فصل: قال ابن قتيبة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



أي: كَأَنْهُ ثَدْياهُ حُقَّانِ. وقال بعضهم كَأَنْ ثَدْيْيهِ فخففها واعلمها ولم يضمر فيها كما قال: {إِن كُلُّ نَفْسٍ لَمَا عَلَيْهَا حَافِظٌ} أراد معنى الثقيلة فأَعْمَلَها كما يُعْمِل الثقيلة ولم يضمر فيها.
{وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}
وقال: {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً} على خبر كان كما قال: {إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً}. أي: إن كانت تلك إلا صيحة واحدة.
{هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَاذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}
وقال: {حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم} وانما قال: {وَجَرَيْنَ بِهِم} لأنْ (الفُلْكَ) يكون واحدا وجماعة.
قال: {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} وهو مذكر. واما {حتَّى إِذا كُنْتُمْ في الفُلْكِ} فجوابه قوله: {جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ}.
وأما قوله: {دَعَوُاْ اللَّهَ} فجواب لقوله: {وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ} وانما قال: {بِهِم} وقد قال: {كُنْتُمْ} لانه يجوز ان تذكر غائبا ثم تخاطب اذا كنت تعنيه، وتخاطب ثم تجعله في لفظ غائب كقول الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد العاشر بعد المائة]:
أَسِيئِي بِنا أَوْ أَحْسِنِي لا مَلُوَمةً ** لَدَيْنا وَلا مَقْلِيَّةً أَنْ تَقَلَّتِ

{فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُمْ مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}
وقال: {إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُمْ مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} أي: وذلك متاعٌ الحياةِ الدنيا. وأرادَ مَتاعُكُمْ مَتاعُ الحَياةِ الدُّنْيا.
{إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذلك نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}
وقال: {كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ} يريد: كمثل ماء.
وقال: {وَازَّيَّنَتْ} يريد وتَزَيَّنُتْ ولكن أدغم التاء في الزاي لقرب المخرجين فلما سكن أولها زيدَ فيها ألف وصل وقال: {وَازَّيَّنَتْ} ثقيلة ازَّيُّنًا يريدُ المصدر وهو من التَزَيْنِ وانما زاد الألف حين ادغم ليصل الكلام لانه لا يبتدأ بساكن.
{لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَائِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}
وقال: {وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ} لانه من رَهَقَ يَرْهَقُ رَهَقًا.
{وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُمْ مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ الْلَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَائِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}
وقال: {جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا} وزيدت الباء كما زيدت في قولك {بِحَسْبِكَ قولُ السُوءِ}.
وقال: {كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ الْلَّيْلِ مُظْلِمًا} فالعِين ساكنة لانه ليس جماعة القِطْعَة ولكنه قِطْعٌ اسمٌ على حياله. وقال عامّة الناس {قِطَعا} يريدون به جماعة القِطْعَةِ ويقوي الأول قوله: {مُظْلِمًا} لأن القِطْع واحد فيكون المُظْلِم من صفته. والذين قالوا: القِطَع يعنون به الجمع وقالوا نَجْعَلُ مُظلِمًا حالا للَيْل. والأَوَّلُ أَبْيَنُ الوجهين.
{وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ}
وقال: {مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ} لانه في معنى انتْظِروا أنتم وشركاؤكم.
{هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وَرُدُّواْ إِلَى اللَّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ}
وقال: {هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ} أي: تَخْبُرُ. وقال بعضُهم {تَتْلُو} أي: تَتْبَعُه.
{قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ}
وقال: {أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ} فان قلت كيف دخلت (أَمْ) على (مَنْ) فلأن (مَنْ) ليست في الاصل للاستفهام وانما يستغنى بها عن الألف فلذلك أدخلت عليها (أَمْ) كما ادخلت على (هَلْ) حرف الاستفهام وانما الاستفهام في الاصل الالف. و(أَمْ) تدخل لمعنى لابد منه.
قال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد الثلاثون بعد المائتين]:
أَبا مَالِكٍ هَلْ لُمْتَنِي مُذْ حَضَضْتِنَي ** عَلَى القَتْلِ أَمْ هَلْ لامَنِي لَكَ لائِمُ

