فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه قال: كان آل محمد لا تحل لهم الصدقة فجعل لهم خمس الخمس.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {واعلموا أنما غنمتم من شيء} يعني من المشركين {فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى} يعني قرابة النبي صلى الله عليه وسلم {واليتامى والمساكين وابن السبيل} يعني الضيف، وكان المسلمون إذا غنموا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أخرجوا خُمْسَهُ فيجعلون ذلك الخمس الواحد أربعة أرباع، فربعه لله وللرسول ولقرابة النبي صلى الله عليه وسلم، فما كان لله فهو للرسول والقرابة وكان للنبي صلى الله عليه وسلم نصيب رجل من القرابة، والربع الثاني للنبي صلى الله عليه وسلم، والربع الثالث للمساكين، والربع الرابع لابن السبيل، ويعمدون إلى التي بقيت فيقسمونها على سهمانهم، فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم رد أبو بكر رضي الله تعالى عنه نصيب القرابة، فجعل يحمل به في سبيل الله تعالى، وبقي نصيب اليتامى والمساكين وابن السبيل.
وأخرج ابن أبي شيبة والبغوي وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن رجل من بلقين عن ابن عم له قال: قلت: يا رسول الله، ما تقول في هذا المال؟ قال: «لله خمسه، وأربعة أخماسه لهؤلاء- يعني المسلمين- قلت: فهل أحد أحق به من أحد؟ قال: لا، ولو انتزعت سهمًا من جنبك لم تكن بأحق به من أخيك المسلم».
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ وابن مردوبه والبيهقي في سننه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفل قبل أن تنزل فريضة الخمس في المغنم، فلما نزلت: {واعلموا أنما غنمتم من شيء...} الآية. ترك التنفل وجعل ذلك في خمس الخمس، وهو سهم الله وسهم النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مالك بن عبد الله الحنفي رضي الله عنه قال: كنا جلوسًا عند عثمان رضي الله عنه قال: من هاهنا من أهل الشام؟ فقمت؟ فقال: أبلغ معاوية إذا غنم غنيمة أن يأخذ خمسة أسهم فيكتب على كل سهم منها: لله ثم ليقرع فحيثما خرج منها فليأخذه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي رضي الله عنه {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه} قال: سهم الله وسهم النبي صلى الله عليه وسلم واحد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال: في المغنم خمس لله وسهم النبي صلى الله عليه وسلم بالصفى، كان يصطفى له في المغنم خير رأس من السبي إن سبي وإلا غيره، ثم يخرج الخمس، ثم يضرب له بسهمه شهد أو غاب مع المسلمين بعد الصفى.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء بن السائب رضي الله عنه. أنه سئل عن قوله: {واعلموا أنما غنمتم من شيء} وقوله: {ما أفاء الله على رسوله} [الحشر: 7] ما الفيء، وما الغنيمة؟ قال: إذا ظهر المسلمون على المشركين وعلى أرضهم فأخذوهم عنوة، فما أخذوا من مال ظهروا عليه فهو غنيمة، وأما الأرض: فهو فيء.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سفيان قال: الغنيمة ما أصاب المسلمون عنوة، فهو لمن سمى الله وأربعة أخماس لمن شهدها.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن جابر رضي الله عنه أنه سئل: كيف كان رسول الله يصنع في الخمس؟ قال: كان يحمل الرجل سهمًا في سبيل الله، ثم الرجل، ثم الرجل.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم شيء واحد في المغنم يصطفيه لنفسه، أما خادم واما فرس، ثم نصيبه بعد ذلك من الخمس.
وأخرج ابن مردويه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سلمنا الأنفال لله ورسوله، ولم يخمس رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرًا، ونزلت بعد {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه} فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين الخمس فيما كان من كل غنيمة بعد بدر.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، ألا توليني ما خصنا الله به من الخمس؟ فولانيه.
وأخرج الحاكم وصححه عن علي رضي الله عنه قال: ولاني رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس الخمس، فوضعته مواضعه حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن مكحول رضي الله عنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا سهم من الخيل إلا لفرسين، وإن كان معه ألف فرس إذا دخل بها أرض العدوّ، قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر للفارس سهمين وللراجل سهم».
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل للفارس سهمين، وللراجل سهما.
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة رضي الله عنه. أوصى بالخمس وقال: أوصي بما رضي الله به لنفسه، ثم قال: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأَن لله خمسه}.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مقاتل رضي الله عنه في قوله: {إن كنتم آمنتم بالله} يقول: أقرُّوا بحكمي {وما أنزلنا على عبدنا} يقول: وما أنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم في القسمة {يوم الفرقان} يوم بدر {يوم التقى الجمعان} جمع المسلمين وجمع المشركين.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {يوم الفرقان} قال: هو يوم بدر، وبدر: ماء بين مكة والمدينة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {يوم الفرقان} قال: هو يوم بدر، فرق الله بين الحق والباطل.
