فصل: قال الغزنوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الغزنوي:

ومن سورة براءة:
1 {بَراءَةٌ}: رفعها على خبر المبتدأ، أي: هذه براءة.
والبراءة: انقطاع العصمة.
ولم يكتب في أولها التسمية لمقارنتها الأنفال أو لأن التسمية أمان وبراءة نزلت لرفع الأمان.
2 {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ}: أولها عاشر ذي الحجة سنة تسع، وآخرها عاشر شهر ربيع الآخر.
هذه مدة النداء بالبراءة لمن ليس له عهد، ولمن له عهد فإلى تمام مدته والسّيح: السير على مهل.
وقال ابن كثير في تفسيره: 4: 45: وهذا أحسن الأقوال وأقواها.
ويروى أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أتبع أبا بكر بعلي- رضي اللّه عنهما- إلى مكة، وقال: «لا يبلّغ عني إلّا رجل مني».
3 {وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ}: إعلام- عطف على براءة.
والحج الأكبر: الوقوف بعرفة. وقيل: يوم عرفة. وقيل: يوم النحر وقد اجتمع في ذلك اليوم أعياد الأمم.
والحج: القصد إلى أعمال المناسك بحكم الشرع. وأمهات أعماله سبع عشرة خصلة: الإحرام بعد الاغتسال، والتلبية، وطواف القدوم، والسعي بين الصفا والمروة والمبيت بمنى، والصلاة بمسجد إبراهيم، والوقوف بعرفة، والمصير إلى مزدلفة والمبيت بها، والوقوف بالمشعر الحرام، والمصير إلى جمرة العقبة لرميها، وحلق الرأس، والنحر، وطواف الزيارة، ثم الإحلال، ثم الرجوع إلى منى والمقام بها ثلاثة أيام، ثم العمرة.
7 {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ}: أي: مع إضمار الغدر.
والمعاهدون عند المسجد الحرام: قوم من كنانة.
8 {إِلًّا}: حلفا وعهدا. وقيل: مودة ووصلة.
وفي حديث أمّ زرع: «وفيّ الإلّ، كريم الخلّ، برود الظلّ».
9 {اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا}: في الأعراب الذين جمعهم أبو سفيان على طعامه.
12 {نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ}: قريش إذ غدروا بخزاعة حلفاء النبي صلّى اللّه عليه وسلّم.
14 {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ}: هم خزاعة.
15 {وَيَتُوبُ}: رفع، لخروجه عن موجب القتال.
16 {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ}: لما يفعل، نفي الفعل مع تقريب وقوعه، ولم نفي بغير إيذان بوقوعه، ومعناه: لم يعلم علما يجازي عليه وهو العلم بما يظهر منهم وإنما جاء على النفي لأنه أبلغ، والتقدير: ولما يجاهدوا ولم يتخذوا {وليجة} يعلم اللّه ذلك منهم فجاء نفي العلم على معنى نفي المعلوم، لأنّه مهما كان شيء علمه اللّه.
{وَلِيجَةً} خلطاء يناجونهم. وقيل: البطانة الذي يلج في باطن أمر الرجل، وفيه دليل على تحريم مخالطة الفاسق.
17 {شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ}: أي: فيما يقولون دليل عليهم.
25 {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ}: واد بين مكة والطائف.
{إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ}: كانوا اثني عشر ألفا، فقالوا: لن نغلب اليوم عن قلّة. فولّوا ولم يبق مع النبي صلّى اللّه عليه وسلّم إلا نفر دون المائة فيهم العباس وأبو سفيان بن الحارث، وكان ابن عم رسول اللّه وأخاه من الرضاعة، وكان من أشدّ النّاس عداوة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، يهجوه ويجلب عليه، ثم أسلم قبل حنين بسنة، فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا أرينّ وجهه» ثم رضي عنه يوم حنين.
28 {بَعْدَ عامِهِمْ هذا}: أي: العام الذي حج أبو بكر وتلا عليّ رضي اللّه عنهما سورة براءة، وهو لتسع من الهجرة، وبعده حجة الوداع.
{وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً}: فقرأ بانقطاع المتاجر.
{فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ}: شرط الغنى بالمشيئة، لتنقطع الآمال إلى اللّه.
29 {قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ}: وأهل الكتاب يؤمنون بهما، لكن إيمانهم على غير علم واستبصار، وبخلاف ما هو أحوال اليوم ومدة العذاب، أو لأنهم في عظم الجرم كمن لا يؤمن كما أنهم بالكفر كالمشرك في عبادة اللّه.