{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}
وقال: {فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ} وهذا- والله اعلم- [132] على مثلِ سُوَرتِه وألقى السورة كما قال: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ} يريد أَهْلَ القرية.
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ}
وقال: {مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ} فان شئت جعلت (ماذا) اسما بمنزلة (ما) وان شئت جعلت (ذا) بمنزلة الذي.
{وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ}
وقال: {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ} كأنه قال وَيَقُولُونَ أَحَقُّ هُوَ.
{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}
وقال: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} وقال بعضهم {تَجْمعَون} أي: تَجْمَعُون يا معشر الكفار. وقال بعضهم {فَلْتَفْرَحُوا} وهي لغة العرب ردية لأن هذه اللام انما تدخل في الموضع الذي لا يقدر فيه على أَفْعَل؛ يقولون: لِيَقُلْ زَيْدٌ لأنك لا تقدر على أَفْعَل. ولا تدخل اللام اذا كلمت الرجل فقلت قُلْ ولم تحتج الى اللام. وقوله: {فَبِذَلِكَ} بدل من قوله: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ}.
{وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُواْ مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذلك وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}
وقال: {وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذلك وَلا أَكْبَرَ} أيّ: وَلا يَعْزُبُ عَنْهُ أَصْغَرُ من ذلك ولا أَكْبَرُ بالرفع. وقال بعضهم: {وَلا أصغرَ من ذلِكَ ولا أَكْبَرَ} بالفتح أي: ولا مِنْ أصغرَ منِ ذلك ولا من أَكْبَر ولكنه أَفْعَلَ ولا ينصرف وهذا أجود في العربية واكثر في القراءة وبه نقرأ.
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ ياقَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونَ}
وقال: {فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} وقال بعضهم {وشُرَكاؤُكُمْ} والنصب أحسن لأنك لا تجري الظاهر المرفوع على المضمر المرفوع الا انه قد حسن في هذا للفصل الذي بينهما كما قال: {أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا} فحسن [133] لانه فصل بينهما بقوله ترابا. وقال بعضهم {فَأَجْمِعوا} لأَنَّهُم ذهبوا به الى العَزْمِ لأَنَّ العرب تقول أَجْمَعْتُ أَمْرِي أي: أَجْمَعْتُ على أَنْ أَقُول كذا وكذا. أي عَزَمْتُ عليه. وبالمَقْطُوعِ نقرأ.
وقال: {ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً} فـ {يَكُنْ} جزم بالنهي.
{قَالَ مُوسَى أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هذاوَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ}
وقال: {أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَاذَا} على الحكاية لقولهم، لانهم قالوا: أَسِحْرٌ هذا فقال: {أَتَقَوُلُونَ} {أَسِحْرٌ هذا}.
{قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ}
وقال: {لِتَلْفِتَنَا} لأَنَّكَ تقول: لَفَتُهُ فأَنَا أَلِفْتُهُ لَفْتًا أي: أَلْوِيِه عنْ حقه.
{فَلَمَّا أَلْقُواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ}
وقال: {مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ} يقول: الذي جِئْتُمْ بِهِ السِحْرُ وقال بعضهم {آلسِّحْرُ} بالاستفهام.
{فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ}
وقال: {عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ} يعني مَلأ الذُرِّيَّةِ.
{وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ}
وقال: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ} فنصبها لأن جواب الدعاءَ بالفاء نصب وكذلك في الدعاء إذا عَصَوا.
وقال: {رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ} أيّ: فَضلُّوا. كما قال: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} أيْ: فَكَان. وَهمُ لم يلقطوه ليكون لهم عدوا وحزنا وإنما لقطوه فكان فهذه اللام تجيء في هذا المعنى.
وقوله: {فَلاَ يُؤْمِنُواْ} عطف على {ليضلوّا}.
{فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ}
وقال: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} وقال بعضهم {نُنْجِيك} وقوله: {بِبَدَنِكَ} أيّ: لا روح فيه.
وقال بعضهم: {نُنُجِّيكَ}: نرفعُك على نجوة من الارض. وليس قولهم: أَنّ البَدَن هاهنا الدِرْع بشيء ولا له معنى.
{وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ}
وقال: {وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ} فانث فعل الكل لانه اضافه الى الاية وهي مؤنثة.
{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ}
وقال: {لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} فجاء بقوله: {جَمِيعًا} توكيدا، كما قال: {لاَ تَتَّخِذُواْ الهيْنِ اثْنَيْنِ} ففي قوله: {الهيْنِ} دليل على الأثْنين.
{ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ}
وقال: {كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ} يقول: كذلِكَ نُنْجِي المؤمنينَ حَقًّا عَلَيْنا.
{وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}
وقال: {وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا} أي: وَأُمِرْتُ أَنْ اَقِم وجَهكَ للدين. اهـ.

