فصل: تفسير الآية رقم (69):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.تفسير الآية رقم (69):

قوله تعالى: {كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (69)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما كان حالهم في الإقبال على العاجلة لكونها حاصلة والإعراض عن العاقبة لأنها غائبة متشابهًا لحال من كان قبلهم من الأمم الخالية والقرون الماضية، بين لهم ذلك وختم ببيان سوء أحوالهم وقبح مآلهم بتلاشي أعمالهم فقال ملتفتًا إلى أسلوب الخطاب لأنه أوقع في باب العتاب وأقعد في استجلاب المصالح للمتاب: {كالذين} أي حاصل ما مضى من أمركم أيها المنافقون أنكم مثل الذين؛ ولما كان فاعل ما يذكر إنما هو بعض من مضى أثبت الجارّ فقال: {من قبلكم} أي من الأمم الخالية، ثم شرع في شرح حالهم وذكر وجه الشبه فقال: {كانوا أشد منكم قوة} لأن الزمان كان إذ ذاك أقرب إلى سن الشباب {وأكثر أموالًا وأولادًا} وهذا ناظر إلى قوله: {فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم} {فاستمتعوا} أي طلبوا المتاع والانتفاع في الدنيا بغاية الرغبة معرضين عن العقبى {بخلاقهم} أي نصيبهم الذي قدره الله وخلقه لهم، وكان الأليق بهم أن يتبلغوا به في السفر الذي لابد منه إلى الآخره {فاستمتعتم بخلاقكم} أي كالمقتفين لآثارهم والقاصدين لنارهم {كما استمتع} وفي الإتيان بقوله: {الذين} ولما كانوا لم يستغرقوا الزمن الماضي، أثبت الجارّ فقال: {من قبلكم بخلاقهم} ظاهرًا غير مضمر تنبيه على ذمهم بقلة النظر لنفسهم المستلزم لقلة عقولهم حيث كانوا دونهم في القوة أبدانًا وأموالًا وأولادًا لم يكفوا عن الاستمتاع والخوض خوفًا مما محق أولئك الأحزاب على قوتهم من العذاب من غير أن ينفعهم سبب من الأسباب {وخضتم} أي ذهبتم في أقوالكم وأفعالكم خبطًا على غير سنن قويم {كالذي} أي كخوضهم الذي {خاضوا} وهو ناظر إلى قولهم: {إنما كنا نخوض ونلعب} قال أبو حيان: وهو مستعار من الخوض في الماء ولا يستعمل إلا في الباطل لأن التصرف في الحق إنما هو على ترتيب ونظام، وأمور الباطل إنما هي خوض، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «رب متخوض في مال الله له النار يوم القيامة».
ولما آذن هذا النظم لهم بالخسارة، حصل التشوف إلى عاقبة أمرهم فأخبر عن ذلك بقوله: {أولئك} أي البعداء من الخير، والظاهر أنه إشارة إلى الذين وصفهم بالشدة وكثرة الأموال والأولاد {حبطت} أي فسدت فبطلت {أعمالهم في الدنيا} أي بزوالها عنهم ونسان لذاتها {والآخرة} أي وفي الدار الباقية لأنهم لم يسعوا لها سعيها؛ وزاد في التنبيه على بعدهم مما قصدوا لأنفسهم من النفع فقال: {وأولئك هم} أي خاصة {الخاسرون} أي لا خاسر في الحقيقة غيرهم لأنهم خسروا خلاقهم في الدارين فخسروا أنفسهم فلا أخسر ممن تشبه بهم، ولعل في الالتفات إلى مقام الخطاب أيضًا إشارة إلى تحذير كل سامع من مثل هذه الحال لصحة أن يكون مرادًا بهذا المقال، فإن من أسرار القرآن في إعجازه أن تكون عبارته متوجهة إلى شيء وإشارته شاملة لغيره من حيث اتصافه بعلة ذلك الحال أو غير ذلك من الخلال؛ قال الإمام أبو الحسن الحرالي في آخر عروة المفتاح في بيان تناول كلية القرآن لكلية الآية ولكل قارئ يقرؤه من أهل الفهم والإيقان: اعلم أن الله سبحانه وتعالى أنزل القرآن نبأ عن جميع الأكوان، وأن جميع ما أنبأ عنه من أمر آدم إلى زمان محمد عليهما السلام من أمر النبوات والرسالات والخلافات وأصناف الملوك والفراعنة والطغاة وأصناف الجناة وجميع ما أصابهم من المثوبات والمثلات في يوم آدم عليه السلام إلى زمان محمد صلى الله عليه وسلم الذي هو ستة آلاف سنة ونحوها كل ذلك يتكرر بجملته في يوم محمد صلى الله عليه وسلم الذي هو ألف سنة أو نحوها أعدادًا بأعداد وأحوالًا بأحوال في خير أو شرف، لكل من الماضين مثل يتكرر في هذه الأمة الخاتمة كما قال صلى الله عليه وسلم: «لكل نبي قبلي في أمتي نظير» ثم ذكر صلى الله عليه وسلم نظراء «مثل إبراهيم كأبي بكر، ومثل موسى كعمر، ومثل هارون كعثمان، ومثل نوح كعلي، ومثل عيسى كأبي ذر» وقال صلى الله عليه وسلم: «إني لأعرف النظراء من أمتي بأسمائهم وأسماء آبائهم وعشائرهم كافرهم ومؤمنهم ممن كان وممن هو كائن وممن سيكون بعد، ولو شئت أن أسميهم لفعلت».
