فصل: قال السمرقندي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال السمرقندي:

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى}
قرأ أبو عمرو {مِنْ} بالضم وزيادة الألف، وقرأ الباقون {مّنَ الاسرى} بالنصب بغير الألف.
فمن قرأ الأسرى فهو جمع الأسرى، يقال: أسير وأسرى مثل جريح وجرحى، ومريض ومرضى، وقتيل وقتلى؛ من قرأ الأسارى فهو جمع الجمع؛ ويقال هما لغتان بمعنى واحد.
وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما وضع الفداء على كل إنسان من الأسارى أربعين أوقية من الذهب، فكان مع العباس عشرون أوقية من ذهب، فأخذها منه ولم يحسبها من فدائه؛ وكان قد خرج بها معه ليطعم بها أهل بدر من المشركين، لأنه أحد الثلاثة عشر الذين ضمنوا إطعام أهل بدر؛ وقد جاءت توبته فأراد أن يطعمهم، فاقتتلوا يومئذ فلم يطعمهم، حتى أخذ وأخذ ما معه؛ فكلَّم العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل العشرين أوقية من فدائه، فأبى عليه وقال: «هذا شَيْءٌ خَرَجْتَ لِتَسْتَعِينَ بِهِ عَلَيْنَا فَلا نَتْرُكُهُ لَكَ» فوضع عليه فداءه وفدى ابن أخيه عقيل، فقال العباس: تترك عمك يسأل الناس بكفه؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيْنَ الذَّهَبُ الَّذِي أعْطَيْتَ لأمِّ الفَضْلِ، وَقُلْتَ لَهَا كَيْتَ وَكَيْتَ» فقال له: من أعلمك بهذا يا ابن أخي؟ قال: «الله أخْبَرَنِي».
فأسلم العباس وأمر ابن أخيه أن يسلم فنزل: {قُل لّمَن في أَيْدِيكُم مّنَ الاسرى} يعني العباس وابن أخيه.
{إِن يَعْلَمِ الله فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا}، يعني معرفة وصدقًا وإيمانًا، كقوله: {وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِى خَزَائِنُ الله وَلاَ أَعْلَمُ الغيب وَلاَ أَقُولُ إِنِّى مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تزدرى أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْرًا الله أَعْلَمُ بِمَا في أَنفُسِهِمْ إنى إِذًا لَّمِنَ الظالمين} [هود: 31] أي إيمانًا.
{يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ}، يعني يعطيكم في الدنيا أفضل مما أخذ منكم من الفداء، {وَيَغْفِرْ لَكُمْ} ذنوبكم.
{والله غَفُورٌ} لما كان منكم في الشرك، {رَّحِيمٌ} بكم في الإسلام.
روى سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال قال: بعث العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من البحرين بثمانين ألفًا، ما أتاه من مال أكثر منه لا قبل ولا بعد قال فنثرت على حصير ونودي بالصلاة، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمثل على المال قائمًا؛ وجاء أهل المسجد، فما كان يومئذ عدد ولا وزن ما كان إلا فيضًا.
قال: فجاء العباس فقال: يا رسول الله، أعطيت فدائي وفداء عقيل يوم بدر، ولم يكن لعقيل مال، فأعطني من هذا المال.
قال: «خُذْ مِنْ هذا المَالِ».
قال: فجثا في خميصته وهب فأراد أن يقوم فلم يستطع، فرفع رأسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ارفع عَلَيَّ.
فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أعِدْ مِنَ المَالِ طَائِفَةً وَقُمْ بِمَا تُطِيقُ».
قال: ففعل فجعل العباس يقول وهو منطلق: أما إحدى اللتين وعدنا الله تعالى فقد أنجزها، فلا ندري ما يصنع في الأُخرى وهو قوله: {يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
وعن أبي صالح أنه قال: رأيت للعباس بن عبد المطلب عشرين عبدًا، كل واحد منهم يتجر بعشرة آلاف قال العباس: أنجزني الله أحد الوعدين، فأرجو أن ينجز الوعد الثاني.
ويقال: {يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ} يعني الجنة. اهـ.

