فصل: قال الأخفش:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ثم قال: {تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} استغفر لهم فإن استغفارك لهم تسكن إليه قلوبهم، وتطمئن بأن قد تاب اللّه عليهم. وقد قرئت {صلواتك}.
والصلاة أكثر.
وقوله: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ (106)} هم ثلاثة نفر مسمّون، تخلّفوا عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في غزوة تبوك، فلما رجع قال: (ما عذركم)؟ قالوا: لا عذر لنا إلا الخطيئة، فكانوا موقوفين حتى نزلت توبتهم في قوله: {لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ (117)} وقوله: {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا (118)} وهم كعب بن مالك، وهلال بن أميّة، ومرارة.
وقوله: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرارًا (107)} هم بنو عمرو بن عوف من الأنصار، بنوا مسجدهم ضرارا لمسجد قباء.
ومسجد قباء أول مسجد بنى على التقوى. فلمّا قدم النبي صلى اللّه عليه وسلم من غزوة تبوك أمر بإحراق مسجد الشقاق وهدمه.
ثم قال: {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا (108)} يعنى مسجد بنى عمرو. ثم انقطع الكلام فقال: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ}. ثم قال: {فِيهِ رِجالٌ} الأولى صلة لقوله: {تقوم} والثانية رفعت الرجال.
وقوله: {أَسَّسَ (104)} وأَسَّسَ، ويجوز أساس، وآساس. ويخيّل إلىّ أنى قد سمعتها في القراءة.
وقوله: {لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ (110)} يعنى مسجد النفاق (ريبة) يقال: شكّا {إلا أن تقطّع} و{تقطّع} معناه: إلا أن يموتوا. وقرأ الحسن {إلى أن تقطّع} بمنزلة حتّى، أي حتى تقطّع. وهى في قراءة عبد اللّه ولو قطّعت قلوبهم حجة لمن قال: {إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ} بضم التاء.
وقوله: {فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ (111)} قراءة أصحاب عبد اللّه يقدّمون المفعول به قبل الفاعل. وقراءة العوام: {فيقتلون ويقتلون}.
وقوله: {وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا} خارج من قوله: {بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} وهو كقولك:
علىّ ألف درهم عدّة صحيحة، ويجوز الرفع لو قيل.
وقوله: {التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ (112)} استؤنفت بالرفع لتمام الآية قبلها وانقطاع الكلام، فحسن الاستئناف.
وهى في قراءة عبد الله: {التائبين العابدين} في موضع خفض لأنه نعت للمؤمنين:
اشترى من المؤمنين التائبين. ويجوز أن يكون (التائبين) في موضع نصب على المدح كما قال:
لا يبعدن قومى الذين هم ** سمّ العداة وآفة الجزر

