فصل: باب اليمين في الضرب والقتل وغير ذلك

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب اليمين في الضرب والقتل وغير ذلك

مما يناسب أن يترجم بمسائل شتى من الغسل والكسوة‏.‏ الأصل هنا أن ‏(‏ما شارك الميت فيه الحي يقع اليمين فيه على الحالتين‏)‏ الموت والحياة ‏(‏وما اختص بحالة الحياة‏)‏ وهو كل فعل يلذ ويؤلم ويغم ويسر كشتم وتقبيل ‏(‏تقيد بها‏)‏ ثم فرع عليه‏.‏

‏(‏فلو قال إن ضربتك أو كسوتك أو كلمتك أو دخلت عليك أو قبلتك تقيد‏)‏ كل منها ‏(‏بالحياة‏)‏ حتى لو علق بها طلاقا أو عتقا لم يحنث بفعلها في ميت ‏(‏بخلاف الغسل والحمل واللمس وإلباس الثوب‏)‏ كحلفه لا يغسله أو لا يحمله لا يتقيد بالحياة‏.‏

‏(‏يحنث في حلفه‏)‏ ولو بالفارسية ‏(‏لا يضرب زوجته فمد شعرها أو خنقها أو عضها أو قرصها‏)‏ ولو ممازحا خلافا لما صححه في الخلاصة ‏(‏والقصد ليس بشرط فيه‏)‏ أي في الضرب ‏(‏وقيل شرط على الأظهر‏)‏ والأشبه بحر وبه جزم في الخانية والسراجية‏.‏ وأما الإيلام فشرط به يفتى ويكفي جمعها بشرط إصابة كل سوط، وأما قوله تعالى -‏:‏ ‏{‏وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث‏}‏ - أي حزمة ريحان فخصوصية لرحمة زوجة أيوب عليه الصلاة والسلام فتح‏.‏

‏(‏حلف ليضربن‏)‏ أو ليقتلن ‏(‏فلانا ألف مرة فهو على الكثرة‏)‏ والمبالغة كحلفه ليضربنه حتى يموت، أو حتى يقتله أو حتى يتركه لا حيا ولا ميتا، ولو قال حتى يغشى عليه أو حتى يستغيث أو يبكي فعلى الحقيقة ‏(‏إن لم أقتل زيدا فكذا وهو‏)‏ أي زيد ‏(‏ميت إن علم‏)‏ الحالف ‏(‏بموته حنث وإلا لا‏)‏ وقد قدمها عند ليصعدن السماء‏.‏

‏(‏حلف لا يقتل فلانا بالكوفة فضربه بالسواد ومات بها حنث‏)‏ كحلفه لا يقتله يوم الجمعة فجرحه يوم الخميس ومات يوم الجمعة حنث ‏(‏وبعكسه‏)‏ أي ضربه بكوفة وموته بالسواد ‏(‏لا‏)‏ يحنث لأن المعتبر زمان الموت ومكانه بشرط كون الضرب والجرح بعد اليمين ظهيرية وفيها إن لم تأتني حتى أضربك فهو على الإتيان ضربه أو لا‏.‏ إن رأيته لأضربنه فعلى التراخي ما لم ينو الفور‏.‏ إن رأيتك فلم أضربك فرآه الحالف وهو مريض لا يقدر على الضرب حنث‏.‏ إن لقيتك فلم أضربك فرآه من قدر ميل لم يحنث بحر‏.‏ ‏(‏الشهر وما فوقه‏)‏ ولو إلى الموت ‏(‏بعيد وما دونه قريب‏)‏ فيعتبر ذلك في ليقضين دينه أو لا يكلمه إلى بعيد أو إلى قريب ‏(‏و‏)‏ لفظ ‏(‏العاجل والسريع كالقريب والآجل كالبعيد‏)‏ وهذا بلا نية ‏(‏وإن نوى‏)‏ بقريب وبعيد ‏(‏مدة‏)‏ معينة ‏(‏فيهما فعلى ما نوى‏)‏ ويدين فيما فيه تخفيف عليه بحر‏.‏

‏(‏حلف لا يكلمه مليا أو طويلا إن نوى شيئا فذاك وإلا فعلى شهر ويوم‏)‏ كذا في البحر عن الظهيرية، وفي النهر عن السراج على شهر كذا وكذا يوما أحد عشر وبالواو أحد وعشرون وبضعة عشر ثلاثة عشر‏.‏

‏(‏يبر في حلفه ليقضين دينه اليوم لو قضاه نبهرجة‏)‏ ما يرده التجار ‏(‏وزيوفا‏)‏ ما يرده بيت المال ‏(‏أو مستحقة‏)‏ للغير ويعتق المكاتب بدفعها ‏(‏لا‏)‏ يبر ‏(‏لو قضاه رصاصا أو ستوقة‏)‏ وسطها غش لأنهما ليسا من جنس الدراهم، ولذا لو تجوز بهما في صرف وسلم لم يجز‏.‏ ونقل مسكين أن النبهرجة إذا غلب غشها لم يؤخذ‏.‏ وأما الستوقة فأخذها حرام لأنها نحاس انتهى‏.‏ وهذه إحدى المسائل الخمس التي جعلوا الزيوف فيها كالجياد

‏(‏يبر‏)‏ المديون ‏(‏في حلفه‏)‏ لرب الدين ‏(‏لأقضين مالك اليوم‏)‏ فجاء به فلم يجده ودفع للقاضي ولو في موضع لا قاضي له حنث به يفتى منية المفتي، وكذا يبر ‏(‏لو‏)‏ وجده ف ‏(‏أعطاه فلم يقبل فوضعه بحيث تناله يده لو أراد‏)‏ قبضه ‏(‏وإلا‏)‏ يكن كذلك ‏(‏لا‏)‏ يبر ظهيرية وفيها حلف ليجهدن في قضاء ما عليه لفلان باع ما للقاضي بيعه لو رفع الأمر إليه ‏(‏وكذا يبر بالبيع‏)‏ ونحوه مما تحصل المقاصة فيه ‏(‏به‏)‏ أي بالدين لأن الديون تقضى بأمثالها ‏(‏وهبة‏)‏ الدائن ‏(‏الدين منه‏)‏ أي من المديون ‏(‏ليس بقضاء‏)‏ لأن الهبة إسقاط لا مقاصة ‏(‏و‏)‏ حينئذ ف ‏(‏لا حنث لو كانت اليمين مؤقتة‏)‏ لعدم إمكان البر مع هبة الدين، وإمكان البر شرط البقاء ‏(‏كما‏)‏ هو شرط الابتداء كما مر في مسألة الكوز، وعليه ‏(‏لو حلف ليقضين دينه غدا فقضاه اليوم أو حلف ليقتلن فلانا غدا فمات اليوم أو‏)‏ حلف ‏(‏ليأكلن هذا الرغيف غدا فأكله اليوم‏)‏ لم يحنث زيلعي‏.‏

‏(‏حلف ليقضين دين فلان فأمر غيره بالأداء أو أحاله فقبض بر وإن قضى عنه متبرع لا‏)‏ يبر ظهيرية‏.‏ وفيها حلف لا يفارق غريمه حتى يستوفي فقعد بحيث يراه أو يحفظه فليس بمفارق ولو نام أو غفل أو شغله إنسان بالكلام أو منعه عن الملازمة حتى هرب غريمه لم يحنث، ولو حلف بطلاقها أن يعطيها كل يوم درهما فربما يدفع إليها عند الغروب أو عند العشاء، قال فإذا لم يخل يوما وليلة عن دفع درهم لم يحنث‏.‏

‏(‏حلف لا يقبض دينه‏)‏ من غريمه ‏(‏درهما دون درهم فقبض بعضه لا يحنث حتى يقبض كله‏)‏ قبضا ‏(‏متفرقا‏)‏ لوجود شرط الحنث وهو قبض الكل بصفة التفريق ‏(‏لا‏)‏ يحنث ‏(‏إذا قبضه بتفريق ضروري‏)‏ كأن يقبضه كله بوزنين لأنه لا يعد تفريقا عرفا ما دام في عمل الوزن‏.‏

‏(‏لا يأخذ ما له على فلان إلا جملة أو إلا جمعا فترك منه درهما ثم أخذ الباقي كيف شاء لا يحنث‏)‏ ظهيرية وهو الحيلة في عدم حنثه في المسألة الأولى ‏(‏كما لا يحنث من قال إن كان لي إلا مائة أو غير أو سوى‏)‏ مائة ‏(‏فكذا بملكها‏)‏ أي المائة ‏(‏أو بعضها‏)‏ لأن غرضه نفي الزيادة على المائة وحنث بالزيادة لو مما فيه الزكاة وإلا لا، حتى لو قال ‏(‏امرأته كذا إن كان له مال و له عروض‏)‏ وضياع ‏(‏ودور لغير التجارة لم يحنث‏)‏ خزانة أكمل‏.‏

‏(‏حلف لا يفعل كذا تركه على الأبد‏)‏ لأن الفعل يقتضي مصدرا منكرا والنكرة في النفي تعم ‏(‏فلو فعل‏)‏ المحلوف عليه ‏(‏مرة‏)‏ حنث و ‏(‏انحلت يمينه‏)‏ وما في شرح المجمع من عدمه سهو ‏(‏فلو فعله مرة أخرى لا يحنث‏)‏ إلا في كلما ‏(‏ولو قيدها بوقت‏)‏ كوالله لا أفعل اليوم ‏(‏فمضى‏)‏ اليوم قبل ‏(‏الفعل بر‏)‏ لوجد ترك الفعل في اليوم كله ‏(‏وكذا إن هلك الحالف والمحلوف عليه‏)‏ بر لتحقق العدم ولو جن الحالف في يومه حنث عندنا، خلافا لأحمد فتح‏.‏

‏(‏ولو حلف ليفعلنه بر بمرة‏)‏ لأن النكرة في الإثبات تخص والواحد هو المتيقن، ولو قيدها بوقت فمضى قبل الفعل حنث إن بقي الإمكان وإلا بأن وقع اليأس بموته أو بفوت المحل بطلت يمينه كما مر في مسألة الكوز زيلعي‏.‏

‏(‏حلفه وال ليعلمنه بكل داعر‏)‏ بمهملتين أي مفسد ‏(‏دخل البلدة تقيد‏)‏ حلفه ‏(‏بقيام ولايته‏)‏ بيان لكون اليمين المطلقة تصير مقيدة بدلالة الحال وينبغي تقييد يمينه بفور علمه وإذا سقطت لا تعود، ولو ترقى بلا عزل إلى منصب أعلى فاليمين باقية لزيادة تمكنه فتح ومن هذا الجنس مسائل منها ما ذكره بقوله ‏(‏كما لو حلف رب الدين غريمه أو الكفيل بأمر المكفول عنه أن لا يخرج من البلد إلا بإذنه تقيد بالخروج حال قيام الدين والكفالة‏)‏ لأن الإذن إنما يصح ممن له ولاية المنع وولاية المنع حال قيامه ‏(‏و‏)‏ منها ‏(‏لو حلف لا تخرج امرأته إلا بإذنه تقيد بحال قيام الزوجية‏)‏ بخلاف لا تخرج امرأته من الدار لعدم دلالة التقييد زيلعي‏.‏

‏(‏حلف ليهبن فلانا فوهبه له فلم يقبل بر‏)‏ وكذا كل عقد تبرع كعارية ووصية وإقرار ‏(‏بخلاف البيع‏)‏ ونحوه حيث لا يبر بلا قبول وكذا في طرف النفي والأصل أن عقود التبرعات بإزاء الإيجاب فقط والمعاوضات بإزاء الإيجاب والقبول معا ‏(‏وحضرة الموهوب له شرط في الحنث‏)‏ فلو وهب الحالف لغائب لم يحنث اتفاقا ابن مالك فليحفظ‏.‏

‏(‏لا يحنث في حلفه لا يشم ريحانا بشم ورد وياسمين‏)‏ والمعول عليه العرف فتح ‏(‏و‏)‏ يمين ‏(‏الشم تقع على‏)‏ الشم ‏(‏المقصود فلا يحنث لو حلف لا يشم طيبا فوجد ريحه وإن دخلت الرائحة إلى دماغه‏)‏ فتح ‏(‏ويحنث في حلفه لا يشتري بنفسجا أو وردا بشراء ورقهما لا دهنهما‏)‏ للعرف‏.‏

‏(‏حلف لا يتزوج فزوجه فضولي فأجاز بالقول حنث وبالفعل‏)‏ ومنه الكتابة خلافا لابن سماعة ‏(‏لا‏)‏ يحنث به يفتى خانية ‏(‏ولو زوجه فضولي ثم حلف لا يتزوج لا يحنث بالقول أيضا‏)‏ اتفاقا لاستنادها لوقت العقد

‏(‏كل امرأة تدخل في نكاحي‏)‏ أو تصير حلالا لي ‏(‏فكذا فأجاز نكاح فضولي بالفعل لا يحنث‏)‏ بخلاف كل عبد يدخل في ملكي فهو حر فأجازه بالفعل حنث اتفاقا لكثرة أسباب الملك عمادية‏.‏ وفيها‏:‏ حلف لا يطلق فأجاز طلاق فضولي قولا أو فعلا فهو كالنكاح غير أن سوق المهر ليس بإجازة لوجوبه قبل الطلاق‏.‏ قال لامرأة الغير‏:‏ إن دخلت دار فلان فأنت طالق فأجاز الزوج فدخلت طلقت ‏(‏ومثله‏)‏ في عدم حنثه بإجازته فعلا ما يكتبه الموثقون في التعاليق من نحو قوله ‏(‏إن تزوجت امرأة بنفسي أو بوكيلي أو بفضولي‏)‏ أو دخلت في نكاحي بوجه ما تكن زوجته طالقا لأن قوله أو بفضولي إلى آخره عطف على قوله بنفسي وعامله تزوجت وهو خاص بالقول وإنما ينسد باب الفضولي لو زاد أو أجزت نكاح فضولي ولو بالفعل فلا مخلص له إلا إذا كان المعلق طلاق المزوجة فيرفع الأمر إلى شافعي ليفسخ اليمين المضافة وقدمنا في التعاليق أن الإفتاء كاف في ذلك بحر‏.‏

‏(‏حلف لا يدخل دار فلان انتظم المملوكة والمستأجرة والمستعارة‏)‏ لأن المراد بها المسكن عرفا ولا بد أن تكون سكناه لا بطريق التبعية فلو حلف لا يدخل دار فلانة فدخل دارها وزوجها ساكن بها لم يحنث لأن الدار إنما تنسب إلى الساكن وهو الزوج نهر عن الواقعات‏.‏

