فصل: قال ملا حويش:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



81 {خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ}: بعده وخلفه، أو على مخالفته.
83 {مَعَ الْخالِفِينَ}: المفسدين، خلف خلوفا: تغيّر إلى الفساد.
وقيل: الخالف من تأخر عن الشاخص.
84 {وَلا تُصَلِّ}: أراد النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أن يصلي على عبد اللّه بن أبيّ بن سلول فأخذ جبريل عليه السلام بثوبه وقال: لا تصلّ.
87 {الْخَوالِفِ}: النّساء والصبيان لتخلفهم عن الجهاد.
90 {الْمُعَذِّرُونَ}: المقصرون يظهرون عذرا ولا عذر.
أعذر: بالغ، وعذّر: قصّر.
97 {الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْرًا} هم أهل البدو لجفاء الطبع.
98 {الدَّوائِرَ}: دول الأيام ونوب الأقسام.
99 {قُرُباتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ}: يتخذ نفقته ودعاء الرسول قربة إلى اللّه.
{وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ}: من تبعهم من الصحابة. وقيل: من التابعين، وقيل: الذين اتبعوهم إلى يوم القيامة.
101 {مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ}: مرنوا عليه وتجردوا عن غيره.
{سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ}: في الدنيا بالجوع والخوف، وفي القبر بالعذاب.
أو أحد العذابين: أخذ مالهم في جهاز الحرب، والثاني: أمرهم بالجهاد.
102 {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا}: في نفر تخلفوا عن تبوك.
{عَسَى اللَّهُ}: على الإطماع ليأملوا ولا يتكلوا.
103 {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}: ادع لهم، {إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}: تثبيت يسكنون إليها.
104 {وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ}: يقبلها ويضاعف عليها.
106 {مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ}: مؤخّرون محبوسون لما ينزل من أمره، وهم الثلاثة الذين خلّفوا هلال بن أميّة، ومرارة بن الربيع، وكعب بن مالك.
107 {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرارًا}: ابتداء وخبره {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا}.
وكانوا نفرا منافقين بنوا مسجدا ليتناجوا فيه، فبعث عليه صلّى اللّه عليه وسلّم عاصم بن عدي فهدمه.
وذكر مع عاصم أيضا أخوه معن بن عدي، ومالك بن الدّخشم، وعامر بن السّكن، ووحشي انطلقوا جميعا إلى المسجد فهدموه.
108 {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى}: مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالمدينة.
وقيل: مسجد قباء فهو أول مسجد في الإسلام.
109 {شَفا جُرُفٍ}: شفير الوادي الذي جرف الماء أصله.
هارٍ: مقلوب هائر، وتيهورة قطعة من الرمل، أيضا: هيرورة من هار الجرف وانهار.
111 {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}: مجاز، لأنه إنّما يشترى ما لا يملك، ولكن المعنى تحقيق العوض في النفوس.
112 {السَّائِحُونَ}: الصائمون، وفي الحديث: «سياحة أمّتي الصّوم». وقيل: المهاجرون، وقيل: الذين يسافرون في طلب العلم.
114 {إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ}: كان أبوه وعده أن يؤمن فاستغفر له أن يرزقه الإيمان ويغفر له الشرك.
{فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ}: بموته مشركا.
{تَبَرَّأَ مِنْهُ}: أي: من أفعاله، أو من استغفاره له.
117 {لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ}: لإذنه المنافقين في التخلف عنه.
{اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ}: وقت العسرة، إذ كانوا من تبوك في جهد جهيد.
118 {وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ}: الذين خلّفوا من التوبة والجفوة حتى أمر نساؤهم باعتزالهم.
{ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا}: ليدوموا على التوبة.
122 {وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً}: لما نزلت: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ}: قال المنافقون: هلك الذين لم ينفروا، وكان ناس من الصحابة خرجوا إلى قومهم يفقّهونهم.
124 {وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ}: {ما} مسلّط لـ {إذا} على الجزاء، أو صلة مؤكدة.
{فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ}: من المنافقين يقول بعضهم لبعض، أو يقولون لضعفة المؤمنين على الهزو.
