فصل: قال السمرقندي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال السمرقندي:

{وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا استطعتم مّن قُوَّةٍ} يعني السلاح.
وروى عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ على المنبر: {وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا استطعتم مّن قُوَّةٍ} قال: «أَلاَ إنَّ القُوَّة الرَّمْيُ، أَلا إنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ» ثلاثًا.
وفي خبر آخر وزيادة: «لَهْوَ المُؤْمِنِ فِي الخَلاءِ وَقُوَّتُهُ عِنْدَ القِتَالِ».
وروي عن عكرمة قال: {وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا استطعتم مّن قُوَّةٍ} قال الحصون.
{وَمِن رّبَاطِ الخيل}، قال الإناث من الخيل.
ثم قال: {تُرْهِبُونَ بِهِ}، أي تخوفون بالسلاح {عَدْوَّ الله وَعَدُوَّكُمْ}، يعني تخوفون بالسلاح كفار العرب، {وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا}، يعني بني قريظة.
ثم قال: {لاَ تَعْلَمُونَهُمُ}، يعني لا تعرفونهم.
{الله يَعْلَمُهُمْ}، يعرفهم ويعرفكم، فأعدوا لهم أيضًا.
وقال مقاتل: {وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا} أي من دون كفار العرب، يعني اليهود.
وقال السدي: {وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا} أهل فارس.
ثم قال: {وَمَا تُنفِقُواْ مِن شيء في سَبِيلِ الله}، يعني السلاح والخيل.
{يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} ثوابه.
{وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ}، أي لا تنقصون من ثواب أعمالكم شيئًا.
ويقال: إن الجن لا تدخل بيتًا فيه قوس وسهام. اهـ.

.قال الثعلبي:

{وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا استطعتم مِّن قُوَّةٍ} أي من الآلات يكون قوة له عليهم من الخيل والسلاح والكراع. صالح بن كيسان عن رجل عن عقبة بن مسافر الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ على المنبر: {وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة} فقال: «ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي» وروى ضمرة بن ربيعة عن رجاء بن أبي سلمة فقال: لقي رجل مجاهدًا بمكة ومع مجاهد جوالق فقال مجاهد هذا من القوة، ومجاهد يتجهز للغزو، وقال عكرمة القوة الحصون.
{وَمِن رِّبَاطِ الخيل} [الاناث] {تُرْهِبُونَ بِهِ} تخوفون، ابن عباس: تخزون، وقرأ يعقوب: ترهبون بتشديد الهاء وهما لغتان: أرهبته ورهّبته {عَدْوَّ الله وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ الله يَعْلَمُهُمْ} قال مجاهد: بنو قريظة. السدّي: أهل فارس. ابن زيد: المنافقون لا تعلمونهم لأنهم منكم يقولون: لا إله إلا الله، ويغزون معكم، وقال بعضم: هم كفار الجن، وقال بعضهم: هم كل عدو من المسلمين غير الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يشردّ بهم.
{وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ الله يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} يدّخر ويوفّر لكم أجره {وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ}. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله عز وجل: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ}
فيه خمسة أقاويل:
أحدها: أن القوة ذكور الخيل، ورباط الخيل إناثها، وهذا قول عكرمة.
والثاني: القوة السلاح، قاله الكلبي.
والثالث: القوة التصافي واتفاق الكلمة.
والرابع: القوة الثقة بالله تعالى والرغبة إليه.
والخامس: القوة الرمي. روى يزيد بن أبي حبيب عن أبي عليّ الهمزاني عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: «{وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُمْ مِّن قوة} أَلاَ إِنَّ القُوةَ الرميُ» قالها ثلاثًا.
{وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ} على قول عكرمة إناثها خاصة، وعلى قول الجمهور على العموم الذكور والإناث.
وقد روى عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ارتبطوا الخيل فَإِنَّ ظُهُورَهَا لَكُم عِزٌّ، وَأَجْوَافَهَا لَكُم كَنزٌ».
{تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} فيه وجهان:
أحدهما: عدو الله بالكفر وعدوكم بالمباينة.
والثاني: عدو الله هو عدوكم لأن عدو الله عدو لأوليائه. والإرهاب: التخويف.
{وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} فيه خمسة أقاويل:
أحدها: هم بنو قريظة، قاله مجاهد.
والثاني: أهل فارس والروم قاله السدي.
والثالث: المنافقون؛ قاله الحسن وابن زيد.
والرابع: الشياطين، قاله معاذ بن جبل.
والخامس: كل من لا تعرفون عداوته، قاله بعض المتأخرين. اهـ.