{عَنْ يَدٍ}: عن قهر واستعلاء منكم عليهم. أو عن يدي المؤدّي، فإن الذمي يقام بين يدي من يأخذ الجزية ليؤديها عن يده صاغرا، ولا يبعث بها، فالمعنى: قاتلوهم حتى يذلّوا، أو جاز الرضا من أهل الكتاب بالجزية دون عبدة الأوثان لأنهم أقرب إلى الحق بالنبوة السابقة.
30 {وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ}: ذلك قول بعض اليهود، فهو كقول الخوارج تقول بتعذيب الأطفال، وإنما تقوله الأزارقة منهم.
والمضاهاة: معارضة الفعل بمثله، وفي الحديث: «أشدّ النّاس عذابا يوم القيامة الذين يضاهون خلق اللّه» يعني المصوّرين.
35 {يُحْمى عَلَيْها}: يوقد عليها.
36 {أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ}: يعظم انتهاك المحارم فيها.
{فِي كِتابِ اللَّهِ}: اللوح.
{ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}: الحساب المستقيم، لا ما يفعله العرب من نساء الشهور، ومثله: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ} أي: حساب ما عملوا.
{فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}: بإحلالها، أو بمعصية اللّه فيها.
37 {إِنَّمَا النَّسِيءُ}: يجوز مصدرا بمعنى النّساء. كالنذير والنكير وفاعلا، كالبشير، أي: الناسئ ذو زيادة في الكفر، ومفعولا.
كالقتيل والجريح أي: الشهر المؤخر زيادة في الكفر.
وكانوا يؤخرون المحرم سنة لحاجتهم إلى القتال، أو يؤخرون أشهر الحج.
{لِيُواطِؤُا}: يجعلوا غير الأشهر الحرم كالحرم في العدّة بأنّ هذه أربعة كتلك.
والمواطأة: المماثلة والاتفاق على الشّيء.
38 {انْفِرُوا}: اخرجوا.
{اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ}: تثاقلتم إلى أوطانكم، أدغمت التاء في الثاء ودخلت ألف الوصل للابتداء، أنزلت في المخلّفين عن تبوك.
40 {إِذْ هُما فِي الْغارِ}: مكث النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ثلاثا مع أبي بكر رضي الله عنه في نقب في جبل بمكة يقال له: ثور.
والهاء في {عَلَيْهِ} يعود على أبي بكر لأنه الخائف الذي احتاج إلى السكينة.
{بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها}: نزلت الملائكة بالبشارة بالنصر وإلقاء البأس في قلوب المشركين فانصرفوا خائبين.
41 {انْفِرُوا خِفافًا وَثِقالًا}: شبانا وشيوخا، أو خفافا من الثقل والسلاح.
فإذا كان قد يدخل في الخفاف والثقال من وصفنا من أهل الصفات التي ذكرنا، ولم يكن اللّه جل ثناؤه خصّ من ذلك صنفا دون صنف في الكتاب، ولا على لسان الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم، ولا نصب على خصوصه دليلا، وجب أن يقال: إن اللّه جل ثناؤه أمر المؤمنين من أصحاب رسوله بالنفر للجهاد في سبيله خفافا وثقالا مع رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم، على كل حال من أحوال الخفة والثقل.
42 {عَرَضًا قَرِيبًا}: متاعا قريب المأخذ، وَسَفَرًا قاصِدًا: سهلا مقتصدا ذا قصد عدل.
46 {كَرِهَ اللَّهُ انْبِعاثَهُمْ}: نهوضهم إليها، بعثته فانبعث.
ومن قول العرب: لو دعينا لاندعينا.
{فَثَبَّطَهُمْ}: وقّفهم. قالت عائشة رضي اللّه عنها: «كانت سودة امرأة ثبطة»، أي: بطيئة.
{اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ}: النساء والصبيان.
47 خَبالًا: فسادا واضطرابا في الرأي، {وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ}: أسرعوا بينكم بالإفساد.
49 {وَلا تَفْتِنِّي}: في الجدّ بن قيس، قال للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا تفتني ببنات الروم فإني مستفتن»، أي: مولع مستهتر بالنساء، قاله لقرب تبوك من الروم.
55 {لِيُعَذِّبَهُمْ بِها}: بحفظها والحزن عليها والمصائب فيها مع عدم الانتفاع بها، وهي لام العاقبة.
