فصل: قال القرطبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال القرطبي:

وقال أرباب المعاني: خاطب الله الملائكة لا للمشورة ولكن لاستخراج ما فيهم من رؤية الحركات والعبادة والتسبيح والتقديس، ثم ردّهم إلى قيمتهم؛ فقال عز وجل: {اسجدوا لآدَمَ} [البقرة: 34]. اهـ.

.قال الفخر:

قال عليه الصلاة والسلام: «أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد أو راكع» وروي أن بني آدم عشر الجن، والجن وبنو آدم عشر حيوانات البر، وهؤلاء كلهم عشر الطيور، وهؤلاء كلهم عشر حيوانات البحر، وهؤلاء كلهم عشر ملائكة الأرض الموكلين بها، وكل هؤلاء عشر ملائكة سماء الدنيا، وكل هؤلاء عشر ملائكة السماء الثالثة، وعلى هذا الترتيب إلى ملائكة السماء السابعة ثم الكل في مقابلة ملائكة الكرسي نزر قليل، ثم كل هؤلاء عشر ملائكة السرادق الواحد من سرادقات العرش التي عددها ستمائة ألف، طول كل سرادق وعرضه وسمكه إذا قوبلت به السموات والأرضون وما فيها وما بينها فإنها كلها تكون شيئًا يسيرًا وقدرًا صغيرًا، وما من مقدار موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد أو راكع أو قائم، لهم زجل بالتسبيح والتقديس، ثم كل هؤلاء في مقابلة الملائكة الذين يحومون حول العرش كالقطرة في البحر ولا يعلم عددهم إلا الله.
ثم مع هؤلاء ملائكة اللوح الذين هم أشياع إسرافيل عليه السلام.
والملائكة الذين هم جنود جبريل عليه السلام.
وهم كلهم سامعون مطيعون لا يفترون مشتغلون بعبادته سبحانه وتعالى.
رطاب الألسن بذكره وتعظيمه يتسابقون في ذلك مذ خلقهم، لا يستكبرون عن عبادته آناء الليل والنهار ولا يسأمون، لا يحصي أجناسهم ولا مدة أعمارهم ولا كيفية عبادتهم إلا الله تعالى، وهذا تحقيق حقيقة ملكوته جل جلاله على ما قال: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبّكَ إِلاَّ هُوَ} [المدثر: 31].
وأقول رأيت في بعض كتب التذكير أنه عليه الصلاة والسلام حين عرج به رأى ملائكة في موضع بمنزلة سوق بعضهم يمشي تجاه بعض فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيهم إلى أين يذهبون.
فقال جبريل عليه السلام: لا أدري إلا أني أراهم مذ خلقت ولا أرى واحدًا منهم قد رأيته قبل ذلك ثم سألوا واحدًا منهم وقيل له مذ كم خلقت؟ فقال لا أدري غير أن الله تعالى يخلق كوكبًا في كل أربعمائة ألف سنة فخلق مثل ذلك الكوكب منذ خلقني أربعمائة ألف مرة، فسبحانه من إله ما أعظم قدرته وما أجل كماله.
واعلم أن الله سبحانه وتعالى ذكر في القرآن أصنافهم وأوصافهم، أما الأصناف:
فأحدها: حملة العرش وهو قوله: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثمانية} [الحاقة: 17].
وثانيها: الحافون حول العرش على ما قال سبحانه: {وَتَرَى الملائكة حَافّينَ مِنْ حَوْلِ العرش يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِم} [الزمر: 75].
وثالثها: أكابر الملائكة فمنهم جبريل وميكائيل صلوات الله عليهما لقوله تعالى: {مَن كَانَ عَدُوّا لّلَّهِ وَمَلئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وميكال فَإِنَّ الله عَدُوٌّ للكافرين} [البقرة: 98] ثم إنه سبحانه وتعالى وصف جبريل عليه السلام بأمور:
الأول: أنه صاحب الوحي إلى الأنبياء قال تعالى: {نَزَلَ بِهِ الروح الأمين على قَلْبِكَ} [الشعراء: 193، 194].