‏(‏لا يحنث في حلفه أنه لا مال له وله دين على مفلس‏)‏ بتشديد اللام أي محكوم بإفلاسه ‏(‏أو‏)‏ على ‏(‏مليء‏)‏ غني لأن الدين ليس بمال بل وصف في الذمة لا يتصور قبضه حقيقة‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

قال لغيره‏:‏ والله لتفعلن كذا فهو حالف، فإن لم يفعله المخاطب حنث ما لم ينو الاستحلاف‏.‏ قال لغيره‏:‏ أقسمت عليك بالله أو لم يقل عليك لتفعلن كذا فالحالف هو المبتدئ ما لم ينو الاستفهام، ولو قال عليك عهد الله إن فعلت كذا فقال‏:‏ نعم فالحالف المجيب‏.‏

لا يدخل فلان داره فيمينه على النهي إن لم يملك منعه وإلا فعلى النهي والمنع جميعا‏.‏

آجر داره ثم حلف أنه لا يتركه فيها بر بقوله اخرج‏.‏

لا يدع ما له اليوم على غريمه فقدمه للقاضي وحلفه بر‏.‏

قيل له إن كنت فعلت كذا فامرأتك طالق فقال نعم وقد كان فعل طلقت‏.‏

وفي الأشباه‏:‏ القاعدة الحادية عشر السؤال معاد في الجواب قال‏:‏ امرأة زيد طالق أو عبده حر أو عليه المشي لبيت الله إن فعل كذا وقال زيد نعم كان حالفا إلى آخره‏.‏ ادعى عليه فحلف بالطلاق ما له عليه شيء فبرهن بمال حنث به يفتى‏.‏

حلف أن فلانا ثقيل وهو عند الناس غير ثقيل وعنده ثقيل لم يحنث إلا أن ينوي ما عند الناس‏.‏

لا يعمل معه في القصارة مثلا فعمل مع شريكه حنث ومع عبده المأذون لا‏.‏

لا يزرع أرض فلان فزرع أرضا بينه وبين غيره حنث لأن نصف الأرض تسمى أرضا، بخلاف لا أدخل دار فلان فدخل المشتركة إذا لم يكن ساكنا، والله سبحانه أعلم‏.‏

‏:‏ «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين» ‏(‏حديث شريف‏)‏‏.‏

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الحدود

‏(‏الحد‏)‏ لغة المنع‏.‏ وشرعا ‏(‏عقوبة مقدرة وجبت حقا لله تعالى‏)‏ زجرا، فلا تجوز الشفاعة فيه بعد الوصول للحاكم، وليس مطهرا عندنا بل المطهر التوبة‏.‏ وأجمعوا أنها لا تسقط الحد في الدنيا ‏(‏فلا تعزير‏)‏ حد لعدم تقديره ‏(‏ولا قصاص حد‏)‏ لأنه حق المولى‏.‏

والزنا الموجب للحد ‏(‏وطء‏)‏ وهو إدخال قدر حشفة من ذكر ‏(‏مكلف‏)‏ خرج الصبي والمعتوه ‏(‏ناطق‏)‏ خرج وطء الأخرس، فلا حد عليه مطلقا للشبهة‏.‏ وأما الأعمى فيحد للزنا بالإقرار لا بالبرهان شرح وهبانية ‏(‏طائع في قبل مشتهاة‏)‏ حالا أو ماضيا خرج المكره والدبر ونحو الصغيرة ‏(‏خال عن ملكه‏)‏ أي ملك الواطئ ‏(‏وشبهته‏)‏ أي في المحل لا في الفعل، ذكره ابن الكمال؛ وزاد الكمال ‏(‏في دار الإسلام‏)‏ لأنه لا حد بالزنا في دار الحرب ‏(‏أو تمكينه من ذلك‏)‏ بأن استلقى فقعدت على ذكره فإنهما يحدان لوجود التمكين ‏(‏أو تمكينها‏)‏ فإن فعلها ليس وطئا بل تمكين فتم التعريف، وزاد في المحيط‏:‏ العلم بالتحريم، فلو لم يعلم لم يحد للشبهة‏.‏ ورده في فتح القدير بحرمته في كل ملة‏.‏

‏(‏ويثبت بشهادة أربعة‏)‏ رجال ‏(‏في مجلس واحد‏)‏ فلو جاءوا متفرقين حدوا ‏(‏ب‏)‏ لفظ ‏(‏الزنا لا‏)‏ مجرد لفظ ‏(‏الوطء والجماع‏)‏ وظاهر الدرر أن ما يفيد معنى الزنا يقوم مقامه ‏(‏ولو‏)‏ كان ‏(‏الزوج أحدهم إذا لم يكن‏)‏ الزوج ‏(‏قذفها‏)‏ ولم يشهد بزناها بولده للتهمة لأنه يدفع اللعان عن نفسه في الأولى ويسقط نصف المهر لو قبل الدخول أو نفقة العدة لو بعده في الثانية ظهيرية ‏(‏فيسألهم الإمام عنه ما هو‏)‏ أي عن ذاته وهو الإيلاج عيني ‏(‏وكيف هو وأين هو ومتى زنى وبمن زنى‏)‏ لجواز كونه مكرها أو بدار الحرب أو في صباه أو بأمة ابنه، فيستقصي القاضي احتيالا للدرء ‏(‏فإن بينوه وقالوا رأيناه وطئها في فرجها كالميل في المكحلة‏)‏ هو زيادة بيان احتيالا للدرء ‏(‏وعدلوا سرا وعلنا‏)‏ إذا لم يعلم بحالهم ‏(‏حكم به‏)‏ وجوبا، وترك الشهادة به أولى ما لم يكن متهتكا فالشهادة أولى نهر‏.‏

‏(‏ويثبت‏)‏ أيضا ‏(‏بإقراره‏)‏ صريحا صاحيا، ولم يكذبه الآخر، ولا ظهر كذبه بجبه أو رتقها، ولا أقر بزناه بخرساء أو هي بأخرس لجواز إبداء ما يسقط الحد؛ ولو أقر به أو بسرقة في حال سكره لا حد؛ ولو سرق أو زنى حد لأن الإنشاء لا يحتمل التكذيب والإقرار يحتمله نهر ‏(‏أربعا في مجالسه‏)‏ أي المقر ‏(‏الأربعة كلما أقر رده‏)‏ بحيث لا يراه ‏(‏وسأله كما مر‏)‏ حتى عن المزني بها لجواز بيانه بأمة ابنه نهر ‏(‏فإن بينه‏)‏ كما يحق ‏(‏حد‏)‏ فلا يثبت بعلم القاضي ولا بالبينة على الإقرار؛ ولو قضى بالبينة فأقر مرة لم يحد عند الثاني وهو الأصح؛ ولو أقر أربعا بطلت الشهادة إجماعا سراج‏.‏

‏(‏ويخلى سبيله إن رجع عن إقراره قبل الحد أو في وسطه ولو‏)‏ رجوعه ‏(‏بالفعل كهروبه‏)‏ بخلاف الشهادة ‏(‏وإنكار الإقرار رجوع كما أن إنكار الردة توبة‏)‏ كما سيجيء ‏(‏وكذا يصح الرجوع عن الإقرار بالإحصان‏)‏ لأنه لما صار شرطا للحد صار حقا لله تعالى، فصح الرجوع عنه لعدم المكذب بحر ‏(‏و‏)‏ كذا عن ‏(‏سائر الحدود الخالصة‏)‏ لله كحد شرب وسرقة وإن ضمن المال‏.‏

‏(‏وندب تلقينه‏)‏ الرجوع ب ‏(‏لعلك قبلت أو لمست أو وطئت بشبهة‏)‏ لحديث ماعز‏.‏

‏(‏ادعى الزاني أنها زوجته سقط الحد عنه وإن‏)‏ كانت ‏(‏زوجة للغير‏)‏ بلا بينة

‏(‏ولو تزوجها بعده‏)‏ أي بعد زناه ‏(‏أو اشتراها لا‏)‏ يسقط في الأصح لعدم الشبهة وقت الفعل بحر‏.‏

‏(‏ويرجم محصن في فضاء حتى يموت‏)‏ ويصطفون كصفوف الصلاة لرجمه، كلما رجم قوم تنحوا ورجم آخرون‏.‏

‏(‏فلو قتله شخص أو فقأ عينه بعد القضاء به فهدر‏)‏ وينبغي أن يعذر لافتياته على الإمام نهر ‏(‏و‏)‏ لو ‏(‏قبله‏)‏ أي قبل القضاء به ‏(‏يجب القصاص في العمد والدية في الخطإ‏)‏ لأن الشهادة قبل الحكم بها لا حكم لها‏.‏

‏(‏والشرط بداءة الشهود به‏)‏ ولو بحصاة صغيرة إلا لعذر كمرض فيرجم القاضي بحضرتهم ‏(‏فإن أبوا أو ماتوا أو غابوا‏)‏ أو قطعوا بعد الشهادة ‏(‏أو بعضهم سقط‏)‏ الرجم لفوات الشرط، ولا يحدون في الأصح ‏(‏كما لو خرج بعضهم عن الأهلية‏)‏ للشهادة ‏(‏بفسق أو عمى أو خرس‏)‏ أو قذف ولو بعد القضاء لأن الإمضاء من القضاء في الحدود وهذا لو محصنا، أما غيره فيحد في الموت والغيبة كما في الحاكم ‏(‏ثم الإمام‏)‏ هذا ليس حتما كيف وحضوره ليس بلازم قاله ابن الكمال، وما نقله المصنف عن الكمال رده في النهر ‏(‏ثم الناس‏)‏ أفاد في النهر أن حضورهم ليس بشرط فرميهم كذلك فلو امتنعوا لم يسقط‏.‏ ‏(‏ويبدأ الإمام لو مقرا‏)‏ مقتضاه أنه لو امتنع لم يحل للقوم رجمه وإن أمرهم لفوت شرطه فتح، لكن سيجيء أنه لو قال قاضي عدل قضيت على هذا بالرجم وسعك رجمه وإن لم تعاين الحجة‏.‏ ويكره للمحرم الرجم وإن فعل لا يحرم الميراث

‏(‏وغسل وكفن وصلي عليه‏)‏ وصح‏:‏ «أنه عليه الصلاة والسلام صلى على الغامدية»‏.‏

‏(‏وغير المحصن يجلد مائة إن حرا، ونصفها للعبد‏)‏ بدلالة النص، والمراد بالمحصنات في الآية الحرائر ذكره البيضاوي وغيره‏.‏ وذكره الزيلعي أنه غلب الإناث على الذكور لكنه عكس القاعدة‏.‏ ‏(‏و‏)‏ العبد ‏(‏لا يحده سيده بغير إذن الإمام‏)‏ ولو فعله هل يكفي‏؟‏ الظاهر لا، لقولهم ركنه إقامة الإمام نهر ‏(‏بسوط لا عقدة له‏)‏‏.‏ في الصحاح‏:‏ ثمرة السوط عقدة أطرافه ‏(‏متوسطا‏)‏ بين الجارح وغير المؤلم ‏(‏ونزع ثيابه خلا إزار‏)‏ ليستر عورته ‏(‏وفرق‏)‏ جلده ‏(‏على بدنه خلا رأسه ووجهه وفرجه‏)‏ قيل وصدره وبطنه؛ ولو جلده في يوم خمسين متوالية ومثلها في اليوم الثاني أجزأه على الأصح جوهرة ‏(‏و‏)‏ قال علي رضي الله تعالى عنه ‏(‏يضرب الرجل قائما‏)‏ والمرأة قاعدة ‏(‏في الحدود‏)‏ والتعازير ‏(‏غير ممدود‏)‏ على الأرض كما يفعل في زماننا فإنه لا يجوز نهر وكذا لا يمد السوط لأن المشترك في النفي يعم ابن كمال ‏(‏ولا تنزع ثيابها إلا الفرو والحشو، وتضرب جالسة‏)‏ لما روينا ‏(‏ويحفر لها‏)‏ إلى صدرها ‏(‏في الرجم‏)‏ وجاز تركه لسترها بثيابها و ‏(‏لا‏)‏ يجوز الحفر ‏(‏له‏)‏ ذكره الشمني ولا يربط ولا يمسك ولو هرب، فإن مقرا لا يتبع وإلا اتبع حتى يموت كما مر

‏(‏ولا جمع بين جلد ورجم‏)‏ في المحصن ‏(‏ولا بين جلد ونفي‏)‏ أي تغريب في البكر، وفسره في النهاية بالحبس وهو أحسن وأسكن للفتنة من التغريب لأنه يعود على موضوعه بالنقض ‏(‏إلا سياسة وتعزيرا‏)‏ فيفوض للإمام وكذا في كل جناية نهر

‏(‏ويرجم مريض زنى ولا يجلد‏)‏ حتى يبرأ إلا أن يقع اليأس من برئه فيقام عليه بحر‏.‏

‏(‏ويقام على الحامل بعد وضعها‏)‏ لا قبله أصلا بل تحبس لو زناها ببينة ‏(‏فإن كان حدها الرجم رجمت حين وضعت‏)‏ إلا إذا لم يكن للمولود من يربيه فحتى يستغني، ولو ادعت الحبل يراها النساء، فإن قلن نعم حبسها سنتين ثم رجمها اختيار ‏(‏وإن كان الجلد فبعد النفاس‏)‏ لأنه مرض‏:‏

‏(‏و‏)‏ شرائط ‏(‏إحصان الرجم‏)‏ سبعة ‏(‏الحرية والتكليف‏)‏ عقل وبلوغ ‏(‏والإسلام والوطء‏)‏ وكونه ‏(‏بنكاح صحيح‏)‏ حال الدخول ‏(‏و‏)‏ كونهما ‏(‏بصفة الإحصان‏)‏ المذكورة وقت الوطء، فإحصان كل منهما شرط لصيرورة الآخر محصنا، فلو نكح أمة أو الحرة عبدا فلا إحصان إلا أن يطأها بعد العتق فيحصل الإحصان به لا بما قبله، حتى لو زنى ذمي بمسلمة ثم أسلم لا يرجم بل يجلد‏.‏ وبقي شرط آخر ذكره ابن كمال، وهو أن لا يبطل إحصانهما بالارتداد، فلو ارتدا ثم أسلما لم يعد إلا بالدخول بعده، ولو بطل بجنون أو عته عاد بالإفاقة، وقيل بالوطء بعده ‏(‏و‏)‏ اعلم أنه ‏(‏لا يجب بقاء النكاح لبقائه‏)‏ أي الإحصان؛ فلو نكح في عمره مرة ثم طلق وبقي مجردا وزنى رجم، ونظم بعضهم الشروط فقال‏:‏ شروط الإحصان أتت ستة فخذها عن النص مستفهما بلوغ وعقل وحرية ورابعها كونه مسلما وعقد صحيح ووطء مباح متى اختل شرط فلا يرجما‏.‏

