فصل: فوائد بلاغية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فوائد بلاغية:

.قال أبو حيان:

وقد تضمنت هذه الآية الكبيرة نوعًا من البديع يسميه أرباب البيان: بالطباق.
وقد تقدّم شيء منه، وهو أن تأتي بالشيء وضدّه، ووقع هنا في قوله تعالى: {بعوضة فما فوقها} فإنهما دليلان على الحقير والكبير، وفي قوله: {فأما الذين آمنوا} {وأما الذين كفروا} وفي قوله تعالى: {يضل به كثيرًا ويهدي به كثيرًا} وفي قوله: {ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه} وفي قوله: {ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل}.
وجاء في هذه الثلاثة الأخيرة مناسبة الطباق، وهو أن كل أول منها كائن بعد مقابله، فالضلال بعد الهداية لقوله: كل مولود يولد على الفطرة، ولدخول أولاد الذين كفروا الجنة إذا ماتوا قبل البلوغ، والنقض بعد التوثقة، والقطع بعد الوصل.
فهذه ثلاثة تناسبت في الطباق.
وفي وصل الذين بالمضارع وعطف المضارعين عليه دليل على تجدد النقض والقطع والإفساد، وإشعار أيضًا بالديمومة، وهو أبلغ في الذم، وبناء يوصل للمفعول هو أبلغ من بنائه للفاعل، لأنه يشمل ما أمر الله بأن يصلوه أو يصله غيرهم.
وترتيب هذه الصلات في غاية من الحسن، لأنه قد بدأ أولًا بنقض العهد، وهو أخص هذه الثلاث، ثم ثنى بقطع ما أمر الله بوصله، وهو أعم من نقض العهد وغيره، ثم أتى ثالثًا بالإفساد الذي هو أعم من القطع، وكلها ثمرات الفسق، وأتى باسم الفاعل صلة للألف واللام ليدل على ثبوتهم في هذه الصفة، فيكون وصف الفسق لهم ثابتًا، وتكون النتائج عنه متجدّدة متكررة، فيكون الذم لهم أبلغ لجمعهم بين ثبوت الأصل وتجدّد فروعه ونتائجه، ولما ذكر أوصاف الفاسقين أشار إليهم بقوله: {أولئك} أي: أولئك الجامعون لتلك الأوصاف الذميمة من النقض والقطع والإفساد. اهـ.

.قال في إشارات الإعجاز:

{إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26) الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27)}.
اعلم! أن في هذه الآية أيضًا الوجوه الثلاثة النظمية وإن مآل المجموع ينظر إلى سوابقه والى لواحقه والى مجموع القرآن الكريم.
وأما نظمها بالنظر إلى لواحقها فاعلم! أن القرآن لما مثّل بالذباب والعنكبوت وبحث عن النمل والنحل انتهز الفرصةَ- للاعتراض- اليهودُ واَهلُ النفاق والشركِ فتحمقوا وقالوا: أيتنزل الله تعالى مع عظمته إلى البحث عن هذه الأمور الخسيسة التي يستحي من بحثها أهل الكمال؟ فضرب القرآن بهذه الآية ضربًا على أفواههم.
وأما نظمها بالقياس إلى سوابقها، فاعلم! أن القرآن لما أثبت النبوّة بالإعجاز والإعجاز بالتحدِّي والتحدِّي بسكوتهم.. وكذلك أثبت في رأس السورة أن القرآن مشتمل على صفات عالية ومزايا كاملة لا تجتمع في كلام؛ سكتوا في نقطة التحدي حتى لم ينبض لهم عرق عصبية لكن اعترضوا وغالطوا في نقطة كماله وقالوا أن التمثيل في امثال {كمثل الذي استوقد نارًا} و{كصِّيب من السماء} من الأمور العادية سبب لنزالة درجة الكلام فيشبه المحاورة العادية بين الناس؛ فالقرآن ألقمهم حجرًا وأفحمهم بهذه الآية.
