فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من لطائف وفوائد المفسرين:

.قال في ملاك التأويل:

قوله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45)} وقال بعد: {استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين}.
يسأل عما أعقب به في كل الموضعين وما وجه تخصيصه وهل يجوز وقوع كل منهما في موضع الآخر؟
والجواب: أن قوله تعالى: {وانها لكبيرة} الآية.
وقوله في الآية الثانية: {إن الله مع الصابرين}.
كلا الإخبارين مناسب لقوله: {واستعينوا بالصبر والصلاة} فلا سؤال في هذا وإنما يسأل عن تخصيص كل من الموضعين بما خص به اتباعا؟
والجواب عن ذلك أن قوله تعالى: {وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} مشير إلى التثاقل عنها والتكاسل الجاريين في الغالب والأكثر مع ضعف اليقين وقلة الإخلاص وذلك مناسب لحال بنى إسرائيل ممن ذكرت في الآيات قبل ألا ترى قوله تعالى في المنافقين وإنما أكثرهم من يهود: {ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى}.
وقوله: {وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى} فلما كان قوله تعالى في الآية الأولى: {واستعينوا بالصبر والصلاة} مكتنفا بأمر بني إسرائيل ونهيهم ناسب هذا قوله تعالى: {وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} ولما كانت الآية الثانية معقبا بها أمر المؤمنين في قوله تعالى: {يا أيها الذين ءآمنوا استعينوا بالصبر والصلاة} وحال من وسم بالإيمان حال رضى واستقامة ناسبهم وصفهم بالصبر إذ بالصبر على الطاعات حصول الدرجات فجاء كل على ما يناسب ولم يكن ليلائم واحدا من الموضعين غير ما أعقب به. والله أعلم بما أراد. اهـ.

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45)}.
الصبر فطم النفس عن المألوفات، والصلاة التعرُّض لحصول المواصلات، فالصبر يشير إلى هجران الغَيْر، والصلاة تشير إلى دوام الوقوف بحضرة الغيب، وإن الاستعانة بهما لخصلة شديدة إلا على من تجلَّى الحق لِسِرِّه فإِن في الخبر المنقول: «إن الله تعالى إذا تجلَّى لشيءٍ خشع له» وإذا تجلَّى الحق، خَفَّ وسَهُلَ ما توقَّى الخلْق؛ لأن التوالي للطاعات يوجب التكليف بموجب مقاساة الكلفة، والتجلي بالمشاهدات- بحكم التحقيق- يوجب تمام الوصلة ودوام الزلفة.
ويقال استعينوا بي على الصبر معي، واستعينوا بحفظي لكم على صلاتكم لي، طحتى لا تستغرقكم واردات الكشف والهيبة، فلا تقدرون على إقامة الخدمة.
وإن تخفيف سطوات الوجود على القلب في أوان الكشف حتى يقوى العبد على القيام بأحكام الفرق لِمَنَّةٌ عظيمة من الحق.
وأقسام الصبر كلها محمودة الصبر في الله، والصبر لله، والصبر بالله والصبر مع الله إلا صبرًا واحدًا وهو الصبر عن الله:
والصبر يحسن في المواطن كلها ** إلا عليك فإنه مذموم

.من فوائد ابن عرفة في الآية:

قال رحمه الله:
قوله تعالى: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الخاشعين}.
الإعلام بذلك حين التكليف ليكون المكلّف على تأهّب وبصبرة فلا يظهر له حين العمل إلا ما دخل عليه، والخشوع هو استحضار التقصير في العمل وفق المجازاة عليه.
قلت: بل الخشوع رقة في القلب سببها الخوف، وانظر في أسئلة الشيخ ابن رشد في أول مسألة من كتاب الصلاة. اهـ.