باب الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه

لقيام الشبهة لحديث‏:‏ «ادرءوا الحدود بالشبهات ما استطعتم»‏.‏ ‏(‏الشبهة ما يشبه‏)‏ الشيء ‏(‏الثابت وليس بثابت‏)‏ في نفس الأمر ‏(‏وهي ثلاثة أنواع‏:‏ شبهة‏)‏ حكمية ‏(‏في المحل وشبهة‏)‏ اشتباه ‏(‏في الفعل، وشبهة في العقد‏)‏ والتحقيق دخول هذه في الأوليين وسنحققه ‏(‏فإن ادعاها‏)‏ أي الشبهة ‏(‏وبرهن قبل‏)‏ برهانه ‏(‏وسقط الحد وكذا يسقط‏)‏ أيضا ‏(‏بمجرد دعواها إلا في‏)‏ دعوى ‏(‏لإكراه‏)‏ خاصة ‏(‏فلا بد من البرهان‏)‏ لأنه دعوى بفعل الغير فيلزم ثبوته بحر

‏(‏لا حد‏)‏ بلازم ‏(‏بشبهة المحل‏)‏ أي الملك وتسمى شبهة حكمية أي الثابت حكم الشرع بحله ‏(‏وإن ظن حرمته كوطء أمة ولده وولد ولده‏)‏ وإن سفل ولو ولده حيا فتح، لحديث‏:‏ «أنت ومالك لأبيك» ‏(‏ومعتدة الكنايات‏)‏ ولو خلعا خلا عن مال وإن نوى بها ثلاثا نهر؛ لقول عمر رضي الله عنه‏:‏ الكنايات رواجع ‏(‏و‏)‏ وطء ‏(‏البائع‏)‏ الأمة ‏(‏المبيعة والزوج‏)‏ الأمة ‏(‏الممهورة قبل تسليمها‏)‏ لمشتر وزوجة وكذا بعده في الفاسد ‏(‏ووطء الشريك‏)‏ أي أحد الشريكين ‏(‏الجارية المشتركة و‏)‏ وطء ‏(‏جارية مكاتبه وعبده المأذون له وعليه دين محيط بماله ورقبته‏)‏ زيلعي ‏(‏ووطء جارية من الغنيمة بعد الإحراز‏)‏ بدارنا ‏(‏أو قبله‏)‏ ووطء جاريته قبل الاستبراء، والتي فيها خيار للمشتري، والتي هي أخته رضاعا وزوجة حرمت بردتها أو مطاوعتها لابنه أو جماعه لأمها أو بنتها لأن من الأئمة من لم يحرم به غير ذلك كما لا يخفى على المتتبع، فدعوى الحصر في ستة مواضع ممنوعة‏.‏

‏(‏و‏)‏ لا حد أيضا ‏(‏بشبهة الفعل‏)‏ وتسمى شبهة اشتباه‏:‏ أي شبهة في حق من حصل له اشتباه ‏(‏وإن ظن حله‏)‏ العبرة لدعوى الظن وإن لم يحصل له الظن؛ ولو ادعاه أحدهما فقط لم يحدا حتى يقرا جميعا بعلمهما بالحرمة نهر ‏(‏كوطء أمة أبويه‏)‏ وإن عليا شمني ‏(‏ومعتدة الثلاث‏)‏ ولو جملة ‏(‏وأمة امرأته وأمة سيده‏)‏ ووطء ‏(‏المرتهن‏)‏ الأمة ‏(‏المرهونة‏)‏ في رواية كتاب الحدود، وهو المختار زيلعي‏.‏ وفي الهداية‏:‏ المستعير للرهن كالمرتهن وسيجيء حكم المستأجرة والمغصوبة، وينبغي أن الموقوفة عليه كالمرهونة نهر ‏(‏و‏)‏ معتدة ‏(‏الطلاق على مال‏)‏ وكذا المختلعة على الصحيح بدائع ومعتدة ‏(‏الإعتاق و‏)‏ الحال أنها ‏(‏هي أم ولده، و‏)‏ الواطئ ‏(‏إن ادعى النسب يثبت في الأولى‏)‏ شبهة المحل ‏(‏لا في الثانية‏)‏ أي شبهة الفعل لتمحضه زنا ‏(‏إلا في المطلقة ثلاثا بشرطه‏)‏ بأن تلد لأقل من سنتين لا لأكثر إلا بدعوة كما مر في بابه، وكذا المختلعة والمطلقة بعوض بالأولى نهاية ‏(‏و‏)‏ إلا ‏(‏في وطء امرأة زفت‏)‏ إليه ‏(‏وقال النساء هي زوجتك ولم تكن كذلك‏)‏ معتمدا خبرهن فيثبت نسبه بالدعوة بحر‏.‏

‏(‏و‏)‏ لا حد أيضا ‏(‏بشبهة العقد‏)‏ أي عقد النكاح ‏(‏عنده‏)‏ أي الإمام ‏(‏كوطء محرم نكحها‏)‏ وقالا إن علم الحرمة حد وعليه الفتوى خلاصة، لكن المرجح في جميع الشروح قول الإمام فكان الفتوى عليه أولى قاله قاسم في تصحيحه، لكن في القهستاني عن المضمرات على قولهما الفتوى، وحرر في الفتح أنها من شبهة المحل وفيها يثبت النسب كما مر ‏(‏أو‏)‏ وطء في ‏(‏نكاح بغير شهود‏)‏ لا حد لشبهة العقد‏.‏ وفي المجتبى‏:‏ تزوج بمحرمة أو منكوحة الغير أو معتدته ووطئها ظانا الحل لا يحد ويعزر وإن ظانا الحرمة فكذلك عنده خلافا لهما‏.‏ فظهر أن تقسيمها ثلاثة أقسام‏:‏ قول الإمام

‏(‏وحد بوطء أمة أخيه وعمه‏)‏ وسائر محارمه سوى الولاد لعدم البسوطة

‏(‏و‏)‏ بوطء ‏(‏امرأة وجدت على فراشه‏)‏ فظنها زوجته ‏(‏ولو هو أعمى‏)‏ لتمييزه بالسؤال إلا إذا دعاها فأجابته قائلة أنا زوجتك أو أنا فلانة باسم زوجته فواقعها لأن الإخبار دليل شرعي، حتى لو أجابته بالفعل أو بنعم حد

‏(‏وذمية‏)‏ عطف على ضمير حد وجاز للفصل ‏(‏زنى بها حربي‏)‏ مستأمن ‏(‏و‏)‏ حد ذمي زنى بحربية مستأمنة ‏(‏لا‏)‏ يحد الحربي في الأولى ‏(‏والحربية‏)‏ في الثانية والأصل عند الإمام الحدود كلها لا تقام على مستأمن إلا حد القذف‏.‏

‏(‏و‏)‏ لا يحد بوطء ‏(‏بهيمة‏)‏ بل يعزر وتذبح ثم تحرق، ويكره الانتفاع بها حية وميتة مجتبى‏.‏ وفي النهر‏:‏ الظاهر أنه يطالب ندبا لقولهم تضمن بالقيمة

‏(‏و‏)‏ لا يحد ‏(‏بوطء أجنبية زفت إليه، وقيل‏)‏ خبر الواحد كاف في كل ما يعمل فيه بقول النساء بحر ‏(‏هي عرسك وعليه مهرها‏)‏ بذلك قضى عمر رضي الله عنه وبالعدة

‏(‏أو‏)‏ بوطء ‏(‏دبر‏)‏ وقالا‏:‏ إن فعل في الأجانب حد‏.‏ وإن في عبده أو أمته أو زوجته فلا حد إجماعا بل يعزر‏.‏ قال في الدرر بنحو الإحراق بالنار وهدم الجدار والتنكيس من محل مرتفع باتباع الأحجار‏.‏ وفي الحاوي والجلد أصح وفي الفتح يعزر ويسجن حتى يموت أو يتوب؛ ولو اعتاد اللواطة قتله الإمام سياسة‏.‏ قلت‏:‏ وفي النهر معزيا للبحر‏:‏ التقييد بالإمام يفهم أن القاضي ليس له الحكم بالسياسة‏.‏

‏[‏فرع في الاستمناء‏]‏

في الجوهرة‏:‏ الاستمناء حرام، وفيه التعزير‏.‏ ولو مكن امرأته أو أمته من العبث بذكره فأنزل كره ولا شيء عليه‏.‏

‏(‏ولا تكون‏)‏ اللواطة ‏(‏في الجنة على الصحيح‏)‏ لأنه تعالى استقبحها وسماها خبيثة، والجنة منزهة عنها فتح‏.‏ وفي الاشتباه‏:‏ حرمتها عقلية فلا وجود لها في الجنة‏.‏ وقيل سمعية فتوجد‏.‏ وقيل يخلق الله تعالى طائفة نصفهم الأعلى كالذكور والأسفل كالإناث‏.‏ والصحيح الأول‏.‏ وفي البحر حرمتها أشد من الزنا لحرمتها عقلا وشرعا وطبعا، والزنا ليس بحرام طبعا، وتزول حرمته بتزوج وشراء بخلافها، وعدم الحد عنده لا لخفتها بل للتغليظ لأنه مطهر على قول‏.‏ وفي المجتبى‏:‏ يكفر مستحلها عند الجمهور

‏(‏أو زنى في دار الحرب أو البغي‏)‏ إلا إذا زنى في عسكر لأميره ولاية الإقامة هداية‏.‏

‏(‏ولا‏)‏ حد ‏(‏بزنا غير مكلف بمكلفة مطلقا‏)‏ لا عليه ولا عليها ‏(‏وفي عكسه حد‏)‏ فقط‏.‏

‏(‏ولا‏)‏ حد ‏(‏بالزنا بالمستأجرة له‏)‏ أي للزنا‏.‏ والحق وجوب الحد كالمستأجرة للخدمة فتح ‏(‏ولا بالزنا بإكراه‏)‏

‏(‏و‏)‏ لا ‏(‏بإقرار إن أنكر الآخر‏)‏ للشبهة، وكذا لو قال اشتريتها ولو حرة مجتبى‏.‏

‏(‏وفي قتل أمة بزناها الحد‏)‏ بالزنا والقيمة بالقتل، ولو أذهب عينها لزمه قيمتها وسقط الحد لتملكه الجثة العمياء فأورث شبهة هداية، وتفصيل ما لو أفضاها في الشرح‏.‏

‏(‏ولو غصبها ثم زنى بها ثم ضمن قيمتها فلا حد عليه‏)‏ اتفاقا ‏(‏بخلاف ما لو زنى بها‏)‏ ثم غصبها ثم ضمن قيمتها كما لو زنى بحرة ثم نكحها لا يسقط الحد اتفاقا فتح‏.‏

‏(‏والخليفة‏)‏ الذي لا والي فوقه ‏(‏يؤخذ بالقصاص والأموال‏)‏ لأنهما من حقوق العباد، فيستوفيه ولي الحق إما بتمكينه أو بمنعة المسلمين، وبه علم أن القضاء ليس بشرط لاستيفاء القصاص والأموال بل للتمكين فتح ‏(‏ولا يحد‏)‏ ولو قذف لغلبة حق الله تعالى وإقامته إليه ولا ولاية لأحد عليه ‏(‏بخلاف أمير البلدة‏)‏ فإنه يحد بأمر الإمام، والله أعلم‏.‏

باب الشهادة على الزنا والرجوع عنها

‏(‏شهدوا بحد متقادم بلا عذر‏)‏ كمرض أو بعد مسافة أو خوف أو خوف طريق ‏(‏لم تقبل‏)‏ للتهمة ‏(‏إلا في حد القذف‏)‏ إذ فيه حق العبد ‏(‏ويضمن المال المسروق‏)‏ لأنه حق العبد فلا يسقط بالتقادم ‏(‏ولو أقر به‏)‏ أي بالحد ‏(‏مع التقادم حد‏)‏ لانتفاء التهمة ‏(‏إلا في الشرب‏)‏ كما سيجيء ‏(‏وتقادمه بزوال الريح، ولغيره بمضي شهر‏)‏ هو الأصح‏.‏

‏(‏ولو شهدوا بزنا متقادم حد الشهود عند البعض، وقيل لا‏)‏ كذا في الخانية‏.‏

‏(‏شهدوا على زناه بغائبة حد، ولو على سرقة من غائب لا‏)‏ لشرطية الدعوى في السرقة دون الزنا‏.‏

‏(‏أقر بالزنا بمجهولة حد، وإن شهدوا عليه بذلك لا‏)‏ لاحتمال أنها امرأته أو أمته ‏(‏لاختلافهم في طوعها أو في البلد؛ ولو‏)‏ كان ‏(‏على كل زنا أربعة‏)‏ لكذب أحد الفريقين، يعني إن ذكروا وقتا واحدا وتباعد المكانان وإلا قبلت فتح ‏(‏لو اختلفوا في‏)‏ زاويتي ‏(‏بيت واحد صغير جدا‏)‏ أي الرجل والمرأة استحسانا لإمكان التوفيق‏.‏

‏(‏ولو شهدوا على زناها و‏)‏ لكن ‏(‏هي بكر‏)‏ أو رتقاء أو قرناء ‏(‏أو هم فسقة أو شهدوا على شهادة أربعة وإن‏)‏ وصلية ‏(‏شهد الأصول‏)‏ بعد ذلك ‏(‏لم يحد أحد‏)‏ وكذا لو شهدوا على زناه فوجد مجبوبا‏.‏

‏(‏ولو شهدوا بالزنا و‏)‏ لكن ‏(‏هم عميان أو محدودون في قذف أو ثلاثة أو أحدهم محدود أو عبد أو وجد أحدهم كذلك بعد إقامة الحد حدوا‏)‏ للقذف إن طلبه المقذوف ‏(‏وأرش جلده‏)‏ وإن مات منه ‏(‏هدر‏)‏ خلافا لها ‏(‏ودية رجمه في بيت المال اتفاقا‏)‏ ويحد من رجع من الأربعة ‏(‏بعد الرجم فقط‏)‏ لانقلاب شهادته بالرجوع قذفا ‏(‏وغرم ربع الدية و‏)‏ إن رجع ‏(‏قبله‏)‏ أي الرجم ‏(‏حدوا‏)‏ للقذف ‏(‏ولا رجم‏)‏ لأن الإمضاء من القضاء في باب الحدود‏.‏