وأخرج سعيد بن منصور ومحمد بن نصر والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله: {يوم الفرقان يوم التقى الجمعان} قال: كانت بدر لسبع عشرة مضت من شهر رمضان.
وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كانت ليلة الفرقان يوم التقى الجمعان في صبيحتها ليلة الجمعة، لسبع عشرة مضت من رمضان.
وأخرج ابن جرير عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: كانت ليلة الفرقان يوم التقى الجمعان لسبع عشرة مضت من رمضان.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقتل في آي من القرآن، فكان أوّل مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرًا، وكان رئيس المشركين يومئذ عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، فالتقوا يوم الجمعة ببدر لسبع أو ست عشرة ليلة مضت من رمضان، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلثمائة وبضعة عشر رجلًا، والمشركون بين الألف والتسعمائة، وكان ذلك يوم الفرقان: يوم فرق الله بين الحق والباطل، فكان أول قتيل قتل يومئذ مهجع مولى عمر ورجل من الأنصار، وهزم الله يومئذ المشركين فقتل منهم زيادة على سبعين رجلًا وأسر منهم مثل ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن جعفر عن أبيه قال: كانت بدر لسبع عشرة من رمضان في يوم جمعة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام. أنه سئل أي ليلة كانت ليلة بدر؟ فقال: هي ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلة بقيت من رمضان.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عامر بن ربيعة البدري قال: كان يوم بدر يوم الاثنين لسبع عشرة من رمضان. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
قوله تعالى: {واعلموا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ} الآية.
الظَّاهرُ أنَّ ما هذه موصولةٌ بمعنى الَّذي وكان من حقِّها أن تكتب منفصلةً من أنَّ كما كُتبت: {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ} [الأنعام: 134] منفصلةً، ولكن كذا رُسِمَت.
و{غَنِمْتُم} صلتها، وعائدها محذوف لاستكمال الشُّروطِ، أي: غَنِمْتُمُوه.
وقوله: {فأنَّ لِلَّهِ} الفاءُ مزيدةٌ في الخبر؛ لأنَّ المبتدأ ضُمِّن معنى الشَّرطِ، ولا يَضُرُّ دخولُ الناسخ عليه؛ لأنه لَمْ يُغَيِّر معناه، وهذا كقوله تعالى: {إِنَّ الذين فَتَنُواْ} ثم قال: {فَلَهُم} والأخفش مع تجويزه زيادة الفاء في خبر المبتدأ مطلقًا، يمنع زيادتها في الموصول المشبه بالشَّرط إذا دخلت عليه {إنَّ} المكسورة، وآية البروج [10] حُجَّةٌ عليه.
وإذا تقرَّر هذا ف {أنَّ} وما علمتْ فيه في محلِّ رفع على الابتداء، والخبرُ محذوفٌ تقديره: فواجبٌ أنَّ لله خمسهُ، والجملةُ من هذا المبتدأ والخبر خبر لـ {أنَّ}.
وظاهر كلام أبي حيان أنه جعل الفاء داخلةً على: {أنَّ للَّهِ خُمُسَهُ} من غير أن يكون مبتدأ وخبرها محذوف، بل جعلها بنفسها خبرًا، وليس مرادهُ ذلك، غذ لا تدخل هذه الفاءُ على مفردٍ، بل على جملةٍ، والذي يُقَوِّي إرادته ما ذكرنا أنه حكى قول الزمخشريِّ، أعني كونه قدَّر أنَّ {أنَّ}، وما في حيِّزها مبتدأٌ، محذوفُ الخبر، فجعلهُ قولًا زائدًا على ما قدَّمه.
ويجوز في ما أن تكون شرطيةً، وعاملُها {غَنِمْتُم} بعدها، واسمُ أنَّ حينئذٍ ضميرُ المرِ والشَّأنِ وهو مذهبُ الفرَّاءِ، إلاَّ أنَّ هذا لا يجوزُ عند البصريين إلاَّ ضرورةً، بشرط ألاَّ يليها فعل؛ كقوله: [الخفيف]
إنَّ مَنْ يَدْخُلِ الكَنِيسَة يَوْمًا ** يَلْقَ فِيهَا جَآذِرًا وظِبَاءَ

وقول الآخَرِ: [الخفيف]
إنَّ مَنْ لامَ بَنِي بنتِ حَسَّا ** نَ ألُمْهُ وأعُصِهِ في الخُطُوبِ

وقيل: الفاءُ زائدةٌ، وأنَّ الثانيةُ بدلٌ من الأولى.
