فصل: (سورة الأنفال آية 47):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة الأنفال آية 47]:

{وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَرًا وَرِئاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47)}
حذرهم- بالنهى عن التنازع واختلاف الرأى- نحو ما وقع لهم بأحد لمخالفتهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من فشلهم وذهاب ريحهم {كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ} هم أهل مكة حين خرجوا الحماية العير، فأتاهم رسول أبى سفيان وهم بالجحفة: أن ارجعوا فقد سلمت عيركم، فأبى أبو جهل وقال: حتى نقدم بدرًا نشرب بها الخمور، وتعزف علينا القيان ونطعم بها من حضرنا من العرب. فذلك بطرهم ورئاؤهم الناس بإطعامهم، فوافوها، فسقوا كئوس المنايا مكان الخمر وناحت عليهم النوائح مكان القيان، فنهاهم أن يكونوا مثلهم بطرين طربين مرائين بأعمالهم، وأن يكونوا من أهل التقوى والكآبة والحزن من خشية اللّه عز وجل، مخلصين أعمالهم للّه.

.[سورة الأنفال آية 48]:

{وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (48)}
وَاذكر {إِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ} التي عملوها في معاداة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ووسوس إليهم أنهم لا يغلبون ولا يطاقون، وأوهمهم أن اتباع خطوات الشيطان وطاعته مما يجيرهم فلما تلاقى الفريقان نكص الشيطان وتبرأ منهم، أي بطل كيده حين نزلت جنود اللّه وكذا عن الحسن رحمه اللّه: كان ذلك على سبيل الوسوسة ولم يتمثل لهم. وقيل: لما اجتمعت قريش على السير ذكرت الذي بينها وبين بنى كنانة من الحرب، فكان ذلك يثنيهم، فتمثل لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم الشاعر الكناني- وكان من أشرافهم- في جند من الشياطين معه راية، وقال: لا غالب لكم اليوم، وإنى مجيركم من بنى كناية. فلما رأى الملائكة تنزل، نكص وقيل: كانت يده في يد الحارث بن هشام، فلما نكص قال له الحارث: إلى أين؟ أتخذ لنا في هذه الحال؟ فقال: إنى أرى مالا ترون، ودفع في صدر الحارث وانطلق، وانهزموا، فلما بلغوا مكة قالوا: هزم الناس سراقة، فبلغ ذلك سراقة فقال: واللّه ما شعرت بمسيركم حتى بلغتني هزيمتكم فلما أسلموا علموا أنه الشيطان. وفي الحديث: وما رئي إبليس يوما أصغر ولا أدحر ولا أغيظ من يوم عرفة لما يرى من نزول الرحمة إلا ما رئي يوم بدر. فإن قلت: هلا قيل لا غالبًا لكم كما يقال: لا ضاربا زيدًا عندنا؟ قلت: لو كان لَكُمُ مفعولا لغالب، بمعنى: لا غالبًا إياكم لكان الأمر كما قلت: لكنه خبر تقديره: لا غالب كائن لكم.

.[سورة الأنفال آية 49]:

{إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49)}
{إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ بالمدينة وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} يجوز أن يكون من صفة المنافقين، وأن يراد الذين هم على حرف ليسوا بثابتى الأقدام في الإسلام. وعن الحسن: هم المشركون {غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ} يعنون أنّ المسلمين اغتروا بدينهم وأنهم يتقوّون به وينصرون من أجله، فخرجوا وهم ثلاثمائة وبضعة عشر إلى زهاء ألف، ثم قال جوابا لهم: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ} غالب يسلط القليل الضعيف على الكثير القوى.

.[سورة الأنفال الآيات 50- 51]:

{وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (50) ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (51)}
{وَلَوْ تَرى} ولو عاينت وشاهدت، لأن لو تردّ المضارع إلى معنى الماضي، كما تردّ إن الماضي إلى معنى الاستقبال. وإِذْ نصب على الظرف. وقرئ: {يتوفى}. بالياء والتاء.
و{الْمَلائِكَةُ} رفعها بالفعل و{يَضْرِبُونَ} حال منهم، ويجوز أن يكون في {يَتَوَفَّى} ضمير اللّه عز وجل، و{الْمَلائِكَةُ} مرفوعة بالابتداء، و{يَضْرِبُونَ} خبر. وعن مجاهد: وأدبارهم: أستاههم، ولكن اللّه كريم يكنى، وإنما خصوهما بالضرب. لأنّ الخزي والنكال في ضربهما أشدّه، وبلغني عن أهل الصين أن عقوبة الزاني عندهم أن يصبر، ثم يعطى الرجل القوى البطش شيئًا عمل من حديد كهيئة الطبق فيه رزانة وله مقبض، فيضربه على دبره ضربة واحدة بقوّته فيجمد في مكانه. وقيل: يضربون ما أقبل منهم وما أدبر {وَذُوقُوا} معطوف على {يَضْرِبُونَ} على إرادة القول: أي ويقولون ذوقوا {عَذابَ الْحَرِيقِ} أي مقدمة عذاب النار. او وذوقوا عذاب الاخرة: بشارة لهم به. وقيل: كانت معهم مقامع من حديد، كلما ضربوا بها التهبت النار أو ويقال لهم يوم القيامة: ذوقوا. وجواب لَوْ محذوف: أي لرأيت أمرًا فظيعًا منكرًا ذلِكَ {بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} يحتمل أن يكون من كلام اللّه ومن كلام الملائكة، وذلِكَ رفع بالابتداء و{بِما قَدَّمَتْ} خبره {وَأَنَّ اللَّهَ} عطف عليه، أي ذلك العذاب بسببين: بسبب كفركم ومعاصيكم وبأن الله: {لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} لأن تعذيب الكفار من العدل كإثابة المؤمنين. وقيل: ظلام للتكثير لأجل العبيد أو لأن العذاب من العظم بحيث لولا الاستحقاق لكان المعذب بمثله ظلاما بليغ الظلم متفاقمه.

.[سورة الأنفال الآيات 52- 54]:

{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ (52) ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كانُوا ظالِمِينَ (54)}
الكاف في محل الرفع: أي دأب هؤلاء مثل دأب آل فرعون. ودأبهم: عادتهم وعملهم الذي دأبوا فيه: أي داوموا عليه وواظبوا. وكَفَرُوا تفسير لدأب آل فرعون.
و{ذلِكَ} إشارة إلى ما حل بهم، يعنى ذلك العذاب أو الانتقام بسبب أن اللّه لم ينبغ له ولم يصحّ في حكمته أن يغير نعمته عند قوم {حَتَّى يُغَيِّرُوا} ما بهم من الحال. فإن قلت: فما كان من تغيير آل فرعون ومشركي مكة حتى غير اللّه نعمته عليهم؟ ولم تكن لهم حال مرضية فيغيروها إلى حال مسخوطة قلت: كما تغير الحال المرضية إلى المسخوطة، تغير الحال المسخوطة إلى أسخط منها، وأولئك كانوا قبل بعثة الرسول إليهم كفرة عبدة أصنام، فلما بعث إليهم بالآيات البينات فكذبوه وعادوه وتحزبوا عليه ساعين في إراقة دمه، غيروا حالهم إلى أسوإ مما كانت، فغير اللّه ما أنعم به عليهم من الإمهال وعاجلهم بالعذاب و{َأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ} لما يقول مكذبو الرسل {عَلِيمٌ} بما يفعلون {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ} تكرير للتأكيد. وفي قوله: {بِآياتِ رَبِّهِمْ} زيادة دلالة على كفران النعم وجحود الحق. وفي ذكر الإغراق بيان للأخذ بالذنوب {وَكُلٌّ كانُوا ظالِمِينَ} وكلهم من غرقى القبط وقتلى قريش كانوا ظالمين أنفسهم بالكفر والمعاصي.

.[سورة الأنفال الآيات 55- 57]:

{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ (56) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57)}
{الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} أي أصروا على الكفر ولجوا فيه، فلا يتوقع منهم إيمان وهم بنو قريظة، عاهدهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن لا يمالئوا عليه فنكثوا بأن أعانوا مشركي مكة بالسلاح وقالوا: نسينا وأخطأنا، ثم عاهدهم فنكثوا ومالوا معهم يوم الخندق، وانطلق كعب بن الأشرف إلى مكة فحالفهم {الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ} بدل من الذين كفروا، أي الذين عاهدتهم من الذين كفروا جعلهم شر الدواب، لأن شر الناس الكفار، وشر الكفار المصرون منهم، وشر المصرين الناكثون للعهود {وَهُمْ لا يَتَّقُونَ} لا يخافون عاقبة الغدر ولا يبالون ما فيه من العار والنار {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ} فإما تصادفنهم وتظفرنّ بهم {فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} ففرق عن محاربتك ومناصبتك بقتلهم شر قتلة والنكاية فيهم، من وراءهم من الكفرة، حتى لا يجسر عليك بعدهم أحد، اعتبارًا بهم واتعاظًا بحالهم. وقرأ ابن مسعود رضى اللّه عنه: فشرذ، بالذال المعجمة، بمعنى: ففرق، وكأنه مقلوب شذر من قولهم: ذهبوا شذر مذر ومنه: الشذر: المتلقط من المعدن لتفرّقه. وقرأ أبو حيوة: {من خلفهم}.
ومعناه: فافعل التشريد من ورائهم، لأنه إذا شرد الذين وراءهم فقد فعل التشريد في الوراء وأوقعه فيه، لأن الوراء جهة المشردين، فإذا جعل الوراء ظرفا للتشريد فقد دلّ على تشريد من فيه، فلم يبق فرق بين القراءتين {لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} لعلّ المشردين من ورائهم يتعظون.

