فصل: باب إدراك الفريضة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب إدراك الفريضة

‏(‏شرع فيها أداء‏)‏ خرج النافلة والمنذورة والقضاء فإنه لا يقطعها ‏(‏منفردا ثم أقيمت‏)‏ أي شرع في الفريضة في مصلاه، لا إقامة المؤذن ولا الشروع في مكان وهو في غيره ‏(‏يقطعها‏)‏ لعذر إحراز الجماعة كما لو ندت دابته أو فار قدرها، أو خاف ضياع درهم من ماله، أو كان في النفل فجيء بجنازة وخاف فوتها قطعه لإمكان قضائه‏.‏

ويجب القطع لنحو إنجاء غريق أو حريق‏.‏ ولو دعاه أحد أبويه في الفرض لا يجيبه إلا أن يستغيث به‏.‏ وفي النفل إن علم أنه في الصلاة فدعاه لا يجيبه وإلا أجابه ‏(‏قائما‏)‏ لأن القعود مشروط للتحلل، وهذا قطع لا تحلل، ويكتفي ‏(‏بتسليمة واحدة‏)‏ هو الأصح غاية

‏(‏ويقتدي بالإمام‏)‏ وهذا ‏(‏إن لم يقيد الركعة الأولى بسجدة أو قيدها‏)‏ بها ‏(‏في غير رباعية أو فيها و‏)‏ لكن ‏(‏ضم إليها‏)‏ ركعة ‏(‏أخرى‏)‏ وجوبا ثم يأتم إحرازا للنفل والجماعة ‏(‏وإن صلى ثلاثا منها‏)‏ أي الرباعية ‏(‏أتم‏)‏ منفردا ‏(‏ثم اقتدى‏)‏ بالإمام ‏(‏متنفلا، ويدرك‏)‏ بذلك ‏(‏فضيلة الجماعة‏)‏ حاوي ‏(‏إلا في العصر‏)‏ فلا يقتدي لكراهة النفل بعده ‏(‏والشارع في نفل لا يقطع مطلقا‏)‏ ويتمه ركعتين ‏(‏وكذا سنة الظهر و‏)‏ سنة ‏(‏الجمعة إذا أقيمت أو خطب الإمام‏)‏ يتمها أربعا ‏(‏على‏)‏ القول ‏(‏الراجح‏)‏ لأنها صلاة واحدة، وليس القطع للإكمال بل للإبطال خلافا لما رجحه الكمال

‏(‏وكره‏)‏ تحريما للنهي ‏(‏خروج من لم يصل من مسجد أذن فيه‏)‏ جرى على الغالب والمراد دخول الوقت أذن فيه أو لا ‏(‏إلا لمن ينتظم به أمر جماعة أخرى‏)‏ أو كان الخروج لمسجد حيه ولم يصلوا فيه، أو لأستاذه لدرسه، أو لسماع الوعظ أو لحاجة ومن عزمه أن يعود نهر ‏(‏و‏)‏ إلا ‏(‏لمن صلى الظهر والعشاء‏)‏ وحده ‏(‏مرة‏)‏ فلا يكره خروجه بل تركه للجماعة ‏(‏إلا عند‏)‏ الشروع في ‏(‏الإقامة‏)‏ فيكره لمخالفته الجماعة بلا عذر‏.‏ بل يقتدي متنفلا لما مر ‏(‏و‏)‏ إلا ‏(‏لمن صلى الفجر والعصر والمغرب مرة‏)‏ فيخرج مطلقا ‏(‏وإن أقيمت‏)‏ لكراهة النفل بعد الأوليين، وفي المغرب أحد المحظورين البتيراء أو مخالفة الإمام بالإتمام‏.‏ وفي النهر‏:‏ ينبغي أن يجب خروجه لأن كراهة مكثه بلا صلاة أشد‏.‏ قلت‏:‏ أفاد القهستاني أن كراهة التنفل بالثلاث تنزيهية‏.‏