وايضاحه: أن لهم شبهات واهية منشؤها أوهام متسلسلة مبناها مغالطات:
إحداها: القياس مع الفارق ومنشؤه أنهم ينظرون إلى كل شيء بمرآة مألوفهم. فحينما يرون الانسان ذهنه جزئي وفكره جزئي ولسانه جزئي وسمعه جزئي؛ لا يتعلق كلٌ بأمرين معا بالذات، ويعرفون أن مقياس الهمة موضوع المشغلة والاهتمام، ويرون أن القيمة والعظمة بنسبة الهمة حتى أنهم لا يسندون أمرًا حقيرًا نزيلًا إلى شخص عال جليل؛ ظنًا منهم أنه لايتنزل للاشتغال بمثله ولايسع ذلك الأمر الحقير همته العظيمة، ينظرون بهذا النظر المشط إلى الواجب تعالى ويقولون: كيف يتنزل بعظمته وجلاله للتكلم مع البشر بمثل محاورة الانسان وللبحث عن هذه الأمور الجزئية لاسيما هذه الأشياء المحقّرة؟ أفلا يعقل هؤلاء السفهاء أن ارادة الله تعالى وعلمه وقدرته كلية عمومية شاملة محيطة وليس مقياس عظمته تعالى إلا مجموع آثاره، وما ميزان تجليه إلا كافة كلماته التي لو كان البحر مدادًا لها مانفدت. مثلًا {ولله المثل الأعلى} إذا القت الشمس- بعد فرض كونها مختارة عاقلة- ضياءها على ذرّة ملوّثة، أيُقال لها كيف تنزلت بعظمتها للاشتغال والاهتمام بمثل هذه الذرة؟
نعم! أن الله تعالى كما خلق العالم واتقنه صنعًا واهتم به؛ كذلك خلق الجوهرَ الفردَ وأتقن صنعه. ففي نظر القدرة الجواهر الفردة كالنجوم السيارة، لأن قدرته تعالى وعلمه وارادته وكلامه لازمة للذات، وذاتية، فليست متجددة ولا قابلة للزيادة والنقصان ولا متغيرة حتى يتداخل فيها المراتب؛ إذ العجز ضدٌ لها لا يمكن تداخله بينها. فلا فرق بين الذرة والشمس. إذ الممكنُ بتساوي طرفَيه كالميزان ذي الكفتين، لا فرق في صرف القوة التي ترفع كفة وتضع أخرى بين أن يكون في الكفتين شمسان أو ذرتان، وهكذا نسبة المقدورات بالنسبة إلى القدرة الذاتية اللازمة. وأما بالنسبة إلى قوة الممكنات العارضة المتغيرة المتداخل بينها العجز فلا موازنة.
والحاصل: أن الذرات والأمور الخسيسة لما كانت مخلوقة له تعالى كانت معلومة له بالضرورة، فلا مُشاحّة بالبداهة أن يبحث عنها. وعلى هذا السر قال: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} فكيف لا يبحث عنها ولا يتكلم بها مَنْ عَلِم وهو العزيز الحكيم.
وثانية المغالطات: هي أنهم يزعمون أنهم يرون في اسلوب القرآن خلف المتكلم تمثال انسان، بدليل البحث عن هذه الأشياء الحقيرة والأمور العادية كأسلوب محاورة البشر. أفلا يتذكر هؤلاء المتجاهلون أن الكلام كما ينظر إلى متكلمه بجهة؛ كذلك ينظر إلى المخاطب به بجهات، على ما تقتضيه البلاغة للتطبيق على مقتضى حال المخاطب. فلما كان المخاطب بشرًا وكان البحث عن أحواله والمقصد تفهيمه، لبس القرآن اسلوبَ البشر الممزوج بحسيّاته المسمى بالتنزّلات الالهية إلى عقول البشر للتأنيس.. ألا تراك إذا حاورت مع صبيّ تتصبّى له؟
فان قلت: أن حقارة الأشياء وخساستها تنافي عظمة القدرة ونزاهة الكلام؟
قيل لك: أن الحقارة والخساسة والقبح وأمثالها إنما هي بالنظر إلى مُلك الأشياء وجهتها الناظرة الينا وبالنظر إلى نظرنا السطحيّ. وقد وُضعت الأسباب الظاهرية للتوسط في هذه الجهة لتنزيه العظمة. وأما بالنظر إلى ملكوتية الأشياء فكلها شفّافة عالية. وهذه الجهة هي محل تعلق القدرة، لايخرج من التعلق شئ؛ فكما اقتضت العظمة وضع الأسباب في الظاهر كذلك تستلزم الوحدة والعزة شمول القدرة لكلٍ واحاطة الكلام به؛ على أن القرآن المكتوب على ذرّة بالجواهر الفردة ليس بأقل جزالةً من القرآن المكتوب على صحيفة السماء بمداد النجوم، وإن خلقة الذباب ليست بأدنى صنعا من خلقة الفيل. فالكلام كالقدرة.
