فصل: من فوائد الشعراوي في الآية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من فوائد الشعراوي في الآية:

قال رحمه الله:
{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)}.
إقامة الصلاة معروفة. وهي تبدأ بالتكبير وتختم بالتسليم. بشرائطها من عناصر القيام والركوع والسجود. ولكن الحق يقول: {وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ} إما أنه يريد منهم أن ينضموا إلى موكب الإيمان الجامع لأن صلاتهم لم يكن فيها ركوع. إذن فهو يريدهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم. ولا يظنوا أن إيمانهم بموسى عليه السلام يعفيهم من أن يكونوا خاضعين لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم. ويقولون ديننا كافينا. إنما جاء الإسلام لمن لا دين له وهم الكفار والمشركون.. فيقول لهم: {ارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ}.
إن الحق سبحانه وتعالى يريد أن يلفتهم إلى أن صلاتهم لن تقبل منهم إلا أن يكون فيها ركوع. وصلاة اليهود ليس فيها ركوع.. وإن كان فيها سجود، وفي كلتا الحالتين فإن الحق سبحانه وتعالى يلفتهم إلى ضرورة الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم.
الحق سبحانه وتعالى حينما قال: {وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا} يريد أن يلفتهم إلى أن العكس هو المطلوب وأنهم كان يجب أن يشتروا الإيمان ويختاروا الصفقة الرابحة. ولن يحدث ذلك إلا إذا آمنوا بالرسول الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم. فهذا هو الطريق الوحيد لرضا الله سبحانه وتعالى.
الله سبحانه وتعالى يريد أن يهدم تكبرهم على الدين الجديد فأمرهم بالصلاة كما يصلي المسلمون. وبالزكاة كما يزكي المسلمون. فلا يعتقدون أن إيمانهم بموسى والتوراة سيقبل منهم بعد أن جاء الرسول الجديد الذي أمروا أن يؤمنوا به. بل إن إيمانهم بموسى والتوراة. لو كانوا مؤمنين بهما حقا.. يستوجب هذا الإيمان عليهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم. لأن التوراة تأمرهم بذلك. فكأن عدم إيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم كفر بالتوراة ونقض لتعاليمها.
والصلاة كما قلنا استحضار العبد وقفته بين يدي ربه. وحينما يقف العبد بين يدي الله.. لابد أن يزول كل ما في نفسه من كبرياء. ويدخل بدلا منه الخشوع والخضوع والذلة لله. والمتكبر غافل عن رؤية ربه الذي يقف أمامه. إنما عدم إيمانهم بهذا النبي. والوقوف بين يدي الله للصلاة كما يجب أن تؤدى، وكما فرضها الله تعالى من فوق سبع سموات. إنما هو رفض للخضوع لأوامر الله.
وبعد ذلك تأتي الزكاة. لأن العبد المؤمن. لابد أن يوجه حركة حياته إلى عمل نافع يتسع له ولمن لا يقدر على الحركة في الحياة. والله سبحانه وتعالى حينما يطالبنا بالسعي في الأرض لا يطالبنا أن يكون ذلك على قدر احتياجاتنا فقط، بل يطالبنا أن يكون تحركنا أكثر من حاجة حياتنا. حتى يتسع هذا التحرك ليشمل حياة غير القادر على حركة الحياة. فيتسع المجتمع للجميع. ويزول منه الحقد والحسد، وتصفى النفوس. اهـ.

.فوائد بلاغية:

