فصل: قال الفراء:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



70- وقوله جل وعز: {ثم اقضوا إلي ولا تنظرون} (آية 71) أي ثم افعلوا ما بدا لكم قال الكسائي ويقرأ {وأفضوا إلي} بقطع الألف والفاء.
71- وقوله جل وعز: {قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا} (آية 78) قال قتادة أي لتلوينا قال أبو جعفر وهذا معروف في اللغة يقال لفته يلفته إذا عدله ومن هذا التفت إنما هو عدل عن الجهة التي بين يديه.
72- ثم قال تعالى: {وتكون لكما الكبرياء في الأرض} (آية 78).
قال مجاهد أي الملك وذلك معروف في اللغة وإنما قيل للملك كبرياء لأنه أكبر ما ينال في الدنيا.
73- وقوله جل وعز: {فلما القوا قال موسى ما جئتم به السحر} (آية 81) من قرأ السحر فمعناه عنده التوبيخ أي أي شيء جئتم به السحر هو.
74- وقوله جل وعز: {فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه} (آية 83) قال ابن عباس أي قليل وقال مجاهد يعني أنه لم يؤمن به منهم أحد وإنما آمن أولادهم وقال بعض أهل اللغة إنما قيل لهم ذرية لأن آباءهم قبط وأمهاتهم من بني إسرائيل كما قيل لمن سقط من فارس إلى اليمن الأبناء يذهب إلى أنهم رجال مذكورون.
75- ثم قال جل وعز: {على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم} (آية 83) فقال وملئهم لأنه قد علم أن معه من يأتمر له ويرجع إلى قوله وقيل المعنى على خوف من آل فرعون.
76- وقوله جل وعز: {ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ونجنا برحمتك من القوم الكافرين} (آية 86) قال مجاهد أي لا تهلكنا بأيدي أعدائنا ولا تعذبنا بعذاب من عندك فيقول أعداؤنا لو كانوا على حق لما سلطنا عليهم ولما عذبوا أي فيفتتنوا بذلك وقال أبو مجلز لا يظهروا فيروا أنهم خير منا.
77- وقوله عز وجل: {واجعلوا بيوتكم قبلة} (آية 87) قال ابن عباس أي مساجد وقال مجاهد أي نحو الكعبة وقال إبراهيم النخعي كانوا على خوف كما أخبر الله جل وعز فأمروا أن يصلوا في بيوتهم لئلا يلحقهم أذى.
78- وقوله جل وعز: {ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك} (آية 88) وليضلوا النبي المعنى فأصارهم ذلك إلى الضلال كما قال جل وعز: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا} أي فآل أمرهم إلى ذلك وكأنهم فعلوا ذلك لهذا.
وبعض أهل اللغة يقول لام الصيرورة وهي لام كي على الحقيقة.
79- وقوله جل وعز: {ربنا اطمس على أموالهم} (آية 88) قال قتادة بلغنا أن أموالهم وزروعهم صارت حجارة قال مجاهد أي أهلكها قال أبو جعفر ومعروف في اللغة أن يقال طمس الموضع إذا عفا ودرس.
80- ثم قال جل وعز: {واشدد على قلوبهم} (آية 88) قال مجاهد أي بالضلالة وقال غيره أي قسها والمعنى واحد.
81- ثم قال عز وجل: {فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم} (آية 88) قال مجاهد دعا عليهم قال أبو جعفر وهذا لأنهم إذا رأوا العذاب لم ينفعهم الإيمان فقد دعا عليهم.
قال أبو إسحاق قال أبو العباس هو معطوف على قوله: {ربنا ليضلوا عن سبيلك}.
82- وقوله جل وعز قال: {قد أجيبت دعوتكما فاستقيما} (آية 89) قال قتادة دعا موسى وأمن هارون حدثنا محمد بن الحسين بن سماعة بالكوفة قال نا أبو نعيم قال نا أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية {قال قد أجيبت دعوتكما} قال دعا موسى فأمن هارون صلى الله عليهما قال أبو جعفر وهو حسن عند أهل اللغة لأن التأمين دعاء ألا ترى أن معنى آمين استجب.
83- وقوله جل وعز: {وجاوزنا لبني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا} (آية 90).
وقرأ قتادة {فاتبعهم فرعون وجنوده} بوصل الألف قال الأصمعي يقال اتبعه بقطع الألف إذا لحقه وأدركه واتبعه بوصل الألف إذا اتبع أثره أدركه أو لم يدركه وكذلك قال أبو زيد وقيل اتبعه بوصل الآلف في الأمر اقتدى به واتبعه بقطع الآلف خيرا أو شرا هذا قول أبي عمرو وقيل هما واحد وقرأ قتادة بغيا وعدوا والعدو الظلم.
84- وقوله جل وعز: {حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل} (آية 90) روى شعبة عن عدي بن ثابت وعطاء بن السائب قالا سمعنا سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس قال شعبة رفعه أحدهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال إن جبرائيل عليه السلام كان يدس الطين فيجعله في في فرعون قال مخافة أن يقول لا إله إلا أنت فيغفر له.
وقال عون بن عبد الله بلغني أن جبرائيل قال للنبي عليه السلام ما ولد إبليس ولدا قط أبغض إلي من فرعون وأنه لما أدركه الغرق {قال آمنت} الآية فخشيت أن يقولها فيرحم فأخذت تربة أو طينة فحشوتها في فيه وقيل إن جبرائيل إنما فعل هذا به عقوبة له على عظيم ما كان يأتي.
85- وقوله جل وعز: {فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية} (آية 92) قال قتادة لم تصدق طائفة من الناس أنه غرق فأخرج لهم ليكون عظة وآية وقال غيره الاية فيه أنه يدعي أنه رب وكان قومه يعبدونه فأراهم الله إياه بعدما غرقه ومن الآية فيه أنه غرق هو وقومه فأخرج دونهم قال أبو عبيدة معنى ننجيك نلقيك على نجوة من الأرض وقال غيره النجوة والنبوة ما ارتفع من الأرض وقرئ {ننجيك} والمعنى واحد وروري عن يزيد المكي أنه قرأ {فاليوم ننحيك} بالحاء {ببدنك} قيل أي وحدك وقيل بدرعك وقال مجاهد بحسدك وإن وهذا أحسن الأقوال قيل معناه بجسدك فقط أي عريانا بغير روح.
86- وقوله جل وعز: {ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق} (آية 93) أي أنزلناهم قال قتادة يعني الشام وبيت المقدس وقال الضحاك مصر والشام.
87- وقوله جل وعز: {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك} (آية 94) في معناه أقوال:
