فصل: قال أبو البقاء العكبري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو البقاء العكبري:

سورة التوبة:
قوله تعالى: {براءة} فيه وجهان: أحدهما هو خبر مبتدأ محذوف: أي هذا براءة أو هذه، و{من الله} نعت له، و{إلى الذين} متعلقة ببراءة كما تقول: برئت إليك من كذا.
والثانى أنها مبتدأ، ومن الله نعت لها، وإلى الذين الخبر، وقرئ شاذا {من الله} بكسر النون على أصل التقاء الساكنين، و{أربعة أشهر} ظرف لفسيحوا.
قوله تعالى: {وأذان} مثل براءة، و{إلى الناس} متعلق بأذان أو خبر له {أن الله برئ} المشهور بفتح الهمزة، وفيه وجهان: أحدهما: هو خبر الأذان: أي الإعلام من الله براءته من المشركين.
والثانى هو صفة: أي وأذان كائن بالبراءة، وقيل التقدير: وإعلام من الله بالبراءة، فالباء متعلقة بنفس المصدر {ورسوله} يقرأ بالرفع وفيه ثلاثة أوجه: أحدها هو معطوف على الضمير في برئ، وما بينهما يجرى مجرى التوكيد، فلذلك ساغ العطف.
والثانى هو خبر مبتدأ محذوف: أي ورسوله برئ.
والثالث معطوف على موضع الابتداء، وهو عند المحققين غير جائز، لأن المفتوحة لها موضع غير الابتداء بخلاف المكسورة، ويقرأ بالنصب عطفا على اسم إن، ويقرأ بالجر شاذا وهو على القسم، ولايكون عطفا على المشركين لأنه يؤدى إلى الكفر.
قوله تعالى: {إلا الذين عاهدتم} في موضع نصب على الاستثناء من المشركين ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر فأتموا {ينقصوكم} الجمهور بالصاد، وقرئ بالضاد أي ينقضوا عهودكم فحذف المضاف، و{شيئا} في موضع المصدر.
قوله تعالى: {واقعدوا لهم كل مرصد} المرصد مفعل من رصدت، وهو هنا مكان، وكل ظرف لاقعدوا، وقيل هو منصوب على تقدير حذف حرف الجر أي على كل مرصد أو بكل.
قوله تعالى: {وإن أحد} هو فاعل لفعل محذوف دل عليه ما بعده، و{حتى يسمع} أي إلى أن يسمع أو كى يسمع.
ومأمن مفعل من الأمن وهو مكان، ويجوز أن يكون مصدرا ويكون التقدير: ثم أبلغه موضع مأمنه.
قوله تعالى: {كيف يكون} اسم يكون {عهد} وفي الخبر ثلاثة أوجه: أحدها كيف وقدم للاستفهام، وهو مثل قوله: {كيف كان عاقبة مكرهم}.
والثانى أنه للمشركين، و{عند} على هذين ظرف للعهد، أو ليكون أو للجار، أو هي وصف للعهد.
والثالث الخبر عند الله وللمشركين تبيين أو متعلق بيكون، وكيف حال من العهد {فما استقاموا} في ما وجهان أحدهما هي زمانية، وهى المصدرية على التحقيق، والتقدير: فاستقيموا لهم مدة استقامتهم لكم، والثانى هي شرطية كقوله: {ما يفتح الله} والمعنى: إن استقاموا لكم فاستقيموا، ولا تكون نافية لأن المعنى يفسد، إذ يصير المعنى استقيموا لهم لأنهم لم يستقيموا لكم.
قوله تعالى: {كيف وإن يظهروا} المستفهم عنه محذوف تقديره: كيف يكون لهم عهد أو كيف تطمئنون إليهم {إلا} الجمهور بلام مشددة من غير ياء، وقرئ {إيلا} مثل ريح.
وفيه وجهان: أحدهما أنه أبدل اللام الأولى ياء لثقل التضعيف وكسر الهمزة.
والثانى أنه من آلى يئول إذا ساس، أو من آل يئول إذا صار إلى آخر الأمر، وعلى الوجهين قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها {يرضونكم} حال من الفاعل في لا يرقبوا عند قوم، وليس بشئ لأنهم بعد ظهورهم لا يرضون المؤمنين، وإنما هو مستأنف.