‏(‏ولا شيء على خامس‏)‏ رجع بعد الرجم ‏(‏فإن رجع آخر حدا وغرما ربع الدية‏)‏ ولو رجع الثالث ضمن الربع، ولو رجع الخمسة ضمنوها أخماسا حاوي‏.‏

‏(‏وضمن المزكي دية المرجوم إن ظهروا‏)‏ غير أهل للشهادة ‏(‏عبيدا أو كفارا‏)‏ وهذا إذا أخبر المزكي بحرية الشهود وإسلامهم ثم رجع قائلا تعمدت الكذب وإلا فالدية في بيت المال اتفاقا ولا يحدون للقذف لأنه لا يورث بحر ‏(‏كما لو قتل من أمر برجمه‏)‏ بعد التزكية ‏(‏فظهروا كذلك غير أهل‏)‏ فإن القاتل يضمن الدية استحسانا لشبهة صحة القضاء، فلو قتله قبل الأمر أو بعده قبل التزكية اقتص منه كما يقتص المقضي بقتله قصاصا ظهر الشهود عبيدا أو لا لأن الاستيفاء للولي زيلعي من الردة

‏(‏وإن رجم ولم يزك‏)‏ الشهود ‏(‏فوجدوا عبيدا فديته في بيت المال‏)‏ لامتثاله أمر الإمام فنقل فعله إليه

‏(‏وإن قال شهود الزنا تعمدت النظر قبلت‏)‏ لإباحته لتحمل الشهادة ‏(‏إلا إذا قالوا‏)‏ تعمدناه ‏(‏للتلذذ فلا‏)‏ تقبل لفسقهم فتح

‏(‏وإن أنكر الإحصان فشهد عليه رجل وامرأتان أو ولدت زوجته منه‏)‏ قبل الزنا نهر ‏(‏رجم‏.‏ ولو خلا بها ثم طلقها وقال وطئتها وأنكرت فهو محصن‏)‏ بإقراره ‏(‏دونها‏)‏ لما تقرر أن الإقرار حجة قاصرة ‏(‏كما لو قالت بعد الطلاق كنت نصرانية وقال كانت مسلمة‏)‏ فيرجم المحصن ويجلد غيره، وبه استغني عما يوجد في بعض نسخ المتن من قوله ‏(‏إذا كان أحد الزانيين محصنا يحد كل واحد منهما حده‏)‏ فتأمل‏.‏

‏(‏تزوج بلا ولي فدخل بها لا يكون محصنا عند الثاني‏)‏ لشبهة الخلاف نهر، والله أعلم‏.‏

باب حد الشرب المحرم

‏(‏يحد مسلم‏)‏ فلو ارتد فسكر فأسلم لا يحد لأنه لا يقام على الكفار ظهيرية، لكن في منية المفتي‏:‏ سكر الذمي من الحرام حد في الأصح لحرمة السكر في كل ملة ‏(‏ناطق‏)‏ فلا يحد أخرس للشبهة ‏(‏مكلف‏)‏ طائع غير مضطر ‏(‏شرب الخمر ولو قطرة‏)‏ بلا قيد سكر ‏(‏أو سكر من نبيذ‏)‏ ما به يفتى ‏(‏طوعا‏)‏ عالما بالحرمة حقيقة أو حكما بكونه في دارنا، لما قالوا‏:‏ ولو دخل حربي دارنا فأسلم فشرب الخمر جاهلا بالحرمة لا يحد، بخلاف الزنا لحرمته في كل ملة‏.‏ قلت‏:‏ يرد عليه حرمة السكر أيضا في كل ملة فتأمل‏.‏

‏(‏بعد الإفاقة‏)‏ فلو حد قبلها فظاهره أنه يعاد عيني ‏(‏إذا أخذ‏)‏ الشارب ‏(‏وريح ما شرب‏)‏ من خمر أو نبيذ فتح، فمن قصر الرائحة على الخمر فقد قصر ‏(‏موجودة‏)‏ خبر الريح وهو مؤنث سماعي غاية ‏(‏إلا أن تنقطع‏)‏ الرائحة ‏(‏لبعد المسافة‏)‏ وحينئذ فلا بد أن يشهدا بالشرب طائعا ويقولا أخذناه وريحها موجودة ‏(‏ولا يثبت‏)‏ الشرب ‏(‏بها‏)‏ بالرائحة ‏(‏ولا بتقايئها، بل بشهادة رجلين يسألهما الإمام عن ماهيتها وكيف شرب‏)‏ لاحتمال الإكراه ‏(‏ومتى شرب‏)‏ لاحتمال التقادم ‏(‏وأين شرب‏)‏ لاحتمال شربه في دار الحرب، فإذا بينوا ذلك حبسه يسأل عن عدالتهم، ولا يقضي بظاهرها في حد ما خانية‏.‏ ولو اختلفا في الزمان أو شهد أحدهما بسكره من الخمر والآخر من السكر لم يحد ظهيرية ‏(‏أو‏)‏ يثبت ‏(‏بإقراره مرة صاحيا ثمانون سوطا‏)‏ متعلق بيحد ‏(‏للحر، ونصفها للعبد، وفرق على بدنه كحد الزنا‏)‏ كما مر‏.‏

‏(‏فلو أقر سكران أو شهدوا بعد زوال ريحها‏)‏ لا لبعد المسافة ‏(‏أو أقر كذلك أو رجع عن إقراره لا‏)‏ يحد لأنه خالص حق الله تعالى فيعمل الرجوع فيه، ثم ثبوته بإجماع الصحابة ولا إجماع إلا برأي عمر وابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين، وهما شرطا قيام الرائحة‏.‏

‏(‏والسكران من لا يفرق بين‏)‏ الرجل والمرأة و ‏(‏السماء والأرض‏.‏ وقالا‏:‏ من يختلط كلامه‏)‏ غالبا، فلو نصفه مستقيما فليس بسكران بحر ‏(‏ويختار للفتوى‏)‏ لضعف دليل الإمام فتح‏.‏ ‏(‏ولو ارتد السكران‏)‏ لم يصح ‏(‏فلا تحرم عرسه‏)‏ وهذه إحدى المسائل السبع المستثناة من أنه كالصاحي كما بسطه المصنف معزيا للأشباه وغيرها‏.‏

ونقل في الأشربة عن الجوهرة حرمة أكل بنج وحشيشة وأفيون، لكن دون حرمة الخمر، ولو سكر بأكلها لا يحد بل يعزر انتهى‏.‏ وفي النهر‏:‏ التحقيق ما في العناية أن البنج مباح لأنه حشيش، أما السكر منه فحرام‏.‏

‏(‏أقيم عليه بعض الحد فهرب‏)‏ ثم أخذ بعد التقادم لا يحد لما مر أن الإمضاء من القضاء في باب الحدود‏.‏

‏(‏و‏)‏ لو ‏(‏شرب‏)‏ أو زنى ‏(‏ثانيا يستأنف الحد‏)‏ لتداخل المتحد كما سيجيء‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

سكران أو صاح جمح به فرسه فصدم إنسانا فمات، إن قادرا على منعه ضمن وإلا لا مصنف عمادية‏.‏

باب حد القذف

هو لغة الرمي‏.‏ وشرعا الرمي بالزنا، وهو من الكبائر بالإجماع فتح، لكن في النهر‏:‏ قذف غير المحصن كصغيرة ومملوكة وحرة متهتكة من الصغائر‏.‏

‏(‏هو كحد الشرب كمية وثبوتا‏)‏ فيثبت برجلين يسألهما الإمام عن ماهيته وكيفيته إلا إذا شهدا بقوله يا زاني ثم يحبسه ليسأل عنهما كما يحبسه لشهود يمكن إحضارهم في ثلاثة أيام وإلا لا ظهيرية؛ ولا يكلفه خلافا للثاني نهر‏.‏

‏(‏ويحد الحر أو العبد‏)‏ ولو ذميا أو امرأة ‏(‏قاذف المسلم الحر‏)‏ الثابتة حريته وإلا ففيه التعزير ‏(‏البالغ العاقل العفيف‏)‏ عن فعل الزنا، فينقص عن إحصان الرجم بشيئين‏:‏ النكاح والدخول‏.‏ وبقي من الشروط أن لا يكون ولده أو ولد ولده أو أخرس أو مجبوبا أو خصيا أو وطئ بنكاح أو ملك فاسد أو هي رتقاء أو قرناء وأن يوجد الإحصان وقت الحد؛ حتى لو ارتد سقط حد القاذف ولو أسلم بعد ذلك فتح ‏(‏بصريح الزنا‏)‏ ومنه أنت أزنى من فلان أو مني على ما في الظهيرية، ومثله النيك كما نقله المصنف عن شرح المنار؛ ولو قال يا زانئ بالهمز لم يحد شرح تكملة ‏(‏أو‏)‏ بقوله ‏(‏زنأت في الجبل‏)‏ بالهمز فإنه مشترك بين الفاحشة والصعود‏.‏ وحالة الغضب تعين الفاحشة ‏(‏أو لست لأبيك‏)‏ ولو زاد ولست لأمك أو قال لست لأبويك فلا حد ‏(‏أو لست بابن فلان لأبيه‏)‏ المعروف به ‏(‏و‏)‏ الحال أن ‏(‏أمه محصنة‏)‏ لأنها المقذوفة في الصورتين إذ المعتبر إحصان المقذوفة لا الطالب شمني ‏(‏في غضب‏)‏ يتعلق بالصور الثلاث ‏(‏بطلب المقذوف‏)‏ المحصن لأنه حقه ‏(‏ولو‏)‏ المقذوف ‏(‏غائبا‏)‏ عن مجلس القاذف ‏(‏حال القذف‏)‏ وإن لم يسمعه أحد نهر، بل وإن أمره المقذوف بذلك شرح تكملة

‏(‏وينزع الفرو والحشو فقط‏)‏ إظهارا للتخفيف باحتمال صدقه، بخلاف حد شرب وزنا

‏(‏لا‏)‏ يحد ‏(‏بلست بابن فلان جده‏)‏ لصدقه ‏(‏وبنسبته إليه أو إلى خاله أو إلى عمه أو رابه‏)‏ بتشديد الباء‏:‏ مربيه ولو غير زوج أمه زيلعي لأنهم آباء مجازا ‏(‏ولا بقوله يا ابن ماء السماء‏)‏ وفيه نظر ابن كمال ‏(‏ولا‏)‏ بقوله ‏(‏يا نبطي‏)‏ لعربي في النهر متى نسبه لغير قبيلته أو نفاه عنها عزر، وفيه يا فرخ الزنا يا بيض الزنا يا حمل الزنا يا سخلة الزنا قذف، بخلاف يا كبش الزنا أو يا حرام زاده قنية؛ وفيها‏:‏ لو جحد أبوه نسبه فلا حد

‏(‏ولا‏)‏ حد ‏(‏بقوله لامرأة زنيت ببعير أو بثور أو بحمار أو بفرس‏)‏ لأنه ليس بزنا شرعا ‏(‏بخلاف زنيت ببقرة أو بشاة‏)‏ أو بناقة أو بحمارة ‏(‏أو بثوب أو بدراهم‏)‏ فإنه يحد لأنها لا تصلح للإيلاج فيراد زنيت وأخذت البدل، ولو قيل هذا لرجل فلا حد لعدم العرف بأخذه للمال

‏(‏و‏)‏ إنما ‏(‏يطلبه بقذف الميت من يقع القدح في نسبه‏)‏ بسبب ‏(‏قذفه‏)‏ أي الميت ‏(‏وهم الأصول والفروع وإن علوا أو سفلوا؛ ولو كان الطالب‏)‏ محجوبا أو ‏(‏محروما من الميراث‏)‏ بقتل أو رق أو كفر ‏(‏أو ولد بنت‏)‏ ولو مع وجود الأقرب أو عفوه أو تصديقه للحوقهم العار بسبب الجزئية، قيد بالميت لعدم مطالبتهم في الغائب لجواز تصديقه إذا حضر‏.‏

‏(‏قال يا بن الزانيين وقد مات أبويه فعليه حد واحد‏)‏ للتداخل الآتي ثم موت أبويه ليس بقيد بل فائدته في المطالبة‏.‏ ذكر في آخر المبسوط أن معتوهة قالت لرجل يا ابن الزانيين فجاء بها إلى ابن أبي ليلى فاعترفت فحدها حدين في المسجد فبلغ أبا حنيفة، فقال أخطأ في سبع مواضع‏:‏ بنى الحكم على إقرار المعتوهة، وألزمها الحد، وحدها حدين، وأقامهما معا، وفي المسجد، وقائمة، وبلا حضرة وليها‏.‏ وقال في الدرر‏:‏ ولم يتعرف أن أبويه حيان فتكون الخصومة لهما أو ميتان فتكون الخصومة للابن‏.‏

‏(‏اجتمعت عليه أجناس مختلفة‏)‏ بأن قذف وشرب وسرق وزنى غير محصن ‏(‏يقام عليه الكل‏)‏ بخلاف المتحد ‏(‏ولا يوالي بينها خيفة الهلاك‏)‏ بل يحبس حتى يبرأ ‏(‏فيبدأ بحد القذف‏)‏ لحق العبد ‏(‏ثم هو‏)‏ أي الإمام ‏(‏مخير إن شاء بدأ بحد الزنا وإن شاء بالقطع‏)‏ لثبوتهما بالكتاب ‏(‏ويؤخر حد الشرب‏)‏ لثبوته باجتهاد الصحابة، ولو فقأ أيضا بدأ بالفقء ثم بالقذف ثم يرجم لو محصنا ولغا غيرها بحر‏.‏ وفي الحاوي القدسي‏:‏ ولو قتل ضرب للقذف وضمن للسرقة ثم قتل وترك ما بقي‏.‏ ويؤخذ ما سرقه من تركته لعدم قطعه نهر‏.‏

