فصل: قال الشنقيطي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الشنقيطي:

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.
هذه الآية الكريمة تدل على أن لكفار مكة أمانين يدفع الله عنهم العذاب بسببها: أحدهما كونه صلى الله عليه وسلم فيهم لأن الله لم يهلك أمة ونبيهم فيهم.
والثاني استغفارهم الله وقوله تعالى: {وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} يدل على خلاف ذلك.
والجواب من أربعة أوجه:
الأول: وهو اختيار ابن جرير ونقله عن قتادة والسدي وابن زيد أن الأمانين منتفيان فالنبي صلى الله عليه وسلم خرج من بين أظهرهم مهاجرا واستغفارهم معدوم لإصرارهم على الكفر فجملة الحال أريد بها أن العذاب لا ينزل في حاله استغفارهم لو يستغفروا ولا في حالة وجود نبيهم فيهم لكنه خرج من بين أظهرهم ولم يستغفروا لكفرهم ومعلوم أن الحال قيد لعاملها ووصف لصاحبها فالاستغفار مثلا قيد في نفي العذاب لكنهم لم يأتوا بالقيد فتقرير المعنى وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون لو استغفروا.
وبعد انتفاء الأمرين عذبهم بالقتل والأسر يوم بدر كما يشير إليه قوله تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ}.
الوجه الثاني: أن المراد بقوله: يستغفرون استغفار المؤمنين المستضعفين بمكة وعليه فالمعنى أنه بعد خروجه صلى الله عليه وسلم كان استغفار المؤمنين سببا لرفع العذاب الدنيوي عن الكفار المستعجلين للعذاب بقولهم: {فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ} الآية.
وعلى هذا القول فقد أسند الاستغفار إلى مجموع أهل مكة الصادق بخصوص المؤمنين منهم ونظير الآية عليه قوله تعالى: {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ} مع أن العاقر واحد منهم بدليل قوله تعالى: {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ} وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا}: أي جعل القمر في مجموعهن الصادق بخصوص السماء التي فيها القمر لأنه لم يجعل في كل سماء قمرًا.
وقوله تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} أي من مجموعكم الصادق بخصوص الإنس على الأصح إذا ليس من الجن رسل وأما تمثيل كثير من العلماء لإطلاق المجموع مرادا بعضه بقوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} زاعمين أن معنى قوله منهما: أي من مجموعهما الصادق بخصوص البحر الملح لأن العذب لا يخرج منه لؤلؤ ولا مرجان فهو قول باطل بنص القرآن العظيم.
فقد صرح تعالى باستخراج اللؤلؤ والمرجان من البحرين كليهما حيث قال: {وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} فقوله تعالى: {وَمِنْ كُلّ} نص صريح في إرادة العذب والملح معا وقوله: {حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} هي اللؤلؤ والمرجان، وعلى هذا القول فالعذاب الدنيوي يدفعه الله عنهم باستغفار المؤمنين الكائنين بين أظهرهم.
وقوله تعالى: {وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ}: أي بعد خروج المؤمنين الذين كان استغفارهم سببا لدفع العذاب الدنيوي فبعد خروجهم عذب الله أهل مكة في الدنيا بأن سلط عليهم رسول الله عليه وسلم حتى فتح مكة ويدل لكونه تعالى يدفع العذاب الدنيوي عن الكفار بسب وجود المسلمين بين أظهرهم ما وقع في صلح الحديبية كما بينه تعالى بقوله: {وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَأُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}.
فقوله: {لَوْ تَزَيَّلُوا} أي لو تزيل الكفار عن المسلمين لعذبنا الكفار بتسليط المسلمين عليهم ولكنا رفعنا عن الكفار هذا العذاب الدنيوي لعدم تميزهم من المؤمنين كما بينه بقوله: {وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ} الآية.
ونقل ابن جرير هذا القول عن ابن عباس والضحاك وأبي مالك وابن أبزي وحاصل هذا القول أن كفار مكة لما قالوا: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً}.الآية.
أنزل الله قوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} ثم لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم بقيت طائفة من المسلمين بمكة يستغفرون الله ويعبدونه فأنزل الله قوله تعالى: {وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ} أي: أيُّ شيء ثبت لهم يدفع عنهم عذاب الله.
وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون من بين أظهرهم.
فالآية على هذا كقوله: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ}.
الوجه الثالث: أن المراد بقوله: {وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} كفار مكة وعليه فوجه الجمع أن الله تعالى يرد عنهم العذاب الدنيوي بسبب استغفارهم أما عذاب الآخرة فهو واقع بهم لا محالة فقوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ} أي في الدنيا في حالة استغفارهم وقوله: {وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ} أي في الآخرة وقد كانوا كفارا في الدنيا.
ونقل ابن جرير هذا القول عن ابن عباس وعلى هذا القول فعمل الكافر ينفعه في الدنيا كما فسر به جماعة قوله تعالى: {وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ}: أي أثابه من عمله الطيب في الدنيا وهو صريح قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا}.الآية.
وقوله تعالى: {أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ}.