قوله تعالى: {فإخوانكم} أي فهم إخوانكم، و{في الدين} متعلق بإخوانكم.
قوله تعالى: {أئمة الكفر} هو جمع إمام، وأصله أئمة مثل خباء وأخبية، فنقلت حركة الميم الأولى إلى الهمزة الساكنة وأدغمت في الميم الأخرى، فمن حقق الهمزتين أخرجهما على الأصل، ومن قلب الثانية ياء فلكسرتها المنقولة إليها، ولايجوز هنا أن تجعل بين بين كما جعلت همزة أئذا، لأن الكسرة هنا منقولة وهناك أصلية، ولو خففت الهمزة الثانية هنا على القياس لكانت ألفا لانفتاح ما قبلها، ولكن ترك ذلك لتتحرك بحركة الميم في الأصل.
قوله تعالى: {أول مرة} هو منصوب على الظرف {فالله أحق} مبتدأ.
وفي الخبر وجهان: أحدهما هو أحق، و{أن تخشوه} في موضع نصب أو جر:
أي بأن تخشوه، وفي الكلام حذف: أي أحق من غيره بأن تخشوه، أو أن تخشوه مبتدأ بدل من اسم الله بدل الاشتمال، وأحق الخبر، والتقدير خشية الله أحق.
والثانى أن أن تخشوه مبتدأ، وأحق خبره مقدم عليه، والجملة خبر عن اسم الله.
قوله تعالى: {ويتوب الله} مستأنف، ولم يجزم لأن توبته على من يشاء ليست جزاء على قتال الكفار، وقرئ بالنصب على إضمار أن.
قوله تعالى: {شاهدين} حال من الفاعل في يعمروا {وفى النار هم خالدون} أي وهم خالدون في النار، وقد وقع الظرف بين حرف العطف والمعطوف.
قوله تعالى: {سقاية الحاج} الجمهور على سقاية بالياء، وهو مصدر مثل العمارة، وصحت الياء لما كانت بعدها تاء التأنيث، والتقدير: أجعلتم أصحاب سقاية الحاج، أو يكون التقدير: كإيمان من آمن ليكون الأول هو الثاني، وقرئ {سقاة الحاج وعمار المسجد} على أنه جمع ساق وعامر {لا يستوون عند الله} مستأنف، ويجوز أن يكون حالا من المفعول الأول والثانى، ويكون التقدير: سويتم بينهم في حال تفاوتهم.
قوله تعالى: {لهم فيها نعيم} الضمير كناية عن الرحمة والجنات.
قوله تعالى: {ويوم حنين} هو معطوف: على موضع في مواطن، و{إذ} بدل من يوم.
قوله تعالى: {دين الحق} يجوز أن يكون مصدر يدينون، وأن يكون مفعولا به، ويدينون بمعنى يعتقدون {عن يد} في موضع الحال: أي يعطوا الجزية أذلة.
قوله تعالى: {عزير ابن الله} بالتنوين على أن عزيرا مبتدأ، وابن خبره، ولم يحذف التنوين إيذانا بأن الأول مبتدأ، وأن ما بعده خبر وليس بصفة، ويقرأ بحذف التنوين وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه مبتدأ وخبر أيضا، وفي حذف التنوين وجهان: أحدهما أنه حذف لالتقاء الساكنين، والثانى أنه لا ينصرف للعجمة والتعريف وهذا ضعيف لأن الاسم عربي عند أكثر الناس، ولأن مكبره ينصرف لسكون أوسطه فصرفه في التصغير أولى.
والوجه الثاني أن عزيرا خبر مبتدأ محذوف تقديره: نبينا أو صاحبنا أو معبودنا، وابن صفة، أو يكون عزيرا مبتدأ وابن صفة والخبر محذوف أي عزيرا ابن الله صاحبنا.
