فصل: قال أبو جعفر النحاس:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو جعفر النحاس:

تفسير سورة الأنفال:
مدنية وآياتها 75 آية.
بسم الله الرحمن الرحيم سورة الأنفال وهي مدنية.
1- قوله جل وعز: {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول} [آية 1] قال ابن عباس نزلت في يوم بدر وروى إسرائيل عن سماك بن حرب عن مصعب بن سعد عن أبيه قال أصبت سيفا يوم بدر فاستحسنته فقلت يا رسول الله هبه لي فنزلت {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول} قال أبو جعفر المعروف من قراءة سعد بن أبي وقاص يسألونك الأنفال بغير عن هكذا رواه شعبة عن سماك عن مصعب عن أبيه قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم في يوم بدر من قتل قتيلا فله كذا ومن أسر أسيرا فله كذا فلما فتح لهم جاءوا يطلبون ذلك فقام سعد والأشياخ فقالوا يا رسول الله إنما قمنا هذا المقام ردءا لكم لا جبنا فنزلت يسألونك عن الأنفال فسلموا الغنيمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نزلت بعد {واعلموا أنما غنمتم من شيء فان لله خمسه} فبين الله جل وعز في هذا أن الأنفال صارت من الخمس لا من الجملة قال مجاهد وعكرمة هي منسوخة نسخها {واعلموا أن ما غنمتم من شيء فأن لله خمسه} إلى آخر الآية.
قال مجاهد: والأنفال الغنائم قال أبو جعفر والأنفال في اللغة ما يتطوع به الإمام مما لا يجب عليه نحو قوله من جاء بأسير فله كذا ومنه النافلة من الصلوات ثم قيل للغنيمة نفل لأنه يروى أن الغنائم لم تحل لأحد إلا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم فكأنهم أعطوها نافلة.
2- وقوله جل وعز: {فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم} [آية 1] الذات الحقيقة والبين الوصل ومنه: {لقد تقطع بينكم}.
3- وقوله جل وعز: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} [آية 2] قال ابن أبي نجيح أي فرقت وأنشد أهل اللغة لعمرك ما أدري وإني لأوجل على أينا تغدو المنية أول.
وروى سفيان عن السدي في قوله جل وعز: {الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} قال إذا أراد أن يظلم مظلمة قيل له اتق الله كف ووجل قلبه.
4- ثم قال جل وعز: {وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا} [آية 2] أي صدقوا بها فازدادوا إيمانا قال الحسن الذين يقيمون الصلاة الخمس بوضوئها وركوعها وسجودها وخشوعها وقال مقاتل بن حيان إقامتها أن تحافظ على مواقيتها وإسباغ الطهور فيها وتمام ركوعها وسجودها وتلاوة القرآن فيها والتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهذا إقامتها.
5- وقوله جل وعز: {كما أخرجك ربك من بيتك بالحق} [آية 5] فيه أقوال:
أ- قال الكسائي المعنى يجادلونك في الحق مجادلتهم كما أخرجك ربك من بيتك بالحق.
ب- قال أبو عبيدة ما بمعنى الذي أي والذي أخرجك هذا معنى كلامه.
ج- وقول ثالث وهو أن المعنى قل الأنفال لله والرسول كما أخرجك ربك من بيتك بالحق أي كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وهم كارهون قل الأنفال لله والرسول وإن كرهوا.
وقيل كما أخرجك ربك من بيتك متعلق بقوله تعالى: {لهم درجات عند ربهم} أي هذا الوعد لهم حق في الآخرة {كما أخرجك ربك من بيتك بالحق} فانجز وعدك بالظفر.
6- ثم قال جل وعز: {يجادلونك في الحق بعد ما تبين} [آية 6] فكما كان هذا حقا فكذلك كل ما وعدكم به حق يجادلونك في الحق بعد ما تبين وتبيينه أنه لما خبرهم بخبر بعد خبر من الغيوب حقا وجب أن لا يشكوا في خبره وأحسنها قول مجاهد أن المعنى كما أخرجك ربك من بيتك أي من المدينة إلى بدر على كره كذلك يجادلونك في الحق لأن كلا الأمرين قد كان مع قرب احدهما من الآخر فذلك أولى مما بعد عنه.
7- وقوله جل وعز: {وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين انها لكم} [آية 7] قال قتادة الطائفتان أبو سفيان معه العير وابو جهل معه نفير قريش وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبون أن يظفروا بالعير واراد الله عز وجل غير ذلك والشوكة السلاح.
