فصل: قال الخطيب الشربيني في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الخطيب الشربيني في الآيات السابقة:

{واعلموا أنما غنمتم}
أي: أخذتم من الكفار الحربيين {من شيء} مما يقع عليه اسم شيء مما هو لهم ولو اختصاصًا {فإنّ خمسه وللرسول}.
واعلم أنّ الغنيمة والفيء إسمان لما يصيبه المسلمون من الحربيين والصحيح أنهما مختلفان، فالفيء ما حصل لنا مما هو لهم بلا إيجاف كجزية وعشر تجارة وما جلوا عنه ولو لغير خوف كضرّ أصابهم، وتركه مرتدّ وكافر معصوم بلا وارث، وكذا الفاضل عن وارث له غير حائز وسيأتي حكمه إن شاء الله تعالى عند قوله تعالى: {ما أفاء الله على رسوله}، وأمّا الغنيمة فهي ما حصل لنا منهم مما هو لهم بإيجاف أو سرقة أو التقاط، وكذا ما انهزموا عنه عند التقاء الصفين، ولو قبل شهر السلاح، أو أهداه الكافر لنا والحرب قائمة، ولم تحلّ الغنائم لأحد قبل الإسلام بل كانت الأنبياء إذا غنموا مالًا جمعوه، فتأتي نار من السماء تأخذه، ثم أحلت للنبيّ صلى الله عليه وسلم وكانت في صدر الإسلام له خاصة؛ لأنه كالمقاتلين كلهم نصرة وشجاعة بل أعظم، ثم نسخ ذلك واستقل الأمر على أنها تجعل خمسة أقسام متساوية، ويؤخذ خمس رقاع ويكتب على واحدة لله أو للمصالح وعلى أربع للغانمين، ثم تدرج في بنادق مستوية، ويخرج لكل خمس رقعة، فما خرج لله أو للمصالح جعل بين أهل الخمس على خمسة أصناف، وهو النبيّ صلى الله عليه وسلم ومن معه وذكر الله تعالى في الآية للتبرك، وأما ما كان له صلى الله عليه وسلم فهو لمصالح المسلمين كسد الثغور وأرزاق علماء بعلوم تتعلق بمصالحنا كتفسير وفقه وحديث، والصنف الثاني: ما ذكره الله تعالى بقوله: {ولذي القربى} أي: قرابة النبيّ صلى الله عليه وسلم من بني هاشم وبني المطلب دون من عداهم لاقتصاره صلى الله عليه وسلم في القسم عليهم مع سؤال غيرهم من بني عمهم نوفل وعبد شمس له لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد وشبك بين أصابعه» فيعطون ولو أغنياء، ويفضل الذكر على الأنثى كالإرث؛ لأنه عطية من الله تعالى تستحق بقرابة الأب كالإرث، فلا يعطي أولاد البنات من بني هاشم والمطلب شيئًا؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يعط الزبير وعثمان مع أنّ أمّ كل واحد منهما كانت هاشمية.
والصنف الثالث: ما ذكره الله تعالى بقوله: {واليتامى} اليتيم صغير ولو أنثى لخبر: «لا يتم بعد احتلام» لا أب له وإن كان له أمّ وجد، ومن فقد أمّه فقط يقال له: منقطع، واليتيم في البهائم من فقد أمّه، وفي الطير من فقد أباه وأمّه.
والصنف الرابع: ما ذكره الله تعالى بقوله: {والمساكين} الصادقين بالفقراء والمسكين من له مال أو كسب لائق به يقع موقعًا من كفايته ولا يكفيه العمر الغالب، وقيل: سنة كمن يملك أو يكسب سبعة أو ثمانية ولا يكفيه إلا عشرة، والفقير من لا مال له أو له ذلك ولا يقع موقعًا من كفايته كمن يحتاج إلى عشرة، ولا يملك أو لا يكتسب إلا درهمين أو ثلاثة. والخامس: ما ذكره الله تعالى بقوله: {وابن السبيل} وهو المسافر المحتاج، ولا معصية بسفره والأخماس الأربعة الباقية للغانمين، وهم من حضر القتال ولو في أثنائه بنية القتال وإن لم يقاتل أو حضر بلا نية وقاتل كأجير لحفظ أمتعة وتاجر ومحترف، وقوله تعالى: {إن كنتم آمنتم بالله} متعلق بمحذوف دل عليه واعلموا أي: إن كنتم آمنتم بالله فاعلموا أنه جعل الخمس لهؤلاء فسلموه إليهم واقنعوا بالأخماس الأربعة الباقية، فإنّ العلم العملي إذا أمر به لم يرد منه العلم المجرد؛ لأنه مقصود بالعرض، والمقصود بالذات هو العمل وقوله تعالى: {وما} عطف على بالله: {أنزلنا على عبدنا} محمد صلى الله عليه وسلم من الآيات والملائكة والنصر {يوم الفرقان} أي: يوم بدر، فإنه فرق به بين الحق والباطل {يوم التقى الجمعان} أي: جمع المؤمنين وجمع الكافرين، وهو يوم بدر وهو أوّل مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رأس المشركين عتبة بن ربيعة، فالتقوا يوم الجمعة لتسعة عشر أو لسبعة عشر من رمضان وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة وبضعة عشر رجلًا والمشركون ما بين الألف والتسعمائة فهزم الله تعالى المشركين، وقتل منهم سبعون، وأسر منهم مثل ذلك.
