فصل: فصل في مقصود السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في مقصود السورة الكريمة:

قال البقاعي:
سورة التوبة مقصودها معاداة من أعرض عما دعت إليه السورة الماضية من اتباع الداعي إلى الله في توحيده وأتباع ما يرضيه، وموالاة من أقبل عليه، وأدل ما فيها على الإبلاغ في هذا المقصد فصة المحلفين فإنهم- لاعترافهم بالتخلف عن الداعي بغير عذر في غزوة تبوك المحتمل على وجه بعيد منهم رضي الله عنهم للاعراض بالقلب- هجروا، وأعرض عنهم بكل اعتبار حتى بالكلام، فذلك معنى تسميتها بالتوبة، وهو يدل على البراءة لأن البراءة منهم 0 بهجرانهم حتى رد السلام، كان سبب التوبة، فهو من إطلاق المسبب على السبب وتسميتها براءة واضح أيضا فيما ذكر من مقصودها، وكذا الفاضحة لأن من افتضح كان أهلا للبراءة منه، والبحوث لأنه لا يبحث إلا عن حال البغيض، والمبعثرة هو المنفرة والمثبرة والحفارة والمخزية والمهلكة والمشردةة والمدمدمة والمنكلة لأنه لا يبعثر إلا حال وكذا بعده، والمشردة عظيمة المناسبة مع ذلك عظيمة المناسبة مع ذلك لما أشارت إليه الأنفال في {فشرد بهم من خلفهمْ} [الأنفال: 57] وسورة العذاب أيضا واضحة في مقصودها، وكذا المقشقشة لأنهم قالوا: إن معناه المبرئة من النفاق، من تقشقشت قروحه، إذا تقشرت للبرء، وتوجيهه أن من عرف أن الله برئ منه ورسوله والمؤمنون لأمر فهو جدير بأن يرجع عن ذلك الأمر، وعندي أيضا أنه مضاعف القش الذي معناه الجمع، لأنها جمعت أصناف المنافقين وأحوالهم وعليه خرج ما في وصف أبي جهم بن حذيفة لمن أراد نكاحها: أخاف عليك قشقاشته، أي تتبعه لمذاق الأمور، أخذا من القش الذي هو تطلب المأكول من هنا هنا وها هنا، أو عصاه التي هي غاية ذلك، ومادة قش ومقلوبها شق ةمضاعفهما قشقش وشقشق تدور على الجمع وتلازمه الفرقة فإنه لا يجتمع إلا ما كان مفرقا ولا يفرق إلا ما كان مجتمعا، وقد اقتسم هذان المثالان المعنيين إلا قليلا، فقش القوم: صلحوا وأحبوا بعد الهزال يجمع اللحم، والرجل: أكل من هاهنا ولف ما قدر عليه مما على الخوان، واضح في ذلك، وأفشوا وانفشوا- إذا انطلقوا فجفلوا ومروا ذاهبين- وقد انقشوا إذا مروا وذهبوا مسرعين لاجتماعهم في ذلك وجمعهم ما قدروا عليه من متاعهم، والقش والإقشاش: طلب المأكول من هاهنا وها هنا لجمعه، والقشة- بالكسر: القردة كأنها لجمعها ما رأت مما يؤكل في فيها، والصبية الصغيرة الجثة التي لا تكاد تثبت كأنها لاجتماعها في نفسها، وكذا القشيش: الصغير من الصبيان، ودويبة كالجعل إما لاجتماعها في نفسها أو لجمعها القاذورات، والقشيش كأمير: الفقاطة لأنها بجمعها اللقاطون، وصوت جلد الحية يحك بعضها ببعض، لأنه لا يكون إلا عند التثني والتجمع، وقش من الجدري: برئ منه كتقشقش يصلح أن يكون من الفرقة لآنه فارقه، ومن الجمع لأن البرء جمعه كله فأزاله، ويمكن أن تكون همزته للإزالة، وتقششت القروح وتقشقشت- إذا تقشرت للبرء، إما من الجمع لاجتماع القوى للصحة، وإما من الفرقة والزوال، وكذا تقشقش البعير- إذا برئ من الجرب، ويقال: قششهم بكلامه- إذا تكلم بقبيح الكلام وآذاهم، أي لجمعه همومهم على بغضه أو معايبهم، وكذا قش الشيء: جمعه بيده حتى يتحات، أي قشره جميعه، فهو يصلح للفرقة والجمع، وقش: مشى مشى المهزول أي اضطرب، وهو يوجب الإسراع والتثني فيصلح للجمع ةالفرقة، وقش: أكل مما يلقيه الناس على المزابل أو أكل كسر