.قال ابن عطية:

{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}
المخاطبة في هذه الآية لجميع المؤمنين، والضمير في قوله: {لهم} عائد على الذين ينبذ إليهم العهد، أو على الذين لا يعجزون على تأويل من تأول ذلك في الدنيا، ويحتمل أن يعيده على جميع الكفار المأمور بحربهم في ذلك الوقت ثم استمرت الآية في الأمة عامة، إذ الأمر قد توجه بحرب جميع الكفار وقال عكرمة مولى ابن عباس: القوة ذكور الخيل والرباط إناثها، وهذا قول ضعيف، وقالت فرقة: القوة الرمي واحتجت بحديث عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي» ثلاثًا، وقال السدي: القوة السلاح، وذهب الطبري إلى عموم اللفظة، وذكر عن مجاهد أنه رئي يتجهز وعنده جوالق فقال: هذا من القوة.
قال القاضي أبو محمد: وهذا هو الصواب، و{الخيل} والمركوب في الجملة والمحمول عليه من الحيوان والسلاح كله والملابس الباهتة والآلات والنفقات كلها داخلة في القوة، وأمر المسلمون بإعداد ما استطاعوا من ذلك، ولما كانت الخيل هي أصل الحروب وأوزارها والتي عقد الخير في نواصيها وهي أقوى القوة وحصون الفرسان خصها الله بالذكر تشريفًا على قوله: {من كان عدوًا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكائيل} [البقرة: 98] وعلى نحو قوله: {فاكهة ونخل ورمان} [الرحمن: 68] وهذا كثير، ونحوه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا،» هذا في البخاري وغيره، وقال في صحيح مسلم: «جعلت لي الأرض مسجدًا وترابها طهورًا»، فذكرت التراب على جهة التحفي به إذ هو أعظم أجزاء الأرض مع دخوله في عموم الحديث الآخر، ولما كانت السهام من أنجع ما يتعاطى في الحرب وأنكاه في العدو وأقربه تناولًا للأرواح خصها رسول الله صلى الله عيله وسلم بالذكر والتنبيه عليها، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله تعالى يدخل بالسهم الواحد الثلاثة من المسلمين الجنة، صانعة والذي يحتسب في صنعته والذي يرمي به» وقال عمرو بن عنبسة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من رمى بسهم في سبيل الله أصاب العدو أو أخطأ فهو كعتق رقبة» وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ارموا واركبوا، وأن ترموا أحب إليّ من أن تركبوا» و{رباط الخيل} جمع ربط ككلب وكلاب، ولا يكثر ربطها إلا وهي كثيرة، ويجوز أن يكون الرباط مصدرًا من ربط كصاح صياحًا ونحوه لأن مصادر الثلاثي غير المزيد لا تنقاس، وإن جعلناه مصدرًا من رابط فكأن ارتباط الخيل واتخاذها يفعله كل واحد لفعل آخر له فترابط المؤمنون بعضهم بعضًا، فإذا ربط كل واحد منهم فرسًا لأجل صاحبه فقد حصل بينهم رباط، وذلك الذي حض في الآية عليه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من ارتبط فرسًا في سبيل الله فهو كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها»، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وقرأ الحسن وعمرو بن دينار وأبو حيوة: {من رُبُط} بضم الراء والباء وهو جمع رباط ككتاب وكُتُب، كذا نصبه المفسرون وفي جمعه وهو مصدر غير مختلف نظر و{ترهبون} معناه تفزعون وتخوفون، والرهبة الخوف، قال طفيل الغنوي: [البسيط]
ويلُ أم حيّ دفعتم في نحورهمُ ** بني كلاب غداة الرعب والرهب