فما صد أكثر هذه الأمة عن فهم القرآن ظنهم أن الذي فيه من قصص الأولين وأخبار المثابين والمعاقبين من أهل الأديان أجمعين أن ذلك إنما مقصوده الأخبار والقصص فقط، كلًا وليس كذلك! إنما مقصوده الاعتبار والتنبيه لمشاهدة متكررة في هذه الأمة من نظائر جميع أولئك الأعداد وتلك الأحوال والآثار حتى يسمع السامع جميع القرآن من أوله إلى خاتمته منطبقًا على هذه الأمة وأئمتها هداتها وضلالها، فحينئذ ينفتح له باب الفهم ويضيء له نور العلم ويتجه له حال الخشية ويرى في أصناف هذه الأمة ما سمع من أحوال القرون الماضية وإنه كما قيل في مثل السائر:
إياك أعني واسمعي يا جارة

ثم إذا شهد انطباق القرآن على كلية الأمة فكان بذلك عالمًا ينفتح له باب ترق، فيترقى سمعه إلى أن يجد جميع كلية القرآن المنطبق على كلية الأمة منطبقًا على ذاته في أحوال نفسه وتقلباته وتصرفات أفعاله وازدحام خواطره حتى يسمع القرآن منطبقًا عليه فينتفع بسماع جميعه ويعتبر بأي آية سمعها منه فيطلب موقعها في نفسه فيجدها بوجه ما رغبة كانت أو رهبة تقريبًا كانت أو تبعيدًا إلى أرفع الغايات أو إلى أنزل الدركات، فيكون بذلك عارفًا، هذا مقصود التنبيه في هذا الفصل جملة، ولنتخذ لذلك مثالًا يرشد لتفهم ذلك الانطباق على كلية الأمة علمًا وعلى خصوص ذات القارئ السامع عرفانًا، فاعلم أن أصول الأديان المزدوجه التي لم تترق إلى ثبات حقائق المؤمنين فمن فوقهم من المحسنين والموقنين التي جملتها تحت حياطة الملك والجزاء والمداينة، الذين تروعهم رائعة الموت أولًا ثم رائعة القيامة ثانيًا إلى ما يشتمل عليه يوم الدين من أهوال المواقف الخمسين التي كل موقف منها ألف من السنين في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، فعدد هذه الأديان سبعة، ما من دين منها إلا ويوجد في صنف من أصناف هذه الأمة، وتجده المعتبر في نفسه في وقت ما بقلة أو كثرة بدوام أو خطرة بضعف أو شدة على إثر دين غالب أو عن لمح عين زائل، وهذه الأديان السبعة هي دين {الذين آمنوا} من هذه الأمة ولم يتحققوا لحقيقة الإيمان فيكونوا من المؤمنين الذين صار الإيمان وصفًا ثابتًا في قلوبهم، الموحدين المتبرئين من الحول والقوة، المتحققين لمعناه، إقدارًا لله عليهم بما شاء لا بما يشاؤون {الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربهم يتوكلون أولئك هم المؤمنون حقًا} [الأنفال: 2-4]، وأما الذين آمنوا فهم الذين لا يثبتون على حال إيمانهم ولكن تارة وتارة، ولذلك هم المنادون والمنهيون والمأمورون في جميع القرآن الذين يتكرر عليهم النداء في السورة الواحدة مرات عديدة من نحو ما بين قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [التوبة: 119] إلى قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه} [المائدة: 54] إلى ما بين ذلك من نحو قوله تعالى: {إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا} [النساء: 137] فهؤلاء هم أهل دين ثابت ينتظمون به مع من ليس له ثبات من ماضي الأيان المنتظمين مع من له أصل في الصحة من الأديان الثلاثة في نحو قوله تعالى: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر} [البقرة: 62] المنتظمين أيضًا مع المغيرين لأديانهم والمفترين لدين لم