فصل: قال أبو السعود:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو السعود:

{الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (1)}
{الر} بتفخيم الراءِ المفتوحةِ وقرئ بالإمالة إجراءً للأصلية مُجرى المنقلبة عن الياء وقرئ بينَ بين وهو إما مسرودٌ على نمط التعديدِ بطريق التحدّي على أحد الوجهين المذكورين في فاتحة سورة البقرة فلا محلَّ له من الإعراب وإما اسمٌ للسورة كما عليه إطباقُ الأكثرِ فمحلُّه الرفعُ على أنه خبرٌ لمبتدأ محذوفٍ أي هذه السورةُ مسماةٌ بألر، وهو أظهرُ من الرفع على الابتداء لعدم سبق العلمِ بالتسمية بعدُ، فحقُّها الإخبارُ بها لا جعلُها عنوانَ الموضوع لتوقفه على علم المخاطب بالانتساب كما مر. والإشارةُ إليها قبل جَرَيانِ ذكرها لِما أنها باعتبار كونِها على جناح الذكْرِ وبصدده صارت في حكم الحاضِر كما يقال: هذا ما اشترى فلان، أو النصب بتقدير فعل لائقٍ بالمقام نحوُ اذكر أو اقرأ، وكلمةُ {تِلْكَ} إشارةٌ إليها إما على تقدير كونِ الر مسرودةً على نمط التعديدِ فقد نُزّل حضورُ مادتِها التي هي الحروفُ المذكورةُ منزلةَ ذكِرها فأشير إليها كأنه قيل: هذه الكلماتُ المؤلفةُ من جنس هذه الحروفِ المبسوطةِ الخ، وأما تقدير كونِه اسمًا للسورة فقد نوّهتُ بالإشارة إليها بعد تنويهِها بتعيين اسمِها أو الأمر بذكرها أو بقراءتها، وما في اسم الإشارة من معنى البُعد للتنبيه على بُعد منزلِتها في الفخامة ومحلُّه الرفعُ على أنه مبتدأ خبرُه قوله تعالى: {آيَات الكتاب} وعلى تقدير كون الر مبتدأً فهو مبتدأٌ ثانٍ أو بدلٌ من الأول والمعنى هي آياتٌ مخصوصةٌ منه مترجمةٌ باسم مستقلٍ والمقصودُ ببيانِ بعضيَّتِها منه وصفُها بما اشتهر اتصافُه به من النعوت الفاضلةِ والصفاتِ الكاملةِ، والمرادُ بالكتاب إما جميعُ القرآنِ العظيم وإن لم ينزل الكلُّ حينئذ إما باعتبار تعيّنِه وتحققِه في علم الله عز وعلا أو في اللوح أو باعتبار أنه أُنزل جملةً إلى السماء الدنيا كما هو المشهورُ فإن فاتحةَ الكتاب كانت مسماةً بهذا الاسم وبأم القرآن في عهد النبوة ولمّا يحصُلِ المجموعُ الشخصي إذ ذاك فلابد من ملاحظة كلَ من الكتاب القرآن بأحد الاعتباراتِ المذكورةِ وما جميعُ القرآنِ النازلِ وقتئذ المتفاهَمِ بين الناسِ إذ ذاك فإنه كما يُطلق على المجموع الشخصيّ يُطلق على مجموع ما نزل في كل عصرٍ، ألا يُرى إلى ما رُوي عن جابر رضي الله عنه أنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحُدٍ في ثوب واحد ثم يقول: «أيُّهم أكثرُ أخذًا للقرآن؟» فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد فإن ما يفهمه الناسُ من القرآن في ذلك الوقت ويحافظون على التفاوت في أخذه إنما هو المجموعُ النازلُ حينئذ من غير ملاحظةٍ لتحقق المجموعِ الشخصيِّ في علم الله سبحانه أو في اللوح ولا لنزوله جملةً إلى السماء الدنيا.