وقال مكي: وقد قيل إنَّ الثانية مؤكدةٌ للأولى، وهذا لا يجوز لأنَّ الولى تبقى بغير خبر؛ ولأنَّ الفاء تحول بين المؤكَّد والمؤكِّد وزيادتها لا تَحْسُن في مثل هذا.
وقيل: ما مصدريَّةٌ، والمصدر بمعنى المفعول أي: أنَّ مغنومكم هو المفعول به، أي: واعلموا أنَّ غُنمكم، أي: مغنومكم.
والغنيمةُ: أصلها من الغُنْمِ، وهو الفوزُ، يقال: غنم يغنم فهو غانم، وأصلُ ذلك من الغنم هذا الحيوان المعروف، فإنَّ الظفر به يُسَمَّ غُنْمًا، ثم اتُّسِع في ذلك، فَسُمِّي كلُّ شيء مظفورٍ به غُنْمًا ومَغْنَمًا وغَنيمة؛ قال علقمةُ بنُ عبدةَ: [البسيط]
ومُطْعَمُ الغُنْمِ يَوْمَ الغُنْمِ مُطعمُهُ ** أنَّى توَجَّهَ والمَحْرُومُ مَحْرُومُ

وقال الآخر: [الوافر]
لَقَدْ طَوَّفْتُ فِي الآفَاقِ حَتَّى ** رَضيتُ من الغنيمة بالإياب

قوله: {مِنْ شيءٍ} في محلِّ نصبٍ على الحال من عائد الموصول المقدَّر، والمعنى: ما غنمتموه كائنًا من شيء، أي: قليلًا أو كثيرًا.
وحكى ابن عطية عن الجعفي عن أبي بكر عن عاصم.
وحكى غيره عن الجعفيِّ عن هارون عن أبي عمرو: {فإنَّ لِلَّهِ} بكسر الهمزةِ، ويُؤيدُ هذه القراءة قراءة النخعي {فللَّه خُمُسهُ} فإنها استئناف، وخرجها أبُو البقاءِ على أنَّها وما في حيَّزها في محلِّ رفع، خبرًا لأنَّ الأولى.
وقرأ الحسنُ وعبدُ الوارث عن أبي عمرو: {خُمْسَهُ} بسكون الميم، وهو تخفيفٌ حسن.
وقرأ الجعفيُّ {خِمْسه} بكسر الخاء.
قالوا: وتخريجها على أنَّهُ أتبعَ الخاءَ لحركة ما قبلها، وهي هاء الجلالة من كلمة أخرى مستقلة، قالوا: وهي كقراءة من قرأ {والسماء ذَاتِ الحبك} [الذاريات: 7] بكسر الحاء إتباعًا لكسرة التاء من {ذاتِ} ولمْ يعتدُّوا بالساكن، وهو لامُ التعريف، لأنه حاجزٌ غير حصين.
قال شهاب الدين ليت شعري، وكيف يقرأ الجعفيُّ والحالةُ هذه؟ فإنه إن قرأ كذلك مع ضم الميم فيكون في غاية الثقل، لخروجه من كسرٍ إلى ضمٍّ، وإن قرأ بسكونها وهو الظَّاهرُ فإنه نقلها قراءةً عن أبي عمرو، أو عن عاصم، ولكن الذي قرأ: {ذاتِ الحِبُكِ} يبقى ضمَّه الباء، فيؤدي إلى فِعُل بكسر الفاء وضمِّ العين، وهو بناءٌ مرفوض.
وإنما قلت: إنه يقرأ كذلك؛ لأنه لو قرأ بكسر التاء لما احتاجوا إلى تأويل قراءته على الإتباع؛ لأن في {الحُبُك} لغتين: ضمُّ الحاءِ والباءِ، وكسرهما، حتَّى زعم بعضهم أنَّ قراءة الخروج من كسرٍ إلى ضمٍّ من التَّداخل.
قال القرطبي: ليست اللاَّم في لِذِي القُرْبَى لبيان الاستحقاق والملك، وإنّما هي للمصرف والمحل.
قوله: {واليتامى والمساكين وابن السبيل} اليتامى: جمع يَتيمٍ وهو الصغير المسلم الذي لا أب له إذا كان فقيرًا، و{المَسَاكِين} هم أهْلُ الفاقة والحاجة من المسلمين، و{ابْنِ السَّبيلِ} هو المسافر البعيد عن مالهِ، فهذا مصرف خمس الغنيمة ويقسم أربعة أخماس الغنيمة بين الغانمين الذين شهدُوا الوقعة، للفارس ثلاثة أسهم سهم له وسهمان لفرسه، وللرَّاجل سهمح لما روى ابنُ عمر أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أسْهَمَ لرجلٍ ولفرسه ثلاثة أسهم سَهْمًا له وسهمين لفرسه.