الثاني: أنه تعالى ذكره قبل سائر الملائكة في القرآن {قُلْ مَن كَانَ عَدُوّا لِّجِبْرِيلَ} [البقرة: 97] ولأن جبريل صاحب الوحي والعلم، وميكائيل صاحب الأرزاق والأغذية، والعلم الذي هو الغذاء الروحاني أشرف من الغذاء الجسماني فوجب أن يكون جبريل عليه السلام أشرف من ميكائيل.
الثالث: أنه تعالى جعله ثاني نفسه {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مولاه وَجِبْرِيلُ وصالح الْمُؤْمِنِينَ} [التحريم: 4].
الرابع: سماه روح القدس قال في حق عيسى عليه السلام: {إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ القدس} [المائدة: 110] الخامس: ينصر أولياء الله ويقهر أعداءه مع ألف من الملائكة مسومين، السادس: أنه تعالى مدحه بصفات ست في قوله: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِى قُوَّةٍ عِندَ ذِى العرش مَكِينٍ مطاع ثَمَّ أَمِينٍ} [التكوير: 19 20] فرسالته أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جميع الأنبياء، فجميع الأنبياء والرسل أمته وكرمه على ربه أنه جعله واسطة بينه وبين أشرف عباده وهم الأنبياء، وقوته أنه رفع مدائن قوم لوط إلى السماء وقلبها، ومكانته عند الله أنه جعله ثاني نفسه في قوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مولاه وَجِبْرِيلُ وصالح الْمُؤْمِنِينَ} وكونه مطاعًا أنه إمام الملائكة ومقتداهم، وأما كونه أمينًا فهو قوله: {نَزَلَ بِهِ الروح الأمين على قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المنذرين} [الشعراء: 193] ومن جملة أكابر الملائكة إسرافيل وعزرائيل صلوات الله عليهما وقد ثبت وجودهما بالأخبار وثبت بالخبر أن عزرائيل هو ملك الموت على ما قال تعالى: {قُلْ يتوفاكم مَّلَكُ الموت الذي وُكّلَ بِكُمْ} [السجدة: 11] وأما قوله: {حتى إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الموت تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا} [الأنعام: 61] فذلك يدل على وجود ملائكة موكلين بقبض الأرواح ويجوز أن يكون ملك الموت رئيس جماعة وكلوا على قبض الأرواح قال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الذين كَفَرُواْ الملئكة يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وأدبارهم} [الأنفال: 50].
وأما إسرافيل عليها السلام فقد دلت الأخبار على أنه صاحب الصور على ما قال تعالى: {وَنُفِخَ في الصور فَصَعِقَ مَن في السموات وَمَن في الأرض إِلاَّ مَن شَاء الله ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أخرى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ} [الزمر: 68].
ورابعها: ملائكة الجنة قال تعالى: {والملائكة يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مّن كُلّ بَابٍ سلام عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عقبى الدار} [الرعد: 23، 24].
وخامسها: ملائكة النار قال تعالى: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} [المدثر: 30] وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا أصحاب النار إِلاَّ مَلَئِكَةً} [المدثر: 31] ورئيسهم مالك، وهو قوله تعالى: {وَنَادَوْاْ يامالك لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: 77] وأسماء جملتهم الزبانية قال تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزبانية} [العلق: 17، 18] وسادسها: الموكلون ببني آدم لقوله تعالى: {عَنِ اليمين وَعَنِ الشمال قَعِيدٌ مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 17، 18] وقوله تعالى: {لَهُ معقبات مّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ الله} [الرعد: 11] وقوله تعالى: {وَهُوَ القاهر فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً} [الأنعام: 61].
وسابعها: كتبة الأعمال وهو قوله تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لحافظين كِرَامًا كاتبين يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار: 10 12].
وثامنها: الموكلون بأحوال هذا العالم وهم المرادون بقوله تعالى: {والصافات صَفَّا} [الصافات: 1] وبقوله: {والذاريات ذَرْوًا} [الذاريات: 1] إلى قوله: {فالمقسمات أَمْرًا} [الذاريات: 4] وبقوله: {والنازعات غَرْقًا} [النازعات: 1].
وعن ابن عباس قال: إن لله ملائكة سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الأشجار، فإذا أصاب أحدكم حرجة بأرض فلاة فليناد: أعينوا عباد الله يرحمكم الله.
