فصل: في رياض آيات السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



يجب أن تبقى للحق وللخير أمة تمثله وتدفع عنه وتحسن عرضه وتستبقى شرائعه وشعائره حيه.. {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}. نعم من حقنا أن ندعو الآخرين، وليس من حقنا أن نكره واحدا منهم على ما نريد. إننا نريد حق الكلمة وحسب، والرومان يرفضون ذلك. وإلا فلماذا دفعوا جيوشهم إلى مقاتلة المسلمين في مؤتة وتبوك وغيرها؟. بل سنكون أكثر تفصيلا وإيضاحا، لقد رفض الرومان كنيسة أريوس القائمة على أن عيسى مخلوق لا خالق. ورفضوا كنائس الشرق التي لها رأى يخالف الفكر الرومانى في طبيعة المسيح، وحبسوا البطريك في مصر وقتلوا أخاه.
فهل كان الرومان يقبلون الفكر الإسلامى في العقيدة والشريعة، وقد صنعوا ما صنعوا في إخوانهم؟. الحق أن الإسلام كان يقاتل من أجل حرية الإيمان، وقد دخل مصر والشام وأمن الناس على حريتهم الدينية، وأفرج عن السجناء. من أجل ذلك اهتم النبي عليه الصلاة والسلام بكسر القيود التي وضعها الرومان على الدعوة، وعبأ المسلمين كلهم تعبئة عامة لمواجهة الاستفزاز الرومانى عالما أن مستقبل الإسلام مرهون بالفوز في هذا العراك المفروض.. وعندما نشبت الحرب مع الروم كانوا الدولة الأولى في العالم لقد سحقوا الفرس وثأروا لأنفسهم واستأثروا بقمة السلطة.. ولم يكن مستغربا أن يهتز الضعفاء والمنافقون لفكرة القتال مع الرومان. ولولا أن محمدا يستند إلى الله في جهاده المبرور ما أقدم على هذه المغامرة.. ولذلك جاءت بقية سورة براءة تفضح المنافقين والمترددين وتستجيش القوى المؤمنة كى تؤدى واجبها الصعب. وبدأ القسم الثانى من السورة بقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا}. ومضت السورة تطهر الأرض من المنافقين، بعد ما طهرت الأرض من الوثنية واليهودية الخائنة. وذلك حتى يأمن الإسلام على نفسه في المجتمع الذي بناه بالعرق المتصبب. سورة براءة إعداد للأمة التي ستحمل الرسالة بعد وفاة قائدها، وإخلاء للأرض من الأعشاب السامة والعناصر السيئة. وكانت مقاتلة الرومان المحك الذي كشف معادن الرجال. وسنرى صورا كثيرة لأصحاب العلل الذين يتأخرون في ميدان الواجب، ويخونون الإيمان وقت الشدة.
ينتصر أهل الحق عندما يكون ولاؤهم لله أقوى من ولاء الآخرين للأنداد والشركاء {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله}.
ويتكشف ذلك في الحياة عندما يصطرع المؤمنون والكافرون، ويبذل كل منهم أقصى ما عنده لكسب المعركة. ولذلك جاء في سورة براءة {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين}. وقد صدر الأمر بمقاتلة الرومان والتصدى لعدوانهم في ظروف تتطلب الإيضاح: (أ) فالرومان كانوا الدولة الأولى في العالم، وقد تأكدت صدارتهم بعدما هزموا الفرس هزيمة تامة. (ب) المسلمون جزء قليل من العرب الذين حررتهم العقيدة الجديدة. أما سائر العرب فأتباع للروم أو الفرس. (جـ) قوة المسلمين محدودة، وقد جربوها في مؤتة وذات السلاسل فلم تغن شيئا. (د) المجتمع الإسلامى تعمل فيه فتن المنافقين، وبقايا الوثنية الصريعة وفلول من أعداء مهزومين يستطيعون الإرجاف والكذب. ولكن الله أراد تنقية الأمة من هذه الأخلاط حتى تتفرغ لأداء رسالتها الكبرى. وقد جاءت سورة براءة لتغربل المجتمع بقوة وتنفى خبثه إلى غير رجعة. فاستنكرت السورة كل تقاعس عن القتال {يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل}. ورفضت السورة الأعذار الكاذبة التي يختلقها الجبناء والكسالى {لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون} وفي موضع أخر من السورة صورت مختلقى الأعذار للقعود، وطلب الراحة من أعباء الجهاد {جاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم وقعد الذين كذبوا الله ورسوله سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم}.