قال في صفوة التفاسير:
البلاغة:
أولا: في إضافة النعمة إليه سبحانه {نعمتي} إشارة إلى عظم قدرها، وسعة برها، وحسن موقعها، لأن الإضافة تفيد التشريف كقوله: بيت الله و{ناقة الله}.
ثانيا: قوله: {ولا تشتروا بآياتي} الشراء هنا على سبيل الاستعارة كما تقدم في قوله: {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى}.
ثالثا: تكرير الحق في قوله: {تلبسوا الحق} وقوله: {وتكتموا الحق} لزيادة تقبيح المنهي عنه، إذ في التصريح ما ليس في الضمير من التأكيد، ويسمى هذا بالإطناب، وهو من المحسنات البديعية.
رابعا: قوله: {واركعوا مع الراكعين} هو من باب تسمية الكل باسم الجزء أى صلوا مع المصلين، اطلق الركوع وأراد به الصلاة ففيه مجاز مرسل.
خامسا: {وإياي فارهبون} و{إياي فاتقون} تقديم الضمير يفيد الاختصاص. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
قوله: {وَأَقِيمُواْ الصلاة} هذه الجُمْلَة وما بعدها عطف على الجملة قبلها عطف أمر على نهي.
وأصل {أقيموا} أقْوِمُوا، ففعل به ما فعل ب {وَيُقِيمُونَ} [البقرة: 3] وقد تقدحم الكلام عليها وعلى {الصًّلاة} وأصل {آتوا} ائْتِيُوا بهمزتين مثل أكْرِمُوا، فقلبت الثانية ألفًا لسكونها بعد همزة مفتوحة، واستثقلت الضمة على الياء فحذفت، فالتقى ساكنان الياء والواو، فحذفت الياء؛ لأنها أول وحركت التاء بحركتها.
وقيل: بل ضمت تبعًا للواو، كما ضم آخر اضربوا ونحوه، ووزنه: افعوا بحذف اللام.
وألف الزكاة منقلبة عن واو، لقولهم: زَكَوَات، وزَكَا يَزْكُو، وهي النحو.
وقيل: الطهارة.
وقيل: أصلها الثَّنَاء الجميل، ومنه: زكى القاضي الشُّهود، والزَّكَا: الزوج صار زوجًا بزيادة فرد آخر عليه، والخَسَا: الفرد، قال: البسيط:
كَانُوا خَسًا أَوْ زَكًا مِنْ دُونِ أْرْبَعَةٍ ** لَمْ يَخْلَقُوا وَجُدُودُ النَّاسِ تعْتَلِجُ

قوله: {مَعَ الراكعين} منصوب ب {ارْكَعُوا}.
والركوع: الطّمأنينة والانْحِنَاء، ومنه قوله: الطويل:
أُخَبِّرُ أْخْبَارَ القُرُونِ الَّتِي مَضَتْ ** أَدِبُّ كَأَنِّي كُلَّمَا قُمْتُ رَاكِعُ

وقيل: الخضوع والذِّلَّة؛ ومنه: المسرح.
وَلاَ تُهِينَ الفَقِيرَ عَلَّكَ أنْ ** تَرْكَعَ يَوْمًا والدَّهْرُ قَدْ رَفَعَهْ

.موعظة:

.قال ابن الجوزي:

.المجلس الرابع في ذكر الزكاة:

الحمد لله الذي لا واضع لما رفع ولا رافع لما وضع ولا واصل لما قطع ولا مفرق لما جمع سبحانه من مقدر ضر ونفع وحكم فالكل حكمه كيف وقع أمرض حتى ألقى على شفا ثم شفى الوجع وواصل من شاء ومن شاء قطع جعل العصاة في خفارة الطائعين وفي كنف القوم وسع {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع} أحمده على ما أعطى ومنع وأشكره إذ كشف للبصائر سر الخدع وأشهد بأنه واحد أحكم ما صنع وأن محمدًا عبده ورسوله أرسله والكفر قد علا وارتفع ففرق بمجاهدته من شره ما اجتمع صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبه أبي بكر الذي نجم نجم سعادته يوم الردة وطلع وعلى عمر الذي عز الإسلام به وامتنع وعلى عثمان المقتول ظلما وما ابتدع وعلى علي الذي دحض الكفر بجهاده وقمع وعلى عمه العباس الذي سئل به سيل السحاب فهمع اللهم يا من إلى بابه كل راغب رجع اجعلنا ممن بالمواعظ انتفع واحفظنا من موافقة الطبع والطمع وانفعني بما أقول وكل من استمع قال الله تبارك وتعالى: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم} الكنز ما لم يؤد زكاته أخبرنا عبد الأول بسنده عن الليث بن سعد عن نافع أن عبد الله بن عمر قال ما كان من مال تؤدى زكاته فليس بكنز وإن كان مدفونا وما ليس مدفونا لا تؤدى زكاته فإنه الكنز الذي ذكره الله عز وجل في كتابه وفي قوله: {ولا ينفقونها} قولان ذكرهما الزجاج أحدهما أن المعنى يرجع إلى الكنوز والثاني إلى الفضة وقال أبو عبيدة العرب إذا أشركوا بين اثنين قصروا فأخبروا عن أحدهما استغناء بذلك وتخفيفا بمعرفة السامع أن الآخر قد شاركه ودخل معه في ذلك الخبر:
ومن يك أمسى بالمدينة رحله ** فإني وقيار بها لغريب