{الحكيم} ذي الحِكمة وصُف به لاشتماله على فنون الحِكَم الباهرةِ ونُطقِه بها، أو هو من باب وصفِ الكلامِ بصفة صاحبِه أو من باب الاستعارة المكنيةِ المبنيةِ على تشبيه الكتابِ بالحكيم الناطق بالحكمة، هذا وقد جعل الكتابُ عبارةً عن نفس السورةِ، وكلمةُ تلك إشارةٌ إلى ما في ضمنها من الآي فإنها في حكم الحاضرِ لاسيما بعد ذكر ما يتضمنها من السورة عند بيان اسمِها أو الأمرِ بذكرها أو بقراءتها، وينبغي أن يكون المشارُ إليه حينئذ كلَّ واحدةٍ منها لا جميعَها من حيث هو جميعٌ لأنه عينُ السورةِ فلا يكون للإضافة وجهٌ ولا لتخصيص الوصفِ بالمضاف إليه حكمةٌ فلا يتأتى ما قُصد من مدح المضافِ بما للمضاف إليه من صفات الكمال ولأن في بيان اتصافِ كلَ منها بالكمال من المبالغة ما ليس في بيان اتصافِ الكلِّ بذلك، والمتبادرُ من الكتاب عند الإطلاقِ وإن كان كلُّه بأحد الوجهين المذكورين لكنّ صحةَ إطلاقِه على بعضه أيضًا مما لا ريب فيها، والمعهودُ المشهورُ وإن كان اتصافُ الكل بأحد الاعتبارين بما ذُكر من نعوت الكمالِ إلا أن شهرةَ اتصافِ كل سورةٍ منه بما اتصف به الكلُّ مما لا ينكر، وعليه يدور تحققُ مدحِ السورةِ بكونها بعضًا من القرآن الكريم إذ لولا أن بعضَه منعوتٌ بنعت كلِّه داخلٌ تحت حكمهِ لما تسنى ذلك، وفيه ما لا يخفى من التكلف والتعسف. اهـ.

.قال الألوسي:

{بِسْمِ اللَّهِ الرحمن الرحيم الر} بتفخيم الراء المفتوحة وهو الأصل وأمال أبو عمرو وبعض القراء إجراء لألف الراء مجرى الألف المنقلبة عن الياء فإنهم يميلونها تنبيهًا على أصلها، وفي الإمالة هنا دفع توهم أن را حرف كما ولا فقد صرحوا أن الحروف يمتنع فيها الإمالة، وقرأ ورش بين بين، والمراد من {الر} على ما روى جماعة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنا الله أرى، وفي رواية أخرى لنها بعض الرحمن وتمامه حم ون، وعن قتادة أنها بعض الراحم وهو من أسماء القرآن، وقيل: هي أسماء للأحرف المعلومة من حروف التهجي أتى بها مسرودة على نمط التعديد بطريق التحدي وعليه فلا محل لها من الإعراب، والكلام فيها وفي نظائرها شهير.
والأكثرون على أنها اسم للسورة فمحلها الرفع على أنها خبر لمبتدأ محذوف أي هذه السورة مسماة بكذا وهو أظهر من الرفع على الابتداء لعدم سبق العلم بالتسمية بعد فحقها الإخبار بها لا جعلها عنوان الموضوع لتوقفه على علم المخاطب بالانتساب، والإشارة إليها قبل جريان ذكرها لصيرورتها في حكم الحاضر لاعتبار كونها على جناح الذكر كما يقال في الصكوك: هذا ما اشترى فلان، وجوز النصب بتقدير فعل لائق بالمقام كاذكر واقرأ وكلمة {تِلْكَ} إشارة إليها أما على تقدير كون {الر} مسرودًا على نمط التعديد فقد نزل حضور مادتها منزلة ذكرها فأشير إليها كأنه قيل: هذه الكلمات المؤلفة من جنس هذه الحروف المبسوطة الخ، وأما على تقدير كونها اسمًا للسورة فقد نوهت بازشارة إليها بعد تنويهها بتعيين اسمها أو الأمر بذكرها أو بقراءتها.
وما في اسم الإشارة من معنى البعد للتنبيه على بعد منزلتها في الفخامة ومحله الرفع على أنه مبتدأ خبره قوله عز وجل: {الكتاب الحكيم} وعلى تقدير كون {الر} مبتدأ فهو إما مبتدأ ثان أو بدل من الأول، والمعنى هي آيات مخصوصة منه مترجمة باسم مستقل، والمقصود ببيان بعضيتها منه وصفيتها بما أشير إلى اتصافه به من النعوت الفاضلة والصفات الكاملة، والمراد بالكتاب إما جميع القرآن العظيم وإن لم ينزل بعد إما باعتبار تعينه وتحققه في العلم أو في اللوح أو باعتبار نزوله جملة إلى بيت العزة من السماء الدنيا وإما جميع القررن النازل وقتئذٍ المتفاهم بين الناس إذ ذاك فإنه كما يطلق على المجموع الشخصي يطلق على مجموع ما نزل في كل كذا قال شيخ الإسلام.
وأنت تعلم أن المشهور عن السلف تفويض معنى {الر} وأمثاله إلى الله تعالى وحيث لم يظهر المراد منها لا معنى للتعرض لإعرابها، وقد ذكروا أنه يجوز في الإشارة أن تكون لآيات هذه السورة وأن تكون لآيات القرآن ويجوز في الكتاب أن يراد به السورة وأن يراد القرآن فتكون الصور أربعًا:
إحداها: الإشارة إلى آيات القرآن والكتاب بمعنى السورة ولا يصح إلا بتخصيص آيات أو تأويل بعيد.
