فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26)}
السكينةُ ثَلَجُ القلب عند جريان حُكْم الربِّ بنعت الطمأنينة، وخمودُ آثار البشرية بالكلية، والرضاءُ بالبادي من الغيب من غير معارضةِ اختيارٍ.
ويقال السكينة القرار على بساط الشهود بشواهد الصحو، والتأدب بإقامة صفات العبودية من غير لحوق مشقة، وبلا تحرُّكِ عِرْقٍ لمعارضةِ حُكْم. والسكينة المنزلةُ على {المُؤْمِنِينَ} خمودُهم تحت جريان ما وَرَدَ من الغَيْبِ من غير كراهةِ بنوازع البشرية، واختطافُ الحقِّ إياهم عنهم حتى لم تستفزهم رهبةٌ من مخلوق؛ فَسَكَنَتْ عنهم كلُّ إرادةٍ واختيار.
{وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا} من وفور اليقين وزوائد الاستبصار.
{وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا} بالتطوح في متاهات التفرقة، والسقوط في وهدة ضيق التدبير، ومِحنَةِ الغَفْلَةِ، والغَيْبَةِ عن شهود التقدير. اهـ.

.تفسير الآية رقم (27):

قوله تعالى: {ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (27)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما بين أن العذاب جزاء الكافرين، بين أنه يتوب على من يريد منهم، وهم كل من علم منه قابلية للإيمان وإن كان شديدًا وصف الكفران، فقال عاطفًا على {وعذب}: {ثم يتوب الله} أي الذي له الإحاطة علمًا وقدرة، ولما لم يكن احد تستغرق توبته زمان البعد أدخل الجار فقال: {من بعد ذلك} أي العذاب العظيم {على من يشاء} أي فيهديه إلى الإسلام ويغفر له جميع ما سلف من الآثام {والله} أي الذي له صفات الكمال {غفور رحيم} أي محاء للخطايا عظيم الإكرام لمن تاب، وفي ذلك إشارة إلى أنه جعل هذه الوقعة.
لحكمته التي اقتضت ربط المسببات بأسبابها- سببًا لإسلام من حضرها من كفار قريش وغيرهم من المؤلفة بما قسم فيهم صلى الله عليه وسلم من غنائم هوزان وبما رأوا من عز الإسلام وعلوه، فكان في ذلك ترغيب لهم بالمال، وترهيب بسطوات القتال، ولإسلام وفد هوزان بما حصل لهم من القهر وما شاهدوا للنبي صلى الله عليه وسلم من عظيم النصر، ولإسلام غيرهم من العرب بسبب علم كل منهم بهذه الوقعة أنهم أضعف ناصرًا وأقل عددًا، كل ذلك رحمة منه سبحانه لهم ورفقًا لهم، وقد كان جميع ذلك كما أشار إليه سبحانه، فأسلم الطلقاء وحسن إسلامهم، وقدم وفد هوزان وسألوا النبي صلى الله عليه وسلم جبرهم برد ما أخذ لهم فقال لهم: إني استأنيت بكم، فلما أبطأتم قسمت بين الناس فيئهم، فاختاروا المال أو السبي! فاختاروا السبي فشفع لهم عند الناس فأجابوه فرد إليهم أبناءهم ونساءهم رحمة منه لهم، وذل العرب لذلك فدخلوا في الدين أفواجًا.
وختم هذه الآية بالمغفرة والرحمة على ما هو الأنسب لسياق التوبة بذلك على انه ما عدل إلى ختم الأولى بـ {عليم حكيم} إلا لما قررته من جعل أم في {أم حسبتم} معادلة للهمزة. والله أعلم. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{ثُمَّ يَتُوبُ الله مِن بَعْدِ ذلك على مَن يَشَاءُ} يعني أن مع كل ما جرى عليهم من الخذلان فإن الله تعالى قد يتوب عليهم.
قال أصحابنا: إنه تعالى قد يتوب على بعضهم بأن يزيل عن قلبه الكفر ويخلق فيه الإسلام.
قال القاضي: معناه فإنهم بعد أن جرى عليهم ما جرى، إذا أسلموا وتابوا فإن الله تعالى يقبل توبتهم، وهذا ضعيف لأن قوله تعالى: {ثُمَّ يَتُوبُ الله} ظاهره يدل على أن تلك التوبة إنما حصلت لهم من قبل الله تعالى وتمام الكلام في هذا المعنى مذكور في سورة البقرة في قوله: {فَتَابَ عَلَيْهِ} (البقرة37) ثم قال: {والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} أي غفور لمن تاب، رحيم لمن آمن وعمل صالحًا، والله أعلم. اهـ.

