فصل: قال أبو البقاء العكبري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو البقاء العكبري:

سورة يونس عليه السلام:
قد تقدم القول على الحروف المقطعة في أول البقرة والأعراف، ويقاس الباقي عليهما، و{الحكيم} بمعنى المحكم، وقيل هو بمعنى الحاكم.
قوله تعالى: {أكان للناس عجبا أن أوحينا} اسم كان، وخبرها عجبا، وللناس حال من عجب، لأن التقدير: أكان عجبا للناس، وقيل هو متعلق بكان، وقيل هو يتعلق بعجب على التبيين، وقيل عجب هنا بمعنى معجب، والمصدر إذا وقع موقع اسم مفعول أو فاعل جاز أن يتقدم معموله عليه كاسم المفعول {أن أنذر الناس} يجوز أن تكون أن مصدرية، فيكون موضعها نصبا بأوحينا، وأن تكون بمعنى أي فلا يكون لها موضع.
قوله تعالى: {يدبر الأمر} يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون خبرا ثانيا، وأن يكون حالا.
قوله تعالى: {وعد الله} هو منصوب على المصدر بفعل دل عليه الكلام، وهو قوله: {إليه مرجعكم} لأن هذا وعد منه سبحانه بالبعث، و{حقا} مصدر آخر تقديره: حق ذلك حقا {أنه يبدأ} الجمهور على كسر الهمزة على الاستئناف، وقرئ بفتحها، والتقدير: حق أنه يبدأ فهو فاعل، ويجوز أن يكون التقدير لأنه يبدأ وماضي يبدأ بدأ، وفيه لغة أبدأ {بما كانوا} في موضع رفع صفة أخرى لعذاب، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف.
قوله تعالى: {جعل الشمس ضياء} مفعولان، ويجوز أن يكون ضياء حالا، وجعل بمعنى خلق، والتقدير: ذات ضياء، وقيل الشمس هي الضياء، والياء منقلبة عن واو لقولك ضوء، والهمزة أصل، ويقرأ بهمزتين بينهما ألف، والوجه فيه أن يكون أخر الياء وقدم الهمزة، فلما وقعت الياء ظرفا بعد ألف زائدة قلبت همزة عند قوم، وعند آخرين قلبت ألفا، ثم قلبت الألف همزة لئلا يجتمع ألفان {والقمر نورا} أي ذا نور، وقيل المصدر بمعنى فاعل: أي منيرا {وقدره منازل} أي وقدر له فحذف حرف الجر، وقيل التقدير: قدره ذا منازل، وقدر على هذا متعدية إلى مفعولين لأن معناه جعل وصير، ويجوز أن يكون قدر متعديا إلى واحد بمعنى خلق ومنازل، حال: أي منتقلا.
قوله تعالى: {إن الذين لا يرجون} خبر إن {أولئك مأواهم النار} فأولئك مبتدأ ومأواهم مبتدأ ثان، والنار خبره، والجملة خبر أولئك {بما كانوا} الباء متعلقة بفعل محذوف دل عليه الكلام: أي جوزوا بما كانوا يكسبون.
قوله تعالى: {تجرى من تحتهم} يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا من ضمير المفعول في يهديهم والمعنى يهديهم في الجنة إلى مراداتهم في هذه الحال {في جنات} يجوز أن يتعلق بتجرى، وأن يكون حالا من الأنهار، وأن يكون متعلقا بيهدى، وأن يكون حالا من ضمير المفعول في يهدى، وأن يكون خبرا ثانيا لإن.
قوله تعالى: {دعواهم} مبتدأ {سبحانك} منصوب على المصدر، وهو تفسير الدعوى لأن المعنى: قولهم سبحانك اللهم، و{فيها} متعلق بتحية {أن الحمد} أن مخففة من الثقيلة، ويقرأ أن بتشديد النون وهى مصدرية، والتقدير: آخر دعواهم حمد الله.
قوله تعالى: {الشر} هو مفعول يعجل، و{استعجالهم} تقديره: تعجيلا مثل استعجالهم، فحذف المصدر وصفته المضافة، وأقام المضاف إليه مقامهما.