‏(‏ولا يطالب ولد‏)‏ أي فرع وإن سفل ‏(‏وعبد أباه‏)‏ أي أصله وإن علا ‏(‏وسيده‏)‏ لف ونشر مرتب ‏(‏بقذف أمه الحرة المسلمة‏)‏ المحصنة ‏(‏فلو كان لها ابن من غيره‏)‏ أو أب أو نحوه ‏(‏ملك الطلب‏)‏ في النهر‏.‏ وإذا سقط عنه الحد عزر بل بشتم ولده يعزر

‏(‏ولا إرث‏)‏ فيه خلافا للشافعي ‏(‏ولا رجوع‏)‏ بعد إقرار ‏(‏ولا اعتياض‏)‏ أي أخذ عوض ولا صلح ولا عفو ‏(‏فيه‏.‏ وعنه‏)‏ نعم لو عفا المقذوف فلا حد لا لصحة العفو بل لترك الطلب، حتى لو عاد وطلب حد شمني ولذا لا يتم الحد إلا بحضرته‏.‏

‏(‏قال لآخر يا زاني فقال الآخر‏)‏ لا ‏(‏بل أنت حدا‏)‏ لغلبة حق الله تعالى فيه ‏(‏بخلاف ما لو قال له مثلا يا خبيث فقال بل أنت‏)‏ لم يعزرا لأنه حقهما وقد تساويا ف ‏(‏تكافآ‏)‏ بخلاف ما سيجيء لو تشاتما بين يدي القاضي أو تضاربا لم يتكافآ لهتك مجلس الشرع ولتفاوت الضرب

‏(‏ولو قاله لعرسه‏)‏ وهو من أهل الشهادة ‏(‏فردت به حدت ولا لعان‏)‏ الأصل أن الحدين إذا اجتمعا وفي تقديم أحدهما إسقاط الآخر وجب تقديمه احتيالا للدرء واللعان في معنى الحد، ولذا قالوا لو قال لها يا زانية بنت الزانية بدئ بالحد لينتفي اللعان ‏(‏ولو قالت‏)‏ في جوابه ‏(‏زنيت بك‏)‏ أو معك ‏(‏هدرا‏)‏ أي الحد واللعان للشك قيد بالخطاب لأنها لو أجابته بأنت أزنى مني حد وحده خانية ‏(‏ولو كان‏)‏ ذلك ‏(‏مع أجنبية حدت دونه‏)‏ لتصديقها‏.‏

‏(‏أقر بولد ثم نفاه يلاعن وإن عكس حد‏)‏ للكذب ‏(‏والولد فيهما‏)‏ لإقراره

‏(‏ولو قال ليس بابني ولا بابنك فهدر‏)‏ لأنه أنكر الولادة‏.‏

‏(‏قال لامرأة يا زاني حد اتفاقا‏)‏ لأن الهاء تحذف للترخيم ‏(‏ولرجل يا زانية لا‏)‏ وقال محمد‏:‏ يحد لأن الهاء تدخل للمبالغة كعلامة‏.‏ قلنا الأصل في الكلام التذكير‏.‏

‏(‏ولا حد بقذف من لها ولد لا أب له‏)‏ معروف ‏(‏في بلد القذف‏)‏ أو من لاعنت بولد ‏(‏لأنه أمارة الزنا أو‏)‏ بقذف ‏(‏رجل وطئ في غير ملكه بكل وجه‏)‏ كأمة ابنه ‏(‏أو بوجه‏)‏ كأمة مشتركة ‏(‏أو في ملكه المحرم أبدا كأمة هي أخته رضاعا‏)‏ في الأصح لفوات العفة ‏(‏أو‏)‏ بقذف ‏(‏من زنت في كفرها‏)‏ لسقوط الإحصان ‏(‏أو‏)‏ بقذف ‏(‏مكاتب مات عن وفاء‏)‏ لاختلاف الصحابة في حريته فأورث شبهة‏.‏

‏(‏وحد قاذف واطئ عرسه حائضا وأمة مجوسية ومكاتبة ومسلم نكح محرمة في كفره‏)‏ لثبوت ملكه فيهن، وفي الذخيرة خلافهما‏.‏

‏(‏و‏)‏ حد ‏(‏مستأمن قذف مسلما‏)‏ لأنه التزم إيفاء حقوق العباد ‏(‏بخلاف حد الزنا والسرقة‏)‏ لأنهما من حقوق الله تعالى المحضة كحد الخمر‏.‏ وأما الذمي فيحد في الكل إلا الخمر غاية، لكن قدمنا عن المنية تصحيح حده بالسكر أيضا‏.‏ وفي السراجية‏:‏ إذا اعتقدوا حرمة الخمر كانوا كالمسلمين، وفيها‏:‏ لو سرق الذمي أو زنى فأسلم إن ثبت بإقراره أو بشهادة المسلمين حد، وإن بشهادة أهل الذمة لا

‏(‏أقر القاذف بالقذف، فإن أقام أربعة على زناه‏)‏ ولو في كفره لسقوط إحصانه كما مر ‏(‏أو أقر بالزنا‏)‏ أربعا ‏(‏كما مر‏)‏ عبارة الدرر‏:‏ أو إقراره بالزنا، فيكون معناه أو أقام بينة على إقراره بالزنا، وقد حرر في البحر أن البينة على ذلك لا تعتبر أصلا ولا يعول عليها، لأنه إن كان منكرا فقد رجع فتلغو البينة، وإن كان مقرا لا تسمع مع الإقرار إلا في سبع مذكورة في الأشباه ليست هذه منها، فلذا غير المصنف العبارة فتنبه ‏(‏حد المقذوف‏)‏ يعني إذا لم تكن الشهادة بحد متقادم كما لا يخفى ‏(‏وإن عجز‏)‏ عن البينة للحال ‏(‏واستأجر لإحضار شهوده في المصر يؤجل إلى قيام المجلس، فإن عجز حد ولا يكفل ليذهب لطلبهم بل يحبس ويقال ابعث إليهم‏)‏ من يحضرهم؛ ولو أقام أربعة فساقا أنه كما قال درئ الحد عن القاذف والمقذوف والشهود ملتقط‏.‏

‏(‏يكتفى بحد واحد لجنايات اتحد جنسها، بخلاف ما اختلف‏)‏ جنسها كما بيناه، وعم إطلاقه ما إذا اتحد المقذوف أم تعدد بكلمة أم كلمات في يوم أم أيام طلب كلهم أم بعضهم، وما إذا حد للقذف إلا سوطا ثم قذف آخر في المجلس فإنه يتم الأول، ولا شيء للثاني للتداخل، وأما إذا قذف فعتق فقذف آخر حد حد العبد فإن آخذه الثاني كمل له ثمانون لوقوع الأربعين لهما فتح‏.‏ وفي سرقة الزيلعي قذفه فحد ثم قذفه لم يحد ثانيا لأن المقصود وهو إظهار كذبه ودفع العار حصل بالأول ا هـ ومفاده أنه لو قال له يا ابن الزانية وأمه ميتة فخاصمه حد ثانيا كما لا يخفى‏.‏ وأفاد تقييده بالحد أن التعزير يتعدد ألفاظه لأنه حق العبد‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

عاين القاضي رجلا زنى أو شرب لم يحده استحسانا‏.‏ وعن محمد يحده قياسا على حد القذف والقود‏.‏ قلنا‏:‏ الاستيفاء للقاضي وهو مندوب للدرء بالخبر فلحقه التهمة حواشي السعدية‏.‏

باب التعزير

‏(‏هو‏)‏ لغة التأديب مطلقا، وقول القاموس إنه يطلق على ضربه دون الحد غلط نهر‏.‏ وشرعا ‏(‏تأديب دون الحد أكثره تسعة وثلاثون سوطا، وأقله ثلاثة‏)‏ لو بالضرب، وجعله في الدرر على أربع مراتب وكله مبني على عدم تفويضه للحاكم مع أنها ليست على إطلاقها، فإن من كان من أشراف الأشراف لو ضرب غيره فأدماه لا يكفي تعزيره بالإعلام، وأرى أنه بالضرب صواب ‏(‏ولا يفرق الضرب فيه‏)‏ وقيل يفرق‏.‏ ووفق بأنه إن بلغ أقصاه يفرق وإلا لا شرح وهبانية ‏(‏ويكون به و‏)‏ بالحبس و ‏(‏بالصفع‏)‏ على العنق ‏(‏وفرك الأذن، وبالكلام العنيف، وبنظر القاضي له بوجه عبوس، وشتم غير القذف‏)‏ مجتبى وفيه عن السرخسي‏:‏ لا يباح بالصفع لأنه من أعلى ما يكون من الاستخفاف، فيصان عن أهل القبلة ‏(‏لا بأخذ مال في المذهب‏)‏ بحر‏.‏ وفيه عن البزازية‏:‏ وقيل يجوز، ومعناه أن يمسكه مدة لينزجر ثم يعيده له، فإن أيس من توبته صرفه إلى ما يرى‏.‏ وفي المجتبى أنه كان في ابتداء الإسلام ثم نسخ‏.‏

‏(‏و‏)‏ التعزير ‏(‏ليس فيه تقدير بل هو مفوض إلى رأي القاضي‏)‏ وعليه مشايخنا زيلعي لأن المقصود منه الزجر، وأحوال الناس فيه مختلفة بحر ‏(‏ويكون‏)‏ التعزير ‏(‏بالقتل كمن‏)‏ وجد رجلا مع امرأة لا تحل له، ولو أكرهها فلها قتله ودمه هدر، وكذا الغلام وهبانية ‏(‏إن كان يعلم أنه لا ينزجر بصياح وضرب بما دون السلاح وإلا‏)‏ بأن علم أنه ينزجر بما ذكر ‏(‏لا‏)‏ يكون بالقتل ‏(‏وإن كانت المرأة مطاوعة قتلهما‏)‏ كذا عزاه الزيلعي للهندواني‏.‏

ثم قال ‏(‏و‏)‏ في منية المفتي ‏(‏لو كان مع امرأته وهو يزني بها أو مع محرمه وهما مطاوعان قتلهما جميعا‏)‏ ا هـ وأقره في الدرر‏.‏ وقال في البحر‏:‏ ومفاده الفرق بين الأجنبية والزوجة والمحرم، فمع الأجنبية لا يحل القتل إلا بالشرط المذكور من عدم الانزجار المزبور، وفي غيرها يحل ‏(‏مطلقا‏)‏ ا هـ‏.‏ ورده في النهر بما في البزازية وغيرها من التسوية بين الأجنبية وغيرها، ويدل عليه تنكير الهندواني للمرأة؛ نعم ما في المنية مطلق فيحمل على المقيد ليتفق كلامهم، ولذا جزم في الوهبانية بالشرط المذكور مطلقا وهو الحق بلا شرط إحصان لأنه ليس من الحد بل من الأمر بالمعروف‏.‏ وفي المجتبى‏:‏ الأصل أن كل شخص رأى مسلما يزني يحل له أن يقتله، وإنما يمتنع خوفا من أن لا يصدق أنه زنى ‏(‏وعلى هذا‏)‏ القياس ‏(‏المكابر بالظلم وقطاع الطريق وصاحب المكس وجميع الظلمة بأدنى شيء له قيمة‏)‏ وجميع الكبائر والأعونة والسعاة يباح قتل الكل ويثاب قاتلهم انتهى‏.‏ وأفتى الناصحي بوجوب قتل كل مؤذ وفي شرح الوهبانية‏:‏ ويكون بالنفي عن البلد، وبالهجوم على بيت المفسدين، وبالإخراج من الدار، وبهدمها، وكسر دنان الخمر وإن ملحوها، ولم ينقل إحراق بيته ‏(‏ويقيمه كل مسلم حال مباشرة المعصية‏)‏ قنية ‏(‏و‏)‏ أما ‏(‏بعده‏)‏ ف ‏(‏ليس ذلك لغير الحاكم‏)‏ والزوج والمولى كما سيجيء

‏[‏فرع فيمن عليه التعزير‏]‏

من عليه التعزير لو قال لرجل أقم علي التعزير ففعله ثم رفع للحاكم فإنه يحتسب به قنية، وأقره المصنف، ومثله في دعوى الخانية، لكن في الفتح ما يجب حقا للعبد لا يقيمه إلا الإمام لتوقفه على الدعوى إلا أن يحكما فيه فليحفظ‏.‏ ‏(‏ضرب غيره بغير حق وضربه المضروب‏)‏ أيضا ‏(‏يعزران‏)‏ كما لو تشاتما بين يدي القاضي ولم يتكافآ كما مر ‏(‏ويبدأ بإقامة التعزير بالبادئ‏)‏ لأنه أظلم قنية‏.‏ وفي مجمع الفتاوى‏:‏ جاز المجازاة بمثله في غير موجب حد للإذن به -‏:‏ ‏{‏ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل‏}‏ والعفو أفضل‏:‏ ‏{‏فمن عفا وأصلح فأجره على الله‏}‏ - ‏(‏وصح حبسه‏)‏ ولو في بيته بأن يمنعه من الخروج منه نهر ‏(‏مع ضربه‏)‏ إذا احتيج لزيادة تأديب ‏(‏وضربه أشد‏)‏ لأنه خفف عددا فلا يخفف وصفا ‏(‏ثم حد الزنا‏)‏ لثبوته بالكتاب ‏(‏ثم حد الشرب‏)‏ لثبوته بإجماع الصحابة لا بالقياس لأنه لا يجري في الحدود ‏(‏ثم القذف‏)‏ لضعف سببه باحتمال صدق القاذف‏.‏

‏(‏وعزر كل مرتكب منكر أو مؤذي مسلم بغير حق بقول أو فعل‏)‏ إلا إذا كان الكذب ظاهرا كيا كلب بحر ‏(‏ولو بغمز العين‏)‏ أو إشارة اليد لأنه غيبة كما يأتي في الحظر، فمرتكبه مرتكب محرم وكل مرتكب معصية لا حد فيها، فيها التعزير أشباه ‏(‏فيعزر‏)‏ بشتم ولده وقذفه و ‏(‏بقذف مملوك‏)‏ ولو أم ولده ‏(‏وكذا بقذف كافر‏)‏ وكل من ليس بمحصن ‏(‏بزنا‏)‏ ويبلغ به غايته، كما لو أصاب من أجنبية محرما غير جماع، أو أخذ السارق بعد جمعه للمتاع قبل إخراجه، وفيما عداها لا يبلغ غايته وبقذف‏:‏ أي بشتم ‏(‏مسلم‏)‏ ما ‏(‏بيا فاسق إلا أن يكون معلوم الفسق‏)‏ كمكاس مثلا أو علم القاضي بفسقه لأن الشين قد ألحقه هو بنفسه قبل قول القائل فتح ‏(‏فإن أراد القاذف‏)‏ إثباته بالبينة ‏(‏مجردا‏)‏ بلا بيان سببه‏.‏ ‏(‏لا تسمع‏:‏ ولو قال يا زاني وأراد إثباته تسمع‏)‏ لثبوت الحد بخلاف الأول، حتى لو بينوا فسقه بما فيه حق الله تعالى أو للعبد قبلت وكذا في جرح الشاهد‏.‏ وينبغي أن يسأل القاضي عن سبب فسقه، فإن بين سببا شرعيا كتقبيل أجنبية وعناقها وخلوته بها طلب بينة ليعزره، ولو قال هو ترك واجب سأل القاضي المشتوم عما يجب عليه تعلمه من الفرائض، فإن لم يعرفها ثبت فسقه، لما في المجتبى‏:‏ من ترك الاشتغال بالفقه لا تقبل شهادته، والمراد ما يجب عليه تعلمه منه نهر‏.‏