ينزل الله به من سلطان في نحو قوله تعالى: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا} [الحج: 17] فهذا هو الدين الأول؛ وأما الدين الثاني فهو دين الذين هادوا والذين منهم الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها والذين ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون: سيغفر لنا، وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه والذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون: هذا من عند الله، والذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله، والذين يأكلون الربا وقد نهوا عنه، والذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله والمسيح ابن مريم، وأما الدين الثالث فدين الذين قالوا: إنا نصارى، الذين منهم الذين ضلوا عن سواء السبيل الذين غلوا في دينهم وقالوا على الله غير الحق واتخذوا رهبانهم أربابًا من دون الله والمسيح ابن مريم، وأما الدين الرابع فدين الصابئة الذين منهم متألهو النجوم عباد الشمس والقمر والكواكب ومغيروهم، هم بالترتيب أول من عبد محسوسًا سماويًا؛ وأما الدين الخامس فدين المجوس الثنوية الذين جعلوا إلهين اثنين: نورًا وظلمة، وعبدوا محسوسًا آفاقيًا، وأما الدين السادس فدين الذين أشركوا وهم الذين عبدوا محسوسًا أرضيًا غير مصور، وهم الوثنية أو مصورًا وهم الصنمية- فهذه الأديان الستة الموفية لعد الست لما جاء فيه؛ وأما الدين السابع فاعلم أن الله سبحانه حعل السابع أبدًا جامعًا لستة خيرًا كانت أو شرًا، فالدين السابع هو دين المنافقين الذين ظاهرهم مع الذين آمنوا وباطنهم مع أحد سائر الأديان الخمسة المذكورة إلى أدنى دين مشركها الذين إذا لقوا الذين آمنوا قالوا: آمنا واذا خلوا إلى شياطينهم قالوا: إنا معكم- فهذه الأديان السبعة متكررة بكليتها في هذه الأمة بنحو مما وقع قبل في الأمم الماضية، وهو مضمون الحديث الجامع لذكر ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: «لتأخذنَّ كما أخذت الأمم من قبلكم ذراعًا بذراع وشبرًا بشبر وباعًا بباع حتى لو أن أحدًا من أولئك دخل في حجر ضب لدخلتموه، قالوا: يارسول الله! كما صنعت فارس والروم؟ قال: فهل الناس إلا هم» وما بينه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث هو من مضمون قوله تعالى: {كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالًا وأولادًا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا}، وأهل هذه الأديان السبعة- أو منهم- عمرة دركات جهنم السبع على ترتيبهم، والناجون بالكلية الفائزون هم المؤمنون فمن فوقهم من المحسنين والموقنين، ومزيد تفضيل في ذلك وتثنية قول بما ينبه عليه بحول الله تعالى من جهات تتبع طوائف من هذه الأمة سنن من تقدمهم في ذلك، أما وجه تكرار دين الذين أشركوا في هذه الأمة فباتخاذهم أصنامًا وآلهة يعبدونها من دون الله محسوسة جمادية كما اتخذ المشركون الأصنام والأوثان من الحجارة والخشب واتخذت هذه الأمة بوجه ألطف وأخفى أصنامًا وأوثانًا فإنها اتخذت الدينار والدرهم أصنامًا والسبائك والنقر أوثانًا من حيث إن الصنم هو ما له صورة والوثن ما ليس له صورة، قال صلى الله عليه وسلم: «صنم أمتي الدينار والدرهم».