فان قلت: إلى أيّ شيء تعود الحقارة الظاهرية في هذه التمثيلات؟
قيل لك: إنما تعود إلى الممثَّل له دون الممثِّل، فكلما كانت مطابقته للممثَّل له أحسن، كانت درجة الكلام أعلى ونظام البلاغة أرفع. ألا ترى أن السلطان إذا أعطى راعيه ما يليق به من اللباس وألقى إلى الكلب ما يشتهيه من العظم. إلخ. لايقال أنه فعل بدعة، بل يقال أنه أحسن بوضع كل شيء في موضعه. فإذا كلما كان الممثل حقيرًا كان مثاله حقيرًا، وإن كان عظيمًا فعظيمًا. ولما كانت الأصنام أدنى الامور سلط الله الذباب على رؤوسها. ولما كانت عبادتها أهون الأشياء جعل الله تعالى نسج العنكبوت عنوانها.
وثالثة المغالطات: أنهم يقولون ما الحاجة إلى امثال هذه التمثيلات المومئة إلى العجز عن اظهار الحقيقة؟
الجواب: لما كان المقصد من انزال التنزيل ارشاد الجمهور، والجمهور عوام، والعوام لايرون الحقائق المحضة والمجردات الصرفة عراة عن متخيلاتهم- ألبس الله تعالى بلطفه واحسانه الحقائق لباس مألوفاتهم لتحسن الُفتهم كما عرفت في سرّ المتشابهات.
أما نظم الجمل بعض مع بعض، فاعلم! أن {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها} ردٌّ وطرد لاعتراضات متسلسلة. كأنهم يقولون أية حكمة في مكالمة الله تعالى مع البشر، وعتابه عليهم، والتشكِّي منهم؛ فانها علامة أن للانسان أيضًا تصرفًا آخر في العالم؛ لاسيما كالمحاورة الجارية بين الناس فانها علامة أنه كلام البشر.. ولاسيما يتراءى من خلف الكلام تمثال انسان.. ولاسيما بتصويرات وتمثيلات فانها علامة العجز عن اظهار الحقيقة.. ولاسيما إذا كانت التمثيلات عادية فانها علامة انحصار ذهن المتكلم.. ولاسيما بأمور حقيرة فانها علامة خفة المتكلم.. ولاسيما إذا كانت مما لا اضطرار إليه وكان تركه أولى.. ولاسيما إذا كان بعض تلك الأمور مما يستحي أهلُ العزّة عن البحث عنه.. ولاسيما إذا كان الباحث ذا العظمة والجلال.. فأجاب القرآن هدما لهذه السلسلة من المبدأ إلى المنتهى بضربة واحدة فقال: {إن الله لايستحيي} الخ؛ لان جهة الملكوتية لا تنافي العظمة والجلال فلا يتركها ولا يهملها؛ إذ الالوهية تقتضي كذلك. فإذا يمثَّل بالأمور المحقّرة للمعاني المحقّرة؛ إذ حكمته مع سر البلاغة هكذا تقتضي.. فإذا يذكر التمثيلات العادية بناء على إنها الموافقة للتربية والارشاد.. فإذا يصوّر الحقائق بتمثيلات- بناء على ما تقتضيه العناية مع التنزلات الالهية.. فإذا يختار اسلوب محاورة البشر بعض مع بعض بناء على ما تقتضيه الربوبية مع التربية.. فإذا يتكلم مع الناس بناءً على ماتقتضيه الحكمة مع النظام.
والحاصل: أن الله تعالى لما أودع في الانسان جزءًا اختياريًا وجعله مصدرًا لعالم الأفعال، أرسل كلامه لينظم ذلك العالم.
وان نظم جملة {فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم} هو: أنه لما ذكر في الأولى المدعى، أشار بهذه إلى طريق دليله. وكذا رمز وأومأ إلى وجه دفع الأوهام، أي من نظر بنور الإيمان ومن جانب الله تعالى ومن جهة قدرته جاعلا حكمته وعنايته وربوبيته نصب العين، علم أنه حق وبلاغة. واما من نظر من جانب حضيض نفسه، ومن جهة الممكنات، فلا جرم ستهوي به الأوهام.. ومثلهما كمثل شخصين صعدا منحدرًا رأيا جداول ماء. أما أحدهما فيصعد ويرى رأس العين ويذوق فيعلم أن الماء كله عذب؛ فكلما يصادف قطعة ماء من تفرعات الجداول يتفطن- ولو بامارة ضعيفة- أنه عذب، فلا تقدر الأوهام ولو قوية على تغليطه. وأما الآخر فيتسفل وينظر من جانب التفرعات ولا يرى منبع العين فيحتاج لمعرفة عذوبة كل قطعة ماء إلى دليل قطعي. فأدنى وهمٍ يُورطه في الشبهة. أو كمثال شخصين بينهما مرآة ينظر أحدهما إلى الوجه الشفّاف، والآخر إلى الوجه الملوّن.