{والله على كلّ شيء قدير} فيقدر على نصر القليل على الكثير، والدليل على العزيز كما فعل ذلك بكم ذلك اليوم وقوله تعالى: {إذ أنتم بالعدوة الدنيا} أي: القربى من المدينة، بدل من يوم الفرقان أو من يوم التقى الجمعان، أو منصوب باذكروا مقدّرًا، والعدوة الدنيا مما يلي المدينة {وهم بالعدوة القصوى} أي: البعدى من المدينة، وهي مما يلي مكة وكان الماء بها، وكان استظهار المشركين من هذا الوجه أشدّ.
والقصوى تأنيث الأقصى، وكان قياسه قلب الواو كالدنيا والعليا، ولكن لم تغلب تفرقة بين الاسم والصفة، فإنها تقلب في الاسم دون الصفة على الأكثر وقيل: بالعكس وعلى الأوّل القصوى وإن كان صفة للعدوة في الآية كالدنيا لكن غلب عليها الاسمية لترك الوصف بها في أكثر الاستعمالات كما قاله ابن جني، فالقصوى بالواو على القولين شاذ بالنظر إلى اسميتها في الأوّل وإلى وصفيتها في الثاني، ومثال الصفة الخالصة حلوى تأنيث الأحلى فهي بالواو مقيسة على الأوّل شاذة على الثاني، ومثال الاسم الخالص حزوى اسم مكان فهو بالواو شاذ على الأوّل مقيس على الثاني، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو العدوّة وهي شط الوادي بكسر العين فيهما، والباقون بضمّ العين فيهما، وأمّا الدنيا والقصوى فأمالهما حمزة والكسائي محضة، وأبو عمرو بين بين، وورش بالفتح وبين اللفظين {والركب} أي: العير التي خرجوا لها التي يقودها أبو سفيان {أسفل منكم} أي: أسفل منكم على ساحل البحر على ثلاثة أميال من بدر، وأسفل نصب على الظرفية معناه مكانًا أسفل من مكانكم، وهو مرفوع المحل؛ لأنه خبر المبتدأ {ولو تواعدتم} أنتم والنفير للقتال {لاختلفتم في الميعاد} وذلك أنّ المسلمين خرجوا ليأخذوا العير راغبين في الخروج، وخرج الكفار مرعوبين مما بلغهم من تعرّض رسول الله صلى الله عليه وسلم لأموالهم فيمنعوها من المسلمين، فالتقوا على غير ميعاد لقلتهم وكثرة عدوّهم {ولكن} جمع الله تعالى بينهم على هذه الحالة من غير ميعاد {ليقضي الله أمرًا كان مفعولًا} في علمه وهو نصر أوليائه وإعزاز دينه وإعلاء كلمته وقهر أعدائه، وقوله تعالى: {ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة} بدل من ليقضي أو متعلق بقوله: {مفعولًا} واستعير الهلاك والحياة للكفر والإسلام أي: ليصدر كفر من كفر عن وضوح بينة لا عن مخالطة شبهة حتى لا يبقى له على الله حجة، ويصدر إسلام من أسلم أيضًا عن يقين وعلم بأنه دين الحق الذي يجب الدخول فيه والتمسك به، فإنّ وقعة بدر من الآيات الواضحة التي من كفر بعدها كان مكابرًا لنفسه مغالطًا لها.
وقرأ نافع والبزيّ وشعبة بياءين: الأولى مكسورة والثانية مفتوحة، والباقون بياء واحدة مشدّدة، ثم إنه تعالى ختم الآية بقوله: {وإنّ الله لسميع عليم} أي: يسمع دعاءكم ويعلم حاجتكم وضعفكم لا تخفى عليه خافية.
{إذ} أي: واذكر يا محمد نعمة الله عليك إذ {يريكهم الله} أي: المشركين {في منامك} أي: نومك {قليلًا} فأخبرت أصحابك فسروا وقالوا: رؤيا النبيّ صلى الله عليه وسلم حق، وصار ذلك سببًا لجرائتهم على عدوّهم وقوّة لقلوبهم.