وقال بعضهم: هو منصوب على تقدير حذف حرف الجر: أي كاستعجالهم، وهو بعيد، إذ لو جاز ذلك لجاز زيد غلام عمرو: أي كغلام عمرو، وبهذا ضعفه جماعة، وليس بتضعيف صحيح إذ ليس في المثال الذي ذكر فعل يتعدى بنفسه عند حذف الجار، وفى الآية فعل يصح فيه ذلك وهو قوله: {يعجل} {فنذر} هو معطوف على فعل محذوف تقديره: ولكن نمهلهم فنذر، ولايجوز أن يكون معطوفا على يعجل إذ لو كان كذلك لدخل في الامتناع الذي تقتضيه لو، وليس كذلك لأن التعجيل لم يقع، وتركهم في طغيانهم وقع.
قوله تعالى: {لجنبه} في موضع الحال: أي دعانا مضجعا ومثله {قاعدا أو قائما} وقيل العامل في هذه الأحوال مس، وهو ضعيف لأمرين: أحدهما أن الحال على هذا واقعة بعد جواب {إذا} وليس بالوجه، والثانى أن المعنى كثرة دعائه في كل أحواله، لا على أن الضر يصيبه في كل أحواله.
وعليه جاءت آيات كثيرة في القرآن {كأن لم يدعنا} في موضع الحال من الفاعل في مر {إلى ضر} أي إلى كشف ضر، واللام في {لجنبه} على أصلها عند البصريين، والتقدير دعانا ملقيا لجنبه.
قوله تعالى: {من قبلكم} متعلق بأهلكنا وليس بحال من القرون لأنه زمان.
و{جاءتهم رسلهم} يجوز أن يكون حالا: أي وقد جاءتهم، ويجوز أن يكون معطوفا على ظلموا.
قوله تعالى: {لننظر} يقرأ في الشاذ بنون واحدة وتشديد الظاء، ووجهها أن النون الثانية قلبت ظاء وأدغمت.
قوله تعالى: {ولا أدراكم به} هو فعل ماض من دريت، والتقدير: لو شاء الله لما أعلمكم بالقرآن ويقرأ: ولادراكم به على الإثبات.
والمعنى: ولو شاء الله لأعلمكم به بلا واسطة، ويقرأ في الشاذ {ولا أدرأكم به} بالهمزة مكان الألف، قيل هي لغة لبعض العرب يقلبون الألف المبدلة من ياء همزة، وقيل هو غلط لأن قارئها ظن أنه من الدرء وهو الدفع، وقيل ليس بغلط، والمعنى: ولو شاء الله لدفعكم عن الإيمان به {عمرا} ينتصب نصب الظروف: أي مقدار عمر أو مدة عمر.
قوله تعالى: {ما لا يضرهم} {ما} بمعنى الذى، ويراد بها الأصنام، ولهذا قال تعالى: {هؤلاء شفعاؤنا} فجمع حملا على معنى {ما}.
قوله تعالى: {وإذا أذقنا} جواب {إذا} الأولى {إذا} الثانية.
والثانية للمفاجأة والعامل في الثانية الاستقرار الذي في {لهم} وقيل {إذا} الثانية زمانية أيضا، والثانية وما بعدها جواب الأولى.
قوله تعالى: {يسيركم} يقرأ بالسين من السير، وينشركم من النشر: أي يصرفكم ويبثكم {وجرين بهم} ضمير الغائب، وهو رجوع من الخطاب إلى الغيبة، ولو قال بكم لكان موافقا لكنتم، وكذلك {فرحوا} ومابعده {جاءتها} الضمير للفلك، وقيل للريح.
قوله تعالى: {إذا هم} هو جواب لما، وهى للمفاجأة كالتى يجاب بها الشرط {بغيكم} مبتدأ، وفى الخبر وجهان: أحدهما {على أنفسكم} وعلى متعلقة بمحذوف.
أي كائن لا بالمصدر، لأن الخبر لا يتعلق بالمبتدأ فـ {متاع} على هذا خبر مبتدأ محذوف: أي هومتاع أو خبر بعد خبر.
