فصل: فصل في متشابهات السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في متشابهات السورة الكريمة:

.قال ابن جماعة:

سورة براءة:
177- مسألة:
قوله تعالى: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} وهذه الآية نزلت في ذي القعدة، فآخر الأربعة صفر.
ثم قال: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}.
وانسلاخها آخر المحرم؟.
جوابه:
أن الآية الأولى في المعاهدين، والثانية في من ليس لهم عهد، ثم نسخ ترك القتال في الأشهر الحرم بقوله تعالى: {اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} وقيل: أول. الأربعة شوال.
وعلى هذا لا إشكال. وقيل: أولها عاشر الحجة سنة تسع وسماها حرما لتحريم قتالهم فيها أو تغليبا للأشهر الحرم.
178- مسألة:
{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ}- إلى قوله- {لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}
وقال بعده: {فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)}.
وقال بعده: {زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (37)}.
جوابه:
أن الأولى: نزلت في الذين فضلوا سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام على الإيمان والجهاد، فوضحوا الأفضل في غير موضعه، وهو معنى الظلم، أو نقصوا الإيمان بترجيح الآخر عليه، والظلم: النقص أيضا: كقوله تعالى: {وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا}.
والثانية: في المسلمين الذين اتخذوا أقاربهم الكفار أولياء، وبعض الفسق لا ينافى الإيمان.
والثالثة: في الكفار الذين كانوا ينسئون الشهور فيحلون حرامها ويحرمون حلالها ولذلك قال تعالى: {زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ}.
179- مسألة:
قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} هل وقع ذلك لغير المسيح؟.
جوابه:
أنهم نزلوهم منزلة الرب تعالى في امتثال أحكامهم فيهم في التحليل والتحريم ولذلك قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا}.
180- مسألة:
قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ}.
وفي الصف: {لِيُطْفِئُوا}.
جوابه:
أن {يُطْفِئُوا} هو مفعول يريدون وفي الصف مفعوله محذوف تقديره: يريدون الافتراء لأجل أن يطفئوا نور الله بأفواههم أي بتحريفهم الكتاب وما يقولونه من الرد على النبي صلى الله عليه وسلم.
ويؤيد ما قلناه من إظهار المفعول وحذفه في الصف ما ختم به الآيتان وظهر ذلك بالتدبر.
181- مسألة:
قوله تعالى: {إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ} وقال بعد ذلك في مواضع: {كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}.
جوابه:
أن الأول في سياق إثبات بعد النفى فناسب التوكيد بإعادة الجار بخلاف بقية الآيات.
182- مسألة:
قوله تعالى: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.
وقال بعده: {وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا}.
فالآية الأولى: بالفاء، وتكرار {وَلَا} وباللام في {يُعَذِّبَهُمْ} وبلفظ {الْحَيَاةِ}.
والآية الثانية: بالواو، وسقوط (لَا)، و(أن) موضع اللام.
جوابه:
أن الآية الأولى: ظاهرة في قوم أحياء، والثانية: في قوم أموات.
وأما الفاء في الأولى: فلأن ما قبلها أفعالا مضارعة يتضمن معنى الشروط كأنه قيل: إن اتصفوا بهذه الصفات من الكسل في الصلاة، وكراهية النفقات فلا تعجبك أموالهم، الآية. والآية الثانية تقدمها أفعال ماضية، وبعد موتهم، فلا تصلح للشرط فناسب مجيئها بالواو.
وأما قوله تعالى: {وَلَا أَوْلَادُهُمْ} فلما تقدم من التوكيد في قوله: {إِلَّا وَهُمْ}، وفي قوله تعالى:- {وَلَا يَأْتُونَ} إلى {وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا}، فناسب التوكيد في قوله تعالى: {وَلَا أَوْلَادُهُمْ} بخلاف الآية الثانية.
وأما (اللام) في الأولى، و(أن) في الثانية فلأن مفعول الإرادة في الأول محذوف، واللام للتعليل تقديره: إنما يريد الله ما هم فيه من الأموال والأولاد لأجل تعذيبهم في حياتهم بما يصيبهم من فقد ذلك، ولذلك قال: {وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55)}
ومفعول الإرادة في الآية الثانية {أن يعذبهم} لأن الأعمال المتقدمة عليه ماضية ولا تصلح للشرط ولذلك قال: {وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} وأما: {الدنيا} في الثانية فلأنها صفة للحياة فاكتفى بذكر الموصوف أولا عن إعادته ثانيا.