.من فوائد ابن عجيبة في الآية:

قال رحمه الله:
الصبر: هو حبس القلب على حكم الرب، فيحتمل أن يراد به ظاهره، أو يراد به هنا الصوم، لأن فيه الصبر عن الشهوات. والخشوع في الجوارع: سكونها وذُلها، والخضوع في القلب: انقياده لحكم الرب.
يقول الحقّ جلّ جلاله: يا مَن ابتلي بالرئاسة والجاه، استكبر عن الانقياد لأحكام الله؛ التي جاءت بها الرسل من عند الله، استعن على نفسك {بالصبر} على قطع المألوفات، وترك الحظوظ والشهوات، وأصل فروعها حب الرئاسة والجاه، فمن صبر على تركهما فاز برضوان الله. وفي الحديث: «وفي الصبر على ما تكرَهُ خيرٌ كثير».
قال الشاعر:
والصَّبْرُ كالصْبرِ مُرٌ في مذَاقَتِه ** لَكِنْ عَواقِبُه أحلَى مِن العسلِ

أو: {وَاسْتَعِينُوا} بالصوم {وَالصَّلاةِ} فإن في الصوم كَسْرَ الشَّهْوَةِ وتصفية النفس، فإذا صفت النفس من الرذائل تحلت بأنواع الفضائل، كالتواضع والإنصاف، والخشوع وسائر سني الأوصاف، وفي الصلاة أنواع من العبادات النفسية والبدنية، كالطهارة، وستر العورة، وصرف المال فيهما، والتوجه إلى الكعبة، والعكوف للعبادة، وإظهار الخشوع بالجوارح، وإخلاص النبيّة بالقلب، ومجاهدة الشيطان، ومناجاة الرحمن وقراءة القرآن، وكف النفس عن الأطْيَبَيْنِ، وفي الصلاة قضاء المآرب وجبر المصائب، ولذلك كان- عليه الصلاة والسلام- إذا حزّ به أمر فزع إلى الصلاة، {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ} أي: شاقة على النفس؛ لتكريرها في كل يوم، ومجيئها وقت حلاوة النوم، {إلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} الذين سكنت حلاوتها في قلوبهم، وتناجوا فيها مع ربهم، حتى صارت فيها قُرَّة عينهم.
الذين يتيقنون {أَنَّهُمْ مُّلاقُوا رَبِّهِمْ} فيتنعمون بالنظر إلى وجه الكريم، ويتيقنون أيضًا أنهم راجعون إلى ربهم بالبعث والحشر للثواب والعقاب، وإنما عبَّر الحق تعالى هنا بالظن في موضع اليقين إبقاء على المذنبين، وتوفرًا على العاصين، الذين ليس لهم صفاء اليقين؛ إذ لو ذكر اليقين صرفًا لخرجوا من الجملة، فسبحانه من رب حليم، وجواد كريم. اللهم امنن علينا بصفاء المعرفة واليقين، حتى لا يختلج قلوبنا وَهْمٌ ولا ريب، يا رب العالمين.
الإشارة: يا من رام الدخول إلى حضرة الله، تذلل وتواضع لأولياء الله، وتجرّع الصبر في ذلك كي يدخلوك حضرة الله، كما قال القائل:
تَذللْ لِمنْ تهْوى؛ فَلَيْسَ الهوَى سَهْلُ ** إذا رَضِي المَحْبُوبُ صَحَّ لكَ الوَصْلُ

فإن منعك من ذلك حب الرئاسة والجاه، فاستعن على ذلك بالصبر والصلاة، فإن الصبر عنوان الظفر، والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر. فأدمن قرع الباب حتى تدخل مع الأحباب، فالإدمان على عبادة الصلاة أمره كبير، إلا مَن خلص إلى مناجاة العلي الكبير، وتحقق بملاقاة الشهود والعيان، ورجع إلى مولاه في كل أوان، فإن الصلاة حينئذٍ تكون له من قرّة العين. وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

.قال ابن عادل:

قوله: {واستعينوا بالصبر والصلاة} جملة أمرية عطف على ما قبلها من الأوامر، ولكن اعترض بينهما بهذه الجمل.
وأصل {اسْتَعِينُوا} اسْتَعونُوا ففعل فيه ما فعل في نَسْتَعِين وقد تقدم تحقيقه ومعناه.
و{بالصبر} متعلّق به، والياء للاستعانة أو للسّببية، والمُسْتَعَان عليه محذوف ليعم جميع الأحوال المستعان عليهان واستعان يتعدّى بنفسه نحو: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]، ويجوز أن تكون الباء للحال، أي: مُلْتَبِسِينَ بالصبر.
والظَّاهر أنه يتعدّي بنفسه وبالباء، تقول: استعنت الهل واستعنت بالله، وقد تقدم أن السِّين للطلب.
والصّبر: الحبس على المكروه؛ ومنه: قُتِلَ فُلاَنٌ صَبْرًا؛ قال: الوافر:
فَصَبْرًا في مَجَالِ المَوْتِ صَبْرًا ** فَمَا نَيْلُ الخُلُودِ بِمُسْتَطَاعِ