والثانى أن الخبر متاع، وعلى أنفسكم متعلق بالمصدر، ويقرأ متاع بالنصب، فعلى هذا على أنفسكم خبر المبتدأ، ومتاع منصوب على المصدر: أي يمتعكم بذلك متاع، وقيل هو مفعول به، والعامل فيه بغيكم، ويكون البغى هنا بمعنى الطلب: أي طلبكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا، فعلى هذا على أنفسكم ليس بخبر، لأن المصدر لا يعمل فيما بعد خبره، بل على أنفسكم متعلق بالمصدر، والخبر محذوف تقديره: طلبكم متاع الحياة الدنيا ضلال ونحو ذلك ويقرأ متاع بالجر على أنه نعت للأنفس، والتقدير: ذوات متاع، ويجوز أن يكون المصدر بمعنى اسم الفاعل، أي ممتعات الدنيا، ويضعف أن يكون بدلا إذ قد أمكن أن يجعل صفة.
قوله تعالى: {فاختلط به نبات الأرض} الباء للسبب: أي اختلط النبات بسبب اتصال الماء به، وقيل المعنى خالطه نبات الأرض، أي اتصل به فرباه، و{مما يأكل} حال من النبات {وازينت} أصله تزينت، ثم عمل فيه ما ذكرنا في {ادارأتم فيها} ويقرأ بفتح الهمزة وسكون الزاى وياء مفتوحة بعدها خفيفة النون والياء: أي صارت ذات زينة كقولك: أجرب الرجل إذا صار ذا إبل جربى، وصحح الياء، والقياس أن تقلب ألفا، ولكن جاء مصححا كما جاء استحوذ، ويقرأ و{ازيأنت} بزاى ساكنة خفيفة بعدها ياء مفتوحة بعدها همزة بعدها نون مشددة والأصل وازيانت مثل احمارت ولكن حرك الألف فانقلبت همزة كما ذكرنا في الضالين {تغن بالأمس} قرئ في الشاذ {تتغن} بتاءين وهو في القراءة المشهورة والأمس هنا يراد به للزمان الماضي لاحقيقة أمس الذي قبل يومك، وإذا أريد به ذلك كان معربا.
وكان بلا ألف ولام ولا إضافة نكرة.
قوله تعالى: {ولا يرهق وجوههم} الجملة مستأنفة، ويجوز أن يكون حالا، والعامل فيها الاستقرار في الذين: أي استقرت لهم الحسنى مضمونا لهم السلامة ونحو ذلك، ولايجوز أن يكون معطوفا على الحسنى لأن الفعل إذا عطف على المصدر احتاج إلى أن ذكرا أو تقديرا، وإن غير مقدرة لأن الفعل مرفوع.
قوله تعالى: {والذين كسبوا} مبتدأ، وفى الخبر وجهان: أحدهما هو قوله: {مالهم من الله من عاصم} أو قوله: {كأنما أغشيت} أو قوله: {أولئك أصحاب} ويكون {جزاء سيئة بمثلها} معترضا بين المبتدأ وخبره.
والثانى الخبر جزاء سيئة، وجزاء مبتدأ.
وفى خبره وجهان، أحدهما بمثلها والباء زائدة كقوله: {وجزاء سيئة سيئة مثلها}، ويجوز أن تكون غير زائدة، والتقدير: جزاء سيئة مقدر بمثلها.
والثانى أن تكون الباء متعلقة بجزاء والخبر محذوف: أي وجزاء سيئة بمثلها واقع {وترهقهم ذلة} قيل هو معطوف على كسبوا، وهو ضعيف لأن المستقبل لا يعطف على الماضي، وإن قيل هو بمعنى الماضي فضعيف أيضا، وقيل الجملة حال {قطعا} يقرأ بفتح الطاء وهو جمع قطعة، وهو مفعول ثان لأغشيت، و{من الليل} صفة لقطع، و{مظلما} حال من الليل، وقيل من قطعا أو صفة لقطعا وذكره لأن القطع في معنى الكثير، ويقرأ بسكون الطاء فعلى هذا يكون مظلما صفة لقطع، أو حالا منه أو حالا من الضمير في من، أو حالا من الليل.