1- منها أن المخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم مخاطبة لأمته فالمعنى على هذا فإن كنتم في شك كما قال تعالى: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء}.
2- وقيل هذا كما يقال إن كنت أبي فافعل كذا وهو أبوه.
3- وقيل إن هاهنا بمعنى ما كما قال جل وعز: {إن الكافرون إلا في غرور} والمعنى فما كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك سؤال ازدياد كما قال تعالى إخبارا عن إبراهيم: {قال بلى ولكن ليطمئن قلبي} وقال أبو العباس محمد بن يزيد المعنى يا محمد قل للشاك إن كنت في شك فاسأل الذين يقرءون الكتاب أي سل من آمن من أهل الكتاب فيخبرك بصفة النبي صلى الله عليه وسلم في كتابه.
قال الحسن لم يسال ولم يشك وقال الضحاك الذين يقرءون الكتاب يعني بهم من آمن من أهل الكتاب وكان من أهل التقوى.
88- وقوله جل وعز: {إن الذين حقت عليهم كلمات ربك لا يؤمنون} (آية 96) قال قتادة أي إن الذين حق عليهم غضب الله وسخطه بمعصيتهم لا يؤمنون.
89- وقوله جل وعز: {فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس} (آية 98) قال قتادة لم يؤمن قوم حين رأوا العذاب إلا قوم يونس وقال غيره لم يروا العذاب وإنما رأوا دليله فقبلت توبتهم وذكر هذا على أثر قصة فرعون لأنه آمن حين رأى العذاب فلم ينفعه ذلك.
قال قتادة خرج قوم يونس ففرقوا بين البهائم وأولادها واقاموا يدعون الله جل وعز فتاب عليهم.
90- وقوله جل وعز: {إلا قوم يونس} (آية 98) هذا عند الخليل وسيبويه استثناء ليس من الأول وقال غيرهما هو استثناء منقطع لأنهم أمة غير الأمم الذين استثنوا منهم ومن غير جنسهم وشكلهم وإن كانوا من بني آدم ومعنى إلى حين إلى حين فناء آجالهم.
91- وقوله جل وعز: {ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا} (آية 99) فيه قولان:
أحدهما: أنه قد سبق في علمه أنه لن يؤمن إلا من قد سبقت له السعادة في الكتاب الأول كما روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال خبره جل وعز أنه لن يؤمن إلا من قد سبق له من الله سعادة في الذكر الأول ولا يضل إلا من سبق له من الله الشقاء في الذكر الأول.
والقول الآخر ولو شاء ربك لعاجل الكافر بالعقوبة فآمن الناس كلهم ولكن لو كان ذلك لم يكن لهم في الإيمان ثواب فوقعت المحنة بالحكمة وعن ابن عباس ويجعل الرجس قال السخط ثم قال على الذين لا يعقلون أي لا يعقلون عن الله حججه ومواعظه وبراهينه الدالة على النبوة.
92- ثم قال جل وعز: {قل انظروا ماذا في السموات والأرض} (آية 101) أي من الدليل على قدرة الله جل ذكره، ثم قال: {وما تغني الآيات والنذر} أي الأدلة والنذر جمع نذير وهو الرسول {عن قوم لا يؤمنون} أي لا يصدقون حتى يروا العذاب.
93- ثم قال جل وعز: {فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم} (آية 102) يعني هؤلاء المكذبين من العقاب إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قال قتادة يقول وقائع الله جل وعز في الذين خلوا من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود.
94- ثم قال جل وعز: {ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا} (آية 103) أي من ذلك الهلاك كذلك أي كما فعلنا بالماضين.
95- ثم قال جل وعز: {يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني} (آية 104).
أي الذي أدعوكم إليه فلم تعلموا أنه حق فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله من الأوثان وغيرها التي لا تنفع شيئا ولا تضر ولكن أعبد الله الذي لا ينبغي أن تشكو فيه الذي يتوفاكم أي يقبض الخلق فيميتهم وأمرت أن أكون من المؤمنين أي وهو أمرني أن أكون من المصدقين.
96- ثم قال جل وعز: {وأن أقم وجهك للدين حنيفا} (آية 105) أن الثانية عطف على الأولى أي أقم نفسك على دين الإسلام حنيفا مائلا إلى الإسلام {ولا تكونن من المشركين} أي ممن أشرك في عبادته الأنداد.
97- وقوله جل وعز: {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك} (آية 106) أي في دين ولا دنيا {فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين} أي فإن فعلت ذلك فعبدتها فإنك إذا من الظالمين لأنفسهم.
98- ثم قال جل وعز: {وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو} (آية 107) أي دون ما يعبده هؤلاء المشركون {وإن يردك بخير} أي برخاء ونعمة وعافية وسرور {فلا راد لفضله} أي فلا يقدر أحد أن يحول بينك وبين ذلك ولا يرده عنك لأنه الذي بيده ذلك لا إلى غيره.
99- وقوله جل وعز: {قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم} (آية 108) أي القرآن الذي فيه بيان ما بالناس إليه حاجة {فمن اهتدى} سلك سبيل الحق {فإنما يهتدي لنفسه} أي فإنما يستقيم على الهدى لخير نفسه {ومن ضل} أي عدل عن الحق الذي أتاه {فإنما يضل عليها} أي فإنما يجني به على نفسه لا على غيرها.
100- وقوله جل وعز: {وما أنا عليكم بوكيل} (آية 108).
أي بمسلط على تقويمكم إنما أمركم إلى الله جل وعز هو الذي يقوم من شاء منكم وإنما أنا مبلغ.
101- وقوله جل وعز: {واتبع ما يوحى إليك} (آية 109) أي اعمل به.
ثم قال جل وعز: {واصبر} أي على ما أصابك في الله من مشركي قومك {حتى يحكم الله} أي حتى يقضي فيهم وقيل أمره بفعل فاصل {وهو خير الحاكمين} أي خير القاضين وأعدل الفاصلين وقال ابن زيد هذا منسوخ حكم الله بجهادهم وأمر بالغلظة عليم وقال غيره حكم بينه وبينهم يوم بدر فقتلهم بالسيف وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم فيمن بقي منهم أن يسلك بهم سبيل من أهلك منهم أو يتوبوا. اهـ.