فإن قيل: رؤيا الكثير قليلًا غلط، فكيف يجوز على الله تعالى؟
أجيب: بأنّ الله تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ولا يسئل عما يفعل، أو أنه تعالى أراه بعضهم دون بعض، فحكم صلى الله عليه وسلم على أولئك الذين رآهم بأنهم قليلون، وقال الحسن: إنّ هذه الإراءة كانت في اليقظة قال: والمراد من المنام العين التي هي موضع النوم {ولو أراكهم كثيرًا لفشلتم} أي: ولو أراكم كثيرًا لذكرته للقوم ولو سمعوا ذلك لفشلوا أي: جبنوا {ولتنازعتم} أي: اختلفتم {في الأمر} أي: أمر القتال وتفرّقت آراؤكم بين الفرار والقتال {ولكنّ الله سلم} أي: سلمكم من الفشل والتنازع فيما بينكم، وقيل: سلمكم من الهزيمة والقتل {إنه} تعالى: {عليم} أي: بالغ العلم {بذات الصدور} أي: بما في القلوب من الجراءة والجبن والجزع وغير ذلك.
{وإذ يريكموهم} أي: المؤمنون {إذ التقيتم في أعينكم قليلًا} أي: إنّ الله تعالى قلل عدد المشركين في أعين المؤمنين يوم التقوا في القتال ليتأكد في اليقظة ما رآه النبيّ صلى الله عليه وسلم في منامه، وأخبر به أصحابه، وتقوى بذلك قلوب المؤمنين وتزداد جراءتهم ولا يجبنوا عن قتالهم.
قال ابن مسعود: لقد قللوا في أعيننا حتى قلت لرجل إلى اجنبي: أتراهم سبعين؟ قال: أراهم مائة، فأسرنا رجلًا منهم فقلنا: كم كنتم؟ قال: ألفًا، والضميران مفعولا يرى، وقليلًا حال من الثاني {ويقللكم في أعينهم} أي: ويقللكم يا معشر المؤمنين في أعينهم أي: المشركين؛ لئلا يهربوا وإذا استقلوا عدد المسلمين لم يبالغوا في الاستعداد والتأهب لقتالهم، فيكون ذلك سببًا لظهور المؤمنين.
قال السدّيّ: قال ناس من المشركين: إنّ العير قد انصرفت، فارجعوا، فقال أبو جهل: الآن إذ برز لكم محمد وأصحابه، فلا ترجعوا حتى تستأصلوهم إنما محمد وأصحابه أكلة جزور يعني جمع آكل أي: قليل يشبعهم جزور واحد، يضرب مثلًا في القلة والأمر الذي لا يعبأ به، ثم قال: فلا تقتلوهم واربطوهم بالحبال، أراد بقوله ذلك القدرة والقوّة.
فإن قيل: كيف يمكن تقليل الكثير وتكثير القليل؟
أجيب: بأنّ ذلك ممكن في قدرة الله تعالى، وإنّ الله تعالى على ما يشاء قدير، ويكون ذلك معجزة للنبيّ صلى الله عليه وسلم والمعجزة هي من خوارق العادات، فلا ينكر ذلك، أو أنّ الله تعالى يستر عنهم بعضه بساتر، أو يحدث في أعينهم ما يستقلون له الكثير كما أحدث في عيون الحول ما يرون له الواحد اثنين، قيل لبعضهم: إنّ الأحول يرى الواحد اثنين، وكان بين يديه ديك قال: فمالي أرى هذين الديكين أربعة، وهذا قبل: التحام القتال فلما التحم أراهم إياهم مثليهم كما في آل عمران {ليقضي الله أمرًا كان مفعولًا} أي: في علمه، وهو إعلاء كلمة الإسلام ونصر أهله.
فإن قيل: قد تقدّم ذلك في الآية المتقدّمة، فكان ذكره هنا محض تكرار أجيب: بأنّ المقصود من ذكره في الآية المتقدّمة هو أنه تعالى فعل تلك الأفعال ليحصل استيلاء المؤمنين على الكافرين على وجه يكون معجزة دالة على صدق النبيّ صلى الله عليه وسلم والمقصود من ذكره هنا ليس هو ذلك المعنى بل المقصود أنه تعالى ذكر هنا أنه قلل عدد المؤمنين في أعين الكفار، فبين تعالى أنه إنما فعل ذلك ليصير ذلك سببًا؛ لئلا يبالغ الكفار في تحصيل الاستعداد والحذر فيصير ذلك سببًا لانكسارهم {وإلى الله ترجع الأمور} كلها فلا ينفذ إلا ما يريد إنفاذه فلا تجري الأمور على ما يظنه العباد، وفي هذا تنبيه على أنّ أمور الدنيا غير مقصودة وإنما المراد منها ما يصلح أن يكون زاد اليوم المعاد.