النازلين بكل معترك ** والطيّبين معاقد الأزر

وقوله: {وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ (115)} سأل المسلمون النبي صلى اللّه عليه وسلم عمّن مات من المسلمين وهو يصلّى إلى القبلة الأولى، ويستحلّ الخمر قبل تحريمها، فقالوا: يا رسول اللّه أمات إخواننا ضلّالا؟ فأنزل اللّه تبارك وتعالى: {وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ} يقول: ليسوا بضلال ولم يصرفوا عن القبلة الأولى، ولم ينزل عليهم تحريم الخمر.
والصواب تسكينها كما هنا.
وقوله: {مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ (117)} وكاد تزيغ. من قال: {كادَ يَزِيغُ} جعل في (كاد يزيغ) اسما مثل الذي في قوله: {عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ} وجعل (يزبغ) به ارتفعت القلوب مذكّرا كما قال اللّه تبارك وتعالى: {لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها} و{لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ} ومن قال (تزيغ) جعل فعل القلوب مؤنّثا كما قال: {نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا} وهو وجه الكلام، ولم يقل (يطمئن) وكل فعل كان لجماع مذكر أو مؤنث فإن شئت أنّثت فعله إذا قدمته، وإن شئت ذكّرته.
وقوله: {وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئًا} (120) يريد بالموطئ الأرض {وَلا يَقْطَعُونَ وادِيًا} في ذهابهم ومجيئهم إلا كتب لهم.
وقوله: {وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً (122)} لمّا عيّر المسلمون بتخلفهم عن غزوة تبوك جعل النبي صلى اللّه عليه وسلم يبعث السريّة فينفرون جميعا، فيبقى النبي صلى اللّه عليه وسلم وحده، فأنزل اللّه تبارك وتعالى: {وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} يعنى: جميعا ويتركوك وحدك.
ثم قال: {فَلَوْلا نَفَرَ} معناه: فهلّا نفر {مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ} ليتفقّه الباقون الذين تخلّفوا ويحفظوا على قومهم ما نزل على النبي صلى اللّه عليه وسلم من القرآن.
{وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ} يقول: ليفقّهوهم. وقد قيل فيها: إن أعراب أسد قدموا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المدينة، فغلت الأسعار وملئوا الطرق بالعذرات، فأنزل اللّه تبارك وتعالى: {فَلَوْلا نَفَرَ} يقول: فهلّا نفر منهم طائفة ثم رجعوا إلى قومهم فأخبروهم بما تعلّموا.
وقوله: {يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ (123)} يريد: الأقرب فالأقرب.
وقوله: {وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ (124)} يعنى: المنافقين يقول بعضهم لبعض: هل زادتكم هذه إيمانا؟
فأنزل اللّه تبارك وتعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيمانًا... وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} والمرض هاهنا النفاق.
وقوله: {أَوَ لا يَرَوْنَ (126)} (وترون) بالتاء. وفي قراءة عبد اللّه: {أو لا ترى أنهم} والعرب تقول: ألا ترى للقوم وللواحد كالتعجّب، وكما قيل: ذلك أزكى لهم، وذلكم وكذلك (ألا ترى) و(ألا ترون).
وقوله: {وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ (127)} فيها ذكرهم وعيبهم قال بعضهم لبعض {هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ} إن قمتم، فإن خفى لهم القيام قاموا.
فذلك قوله: {ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} دعاء عليهم.
وقوله: {لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} (128) يقول: لم يبق بطن من العرب إلّا وقد ولدوه. فذلك قوله: {مِنْ أَنْفُسِكُمْ}.
وقوله: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ} (ما) في موضع رفع معناه: عزيز عليه عنتكم. ولو كان نصبا: عزيزا عليه ما عنتم حريصا رءوفا رحيما، كان صوابا، على قوله لقد جاءكم كذلك. والحريص الشحيح أن يدخلوا النار. اهـ.

.قال الأخفش:

سورة التوبة:
{وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}
قال: {وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ} أي: بأَنّ اللهَ بريء وكذلك {وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ} أي: بأَن الله.
{فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}
وقال: {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ} فجمع على أدنى العدد لأن معناها الأربَعَة وذلك أن {الأَشْهُر} انما تكون اذا ذكرت معها الثَلاثَة إلى العَشْرة فاذا لم تذكر الثلاثَة إلى العَشْرة فهي الشُّهُورُ.
وقال: {وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} وألقى على. وقال الشاعر: [من الوافر وهو الشاهد السادس والخمسون]:
نُغالِى اللَّحْمَ للأَضْيافِ نِيْئًا ** وَنَبْذُلُه إذا نَضِجَ القُدُورُ

أرادَ: نُغالِى باللحم.
{وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ}
وقال: {وَأَنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} فابتدأ بعد (أنْ)، وان يكون رفع أحدًا على فعل مضمر أقيس الوجهين لأن حروف المجازاة لا يبتدأ بعدها. الا انهم قد قالوا ذلك في أَنْ لتمكنها وحسنها اذا وليتها الاسماء وليس بعدها فعل مجزوم في اللفظ كما قال الشاعر: [من البسيط وهو الشاهد الثامن والسبعون بعد المائة]:
عاوِدْ هَراةَ وأَنْ مَعْمُورُها خَرِبا

وقال الآخر: [من الكامل وهو الشاهد الرابع والعشرون بعد المائتين]:
لا تَجْزَعِي أَنْ مُنْفِسًا أَهْلَكْتُهُ ** وأَذا هَلَكْتُ فَعِنْدَ ذلِكَ فَاجْزَعي