الصدقة، لأن ذلك غاية في الجمع، وقش النبات: يبس، فاستحق أن يمجع، والقش: ردئ التمر كالدقل ونحوه لأنه، يجمع في نفسه، والدلو الضخم لكثرة ما يجمع، وفي الحديث: «{قل يا أيها الكافرون} و{قل هو الله أحد} المقشقشتان»، أي المبرئتان من الشرك لما في الحديث: اقرأ قل يا أيها الكافرون عند منامك فإنها براءة من الشرك، فالمعنى أنهما تجمعان كل شركط ونفاق دقيق أو جليل فتنزيلاته، والقشقشة يحكى بها الصوت قبل الهدير في محض الشقشقة قبل أن نرعد بالهدير، لأن مبادئ صوت الهدير زائد الضخامة، فكأنه جامع، فكذا ما يحكيه، والقشقاشة: العصا، لجمعها ما يراد بها أو لأنها يقشر عنها لحاؤها كما يقشر جلد الحية وأما مقلوبة فيقال فيه: شقة: صدعة أي فرقة، وقال الخليل: الصدع ربما كان في أحد الوجهين غير نافذ، والشق لا يكون إلا نافذا، وشق ناب البعير: طلع، لأنه فرق اللحم، وشق العصا: فرق باثنيتين وفرق بين الجماعة، وشق عليه الأمر: صعب ففرق نفسه، وشق عليه: أوقعه في مشقة، وشق بصر المحتضر: نظر إلى شيء لا يرتد إليه طرفه، لأنه لتصويبه إلى جهة واحدة مفترق من بقية الجهات، والشق واحد الشقوق، والصبح لأنه يفرق جيش الظلام، وجوبة ما بين الشفرين من جهاز المرأة، والتفريق ومنه شق عصا المسلمين، واستكالة البرق إلى وسط السماء من غير أن يأخذ يمينا وشمالا لأنه يشق السحاب مستقيما كما يشق اللوح والعصا،- بالكسر: الجانب لأنه مفارق للجانب الآخر، واسم لما نظرت إليه لأنه في جانب واحد، وجنس من أجناس الجن لأنه فرقة منهم، ومن كل شيء نصفه- ويفتح- ويفتح، والمال بيني وبينك شق الشعرة- ويفتح: نصفان سواء، والشقة- بالكسر: شظية من لوح، ومن العصا والثوب وغيره ما شق مستطيلا، والشقية: ضرب من الجماع كأنه على شق واحد، والشقة بالضم والكسر: البعد والناحية يقصدها المسافرؤ، والسفر البعيد، وكله واضح في الفرقة، والمشقة أيضا لأنها تأخذ أحد شقى النفش، والفرس البعيد ما بين الفروج والطويل، كأن أجزاءه تفرقت فطال ضد ما تقدم في الصبية الصغيرة، والأشق أيضا: العجل إذا استحكم كأنه لما تأهل من شق الأرض بالحراثة، وكل ما اشتق نصفين، والشقيقة كسفينة: الفرجة بين الجبلين تنبت العشب، لأنها فرقت بين الجبلين وفرقت عشبها بين ملتم أرضها، والمطر، الوابل المتسع لأن الغيم نشقق عنه، ومن البرق ما نتشر من الأفق لأنه يشق السحاب، ووجع يأخذ نصف الرأس والوجه، وشقائق النعمان معروف سميت لحمرتها تشبيها بشقيقة البرق، كذا قالوا، وعندي أنها سميت لتفرق أوراقها وتصفقها فكأنها مشققة مع التجمع، والشقاق كغراب: تشقق يصيب أرساغ الدواب- والشقشقة بالكسر: شيء كالرثة يخرجه البعير من فيه إذا هاج، كأنه بشق حلقه فيخرج ويوجب هديره الذي يشق الطباق تجويفه ليصوت، ومنه شقشق الفحل: هذر، والعصفور: صوت، وشقق الكلام: أخرجه أحسن مخرج، وشقق الحطب: فرق كل واحدة باثنتين أو أكثر، وانشقت العصا: تفرق الأمر، والاشتقاق: أخذ شق الشيء والأخذ في الكلام وفي الخصومة يمينا وشمالا مع ترك القصد، لأنه يشق جهات المعاني، وه أيضا أخذ الكلمة من الكلمة، فكأنه فرق بين أجزائها، وهذا أخي وشق نفسي وشقيقي كأنه يشق نسبه من نسبه أو كأنه شقه منه، وهذه السورة آخر سورة نزلت روى البخاري في التفسير وغيره من صحيحه عن البراء رضي الله عنه قال: آخر آية نزلت: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} وآخر سورة نزلت براءة.