8- ثم قال جل وعز: {ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين} [آية 7] أي كان في ظهورهم على المشركين وإمدادهم بالملائكة ما أحق به الحق وقطع دابر الكافرين.
9- وقوله جل وعز: {فاستجاب لكم أني ممدكم بالف من الملائكة مردفين} [آية 9].
قال ابن عباس أي متتابعين وقال أبو جعفر قال أهل اللغة يقال ردفته وأردفته إذا تبعته قال مجاهد {مردفين} أي ممدين.
10- وقوله جل وعز: {وما جعله الله إلا بشرى} [آية 10] يعني الإمداد ويجوز أن يكون يعني الإرداف.
11- وقوله جل وعز: {إذ يغشيكم النعاس أمنة منه} [آية 11].
قال ابن أبي نجيح كان المطر قبل النعاس ويقال أمن يأمن أمنا وأمانا وأمنة وأمنة وروي عن ابن محيصن أنه قرأ {أمنة} بإسكان الميم وقال عبد الله بن مسعود النعاس في الصلاة من الشيطان وفي الحرب أمنة.
12- ثم قال جل وعز: {وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به} [آية 11] قال الضحاك سبق المشركون المسلمين إلى الماء ببدر فبقي المسلمون عطاشا محدثين مجنبين لا يصلون إلى الماء فوسوس إليهم الشيطان فقال إنكم تزعمون أنكم على الحق وأن فيكم النبي وعدوكم معه الماء وأنتم لا تصلون إليه فأنزل الله جل وعز المطر فشربوا منه حتى رووا واغتسلوا وسقوا دوابهم.
قال ابن أبي نجيح رووا من الماء وسكن الغبار.
وقال غيره كان ذلك من الآيات العظام لأنهم كانوا على سبخة لا تثبت فيها الأقدام فلما جاء المطر ثبتت أقدامهم.
13- ثم قال جل وعز: {ويذهب عنكم رجز الشيطان} [آية 11] قال ابن أبى نجيح أي وساوسه قال الضحاك وأما قوله ويثبت به الأقدام فإنه كانت به رميلة لا يقدر احد أن يقف عليها فلما جاء المطر ثبتت الأقدام عليها.
14- وقوله عمرو جل وعز: {إذ يوحى ربك إلئ الملائكة قبل أني معكم فثبتوا الذين آمنوا} [آية 12].
يجوز أن يكون المعنى ثبتوهم بشئ تلقونه في قلوبهم ويجوز ان يكون المعنى ثبتوهم بالنصر والقتال عنهم 15- وقوله جل وعز: {فاضربوا فوق الأعناق} [آية 12] قيل إن فوق هاهنا زائدة وإنما ابيحوا يحيى ان يضربوهم على كل حال ويدل عليه واضربوا منهم كل بنان لأن البنان أطراف الأصابع الواحدة بنانة مشتق من قولهم أبن بالمكان إذا أقام به.
16- ثم قال جل وعز: {ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله} [آية 13] أي خالفوا كأنهم صاروا في شق آخر.
17- وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار} [آية 15] أي إذا واقفتموهم يقال زحفت له إذا ثبت وقيل التزاحف التداني والتقارب أي متزاحف الرحمن بعضهم إلى بعض.
18- ثم قال جل وعز: {ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله} [آية 16] قال الحسن كان هذا يوم بدر خاصة وليس الفرار من الزحف من الكبائر وروى شعبة عن داود بن أبى هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال نزلت في يوم بدر حدثنا أبو جعفر قال نا ابن سماعة قال نا أبو نعيم قال نا موسى بن محمد عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد {ومن يولهم يومئذ دبره} إلى قوله: {وبئس المصير} قال ذلك يوم بدر وقال عطاء هي منسوخة إلى قوله: {فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين} أهل بدر لم يكن لهم إمام ينحازون إليه إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم معهم فلم يكن لهم أن يرغبوا بانفسهم عن نفسه وفي حديث ابن عمر حصنا حيصة في جيش فخفنا فقلنا يا رسول الله نحن الفرارون فقال أنا فئتكم.
وكذا قال عمر يوم القادسية أنا فئة كل مسلم وقيل ذا عام لأن ذلك حكم من إلا أن يقع دليل فإن خاف رجل على نفسه وتيقن انه لا طاقة له بالمشركين فله الرجوع لئلا يلقي بيده إلى التهلكة.