والحاصل: أنه لابد في النظر إلى صنعه تعالى أن ينظر إليه من جانبه تعالى مع ملاحظة عنايته وربوبيته وليس هذا النظر إلا بنور الإيمان ولاتكون الأوهام حينئذ- ولو قوية- إلا أوهن من بيت العنكبوت. ولو نظر إليه من جهة الممكنات بنظر المشتري وبفكره الجزئي لقويت في عينه الأوهامُ الضعيفة فيتستر عنه الحقيقةُ كما يمنع جناحُ بعوضةٍ رؤية العين لجبل الجوديّ.
وان نظم جملة: {وأما الذين كفروا} الخ هو: أنه لما ارى طريق فهم حكمة اسلوب التمثيلات- وهي النظر بنور الإيمان من جانب الواجب الوجود- بيّن هنا الطريق المقابل الذي هو منشأ الأوهام والتعللات بأن ينظر من طرف نفسه بظلمة الكفر التي تصور كل شيء مظلما مع مرض القلب الذي يثقل به اخفّ وَهْم. ثم يضل طريق الحق ثم يتردد ثم يستفهم ثم ينكر. فالقرآن بالايجاز والكناية أورد- اشارةً إلى استفهامهم الانكاري- قوله: {ماذا أراد الله بهذا مثلا} بدل لا يعلمون مع أنه المطابق للسابق ظاهرًا.
وان نظم جملة: {يضل به كثيرًا ويهدي به كثيرًا} هو: إنها جواب عن صورة استفهامهم فلغاية الايجاز نزلت الغاية والعاقبةُ منزلة العلة الغائية كأنهم يسألون ويقولون: لأي شيء كان هكذا؟ ولِمَ لم يكن اعجازه بديهيا؟ ولِمَ لم يكن كونه كلام الله ضروريًا؟ ولِمَ صار معرض الأوهام بسبب هذه الأمثال؟ فأجاب القرآن بقوله: {يضل به كثيرًا ويهدي به كثيرًا} أي: لأجل أن من تفكر فيه بنور الإيمان ازداد نورًا. ومن تفكر بظلمة الكفر والتنقيد ازداد ظلمة.. وهذا لأجل أنه نظريّ ليس بديهيًا.. وهذا لأجل تفريق الأرواح الصافية العلوية عن الأرواح الكدرة السفلية.. وهذا لأجل تمييز الاستعدادات العالية بالنشوء والنماء عن الاستعدادات الخبيثة.. وهذا لأجل تمييز الفطرة الصحيحة بالتكمل والمجاهدة والاجتهاد عن الفطرة المتفسخة الفاسدة.. وهذا لأجل أن أمتحان البشر يستلزمه.. وهذا لأجل أن الابتلاء يقتضيه.
وهذا لأجل أن سر التكليف لتكميل البشر وسعادته يستلزمه. فأوجز التنزيل في الجواب.
إن قلت: قد قلت أن التكليف لتأمين سعادة البشر مع أنه يكون سببا لوقوع الأكثر في الشقاوة، ولولاه لما صار التفاوت بهذه الدرجة؟
قيل لك: أن الله تعالى كما كلّف الجزء الاختياريَّ بكسبه تشكيل عالم الأفعال الاختيارية؛ كذلك جعل التكليف سبب اسقاء وانبات البذور الغير المحصورة المودوعة في روح البشر. ولولاه لبقيت الحبوبات يابسة. وإذا تأملت في أحوال النوع بنظر نافذ رأيت كل ترقيات الروح المعنوية، وكل تكملات الوجدان الالهية، وتكملات العقل، وترقيات الفكر المثمرة بدرجة تحير فيها العقول إنما وجدت كافة بالتكليف.. وإنما استيقظت ببعثة الأنبياء.. وإنما تلقحت بالشرائع.. وإنما ألهمت من الأديان. ولولاها لبقي الانسان حيوانا ولانعدمت هذه الكمالات الوجدانية وتلك المحاسن الاخلاقية. أما القسم القليل فقبلوا التكليف اختيارا ففازوا بالسعادة الشخصية وصاروا سببا للسعادة النوعية. وأما القسم الكثير كميةً فهم وإن كفروا بقلوبهم وفيما هم فيه مختارون لكن لما لم يكن كل حال كل كافر كافرًا وكل صفته كافرة يابسة كانوا بسبب ايقاظ البعثة للحسِّيات الوجدانية، وتنبيه النبوة للسجايا الاخلاقية، وبتسامع الشرائع، وتعارف آثارها بحيث قد قبلوا أنواعًا من التكليف اضطرارًا.