وقوله: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} ونحو ذلك من الآيات يدل على بطلان عمل الكافر من أصله كما أوضحه الله تعالى بقوله: {حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} فجعل كلتا الدارين ظرفا لبطلان أعمالهم واضمحلالها وسيأتي إن شاء الله تحقيق هذا المقام في سورة هود.
الوجه الرابع: أن معنى قوله: {وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} أي يسلمون أي وما كان الله معذبهم وقد سبق في عمله أن منهم من يسلم ويستغفر الله من كفره وعلى هذا القول فقوله: {وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ} في الذين سبقت لهم الشقاوة كأبي جهل وأصحابه الذين عذبوا بالقتل يوم بدر ونقل ابن جرير معنى هذا القول عن عكرمة ومجاهد.
وأما ما رواه ابن جرير عن عكرمة والحسن البصري من أن قوله: {وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ} ناسخ لقوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} فبطلانه ظاهر لأن قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ}.الآية.
خبر من الله بعدم تعذيبه لهم في حالة استغفارهم والخبر لا يجوز نسخه شرعا بإجماع المسلمين وأظهر هذه الأقوال الأولان منها. اهـ.

.قال الشوكاني في الآيات السابقة:

{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (31) وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)}
قوله: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الذين كَفَرُواْ} الظرف معمول لفعل محذوف، أي: واذكر يا محمد وقت مكر الكافرين بك، أو معطوف على ما تقدّم من قوله: {واذكروا} ذكر الله رسوله هذه النعمة العظمى التي أنعم بها عليه، وهي نجاته من مكر الكافرين وكيدهم كما سيأتي بيانه {لِيُثْبِتُوكَ} أي: يثبتوك بالجراحات، كما قال ثعلب وأبو حاتم، وغيرهما، ومنه قول الشاعر:
فقلت ويحكم ما في صحيفتكم ** قالوا الخليفة أمسى مثبتًا وجعا

وقيل: المعنى ليحبسوك، يقال أثبته: إذا حبسه.
وقيل: ليوثقوك، ومنه: {فَشُدُّواْ الوثاق} [محمد: 4].
وقرأ الشعبي {ليبيتوك} من البيات.
وقرئ {ليثبتوك} بالتشديد {أَوْ يُخْرِجُوكَ} معطوف على ما قبله، أي يخرجوك من مكة التي هي بلدك وبلد أهلك.
وجملة: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ الله} مستأنفة.
والمكر: التدبير في الأمر في خفية.
والمعنى: أنهم يخفون ما يعدّونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم من المكايد، فيجازيهم الله على ذلك ويردّ كيدهم في نحورهم.
وسمى ما يقع منه تعالى مكرًا مشاكلة، كما في نظائره {والله خَيْرُ الماكرين} أي: المجازين لمكر الماكرين بمثل فعلهم، فهو يعذبهم على مكرهم من حيث لا يشعرون، فيكون ذلك أشدّ ضررًا عليهم وأعظم بلاء من مكرهم.
قوله: {وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ ءاياتنا} أي التي تأتيهم بها، وتتلوها عليهم {قَالُواْ} تعنتًا وتمرّدًا وبعدًا عن الحق {قَدْ سَمِعْنَا} ما تتلوه علينا {لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هذا} الذي تلوته علينا.
قيل: إنهم قالوا هذا توهمًا منهم أنهم يقدرون على ذلك.
فلما راموا أن يقولوا مثله عجزوا عنه.
ثم قالوا عنادًا وتمرّدًا {إِنْ هذا إِلاَّ أساطير الأولين} أي: ما يستطره الوراقون من أخبار الأوّلين، وقد تقدّم بيانه مستوفى.
{وَإِذْ قَالُواْ} أي: واذكر إذ قالوا {اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ} بنصب الحق على أنه خبر كان، والضمير للفصل، ويجوز الرفع.
قال الزجاج: ولا أعلم أحدًا قرأ بها، ولا اختلاف بين النحويين في إجازتها، ولكن القراءة سنة، والمعنى: إن كان القرآن الذي جاءنا به محمد هو الحق، {فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا} قالوا هذه المقالة مبالغة في الجحود والإنكار.
قال أبو عبيدة: يقال أمطر في العذاب، ومطر في الرحمة.
وقال في الكشاف: قد كثر الإمطار في معنى العذاب.
{أَوِ ائتنا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} سألوا أن يعذبوا بالرجم بالحجارة من السماء، أو بغيرها من أنواع العذاب الشديد.
فأجاب الله عليهم بقوله: {وَمَا كَانَ الله لِيُعَذّبَهُمْ وَأَنتَ} يا محمد {فِيهِمْ} موجود، فإنك ما دمت فيهم فهم في مهلة من العذاب الذي هو الاستئصال {وَمَا كَانَ الله مُعَذّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} روي أنهم كانوا يقولون في الطواف غفرانك، أي: وما كان الله معذبهم في حال كونهم يستغفرونه.
وقيل المعنى: لو كانوا ممن يؤمن بالله ويستغفره لم يعذبهم.