.قال الثعلبي:

{يا أيها النبي قُل لِّمَن في أَيْدِيكُمْ مِّنَ الأسرى}
نزلت في العباس بن عبد المطلب وكان أسيرًا يومئذ، وكان العباس أحد العشرة الذين ضمنوا طعام أهل بدر فبلغته التوبة يوم بدر، وكان خرج بعشرين أوقية من ذهب ليطعم بها الناس، فأراد أن يطعم ذلك اليوم فاقتتلوا قبل ذلك وبقيت العشرون أوقية مع العباس فأخذت منه في الحرب، فكلم النبي صلى الله عليه وسلم أن يحسب العشرون أوقية من فدائه فأبى، وقال: أما شيء خرجت تستعين به علينا فلا أتركه لك، وكلّفه فداء بني أخيه عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحرث فقال العباس: يا محمد تركتني اتكفف قريشًا ما بقيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فأين الذهب الذي دفعته إلى أم الفضل أوّل خروجك من مكة، فقلت لها: إني لا أدري ما يصيبني في وجهي هذا فإن حدث بي حدث فهذا لك ولعبد الله ولعبيد الله والفضل وقثم يعني بنيه» فقال له العباس: وما يدريك؟
قال: «أخبرني ربي» فقال العباس: فأنا أشهد أنك صادق، وأن لا إله الا الله وأنك عبده ورسوله، ولم يطلع عليه أحد إلا الله. فذلك قوله: {يا أيها النبي قُل لِّمَن في أَيْدِيكُمْ مِّنَ الأسرى} الذين أخذتم منهم الفداء.
وقرأ أبو محمد وأبو جعفر: من الأُسارى وهما لغتان {إِن يَعْلَمِ الله فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا} أي إيمانًا {يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ} من الفداء {وَيَغْفِرْ لَكُمْ} ذنوبكم، قال العباس: فأبدلني الله مكانها عشرين عبدًا كلهم يضرب بمال كثير، فأدناهم يضرب بعشرين ألف درهم مكان العشرين الأُوقية، وأعطاني زمزم، وما أحب أن لي بها جميع أموال أهل مكة، وأنا أنتظر المغفرة من ربي، وقال قتادة: ذُكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم لما قدم عليه مال البحرين ثمانون ألفا، وقد توضأ لصلاة الظهر، فما أعطى يومئذ ساكنًا ولا حرم سايلا حتى فرّقه، فأمر العباس أن يأخذ منه فأخذ، فكان العباس يقول: هذا خير مما أُخذ منا، وأرجو المغفرة. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِّمَن فِي أَيْدِيكُمْ مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا
أُخِذَ مِنْكُمْ}
يحتمل وجهين:
أحدهما: أحل مما أخذ منكم.
الثاني: أكثر مما أخذ منكم.
قيل إن هذه الآية نزلت لما أسر العباس بن عبد المطلب مع أسرى بدر وأخذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فداء نفسه وابني أخويه عقيل ونوفل فقال: يا رسول الله كنت مسلمًا وأخرجت مكرهًا ولقد تركتني فقيرًا أتكفف الناس. قال: «فَأَيْنَ الأَمْوَالُ الَّتِي دَفَعْتَهَا إِلَى أُمِّ الْفَضْلِ عِنْدَ خُرُوجِكَ» فقال: إن الله لزيدنا ثقة بنبوتك. قال العباس. فصدق الله وعده فيما آتاني وإن لي لعشرين مملوكًا كل مملوك يضرب بعشرين الفًا في التجارة فقد أعطاني الله عز وجل خيرًا مما أخذ مني يوم بدر. اهـ.

.قال ابن عطية:

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ}
روي أن الأسرى ببدر أعلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم لهم ميل إلى الإسلام وأنهم يؤملونه وأنهم إن فدوا ورجعوا إلى قومهم التزموا جلبهم إلى الإسلام وسعوا في ذلك ونحو هذا الغرض، ففي ذلك نزلت هذه الآية، وقال ابن عباس {الأسرى} في هذه الآية عباس وأصحابه، قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم آمنا بما جئت به ونشهد إنك لرسول الله لننصحن لك على قومنا فنزلت هذه الآية، وقرأ جمهور الناس: {من الأسرى} وقرأ أبو عمرو وحده من السبعة {من الأسارى} وهي قراءة أبي جعفر وقتادة ونصر بن عاصم وابن أبي إسحاق، واختلف عن الحسن بن أبي الحسن وعن الجحدري وقرأ ابن محيصن {من لسرى} بالإدغام، ومعنى الكلام إن كان هذا عن جد منكم وعلم الله من نفوسكم الخير والإسلام سيجبر عليكم أفضل مما أعطيتم فدية وسيغفر لكم جميع ما اجترحتموه، وقرأ الأعمش {يثيبكم خيرًا} وقرأ جمهور الناس {أُخِذ} بضم الهمزة وكسر الخاء وقرأ شيبة بن نصاح وأبو حيوة {أَخذ} بفتحها، وروي أن أسرى بدر افتدوا بأربعين أوقية أربعين أوقية إلا العباس فإنه افتدي بمائة أوقية.
قال القاضي أبو محمد: والأوقية أربعون درهمًا، وقال قتادة فادوهم بأربعة آلاف أربعة الآف، وقال عبيدة السلماني كان فداء أسرى بدر مائة أوقية، والأوقية، والأوقية أربعون درهمًا، ومن الدنانير ستة دنانير، وروي أن العباس بن عبد المطلب قال فيَّ وفي أصحابي نزلت هذه الآية، وقال حين أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من مال البحرين ما قدر أن يقل، هذا خير مما أخذ مني وأنا أرجوا أن يغفر الله لي وأسند الطبري أيضًا إلى العباس أنه قال فيّ نزلت حين أعلمت رسول الله صلى الله عيله وسلم بإسلامي وسألته أن يحاسبني بالعشرين الأوقية التي أخذت مني قبل المفادة فأبى وقال ذلك فيء فأبدلني الله من ذلك عشرين عبدًا كلهم تاجر بمالي، وروي عن العباس أنه قال: ما أود أن هذه الآية لم تنزل ولي الدنيا بأجمعها، وذلك أن الله قد آتاني مما أخذ مني وأنا أرجو أن يغفر لي. اهـ.

.قال الخازن:

قوله سبحانه وتعالى: {يا أيها النبي قل لمن في أيديكم} نزلت في العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أحد العشرة الذين ضمنوا أن يطعموا الناس الذين خرجوا من مكة إلى بدر وكان قد خرج ومعه عشرون أوقية من ذهب ليطعم بها إذ جاءت نوبته فكانت نوبته يوم الوقعة ببدر فأراد أن يطعم ذلك اليوم فاقتتلوا فلم يطعم شيئًا وبقيت العشرون أوقية معه فلما أسر أخذت منه، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحسب العشرين أوقية من فدائه فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «أما شيء خرجت لتستعين به علينا فلا أتركه لك» وكلف فداء ابني أخيه عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث فقال العباس: يا محمد تتركني أتكفف قريشا ما بقيت.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فأين الذهب الذي دفعته إلى أم الفضل وقت خروجك من مكة» وقلت لها إني لا أدري ما يصيبني في وجهي هذا فإن حدث بي حدث فهذا لك ولعبد الله ولعبيد الله وللفضل وقثم يعني بنيه.
فقال العباس: وما يدريك يا ابن أخي قال: «أخبرني به ربي» قال العباس: أشهد أنك لصادق وأشهد أن لا إله إلا لله وأنك عبده ورسوله لم يطلع عليه أحد إلا الله وأمر ابني أخيه عقيل ونوفل بن الحارث فأسلما فذلك قوله سبحانه وتعالى: {يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى} يعني الذين أسرتموهم وأخذتم منهم الفداء {إن يعلم الله في قلوبكم خير} يعني إيمانًا وتصديقًا {يؤتكم خيرًا مما أخذ منكم} يعني من الفداء {ويغفر لكم} يعني ما سلف منكم قبل الإيمان {والله غفور} يعني لمن آمن وتاب من كفره ومعاصيه {رحيم} يعني بأهل طاعته قال العباس: فأبدلني الله خيرًا ما أخذ مني عشرين عبدًا كلهم تاجر يضرب بمال كثير أدناهم يضرب بعشرين ألف درهم مكان العشرين أوقية وأعطاني زمزم وما أحب أن لي بها جميع أموال أهل مكة وأنا أنتظر المغفرة من ربي. اهـ.