فان قلت: سعادة القليل مع شقاوة الكثير كيف تكون مظهرًا لسعادة النوع حتى تكون الشريعة رحمة، مع أن سعادة النوع إنما تكون بالكل أو الأكثر؟
قيل لك: إذا كان لك مائة بيضة ووضعتها تحت طير، فافرخت عشرين وأفسدت ثمانين؛ أفلا تقول قد تكمل هذا النوع؟ إذ حياة عشرين تساوي ألوف بيضةٍ. أو كان لك مائة نواة تمر فأسقيتها بالماء فصار عشرون منها نخلات باسقات وتفسخ ثمانون، أفلا تقول: الماء سعادة لهذا النوع؟ أو كان لك معدن فسلطت عليه النار فأصفت خُمسه ذهبا وصيرت الباقي فحمًا ورمادًا، افلا تكون النار سبب كماله وسعادته؟ وقس على هذا!.. فإذا نشوء الحسيات العالية ونموّ الأخلاق إنما هو بالمجاهدة، وتكمل الأشياء إنما هو بمقابلة الأضداد ومزاحمتها. ألاترى أن حكومة إذا جاهدت ينمو فيها الجسارة وإذا تركت انطفأت.. تأمل!
وان نظم جملة {وما يضل به إلا الفاسقين} هو: أنه لما ابهم في {يضل به كثيراَ} انتبه ذهن السامع وخاف فاستفسر قائلًا: من هم الضالون؟ وما السبب؟ وكيف تجئ الظلمة من نور القرآن؟ فأجاب: بأنهم الفاسقون، وإن الاضلال جزاء لفسقهم، وبالفسق ينقلب النور في حق الفاسق نارًا والضياء ظلمة. ألا ترى أن ضياء الشمس يعفن ما استقذرت مادته. وإن وجه التوصيف بقوله: {الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض} هو أنه شرحٌ وكشف للفسق إذ الفسق عدول عن الحق وتجاوز عن الحد وخروج من القشر الحصين. وإن الفسق إنما هو بالافراط أو التفريط في القوى الثلاث التي هي القوّة العقلية والغضبية والشهوية.. وإن الافراط والتفريط سببان للعصيان في مقابلة الدلائل التي كالعهود الالهية في الفطرة.. وكذا وسيلتان لمرض الحياة النفسية وأشير إلى هذا بالصفة الأولى.. وكذلك محرِّكان للعصيان في مقابلة الحياة الاجتماعية وتمزيق الروابط والقوانين الاجتماعية وأشير إلى هذا بالصفة الثانية.. وأيضا هما سببان للفساد والاختلال المنجر إلى فساد نظام الأرض وأشير إلى هذا بالصفة الثالثة. نعم! أن الفاسق بتجاوز القوة العقلية عن حد الاعتدال يكسر رابطة العقائد ويمزق القشر الحصين أي الحياة الأبدية.. وبتجاوز القوة الغضبية يمزق قشر الحياة الاجتماعية.. وبتجاوز القوة البهيمية واتباع الهوى يزيل عن قلبه الشفقة الجنسية فيفسد ويورط الناس فيما تورط فيه فيكون سببا لضرر النوع وفساد نظام الأرض.
وان نظم جملة {أولئك هم الخاسرون} هو: أنه لما ذكر جنايات الفاسق ورهب بها أكد التهديد بنتيجتها وجزائها ليؤثر الترهيب. فقال: هم الذين خسروا ببيع الآخرة بالدنيا واستبدال الهدى بالهوى.