وقيل إن الاستغفار راجع إلى المسلمين الذين هم بين أظهرهم، أي وما كان الله ليعذبهم وفيهم من يستغفر من المسلمين، فلما خرجوا من بين أظهرهم عذبهم بيوم بدر وما بعده.
وقيل المعنى: وما كان الله معذبهم وفي أصلابهم من يستغفر الله.
وقد أخرج عبد الرزاق، وأحمد، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والطبراني، وأبو الشيخ، وابن مردويه، وأبو نعيم في الدلائل، والخطيب، عن ابن عباس، في قوله: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الذين كَفَرُواْ} قال: تشاورت قريش ليلة بمكة فقال بعضهم: إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق، يريدون النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: بل اقتلوه، وقال بعضهم: بل أخرجوه، فأطلع الله نبيه على ذلك، فبات عليّ على فراش النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغار، فلما أصبحوا ثاروا إليه، فلما رأوه عليًا ردّ الله مكرهم فقالوا: أين صاحبك هذا؟ فقال: لا أدري، فاقتصوا أثره، فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم، فصعدوا في الجبل فمرّوا بالغار، فرأوا على بابه نسج العنكبوت فقالوا: لو دخل هنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه، فمكث فيه ثلاث ليال.
وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو نعيم، والبيهقي، عن ابن عباس، فذكر القصة بأطول مما هنا.
وفيها ذكر الشيخ النجدي أي إبليس ومشورته عليهم عند اجتماعهم في دار الندوة للمشاورة في أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وأن أبا جهل أشار بأن يأخذوا من كل قبيلة من قبائل قريش غلامًا، ويعطوا كل واحد منهم سيفًا، ثم يضربونه ضربة رجل واحد، فإذا قتلوه تفرّق دمه في القبائل، فقال الشيخ النجدي: هذا والله هو الرأي، فتفرّقوا على ذلك.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عبيد بن عمير، قال: لما ائتمروا بالنبي صلى الله عليه وسلم ليثبتوه أو يقتلوه أو يخرجوه، قال له عمه أبو طالب: هل تدري ما ائتمروا بك؟ قال: «يريدون أن يسجنوني أو يقتلوني أو يخرجوني»، قال: من حدّثك بهذا؟ قال: «ربي»، قال: نعم الربّ ربك استوص به خيرًا، قال: «أنا أستوصي به؟ بل هو يستوصي بي». وأخرجه ابن جرير من طريق أخرى عنه.
وهذا لا يصح، فقد كان أبو طالب مات قبل وقت الهجرة بسنين.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله: {وَإِذ يَمْكُرُ بِكَ الذين كَفَرُواْ} قال: قال عكرمة هي مكية.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عطاء في قوله: {لِيُثْبِتُوكَ} يعني: ليوثقوك.
وأخرج ابن جرير، وابن مردويه، عن سعيد بن جبير، قال: قتل النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم بدر صبرًا عقبة بن أبي معيط، وطعيمة بن عديّ، والنضر بن الحارث، وكان المقداد أسر النضر، فلما أمر بقتله قال المقداد: يا رسول الله أسيري، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه كان يقول في كتاب الله ما يقول»، قال: وفيه أنزلت هذه الآية: {وَإِذا تتلى عَلَيْهِمْ ءاياتنا} وهذا مرسل.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن السديّ أنها نزلت في النضر بن الحارث.
وأخرج البخاري، وابن أبي حاتم، وابن الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي، عن أنس بن مالك قال: قال أبو جهل بن هشام {اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ} الآية فنزلت: {وَمَا كَانَ الله لِيُعَذّبَهُمْ} الآية.
وأخرج عبد بن حميد، عن قتادة، أنها نزلت في أبي جهل.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير، في الآية، أنها نزلت في النضر بن الحارث.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد مثله.
وأخرج ابن جرير، عن عطاء، نحوه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في سننه، عن ابن عباس قال: كان المشركون يطوفون بالبيت ويقولون: لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك، ويقولون: غفرانك غفرانك، فأنزل الله: {وَمَا كَانَ الله لِيُعَذّبَهُمْ} الآية.
قال ابن عباس، كان فيهم أمانان: النبي صلى الله عليه وسلم، والاستغفار، فذهب النبيّ صلى الله عليه وسلم، وبقي الاستغفار.
وأخرج الترمذي وضعفه، عن أبي موسى الأشعري، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنزل الله عليّ أمانين لأمتي {وَمَا كَانَ الله لِيُعَذّبَهُمْ} الآية، فإذا مضيت تركت فيهم الاستغفار» وأخرج أبو الشيخ، والحاكم وصححه، والبهيقي في شعب الإيمان، عن أبي هريرة قال: كان فيكم أمانان مضى أحدهما وبقي الآخر، قال: {وَمَا كَانَ الله لِيُعَذّبَهُمْ} الآية.
وأخرج أبو الشيخ، وابن مردويه، عن ابن عباس نحوه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، والطبراني وابن مردويه، والحاكم، وابن عساكر، عن أبي موسى الأشعري نحوه أيضًا، والأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مطلق الاستغفار كثيرة جدًّا معروفة في كتب الحديث. اهـ.