وثانيها: عكسه ولا محذور فيه.
وثالثها: الإشارة إلى آيات السورة والكتاب بمعنى السورة.
ورابعها: ازشارة إلى آيات القررن والكتاب بمعنى القرآن، ومرجع إفادة الكلام عليهما باعتبار صفة الكتاب الآتية، وجوز الإشارة إلى الآيات لكونها في حكم الحاضر وإن لم تذكر كما في المثال المذكور آنفًا.
وفي أمالي ابن الحاجب أن المشار إليه لا يشترط أن يكون موجودًا حاضرًا بل يكفي أن يكون موجودًا ذهنًا.
وفي الكشاف في تفسير قوله تعالى: {هذا فِرَاقُ بَيْنِى وَبَيْنِكَ} [الكهف: 78] ما يؤيديه، وأوثر لفظ تلك لما أشار إليه الشيخ ولكونه في حكم الغائب من وجه ولا يخلو ما ذكروه عن دغدغة، وأما حمل الكتاب على الكتب التي خلت قبل القرآن من التوراة والإنجيل وغيرهما كما أخرجه ابن أبي حاتم عن قتادة فهو في غاية البعد فتأمل، وقوله تعالى: {الحكيم} صفة للكتاب ووصف بذلك لاشتماله على الحكم فيراد بالحكيم ذو الحكمة على أنه للنسبة كلابن وتامر، وقد يعتبر تشبيه الكتاب بإنسان ناطق بالحكمة على طريق الاستعارة بالكناية وإثبات الحكمة قرينة لها، وجوز أن يكون وصفه بذلك لأنه كلام حكيم فالمعنى حكيم قائله فالتجوز في الإسناد كليله قائم ونهاره صائم، وقيل: لأن آياته محكمة لم ينسخ منها شيء أي بكتاب آخر ففعيل بمعنى مفعل وقد تقدم ماله وما عليه {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا} الهمزة لإنكار تعجبهم ولتعجيب السامعين منه لوقوعه في غير محله، والمراد بالناس كفار العرب، والتعبير عنهم باسم الجنس من غير تعرض لكفرهم الذي هو المدار لتعجبهم كما تعرض له فيما بعد لتحقيق ما فيه من الشركة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينهم وتعيين مدار التعجيب في زعمهم ثم تبيين خطئهم وإظهار بطلان زعمهم بإيراد الإنكار، واللام متعلقة بمحذوف وقع حالًا من {عَجَبًا} كما هو القاعدة في نعت النكرة إذا تقدم عليها، وقيل: متعلقة بعجبًا بناءً على التوسع المشهور في الظروف، وبعضهم جعلها متعلقة به لا على طريق المفعولية كما في قوله:
عجبت لسعي الدهر بيني وبينها

بل على طريق التبيين كما في {هَيْتَ لَكَ} [يوسف: 32] وسقيًا لك ومثل ذلك يجوز تقديمه على المصدر.
وأنت تعلم أن هذا قول بالتعلق بمقدر في التحقيق، وقيل: إنها متعلقة به لأنه بمعنى المعجب والمصدر إذا كان بمعنى مفعول أو فاعل يجوز تقديم معموله عليه، وجوز أيضًا تعلقه بكان وإن كانت ناقصة بناءً على جوازه، و{عَجَبًا} خبر كان قدم على اسمها وهو قوله سبحانه: {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ}. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (1)}
تقدم القول في الحروف الواقعة في فواتح بعض السور في أول سورة البقرة فهي بمنزلة الأعداد المسرودة، لا محل لها من الإعراب، ولا يُنطق بها إلا على حال السكت، وحالُ السكت يعامَل معاملة الوقف، فلذلك لا يُمد اسم رَا في الآية، وإن كان هو في اللغة بهمزة في آخره لأنه بالسكت تحذف الهمزة كما تحذف في الوقف لثقل السكوت على الهمزة في الوقف والسكت، فبذلك تصير الكلمة على حرفين فلا تمد.
ولذلك أجمع القراء على عدم مد الحروف: را. ها. يا. طا. حا.
التي في أوائل السور وإن كانت تلك الأسماء ممدودة في استعمال اللغة.
اسم الإشارة يجوز أن يكون مرادًا به جميع آي القرآن التي نزلت قبل هذه السورة باعتبار حضور تلك الآيات في أذهان الناس من المؤمنين وغيرهم، فكأنها منظورة مشاهدة، فصحت الإشارة إليها إذ هي متلوة محفوظة فمن شاء أن يسمعها ويتدبرها أمكنه ذلك ولأن الخوض في شأنها هو حديث الناس في نواديهم وأسمارهم وشغلهم وجدالهم، فكانت بحيث تتبادر إلى الأذهان عند ورود الإشارة إليها.