وأما أوصاف الملائكة فمن وجوه: أحدها: أن الملائكة رسل الله، قال تعالى: {جَاعِلِ الملائكة رُسُلًا} [فاطر: 1] أما قوله تعالى: {الله يَصْطَفِى مِنَ الملائكة رُسُلًا} [الحج: 75] فهذا يدل على أن بعض الملائكة هم الرسل فقط، وجوابه أن من للتبيين لا للتبعيض.
وثانيها: قربهم من الله تعالى، وذلك يمتنع أن يكون بالمكان والجهة فلم يبق إلا أن يكون ذلك القرب هو القرب بالشرف وهو المراد من قوله: {وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} [الأنبياء: 19] وقوله: {بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ} [الأنبياء: 26] وقوله: {يُسَبّحُونَ الليل والنهار لاَ يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 20] وثالثها: وصف طاعاتهم وذلك من وجوه:
الأول: قوله تعالى حكاية عنهم {وَنَحْنُ نُسَبّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدّسُ لَكَ} وقال في موضع آخر {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون} [الصافات: 166] والله تعالى ما كذبهم في ذلك فثبت بها مواظبتهم على العبادة.
الثاني: مبادرتهم إلى امتثال أمر الله تعظيمًا له وهو قوله: {فَسَجَدَ الملائكة كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [الحجر: 30].
الثالث: أنهم لا يفعلون شيئًا إلا بوحيه وأمره وهو قوله: {لاَ يَسْبِقُونَهُ بالقول وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} [الأنبياء: 27].
ورابعها: وصف قدرتهم وذلك من وجوه:
الأول: أن حملة العرش وهم ثمانية يحملون العرش والكرسي ثم إن الكرسي الذي هو أصغر من العرش أعظم من جملة السموات السبع لقوله: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السموات والأرض} [البقرة: 255] فانظر إلى نهاية قدرتهم وقوتهم.
الثاني: أن علو العرش شيء لا يحيط به الوهم ويدل عليه قوله: {تَعْرُجُ الملئكة والروح إِلَيْهِ في يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 4] ثم إنهم لشدة قدرتهم ينزلون منه في لحظة واحدة.
الثالث: قوله تعالى: {وَنُفِخَ في الصور فَصَعِقَ مَن في السموات وَمَن في الأرض إِلاَّ مَن شَاء الله ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أخرى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ} [الزمر: 68] فصاحب الصور يبلغ في القوة إلى حيث أن بنفخة واحدة منه يصعق من في السموات والأرض، وبالنفخة الثانية منه يعودون أحياء.
فاعرف منه عظم هذه القوة.
والرابع: أن جبريل عليه السلام بلغ في قوته إلى أن قلع جبال آل لوط وبلادهم دفعة واحدة.
وخامسها: وصف خوفهم ويدل عليه وجوه:
الأول: أنهم مع كثرة عباداتهم وعدم إقدامهم على الزلات ألبتة يكونون خائفين وجلين حتى كأن عبادتهم معاصي قال تعالى: {يخافون رَبَّهُمْ مّن فَوْقِهِمْ} [النحل: 50] وقال: {وَهُمْ مّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء: 28].
الثاني: قوله تعالى: {حتى إِذَا فُزّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ الحق وَهُوَ العلى الكبير} [سبأ: 23] روي في التفسير أن الله تعالى إذا تكلم بالوحي سمعه أهل السموات مثل صوت السلسلة على الصفوان ففزعوا فإذا انقضى الوحي قال بعضهم لبعض ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير.
الثالث: روى البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم بناحية ومعه جبريل إذ انشق أفق السماء فأقبل جبريل يتضاءل ويدخل بعضه في بعض ويدنو من الأرض فإذا ملك قد مثل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويخيرك بين أن تكون نبيًا ملكًا وبين أن تكون نبيًا عبدًا، قال عليه السلام: فأشار إلى جبريل بيده أن تواضع فعرفت أنه لي ناصح فقلت عبدًا نبيًا فعرج ذلك الملك إلى السماء فقلت يا جبريل قد كنت أردت أن أسألك عن هذا فرأيت من حالك ما شغلني عن المسألة فمن هذا يا جبريل؟ فقال هذا إسرافيل خلقه الله يوم خلقه بين يديه صافًا قدميه لا يرفع طرفه وبين الرب وبينه سبعون نورًا ما منها نور يدنو منه إلا احترق وبين يديه اللوح المحفوظ فإذا أذن الله له في شيء من السماء أو من الأرض ارتفع ذلك اللوح بقرب جبينه فينظر فيه فإن كان من عملي أمرني به وإن كان من عمل ميكائيل أمره به وإن كان من عمل ملك الموت أمره به قلت يا جبريل على أي شيء أنت قال على الرياح والجنود قلت على أي شيء ميكائيل قال على النبات.
