فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال: «أيها الناس إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات رجب مضر حرام، إلا وإن النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا».
وأخرج أحمد والباوردي وابن مردويه عن أبي حمزة الرقاشي عن عمه- وكانت له صحبة- قال: كنت آخذًا بزمام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوسط أيام التشريق أذود الناس عنه فقال: «يا أيها الناس، هل تدرون في أي شهر أنتم، وفي أي يوم أنتم، وفي أي بلد أنتم؟ قالوا: في يوم حرام، وشهر حرام، وبلد حرام، قال: فإن دماءكم وأموالكم واعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه، ثم قال: اسمعوا مني تعيشوا، ألا لا تتظالموا ألا لا تتظالموا، إنه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه، ألا أن كل دم ومال ومأثرة كانت في الجاهلية تحت قدمي هذه إلى يوم القيامة، وإن أول دم يوضع دم ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب كان مسترضعًا في بني ليث فقتله هذيل، ألا وإن كل ربا كان في الجاهلية موضوع، وإن الله قضى أن أول ربا يوضع ربا العباس بن عبد المطلب، لكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون، ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، ألا وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق الله السموات والأرض، منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم، ألا لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض، إلا إن الشيطان قد آيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكنه في التحريش بينهم، واتقوا الله في النساء فانهن عوان عندكم لا يملكن لأنفسهن شيئًا، وإن لهن عليكم حقًا ولكم عليهن حقًا أن لا يوطئن فرشكم أحدًا غيركم، ولا يأذن في بيوتكم لأحد تكرهونه، فإن خفتم نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربًا غير مبرح، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وإنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ألا ومن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها وبسط يديه. وقال: اللهمَّ قد بلغت ألا هل بلغت، ثم قال: ليبلغ الشاهد الغائب فإنه رُبَّ مبلغ أسعد من سامع».
وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {منها أربعة حرم} قال: المحرَّم ورجب وذو القعدة وذو الحجة.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه قال: إنما سُمِّينَ حُرُمًا لئلا يكون فيهن حرب.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما {ذلك الدين القيم} قال: القضاء القيم.
وأخرج أبو داود والبيهقي في شعب الإِيمان عن محببة الباهلي عن أبيه أو عمه: «أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسلم، ثم انطلق فأتاه بعد سنة وقد تغيرت حاله وهيئته، فقال: يا رسول الله وما تعرفني؟! قال: ومن أنت؟! قال: أنا الباهلي الذي جئتك عام الأول. قال: فما غيَّرك وقد كنت حسن الهيئة؟ قال: ما أكلت طعامًا منذ فارقتك إلا قليل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما عذبت نفسك؟ ثم قال: صم شهر الصبر ويومًا من كل شهر. قال: زدني فإن لي قوة. قال: صم يومين. قال: زدني. قال: صم ثلاثة أيام. قال: زدني. قال: صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك، وقال بأصابعه الثلاثة فضمها ثم أرسلها».
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صام من شهر حرام الخميس والجمعة والسبت كتب الله له عبادة سنتين».
وأخرج مسلم وأبو داود عن عثمان بن حكيم رضي الله عنه قال: سألت سعيد بن جبير رضي الله عنه عن صيام رجب؟ فقال: اخبرني ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم.
وأخرج البيهقي عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صام يومًا من رجب كان كصيام سنة، ومن صام سبعة أيام غلقت عنه سبعة أبواب جهنم، ومن صام ثمانية أيام فتحت له ثمانية أبواب الجنة، ومن صام عشرة أيام لم يسأل الله عز وجل شيئًا الا أعطاه، ومن صام خمسة عشر يومًا نادى مناد من السماء قد غفرت لك ما سلف فاستأنف العمل قد بدلت سيئاتكم حسنات، من زاد زاده الله. وفي رجب حمل نوح عليه السلام في السفينة فصام نوح عليه السلام وأمر من معه أن يصوموا، وجرت بهم السفينة ستة أشهر إلى آخر ذلك لعشر خلون من المحرم».
وأخرج البيهقي والأصبهاني عن أبي قلابة رضي الله عنه قال: «في الجنة قصر لصوام رجب» قال البيهقي: موقوف على أبي قلابة وهو من التابعين، فمثله لا يقول ذلك إلا عن بلاغ عمن فوقه ممن يأتيه الوحي.