وظاهر أن أكثر الذين تخلفوا عن مقاتلة الروم قوم خربو القلوب، ضعاف اليقين، عبيد للذة!! ومن المساخر أن أحدهم جاء يعتذر عن الخروج بأنه لا يصبر عن نساء الروم، فلو ضمن له رسول الله العفة خرج!! وأحسبه لو خرج لطاردته أولئك النسوة وهو يولى. الأدبار {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين} إن جمهور المنافقين كان في قرارة نفسه يكره الإسلام، ويتمنى له الهزيمة، وقد يبتسم مخفيا هذه المشاعر. وطبيعى أن يتعرض المجاهدون للحلو ولمر والهزيمة والنصر، وفي هؤلاء نزل قوله تعالى: {إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون}. لقد كانت غزوة العسرة، أو تبوك هي المناسبة التي فجرت براكين الغضب الأعلى على أهل النفاق كلهم، وفضحت خباياهم ووصفت مؤامراتهم وحذرت من الانخداع بهم. وكان لابد من هذا الكشف حتى يستقبل المسلمون عهدا أنظف لاسيما ورسول الله تاركهم بعد عام كما سبق ذلك في علم الله. والنفاق سوس المجتمع ولا تنجح أمة يسودها المنافقون وإن ساندتهم ثروات طائلة، وأسر كبيرة! {فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون} ومضت السورة الكاشفة تفضح خلال المنافقين.. فهذا صنف يرى أن الرسول جاءته أموال فهو يطمع في الإصابة منها، فإن أعطى رضى، وإن حُرم سخط! إن بواعث رضاه وسخطه منفعته الخاصة.!! {ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون}.
وبعض المنافقين اتخذ مسلكا خسيسا قال: نقول فيه ما شئنا ثم نذهب إليه ونحلف له أنا ما قلنا فيقبل قولنا! إنهم يستغلون أدب الرسول وكراهيته للجدل فينالون منه: {ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم}. وللمنافقين أصدقاؤهم الذين يأنسون بهم، ومجالسهم التي يتنفسون فيها. وهم لم يظهروا دفعة واحدة، بل تمخضت عنهم مواقف شتى وجمعتم مآرب كثيرة. وقد يزيدون وقد يقلون، ولكن حزبهم بقى يؤوى الشاكين والمتربصين والكارهين للإسلام ونبيه. وقد نبه القرآن إلى خطرهم في سور شتى، ولكن سورة التوبة تتبعتهم في مهاربهم ومساربهم حتى ما أبقت منهم أحدا.. ويرجع ذلك إلى أن الأمر يتصل بمستقبل الإسلام في الحياة، فإن قتال الرومان ليس خفيف النتائج، ولو أن محمدا ضعف في هذه المعركة وأطمع أعداءه فيه لدكت الكعبة، ومُحِىَّ الكتاب واستخفت عقيدة التوحيد.. وكان المشركون والمنافقون يظنون أن محمدا وجيشه لن يعودوا من شمال الجزيرة، وأن الدولة الرومانية سوف تبتلعهم. وإن محمدا إذا كان قد انتصر على العرب الوثنيين واليهود المعاندين فهيهات أن يحالفه الحظ ضد الرومان. وما علم هؤلاء أن القدر يتحرك وأن الله أنزل وحيا وكتب له النصر {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون}.. وكانت حركة النفاق عند التهيؤ لمقاتلة الرومان في ذروتها. وكان الظن كبيرا أن يخذل المسلمون، بيد أن أنصار الحق ثبتوا وصدقوا ووقفوا إلى جانب الله باذلين كل شيء فملكوا المستقبل. {وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولو الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون}.
لقد آن الأوان لمحو النفاق كما مُحِىَّ من قبل الشرك. وأن يتضام المجتمع المؤمن بعناصره ضاغطا على هؤلاء الغاشين العابثين حتى يخمد أنفاسهم وتستطيع القافلة التقية أن تسير دون عوائق أو مثبطات. ظهر النفاق مع نشوء الدولة الإسلامية في أعقاب الهجرة المباركة. ذلك أن الأوضاع تبدلت تبدلا جذريا وضاعت فرص الرياسة على طامعين فيها. كما أن عشاق الوثنية المادية أعجزهم الإيمان الجديد وما ينشر من فضائل فلاذوا بتلون الوجوه، والتأرجح بين عدة مبادئ.. بيد أن الإسلام عالج الأمر بالمحاسنة والاصطبار، وانتظر مع الأيام أن يؤوب الشارد ويصلح الفاسد.. لكن المنافقين لم يرعووا، بل زادت فتنهم التي طال الحديث عنها في جملة من السور المدنية.. ونلاحظ في سورة براءة أن المواربة انتهت وأن المصارحة حلت محلها. ففى مأساة أحد يقول الله تعالى: {وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان...}. هذا هو التعليق الخفيف في هزيمة أحد. أما في تخلف تبوك فثم أسلوب آخر {يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله...}. وطلب بعض الناس أن يهب الله لهم نعمة الغنى حتى يتصدقوا ويجاهدوا.. فلما منحهم ما طلبوا بخلوا ونكصوا، فنزل بهم شر عقاب {ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه...}. وكان لابد من حماية المجتمع من معوقين خبثاء يجلسون ليتهموا بالرياء أصحاب الصدقات الكبيرة، وينالوا بالسخرية والأذى أصحاب الصدقات اليسيرة.
{الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم...}. ويظهر أن أولئك المنافقين كثروا، وزاد عددهم حتى فكروا أن يجمعهم مكان واحد ينظمون فيه حملتهم على الإسلام، فهداهم شيطانهم إلى بناء مسجد يهرع إليه كل ظنين، ويقبل عليه كل مخادع. ويستطيعون فيه النيل من الإسلام ونبيه في ظل صلوات كاذبة وعبادات مزورة.
{والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون}. واتجاه المنافقين إلى هذه الخدعة يدل على مبلغ شرهم وخبث طويتهم. وقد هدم المسلمون هذا المسجد الذي أسموه بحق مسجد الضرار {لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين}. وظلت السورة الفاتحة تتتبع مؤامرات المنافقين، وأحاديث نفوسهم، وفلتات ألسنتهم حتى ما أبقت منهم أحدا وكما قلنا: كان لابد من تصفية المجتمع من النفاق، فتولى ذلك القسم الثانى من السورة بعدما تولى القسم الأول تصفية المجتمع من الوثنية. وبهذا استعد المسلمون لأداء رسالتهم الكبرى في أرجاء الأرض {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} وقد صورح المسلمون بأن نشر الرسالة يحتاج إلى بذل النفس والنفيس: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة...}. ولكن لم هذا العقد الخطير؟ ولم توطين النفوس على هذه التضحيات الجسام؟. والجواب أن الفتانين في الأرض لا ينقطع لهم عدوان، ولا ينتهى لهم إثم! ورسل الله كلهم لا يلامون على الإعداد للجهاد إذا كان أعداؤهم لا يتوانون عن الطغيان والظلم!
فى هذه السورة يقول الله: {يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين} من هؤلاء الذين نقاتلهم؟ إنهم الرومان، تدل على ذلك السورة كلها! ولماذا وصفوا بأنهم يلوننا؟. لأنهم قدموا من إيطاليا واحتلوا الأناضول والشام وجاورونا في جزيرتنا شر جوار. كانوا هم السادة، وكان غيرهم العبيد! ما الذي جاء بهم؟ الاستعمار وأطماعه! وماذا يريدون من العرب؟ ترك رسالتهم أو الاحتباس بها وراء الحدود التي بلغوها في هجومهم على دنيا الناس! هل يحترمون عقيدة أخرى غير ما يعتنقون ويتركون لها حق الحياة؟ كلا! فإذا كان ما لديهم باطلا وكان ما لدينا هو الحق فكيف ندفع عنه إلا بنفوسنا وأموالنا؟ إن هذا عقد أخذ على أتباع موسى وعيسى ومحمد، أن يعلوا كلمة الله، ويخفضوا كلمة الكفر {وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله}. والشرطى مكلف بمقاومة المجرم ولو لجأ إلى السلاح وقد قيل: إذا لم تكن إلا الأسنة مركبا فما حيلة المضطر إلا ركوبها!! وإنى لأنظر إلى أول السورة ثم أتدبر خواتيمها فأشعر بالعجب! أول السورة براءة من الطاغوت ورجاله العابثين بالمعاهدات. وآخرها تذكير برحمة الله العامة عندما أرسل نبى الملحمة ونبى المرحمة.. إنه نبى محارب، يتصدى بالسلاح لمن يحملون السلاح، على نحو ما قال شوقى: الحرب في حق لديك شريعة ومن السموم الناقعات دواء!! ولكنه في الوقت نفسه يبحث عن السلام في كل شبر من الأرض، ويسعى إلى مسح الغبار عن كل جبين، ومحو العنت عن كل محزون معنت، {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم}. إنه ما قاتل حبا في قتال، ولكن كرها للتسلط والعدوان. فإذا ضمنت العدالة وسادت الحرية وصينت الحقوق، فلا يلجأ إلى الحروب إلا مجرم. من أجل ذلك ختمت السورة بهذه الآية: {فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم} هذه هي السورة التي قالوا عنها تضمنت آية السيف!! وأعلنت الحرب على الناس..!!. اهـ.

.في رياض آيات السورة الكريمة:

.فصل في أسرار ترتيب السورة:

قال السيوطي:
سورة براءة:
أقول: عقد عرف وجه مناسبتها، ونزيد هنا أن صدرها تفصيل لإجمال قوله في الأنفال: {وإِما تخافنَّ مِن قومٍ خيانة فانبذ إِليهم على سواء} وآيات الأمر بالقتال متصلة بقوله هنا: {وأَعِدوا لَهُم ما استَطعتُم مِن قوةٍ} ولذا قال هنا في قصة المنافقين: {ولَو أَرادوا الخُروجَ لأَعَدوا لهُ عدة} ثم بين السورتين تناسب من وجه آخر، وهو: أنه سبحانه في الأنفال تولى قسمة الغنائم، وجعل همسها خمسة أخماس، وفي براءة تولى قسمة الصدقات، وجعلها لثمانية أصناف. اهـ.