.قال السمرقندي:

قوله تعالى: {ثُمَّ يَتُوبُ الله مِن بَعْدِ ذلك على مَن يَشَاء}
من أصحاب مالك بن عوف من كان أَهْلًا للإسلام.
وروي عن محمد بن كعب القرظي قال: لما انهزم مالك بن عوف، سار مع ثلاثة آلاف، فقال لأصحابه: هل لكم أن تصيبوا من محمد مالًا؟ قالوا: نعم.
فأرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم: إني أريد أن أسلم، فما تعطيني؟ فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي أُعْطِيكَ مِائةً مِنَ الإِبِلِ وَرُعَاتَهَا».
فجاء فأسلم، فأقام يومين أو ثلاثة؛ فلما رأى المسلمين ورقتهم وزهدهم واجتهادهم، رق لذلك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا ابْنَ عَوْفٍ أَلاَ نَفِي لَكَ بِمَا أَعْطَيْنَاكَ مِنَ الشَّرْطِ؟» فقال: يا رسول الله، أمثلي من يأخذ على الإسلام شيئًا؟ قال: فكان مالك بن عوف بعد ذلك ممن افتتح عامة الشام ثم قال الله عز وجل: {والله غَفُورٌ} لما كان من الشرك، {رَّحِيمٌ} بهم في الإسلام. اهـ.

.قال ابن عطية:

قوله: {ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء}
إعلام بأن من أسلم وتاب من الكفار الذين نجوا ذلك اليوم فإنهم مقبولون مسلمون موعودون بالغفران والرحمة. اهـ.

.قال القرطبي:

{ثُمَّ يَتُوبُ الله مِن بَعْدِ ذلك على مَن يَشَاءُ} أي على من انهزم فيهديه إلى الإسلام.
كمالك بن عوف النّصْريّ رئيس حُنين ومن أسلم معه من قومه.
الثامنة ولما قسّم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائمَ حُنين بالجِعْرانة، أتاه وفد هوازن مسلمين راغبين في العطف عليهم والإحسان إليهم، وقالوا: يا رسول الله، إنك خير الناس وأبر الناس، وقد أخذت أبناءنا ونساءنا وأموالنا.
فقال لهم: «إني قد كنت استأنيت بكم وقد وقعت المقاسم وعندي من ترون وإنّ خير القول أصدقُه فاختاروا إما ذَراريكم وإما أموالكم» فقالوا: لا نعدل بالأنساب شيئًا.
فقام خطيبًا وقال: «هؤلاء جاءونا مسلمين وقد خيرناهم فلم يعدلوا بالأنساب فرضوا بردّ الذرّية وما كان لي ولبني عبد المطلب وبني هاشم فهو لهم» وقال المهاجرون والأنصار: أمّا ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وامتنع الأقرع بن حابِس وعُيينة بن حِصْن في قومهما من أن يردّوا عليهم شيئًا مما وقع لهم في سهامهم.
وامتنع العباس ابن مِرْدَاس السُّلَمِي كذلك، وطمِع أن يساعده قومُه كما ساعد الأقرعَ وعُيينةَ قومُهما.
فأبت بنو سُليم وقالوا: بل ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ ضَنّ منكم بما في يديه فإنا نعوّضه منه» فردّ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءهم وأولادهم، وعوّض من لم تَطِب نفسُه بترك نصيبه أعواضًا رضوا بها.
وقال قتادة: ذكر لنا أن ظِئْر النبيّ صلى الله عليه وسلم التي أرضعته من بني سعد، أتته يوم حنين فسألته سَبَايا حُنين.
فقال صلى الله عليه وسلم: «إني لا أملك إلا ما يصيبني منهم ولكن ايتيني غدًا فاسأليني والناس عندي فإذا أعطيتكِ حِصتي أعطاك الناس».
فجاءت الغد فبسط لها ثوبه فأقعدها عليه.
ثم سألته فأعطاها نصيبه؛ فلما رأى ذلك الناس أعطَوْها أنصباءهم وكان عدد سَبْي هوازن في قول سعيد بن المسيّب ستة آلاف رأس.
وقيل: أربعة آلاف.
قال أبو عمر: فيهن الشَّيماء أُخت النبيّ صلى الله عليه وسلم من الرّضاعة، وهي بنت الحارث بن عبد العُزَّى من بني سعد بن بكر وبنت حليمة السعدية؛ فأكرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاها وأحسن إليها، ورجعت مسرورة إلى بلادها بدينها وبما أفاء الله عليها.
قال ابن عباس: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أوْطاس امرأة تَعْدُو وتصيح ولا تستقر، فسأل عنها فقيل: فقدت بُنيًّا لها.
ثم رآها وقد وجدت ابنها وهي تقبّله وتدنيه، فدعاها وقال لأصحابه: «أطارحة هذه ولدها في النار»؟ قالوا: لا.
قال: «لِم»؟ قالوا: لشفقتها.
قال: «الله أرحم بكم منها» وخرّجه مسلم بمعناه، والحمد لله. اهـ.