وفي المضمرات‏:‏ لو اقتدى فيه لأساء ‏(‏وإذا خاف فوت‏)‏ ركعتي ‏(‏الفجر لاشتغاله بسنتها تركها‏)‏ لكون الجماعة أكمل ‏(‏وإلا‏)‏ بأن رجا إدراك ركعة في ظاهر المذهب‏.‏ وقيل التشهد واعتمده المصنف والشرنبلالي تبعا للبحر، لكن ضعفه في النهر ‏(‏لا‏)‏ يتركها بل يصليها عند باب المسجد إن وجد مكانا وإلا تركها لأن ترك المكروه مقدم على فعل السنة‏.‏ ثم ما قيل يشرع فيها ثم يكبر للفريضة أو ثم يقطعها ويقضيها مردود بأن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة ‏(‏ولا يقضيها إلا بطريق التبعية ل‏)‏ قضاء ‏(‏فرضها قبل الزوال لا بعده في الأصح‏)‏ لورود الخبر بقضائها في الوقت المهمل، بخلاف القياس فغيره عليه لا يقاس ‏(‏بخلاف سنة الظهر‏)‏ وكذا الجمعة ‏(‏فإنه‏)‏ إن خاف فوت ركعة ‏(‏يتركها‏)‏ ويقتدي ‏(‏ثم يأتي بها‏)‏ على أنها سنة ‏(‏في وقته‏)‏ أي الظهر ‏(‏قبل شفعه‏)‏ عند محمد، وبه يفتى جوهرة‏.‏ وأما ما قبل العشاء فمندوب لا يقضى أصلا

‏(‏ولا يكون مصليا جماعة‏)‏ اتفاقا ‏(‏من أدرك ركعة من ذوات الأربع‏)‏ لأنه منفرد ببعضها ‏(‏لكنه أدرك فضلها‏)‏ ولو بإدراك التشهد اتفاقا، لكن ثوابه دون المدرك لفوات التكبيرة الأولى، واللاحق كالمدرك لكونه مؤتما حكما ‏(‏وكذا مدرك الثلاث‏)‏ لا يكون مصليا بجماعة ‏(‏على الأظهر‏)‏‏.‏ وقال السرخسي‏:‏ للأكثر حكم الكل، وضعفه في البحر‏.‏

‏(‏وإذا أمن فوت الوقت تطوع‏)‏ ما شاء ‏(‏قبل الفرض وإلا لا‏)‏ بل يحرم التطوع لتفويته الفرض ‏(‏ويأتي بالسنة‏)‏ مطلقا ‏(‏ولو صلى منفردا على الأصح‏)‏ لكونها مكملات؛ وأما في حقه عليه الصلاة والسلام فلزيادة الدرجات، ثم قول الدرر‏:‏ وإن فاتته الجماعة مشكل بما مر فتدبر‏.‏

‏(‏ولو اقتدى بإمام راكع فوقف حتى رفع الإمام رأسه لم يدرك‏)‏ المؤتم ‏(‏الركعة‏)‏ لأن المشاركة في جزء من الركن شرط ولم توجد فيكون مسبوقا فيأتي بها بعد فراغ الإمام، بخلاف ما لو أدركه في القيام ولم يركع معه فإنه يصير مدركا لها فيكون لاحقا فيأتي بها قبل الفراغ، ومتى لم يدرك الركوع معه تجب المتابعة في السجدتين وإن لم تحسبا له ولا تفسد بتركهما، فلو لم يدرك الركعة ولم يتابعه لكنه إذا سلم الإمام فقام وأتى بركعة فصلاته تامة وقد ترك واجبا نهر عن التجنيس‏.‏ ‏(‏ولو ركع‏)‏ قبل الإمام ‏(‏فلحقه إمامه فيه صح‏)‏ ركوعه، وكره تحريما إن قرأ الإمام قدر الفرض ‏(‏وإلا لا‏)‏ يجزيه؛ ولو سجد المؤتم مرتين والإمام في الأولى لم تجزه سجدته عن الثانية، وتمامه في الخلاصة‏.‏

باب قضاء الفوائت

لم يقل المتروكات ظنا بالمسلم خيرا، إذ التأخير بلا عذر كبيرة لا تزول بالقضاء بل بالتوبة أو الحج، ومن العذر العدو، وخوف القابلة موت الولد لأنه عليه الصلاة والسلام أخرها يوم الخندق، ثم الأداء فعل الواجب في وقته وبالتحريمة فقط بالوقت يكون أداء عندنا، وبركعة عند الشافعي