ولنشرع في نظم هيئات جملة جملة، فاعلم! أن الآيات وجملها وهيئاتها كأميال الساعة التي تعدّ الثواني والدقائقَ والساعاتِ، فكلما يثبت هذا شيئًا يؤيده ذاك بدرجته ويمده ذلك بنسبته، وكذا إذا اراد هذا شيئًا عاونه ذاك وساعده الآخر بحيث يُخطر الحال ما قيل:
عِبَارَاتُنا شَتّى وَحُسْنُكَ وَاحِدٌ ** وَكُلٌ إلى ذَاكَ الْجَمالِ يُشِيرُ

ولهذا السر قد بلغت سلاسة القرآن وعلوّ طبقته ودقة نقشه إلى مرتبة الاعجاز. أما هيئات جملة {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها} فاعلم! أن {ان} للتحقيق وردّ التردد والانكار فهي اشارة إلى الترددات المتسلسلة المذكورة.. وإن لفظة الله لتنبيه الذهن على الخطأ في القياس المذكور.. وإن ايثار {لايستحيي} على لا يترك مع أن الحياء- وهو انقباض النفس- محال في حقه تعالى ونفى المحال لا فائدة فيه، اشارة إلى أن الأسباب من الحكمة والبلاغة وغيرهما تقتضي حسن التمثيل فلا علة للترك إلا الحياء، والحياء عليه تعالى محال فلا سبب للترك أصلا فألزمهم أشدّ إلزام وألطفه.. وكذا رمز بمشاكلة الصحبة إلى كلمتهم الحمقاء من قولهم: أما يستحي ربّ محمد من التمثيل بهذه المحقّرات.. وإن ايثار {أن يضرب} على من المثل الحقير مع أنه الأنسب، اشارة إلى اسلوب لطيف وهو: أن التمثيل كضرب الخاتم للتصديق والاثبات، أو كضرب السكة للقيمة والاعتبار. وفي الاشارة رمز إلى حسن التمثيل طردًا للأوهام، وكذا اشارة إلى أن التمثيل منهاج مشهور مستحسن، لأن ضروب الأمثال من القواعد المعروفة.. وإن ايثار {أن يضرب} على ضرب مع أنه الأوجز للايماء إلى أن منشأ الاعتراض ليس إلاّ الخساسة. لأن {أن يضرب} لعدم استقلاله كأنه لطيف يُمرّ القصدَ إلى المفعول.. وأما ضرب فلاستقلاله كأنه كثيف يستوقف القصد.. وإن {مثلا} ايماء إلى خاصية التمثيل من تصوير المعقول بالمحسوس، والموهوم بالمحقق، والغائب بالشاهد. ومنه ايماء إلى رد الوهم.. وتنكير {مثلا} رمز إلى أن مدار النظر هو ذات التمثيل، وأما الصفات فمحمولة على طبيعة المقام وحال الممثَّل له.. وإن التعميم في {ما} اشارة إلى تعميم القاعدة لئلا يختص الجواب بما اعترضوا به فالممثَّل له أية صورة أقتضى استحسنتها البلاغة. وإن تخصيص {بعوضة} اشارة إلى كثرة استعمال البلغاء للتمثيل بها كقولهم أضعف من البعوضة.
وأشد عنادا من البعوضة وكلفتني مخ البعوضة وأعزّ من مخ البعوضة.
وقالت البعوضة للنخلة استمسكي أنا أطير والدنيا لا توزن عندالله جناج بعوضة وقس.. وفي الاشارة رمز إلى ضعف وهمهم.. وإن المعنى ب {ما فوقها} مادونها في الصغر وما فوقها في قيمة البلاغة أو في الصغر أيضا فالتعبير ب {ما فوقها} إشارة إلى أن الصغير أغرب بلاغة وأعجب خلقة.
واعلم! أن الهيئات كخيوط الحرير باجتماعها يظهر النقش الحسن. وأما هيئات جملة {فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا} فاعلم! أن الفاء للتفريع، والتفريع اشارة إلى دليل ضمني ينتج هذه الجملة ذات الشقين: أي لايترك التمثيل لأن البلاغة تقتضيه؛ فمن انصف يعرف أنه بليغ وحق وكلام الله تعالى. ومن نظر بالعناد لايعلم الحكمة فيتردد.. فيسأل.. فينكر.. فيستحقر. فانتج: أن المؤمن- لأنه منصف- يصدق أنه كلام الله، والكافر- لأنه معاند- يقول ما الفائدة فيه؟ وإن أما فلأنها شرطية لزومية في الوضع اشارة إلى أن الخبر لازم للمبتدأ وضروريّ له، يعني من شأن المبتدأ هذا الخبر.. وإن ايراد {الذين آمنوا} بدل المؤمنين اشارة إلى التنصيص على أن الإيمان هو سبب العلم بحقيته وإن العلم بحقيته ايمان.. وإن {أنه الحق} بدل أنه البليغ الأنسب بالمقام اشارة إلى آخر نتيجة اعتراضهم إذ غرضهم نفى كونه كلام الله.. وإن حصر {أنه الحق} اشارة إلى أن هذا هو المستحسن الذي لا يستقبح بخلاف ما يزعمون إذ السلامة من العيب لاتثبت الكمال.. وإن {من ربهم} اشارة إلى أن هدف غرضهم انكار النزول.. وإن {اما} في {واما الذين كفروا} للتأكيد والتحقيق والتفصيل.. وإن ايراد {الذين كفروا} بدل الكافرين الأوجز ايماء كما مر إلى أن انكارهم يجئ من الكفر ويذهب إلى الكفر.. وإن ايثار {فيقولون} على فلا يعلمون مع أنه الظاهر كما مر فلاختيار طريق الكناية للايجاز أي: من كفر لايعرف الحقيقة فينجر إلى التردد.. فينجر إلى الانكار.. فينجر إلى الاستحقار بصورة الاستفهام.. وأيضًا في يقولون رمز إلى أنهم كما كانوا ضالّين، كذلك كانوا مضلين بأقوالهم.