وقد زعموا أن قول الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد الخامس والعشرون بعد المائتين]:
أَتَجْزَعُ أَنْ نَفْسٌ أَتَاهَا حِمامُها ** فَهَلاَّ الَّتِي عَنْ بينِ جَنْبَيْكَ تَدْفَعُ

لا ينشد إِلاّ رفعًا وقد سقط الفعل على شيء من سببه. وهذا قد ابتدئ بعد أنْ وانْ شئت جعلته رفعا بفعل مضمر.
{كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}
وقال: {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ} فهذا استثناء خارج من أول الكلام. و(الذينَ) في موضع نصب.
{كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلًا وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ}
وقال: {كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ} فأضمر كأنه قال: كيف لا تقتلونهم والله أعلم.
{وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ}
وقال: {وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ} قال: {فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} فجعل الهمزة ياء لانها في موضع كسر وما قبلها مفتوح ولم يهمز لاجتماع الهمزتين. ومن كان من رأيه جمع الهمزتين همز.
{أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُمْ مُّؤُمِنِينَ}
وقال: {وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ} لأَنك تقول هَمَمْتُ بكذا وأَهَمَّني كذا.
{لَقَدْ نَصَرَكُمُ الله فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ}
وقال: {فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ} لا تنصرف. وكذلك كل جمع ثالث حروفه ألف وبعد الألف حرف ثقيل أو اثنان خفيفان فصاعدا فهو لا ينصرف في المعرفة ولا النكرة نحو محاريب وتماثيل ومساجد وأشباه ذلك الا ان يكون في آخره الهاء فان كانت في آخره الهاء انصرف في النكرة نحو طيالِسَة وصياقِلَة. وانما منع العرب من صرف هذا الجمع انه مثال لا يكون للواحد ولا يكون الا للجمع والجمع أثقل من الواحد. فلما كان هذا المثال لا يكون الا للاثقل لم يصرف. واما الذي في آخره الهاء فانصرف لانها منفصلة كأنها اسم على حيالها. والانصراف انما يقع في آخر الاسم فوقع على الهاء فلذلك انصرف فشبه بحَضْرَموت وحَضْرَمَوْتَ مصروف في النكرة.
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ الله مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}
وقال: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً} وهو الفَقْر تقول: عالَ يَعِيلُ عَيْلَةً أي: اِفْتَقَر. وأَعَالَ إِعالَةً: إذا صار صاحب عيال. وعالَ عِيالَهُ وهو يَعُولُهم عَوْلًا وعِيَالَةً. وقال: {ذلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ} أي: ألاّ تَعُولُوا العِيالَ. وأعالَ الرجلُ يُعِيلُ إذا صار ذا عيال.
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ الله أَنَّى يُؤْفَكُونَ}
وقال: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} وقد طرح بعضهم التنوين وذلك رديء لانه انما يترك التنوين اذا كان الاسم يستغني عن الابن وكان ينسب إلى اسم معروف. فالاسم هاهنا لا يستغني. ولو قلت {وَقَالَتِ اليَهودُ عَزَيْزُ} لم يتمّ كلاما الا انه قد قرئ وكثر وبه نقرأ على الحكاية كأنهم أرادوا وَقَالَتِ الْيَهُودُ نَبِيُّنا عُزَيْزُ ابنُ اللهِ.
{يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى الله إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}
وقال: {وَيَأْبَى الله إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ} لأن (أن يتم) اسم كأنه يَأبَى اللهُ أَلاَّ إِتمامَ نُورِه.
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَاذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ}
وقال: {يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} ثم قال: {يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ} فجعل الكلام على الاخر. وقال الشاعر: [من المنسرج وهو الشاهد الستون]:
نَحْنُ بِما عِنْدَنا وَأَنْتَ بِما ** عِنْدَكَ راضٍ والرَأْيُ مُخْتَلِفُ

{إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ الله فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ الله زُيِّنَ لَهُمْ سُواءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}