والإعادة فعل مثله في وقته لخلل غير الفساد لقولهم‏:‏ كل صلاة أديت مع كراهة التحريم تعاد أي وجوبا في الوقت، وأما بعده فندبا،

والقضاء فعل الواجب بعد وقته، وإطلاقه على غير الواجب كالتي قبل الظهر مجاز ‏(‏الترتيب بين الفروض الخمسة والوتر أداء وقضاء لازم‏)‏ يفوت الجواز بفوته، للخبر المشهور‏:‏ «من نام عن صلاة» وبه يثبت الفرض العملي ‏(‏وقضاء الفرض والواجب والسنة فرض وواجب وسنة‏)‏ لف ونشر مرتب، وجميع أوقات العمر وقت للقضاء إلا الثلاثة المنهية كما مر ‏(‏فلم يجز‏)‏ تفريع على اللزوم ‏(‏فجر من تذكر أنه لم يوتر‏)‏ لوجوبه عنده ‏(‏إلا‏)‏ استثناء من اللزوم فلا يلزم الترتيب ‏(‏إذا ضاق الوقت المستحب‏)‏ حقيقة إذ ليس من الحكمة تفويت الوقتية لتدارك الفائتة‏.‏

ولو لم يسع الوقت كل الفوائت فالأصح جواز الوقتية مجتبى، وفيه ظن من عليه العشاء ضيق وقت الفجر فصلاها وفيه سعة يكررها إلى الطلوع وفرضه الأخير ‏(‏أو نسيت الفائتة‏)‏ لأنه عذر ‏(‏أو فاتت ست اعتقادية‏)‏ لدخولها في حد التكرار المقتضي للحرج ‏(‏بخروج وقت السادسة‏)‏ على الأصح ولو متفرقة أو قديمة على المعتمد لأنه متى اختلف الترجيح رجح إطلاق المتون بحر ‏(‏أو ظن ظنا معتبرا‏)‏ أي يسقط لزوم الترتيب أيضا بالظن المعتبر، كمن صلى الظهر ذاكرا لتركه الفجر فسد ظهره، فإذا قضى الفجر ثم صلى العصر ذاكرا للظهر جاز العصر، إذ لا فائتة عليه في ظنه حال أداء العصر، وهو ظن معتبر لأنه مجتهد فيه‏.‏

وفي المجتبي‏:‏ من جهل فرضية الترتيب يلحق بالناسي واختاره جماعة من أئمة بخارى، وعليه يخرج ما في القنية‏:‏ صبي بلغ وقت الفجر وصلى الظهر مع تذكره جاز، ولا يلزم الترتيب بهذا العذر ‏(‏ولا يعود‏)‏ لزوم الترتيب ‏(‏بعد سقوطه بكثرتها‏)‏ أي الفوائت ‏(‏بعود الفوائت إلى القلة ب‏)‏ سبب ‏(‏القضاء‏)‏ لبعضها على المعتمد لأن الساقط لا يعود ‏(‏وكذا لا يعود‏)‏ الترتيب ‏(‏بعد سقوطه بباقي المسقطات‏)‏ السابقة من النسيان والضيق؛ حتى لو خرج الوقت في خلال الوقتية لا تفسد وهو مؤد، هو الأصح مجتبي، لكن في النهر والسراج عن الدراية‏:‏ لو سقط للنسيان والضيق ثم تذكر واتسع الوقت يعود اتفاقا، ونحوه في الأشباه في بيان الساقط لا يعود فليحرر ‏(‏وفساد‏)‏ أصل ‏(‏الصلاة بترك الترتيب موقوف‏)‏ عند أبي حنيفة سواء ظن وجوب الترتيب أو لا ‏(‏فإن كثرت وصارت الفوائت مع الفائتة ستا ظهر صحتها‏)‏ بخروج وقت الخامسة التي هي سادسة الفوائت لأن دخول وقت السادسة غير شرط لأنه لو ترك فجر يوم وأدى باقي صلواته انقلبت صحيحة بعد طلوع الشمس ‏(‏وإلا‏)‏ بأن لم تصر ستا ‏(‏لا‏)‏ تظهر صحتها بل تصير نفلا، وفيها يقال‏:‏ صلاة تصحح خمسا وأخرى تفسد خمسا‏.‏