‏(‏وعزر‏)‏ الشاتم ‏(‏بيا كافر‏)‏ وهل يكفر إن اعتقد المسلم كافرا‏؟‏ نعم وإلا لا به يفتى شرح وهبانية، ولو أجابه لبيك كفر خلاصة‏.‏ وفي التتارخانية، قيل لا يعزر ما لم يقل يا كافر بالله لأنه كافر بالطاغوت فيكون محتملا ‏(‏يا خبيث يا سارق يا فاجر يا مخنث يا خائن‏)‏ يا سفيه يا بليد يا أحمق يا مباحي يا عواني ‏(‏يا لوطي‏)‏ وقيل يسأل، فإن عنى أنه من قوم لوط عليه الصلاة والسلام لا يعزر، وإن أراد به أنه يعمل عملهم عزر عنده وحد عندهما والصحيح تعزيره لو في غضب أو هزل فتح ‏(‏يا زنديق‏)‏ يا منافق يا رافضي‏.‏ يا مبتدعي يا يهودي يا نصراني يا ابن النصراني نهر ‏(‏يا لص إلا أن يكون لصا‏)‏ لصدق القائل كما مر، والنداء ليس بقيد، إذ الإخبار كأنت أو فلان فاسق ونحوه كذلك ما لم يخرج مخرج الدعوى قنية ‏(‏يا ديوث‏)‏ هو من لا يغار على امرأته أو محرمه ‏(‏يا قرطبان‏)‏ مرادف ديوث بمعنى معرص ‏(‏يا شارب الخمر، يا آكل الربا، يا ابن القحبة‏)‏ فيه إيماء إلى أنه إذا شتم أصله عزر بطلب الولد كيا ابن الفاسق يا ابن الكافر، وأنه يعزر بقوله يا قحبة‏.‏ لا يقال‏:‏ القحبة عرفا أفحش من الزانية لكونها تجاهر به بالأجرة‏.‏ لأنا نقول‏:‏ لذلك المعنى لم يحد، فإن الزنا بالأجرة يسقط الحد عنده خلافا لهما ابن كمال، لكن صرح في المضمرات بوجوب الحد فيه قال المصنف وهو ظاهر ‏(‏يا ابن الفاجرة، أنت مأوى اللصوص، أنت مأوى الزواني، يا من يلعب بالصبيان، يا حرام زاده‏)‏ معناه المتولد من الوطء الحرام فيعم حالة الحيض‏.‏ لا يقال‏:‏ في العرف لا يراد ذلك بل يراد ولد الزنا‏.‏ لأنا نقول‏:‏ كثيرا ما يراد به الخداع اللئيم فلذا لا يحد

‏[‏فرع‏]‏

أقر على نفسه بالدياثة أو عرف بها لا يقتل ما لم يستحل ويبالغ في تعزيره أو يلاعن جواهر الفتاوى‏.‏ وفيها‏:‏ فاسق تاب وقال إن رجعت إلى ذلك فاشهدوا عليه أنه رافضي فرجع لا يكون رافضيا بل عاصيا، ولو قال‏:‏ إن رجعت فهو كافر فرجع تلزمه كفارة يمين‏.‏

‏(‏لا‏)‏ يعزر ‏(‏بيا حمار يا خنزير، يا كلب، يا تيس، يا قرد‏)‏ يا ثور يا بقر، يا حية لظهور كذبه واستحسن في الهداية التعزير لو المخاطب من الأشراف وتبعه الزيلعي وغيره ‏(‏يا حجام يا أبله يا ابن الحجام وأبوه ليس كذلك‏)‏ وأوجب الزيلعي التعزير في يا ابن الحجام ‏(‏يا مؤاجر‏)‏ لأنه عرفا بمعنى المؤجر ‏(‏يا بغا‏)‏ هو المأبون بالفارسية، وفي الملتقط في عرفنا يعزر فيهما وفي ولد الحرام نهر‏.‏ والضابط أنه متى نسبه إلى فعل اختياري محرم شرعا ويعد عارا عرفا يعزر وإلا لا ابن كمال ‏(‏يا ضحكة‏)‏ بسكون الحاء‏:‏ من يضحك عليه الناس، أما بفتحها‏:‏ فهو من يضحك على الناس، وكذا ‏(‏يا سخرة‏)‏ واختار في الغاية التعزير فيهما وفي يا ساحر يا مقامر‏.‏ وفي الملتقى‏:‏ واستحسنوا التعزير لو المقول له فقيها أو علويا‏.‏

‏(‏ادعى سرقة‏)‏ على شخص ‏(‏وعجز عن إثباتها لا يعزر، كما لو ادعى على آخر بدعوى توجب تكفيره وعجز‏)‏ المدعي ‏(‏عن إثبات ما ادعاه‏)‏ فإنه لا شيء عليه إذا صدر الكلام على وجه الدعوى عند حاكم شرعي‏.‏ أما إذا صدر على وجه السب أو الانتقاص فإنه يعزر فتاوى قارئ الهداية ‏(‏بخلاف دعوى الزنا‏)‏ فإنه إذا لم يثبت يحد لما مر

‏(‏وهو‏)‏ أي التعزير ‏(‏حق العبد‏)‏ غالب فيه ‏(‏فيجوز فيه الإبراء والعفو‏)‏ والتكفيل زيلعي ‏(‏واليمين‏)‏ ويحلفه بالله ما له عليك هذا الحق الذي يدعي لا بالله ما قلت خلاصة ‏(‏والشهادة على الشهادة وشهادة رجل وامرأتين‏)‏ كما في حقوق العباد ويكون أيضا حقا لله تعالى فلا عفو فيه إلا إذا علم الإمام انزجار الفاعل ولا يمين‏.‏ كما لو ادعى عليه أنه قبل أخته مثلا ويجوز إثباته بمدع شهد به فيكون مدعيا شاهدا لو معه آخر‏.‏ وما في القنية وغيرها لو كان المدعى عليه ذا مروءة وكان أول ما فعل يوعظ استحسانا ولا يعزر يجب أن يكون في حقوق الله، فإن حقوق العباد ليس للقاضي إسقاطها فتح‏.‏ وما في كراهية الظهيرية‏:‏ رجل يصلي ويضرب الناس بيده ولسانه فلا بأس بإعلام السلطان به لينزجر، يفيد أنه من باب الإخبار، وأن إعلام القاضي بذلك يكفي لتعزيره نهر‏.‏ قلت‏:‏ وفيه من الكفالة معزيا للبحر وغيره‏:‏ للقاضي تعزير المتهم قاصدا نسبته إليه فيقتضي التعزير في دعوى السرقة لا في دعوى الزنا وهذا عكس الحكم ا هـ منه وإن لم يثبت عليه، وكل تعزير لله تعالى يكفي فيه خبر العدل لأنه في حقوقه تعالى يقضي فيها بعلمه اتفاقا، ويقبل فيها الجرح المجرد كما مر، وعليه فما يكتب من المحاضر في حق إنسان يعمل به في حقوق الله تعالى‏.‏ ومن أفتى بتعزير الكاتب فقد أخطأ ا هـ ملخصا‏.‏ وفي كفالة العيني عن الثاني‏:‏ من يجمع الخمر ويشربه ويترك الصلاة أحبسه وأؤدبه ثم أخرجه، ومن يتهم بالقتل والسرقة وضرب الناس أحبسه وأخلده في السجن حتى يتوب لأن شر هذا على الناس، وشر الأول على نفسه‏.‏

‏(‏شتم مسلم ذميا عزر‏)‏ لأنه ارتكب معصية، وتقييد مسائل الشتم بالمسلم اتفاقي فتح‏.‏ وفي القنية‏:‏ قال ليهودي أو مجوسي يا كافر يأثم إن شق عليه، ومقتضاه أنه يعزر لارتكابه الإثم بحر وأقره المصنف، لكن نظر فيه في النهر قلت‏:‏ ولعل وجهه ما مر في يا فاسق فتأمل‏.‏

‏(‏ويعزر المولى عبده والزوج زوجته‏)‏ ولو صغيرة لما سيجيء ‏(‏على تركها الزينة‏)‏ الشرعية مع قدرتها عليها ‏(‏و‏)‏ تركها ‏(‏غسل الجنابة، و‏)‏ على ‏(‏الخروج من المنزل‏)‏ لو بغير حق ‏(‏وترك الإجابة إلى الفراش‏)‏ لو طاهرة من نحو حيض‏.‏ ويلحق بذلك ما لو ضربت ولدها الصغير عند بكائه أو ضربت جاريته غيرة ولا تتعظ بوعظه، أو شتمته ولو بنحو يا حمار، أو ادعت عليه، أو مزقت ثيابه، أو كلمته ليسمعها أجنبي، أو كشفت وجهها لغير محرم، أو كلمته أو شتمته أو أعطت ما لم تجر العادة به بلا إذنه والضابط كل معصية لا حد فيها فللزوج والمولى التعزير، وليس منه ما لو طلبت نفقتها أو كسوتها وألحت لأن لصاحب الحق مقالا بحر، و ‏(‏لا على ترك الصلاة‏)‏ لأن المنفعة لا تعود عليه بل إليها، كذا اعتمده المصنف تبعا للدرر على خلاف ما في الكنز والملتقى واستظهره في حظر المجتبى‏.‏

‏(‏والأب يعزر الابن عليه‏)‏ وقدمنا أن للولي ضرب ابن سبع على الصلاة، ويلحق به الزوج نهر‏.‏ وفي القنية‏:‏ له إكراه طفله على تعلم قرآن وأدب وعلم لفريضته على الوالدين، وله ضرب اليتيم فيما يضرب ولده‏.‏ ‏(‏الصغر لا يمنع وجوب التعزير‏)‏ فيجري بين الصبيان ‏(‏و‏)‏ هذا لو كان حق عبد، أما ‏(‏لو كان حق الله‏)‏ تعالى بأن زنى أو سرق ‏(‏منع‏)‏ الصغر منه مجتبى ‏(‏من حد أو عزر فهلك فدمه هدر إلا امرأة عزرها زوجها‏)‏ بمثل ما مر ‏(‏فماتت‏)‏ لأن تأديبه مباح فيتقيد بشرط السلامة‏.‏ قال المصنف‏:‏ وبهذا ظهر أنه لا يجب على الزوج ضرب زوجته أصلا‏.‏

‏(‏ادعت على زوجها ضربا فاحشا وثبت ذلك عليه عزر، كما لو ضرب المعلم الصبي ضربا فاحشا‏)‏ فإنه يعزره ويضمنه لو مات شمني‏.‏ وعن الثاني لو زاد القاضي على مائة فمات فنصف الدية في بيت المال لقتله بفعل مأذون فيه، وغير مأذون فيتنصف زيلعي‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

ارتدت لتفارق زوجها تجبر على الإسلام، وتعزر خمسة وسبعين سوطا، ولا تتزوج بغيره به يفتى ملتقط‏.‏ ارتحل إلى مذهب الشافعي يعزر سراجية‏.‏ قذف بالتعريض يعزر حاوي‏.‏ زنى بامرأة ميتة يعزر اختيار‏.‏

ادعى على آخر أنه وطئ أمته وحبلت فنقصت، فإن برهن فله قيمة النقصان، وإن حلف خصمه فله تعزير المدعي منية‏.‏ وفي الأشباه‏:‏ خدع امرأة إنسان وأخرجها زوجها ويحبس حتى يتوب أو يموت لسعيه في الأرض بالفساد‏.‏ من له دعوى على آخر فلم يجده فأمسك أهله للظلمة فحبسوهم وغرموهم عزر‏.‏ يعزر على الورع البارد كتعريف نحو تمرة‏.‏ التعزير لا يسقط بالتوبة كالحد‏.‏ قال‏:‏ واستثنى الشافعي ذوي الهيئات قلت‏:‏ قد قدمناه لأصحابنا عن القنية وغيرها‏.‏ وزاد الناطفي في أجناسه ما لم يتكرر فيضرب التعزير، وفي الحديث‏:‏ «تجافوا عن عقوبة ذوي المروءة لا في الحد»‏.‏ وفي شرح الجامع الصغير للمناوي الشافعي في حديث‏:‏ «اتق الله، لا تأتي يوم القيامة ببعير تحمله على رقبتك له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة لها ثؤاج» قال يؤخذ منه تجريس السارق ونحوه فليحفظ، والله تعالى أعلم‏.‏