وقال صلى الله عليه وسلم: «لكل أمة عجل وعجل أمتي الدينار والدرهم» فلا فرق بين ظن المشرك أن الصنم الذي صنعه بيده ينفعه وظن المفتونين من هذه الأمة أن ما اكتسبوا من الدينار والدرهم ينفعهم حتى يشير مثلهم: ما ينفعك إلا درهمك {يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم} [التوبة: 74] فما من آية نزلت في المشركين في ذكر أحوالهم وتبيين ضلالهم وتفاصيل سرهم وإعلانهم إلا وهي منطبقة على كل مفتون بديناره ودرهمه، فموقع قول المشركين في أصنامهم {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} [الزمر: 3] مثله موقع نظيره من قول المفتون: ما أحب المال إلا لأعمل الخير وأستعين به على وجوه البر، ولو أراد البر لكان ترك التكسب والتمول له أبر: قال صلى الله عليه وسلم: «إنما أهلك من كان قبلكم الدينار والدرهم وهما مهلكاكم» فكل من أحبهما وأعجب بجمعهما فهو مشرك هذه الأمة وهما لاته وعزاه اللتان تبطلان عليه قول لا إله إلا الله لأنه تأله ماله؛ قال صلى الله عليه وسلم: «لا إله إلا الله نجاة لعباد الله من عذاب الله ما لم يؤثروا صفقة دنياهم على دينهم» فمن وجد من هذا مسة فليسمع جميع ما أنزل في المشركين من القرآن منطبقًا عليه ومنزلًا إليه وحافًا به حتى يخلصه الله من شركه كما خلص من أخرجه من الظلمات إلى النور من الأولين، فتخلص هذا المشرك بما له من ظلمته التي غشيت ضعيف إيمانه إلى صفاء نور الإيمان في مضمون قوله تعالى: {ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور} [الطلاق: 11] فهذا وجه تفضيل يبين نحوًا من تكرر دين الشرك في هذه الأمة، وأما وجه وقوع المجوسية، ونظيرها في هذه الأمة فإطباق الناس على رؤية الأفعال من أنفسهم خيرها وشرها وإسنادهم أفعال الله إلى خلقه حيث استحكمت عقائدهم على أن فلانًا فاعل وفلانًا فاعل شر وفلانًا يعطي وفلانًا يمنع وفلانًا خير مني وفلانًا أعطاني، حتى ملؤوا الدواوين من الأشعار والخطب والرسائل أمداحًا لخلق الله على ما لم يفعلوا وذمًا لهم على ما لم يمنعوا يحمدون الخلق على رزق الله ويذمونهم على ما لم يؤته الله ويلحدون في أسمائه حتى يكتب بعضهم لبعض سيدي وسندي وأسنى عُددي عبدك ومملوكك يبطلون بذلك أخوة الإيمان ويكفرون تسوية خلق الرحمن ويدعون لأنفسهم أفعال الله فيقولون: فعلنا وصنعنا وأحسنا وعاقبنا- كلمة نمرودية، آتاهم ما لم يشعروا باختصاص الله فيه بأمر كالذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك حين قال: أنا أحيي وأميت، وهذه هي المجوسية الصرف والقدرية المحضة التي لا يصح دين الإسلام معها، لأن المسلم من أسلم الخلق والأمر لربه {أسلمت وجهي لله ومن اتبعن} [آل عمران: 20]، {ألا له الخلق والأمر} [الأعراف: 54] وما سوى ذلك قدرية وهي مجوسية هذه الأمة حيث جعلوا للعبد شركة في فعل الرب وجعلوا له معه تعالى قدرة وقوة ومشيئة واختيارًا وتدبيرًا ولم يعلموا أن التقدير منع التدبير، وأنه تعالى هو يدبر الأمر من السماء إلى الأرض؛ قال صلى الله عليه وسلم: «القدرية مجوس هذه الأمة» فكل ما أنزل الله عز وجل في القرآن الجامع لذكر جميع الملل والأديان مما عزاه لمن وزع الأفعال بين الحق والخلق من كلام ذي فرعنة أو نمرودية أو ذي سلطان فللمعتقد المدح والذم حظ منه على حسب توغلهم واستغراقهم في الذين زعموا أنهم فيهم شركاء فخافوهم ورجوهم، فكل خائف من الخلق أو راج منهم من عداد الذين آمنوا والذين أسلموا في هذه الأمة فهم من مجوس هذه الأمة، فليسمع السامع ما يقرؤه من ذلك حجة عليه ليسأل الله تعالى التخلص منها وليعلم أن ذلك لم يزل حجة عليه وإن كان لم يشعر به قبل.