والمَصْبُورة التي نهي عنها في الحديث هي المَحْبوسة على الموت، وهي المجثمة.
والصبر المأمور به هو الصَّبر على الطَّاعة.
قال النحاسى: ولا يقال لمن صبر على المصيبة: صابر إنما يقال: صابر على كذا.
ويرده قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الصابرين} [البقرة: 155] ثم قال: {الذين إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ} [البقرة: 156] الآية.
قوله: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الخاشعين} إن واسمها وخبرها، والضَّمير في {إنها} قيل: يعود على {الصلاة} وإن تقدم شيئان؛ لأنها أغلب منه وأهم، وهو نظير قوله: {وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفضوا إِلَيْهَا} [الجمعة: 11] أعاد الضمير على التِّجَارة؛ لأنها أهم وأغلب، كذا قيل، وفيه نظر؛ لأن العطف بأو فيجب الإفراد، لكن المراد أنه ذكر الأهم من الشَّيئين، فهو نظيرها من هذه الجهة.
وقيل: يعود على الاستعانة المفهومة من الفعل نحو: {اعدلوا هُوَ أَقْرَبُ للتقوى} [المائدة: 8].
وقيل: على العبادة المّدْلُول عليها بالصَّبر والصلاة، وقيل: هو عائد على الصبر والصَّلاة، وإن كان بلفظ المفرد، وهذا ليس بشيء.
وقيل: حذف من الأول لدلالة الثاني عليه؛ وتقديره: وإنه لكبيرٌ؛ نحو قوله: الخفيف.
إنَّ شَرْخَ الشَّبَابِ والشَّعَرَ الأَسْوَدَ ** مَالَمْ يُعَاصَ كَانَ جُنُونا

ولم يقل: يُعَاصيا ردّ إلى الشباب؛ لأن الشعر داخل فيه، وكذا الصَّبر لما كان داخلًا في الصلاة عاد عليها كما قال: {والله وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ} [التوبة: 62]، ولم يقل: يرضوهما؛ لأن رضا الرسول داخلٌ في رِضَا الله عَزّ وجلّ.
وقيل: ردّ الكتابة إلى كل واحد منهما، لكن حذف اختصارًا، كقوله: {وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} [المؤمنون: 50]، ولم يقل: آيتين، وقال الشاعر: الطويل:
فَمَنْ يَكُ أَمْسَى بِالمَدِينَةِ رَحْلُهُ ** فَإِنِّي وَقَيَّارٌ بِهَا لَغَرِيب

أراد: لَغَرِيبَانِ.
وقيل: على إجابة محمد عليه الصَّلاة والسَّلام، لأنَّ الصبر والصَّلاة مما كان يدعو إليه، وقيل: على الكَعْبَةِ؛ لأن الأمر بالصَّلاة إنما هو إليها.
قوله: {لَكَبِيرَةٌ} لشاقَة ثقيلة من قولك: كَبُرَ هذا عليَّ؛ قال تعالى: {كَبُرَ عَلَى المشركين مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ} [الشورى: 13].
و{إلاَّ عَلَى الخَاشِعِينَ} استثناء مُفَرّع، وجاز ذلك وإن كان الكلام مثبتًا، لأنه في قوة النفي، أي لا تسهل ولا تخفّ إلا على هؤلاء.
و{عَلَى الخَاشِعِين} متعلّق ب {كبيرة} نحو: كَبُرَ عليّ هذا أي: عظم وشق.
والخشوع كالخضوع، وأصله: اللِّينُ والسُّهولة، ومنه الخُشْعَةُ للرَّمْلَةِ، وقيل: قطعة من الأرض رخوة، وفي الحديث كَانَتْ خُشْعَةً على المَاءِ ثم دُحِيَتْ بَعْدُ أي: كانت الأرض لَيِّنَةً.
وقال النابغة: الطويل:
رَمَادٌ كَكُحْلِ العَيْنِ لأْيًا أُبَيِّنُهُ ** ونُؤْيٌ كَجِذْمِ الحَوْضِ أَثْلَمُ خَاشِعُ