كتاب السرقة

‏(‏هي‏)‏ لغة أخذ الشيء من الغير خفية، وتسمية المسروق سرقة مجاز‏.‏ وشرعا باعتبار الحرمة أخذه كذلك بغير حق نصابا كان أم لا، وباعتبار القطع ‏(‏أخذ مكلف‏)‏ ولو أنثى أو عبدا أو كافرا أو مجنونا حال إفاقته ‏(‏ناطق بصير‏)‏ فلا يقطع أخرس لاحتمال نطقه بشبهة، ولا أعمى لجهله بمال غيره ‏(‏عشرة دراهم‏)‏ لم يقل مضروبة لما في المغرب‏:‏ الدراهم اسم للمضروبة ‏(‏جيادا أو مقدارها‏)‏ فلا قطع بنقرة وزنها عشرة لا تساوي عشرة مضروبة، ولا بدينار قيمته دون عشرة‏.‏ وتعتبر القيمة وقت السرقة ووقت القطع ومكانه بتقويم عدلين لهما معرفة بالقيمة، ولا قطع عند اختلاف المقومين ظهيرية ‏(‏مقصودة‏)‏ بالأخذ، فلا قطع بثوب قيمته دون عشرة وفيه دينار أو دراهم مصرورة إلا إذا كان وعاء لها عادة تجنيس ‏(‏ظاهرة الإخراج‏)‏ فلو ابتلع دينارا في الحرز وخرج لم يقطع، ولا ينتظر تغوطه بل يضمن مثله لأنه استهلكه وهو سبب الضمان للحال ‏(‏خفية‏)‏ ابتداء وانتهاء لو الأخذ نهارا، ومنه ما بين العشاءين، وابتداء فقط لو ليلا، وهل العبرة لزعم السارق أو لزعم أحدهما‏؟‏ خلاف ‏(‏من صاحب يد صحيحة‏)‏ فلا يقطع السارق من السارق فتح ‏(‏مما لا يتسارع إليه الفساد‏)‏ كلحم وفواكه مجتبى، ولا بد من كون المسروق متقوما مطلقا، فلا قطع بسرقة خمر مسلم مسلما كان السارق أو ذميا، وكذا الذمي إذا سرق من ذمي خمرا أو خنزيرا أو ميتة لا يقطع لعدم تقومها عندنا ذكره الباقاني ‏(‏في دار العدل‏)‏ فلا يقطع بسرقة في دار حرب أو بغي بدائع ‏(‏من حرز‏)‏ بمرة واحدة اتحد مالكه أم تعدد ‏(‏لا شبهة ولا تأويل فيه‏)‏ وثبت ذلك عند الإمام كما سيتضح ‏(‏فيقطع إن أقر بها مرة‏)‏ وإليه رجع الثاني ‏(‏طائعا‏)‏ فإقراره بها مكرها باطل‏.‏ ومن المتأخرين من أفتى بصحته ظهيرية‏.‏ زاد القهستاني معزيا لخزانة المفتين‏:‏ ويحل ضربه ليقر، وسنحققه ‏(‏أو شهد رجلان‏)‏ ولو عبدا شرط حضرة مولاه، ولا تقبل على إقراره ولو بحضرته ‏(‏وسألهما الإمام كيف هي وأين هي وكم هي‏؟‏‏)‏ زاد في الدرر‏:‏ وما هي ومتى هي ‏(‏وممن سرق وبيناها‏)‏ احتيالا للدرء، ويحبسه حتى يسأل عن الشهود لعدم الكفالة في الحدود، ويسأل المقر عن الكل إلا الزمان‏.‏ وما في الفتح إلا المكان تحريف نهر‏.‏

‏(‏وصح رجوعه عن إقراره بها‏)‏ وإن ضمن المال، وكذا لو رجع أحدهم أو قال هو مالي أو شهدا على إقراره بها وهو يجحد أو يسكت فلا قطع شرح وهبانية‏.‏ ‏(‏فإن أقر بها ثم هرب، فإن في فوره لا يتبع بخلاف الشهادة‏)‏ كذا نقله المصنف عن الظهيرية ونقله شارح الوهبانية بلا قيد الفورية‏.‏

‏(‏ولا قطع بنكول وإقرار مولى على عبده بها وإن لزم المال‏)‏ لإقراره على نفسه ‏(‏و‏)‏ السارق ‏(‏لا يفتى بعقوبته‏)‏ لأنه جور تجنيس، وعزاه القهستاني للواقعات معللا بأنه خلاف الشرع، ومثله في السراجية‏.‏ ونقل عن التجنيس عن عصام أنه سئل عن سارق ينكر‏؟‏ فقال عليه اليمين، فقال الأمير سارق ويمين‏؟‏ هاتوا بالسوط،، فما ضربوه عشرة حتى أقر فأتى بالسرقة فقال‏:‏ سبحان الله ما رأيت جورا أشبه بالعدل من هذا‏.‏ وفي إكراه البزازية‏:‏ من المشايخ من أفتى بصحة إقراره بها مكرها‏.‏ وعن الحسن‏:‏ يحل ضربه حتى يقر ما لم يظهر العظم‏.‏ ونقل المصنف عن ابن العز الحنفي‏:‏ صح‏:‏ «أنه عليه الصلاة والسلام أمر الزبير بن العوام بتعذيب بعض المعاهدين حين كتم كنز حيي بن أخطب ففعل فدلهم على المال» قال وهو الذي يسع الناس وعليه العمل، وإلا فالشهادة على السرقات أندر الأمور‏.‏ ثم نقل عن الزيلعي في آخر باب قطع الطريق جواز ذلك سياسة، وأقره المصنف تبعا للبحر وابن الكمال‏.‏ زاد في النهر‏:‏ وينبغي التعويل عليه في زماننا لغلبة الفساد، ويحمل ما في التجنيس على زمانهم، ثم نقل المصنف قبله عن القنية‏:‏ لو كسر سنه ويده ضمن الشاكي أرشه كالمال، لا لو حصل ذلك بتسوره الجدار أو مات بالضرب لندوره‏.‏ وعن الذخيرة‏:‏ لو صعد السطح ليفر خوف التعذيب فسقط فمات ثم ظهرت السرقة على يد آخر كان للورثة أخذ الشاكي بدية أبيهم وبما غرمه للسلطان لتعديه في هذا التسبب وسيجيء في الغصب‏.‏

‏(‏قضى بالقطع ببينة أو إقرار فقال المسروق منه هذا متاعه لم يسرقه مني‏)‏ وإنما كنت أودعته ‏(‏أو قال شهد شهودي بزور أو أقر هو بباطل وما أشبه ذلك فلا قطع‏)‏ وندب تلقينه كي لا يقر بالسرقة ‏(‏كما‏)‏ لا قطع ‏(‏لو شهد كافران على كافر ومسلم بها في حقهما‏)‏ أي الكافر والمسلم ظهيرية‏:‏ ‏(‏تشارك جمع وأصاب كلا قدر نصاب قطعوا وإن أخذ المال بعضهم‏)‏ استحسانا سدا لباب الفساد، ولو فيهم صغير أو مجنون أو معتوه أو محرم لم يقطع أحد‏.‏ ‏(‏وشرط للقطع حضور شاهديها وقته‏)‏ وقت القطع ‏(‏كحضور المدعي‏)‏ بنفسه ‏(‏حتى لو غابا أو ماتا لا قطع‏)‏ وهذا في كل حد سوى رجم وقود بحر‏.‏ قلت‏:‏ لكن نقل المصنف في الباب الآتي تصحيح خلافه فتنبه‏.‏

‏(‏ويقطع بساج وقنا وأبنوس‏)‏ بفتح الباء ‏(‏وعود ومسك وأدهان وورس وزعفران وصندل وعنبر وفصوص خضر‏)‏ أي زمرد ‏(‏وياقوت وزبرجد ولؤلؤ ولعل وفيروزج وإناء وباب‏)‏ غير مركب ولو متخذين ‏(‏من خشب، وكذا بكل ما هو من أعز الأموال وأنفسها ولا يوجد في دار العدل مباح الأصل غير مرغوب فيه‏)‏ هذا هو الأصل‏.‏

‏(‏لا‏)‏ يقطع ‏(‏بتافه‏)‏ أي حقير ‏(‏يوجد مباحا في دارنا كخشب لا يحرز‏)‏ عادة ‏(‏وحشيش وقصب وسمك و‏)‏ لو مليحا و ‏(‏طير‏)‏ ولو بطا أو دجاجا في الأصح غاية ‏(‏وصيد وزرنيخ ومغرة ونورة‏)‏ زاد في المجتبى‏:‏ وأشنان وفحم وملح وخزف وزجاج لسرعة كسره ‏(‏ولا بما يتسارع فساده كلبن ولحم‏)‏ ولو قديدا وكل مهيأ لأكل كخبز، وفي أيام قحط لا قطع بطعام مطلقا شمني ‏(‏وفاكهة رطبة وثمر على شجر وبطيخ‏)‏ وكل ما لا يبقى حولا ‏(‏وزرع لم يحصد‏)‏ لعدم الإحراز ‏(‏وأشربة مطربة‏)‏ ولو الإناء ذهبا ‏(‏وآلات لهو‏)‏ ولو طبل الغزاة في الأصح لأن صلاحيته للهو صارت شبهة غاية ‏(‏وصليب ذهب أو فضة وشطرنج ونرد‏)‏ لتأويل الكسر نهيا عن المنكر‏.‏

‏(‏وباب مسجد‏)‏ ودار لأنه حرز لا محرز ‏(‏ومصحف وصبي حر‏)‏ ولو ‏(‏محليين‏)‏ لأن الحلية تبع ‏(‏وعبد كبير‏)‏ يعبر عن نفسه ولو نائما أو مجنونا أو أعمى لأنه إما غصب أو خداع ‏(‏ودفاتر‏)‏ غير الحساب لأنها لو شرعية ككتب تفسير وحديث وفقه فكمصحف، وإلا فكطنبور ‏(‏بخلاف‏)‏ العبد ‏(‏الصغير ودفاتر الحساب‏)‏ الماضي حسابها لأن المقصود ورقها فيقطع إن بلغ نصابا؛ أما المعمول بها فالمقصود علم ما فيها وهو ليس بمال فلا قطع، بلا فرق بين دفاتر تجار وديوان وأوقاف نهر

‏(‏وكلب وفهد ولو عليه طوق من ذهب علم‏)‏ السارق ‏(‏به أو لا‏)‏ لأنه تبع ‏(‏و‏)‏ لا ‏(‏بخيانة‏)‏ في وديعة ‏(‏ونهب‏)‏ أي أخذ قهرا ‏(‏واختلاس‏)‏ أي اختطاف لانتفاء الركن ‏(‏ونبش‏)‏ لقبور ‏(‏ولو كان القبر في بيت مقفل‏)‏ في الأصح ‏(‏أو‏)‏ كان ‏(‏الثوب غير الكفن‏)‏ وكذا لو سرقه من بيت فيه قبر أو ميت لتأوله بزيارة القبر أو التجهيز وللإذن بدخوله عادة، ولو اعتاده قطع سياسة ‏(‏ومال عامة أو مشترك‏)‏ وحصر مسجد وأستار كعبة ومال وقف لعدم المالك بحر ‏(‏ومثل دينه ولو‏)‏ دينه ‏(‏مؤجلا أو زائدا عليه‏)‏ أو أجود لصيرورته شريكا ‏(‏إذا كان من جنسه ولو حكما‏)‏ بأن كان له دراهم فسرق دنانير وبعكسه هو الأصح لأن النقدين جنس واحد حكما خلاف العرض ومنه الحلي، فيقطع به ما لم يقل أخذته رهنا أو قضاء‏.‏ وأطلق الشافعي أخذ خلاف الجنس للمجانسة في المالية‏.‏ قال في المجتبى وهو أوسع فيعمل به عند الضرورة

‏(‏بخلاف سرقته من غريم أبيه أو غريم ولده الكبير أو غريم مكاتبه أو غريم عبده المأذون المديون‏)‏ فإنه يقطع لأن حق الأخذ لغيره‏.‏ ‏(‏ولو سرق من غريم ابنه الصغير لا كسرقة شيء قطع فيه ولم يتغير‏)‏ أما لو تبدل العين أو السبب كالبيع قطع على ما في المجتبى ‏(‏أو من ذي رحم محرم لا برضاع‏)‏ فلو محرميته برضاع قطع كابن عم هو أخ رضاعا فإنه رحم نسبا محرم رضاعا عيني فسقط كلام الزيلعي‏.‏ ‏(‏ولو‏)‏ المسروق ‏(‏مال غيره‏)‏ أي غير ذي الرحم ‏(‏بخلاف ماله إذا سرق من بيت غيره‏)‏ فإنه يقطع اعتبارا للحرز وعدمه ‏(‏وبخلاف مرضعته‏)‏ صوابه مرضعه بلا تاء ابن كمال ‏(‏مطلقا‏)‏ سواء سرق من بيتها أو بيت غيرها فإنه يقطع لما مر

‏(‏و‏)‏ لا بسرقة ‏(‏من زوجته‏)‏ وإن تزوجها بعد القضاء جوهرة ‏(‏وزوجها ولو كان‏)‏ المسروق ‏(‏من حرز خاص له، و‏)‏ لا ‏(‏عبد من سيده أو عرسه أو زوج سيدته‏)‏ للإذن بالدخول عادة ‏(‏و‏)‏ لا ‏(‏من مكاتبه وختنه وصهره و‏)‏ من ‏(‏مغنم‏)‏ وإن لم يكن له حق فيه لأنه مباح الأصل فصار شبهة غاية بحثا ‏(‏وحمام‏)‏ في وقت جرت العادة بدخوله، وكذا حوانيت التجار والحانات مجتبى ‏(‏وبيت أذن في دخوله‏)‏ ولو أذن لمخصوصين فدخل غيرهم وسرق ينبغي أن يقطع‏.‏ واعلم أنه لا يعتبر الحرز بالحافظ مع وجود الحرز بالمكان لأنه قوي، فلا يعتبر الحافظ في الحمام لأنه حرز ويعتبر في المسجد لأنه ليس بحرز به يفتي شمني‏.‏

‏(‏وكل ما كان حرزا لنوع فهو حرز للأنواع كلها‏)‏ فيقطع بسرقة لؤلؤة من إصطبل ‏(‏على المذهب‏)‏ وقيل حرز كل شيء معتبر بحرز مثله والأول هو المذهب عندنا مجتبى، لكن جزم القهستاني بأن الثاني هو المذهب فتنبه ‏(‏ولا يقطع قفاف‏)‏ هو من يسرق الدراهم بين أصابعه ‏(‏وفشاش‏)‏ بالفاء‏:‏ هو من يهيئ لغلق الباب ما يفتحه إذا ‏(‏فش‏)‏ حانوتا أو باب دار ‏(‏نهارا وخلا البيت من أحد‏)‏ فلو فيه أحد وهو لا يعلم به قطع شمني‏.‏

‏(‏ويقطع لو سرق من السطح‏)‏ نصابا لأنه حرز شرح وهبانية ‏(‏أو من المسجد‏)‏ أراد به كل مكان ليس بحرز فعم الطريق والصحراء ‏(‏ورب المتاع عنده‏)‏ أي بحيث يراه ‏(‏ولو‏)‏ الحافظ ‏(‏نائما‏)‏ في الأصح

