم ولد فسماه عبد الله، فأتاهما إبليس فقال: ما سميتما ابنكما هذا؟ قال: عبد الله، وكان ولد لهما قبل ذلك ولد فسمياه عبد الله. فقال إبليس: أتظنان أن الله تارك عبده عندكما؟ ووالله ليذهبن به كما ذهب بالآخر ولكن أدلكما على اسم يبقى لكما ما بقيتما فسمياه عبد شمس فسمياه، فذلك قوله تعالى: {أيشركون ما لا يخلق شيئًا} الشمس لا تخلق شيئًا إنما هي مخلوقة. قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خدعها مرتين». قال زيد: خدعهما في الجنة، وخدعهما في الأرض.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال: لما أهبط الله آدم وحواء ألقى في نفسه الشهوة لامرأته، فتحرك ذلك منه فأصابها، فليس إلا أن أصابها حملت، فليس إلا أن حملت تحرك ولدها في بطنها، فقالت: ما هذا؟ فجاءها إبليس فقال لها: إنك حملت فتلدين. قالت: ما ألد؟ قال: ما هل ترين إلا ناقة أو بقرة أو ماعزة أو ضانية هو بعض ذلك، ويخرج من أنفك أو من عينك أو من اذنك. قالت: والله ما مني من شيء إلا وهو يضيق عن ذلك! قال: فاطيعيني وسميه عبد الحارث- وكان اسمه في الملائكة الحارث- تلدي مثلك، فذكرت ذلك لآدم فقال: هو صاحبنا الذي قد علمت. فمات ثم حملت بآخر، فجاءها فقال: أطيعيني أو قتلته فإني أنا قتلت الأول، فذكرت ذلك لآدم فقال مثل قوله الأوّل، ثم حملت بالثالث فجاءها فقال لها مثل ما قال، فذكرت ذلك لآدم فكأنه لم يكره ذلك، فسمته عبد الحارث فذلك قوله: {جعلا له شركاء فيما آتاهما}.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: حملت حواء، فأتاها إبليس فقال: إني صاحبكما الذي أخرجتكما من الجنة، لتطيعيني أو لأجعلن له قربى أيل فيخرج من بطنك فيشقه، ولأفعلن ولأفعلن- فخوّفهما- سمياه عبد الحارث، فأبيا أن يطيعاه فخرج ميتًا، ثم حملت فأتاهما أيضًا فقال مثل ذلك، فأبيا أن يطيعاه فخرج ميتًا، ثم حملت فأتاهما فذكر لهما فادركهما حب الولد فسمياه عبد الحارث، فذلك قوله: {جعلا له شركاء فيما آتاهما}.