أي: عليه أثر الذُّل.
وفرق بعضهم بين الخضوع والخشوع، فقال: الخضوع في البدن خاصّة، والخشوع في البَدَن والصّوت والبَصَرِ، فهو أعم منه. اهـ. باختصار.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

بصيرة في الخشع:
والخشوع والاختشاع: الخضوع.
وقيل: قريب من الخضوع.
وقيل: الخضوع في البدن والخشوع في الصوت والبصر.
والخشوع: السّكون والتذلُّل والضراعة والسّكوت.
وقيل: أَكثر ما يستعمل فيما يوجد في الجوارح، والضَّراعة أَكثر ما يُستعمل فيما يوجد في القلب.
ورُوى: إِذا ضَرَع القلبُ خشع الجوارح.
وقوله تعالى: {تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً} كناية عنها وتنبيها على تزعزُعها.
وقوله تعالى: {وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ} أَى خائفين منَّا.
وقوله: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} أَى المتواضعين.
وقوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ} أَى ذليلة.
وقوله: {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ} و{خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ} أَى مُطْرِقة في نظرها.
وقوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُواْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} قال ابن مسعود: ما كان بين إِسلامنا وبين أَن عاتبنا الله بهذه الآية إِلاَّ أَربع سنين.
وقال ابن عباس: إِن الله استبطأَ قلوبَ المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاثَ عشرة من نزول القرآن.
وقال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ} وقال تعالى: {وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَانِ} أَى سكنتْ وذلت وخضعت.
ورأَى النبي صلّى الله عليه وسلَّم رجلًا يَعْبَثُ بلحيته في الصّلاة فقال: «لو خشع قلب هذا الخشعت جوارحه» وكان بعض الصّحابة يقول: أعوذ بالله من خشوع النِّفاق فقيل: ما خشوع النفاق؟ فقال: أن يرى البدن خاشعًا والقلب غير خاشعٍ.
وقال حذيفة: أوّل ما تفقدون من دينكم الخشوعُ، ويوشك أَن تدخل مسجد الجماعة فلا ترى فيهم خاشعًا.
وقال سهل: مَنْ خشع قلبه لم يقرُبْ منه الشيطان.
قال عبد الله بن المعمار:
رقة في الجَنَان فيها حياءٌ ** فيهما هَيْبَةٌ وذاك خشوعُ

ليس حال ولا مقام وإِنْ فا ** ضَتْ عليه من العيونِ دموع

وقيل: الخشوع الاستسلام للحُكْمين، أَعنى الحكم الدّينىّ الشَّرعىّ فيكون معناه عدم معارضته برأى أو غيره، والحُكْم القَدَرِىّ وهو عدم تلقِّيه بالتسخُّط والكراهة والاعتراض؛ والاتِّضاعُ أعنى اتِّضاع القلب والجوارح وانكسارَها لنظر الرّبّ إِليها واطِّلاعِه على تفاصيل ما في القلب والجوارح.
فخوف العبد في هذا المقام يوجب خشوع القلب لا محالة.
وكلَّما كان أَشدّ استحضارًا له كان أَشدّ خشوعًا.
وإِنَّما يفارق القلبَ الخشوعُ إِذا غفل عن اطِّلاع الله تعالى ونظره إِليه.
وممّا يورث الخُشَوع ترقُّبُ آفات النفس والعمل، ورؤية فضل كلّ ذى فضل عليك، وتنسّم العناءِ، يعنى انتظار ظهور نقائص نفسك وعملك وعيوبها؛ فإِنَّه يجعل القلب خاشعًا لا محالة لمطالعة عيوب نفسه وأَعمالها ونقائِصها: من العجْب والكِبْر والرّياء وضعف الصّدق وقلَّة اليقين وتشتت النيّة وعدم إِيقاع العمل على الوجه الذي ترضاه لربّك وغير ذلك من عيوب النَّفس.
وأَمّا رؤية فضل كلِّ ذى فضل عليك فهو أَن تراعى حقوق النَّاس فتؤدّيها ولا ترى أَنَّ ما فعلوه معك من حقوقك عليهم فلا تعاوضهم عليها فإِنَّ ذلك من رعونات النَّفس وحماقاتها، ولا تطالبهم بحقوق نفسك فالعارف لا يرى له على أَحد حَقًّا، ولا يشهد له على عيره فضلًا.
فلذلك لا يعاقِب ولا يطالب ولا يضارب. اهـ.