فصل: 3- عظمة الكائنات:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.3- عظمة الكائنات:

المرصد لبالومر يصف عظمة الكون كالآتي:
قبل نصب مرصد بالومر، كان العالم في نظرنا لا يزيد على خمسمائة سنة ضوئية. لكن هذا الناظور وسّع عالمنا إلى ألف مليون سنة ضوئية. واكتشف على أثر ذلك ملايين المجرات الجديدة التي يبعد بعضها عنا ألف مليون سنة ضوئية. أما بعد هذه المسافة فيتراءى لنا فضاء عظيم مهيب مظلم لا نبصر فيه شيئًا، أي أن النور لا ينفذ إليه كي يؤثر على صفحة التصوير في المرصد.
ومن دون شك أن هذا الفضاء المهيب المظلم يحتوي على مئات الملايين من المجرات التي تحافظ بجاذبيّتها على هذا العالم المرئي.
كل هذا العالم العظيم المرئي الحاوي على مئات آلاف الملايين من المجرات ليس إلا جزءًا صغيرًا جدًا من عالم أعظم. ولسنا واثقين من عدم وجود عالم آخر غير هذا العالم الأعظم. اهـ.

.موعظة:

.قال ابن الجوزي:

.المجلس الأول: يذكر فيه خلق ابن آدم:

الحمد لله الخالق بقدرته ما دب ودرج الفاتق بصنعته ما التأم وارتتج الراتق بحكمته ما افترق وانفرج الدال على وحدانيته بالبراهين والحجج أنشأ الأبدان من النطف وحفظ فيها المهج ونور العيون فأحسن في تركيبها الدعج وأنطق اللسان فأبان سبل المراد ونهج وعلم الإنسان البيان فإذا خاصم فلج بقدرته سكن المتحرك فما زال ولا اختلج ولهيبته تحرك الساكن فتغير وانزعج طوى اللطف في تكاليف الخلائق ودرج وما جعل عليكم في الدين من حرج خلق البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج ومرج واستخرج بدائع الودائع من بواطن اللجج وعلم ما ظهر في الأرض ورأى ما فيها ولج بصير يرى جريان الدماء في باطن الودج سميع يدرك بسمعه صوت الباكي إذا نشج لا يخفى على بصره في سواد الليل سواد الثبج ولا يعزب عن سمعه أنين المدنف يرجو الفرج أنزل كلاما قديما من ورد بحره ارتوى وابتهج قرآنا عربيا غير ذي عوج أحمده حمد من جمع المحامد في حمده ودرج وأشهد أنه العظيم القدر الرفيع الدرج وأصلي على رسوله محمد الذي إلى قاب قوسين عرج وعلى صاحبه أبي بكر الصديق الذي لا يبغضه إلا الرعاع الهمج وعلى عمر الذي يفوح من ذكره أذكى الأرج وعلى عثمان الذي جمع الإنفاق إلى الصهر فازدوج وعلى علي المجمع على حبه فإن خرج شخص من الإجماع خرج وعلى عمه العباس الذي افتخر به بيت الخلافة وابتهج.
قال الله تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} المراد بالإنسان هاهنا آدم عليه السلام والسلالة فعالة وهي القليل مما يسل فاستل من كل الأرض وقد روى أبو موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض وقد ذكرنا قصة آدم عليه السلام في أول الكتاب قوله تعالى: {ثم جعلناه نطفة} يعني ابن آدم والمراد بالنطفة المني {في قرار} يعني الرحم {مكين} أي حريز قد هيىء لاستقراره فيه قوله تعالى: {ثم خلقنا النطقة علقة} والعلقة دم عبيط جامد وسميت علقة لتعلقها بما تمر به فإذا جفت فليست علقة والمضغة لحمة صغيرة وسميت بذلك لأنها بقدر ما يمضغ {فخلقنا المضغة عظامًا فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر} وفي محل هذا الإنشاء قولان أحدهما بطن الأم ثم صفة الإنشاء فيه قولان أحدهما نفخ الروح رواه عطاء عن ابن عباس وبه قال أبو العالية والشعبي والقول الثاني أنه بعد خروجه من بطن أمه ثم في صفة هذا الإنشاء أربعة أقوال:
أحدها أن ابتداء ذلك الإنشاء أنه استهل ثم دل على الثدي وتقلب من حال إلى حال رواه عطية عن ابن عباس.
والثاني أنه استواء الشباب قاله ابن عمر.
والثالث خروج الأسنان والشعر قاله الضحاك.
والرابع إعطاء العقل والفهم حكاه الثعلبي {فتبارك الله} أي تعالى ورفع {أحسن الخالقين} أي المصورين والمقدرين أخبرنا هبة الله بن محمد أنبأنا الحسن بن علي التميمي أنبأنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل الله إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل النار وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل الجنة فيدخلها أخرجاه في الصحيحين وفي أفراد مسلم من حديث حذيفة بن أسيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ثم قال يا رب أذكر أم أنثى فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك ثم يقول يا رب رزقه فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص قال علماء المتطببين أول الأحوال الحادثة في المنى أن يكون له زبد ثم يوجد النفخ مندفعا إلى وسط الرطوبة إعدادا لمكان القلب ثم تتميز الأعضاء ويتنحى بعضها عن مماسة بعض ويحيط بالجنين ثلاثة أغشية غشاء تنسج فيه العروق وغشاء ينصب فيه بول الجنين وغشاء يجمع الرطوبة التي ترشح من الجنين وللرأس أربعة عظام ثلاثة كالجدران وواحد كالقاعدة وجعلت هذه الجدرن أصلب من اليافوخ لأن السقطات والصدمات عليها أكثر ويخف القحف لمعنيين أحدهما لئلا يثقل على الدماغ والثاني لينفذ منه البخار ومن العظام ما هو أساس للبدن كفقار الصلب يبنى عليه كما يبنى السقف على الخشبة الأولى ومنها كالمجن كالقحف فإنه جنة للدماغ من الآفات وخلق جوهر الدماغ باردا رطبا لينا دسما فأما برده فلأمرين أحدهما تعديل الحرارة التي تنفذ إليه من القلب والثاني لئلا يحترق لكثرة ما يتأدى إليه من حركات الروح في التخيل والفكر والتفكر والذكر وهذه القوى الثلاث مسكنها الدماغ فموضع التخيل البطنان المقدمان من بطون الدماغ وموضع الفكر البطن الأوسط وموضع الحفظ المؤخر من بطون الدماغ وأما رطوبته ولينه فلئلا تجففه الحركات وأما خلقه دسما فليكون ما ينبت فيه من العصب لينا وقد جلل الدماغ بغشائين أحدهما رقيق يليه والآخر صفيق يلي العظم وإنما خلقا ليكونا حاجزين بين الدماغ والعظم وأما العين فإنما جعلتا اثنتين ليتكونا إذا عرضت لإحداهما آفة قامت الأخرى بالبصر وكل عين مركبة من عشرة أجزاء وهي سبع طبقات وثلاث رطوبات والطبقات كقشور البصل إن أصابت بعضها آفة نابت الأخرى والرطوبات يقع النظر بالوسطى وهي صافية منيرة والرطوبتان من جانبيها فواحدة موضوعة خلفها تقرب من طبيعتها تتناول الغذاء أو تقلبه إلى طبعها فتتناول منه الرطوبة المبصرة والرطوبة الثانية تندي المبصرة لئلا تجف وخلق الهدب ليدفع ما يطير إلى العين وليعدل الضوء بسواده وأما الأذن فجعل لها صدف معرج ليجمع الصوت وخلق الأنف لينحصر فيه الهواء فيعتدل في حلوله قبل أن ينفذ إلى الدماغ والرئة ثم هو ستر للفضلات المنحدرة واللسان آلة لتقليب الممضوغ وتقطيع الصوت في إخراج الحروف وإليه تمييز الذوق والشفتان غطاء للفم والأسنان ومحبسا للعاب ومعينا على الكلام وجمالا واللهاة جوهر لحمي معلق على أعلى الحنجرة ومنفعته تدريج الهواء لئلا يقرع ببرده الرئة فجأة وليمنع الدخان والغبار كأنه باب موصد على مخرج الصوت بقدره والأسنان اثنان وثلاثون سنا فمنها ثنيتان من فوق وثنيتان من تحت ورباعيتان من فوق ورباعيتان من تحت ونابان من فوق ونابان من تحت ثم الأضراس وهي عشرون من كل جانب من الفم خمسة فمنها الضواحك وهي أربعة أضراس تلي الأنياب إلى جنب كل ناب من أسفل الفم وأعلاه ضاحك ثم بعد الضواحك الطواحن ويقال لها الأرحاء وهي اثنا عشر طاحنا من كل جانب من الفم واحد من فوق وواحد من أسفل فالأنياب للكسر والرباعيات للقطع والأضراس للطحن وخرز العنق سبع وفقار الصدر إحدى عشرة فقرة والصدر مؤلف من سبعة أعظم والساعد مؤلف من عظمين متلاصقين يسميان الزندين والفوقاني الذي يلي الإبهام أدق والسفلاني أغلظ لأنه حامل وعظام الأصابع غير مجوفة لتكون أقوى على الثبات في الحركة والقبض وطال بعضها لتستوي عند القبض والظفر سند للأنملة وآلة للحك والتنقية والصلب مسلك النخاع والمعدة تهضم بحرارة في لحمها وبحرارة أخرى مكتسبة من الأجسام المجاورة والطحال منفرش تحتها من اليسار وهو وعاء لبعض فضلاتها وللكبد عرقان أحدهما يجذب إليها الطعام فيطبخه ويوجهه في العرق الآخر إلى البدن ويبعث الماء منه إلى الكليتين والرغوة الصفراوية إلى المرارة والرسوب السوداوي إلى الطحال والقلب مخلوق من لحم قوي ليكون أبعد من الآفات وقد أميل يسيرا إلى اليسار ليبعد عن الكبد وله زائدتان كالأذنين فهما كخزانتين يقبلان النسيم ويرسلانه إلى القلب بقدر والمرارة كيس معلق من الكبد إلى ناحية المعدة تجذب الخلط الغليظ والمرار الأصفر فينقى الكبد عن الفضول ويسخنها ولولا أن المرارة تجذب المرة الصفراء لسرت إلى البدن مع الدم فتولد منها اليرقان الأصفر فهي تجذبه وتقذف منه جزءا إلى المعى فيغسل ما فيها من الأثقال بلذعه وتحريكه لها وجزءا إلى المعدة ليعينها بحرارته على الهضم وجميع عظام البدن بعدد أيام السنة يظهر منها للحس مائتان وخمسة وستون والباقية صغار تسمى السمسمانية وقد روى مسلم في أفراده من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال خلق كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاث مائة مفصل فمن كبر الله وحمد الله وهلل الله وسبح الله واستغفر الله وعزل حجرا عن طريق الناس أو شوكة أو عظما أو أمر بمعروف أو نهى عن منكر عدد تلك الستين والثلاثمائة فإنه يمشي حينئذ وقد زحزح نفسه عن النار وعضل البدن خمسمائة وتسع وعشرون عضلة والمرارة بيت الصفراء والرئة بيت البلغم والطحال بيت السوداء والمثانة بيت البرودة والكلى بيت الشهوة والقلب بيت النفس وفي بعض هذا ما يحرك الفكر فيوجب العلم بعظمة الخالق سبحانه فيحث على امتثال أمره واجتناب نواهيه وقد كان بعض العلماء في مركب فهاج البحر فأخرج كتاب التشريح ونشره نحو السماء كالمستشفع به فأنكر قوم ذلك فقال بعض العلماء كأن يقول يا من هذا من آثار حكمته وصنعته اكشف عنا.