‏(‏لا‏)‏ يقطع ‏(‏لو سرق ضيف ممن أضافه‏)‏ ولو من بعض بيوت الدار أو من صندوق مقفل لاختلال الحرز ‏(‏أو سرق شيئا ولم يخرجه من الدار‏)‏ لشبهة عدم الأخذ، بخلاف الغصب ‏(‏وإن أخرجه من حجرة الدار‏)‏ المتسعة جدا إلى صحنها ‏(‏أو أغار من أهل الحجر على حجرة‏)‏ أخرى لأن كل حجرة حرز ‏(‏أو نقب فدخل أو ألقى‏)‏ كذا رأيته في نسخ المتن والشرح بأو وصوابه بالواو كما في الكنز ‏(‏شيئا في الطريق‏)‏ يبلغ نصابا ‏(‏ثم أخذه‏)‏ قطع لأن الرمي حيلة يعتاده السراق فاعتبر الكل فعلا واحدا، ولو لم يأخذه أو أخذه غيره فهو مضيع لا سارق ‏(‏أو حمله على دابة فساقه وأخرجه‏)‏ أو علق رسنه في عنق كلب وزجره لأن سيره يضاف إليه ‏(‏أو ألقاه في الماء فأخرجه بتحريك السارق‏)‏ لما مر ‏(‏أو لا بتحريكه بل‏)‏ أخرجه ‏(‏قوة جريه على الأصح‏)‏ لأنه أخرجه بسببه زيلعي ‏(‏قطع‏)‏ في الكل لما ذكرنا‏.‏ ويشكل على الأخير ما قالوا‏:‏ لو علقه على طائر فطار إلى منزل السارق لم يقطع، فلذا والله أعلم‏.‏ جزم الحدادي وغيره بعدم القطع ‏(‏وإن‏)‏ نقب ثم ‏(‏ناوله آخر من خارج‏)‏ الدار ‏(‏أو أدخل يده في بيت وأخذ‏)‏ ويسمى اللص الظريف‏.‏ ولو وضعه في النقب ثم خرج وأخذه لم يقطع في الصحيح شمني ‏(‏أو طر‏)‏ أي شق ‏(‏صرة خارجة من‏)‏ نفس ‏(‏الكم‏)‏ فلو داخله قطع، وفي الحل بعكسه

‏(‏أو سرق‏)‏ من مرعى أو ‏(‏من قطار‏)‏ بفتح القاف الإبل على نسق واحد ‏(‏بعيرا أو حملا‏)‏ عليه ‏(‏لا‏)‏ يقطع لأن السائق والقائد والراعي لم يقصدوا للحفظ ‏(‏وإن‏)‏ كان معها حافظ أو ‏(‏شق الحمل فسرق منه أو سرق جوالقا‏)‏ بضم الجيم ‏(‏فيه متاع وربه يحفظه أو نائم عليه‏)‏ أو بقربه ‏(‏أو أدخل يده في صندوق غيره أو‏)‏ في ‏(‏جيبه أو كمه فأخذ المال قطع‏)‏ في الكل‏.‏ والأصل أن الحرز إن أمكن دخوله فهتكه بدخوله وإلا فبإدخال اليد فيه والأخذ منه‏.‏

‏[‏فروع في سرقة فسطاط منصوب‏]‏

سرق فسطاطا منصوبا لم يقطع ولو ملفوفا أو في فسطاط آخر قطع فتح‏.‏ أخرج من حرز شاة لا تبلغ نصابا فتبعها أخرى لم يقطع‏.‏ سرق مالا من حرز فدخل آخر وحمل السارق بما معه قطع المحمول فقط سراج‏.‏

‏(‏قال أنا سارق هذا الثوب قطع إن أضاف‏)‏ لكونه إقرارا بالسرقة ‏(‏وإن نونه‏)‏ ونصب الثوب ‏(‏لا‏)‏ يقطع لكونه عدة لا إقرارا درر‏.‏ وتوضيحه‏:‏ إذا قيل هذا قاتل زيد، معناه أنه قتله، وإذا قيل هذا قاتل زيدا معناه أنه يقتله، والمضارع يحتمل الحال والاستقبال فلا يقطع بالشك‏.‏ قلت‏:‏ في شرح الوهبانية‏:‏ ينبغي الفرق بين العالم والجاهل لأن العوام لا يفرقون إلا أن يقال يجعل شبهة لدرء الحد وفيه بعد‏.‏

‏(‏للإمام قتل السارق سياسة‏)‏ لسعيه في الأرض بالفساد درر، وهذا إن عاد، وأما قتله ابتداء فليس من السياسة في شيء نهر، قلت‏:‏ وقدمنا عنه معزيا للبحر في باب الوطء الموجب للحد أن التقييد بالإمام يفهم أنه ليس للقاضي الحكم بالسياسة فليحفظ‏.‏

باب كيفية القطع وإثباته

‏(‏تقطع يمين السارق من زنده‏)‏ هو مفصل الرسغ ‏(‏وتحسم‏)‏ وجوبا، وعند الشافعي ندبا فتح ‏(‏إلا في حر وبرد شديدين‏)‏ فلا تقطع لأن الحد زاجر لا متلف، ويحبس ليتوسط الأمر ‏(‏وثمن زيته ومؤنته‏)‏ كأجرة حداد وكلفة حسم ‏(‏على السارق‏)‏ عندنا لتسببه، بخلاف أجرة المحضر للخصوم ففي بيت المال، وقيل على المتمرد شرح وهبانية‏.‏ قلت‏:‏ وفي قضاء الخانية هو الصحيح، لكن في قضاء البزازية‏:‏ وقيل على المدعي وهو الأصح كالسارق ‏(‏ورجله اليسرى من الكعب إن عاد، فإن عاد‏)‏ ثالثا ‏(‏لا، وحبس‏)‏ وعزر أيضا بالضرب ‏(‏حتى يتوب‏)‏ أي تظهر أمارات التوبة شرح وهبانية، وما روي يقطع ثالثا ورابعا إن صح حمل على السياسة أو نسخ

‏(‏كمن سرق وإبهامه اليسرى مقطوعة أو شلاء أو أصبعان منها سواها‏)‏ سوى الإبهام ‏(‏أو رجله اليمنى مقطوعة أو شلاء‏)‏ لم يقطع لأنه إهلاك، بل يحبس ليتوب‏.‏ ‏(‏ولا يضمن قاطع‏)‏ اليد ‏(‏اليسرى‏)‏ ولو عمدا في الصحيح نهر ‏(‏إذا أمر بخلافه‏)‏ لأنه أتلف وأخلف من جنسه ما هو خير منه؛ وكذا لو قطعه غير الحداد في الأصح‏.‏

‏(‏ولو قطعه أحد قبل الأمر والقضاء وجب القصاص في العمد والدية في الخطإ وسقط القطع عن السارق‏)‏ سواء قطع يمينه أو يساره ‏(‏وقضاء القاضي بالقطع كالأمر‏)‏ على الصحيح ‏(‏فلا ضمان‏)‏ كافي‏.‏ وفي السراج‏:‏ سرق فلم يؤاخذ بها حتى قطعت يمينه قصاصا قطعت رجله اليسرى

‏(‏وطلب المسروق منه‏)‏ المال لا القطع على الظاهر بحر ‏(‏شرط القطع مطلقا‏)‏ في إقرار وشهادة على المذهب لأن الخصومة شرط لظهور السرقة ‏(‏وكذا حضوره‏)‏ أي المسروق منه ‏(‏عند الأداء‏)‏ للشهادة ‏(‏و‏)‏ عند ‏(‏القطع‏)‏ لاحتمال أن يقر له بالملك فيسقط القطع لا حضور الشهود على الصحيح شرح المنظومة، وأقره المصنف‏.‏ قلت‏:‏ لكنه مخالف لما قدمه متنا وشرحا فليحرر، وقد حرره في الشرنبلالية بما يفيد ترجيح الأول فتأمل‏.‏ ثم فرع على قوله وطلب المسروق إلى آخره فقال ‏(‏فلو أقر أنه سرق مال الغائب توقف القطع على حضوره ومخاصمته، و‏)‏ كذا ‏(‏لو قال سرقت هذه الدراهم ولا أدري لمن هي أو لا أخبرك من صاحبها لا قطع‏)‏ لأنه يلزم من جهالته عدم طلبه ‏(‏و‏)‏ كل ‏(‏من له يد صحيحة ملك الخصومة‏)‏ ثم فرع عليه بقوله ‏(‏كمودع وغاصب‏)‏ ومرتهن ومتول وأب ووصي وقابض على سوم الشراء ‏(‏وصاحب ربا‏)‏ بأن باع درهما بدرهمين وقبضهما فسرقا منه لأن الشراء فاسدا بمنزلة المغصوب، بخلاف معطي الربا لأنه بالتسليم لم يبق له ملك ولا يد شمني ولا قطع بسرقة اللقطة خانية‏.‏ ‏(‏ومن لا‏)‏ يد له صحيحة ‏(‏فلا‏)‏ يملك الخصومة كسارق سرق منه بعد القطع لم يقطع بخصومة أحد ولو مالكا لأن يده غير صحيحة كما يأتي آنفا‏.‏ ‏(‏ويقطع بطلب المالك‏)‏ أيضا ‏(‏لو سرق منهم‏)‏ أي من الثلاثة وكذا بطلب الراهن مع غيبة المرتهن على الظاهر لأنه هو المالك ‏(‏لا بطلب المالك‏)‏ للعين المسروقة ‏(‏أو‏)‏ بطلب ‏(‏السارق لو سرق من سارق بعد القطع‏)‏ لسقوط عصمته‏.‏ ‏(‏بخلاف ما إذا سرق‏)‏ الثاني من السارق الأول ‏(‏قبل القطع‏)‏ أو بعدما درئ بشبهة ‏(‏فإن له ولرب المال القطع‏)‏ لأن سقوط التقوم ضرورة القطع ولم توجد فصار كالغاصب، ثم بعد القطع هل للأول استرداده‏؟‏ روايتان واختار الكمال رده للمالك‏.‏

‏(‏سرق شيئا ورده قبل الخصومة‏)‏ عند القاضي ‏(‏إلى مالكه‏)‏ ولو حكما كأصوله ولو في غير عياله ‏(‏أو ملكه‏)‏ أي المسروق ‏(‏بعد القضاء‏)‏ بالقطع ولو بهبة مع قبض ‏(‏أو ادعى أنه ملكه‏)‏ وإن لم يبرهن للشبهة ‏(‏أو نقصت قيمته من النصاب‏)‏ بنقصان السعر في بلد الخصومة ‏(‏لم يقطع‏)‏ في المسائل الأربع‏.‏

‏(‏أقرا بسرقة نصاب ثم ادعى أحدهما شبهة‏)‏ مسقطة للقطع ‏(‏لم يقطعا‏)‏ قيد بإقرارهما لأنه لو أقر أنه سرق وفلان فأنكر فلان قطع المقر كقوله قتلت أنا وفلان‏.‏ ‏(‏ولو سرقا وغاب أحدهما وشهد‏)‏ أي شهد اثنان ‏(‏على سرقتهما قطع الحاضر‏)‏ لأن شبهة الشبهة لا تعتبر‏.‏

‏(‏ولو أقر عبد‏)‏ مكلف ‏(‏بسرقة قطع وترد السرقة إلى المسروق منه‏)‏ لو قائمة ‏(‏كما لو قامت عليه بينة بذلك‏)‏ لكن ‏(‏بشرط حضرة مولاه عند إقامتها‏)‏ خلافا للثاني لا عند إقراره بحد اتفاقا‏.‏ «ولا غرم على السارق بعدما قطعت يمينه» هذا لفظ الحديث درر وغيرها، ورواه الكمال‏:‏ «بعد قطع يمينه» ‏(‏وترد العين لو قائمة‏)‏ وإن باعها أو وهبها لبقائها على ملك مالكها ‏(‏ولا فرق‏)‏ في عدم الضمان ‏(‏بين هلاك العين واستهلاكها في الظاهر‏)‏ من الرواية، لكنه يفتى بأداء قيمتها ديانة، وسواء كان الاستهلاك ‏(‏قبل القطع أو بعده‏)‏ مجتبى‏.‏ وفيه لو استهلكه المشتري منه أو الموهوب له فللمالك تضمينه ‏(‏ولو قطع لبعض السرقات لم يضمن شيئا‏)‏ وقالا يضمن ما لم يقطع فيه‏.‏

‏(‏سرق ثوبا فشقه نصفين ثم أخرجه قطع إن بلغت قيمته نصابا بعد شقه ما لم يكن إتلافا‏)‏ بأن ينقص أكثر من نصف القيمة فله تضمين القيمة فيملكه مستندا إلى وقت الأخذ فلا قطع زيلعي‏.‏ وهل يضمن نقصان الشق مع القطع‏؟‏ صحح الخبازي لا‏.‏ وقال الكمال‏:‏ الحق نعم، ومتى اختار تضمين القيمة يسقط القطع لما مر‏.‏

‏(‏ولو سرق شاة فذبحها فأخرجها لا‏)‏ لما مر أنه لا قطع في اللحم ‏(‏وإن بلغ لحمها نصابا‏)‏ بل يضمن قيمتها‏.‏ ‏(‏ولو فعل ما سرق من الحجرين وهو قدر نصاب‏)‏ وقت الأخذ ‏(‏دراهم أو دنانير‏)‏ أو آنية ‏(‏قطع وردت‏)‏ وقالا‏:‏ لا ترد لتقوم الصنعة عندهما خلافا له‏.‏ وأما نحو النحاس لو جعله أواني، فإن كان يباع وزنا فكذلك، وإن عددا فهي للسارق اتفاقا اختيار‏.‏

‏(‏ولو صبغه أحمر أو طحن الحنطة‏)‏ أو لت السويق ‏(‏فقطع لا رد ولا ضمان‏)‏ وكذا لو صبغه بعد القطع بحر خلافا لما في الاختيار ‏(‏ولو‏)‏ صبغه ‏(‏أسود رده‏)‏ لأن السواد نقصان خلافا للثاني وهو اختلاف زمان لا برهان‏.‏

‏(‏سرق في ولاية سلطان ليس لسلطان آخر قطعه‏)‏ إذ لا ولاية له على من ليس تحت يده؛ فليحفظ هذا الأصل‏.‏ ‏(‏إذا كان للسارق كفان في معصم واحد‏)‏ قيل يقطعان، وقيل إن تميزت الأصلية وأمكن الاقتصار على قطعها ‏(‏لم يقطع الزائد‏)‏ لأنه غير مستحق للقطع ‏(‏وإلا‏)‏ تكن متميزة ‏(‏قطعا هو المختار‏)‏ لأنه لا يتمكن من إقامة الواجب إلا بذلك سراج، والله تعالى أعلم‏.‏