.قال الخازن:

{ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء} يعني فيهديه إلى الإسلام كما فعل بمن بقي من هوازن حيث أسلموا وقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم تائبين فمَّن عليهم وأطلق سبيهم {والله غفور} إن تاب {رحيم} بعباده. اهـ.

.قال أبو حيان:

{ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء والله غفور رحيم}
إخبار بأن الله يتوب على من يشاء فيهدي من يشاء ممن بقي من الكفار للإسلام، ووعد بالمغفرة والرحمة كمالك بن عوف النضري رئيس هوازن ومن أسلم معه من قومه.
وروي أنّ ناسًا منهم جاءوا فبايعوا على الإسلام وقالوا: يا رسول الله أنت خير الناس وأبرّ الناس، وقد سبي أهلونا وأولادنا وأخذت أموالنا، وكان سبي يومئذ ستة آلاف نفس، وأخذ من الإبل والغنم ما لا يحصى، فقال: «إن خير القول أصدقه، اختاروا إما ذراريكم ونساءكم وإمّا أموالكم» فقالوا: ما نعدل بالأحساب شيئًا.
وتمام الحديث أنهم أخذوا نساءهم وذراريهم إلا امرأة وقع عليها صفوان بن أمية فحملت منه فلم يردها.
أخبرنا القاضي العالم أبو علي الحسين بن عبد العزيز بن أبي الأحوص القرشي قراءة مني عليه بمدينة مالقة.
قال: أخبرنا أبو الحسن بن محمد بن بيقي بن حبلة الخزرجي باوو بولة، قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي الأصبهاني باسكندرية (ح) وأخبرنا أستاذنا الإمام العلامة الحافظ أبو جعفر أحمد بن ابراهيم بن الزبير قراءة مني عليه بغرناطة عن القاضي أبي الخطاب محمد بن أحمد بن خليل السكوني عن أبي طاهر السلفي وهو آخر من حدث عنه بالغرب، (ح) وأخبرنا عاليًا القاضي السعيد صفي الدين أبو محمد عبد الوهاب بن حسن بن الفرات قراءة عليه مرتين بثغر الاسكندرية، عن أبي الطاهر اسماعيل بن صالح بن ياسين الجبلي وهو آخر من حدث عنه قالا: أعني السلفي والجبلي أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن ابراهيم الرازي، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن بقاء بن محمد الوراق بمصر أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسين بن عمر اليمني التنوخي بانتفاء خلف الواسطي الحافظ (ح) وأخبرنا المحدث العدل نجيب الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن المؤيد الهمداني عرف بابن العجمي قراءة مني عليه بالقاهرة قلت له: أخبرك أبو الفخر أسعد بن أبي الفتوح بن روح وعفيفة بنت أحمد بن عبد الله في كتابيهما قالا: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله بن أحمد بن عقيل الجوزدانية.