وأخرج البيهقي وضعفه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصم بعد رمضان إلا رجب وشعبان.
وأخرج البيهقي وضعفه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجب شهر الله ويدعى الأصم، وكان أهل الجاهلية إذا دخل رجب يعطلون أسلحتهم ويضعونها، فكان الناس ينامون ويأمن السبيل ولا يخافون بعضهم بعضًا حتى ينقضي.
وأخرج البيهقي عن قيس بن أبي حازم رضي الله عنه قال: كن نسمي رجب الأصم في الجاهلية من شدة حرمته في أنفسنا.
أوخرج البخاري والبيهقي عن أبي رجاء العطاردي رضي الله عنه قال: كنا في الجاهلية إذا دخل رجب نقول: جاء منصل الأسِنَّة، لا ندع حديدة في سهم ولا حديدة في رمح إلا انتزعناها فألقيناها.
وأخرج البيهقي عن قيس بن أبي حازم رضي الله عنه قال: كنا نسمي رجب الأصم في الجاهلية من شدة حرمته.
وأخرج البيهقي وضعفه عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «في رجب يوم وليلة من صام ذلك اليوم وقام تلك الليلة كان كمن صام من الدهر مائة سنة وقام مائة سنة، وهو لثلاث بقين من رجب وفيه بعث الله محمدًا».
وأخرج البيهقي وضعفه عن أنس رضي الله عنه مرفوعًا: «في رجب ليلة يكتب للعامل فيها حسنة مائة سنة وذلك لثلاث بقين من رجب، فمن صلى فيها اثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة من القرآن يتشهد في كل ركعتين ويسلم في آخرهن ثم يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر مائة مرة، ويستغفر الله مائة مرة، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم مائة مرة، ويدعو لنفسه ما شاء من أمر دنياه وآخرته ويصبح صائمًا، فإن الله يستجيب دعاءه كله إلا أن يدعو في المعصية».
قال البيهقي: هذا أضعف من الذي قبله.
وأخرج البيهقي وقال: إنه منكن بمرة عن أنس رضي الله عنه مرفوعًا: «خيرة الله من الشهور شهر رجب وهو شهر الله، من عظم شهر رجب فقد عظم أمر الله، ومن عظم أمر الله أدخله جنات النعيم وأوجب له رضوانه الأكبر، وشعبان شهري فمن عظم شهر شعبان فقد عظم أمري، ومن عظم أمري كنت له فرطًا وذخرًا يوم القيامة، وشهر رمضان شهر أمتي فمن عظم شهر رمضان وعظم حرمته ولم ينتهكه، وصام نهاره، وقام ليله، وحفظ جوارحه، خرج من رمضان وليس عليه ذنب يطلبه الله به».
وأخرج ابن ماجة والبيهقي وضعفه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نهى عن صوم رجب كله».
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله} قال: يقرب بها شر النسيء ما نقص من السنة.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله} ثم اختص من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حرمًا وعظم حرماتهم، وجعل الذنب فيهن أعظم والعمل الصالح والأجر أعظم، {فلا تظلموا فيهن أنفسكم} قال: في كلهن {وقاتلوا المشركين كافة} يقول: جميعًا.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {فلا تظلموا فيهن أنفسكم} قال: إن الظلم في الشهر الحرام أعظم خطيئة ووزرًا من الظلم فيما سواه، وإن كان الظلم على كل حال عظيمًا ولكن الله يعظم من أمره ما شاء، وقال: إن الله اصطفى صفايا من خلقه، اصطفى من الملائكة رسلًا ومن الناس رسلًا، واصطفى من الكلام ذكره، واصطفى من الأرض المساجد، واصطفى من الشهور رمضان، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من الليالي ليلة القدر، فعظموا ما عظم الله فإنما تعظم الأمور لما عظمها الله تعالى به عند أهل الفهم والعقل.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {فلا تظلموا فيهن أنفسكم} قال: في الشهور كلها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {فلا تظلموا فيهن أنفسكم} قال: الظلم العمل لمعاصي الله والترك لطاعته.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مقاتل في قوله: {وقاتلوا المشركين كافة} قال: نسخت هذه الآية كل آية فيها رخصة.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن كعب قال: اختار الله البلدان، فأحب البلدان إلى الله البلد الحرام، واختار الله الزمان، فاحب الزمان إلى الله الأشهر الحرم، واحب الأشهر إلى الله ذو الحجة، وأحب ذو الحجة إلى الله العشر الأول منه، واختار الله الأيام، فأحب الأيام إلى الله يوم الجمعة، وأحب الليالي إلى الله ليلة القدر، واختار الله ساعات الليل والنهار، فأحب الساعات إلى الله ساعات الصلوات المكتوبات، واختار الله الكلام، فأحب الكلام إلى الله لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ}
قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ}: العِدَّة: مصدر بمعنى العَدَد. و{عند الله} منصوبٌ به، أي في حُكْمه. و{اثنا عشر} خبرُ إنَّ. وقرأ هبيرة عن حفص وهي قراءةُ أبي جعفر اثنا عْشَرَ بسكون العين مع ثبوتِ الألِف قبلَها، واستُكْرِهَتْ من حيث الجمعُ بين ساكنين على غير حَدَّيْهما كقولهم: التقت حَلْقتا البِطان بإثباتِ الألفِ من حَلْقتا. وقرأ طلحة بسكون الشين كأنه حُمِل عشر في المذكر على عشرة في المؤنث.