إن إيراد {الذين آمنوا} بدل المؤمنين الاوجز ايماء إلى أن انصافهم يجئ من الإيمان، ويذهب إلى الإيمان.. وإن ايثار {فيعلمون} على فيقولون الانسب بما يأتي اشارة إلى التنصيص على أن الإيمان هو سبب العلم بحقيقته، وإن العلم بحقيقيته ايمان.
وأما هيئات جملة {يضل به كثيرًا ويهدي به كثيراَ} فاعلم! أن الترتيب يقتضي تقديم الثانية لكن لما كان الغرض ردّ اعتراض المتردِّد المستفهِم المستنكِر المستقبح كان {يضل} أهمّ. أما العدول عن الضلالة والهداية المناسبتين للسؤال إلى صورة الفعل المضارع فاشارة إلى أن كفرهم يتكاثف ظلمة على ظلمة بنسبة تزايد النزول تجددًا؛ كما أن المؤمن يتزايد ايمانه بدرجات النزول نورًا على نور.. وكذا في الفعل- بناء على كونه جوابا- رمز إلى بيان حال الفريقين وبيان السبب. وأما {كثيرًا} ففي الأُولى كمية وعددًا، وفي الثانية قيمة وكيفية. نعم! أن كرام الناس كثيرون وإن قلّوا. فالتعبير بالكثير في الثانية رمز إلى سرّ كون القرآن رحمة للبشر. تأمل.
وأما جملة {وما يضل به إلا الفاسقين} فاعلم! أنه لما ذكر الكثير في الأولى دفع الوسوسة والخوف والتردد وتهمة النقص في القرآن ببيان: أن الضالين من هم؟ وإن منشأ الضلالة فسقهم، وإن سببها كسبهم، وإن القصور منهم لا من القرآن، وإن خلق الضلالة جزاء لفعلهم.
ثم اعلم! أن كل واحدة من هذه الجمل كما إنها كشّافة لسابقتها؛ كذلك مفسَّرة بلاحقتها كأنها دليل للسابقة نتيجة للاحقة.
وايضاحه: أن فيها سلسلتين.
إحداها هكذا: أنه لايستحي.. لأنه لا يترك.. لأنه بليغ... لأنه حق.. لأنه كلام الله.. لان المؤمن يعلمه.
والثانية هكذا: أنه لايستحي كما يقول المنكر.. لأنهم يقولون يلزم تركه.. لأنهم لايعلمون حكمته.. لأنهم يقولون ما الفائدة فيه.. لأنهم ينكرونه.. لأنهم يستحقرونه.. لأنهم يقعون في الضلالة بسماعه.. لأنهم يضلهم القرآن.. لأنهم هم الذين فسقوا وخرجوا عن قشرهم.. لأنهم نقضوا عهد الله.. لأنهم مزقوا ما اتصل بأمر التكوين والتشريع.. لأنهم يفسدون النظام الالهيّ في الأرض. فإذا هم الخاسرون في الدنيا باضطراب الوجدان وبقلق القلب وبتوحش الروح، وفي الآخرة بالعذاب الأبديّ وبغضب الله، فتأمل في سلاسة السلسلتين!
وأما هيئات جملة {الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض} فاعلم! أن توصيف الفاسقين المشككين في اعجازه ونظمه بهذه الأوصاف في هذا المقام، إنما هو لمناسبة لطيفة عالية. كأن القرآن يقول: ليس ببعيد من الفساق- الذين لم يروا اعجاز القدرة في نظام الكائنات التي هي القرآن الأكبر- أن يترددوا ويجهلوا اعجاز نظم القرآن؛ إذ كما يرون نظام الكائنات تصادفيا، والتحولات المثمرة عبثا اتفاقية فتستر عنهم- لفساد روحهم- حِكَمَه؛ كذلك بفطرتهم السقيمة وتهوسهم الفاسد رأوا النظم المعجز مشوشا ومقدماته عقيمة وثمراته مرّة.