والثالث أن ابنا بدل من عزير، أو عطف بيان، وعزير على ما ذكرنا من الوجهين وحذف التنوين في الصفة، لأنها مع الموصوف كشئ واحد {ذلك} مبتدأ، و{قولهم} خبره، و{بأفواههم} حال والعامل فيه القول، ويجوز أن يعمل فيه معنى الإشارة، ويجوز أن تتعلق الباء بيضاهون، فأما {يضاهون} فالجمهور على ضم الهاء من غير همز، والأصل ضاهى، والألف منقلبة عن ياء وحذفت من أجل الواو، وقرئ بكسر الهاء وهمزة مضمومة بعدها وهو ضعيف، والأشبه أن يكون لغة في ضاهى وليس مشتقا من قولهم امرأة ضهياء، لأن الياء أصل والهمزة زائدة، ولا يجوز أن تكون الياء زائدة إذ ليس في الكلام فعيل بفتح الفاء.
قوله تعالى: {والمسيح} أي واتخذوا المسيح ربا فحذف الفعل وأحد المفعولين، ويجوز أن يكون التقدير: وعبدوا المسيح {إلا ليعبدوا} قد تقدم نظائره.
قوله تعالى: {ويأبى الله إلا أن يتم نوره} يأبى بمعنى يكره، ويكره بمعنى يمنع فلذلك استثنى لما فيه من معنى النفى والتقدير: يأبى كل شيء إلا إتمام نوره.
قوله تعالى: {والذين يكنزون} مبتدأ، والخبر {فبشرهم} ويجوز أن يكون منصوبا تقديره: بشر الذين يكنزون.
ينفقونها الضمير المؤنث يعود على الأموال أو على الكنوز المدلول عليها بالفعل، أو على الذهب والفضة لأنهما جنسان، ولهما أنواع، فعاد الضمير على المعنى أو على الفضة لأنها أقرب، ويدل ذلك على إرادة الذهب، وقيل يعود على الذهب ويذكر ويؤنث.
قوله تعالى: {يوم يحمى} يوم ظرف على المعنى: أي يعذبهم في ذلك اليوم، وقيل تقديره: عذاب يوم، وعذاب بدل من الأول، فلما حذف المضاف أقام اليوم مقامه، وقيل التقدير: اذكر، و{عليها} في موضع رفع لقيامه مقام الفاعل وقيل القائم مقام الفاعل مضمر: أي يحمى الوقود أو الجمر {بها} أي بالكنوز.
وقيل هي بمعنى فيها: أي في جهنم، وقيل يوم ظرف لمحذوف تقديره: يوم يحمى عليها يقال لهم هذا ما كنزتم.
قوله تعالى: {أن عدة الشهور} عدة مصدر مثل العدد، و{عند} معمول له، و{في كتاب الله} صفة لاثنى عشر، وليس بمعمول لعدة، لأن المصدر إذا أخبر عنه لا يعمل فيما بعد الخبر، و{يوم خلق} معمول لكتاب على أن كتابا هنا مصدر لاجثة، ويجوز أن يكون جثة، ويكون العامل في معنى الاستقرار، وقيل في كتاب الله بدل من عند، وهو ضعيف لأنك قد فصلت بين البدل والمبدل منه بخبر العامل في المبدل {منها أربعة} يجوز أن تكون الجملة صفة لاثنى عشر، وأن تكون حالا من استقرار، وأن تكون مستأنفة {فيهن} ضمير الأربعة، وقيل ضمير اثنى عشر، و{كافة} مصدر في موضع الحال من المشركين، أو من ضمير الفاعل في قاتلوا.
قوله تعالى: {إنما النسيء} يقرأ بهمزة بعد الياء، وهو فعيل مصدر مثل النذير والنكير، ويجوز أن يكون بمعنى مفعول: أي إنما المنسوء، وفي الكلام على هذا حذف تقديره: إن نسا النسيء أو إن النسيء ذو زيادة، ويقرأ بتشديد الياء من غير همز على قلب الهمزة ياء، ويقرأ بسكون السين وهمزة بعدها وهو مصدر نسأت، ويقرأ بسكون السين وياء مخففة بعدها على الإبدال أيضا {يضل} يقرأ بفتح الياء وكسر الضاد، والفاعل {الذين} ويقرأ بفتحهما وهى لغة، والماضي ظللت بفتح اللام الأولى وكسرها، فمن فتحها في الماضي كسر الضاد في المستقبل، ومن كسرها في الماضي فتح الضاد في المستقبل، ويقرأ بضم الياء وفتح الضاد على ما لم يسم فاعله، ويقرأ بضم الياء وكسر الضاد: أي يضل به الذين كفروا أتباعهم، ويجوز أن يكون الفاعل مضمرا: أي يضل الله أو الشيطان {يحلونه} يجوز أن يكون مفسرا للضلال فلا يكون له موضع، ويجوز أن يكون حالا.