‏(‏ولو مات وعليه صلوات فائتة وأوصى بالكفارة يعطى لكل صلاة نصف صاع من بر‏)‏ كالفطرة ‏(‏وكذا حكم الوتر‏)‏ والصوم، وإنما يعطي ‏(‏من ثلث ماله‏)‏ ولو لم يترك مالا يستقرض وارثه نصف صاع مثلا ويدفعه لفقير ثم يدفعه الفقير للوارث ثم وثم حتى يتم‏.‏ ‏(‏ولو قضاها ورثته بأمره لم يجز‏)‏ لأنها عبادة بدنية ‏(‏بخلاف الحج‏)‏ لأنه يقبل النيابة، ولو أدى للفقير أقل من نصف صاع لم يجز؛ ولو أعطاه الكل جاز، ولو فدى عن صلاته في مرضه لا يصح بخلاف الصوم‏.‏

‏(‏ويجوز تأخير الفوائت‏)‏ وإن وجبت على الفور ‏(‏لعذر السعي على العيال؛ وفي الحوائج على الأصح‏)‏ وسجدة التلاوة والنذر المطلق وقضاء رمضان موسع‏.‏ وضيق الحلواني، كذا في المجتبى ‏(‏ويعذر بالجهل حربي أسلم ثمة ومكث مدة فلا قضاء عليه‏)‏ لأن الخطاب إنما يلزم بالعلم أو دليله ولم يوجدا ‏(‏كما لا يقضي مرتد ما فاته زمنها‏)‏ ولا ما قبلها إلا الحج، لأنه بالردة يصير كالكافر الأصلي ‏(‏و‏)‏ لذا ‏(‏يلزم بإعادة فرض‏)‏ أداه ثم ‏(‏ارتد عقبه وتاب‏)‏ أي أسلم ‏(‏في الوقت‏)‏ لأنه حبط بالردة‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله‏}‏ وخالف الشافعي بدليل‏:‏ ‏{‏فيمت وهو كافر‏}‏ قلنا‏:‏ أفادت عملين وجزاءين إحباط العمل والخلود في النار؛ فالإحباط بالردة، والخلود بالموت عليها، فليحفظ‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

صبي احتلم بعد صلاة العشاء واستيقظ بعد الفجر لزمه قضاؤها‏.‏ صلى في مرضه بالتيمم والإيماء ما فاته في صحته صح ولا يعيد لو صح‏.‏ كثرت الفوائت نوى أول ظهر عليه أو آخره، وكذا الصوم لو من رمضانين هو الأصح‏.‏ وينبغي أن لا يطلع غيره على قضائه لأن التأخير معصية فلا يظهرها‏.‏

باب سجود السهو

من إضافة الحكم إلى سببه وأولاه بالفوائت لأنه لإصلاح ما فات، وهو والنسيان والشك واحد عند الفقهاء والظن الطرف الراجح والوهم الطرف المرجوح ‏(‏يجب بعد سلام واحد عن يمينه فقط‏)‏ لأنه المعهود، وبه يحصل التحليل وهو الأصح بحر عن المجتبى‏.‏ وعليه لو أتى بتسليمتين سقط عنه السجود؛ ولو سجد قبل السلام جاز وكره تنزيها‏.‏ وعند مالك قبله في النقصان وبعده في الزيادة، فيعتبر القاف بالقاف والدال بالدال ‏(‏سجدتان‏.‏ و‏)‏ يجب أيضا ‏(‏تشهد وسلام‏)‏ لأن سجود السهو يرفع التشهد دون القعدة لقوتها، بخلاف الصلبية فإنها ترفعهما وكذا التلاوية على المختار؛ ويأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء في القعود الأخير في المختار، وقيل فيهما احتياطا ‏(‏إذا كان الوقت صالحا‏)‏ فلو طلعت الشمس في الفجر، أو احمرت في القضاء، أو وجد منه ما يقطع البناء بعد السلام سقط عنه فتح‏.‏ وفي القنية لو بنى النفل على فرض سها فيه لم يسجد‏:‏