ومنه راهب النصارى، يقال رهب إذا خاف، ف {ترهبون} معدى بالهمزة، وقرأ الحسن ويعقوب {تُرَهّبون} بفتح الراء وشد الهاء معدى بالتضعيف، ورويت عن أبي عمرو بن العلاء قال أبو حاتم: وزعم عمرو أن الحسن قرأ {يرهبون} بالياء من تحت وخففها، فهو على هذا المعدى بالتضعيف، وقرأ ابن عباس وعكرمة {تخزون به عدو الله}.
قال القاضي أبو محمد: ذكرها الطبري تفسيرًا لا قراءة، وأثبتها أبو عمرو الداني قراءة، وقوله: {عدو الله وعدوكم} ذكر الصفتين وإن كانت متقاربة إذ هي متغايرة المنحى، وبذكرهما يتقوى الذم وتتضح وجوه بغضنا لهم وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي {عدوًا لله} بتنوين عدو وبلام في المكتوبة' والمراد بهاتين الصفتين من قرب وصاقب من الكفار وكانت عداوته متحركة بعد، ويجوز أن يراد بها جميع الكفار ويبين هذا من اختلافهم في قوله: {وآخرين من دونهم} الآية، قال مجاهد الإشارة بقوله: {وآخرين} إلى قريظة، وقال السدي: إلى أهل فارس، وقال ابن زيد: الإشارة إلى المنافقين، وقالت فرقة: الإشارة إلى الجن، وقالت فرقة: هم كل عدو للمسلمين غير الفرقة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يشرد بهم من خلفهم.
قال القاضي أبو محمد: وهذا الخلاف إنما ينبغي أن يترتب على ما يتوجه من المعنى في قوله: {لا تعلمونهم} فإذا حملنا قوله: {لا تعلمونهم} على عمومه ونفينا علم المؤمنين بهذه الفرقة المشار إليها جملة واحدة كان العلم بمعنى المعرفة لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد لم يثبت من الخلاف في قوله: {آخرين} إلا قول من قال الإشارة إلى المنافقين وقول من قال: الإشارة إلى الجن، وإذا جعلنا قوله: {لا تعلمونهم} محاربين أو نحو هذا مما تفيد به نفي العلم عنهم حسنت الأقوال، وكان العلم متعديًا إلى مفعولين.
قال القاضي أبو محمد: هذا الوجه أشبه عندي، ورجح الطبري أن الإشارة إلى الجن وأسند في ذلك ما روي من أن صهيل الخيل ينفر الجن وأن الشيطان لا يدخل دارًا فيها فرس الجهاد ونحو هذا، وفيه على احتماله نظر، وكان الأهم في هذه الآيات أن يبزر معناها في كل ما يقوي المسلمين على عدوهم من الإنس وهم المحاربون والذين يدافعون على الكفر ورهبتهم من المسلمين على عدوهم من الإنس وهم المحاربون والذين يدافعون على الكفر ورهبتهم من المسلمين هي النافعة للإسلام وأهله ورهبة الجن وفزعهم لا غناء له في ظهور الإسلام، بل هو تابع لظهور الإسلام وهو أجنبي جدًا والأولى أن يتأول المسلمين إذا ظهروا وعزوا هابهم من جاورهم من العدو المحارب لهم، فإذا اتصلت حالهم تلك بمن بعد من الكفار داخلته الهيبة وإن لم يقصد المسلمون إرهابهم فأولئك هم الآخرون، ويحسن أن يقدر قوله: {لا تعلمونهم} بمعنى لا تعلمونهم فازعين راهبين ولا تظنون ذلك بهم، والله تعالى يعلمهم بتلك الحالة، ويحسن أيضًا أن تكون الإشارة إلى المنافقين على جهة الطعن عليهم والتنبيه على سوء حالهم وليستريب بنفسه كل من يعلم منها نفاقًا إذا سمع الآية، ولفزعهم ورهبتهم غناء كثير في ظهور الإسلام وعلوه، وقوله: {من دونهم} بمنزلة قولك دون أن يكون هؤلاء فدون في كلام العرب ومن دون يقتضي عدم المذكور بعدها من النازلة التي هي فيها القول، ومنه المثل:
وأمر دون عبيدة الوذم

تفضل تعالى بعدة المؤمنين على إنفاقهم في سبيل الله بأن النفقة لابد أن توفى أي تجازى ويثاب عليها، ولزوم هذا هو في الآخرة، وقد يمكن أن يجازي الله تعالى بعض المؤمنين في الدنيا مجازاة مضافة إلى مجازاة الآخرة. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

قوله تعالى: {وأعدُّوا لهم ما استطعتم من قُوَّةٍ}
في المراد بالقوة أربعة اقوال.
أحدها: أنها الرمي، رواه عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال الحكم بن أبان: هي النبل.
والثاني: ذكور الخيل، قاله عكرمة.
والثالث: السلاح، قاله السدي، وابن قتيبة.
والرابع: أنه كل ما يُتقوَّى به على حرب العدو من آلة الجهاد.
قوله تعالى: {ومن رباط الخيل} يعني ربطها واقتناءها للغزو؛ وهو عام في الذكور والإناث في قول الجمهور.
وكان عكرمة يقول: المراد بقوله: {ومن رباط الخيل}: إناثها.
قوله تعالى: {ترهبون به} روى رويس، وعبد الوارث: {تُرَهِّبُون} بفتح الراء وتشديد الهاء، أي: تخيفون وترعبون به عدو الله وعدوكم، وهم مشركو مكة وكفار العرب.
قوله تعالى: {وآخرين من دونهم} أي: من دون كفار العرب.
واختلفوا فيهم على خمسة أقوال:
أحدها: أنهم الجن، روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «هم الجن، وإن الشيطان لا يخبِّل أحدًا في داره فرس عتيق» والثاني: أنهم بنو قريظة، قاله مجاهد.
والثالث: أهل فارس، قاله السدي.
والرابع: المنافقون، قاله ابن زيد.
والخامس: اليهود، قاله مقاتل. اهـ.