اما جملة {ينقضون عهد الله} فلأن النقض لغةً تفريق خيوط الحبل وتمزيقها اشارة إلى اسلوب عال، كأن عهده تعالى حبل نوراني فتل بالحكمة والعناية والمشيئة فامتد من الازل إلى أن اتصل بالأبد. فتجلى في الكائنات بصورة النظام العمومي وأرسلت تلك السلسلة سلاسلها إلى الأنواع وامتدّ أَعْجُبُها 1 إلى نوع البشر فاورثت واثمرت في روح البشر بذور استعدادات وقابليات تسقى وتتزاهر بالجزء الاختياريّ المعدَّل بالأمر التشريعيّ، أي الدلائل النقلية. فوفاء العهد صرف الاستعدادات فيما وضعت له؛ ونقض العهد خلافه وتفريقه، ك الإيمان ببعض الأنبياء وتكذيب بعض.. وقبول بعض الأحكام ورد بعض.. واستحسان بعض الآيات واستنكار بعض.. فإنه يخل بالنظام والنظم والانتظام.
وأما جملة {ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل} فاعلم! أن هذا الأمر عام للأمر التشريعيِّ والأمر التكوينيِّ المندمج في القوانين الفطرية والعادات الالهية. فالقطع لما أمر بوصله شرعًا كقطع صلة الرحم وقطع قلوب المؤمنين بعض عن بعض. وعلى هذا القياس!.. وتكوينًا كقطع العمل عن العلم.. وقطع العلم عن الذكاء.. وقطع الذكاء عن الاستعداد. وقطع معرفة الله عن العقل.. وقطع السعي عن القوة.. وقطع الجهاد عن الجسارة وهكذا!.. إذ إعطاء القوة أمر معنوي تكويني بالسعي، وإعطاء الذكاء أمر معنوي بالعلم.. إلى آخره.
وأما جملة {ويفسدون في الأرض} فاعلم! أن من فسد وتورط في الوحل يطلب أن يكون له رفقاء متورطون ليتخفف عنه دهشة الحال بسر إذا عمّت البلية طابت وكذا إذا وقع في قلب أحد اختلالٌ، تخرب في قلبه الكمالاتُ وتتساقط الحسيات العالية، فيتولد فيه ميل التخريب فينتج له لذة في التخريب فيتحرى لذته في الافساد والاختلال.
فإن قلت: كيف يؤثر فساد فاسق في عموم الأرض المشار إليه بلفظ في الأرض؟قيل لك: الذي فيه نظام ففيه موازنة، حتى أن النظام مبني على الموازنة فتداخل شيء حقير بين دواليب ماكينة تتأثر به، وإن لم يُحس. والميزان الذي في كفتيه جبلان يتأثر بوضع جوزة على كفة.
وأما جملة {اولئك هم الخاسرون} فاعلم! أن حق العبارة هم خاسرون في عدم الهداية به فلفظ {اولئك} ولفظ {هم} والتعريفُ والاطلاقُ لنكت:
أما {اولئك} فلأن وضعه لإِحضار محسوسٍ، فالإِحضار المستفاد منه اشارة إلى أن السامع إذا سمع حالهم الخبيثة من شأنه أن يحصل له حدّة عليهم ونفرة منهم. فلتطمين نفرته وتشفّي حدّته يطلب أن يستحضروا إلى خياله ليشاهدهم وقت اتصافهم بالعاقبة الوخيمة.. والمحسوسية اشارة إلى أن أوصافهم الرذيلة تكثرت بدرجة تجسمهم محسوسين نصب نظر النفرة. فمن الإِشارة ايماء إلى علة الحكم بالخسارة.. والبعدية إشارة إلى أنهم قد بعدوا عن طريق الحق بدرجة لايرجعون فيستحقون الذم والتشنيع بخلاف من كان في معرض الندامة ومسافة الرجوع.. و{هم} اشارة إلى أن الخسارة منحصرة عليهم حتى أن خسارات المؤمنين لبعض اللذائذ الدنيوية ليست خسارة. وكذا خسارات أهل الدنيا في تجاراتهم ليست خسارة بالنسبة إلى خساراتهم.. والألف واللام اشارة إلى تصوير الحقيقة أي من أراد أن يرى حقيقة الخاسرين فلينظر اليهم.. وكذا ايماء إلى أن مسلكهم محض خسارة لا كالخسارات الأخر التي فيها وجوه من النفع لكن الضر أكثر. فالتعريف اما للكمال أو للبداهة أو لتصوير الحقيقة.. واطلاق الخسارة اشارة باعانة المقام الخطابيّ إلى عموم أنواع الخسارات. أي خسروا في وفاء العهد بالنقض، وفي صلة الرحم بالقطيعة، وفي الاصلاح بالإِفساد، وفي الإيمان بالكفر، وبالشقاوة خسروا السعادة الأبدية. اهـ.