ولما كانت مناسبة أولها- الداعي إلى البراءة ممن يخشى نقضه- لآخر الأنفال المبين لمن يصلح للولاية المختتم بشمول العلم في حد عظيم من الظهور مع ما تقدم من بيان مناسبة آخر الأعراف لأول الأنفال، قدمت الأنفال مع قصرها على براءة مع طولها واشتباه أمرها على الصحابة في كونها سورة مستقلة أو بعض سورة كما قدمت آل عمران مع قصرها على النساء لمثل ذلك من المناسبة، فكان ما ذكر في براءة من البراءة والتولي شرحا لآخر الأنفال، روى الإمام أحمد يفي المسند وأبو داود في السنن والترمذي في الجامع وحسنه وابن ماجه وابن حبان في صحيحه وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى والبزار والبيهق يوالإمام أبو محمد إسحاق بن إبراهيم البستس القاضي في تفسيره- بسند الترمذي والبيهقي- والإمام أبو جعفر النحاس بغير سند عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه: ما حملكم على أن عندتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطرا بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموهما في السبع الطول؟ ما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما- وقال الستي: ربما- يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول: ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن نزولا، وكانت فصتها شبيهة بقصتها، فظننت أنها منها، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، قال النحاس: وذهب عني أ، أسأله عنعا، فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم فوضعتها في السبع الطول- زاد ابن راهويه: وكانتا تدعيان القرينتين- انتهى. فبين أنهما اشتبها عليه وأنه وضعهما في الطول لمناسبتهما لها على تقدير كونها سورة واحدة، قال في القاموس: والسبع الطول- كصرد- من البقرة إلى الأعراف، والسابعة سورة يونس أو الأنفال وبراءة جميعا لأنهما سورة واحدة- انتهى. وقال في الكشاف: وقيل: سورة الأنفال والتوية سورة واحدة كلتاهما نزلت في القتال تعدان السابعة من الطوال بعدها المئون، وهذا قول ظاهر لأنهما معا مائتان وست فهما بمنزلة سورة واحدة، وقال بعضهم: هما سورتان فتركت بينهما فرجة لقول من يقول: هما سورتان، وتركت بسم لقول من يقول: هما سورة واحدة. انتهى.
وعن أبي كعب رضي الله عنه أنه قال: إنما توهموا ذلك لأن في الأنفال ذكر العهود، وفي براءة نبذ العهود، ووضعت إحداهما بجنب الأخرى، والمراد بالمثاني هنا ما دون المئين وفوق المفصل، قال أبو عبيد الهروي: قيل لها مثاني لأن المئين جعلت مبادئ والتي تليها مثاني- انتهى. والأحسن كون ذلك بالنسبة إلى اغلمفصل من وجهين: الأول أن المفصل أول لقب جامع للسور باعتبار القصر وفوقه المثاني ثم المئون ثم الطول، فالمثاني ثانية له حقيقة، وما هي ثانية للمئين إلا أن ألفينا البداءة بالطول من الطرف الآخر، الثاني أنها لما زادت على المفصل كانت قسمة السورة منها في ركعتين من الصلاة كقراءة سورتين من المفصل فكانت مثاني لتثنيتها في مجموع الصلاة باعتبار قراءة بعضها في كل من الركعتين، قال أبو جعفر النحاس: قال أبو إسحاق: جدثني بعض أصحابنا عن صاحبنا محمد بن يزيد أنه قال: لم تكتب في أولها بسم الله، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سألت عليا رضي الله عنه: لم تكتب بسم الله الرحمن الرحيم هاهنا؟ قال: لأن بسم الله الرحمن الرحيم أمان- انتهى. وبهذا أخذ الإمام أبو القاسم الشاطبي في قصيدته حيث قال:
ومهما تصلها أو بدأت براءة ** تنزيلها بالسيف لست مبسملا

وقال في الكشاف: وسئل ابن عيينة فقال: اسم الله سلام وأمان، فلا يكتب في النبذ والمحاربة، قال الله تعالى: {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا} [النساء: 94] قيل: فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد كتب إلى أهل الحرب بسم الله الرحمن الرحيم قال: إنما ذلك ابتداء، يدعوهم ولم ينبذ إليهم، ألا تراه يقول: «سلام على من اتبع الهدى» فمن دعى إلى الله فأجاب ودعى إلى الجزية فأجاب فقد اتبع الهدى، وأما النبذ فإنما هو البراءة واللعنة- انتى. ولا يعارض هذا خبر ابن عباس عن عثمان رضي الله عنهما، بل هو شبيه لما نزلت من غير بسملة للمعنى المذكور، اشتبه أمرها على الصحابة رضوان الهل عليهم، ولم يقع سؤال عنها حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت موافقتهم للسور في تسميتها باسم يخصها دليلا على أنها سورة برأسها، ومخلفتهعم في ترك إنزال البسملة في أولها مع احتمال أنها تركت للمعنى المذكور أو لغيره دليلا على أنها بعض سورة، فقد روى أبو داود والحاكم في المستدرك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة- وفي رواية: لا يعلم انقضاء السورة حتى ينزل عليه (بسم الله الرحمن الرحيم).