قوله تعالى: {فبشرهم بعذاب أليم} أي اجعل مكان البشارة هذا قوله عز وجل: {يوم يحمى عليها في نار جهنم} يعني الأموال قال ابن مسعود ما من رجل يكوى بكنز فيوضع دينار على دينار ولا درهم على درهم ولكن يوسع في جلده فيوضع كل دينار على حدته وقال ابن عباس هي حية تطوى على جنبيه وجبهته فتقول أنا مالك الذي بخلت به أخبرنا هبة الله بن محمد بسنده عن المحرور بن سويد عن أبي ذر رضي الله عنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في ظل الكعبة فقال هم الأخسرون ورب الكعبة قالها ثلاث مرات قال فأخذني غم وجعلت أتنفس قال قلت هذا شر حدث في قال قلت من هم فداك أبي وأمي قال الأكثرون أموالا إلا من قال في عباد الله هكذا وهكذا وقليل ما هم ما من رجل يموت فيترك غنما أو إبلا أو بقرا لا يؤدي زكاتها إلا جاءته يوم القيامة أعظم ما تكون وأسمن حتى تطأه بأظلافها وتنطحه بقرونها حتى يقضي الله بين الناس ثم تعود أولاها على أخراها أخرجاه في الصحيحين.
وبالإسناد عن جابر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من صاحب إبل لا يفعل فيها حقها إلا جاءته يوم القيامة أكثر ما كانت قط وقعد لها بقاع قرقر تنطحه بقرونها وتطؤه بقوائمها ولا صاحب غنم لا يفعل بها حقها إلا جاءت أكثر ما كانت وقعد لها بقاع قرقر تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها ليس فيها جماء ولا منكس قرنها ولا صاحب كنز لا يفعل فيه حقه إلا جاء يوم القيامة شجاعا أقرع يتبعه فاغرًا فاه فإذا أتاه مر منه فيناديه ربه خذ كنزك الذي خبأته فإني عنه أعني منك فإذا رأى أن لابد له منه سلك بيده في فيه فيقضمها قضم الفحل انفرد بإخراجه مسلم وفي أفراده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جبهته وجنبه وظهره كلما تردت أعيدت إليه أولاها أعيدت أخراها أعيدت إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار أخبرنا عبد الأول بسنده عن عبد الله بن دينار عن أبيه عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له ماله شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة يأخذ بلهزمتيه يعني شدقيه يقول أنا مالك أنا كنزك وتلا هذه الآية: {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم} الآية انفرد بإخراجه البخاري.
فإن قيل لم خص الجباه والجنوب والظهور من بقية البدن فجوابه من وجهين أحدهما أن هذه المواضع مجوفة فيصل الحر إلى أجوافها بخلاف اليد والرجل وكان أبو ذر يقول بشر الكنازين بكي في الجباه وكي في الجنوب وكي في الظهور حتى يلتقي الحر في أجوافهم والثاني أن الغني إذا رأى الفقير انقبض وإذا ضمه وإياه مجلس ازور عنه وولاه ظهره فكويت تلك المواضع منه قاله أبو بكر الوراق قوله تعالى: {هذا ما كنزتم لأنفسكم} المعنى هذا ما ادخرتم لأنفسكم {فذوقوا ما كنتم تكنزون} أي عذاب ذلك اليوم.
واعلم أن الزكاة أحد أركان الإسلام قال صلى الله عليه وسلم بني الإسلام على خمس فذكر منهن الزكاة وينبغي للمتيقظ أن يفهم المراد من الزكاة وذلك ثلاثة أشياء أحدها الابتلاء بإخراج المحبوب والثاني التنزه عن صفة البخل المهلك والثالث شكر نعمة المال فليتذكر إنعام الله عليه إذ هو المعطي لا المعطى وعليه ألا يؤخرها إذا حال الحول لأنها حق للفقير ويجوز تقديمها على الحول ولا يجوز إعطاء العوض باعتبار القيمة وينبغي أن ينتقي الأجود للفقير فإن الذي يعطيه هو الذي يلقاه يوم القيامة فليتخير لنفسه ما يصدق به وأن يقدم فقراء أهله ويتحرى بها أهل الدين ولا يبطل صدقته بالمن والأذى فليعط الفقير بانشراح ولطف حتى كأن الفقير هو الذي ينعم بما يأخذه وليستر عطاءه أهل المروءات فإنهم لا يؤثرون كشف ستر الحاجة فإن خطر له أن الزكاة ينبغي أن تشاع لئلا يتهم الإنسان ففي من لا يستحي إذا أخذها كثرة فليشعها عند أولئك وليترك أرباب الأنفة تحت ستر الله عز وجل.