19- ثم قال جل وعز: {فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم} [آية 17] وقال ابن أبي نجيح لما قال هذا قتلت وهذا قتلت.
20- ثم قال سجل وعز: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} [آية 17] قال ابن أبي نجيح هذا لما حصبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو جعفر وحقيقة هذا في اللغة إنهم خوطبوا على ما يعرفون لن لأن عددهم كان قليلا وأبلغوا من المشركين ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حصبهم بكفه فلم يبق أحد من المشركين إلا وقع في عينه أي فلو كان إلى ما في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل إلى ذلك الجيش العظيم ولكن الله فعل بهم ذلك والتقدير والله أعلم وما رميت بالرعب في قلوبهم إذ رميت بالحصباء في وجوههم وقلت شاهت الوجوه ولكن الله رمى بالرعب في قلوبهم وقيل المعنى وما رميت الرمي الذي كانت به الإماتة ولكن الله رمى.
21- ثم قال جل وعز: {وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا} [آية 17].
والبلاء هاهنا النعمة.
22- وقوله جل وعز: {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح} [آية 19] قال مجاهد أي إن تستنصروا وقال الضحاك قال أبو جهل اللهم انصر أحب الفئتين إليك فقال الله عز وجل: {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح} والمعنى عند أهل اللغة إن تستدعوا روى الفتح وهو النصر.
23- وقوله جل وعز: {ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون} [آية 21] لأنهم استمعوا استماع عداوة ويبينه قوله: {إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون} أي هم بمنزلة الصم في أنهم لا يسمعون سماع من يقبل الحق وبمنزلة البكم لأنهم لا يتكلمون بخير ولا يعقلونه.
24- ثم قال جل وعز: {ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم} [آية 23] أي لأسمعهم جواب كل ما يسألون عنه.
25- ثم قال جل وعز: {ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون} [آية 23] أي لو أخبرهم بكل ما يسألون عنه لأعرضوا وكفروا معاندة وحسدا.
26- وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول} [آية 24] أبو عبيدة يذهب إلى أن معنى استجيبوا أجيبوا وأنشد:
وداع دعا يا من يجيب إلى الندى ** فلم يستجبه عند ذاك مجيب

27- ثم قال جل وعز: {إذا دعاكم لما يحييكم} [آية 24] أي لما تصيرون به إلى الحياة الدائمة في الآخرة.
28- ثم قال جل وعز: {واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه} [آية 24] قال سعيد بن جبير يحول بين المؤمن وبين الكفر وبين الكافر وبين الأيمان وقال الضحاك يحول بين المؤمن والمعصية وبين الكافر والطاعة قال أبو جعفر وأول هذا القول بعض أهل اللغة أن معناه يحول بينهما وبين ذنبك بالموت وقيل هو تمثيل أي هو قريب كما قال جل وعز: {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} وقيل: كانوا ربما خافوا من عدوهم فأعلمهم الله جل وعز أنه يحول بين المرء وقلبه فيبد ولم لهم من الخوف أمنا ويبدل عدوهم من الأمن خوفا.
29- وقوله جل وعز: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} [آية 25] قيل إنها تعم الظالم وغيره وروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} قال أمر الله المؤمنين ان لا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم الله بالعذاب وقال الضحاك هي في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة وروي عن الزبير انه قال يوم الجمل لما لقي ما توهمت أن هذه الاية نزلت فينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إلا اليوم {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} وقول آخر وهو قول أبي العباس محمد بن يزيد انه نهي بعد أمر نهي الفتنة والمعنى في النهي للظالمين أي لا تقربن الظلم وحكى سيبويه لا أرينك هاهنا أي لا تكن هاهنا فإنه من كان هاهنا رايته وأبو إسحاق يذهب إلى أن معناه الخبر وجاز دخول التون في الخبر لأن فيه قوة الجزاء قال أبو جعفر ورأيت علي بن سليمان يذهب إلى أنه دعاء.
30- وقوله جل وعز: {واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس} [آية 26] قال وهب بن منبه يعني بالناس فارس وقال عكرمة كفار قريش قال السدي فآواكم إلى المدينة.
31- وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا} [آية 29] قال مجاهد وعطاء والضحاك أي مخرجا قال مجاهد في قوله: {يوم الفرقان} قال يوم بدر فرق الله فيه بين الحق والباطل قال أبو جعفر والفرقان في اللغة بمعنى الفرق يقال فرقت بين الشيئين فرقا وفرقانا.