125 {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}: إنما كان الشك في الدين مرضا لأنه فساد يحتاج إلى علاج كالفساد في البدن، ومرض القلب أعضل، وعلاجه أعسر، ودواؤه أعز، وأطباؤه أقل.
{فَزادَتْهُمْ رِجْسًا}: لما ازدادوا بها رجسا حسن وصفها به، كما حسن: كفى بالسلامة داء.
128 {عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ}: شديد عليه ما شق عليكم، أو أثمتم به. اهـ.

.قال ملا حويش:

تفسير سورة التوبة- براءة:
عدد 27- 113 و8 نزلت بالمدينة بعد المائدة، وهي مئة وتسع وعشرون آية، وأربعة آلاف وأربعمائة وثمانية وثمانون حرفا، ولا يوجد في القرآن سورة مبدوءة بما بدئت به، ولا مثلها في عدد الآي، وتسمى سورة براءة، ولم تبدأ بالبسملة، ولم تكتب بأولها خلافا لسور القرآن العظيم كلها، لأن حضرة الرّسول لم يأمر كتبة الوحي بذلك، ولم يؤمر بكتابتها حين أنزلت عليه من ربه عز وجل بواسطة الأمين جبريل عليه السّلام، وهو لا يأمر كتبة الوحي إلّا بكتابة ما أنزل عليه، فلا ينطق عن هوى، ولا يأمر إلّا بما يأمره به ربه، ولا يفعل إلّا ما يريده منه.
هذا، وما قيل إنها لم تبدأ بالبسملة لأنها سورة عذاب وقد أنزلت بالسيف وإنذار الناس بقطع المعاهدات، والبسملة تدل على الرّحمة لأنها شعار لها وهي أمان من العذاب والقتال وافتتاح لكل خير واسم اللّه تعالى يدل على السّلام وإنما جاءت ينبذ العهود المعقودة مع الكافرين وتهديدا لهم بالحرب والقتل، يرده أن البسملة كتبت أول المطففين والهمزة وقد بدأتا بالويل، وأين الويل من الرّحمة، وكتبت أول سورة المنافقين والكافرين وشتان بينهما وبين الرّحمة، لهذا فإن ما جرينا عليه من أنها أنزلت هكذا بلا بسملة، وأن حضرة الرّسول أفرها وأمر بإثباتها في الصحف على ما هي عند اللّه تعالى، وهذا هو الصّواب، لأن القراء والعلماء اتفقوا على جواز قراءة البسملة عند تلاوة {وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ} [الآية 37] الآتية وأمثالها، وكان صلّى اللّه عليه وسلم يكتب للمحاربين بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، وإنّ ترك كتابتها هنا وإثباتها في سورة النّمل دليل على أنها آية مكررة في القرآن العظيم حيث أنزلت كتبت، وحيث لم تنزل لم تكتب، وهذا هو الصّحيح كما ذكرناه في المقدمة في بحث البسملة فراجعه.

.مطلب عدم صحة القول بانها والأنفال سورة واحدة لعدم الفصل بينهما بالبسملة وعدد غزوات الرّسول وما هي:

وما قيل إن سورة التوبة وسورة الأنفال سورة واحدة ولذلك لم تكتب البسملة أولها اكتفاء بالبسملة أول الأنفال قيل لا يرتكز على نقل صحيح ولا دليل واضح، ولا يستند لقول ثابت يوثق به، لأنهما لو كانتا سورة واحدة لنزلتا دفعة واحدة معا ولأمر الرّسول بضمهما بعضهما بعض لأن مجرد وضعها تحت الأنفال لا يدل على أنها منها، لأن وضع السّور بمواضعها الموجودة الآن بالمصاحف بحسب ترتيب القرآن أمر توقيفي من قبل حضرة الرّسول صلّى اللّه عليه وسلم بإشارة من جبريل عليه السّلام على نسق ما هو مدون في اللّوح المحفوظ عند اللّه عز وجل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولهذا فإن الحق أنهما سورتان منفردتان نزلت كلّ واحدة منهما على حدة، وبينهما سبع سنين، لأن الأنفال نزلت بعد البقرة عقب حادثة بدر، وهذه من آخر القرآن نزولا.