قوله تعالى: {اثاقلتم} الكلام فيها مثل الكلام في ادارأتم، والماضي هنا بمعنى المضارع: أي مالكم تتثاقلون، وموضعه نصب: أي أي شيء لكم في التثاقل، أو في موضع جر على رأى الخليل، وقيل هو حال: أي مالكم متثاقلين {من الآخرة} في موضع الحال: أي بدلا من الآخرة.
قوله تعالى: {ثانى اثنين} هو حال من الهاء: أي أحد اثنين، ويقرأ بسكون الياء وحقها التحريك، وهو من أحسن الضرورة في الشعر، وقال قوم: ليس بضرورة، ولذلك أجازوه في القرآن {إذ هما} ظرف لنصره لأنه بدل من إذ الأولى، ومن قال العامل في البدل غير العامل في المبدل قدر هنا فعلا آخر: أي نصره إذ هما {إذ يقول} بدل أيضا، وقيل إذ هما ظرف لثاني {فأنزل الله سكينته} هي فعيلة بمعنى مفعلة: أي أنزل عليه مايسكنه، والهاء في {عليه} تعود على أبى بكر رضى الله عنه لأنه كان منزعجا، والهاء في {أيده} للنبى صلى الله عليه وسلم {وكلمة الله} بالرفع على الابتداء، و{هي العليا} مبتدأ وخبر، أو تكون هي فضلا، وقرئ بالنصب: أي وجعل كلمة الله، وهو ضعيف لثلاثة أوجه: أحدها أن فيه وضع الظاهر موضع المضمر، إذ الوجه أن تقول كلمته.
والثانى أن فيه دلالة على أن كلمة الله كانت سفلى فصارت عليا، وليس كذلك.
والثالث أن توكيد مثل ذلك بهى بعيد إذ القياس أن يكون إياها.
قوله تعالى: {لو كان عرضا قريبا} اسم كان مضمر تقدير ولو كان ما دعوتم إليه {لو استطعنا} الجمهور على كسر الواو على الأصل، وقرئ بضمها تشبيها للواو الأصلية بواو الضمير نحو: {اشتروا الضلالة} {يهلكون أنفسهم} يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا من الضمير في يحلفون.
قوله تعالى: {حتى يتبين} حتى متعلقة بمحذوف دل عليه الكلام تقديره: هلا أخرتهم إلى أن يتبين أو ليتبين، وقوله: {لم أذنت لهم} يدل على المحذوف، ولايجوز أن يتعلق حتى بأذنت، لأن ذلك يوجب أن يكون أذن لهم إلى هذه الغاية أو لأجل التبيين، وهذا لا يعاتب عليه.
قوله تعالى: {خلالكم} ظرف لاوضعوا: أي أسرعوا فيما بينكم {يبغونكم} حال من الضمير في أوضعوا.
قوله تعالى: {يقول ائذن لى} هو مثل قوله: {يا صالح ائتنا} وقد ذكر.
قوله تعالى: {هل تربصون} الجمهور على تسكين اللام وتخفيف التاء، ويقرأ بكسر اللام وتشديد التاء ووصلها والأصل تتربصون، فسكن التاء الأولى وأدغمها ووصلها بما قبلها وكسرت اللام لالتقاء الساكنين، ومثله {نارا تلظى} وله نظائر {ونحن نتربص بكم أن يصيبكم} مفعول نتربص، وبكم متعلقة بنتربص.
قوله تعالى: {أن تقبل} في موضع نصب بدلا من المفعول في منعهم، ويجوز أن يكون التقدير: من أن تقبل، و{أنهم كفروا} في موضع الفاعل، ويجوز أن يكون فاعل منع الله، وأنهم كفروا مفعول له: أي إلا لأنهم كفروا.