و{شَهْرًا} نصبٌ على التمييز، وهو مؤكِّد لأنه قد فُهِم ذلك من الأول، فهو كقولك: عندي من الدنانير عشرون دينارًا.
والجمع متغاير في قوله: {عدَّة الشهور}، وفي قوله: {الحج أَشْهُرٌ} [البقرة: 197] لأن هذا جمعُ كثرة، وذاك جمعُ قلة.
قوله: {فِي كِتَابِ الله} يجوز أن يكونَ صفةً لاثنا عشر، ويجوز أن يكونَ بدلًا من الظرفِ قبله، وهذا لا يجوزُ، أو ضعيفٌ؛ لأنه يلزمُ منه أن يُخْبر عن الموصول قبل تمامِ صلتِه؛ فإنَّ هذا الجارَّ متعلق به على سبيلِ البدلية، وعلى تقدير صحةِ ذلك من جهة الصناعة، كيف يَصِحُّ من جهة المعنى؟، ولا يجوز أن يكون {فِي كِتَابِ الله} متعلقًا بـ {عدة} لئلا يلزمَ الفصلَ بين المصدر ومعمولِه بخبره، وقياس مَنْ جوَّز إبدالَه من الظرف أن يجوِّزَ هذا. وقد صَرَّح بجوازه الحوفيُّ.
قوله: {يَوْمَ خَلَقَ} يجوز فيه أن يتعلَّق بـ {كتاب} على أنه يُرادُ به المصدر لا الجثة. ويجوز أن يتعلَّق بالاستقرار في الجار والمجرور، وهو {فِي كِتَابِ الله}، ويكون الكتابُ جثةً لا مصدرًا. وجَوَّز الحوفي أن يكونَ متعلقًا بـ {عدة}، وهو مردودٌ بما تقدَّم.
قوله: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} هذه الجملةُ يجوز فيها ثلاثة أوجه:
أحدها: أن تكونَ صفةً لـ {اثنا عشر}.
الثاني: أن تكون حالًا من الضمير في الاستقرار.
الثالث: أن تكونَ مستأنفةً. والضمير في {منها} عائدٌ على {اثنا عَشَرَ شَهْرًا} لأنه أقربُ مذكورٍ لا على {الشهور}.
والضمير في {فيهنَّ} عائدٌ على الاثنا عشر أيضًا.
وقال الفراء وقتادة يعودُ على الأربعةِ الحُرُم، وهذا أحسنُ لوجهين:
أحدهما: أنها أقربُ مذكورٍ.
والثاني: أنه قد تقرَّر أنَّ معاملةَ جمع القلةِ غيرِ العاقل معاملة جماعةِ الإِناث أحسنُ مِنْ معاملة ضمير الواحدة، والجمعُ الكثيرُ بالعكس: الأجذاع انكسَرْن والجذوع انكسرت ويجوز العكس.
قوله: {كَآفَّةً} منصوبٌ على الحال: إمَّا مِن الفاعل، أو من المفعول، وقد تقدَّم أن كافَّة لا يُتَصَرَّف فيها بغير النصب على الحال، وأنها لا تدخلُها أل وأنها لا تُثَنَّى ولا تُجْمع، وكذلك كافة الثانية. اهـ.