هذا وإن كثيرا من المفسرين والقراء قالوا إن سورة الضّحى والانشراح سورة واحدة، والفيل وقريش واحدة، وقد وضع لكل منهما البسملة مع أن كلا منهما نزلت بعد الأخرى، ويوجد بينهما ارتباط في المعنى أيضا، ووضعت البسملة لكل منهما، إذا فلا دليل لمن قال إنهما سورة واحدة إلا اشتباهه بالتوبة بحسب ترتيب القرآن تحت الأنفال وعدم وضع البسملة أولها، ولم يعلم أنها نزلت بلا بسملة، ولم يدر مدى المدة الكائنة بينهما بحسب النّزول، وغاب عنه أن لكل منهما اسم على حدة، فنلك الأنفال لا غير، وهذه لها عشرة أسماء: براءة لما فيها من التبري ونبذ العهود، والتوبة إذ تسبب فيها على المخلفين، والفاضحة لأنها فضحت أحوال المنافقين، والمقشقشة لأنها قشقشت النّفاق أي برأت منه، والمبعثرة لأنها تبعثر أي تبحث عن أحوال المنافقين، والكافرين، وسورة العذاب لما فيها من كثرة ذكره والمخزية لما جاء فيها من إخزاء المنافقين، والمدمّرة لما ذكر فيها من إهلاكهم، والمشرّدة لأنها شردت جموعهم وأتباعهم، والمثيرة لأنها أنارت أي أظهرت معاينهم وكشفت أسرارهم وهتكت أستارهم.
هذا ويكره ابتداؤها بالبسملة لأنها نزلت بغيرها، ولأن حضرة الرّسول لم يبسمل عند قراءتها، ولم يثبت لها البسملة بالصحف ولم يأمر الكتبة بذلك، وقد خصت بعدمها من جميع سور القرآن، وما عموم إلّا وخصص، فهذه من المخصوصات بعدم البسملة، ولكن يسن للقارى أن يتعوذ أولها كسائر آيات القرآن لقوله تعالى: {فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ} [الآية 99] من سورة النّحل.
قال تعالى: {يا أيها النّاس} هذه {بَراءَةٌ} قاطعة حاسمة {مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [1] وقد جاء الخطاب فيها بلفظ الجمع تعظيما لسيد المخاطبين وتفخيما لمقامه الكريم عند اللّه، وإذ كان الإنذار بإنهاء العهود الكائنة مع حضرة الرّسول والكافرين، ينذرهم بالغزو والإقسار على الإيمان، رأينا أن نذكر أولا غزوات حضرة الرّسول التي جاء ذكرها في القرآن العزيز ليطلع عليها القارئ ويعرف أسبابها وماهياتها ونتائجها، وهي اثنتا عشرة غزوة: الأولى غزوة بدر التي نوه اللّه بها في الآية 6 من الأنفال عند قوله تعالى: {كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ} إلخ، الثانية غزوة أحد الملمع إليها في [الآية 140] من آل عمران عند قوله تعالى: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} إلخ، الثالثة غزوة حمراء الأسد المشار إليها في [الآية 173] من آل عمران أيضا عند قوله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ} الآية، الرابعة غزوة بدر الصّغرى المعزو إليها في [الآية 174] عند قوله تعالى: {الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} الآية من آل عمران أيضا، والخامسة غزوة بني النّضير المذكورة في الآية الثالثة من سورة الحشر المارة عند قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ} الآية السّادسة غزوة الأحزاب المسطورة في [الآية 10] منها عند قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} فما بعدها من سورة الأحزاب المارة، السابعة غزوة بني قريظة المرموز إليها في [الآية 27] من سورة الحشر أيضا عند قوله تعالى: {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ} الآية، الثامنة غزوة الحديبية المذكورة في [الآية 11] من سورة الفتح عند قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ} الآية، التاسعة غزوة خيبر المبينة في [الآية 19] من سورة الفتح أيضا عند قوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} الآية، العاشرة غزوة فتح مكة المستفتح بها أول سورة الفتح أيضا وفي [الآية 11] من سورة الحديد ما يتعلق بها عند قوله تعالى: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ} الآية، الحادية عشرة غزوة حنين الآتي ذكرها في [الآية 27] من هذه السّورة عند قوله تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} الآية، الثانية عشرة غزوة تبوك التي تبيّن في [الآية 119] من هذه السّورة أيضا عند قوله تعالى: {لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ} الآتية أيضا، وقد بينا هذه الغزوات وأسبابها وزمانها ومكانها وما حدث فيها في المواضع المذكورة فراجعها تقف على ما تريده، وقد وقعت بينها غزوات كثيرة لم يشر اللّه تعالى إليها في كتابه هذا فمن أراد الاطلاع عليها فليراجع كتب السّير وأجمعها السّيرة الحلبية، وأجودها سيرة ابن هشام، يجد فيهما ما يخطر بباله، وقد بعث صلّى اللّه عليه وسلم سرايا جمة برياسة بعض أصحابه رضي اللّه عنهم، وكلها لصد العدوان وقمع التعدي ودفع الأعداء والعداء، وتأمين سير الدّعوة المحمدية وإعلاء كلمة اللّه تعالى وبسط دينه القويم في أرضه وقد جنح صلّى اللّه عليه وسلم إلى سلم من سالم ومعاهدة من طلب المعاهدة، وعدل عن القتال في مواضع كثيرة أملا بدخولهم في الإسلام طوعا وقد كان ذلك فآمن من كتب اللّه له الإيمان، حتى إذا لم يبق له طمع بايمان الآخرين إلا بالسيف وفاقا لمراد اللّه تعالى وطبقا لما هو مدون في أزله، وقد آذنه اللّه تعالى بالقتال فاضطر لمقاتلتهم لقصد إصلاح المجتمع الإنساني وحفظا لكيانه من التفرق الذي نهى اللّه عنه، وليحملهم على كلمة الإسلام وتوحيد كلمتهم وعبادتهم للّه تعالى ورفض الأوثان كافة، وقد كان صلّى اللّه عليه وسلم باذلا جهده مفرغا وسعه منذ بعثته إلى نزول هذه السورة في دعوتهم ونصحهم وإرشادهم إلى الدّين الحق وإخلاصهم فيه باللين والعطف مع تحمل الأذى والجفاء منهم ورميهم له بما لا يليق بجنابه وبالحضرة الإلهية ورغم ذلك كله وما قام به من الطّرق الأخرى الحكيمة وزيادة خفض الجانب لهم مع تعديهم عليه فعلا، فقد شرع المنافقون ينشرون الأراجيف بين النّاس ويثبطونهم عن ملازمة الرّسول ليقلوا من عزمهم ويثلوا جمعهم ويفرقوا كلمتهم وينقصوا حزمهم ويفلوا عزمهم ويمنعوهم من متابعة الرّسول صلّى اللّه عليه وسلم، وطلق المشركون ينقضون عهودهم مع رسول اللّه دون سبب وصاروا يناوءون حضرته لما رأوا أفعال المنافقين وصبره عليهم وردهم بالحسنى لما يسمعه منهم ويقابل جرأتهم بالرقة وأنفتهم باللطف وعنادهم بالمسايرة وعتوهم بالمداراة، لأنه صلى اللّه عليه وسلم لا يتحرك بحركة إلّا بأمر اللّه تعالى الذي يترقبه بفارغ الصّبر، ويريد أن يحين الأجل المقدر لأمره بقتالهم، ولكنه مفوض أمره وأمورهم إليه، وجعل علمه تعالى بحاله كافيا عن سؤاله أسوة بجده خليل اللّه إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام، وهو يعلم بتعليم اللّه إياه أن لا حركة ولا سكون إلا بتقديره وقضائه، ولكل أجل كتاب، ولما حان ذلك الوقت المرتقب وبرز من عالم الغيب إلى عالم الشّهادة ومن القوة إلى الفعل أمر رسوله صلّى اللّه عليه وسلم في هذه السّورة ينقض جميع العهود التي عقدها معهم لئلا ينسب إلى الغدر ونكث العهد وفك الميثاق على حين غفلة، ونفي اسم الإغرار والتغرير عنه وعن أصحابه، وقطع المعذرة في إيمان من يريد الإيمان أنذرهم إنذارا قاطعا لكل حجة إنذارا ما بعده إنذار وحجة ما بعدها حجة، ومن أنذر فقد أعذر.