‏(‏بترك‏)‏ متعلق بيجب ‏(‏واجب‏)‏ مما مر في صفة الصلاة ‏(‏سهوا‏)‏ فلا سجود في العمد، قيل إلا في أربع‏:‏ ترك القعدة الأولى، وصلاته فيه على النبي صلى الله عليه وسلم، وتفكره عمدا حتى شغله عن ركن، وتأخير سجدة الركعة الأولى إلى آخر الصلاة نهر ‏(‏وإن تكرر‏)‏ لأن تكراره غير مشروع ‏(‏كركوع‏)‏ متعلق بترك واجب ‏(‏قبل قراءة‏)‏ الواجب لوجوب تقديمها، ثم إنما يتحقق الترك بالسجود؛ فلو تذكر ولو بعد الرفع من الركوع عاد ثم أعاد الركوع، إلا أنه في تذكر الفاتحة يعيد السورة أيضا ‏(‏وتأخير قيام إلى الثالثة بزيادة على التشهد بقدر ركن‏)‏ وقيل بحرف‏.‏ وفي الزيلعي‏:‏ الأصح وجوبه باللهم صل على محمد ‏(‏والجهر فيما يخافت فيه‏)‏ للإمام ‏(‏وعكسه‏)‏ لكل مصل في الأصح والأصح تقديره ‏(‏بقدر ما تجوز به الصلاة في الفصلين‏.‏ وقيل‏)‏ قائله قاضي خان يجب السهو ‏(‏بهما‏)‏ أي بالجهر والمخافتة ‏(‏مطلقا‏)‏ أي قل أو كثر ‏(‏وهو ظاهر الرواية‏)‏ واعتمده الحلواني ‏(‏على منفرد‏)‏ متعلق بيجب ‏(‏ومقتد بسهو إمامه إن سجد إمامه‏)‏ لوجوب المتابعة ‏(‏لا بسهوه‏)‏ أصلا

‏(‏والمسبوق يسجد مع إمامه مطلقا‏)‏ سواء كان السهو قبل الاقتداء أو بعده ‏(‏ثم يقضي ما فاته‏)‏ ولو سها فيه سجد ثانيا ‏(‏وكذا اللاحق‏)‏ لكنه يسجد في آخر صلاته، ولو سجد مع إمامه أعاده، والمقيم خلف المسافر كالمسبوق، وقيل كاللاحق‏.‏

‏(‏سها عن القعود الأول من الفرض‏)‏ ولو عمليا، أما النفل فيعود ما لم يقيد بالسجدة ‏(‏ثم تذكره عاد إليه‏)‏ وتشهد، ولا سهو عليه في الأصح ‏(‏ما لم يستقم قائما‏)‏ في ظاهر المذهب، وهو الأصح فتح ‏(‏وإلا‏)‏ أي وإن استقام قائما ‏(‏لا‏)‏ يعود لاشتغاله بفرض القيام ‏(‏وسجد للسهو‏)‏ لترك الواجب ‏(‏فلو عاد إلى القعود‏)‏ بعد ذلك ‏(‏تفسد صلاته‏)‏ لرفض الفرض لما ليس بفرض وصححه الزيلعي ‏(‏وقيل لا‏)‏ تفسد لكنه يكون مسيئا ويسجد لتأخير الواجب ‏(‏وهو الأشبه‏)‏ كما حققه الكمال وهو الحق بحر، وهذا في غير المؤتم؛ أما المؤتم فيعود حتما وإن خاف فوت الركعة لأن القعود فرض عليه بحكم المتابعة سراج‏.‏ وظاهره أنه لو لم يعد بطلت بحر‏.‏ قلت‏:‏ وفيه كلام‏.‏ والظاهر أنها واجبة في الواجب فرض في الفرض نهر، ولنا فيها رسالة حافلة فراجعها‏.‏