قلت على أي شيء ملك الموت قال على قبض الأنفس وما ظننت أنه هبط إلا لقيام الساعة وما ذاك الذي رأيت مني إلا خوفًا من قيام الساعة.
واعلم أنه ليس بعد كلام الله وكلام رسوله كلام في وصف الملائكة أعلى وأجل من كلام أمير المؤمنين علي عليه السلام، قال في بعض خطبه: ثم فتق ما بين السموات العلى فملأهن أطوارًا من ملائكة فمنهم سجود لا يركعون وركوع لا ينتصبون وصافون لايتزايلون ومسبحون لا يسأمون لا يغشاهم نوم العيون ولا سهو العقول ولا فترة الأبدان ولا غفلة النسيان ومنهم أمناء على وحيه وألسنة إلى رسله ومختلفون بقضائه وأمره ومنهم الحفظة لعباده والسدنة لأبواب جنانه ومنهم الثابتة في الأرضين السفلى أقدامهم والمارقة من السماء العليا أعناقهم والخارجة من الأقطار أركانهم والمناسبة لقوائم العرش أكتافهم ناكسة دونه أبصارهم متلفعون بأجنحتهم مضروبة بينهم وبين من دونهم حجب العزة وأستار القدرة لا يتوهمون ربهم بالتصوير ولا يجرون عليه صفات المصنوعين ولا يحدونه بالأماكن ولا يشيرون إليه بالنظائر. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرض خَلِيفَةً} جاعل هنا بمعنى خالق؛ ذكره الطبري عن أبي رَوْق، ويقضي بذلك تعدّيها إلى مفعول واحد، وقد تقدّم.
والأرض قيل: إنها مكة.
روى ابن سابط عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «دُحِيَت الأرض من مكة» ولذلك سُمِّيت أمّ القرى، قال: «وقبر نوح وهود وصالح وشعيب بين زمزم والرّكن والمقام»، و{خليفة} يكون بمعنى فاعل؛ أي يخلف من كان قبله من الملائكة في الأرض، أو من كان قبله من غير الملائكة على ما رُويَ.
ويجوز أن يكون {خليفة} بمعنى مفعول أي مخلف؛ كما يقال ذبيحة بمعنى مفعولة.
والخَلَف بالتحريك من الصالحين، وبتسكينها من الطالحين؛ هذا هو المعروف، وسيأتي له مزيد بيان في الأعراف إن شاء الله.
و{خليفة} بالفاء قراءة الجماعة؛ إلا ما رُوِيَ عن زيد بن عليّ فإنه قرأ: {خليقة} بالقاف.
والمعنى بالخليفة هنا في قول ابن مسعود وابن عباس وجميع أهل التأويل آدم عليه السلام، وهو خليفة الله في إمضاء أحكامه وأوامره؛ لأنه أوّل رسول إلى الأرض؛ كما في حديث أبي ذَرّ، قال: قلت: «يا رسول الله أنبيًّا كان مرسَلًا؟ قال: نعم» الحديث.
ويقال: لمن كان رسولًا ولم يكن في الأرض أحد؟ فيقال: كان رسولًا إلى ولده، وكانوا أربعين ولدًا في عشرين بطنًا في كل بطن ذكر وأنثى، وتوالدوا حتى كثروا؛ كما قال الله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء: 1].
وأنزل عليهم تحريم الميتةِ والدّمِ ولحمِ الخنزير.
وعاش تسعمائة وثلاثين سنة؛ هكذا ذكر أهل التوراة.
ورُوي عن وهب بن مُنَبّه أنه عاش ألف سنة، والله أعلم. اهـ.