.[سورة الأنفال آية 58]:

{وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ (58)}
{وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ} معاهدين {خِيانَةً} ونكثا بأمارات تلوح لك {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ} فاطرح إليهم العهد {عَلى سَواءٍ} على طريق مستو قصد، وذلك أن تظهر لهم نبذ العهد وتخبرهم إخبارًا مكشوفا بينا أنك قطعت ما بينك وبينهم، ولا تناجزهم الحرب وهم على توهم بقاء العهد فيكون ذلك خيانة منك {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ} فلا يكن منك إخفاء نكث العهد والخداع وقيل: على استواء في العلم بنقض العهد. وقيل على استواء في العداوة. والجار والمجرور في موضع الحال، كأنه قيل: فانبذ إليهم ثابتًا على طريق قصد سوى، أو حاصلين على استواء في العلم أو العداوة، على أنها حال من النابذ والمنبوذ إليهم معًا.

.[سورة الأنفال آية 59]:

{وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ (59)}
{سَبَقُوا} أفلتوا وفاتوا من أن يظفر بهم {إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ} إنهم لا يفوتون ولا يجدون طالبهم عاجزًا عن إدراكهم. وقرئ: {أنهم}، بالفتح، بمعنى: لأنهم، كل واحدة من المكسورة والمفتوحة تعليل، إلا أن المكسورة على طريقة الاستئناف، والمفتوحة تعليل صريح وقرى: {يعجزون}، بالتشديد. وقرأ ابن محيصن: {يعجزون}، بكسر النون. وقرأ الأعمش: {ولا تحسب الذين كفروا}، بكسر الباء وبفتحها، على حذف النون الخفيفة. وقرأ حمزة: {ولا يحسبن} بالياء على أن الفعل للذين كفروا. وقيل فيه: أصله أن سبقوا، فحذفت أن، كقوله: {وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} واستدل عليه بقراءة ابن مسعود رضى اللّه عنه: أنهم سبقوا. وقيل: وقع الفعل على أنهم لا يعجزون، على أن لا صلة، وسبقوا في محل الحال، بمعنى سابقين أي مفلتين هاربين. وقيل معناه: ولا يحسبنهم الذين كفروا سبقوا، فحذف الضمير لكونه مفهوما. وقيل: ولا يحسبن قبيل المؤمنين الذين كفروا سبقوا. وهذه الأقاويل كلها متمحلة، وليست هذه القراءة التي تفرد بها حمزة بنيرة. وعن الزهري أنها نزلت فيمن أفلت من فل المشركين.

.[سورة الأنفال آية 60]:

{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (60)}
{مِنْ قُوَّةٍ} من كل ما يتقوّى به في الحرب من عددها. وعن عقبة بن عامر: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول على المنبر: «ألا إن القوة الرمي» قالها ثلاثا. ومات عقبة عن سبعين قوسا في سبيل اللّه. وعن عكرمة: هي الحصون، والرباط: اسم للخيل التي تربط في سبيل اللّه. ويجوز أن يسمى بالرباط الذي هو بمعنى المرابطة. ويجوز أن يكون جمع ربيط كفصيل وفصال. وقرأ الحسن: ومن ربط الخيل، بضم الباء وسكونها جمع رباط. ويجوز أن يكون قوله: {وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ} تخصيصًا للخيل من بين ما يتقوى به، كقوله: {وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ} وعن ابن سيرين رحمه اللّه أنه سئل عمن أوصى بثلث ماله في الحصون؟ فقال: يشترى به الخيل، فترابط في سبيل اللّه ويغزى عليها، فقيل له: إنما أوصى في الحصون، فقال: ألم تسمع قول الشاعر:
أنّ الحصون الخيل لا مدر القرى

{تُرْهِبُونَ} قرئ بالتخفيف والتشديد. وقرأ ابن عباس ومجاهد رضى اللّه عنهما {تخزون} والضمير في بِهِ راجع إلى ما استطعتم {عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} هم أهل مكة {وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ} هم اليهود وقيل المنافقون وعن السدى هم أهل فارس، وقيل كفرة الجن، وجاء في الحديث. إن الشيطان لا يقرب صاحب فرس ولا دارًا فيها فرس عتيق وروى أنّ صهيل الخيل يرهب الجن. اهـ.