.الكلام على البسملة:

لا ترقدن لعينك السهر ** وانظر إلى ما تصنع الغير

انظر إلى عبر مصرفة ** ما دام يمكن طرفك النظر

ما زلت تسمع أو ترى عبرا ** إن لم يخنك السمع والبصر

فإذا جهلت ولم تجد أحدا ** فسل الزمان فعنده الخبر

وإذا نظرت تريد معتبرا ** فانظر إليك ففيك معتبر

أنت الذي تمسي وتصبح في ** الدنيا وكل أموره غرر

أنت المصرف كان في صغر ** ثم استقل بشخصه الكبر

أنت الذي تنعاه خلقته ** ينعاه منه الشعر والبشر

أنت الذي تعطي وتسلب لا ** ينجيه من أن يسلب الحذر

أنت الذي لا شيء منه له ** وأحق منك بملك القدر

والحادثات صروفها عجب ** والعيش فيه الصفو والكدر

يبغي بنو الدنيا عمارتها ** وليخربن جميع ما عمروا

عجبا من الدنيا ومن عبر الدنيا ** وكيف تصرف الغير

ما زلت مذ صورت في سفر ** وستنقضي وسينقضي السفر

يا من يؤمل أنت منتظر ** أملا يطول ولست تنتظر

ماذا تقول وأنت في غصص ** ماذا تقول وأنت محتضر

ماذا تقول وقد وضعت على ** ظهر السرير وأنت تبتدر

ماذا تقول وأنت في جدث ** ماذا تقول وفوقك المدر

ماذا تقول وقد لحقت بما ** يجري عليه الريح والمطر

نبغي البقاء ولا بقاء لنا ** تتعاور الروحات والبكر

كم قد عفت عين لها أثر ** درست ويدرس بعدها الأثر

الدنيا معبر فاقنع باليسير وليكن همك في الرحيل والمسير كم من جامع لها فرقته ومن محب لها أهلكته ومزقته من قنع بالبلغة فيها سلم ومن أكثر منها أسف وندم:
عليك بتقوى الله واقنع برزقه ** فخير عباد الله من هو قانع