ولما ذكر تعالى أنواع نعمه على النبيّ صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين يوم بدر علمهم إذا التقوا بالفئة وهي الجماعة من المحاربين نوعين من الأدب بقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم} أي: قاتلتم؛ لأنّ اللقاء سبب للقتال غالبًا {فئة} أي: جماعة كافرة {فاثبتوا} لقتالهم كما ثبتم في بدر ولا تحدثوا أنفسكم بفرار هذا هو النوع الأوّل {واذكروا الله كثيرًا} بقلوبكم وألسنتكم قال ابن عباس: أمر الله تعالى أولياءه بذكره في أشدّ أحوالهم تنبيهًا على أنّ الإنسان لا يجوز له أن يخلو قلبه ولسانه عن ذكر الله، ولو أنّ رجلًا أقبل من المشرق إلى المغرب على أن ينفق الأموال سخاء والآخر من المغرب إلى المشرق يضرب بسيفه في سبيل الله لكان الذاكر لله أعظم أجرًا، وقيل: المراد من هذا الذكر الدعاء بالنصر والظفر؛ لأنّ ذلك لا يحصل إلا بمعونة الله تعالى: {لعلكم تفلحون} أي: تظفرون بمرادكم من النصر والثبوت.
فإن قيل: هذه الآية توجب الثبات على كل حال وذلك يوهم أنها ناسخة لآية التحرّف والتحيز. أجيب: بأنّ المراد من الثبات الجدّ في المحاربة بل كان الثبات في هذا المقصود لا يحصل إلا بذلك التحرّف والتحيز.
ثم قال تعالى مؤكدًا لذلك: {وأطيعوا الله ورسوله} في سائر ما يأمران به؛ لأنّ الجهاد لا ينفع إلا مع التمسك بسائر الطاعات {ولا تنازعوا} أي: تختلفوا فيما بينكم {فتفشلوا} أي: تجبنوا {وتذهب ريحكم} أي: قوّتكم ودولتكم، والريح مستعارة للدولة شبهها في نفوذ أثرها بالريح، ثم أدخل المشبه في جنس المشبه به ادعاء، وأطلق اسم المشبه به على المشبه، وقيل: المراد بها الحقيقة؛ لأنه لم يكن قط نصر إلا بريح يبعثها الله تعالى، وفي حديث الشيخين: «نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور»، وعن النعمان بن مقرن قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان إذا لم يقاتل من أوّل النهار أخر القتال حتى تزول الشمس وتهب الرياح وينزل النصر أخرجه أبو داود {واصبروا} أي: عند لقاء العدوّ ولا تنهزموا عنه {إنّ الله مع الصابرين} بالنصر والمعونة.
روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: «أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدوّ واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أنّ الجنة تحت ظلال السيوف» ثم قال صلى الله عليه وسلم: «اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم».
{ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم} أي: ليمنعوا غيرهم ولم يرجعوا بعد نجاتها {بطرًا} أي: فخرًا وطغيانًا في النعمة وذلك إنّ النعم إذا كثرت من الله تعالى على العبد فإن صرفها في المفاخرة على الأقران وكاثر بها أبناء الزمان وأنفقها في غير طاعة الرحمن، فذلك هو البطر في النعمة، وإن صرفها في طاعة الله وابتغاء مرضاته فذلك شكرها {ورئاء الناس} أي: ليثنوا عليهم بالشجاعة والسماحة وذلك أنهم لما بلغوا الجحفة، وأتاهم رسول أبي سفيان أن ارجعوا فقد سلمت عيركم، فقال أبو جهل: لا والله حتى نقدم بدرًا، وكان بدر موسمًا من مواسم العرب يجتمع لهم فيها سوق في كل عام، ونشرب بها الخمور وتعزف علينا القينات، والعزف اللعب بالمعازف، وهي الدفوف وغيرها مما يضرب به قاله ابن الأثير وغيره، والقينات الجواري، ونطعم بها من حضرنا من العرب، فذلك بطرهم ورياؤهم الناس بإطعامهم فوافوها فسقوا المنايا مكان الخمر، وناحت عليهم النوائح مكان القينات، فنهى الله تعالى المؤمنين أن يكونوا أمثالهم بطرين مرائين، وأمرهم أن يكونوا أهل تقوى وإخلاص من حيث إنّ النهي عن الشيء أمر بضدّه {ويصدّون عن سبيل الله} أي: ويمنعون الناس الدخول في دين الله: {والله بما يعملون محيط} لا يخفى عليه شيء؛ لأنه محيط بأعمال العباد كلها فيجازيهم بأعمالهم.