.قال الفراء:

ومن سورة يونس:
قوله: {أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنا} (2) نصبت {عجبا} بـ {كان}، ومرفوعها {أَنْ أَوْحَيْنا} وكذلك أكثر ما جاء في القرآن إذا كانت {أن} ومعها فعل: أن يجعلوا الرفع في (أن)، ولو جعلوا (أن) منصوبة ورفعوا الفعل كان صوابا.
وقوله: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا} (4) رفعت المرجع بـ {إليه}، ونصبت قوله: {وعد اللّه حقّا} بخروجه منهما.
ولو كان رفعا كما تقول: الحقّ عليك واجب وواجبا كان صوابا. ولو استؤنف (وعد اللّه حق) كان صوابا.
{إنه يبدأ الخلق} مكسورة لأنها مستأنفة. وقد فتحها بعض القرّاء. ونرى أنه جعلها اسما للحق وجعل {وعد اللّه} متصلا بقوله: {إليه مرجعكم} ثم قال: {حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ} فإنه في موضع رفع كما قال الشاعر:
أحقّا عباد اللّه أن لست لاقيا ** بثينة أو يلقى الثريا رقيبها

وقال الآخر:
أحقا عباد اللّه جرأة محلق ** عليّ وقد أعييت عادا وتبّعا

وقوله: {جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ} (5) ولم يقل: وقدّرهما. فإن شئت جعلت تقدير المنازل للقمر خاصّة لأنّ به تعلم الشهور. وإن شئت جعلت التقدير لهما جميعا، فاكتفى بذكر أحدهما من صاحبه كما قال الشاعر:
رمانى بأمر كنت منه ووالدي ** بريئا ومن جول الطوىّ رمانى

وهو مثل قوله: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} ولم يقل: أن يرضوهما.
وقوله: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ} (11) يقول: لو أجيب الناس في دعاء أحدهم على ابنه وشيهه بقولهم: أماتك اللّه، ولعنك اللّه، وأخزاك اللّه لهلكوا. و{استعجالهم} منصوب بوقوع الفعل: {يعجل} كما تقول: قد ضربت اليوم ضربتك، والمعنى: ضربت كضربتك، وليس المعنى هاهنا كقولك: ضربت ضربا لأن ضربا لا تضمر الكاف فيه لأنك لم تشبهه بشيء، وإنما شبهت ضربك بضرب غيرك فحسنت فيه الكاف.