.قال ابن قتيبة:

سورة يونس مكية كلها.
2- {قَدَمَ صِدْقٍ} يعني: عملا صالحا قدّموه.
5- {وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ} أي جعله ينزل كل ليلة بمنزلة من النجوم، وهي ثمانية وعشرون منزلا في كل شهر، قد ذكرتها في «تأويل المشكل».
7- {إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا} أي لا يخافون.
11- {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} أي لو عجل اللّه للناس الشر إذا دعوا به على أنفسهم عند الغضب وعلى أهليهم وأولادهم، واستعجلوا به كما يستعجلون بالخير فيسألونه الرزق والرحمة: {لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} أي لماتوا.
15- {أَوْ بَدِّلْهُ} كانوا يقولون للنبي صلّى اللّه عليه وسلم: اجعل آية عذاب آية رحمة، وآية رحمة آية عذاب.
16- {وَلا أَدْراكُمْ بِهِ} أي ولا أعلمكم به.
19- {وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ} أي نظرة إلى يوم القيامة.
21- {وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً} يعني: فرجا من بعد كرب.
{إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا} يعني: قولا بالطعن والحيلة يجعل لتلك الرحمة سببا آخر.
22- {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ} أي دنوا للهلكة. وأصل هذا أن العدو إذا أحاط ببلد، فقد دنا أهله من الهلكة.
24- {فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ} يريد أن الأرض أنبتت بنزول المطر فاختلط النبات بالمطر، واتصل كل واحد بصاحبه.
{حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها} أي زينتها بالنبات. وأصل الزخرف: الذهب. ثم يقال للنّقش وللنور والزهر وكل شيء زين: زخرف.
يقال: أخذت الأرض زخرفها وزخارفها: إذا زخرت بالنبات كما تزخر الأودية بالماء.
{وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها} أي على ما أنبتته من حب وثمر.
{كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ} أي كأن لم تكن عامرة بالأمس. والمغاني المنازل. واحدها مغنى. وغنيت بالمكان: إذا أقمت به.
26- {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى} أي المثل.
{وَزِيادَةٌ}: التّضعيف حتى حتى تكون عشرا، أو سبعمائة، وما شاء اللّه. يدل على ذلك قوله: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها}.
{وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ} أي لا يغشاها غبار. وكذلك القترة.
27- {ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ} أي مانع.
{كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ} جمع قطعة. ومن قرأها: {قطعا من الليل} أراد اسم ما قطع تقول: قطعت الشيء قطعا. فتنصب أول المصدر. واسم ما قطعت منه فسقط: قطع.
28- {فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ} أي فرّقنا بينهم. وهو من زال يزول وأزلت.
30- {هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ} أي تقرأ في الصحف، ما قدّمت من أعمالها. ومن قرأ {تَبْلُوا} بالباء، أراد: تختبر ما كانت تعمل.
وقال أبو عمرو: وتصديقها {يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ} وهي قراءة أهل المدينة.
وكذلك حكيت عن مجاهد.