183- مسألة:
قوله تعالى: {وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} وقال بعده: {وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}؟.
جوابه:
أن الأولى صدرت بما لم يسم فاعله في قوله تعالى: {وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا} مع العلم بالفاعل، فختمت كذلك مناسبة بين صدر الكلام، وختمه.
والثانية: جاءت بعد بسط الكلام في عذر المعذورين فناسب البسط في توبيخ مخالفيهم، والتوكيد فيه بتصريح اسم الفاعل، ولذلك صدر الآية بـ {إنما} الحاصرة للسبيل عليهم، وأما ختم الأولى بـ {لا يفقهون}، والثانية بـ {لا يعلمون}: أما الأولى: فلأنهم لو فهموا ما في جهادهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأجر لما رضوا بالقعود ولا استأذنوا عليه.
والثانية: جاءت بعد ذكر الباكين لفوات صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلمهم بما في صحبته من الفوز والمنزلة عند الله تعالى، فلو علم المستأذنون ما علمه الباكون لما رضوا بالقعود، لكنهم لا يعلمون.
184- مسألة:
قوله تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ} وقال في المؤمنين: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}؟.
جوابه:
أن المنافقين ليسوا بمتناصرين على دين معين وشريعة ظاهرة، فكان بعضهم يهود، وبعضهم مشركين، فقال: {مِنْ بَعْضٍ} أي في الكفر والنفاق، والمؤمنون متناصرون على دين الإسلام وشريعته الظاهرة، فقال: {أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} في النصرة وفي اجتماع القلوب على دينهم، فلذلك قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، وقال في المنافقين: {وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى}.
158- مسألة:
قوله تعالى: {وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ}.
وقال بعد ذلك: {فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ}؟.
فقال في الأولى: {ثُمَّ تُرَدُّونَ}، وفي الثانية:
{وَسَتُرَدُّونَ}، وقال في الثانية: {وَالْمُؤْمِنُونَ}.
جوابه:
أن الأولى في المنافقين بدليل: {قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ} وكانوا يخفون من النفاق ما لايعلمه إلا الله تعالى ورسوله بإعلامه إياه.
والآية الثانية: في المؤمنين، بدليل قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} وأعمالهم ظاهرة فيما بينهم من الصلاة والزكاة والحج وأعمال البر فلذلك زاد قوله: {وَالْمُؤْمِنُونَ}.
وأما {ثم} في الأولى: فلأنها وعيد، فبين أنه لكرمه لم يؤاخذ هم في الدنيا، فأتى بـ {ثم} المؤذنة بالتراخى.
والثانية: وعد، فأتى بالواو والسين المؤذنان بقرب الجزاء والثواب وبعد العقاب فالمنافقون: يؤخر جزاؤهم عن نفاقهم إلى موتهم، فناسب {ثم} والمؤمنون: يثابون على العمل الصالح في الدنيا والآخرة لقوله تعالى: {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ} الآية.
186- مسألة:
قوله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ}. فهل التوبة الأولى هي الثانية أو غيرها.
جوابه:
قيل: الأولى عامة- والثانية في الفريق الذي كادت تزيغ قلوبهم.
وقيل: الأولى هي الثانية، وإنما بين في الثاني سبب توبتهم وقوله تعالى: {لِيَتُوبُوا} أي ليدوموا على توبتهم.
187- مسألة:
قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} إلى {إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ}.
وقال بعدها: {وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ} زاد في الأولى: غقل ضابخ؟.
جوابه:
أن الآية الأولى: تضمنت ما ليس من عملهم فبين بكرمه تعالى أنه يكتب لهم بذلك عَمَلٌ صَالِحٌ وإن لم يكن من عملهم. والآية الثانية: تضمنت ما هو من عملهم القاصدين له، فقال: {كُتِبَ لَهُمْ} أي ثواب ذلك العمل. والله أعلم. اهـ.