ولا تهلك الدنيا ولا طمع لها ** فقد يهلك المغرور فيها المطامع

صبرا على نوبات ما ناب واعترف ** فما يستوي حر صبور وجازع

أعاذل ما يغني الثراء عن الفتى ** إذا حشرجت بالنفس منه الأضالع

مر أبو حازم رحمه الله بجزار فقال يا أبا حازم خذ من هذا اللحم فقال ليس معي درهم فقال أنا أنظرك فقال أنا أنظر نفسي وقال بكر بن عبد الله يكفيك من الدنيا ما قنعت به كان ابن السماك رحمه الله يقول:
إني أرى من له قنوع ** يعدل من نال ما تمنى

والرزق يأتي بلا عناء ** وربما فات من تعنى

كان وهب بن منبه يعظ عطاء الخراساني ويقول له ألم أخبر أنك تأتي الملوك وتحمل علمك إليهم يا عطاء ارض بالدون من الدنيا مع الحكمة ولا ترض بالدون من الحكمة مع الدنيا ويحك يا عطاء إن كان يغنيك ما يكفيك فإن أدنى ما في الدنيا يكفيك وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس من الدنيا شيء يكفيك:
نصف القنوع وأينا يقنع ** أو أينا يرضى بما يجمع

لله در ذوي القناعة ما ** أصفى معاشهم وما أوسع

من كان يبغي أن يلذ وأن ** تهدى جوارحه فما يطمع

فقر النفوس بقدر حاجتها ** وغنى النفوس بقدر ما تقنع

عري أويس رحمة الله عليه حتى جلس في قوصرة وقدم بشر الحافي من عبادان ليلا وهو متزر بحصير وكان أبو معاوية الأسود يلتقط الخرق من المزابل ويغسلها ويلفقها فيقال له إنك تكسى خيرا من هذا فيقول ما ضرهم ما أصابهم في الدنيا جبر الله تعالى لهم بالجنة كل مصيبة وأتي إبراهيم بن أدهم بستين ألفا فردها وقال كرهت أن أمحو اسمي من ديوان الفقراء:
رأت عدتي فاستراثت رحيلي ** سبيلك إن سواها سبيلي

ترجي قفولي لها في الثوب ** لعل المنية قبل القفول

لقد قذفت بي صعب المرام ** واستجملت لي غير الجميل

سأقني العفاف وأرضى الكفاف ** وليس غنى النفس جور الخليل

ولا أتصدى لمدح الجواد ** ولا أستعد لمدح البخيل

وأعلم أن ثياب الرجاء ** تحل العزيز محل الذليل

وأن ليس مستغنيا بالكثير ** من ليس مستغنيا بالقليل

كتب حكيم إلى أخ له أما بعد فاجعل القنوع ذخرا ولا تعجل على ثمرة لم تدرك فإنك تدركها في أوانها عذبة والمدبر لك أعلم بالوقت الذي يصلح لما تؤمل فثق بخيرته لك في أمورك كلها.
أخبرنا محمد بن عمر الفقيه بسنده عن يحيى بن عروة بن أذينة قال لما أتى أبي وجماعة من الشعراء هشام بن عبد الملك فأنشدوه فلما عرف أبي قال ألست القائل:
لقد علمت وما الإسراف من خلقي ** أن الذي هو رزقي سوف يأتيني

أسعى له فيعنيني تطلبه ** ولو قعدت أتاني لا يعنيني

فهلا جلست في بيتك حتى يأتيك فسكت أبي ولم يجبه فلما خرجوا من عنده جلس أبي على راحلته حتى أتى المدينة وأمر هشام بجوائزهم فقعد أبي فسأل عنه فلما خبر بانصرافه قال لا جرم والله ليعلمن أن ذلك سيأتيه ثم أضعف له ما أعطى واحدا من أصحابه وكتب له فريضتين:
إذا ضن من ترجو عليك بنفعه ** فدعه فإن الرزق في الأرض واسع

ومن كانت الدنيا مناه وهمه ** سباه المنى واستعبدته المطامع

ومن عقل استحيى وأكرم نفسه ** ومن قنع استغنى فهل أنت قانع