57 {مَلْجَأً}: قوما يلجئون إليهم.
{مَغاراتٍ}: غيرانا في الجبال تسترهم.
{مُدَّخَلًا}: سربا في الأرض يدخلونه.
58 {يَلْمِزُكَ}: يعيبك، وهو ثعلبة بن حاطب، قال: إنما يعطي محمد من يحب.
60 {لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ}: الفقير: الذي فقره الفقر كأنه أصاب فقاره.
والمسكين الذي أسكنه العدم وذهب بتصرفه.
وفي الحديث: «فقرات ابن آدم ثلاث: يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا» وهي الأمور العظام كأنها تكسر الفقار.
{وَالْعامِلِينَ عَلَيْها}: السّعاة على الصدقات.
{وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ}: مثل: أبي سفيان، وابنه معاوية، والأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن رضي اللّه عنهم.
{وَفِي الرِّقابِ}: المكاتبين، وقيل: عبيد يشترون فيعتقون.
{وَالْغارِمِينَ}: الذين لا يفي مالهم بدينهم.
61 {هُوَ أُذُنٌ}: صاحب أذن يصغي إلى كل أحد، أو أذن لا يقبل إلا الوحي، وقيل: أذن فمتى حلفت له صدّقك.
{قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ}: أي: مستمع للخير.
{وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ}: يصدقهم، كقوله: رَدِفَ لَكُمْ، أو هو لام الفرق بين إيمان التصديق وإيمان الأمان.
{وَرَحْمَةٌ}: عطف على {أُذُنُ خَيْرٍ}، أي: مستمع خير ورحمة.
ورفعه على تقدير: قل هو أذن خير لكم وهو رحمة، أي: ذو رحمة.
63 {يُحادِدِ اللَّهَ}: يكون في حد غير حدّه.
69 {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي} خاضُوا: إشارة إلى ما خاضوا فيه، والمراد كالذين، فحذفت النون تخفيفا لطول الاسم بالصلة. وكانوا يقولون: أيرجو محمد أن يفتح حصون الشام، هيهات، فأطلعه اللّه عليه.
72 {وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ}: أي: من جميع النّعم.
وروى معاذ عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أن جنة العدن في السماء العليا. لا يدخلها إلا نبي، أو صديق، أو شهيد، أو إمام عدل، أو محكّم في نفسه، وجنة المأوى في السماء الدّنيا يأوي إليها أرواح المؤمنين.
73 {جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ}: جاهد الكفار بالسيف والمنافقين بالقلب واللسان.
74 {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ}: في الجلاس بن سويد بن الصامت، قال: إن كان قول محمد حقا فنحن شر من الحمير، ثم حلف أنه لم يقل.
{وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا}: همّ الجلاس بقتل الذي أنكر عليه.
{وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ}: وذلك أن مولى للجلاس قتل، فأمر له النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بديته فاستغنى بها.
77 {فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقًا}: أي: بخلهم بحقوق اللّه.
{إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ}: أي: بخلهم. وقيل: جازاهم اللّه ببخلهم وكفرهم.
79 {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ}: ترافد المسلمون بالنفقات في غزوة تبوك على وسعهم فجاء علبة بن زيد الحارثي بصاع من تمر فسخر منه المنافقون.
80 {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً}: على المبالغة دون التقدير لأنّ السبعة أكمل الأعداد لجمعها معاني العدد، لأن العدد أزواج وأفراد، والسبعة فرد أول مع زوج ثان، أو زوج مع فرد ثان، ولأن السنة أول عدد تام، لأنها زيادة بواحدة على تعديل نصف العقد ولأنها تعادل أجزاءها، إذ نصفها ثلاثة وثلثها اثنان وسدسها واحدة وجملتها ستة سواء. وهي مع الواحدة سبعة فكانت كاملة إذ ليس بعد التمام سوى الكمال، ولعل واضع اللغة سمى الأسد سبعا لكمال قوته، كما أنه أسد لإساده في السّير.
ثم {سبعين مرّة} غاية الغاية إذا الآحاد غايتها العشرات، فكان المعنى: إنه لا يغفر لهم وإن استغفرت أبدا، وهذا معنى قولهم في قوله تعالى: {وَفُتِحَتْ أَبْوابُها} {وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} إنها واو الثمانية وواو الاستئناف لأن بعد انتهاء الكمال يستأنف الحال.