.قال أبو السعود:

{يا أيها النبي قُل لّمَن في أَيْدِيكُم} أي في مِلكتكم كأن أيديَكم قابضةٌ عليهم {مّنَ الاسرى} وقرئ من الأُسارى {إِن يَعْلَمِ الله فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا} خلوصَ إيمانٍ وصحةَ نيةٍ {يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ} من الفداء، وقرئ أخَذَ على البناء للفاعل. روي أنها نزلت في العباس كلفه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يَفدِيَ ابني أخيه عَقيلَ بن أبي طالب ونوفلَ بنَ الحارث فقال: يا محمد تركتَني أتكفف قريشًا ما بقِيتُ فقال له عليه الصلاة والسلام: «فأين الذهبُ الذي دفعتَه إلى أم الفضلِ وقت خروجِك من مكة وقلت لها: ما أدري ما يصيبني في وجهي هذا فإن حدث بي حدثٌ فهو لك ولعبد اللَّه وعبيد اللَّه والفضلِ» فقال العباس: ما يدريك؟ فقال: «أخبرني به ربي»، قال العباس: فأنا أشهد أنك صادقٌ وأن لا إله إلا الله وأنك عبدُه ورسوله، والله لم يطلعْ عليه أحدٌ إلا الله ولقد دفعتُه إليها في سواد الليل ولقد كنت مرتابًا في أمرك فأما إذا أخبرتني بذلك فلا ريب، قال العباس بعد حين: فأبدلني الله خيرًا من ذلك لي الآن عشرون عبدًا وإنّ أدناهم ليُضرب في عشرين ألفًا وأعطاني زمزمَ ما أُحب أن لي بها جميعَ أموالِ أهل مكة وأنا أنتظر المغفرةَ من ربي، يتأول به ما في قوله تعالى: {وَيَغْفِرْ لَكُمْ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} فإنه وعدٌ بالمغفرة مؤكدٌ بما بعده من الاعتراض التذييلي. اهـ.

.قال الألوسي:

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ} أي في ملكتكم واستيلائكم كأن أيديكم قابضة عليهم {مّنَ الاسرى} الذين أخذتم منهم الفداء، وقرأ أبو عمرو وأبو جعفر من {الأسارى} {الاسرى إِن يَعْلَمِ الله فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا} إيمانًا وتصديقًا كما قال ابن عباس {يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ} من الفداء.
والآية على ما في رواية ابن سعد وابن عساكر نزلت في جميع أسارى بدر وكان فداء العباس منهم أربعين أوقية وفداء سائرهم عشرين أوقية، وعن محمد بن سيرين أنه كان فداؤهم مائة أوقية والأوقية أربعون درهمًا وستة دنانير.
وجاء في رواية أنها نزلت في العباس رضي الله تعالى عنه، وقد روي عنه أنه قال: كنت مسلمًا لكن استكرهوني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن يكن ما تذكر حقًا فالله تعالى يجزيك فإما ظاهر أمرك فقد كان علينا فاد نفسك وابني أخويك نوفل بن الحرث وعقيل بن أبي طالب وحليفك عتبة بن عمرو فقلت: ما ذاك عندي يا رسول الله، قال عليه الصلاة والسلام: فأين الذي دفنت أنت وأم الفضل؟ فقلت لها: إني لا أدري ما يصيبني في وجهي هذا فإن حدث بي حدث فهو لك ولعبد الله وعبيد الله وقثم فقلت: وما يدريك فقال صلى الله عليه وسلم: أخبرني ربي فعند ذلك قال العباس: أشهد أنك صادق وأن لا إله إلا الله وأنك رسول الله إنه لم يطلع على ذلك أحد إلا الله تعالى ولقد دفعته إليها في سواد الليل» وروى عنه رضي الله تعالى عنه أنه قال بعد حين: أبدلني الله خيرًا من ذلك لي الآن عشرون عبدًا إن أدناهم ليضرب في عشرين ألفًا وأعطاني زمزم وما أحب أن لي بها جميع أموال أهل مكة وأنا أنتظر المغفرة من ربكم بتأويل ما في قوله تعالى: {وَيَغْفِرْ لَكُمْ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} فإنه وعد بالمغفرة مؤكد بالاعتراض التذييلي، وروي أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مال البحرين ثمانون ألفًا فتوضأ صلى الله عليه وسلم وما صلى حتى فرقه وأمر العباس أن يأخذ منه فأخذ ما قدر على حمله، وكان رضي الله تعالى عنه يقول: هذا خير مما أخذ مني وأرجو المغفرة، والظاهر أن الآية عامة لسائر الأسارى على ما يقتضيه صيغة الجمع، ولا يأبى ذلك رواية أنها نزلت في العباس لما قالوا من أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وقرأ الأعمش {الله خَيْرًا} والحسن وشيبة {مّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ} على البناء للفاعل. اهـ.