واسمُ الإشارة يُفسر المقصودَ منه خبرُه وهو {آيات الكتاب الحكيم} كما فسره في قوله تعالى: {فهذا يومُ البعث} [الروم: 56] وقوله تعالى: {قال هذا فراقُ بيني وبينك} [الكهف: 78].
قال في الكشاف: تصَوَّر فراقًا بينهما سيقع قريبًا فأشار إليه بهذا.
وقد تقدم شيء من هذا المعنى عند قوله تعالى: {ذلك هدى الله يهدى به من يشاء من عباده} في سورة [الأنعام: 88].
فالمقصود من الإشارة إما الحث على النظر في آيات القرآن ليتبين لهم أنه من عند الله ويعلموا صدق من جاءهم به.
وإما إقناعهم من الآيات الدالة على صدق النبي بآيات الكتاب الحكيم فإنهم يسألون النبي آيةً على صدقه، كما دل عليه قوله في هذه السورة [يونس: 15] {وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائتتِ بقرآن غير هذا أو بَدله} فقيل لهم {تلك آيات الكتاب الحكيم}، أي ما هو آية واحدة بل آيات كثيرة، فإن الإعجاز حاصل بكل سورة منه.
ولأنه اشتمل على الحقائق السامية والهدى إلى الحق والحكمة؛ فرجل أمي ينشأ في أمة جاهلة يجيء بمثل هذا الهدى والحكمة لا يكون إلا موحى إليه بوحي إلهي، كما دل عليه قوله تعالى: {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذًا لارْتاب المبطلون} [العنكبوت: 48].
وعليه فاسم الإشارة مبتدأ و{آيات} خبره.
وإضافة {آيات} إلى {الكتاب} إضافة شبيهة بالبيانية وإن كان الكتاب بمنزلة الظرف للآيات باختلاف الاعتبار، وهو معنى الإضافة البيانية عند التحقيق.
ويجوز أن تجعل الإشارة بـ {تلك} إلى حروف {ألر} لأن المختار في الحروف المقطعة في فواتح السور أن المقصود من تعدادها التحدي بالإعجاز، فهي بمنزلة التهجي للمتعلم.
فيصح أن يجعل {الر} في محل ابتداء ويكون اسم الإشارة خبرًا عنه.
والمعنى تلك الحروف آيات الكتاب الحكيم، أي من جنسها حروف الكتاب الحكيم، أي جميع تراكيبه من جنس تلك الحروف.
والمقصود تسجيل عجزهم عن معارضته بأن آيات الكتاب الحكيم كلها من جنس حروف كلامهم فما لكم لا تستطيعون معارضتها بمثلها إن كنتم تكذّبون بأن الكتاب منزل من عند الله، فلولا أنه من عند الله لكان اختصاصه بهذا النظم المعجز دون كلامهم محالًا إذ هو مركب من حروف كلامهم.
والكتاب: القرآن.
فالتعريف فيه للعهد.
ويجوز جعل التعريف دالًا على معنى الكمال في الجنس، كما تقول: أنتَ الرجل.
والحكيم: وصف إما بمعنى فاعل، أي الحاكم على الكتب بتمييز صحيحها من محرفها، مثل قوله: {ومُهيمِنًا عليه} [المائدة: 48]، وقوله: {وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه} [البقرة: 213].
وإما بمعنى مُفعَل بفتح العين، أي مُحكَم، مثل عَتِيد، بمعنى مُعَد.
وإما بمعنى ذي الحِكمة لاشتماله على الحكمة والحق والحقائق العالية، إذ الحكمة هي إصابة الحق بالقول والعمل فوُصف بوصف ذي الحكمة من الناس على سبيل التوسع الناشيء عن البليغ كقول الأعشى:
وغريبةٍ تأتي الملوك حَكِيمة ** قد قلتُها ليقال مَن ذَا قالها

وإما أن يكون وُصِفَ بوصف منزّله المُتكلم به، كما مشَى عليه صاحب الكشاف عند قوله تعالى: {يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين} [يس: 1، 3].
واختيار وصف {الحكيم} من بين أوصاف الكمال الثابتة للقرآن؛ لأن لهذا الوصف مزيد اختصاص بمقام إظهار الإعجاز من جهة المعنى بعد إظهار الإعجاز من جهة اللفظ بقوله: {الر تلك آيات الكتاب الحكيم}، ولِما اشتملت عليه السورة من براهين التوحيد وإبطال الشرك.
وإلى هذا المعنى يشير قوله بعد هذا: {قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثتُ فيكم عمرًا من قبله أفلا تعقلون} [يونس 16]. اهـ.