قال الحافظ أبو شامة: هذا حديث حسن وللحاكم في المستدرك أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهعما قال: كان المسلمون لا يعلمون انقضاؤء السورة حتى ينزل: بسم الله الرحمن الرحيم فلما نزل علم أن السورة قد انقضت فلما اشتبه أمرها تركوا كتابة البسملة في أولها وفصلوها عن الأنفال قليلا- والله الموفق. هذا وقد مضى بيان تشابه فصتيهما في أول الأنفال وأثناء الأعراف إجمالا، وأما تفصيلا فلما في كل منهمت من نبذ العهد إلى من خيف نقضه، وأن المسجد الحرام لا يصلح لولايته إلا المتقون، وأن المشركين نجس لا صلاحية فيهم لقربانه، وأن قلة حزب الله لا تضرهم إذا لزموا دعائم النصر الخمس وكثرتهم لا تغنيهم إذا حصل في ثباتهم لبس، والحث على الجهاد في غيبر موضع، وضمان الغنى كما أشار إليه في الأنفال بقوله: {لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم} [الأنفال: 4] وذك أحكام الصدقات التي هي من وادي الغنائم، وعد أصناف كل، والأمر بالإنفاق المشار إليه في الإنفاق وغيره كما فعلوا في مال التجارة الذي أرصدوه حتى به على غزوة أحد المشار إليه في الأنفال بقوله: {والذين كفروا ينفقون أموالهم} [الأنفال: 73] أي بالتناصر في الأنفال وغيره كما فعلوا في مال التجارة الذي أرصدوه حتى استعانوا به على غزوة أحد المشار إليه بآية: {إن الذين كفروا ينفقون أموالهم} [الأنفال: 36] مع آية: {إلا تفعلوه} [الأنفال: 49] والأمر الجامع للكل أنهما معا في بيان حال النبي صلى الله عليه وسلم في أول أمره وأثنائه ومنتهاه، وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير في كتابه: اتصالها بالأنفال أوضح من أن يتكلف بتوجيهه حتى أن شدة المشابهة والالتئام- مع أن الشارع عليه السلام لم يكن بين انفصالهما- أوجب أن لا يفصل بينهما بسم الله الرحمن الرحيم، وذلك أن الأنفال قد تضمنت الأمر بالقتال {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} [الأنفال: 39] وبين أحكام الفرار من الزحف وحكم النسبة المطلوب فيها بالثبوت ولحوق التأثيم للفار وأنها على حكم الضعف وحكم الأسرى وحكم ولاية المؤمنين وما يدخل تحت هذه الولاية ومن يخرج عنها، ثم ذكر يفي السورة الأخرى حكم من عهد إليه من المشركين والبراءة منهم إذا لم يوفوا، وحكم من استجار منهم إلى ما يتعلق بهذا، وكله باب واحد، وأحكام متواردة على قصة واحدة، وهو تحرير حكم المخالف، فالتحمت السورتان أعظم التحام، ثم عاد الكلام إلى حكم المنافقين وهتك أستارهم، انتهى. وأما تطابق آخر الأنفال مع أولها فقد ظهر مما مضى، وأيضا فلما ذكر في آخر التي قبلها أمر العهد تارة بنبذه إلى من خيفت خيانته كائنا من كان يفي قوله: {فانبذ إليهم على سواء} [الأنفال: 58] وتارة بالتمسك به عند الأمن من ذلك في قوله: {إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق} [الأنفال: 72] وبين من يصلح للموالاة ومن لا يصلح، وختمت بالإخبار بشمول علمه، ابتدئت هذه السورة بالأمر بالنبذ أي ناس بأعيانهم نقضوا أو خيف منهم ذلك وذلك تصريح بما أفهمته آيات الموالاة في التي قبلها من أن إحدى الفرقتين لا تصلح لموالاة الأخرى فقال تعالى: {بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ}. اهـ.

.النَّاسخ والمنسوخ:

الآيات المنسوخة ثمان آيات {فَسِيْحُواْ فِيْ الأَرْضِ} م {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ} ن {يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} م (آية الزكاة) ن {إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} وقوله: {انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالًا} م {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ} ن {عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ} م {فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ} ن {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ} م {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ} ن {الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا} إلى تمام الآيتين م {وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللهِ} ن. اهـ.