.الكلام على البسملة:

غوالب راحة الدنيا عناء ** وما تعطيه من هبة هباء

وما دامت على عهد بخلق ** ولا وعدت فكان لها وفاء

تذيق حلاوة وتذيق مرا ** وليس لذا ولا هذا بقاء

وتجلو نفسها لك في المعاصي ** وفي ذاك الجلاء لها الجلاء

إذا نشرت لواء الملك فيها ** لوى قلب الغنى لها اللواء

فدعها راغبا في ظل عيش ** وملك ماله أبدا فناء

عجبا لمن عرف الدنيا ثم اغتر أما يقيس ما بقي بما مر أيؤثر لبيب على الخير الشر أيختار الفطن على النفع الضر كم نعمة عليك قد سلفتها وما قمت بفريضة كلفتها إذا دعيت إلى التوبة سوفتها وإن جاءت الصلاة ضيعتها وإذا قمت في العبادة خففتها وإذا لاح لك وجه الدنيا ترشفتها لقد آفتك آفة الدنيا وما أفتها إنها لدار قلعة تضيفتها أو ليس قد شبت وما عرفتها كم حيلة في مكاسبها تلطفتها ولو شغلتك عنها آيات تأففتها كم بادية في أرباحها تعسفتها كم قفار في طلبها طفتها كم كذبات من أجل الدنيا زخرفتها لقد استشعرت محبتها إي والله والتحفتها تحضر المسجد وقلبك مع التي ألفتها أو ما يكفيك أموالك وقد ألفتها تالله لو علمت ما تجني عفتها أنسيت تلك الذنوب التي أسلفتها ألست الذي تذكرتها ثم خفتها.
آه لمراحل أيام قطعتها وخلفتها آه لبضائع عمر بذرت فيها وأتلفتها لو أردت خيرا وبختها وعفتها لو قبلتها بالوفاق فهلا خالفتها إخواني قولوا للمفرط الجاني قال لك الشيب أما تراني أنا كتاب المنون والضعف عنواني وليس في السطور إلا أنك فاني:
أنكرت سلمى مشيبا عراني ** ورأتني غير ما قد تراني

أشرف الشيب على لمتي ** وشباب المرء ظل للزمان

إنما أنت لما قد ترى ** لا يغرنك ضمان للأماني

هل ترى من عائش خالد ** كم ترى من هالك قد صار فاني

لو أعنت العين إذا أبصرت ** واعظاتي بفؤادي لكفاني

أي شيء أتقي والردى ** بين جنبي بعيني يداني

كل يوم ناقص دولة ** من بقائي جاذب مني عناني

وألاقيه بلا جنة فإذا ** شاء أن يدمى لحيني رماني

تابع يتبع ماضي كما ** يتبع العامل جرًا للساني

لذة الدنيا إذا ما حضروا ** فإذا غابوا فشغل للأماني

ما اطمأن الدهر حتى نقضوا ** فكأن لم أرهم في مكان

أين أهل العزائم رحلوا وماتوا أين أهل اليقظة ذهبوا وفاتوا قف على قبورهم تجد ريح العزم تنفس عندها تحب روح الحزم أقبلوا بالقلوب على مقلبها وأقاموا النفوس لدى مؤدبها ومدوا الباع من باع التسليم إلى صاحبها وأحضروا الأخرى فنظروا إلى غايتها وسهروا الليالي كأنهم قد وكلوا برعي كواكبها ونادوا نفوسهم صبرا على نار البلاء لمن كواك بها ومقتوا الدنيا فما مال الملأ إلى ملاعبها واشتاقوا إلى الحبيب فاستطالوا مدة المقام بها:
أنتم على البعد همومي إذا ** غبتم وأشجاني على القرب

لا أتبع القلب إلى غيركم ** عيني لكم عين على قلبي

إن لم تكن معهم في السحر فتلمح آثار الحبيب عليهم وقت الضحى واقرأ في صحائف الوجوه سطور القبول بمداد الأنوار وجوه ينهاها الحسن أن تتقنعا أين أنت من القوم كم بين اليقظة والنوم يا بعيد السلامة قد قربت منك النعامة يا عديم الاستقامة ما أرى لنجاتك علامة أعمالك لا تصلح للجنة وخصالك الباطنة أوصاف إلى متى إلى متى جد في غير الجد والكماش إلى كم في الظلام وقد نسخت الأغباش تمكن حب الدنيا من القلب فما يخرجه منقاش ولاح نور الفلاح وكيف يبصر خفاش أما النهار فأسير الهوى في المعاش وأما الليل فقتيل المنام في الفراش كيف يصحب الصلحاء من همته صحبة الأوباش وهل يبارز في صف الحرب خوار ضعيف الجاش دخل حب الدنيا فاستبطن بطن المشاش:
مثل الشبيبة كالربيع إذا ** ما جيد فاخضرت له الأرض

فالشيب كالمحل الجماد له ** لونان مغبر ومبيض

سنحت له دهياء من كثب ** دانت خطاه وما به أيض

ترك الجديد جديده هملا ** لا الصون يرجعه ولا الرحض

وتعاقب التفتيش يقدح في ** صم الصفا فيظل يرفض