‏(‏ولو سها عن القعود الأخير‏)‏ كله أو بعضه ‏(‏عاد‏)‏ ويكفي كون كلا الجلستين قدر التشهد ‏(‏ما لم يقيدها بسجدة‏)‏ لأن ما دون الركعة محل الرفض وسجد للسهو لتأخير القعود ‏(‏وإن قيدها‏)‏ بسجدة عامدا أو ناسيا أو ساهيا أو مخطئا ‏(‏تحول فرضه نفلا برفعه‏)‏ الجبهة عند محمد، وبه يفتى لأن تمام الشيء بآخره، فلو سبقه الحدث قبل رفعه توضأ وبنى خلافا لأبي يوسف، حتى قال‏:‏ زه، صلاة فسدت أصلحها الحدث، والعبرة للإمام، حتى لو عاد ولم يعلم به القوم حتى سجدوا لم تفسد صلاتهم ما لم يتعمدوا السجود‏.‏ وفيه يلغز‏:‏ أي مصل ترك القعود الأخير وقيد الخامسة بسجدة ولم يبطل فرضه‏؟‏ ‏(‏وضم سادسة‏)‏ ولو في العصر والفجر ‏(‏إن شاء‏)‏ لاختصاص الكراهة والإتمام بالقصد ‏(‏ولا يسجد للسهو على الأصح‏)‏ لأن النقصان بالفساد لا ينجبر

‏(‏وإن قعد في الرابعة‏)‏ مثلا قدر التشهد ‏(‏ثم قام عاد وسلم‏)‏ ولو سلم قائما صح؛ ثم الأصح أن القوم ينتظرونه، فإن عاد تبعوه ‏(‏وإن سجد للخامسة سلموا‏)‏ لأنه تم فرضه، إذ لم يبق عليه إلا السلام ‏(‏وضم إليها سادسة‏)‏ لو في العصر، وخامسة في المغرب‏:‏ ورابعة في الفجر به يفتى ‏(‏لتصير الركعتان له نفلا‏)‏ والضم هنا آكد، ولا عهدة لو قطع، ولا بأس بإتمامه في وقت كراهة على المعتمد ‏(‏وسجد للسهو‏)‏ في الصورتين، لنقصان فرضه بتأخير السلام في الأولى وتركه في الثانية ‏(‏و‏)‏ الركعتان ‏(‏لا ينوبان عن السنة الراتبة‏)‏ بعد الفرض في الأصح لأن المواظبة عليهما إنما كانت بتحريمة مبتدأة، ولو اقتدى به فيهما صلاهما أيضا، وإن أفسد قضاهما به يفتى نقاية‏.‏

‏(‏ولو ترك القعود الأول في النفل سهوا سجد ولم تفسد استحسانا‏)‏ لأنه كما شرع ركعتين شرع أربعة أيضا، وقدمنا أنه يعود ما لم يقيد الثالثة بسجدة، وقيل لا ‏(‏وإذا صلى ركعتين‏)‏ فرضا أو نفلا ‏(‏وسها فيهما فسجد له بعد السلام ثم شفع عليه لم يكن له ذلك البناء‏)‏ أي يكره له تحريما، أراد بناء لئلا يبطل سجوده بلا ضرورة ‏(‏بخلاف المسافر‏)‏ إذا نوى الإقامة لأنه لو لم يبن بطلت ‏(‏ولو فعل ما ليس له‏)‏ من البناء ‏(‏صح‏)‏ بناؤه ‏(‏لبقاء التحريمة ويعيد‏)‏ هو والمسافر ‏(‏سجود السهو على المختار‏)‏ لبطلانه بوقوعه في خلال الصلاة ‏(‏سلام من عليه سجود سهو يخرجه‏)‏ من الصلاة خروجا ‏(‏موقوفا‏)‏ إن سجد عاد إليها وإلا لا وعلى هذا ‏(‏فيصح‏)‏ الاقتداء به ويبطل وضوءه بالقهقهة، ويصير فرضه أربعا بنية الإقامة ‏(‏إن سجد‏)‏ للسهو في المسائل الثلاث ‏(‏وإلا‏)‏ وإلا يسجد ‏(‏لا‏)‏ تثبت الأحكام المذكورة، كذا في عامة الكتب، وهو غلط في الأخيرتين‏.‏ والصواب أنه لا يبطل وضوءه ولا يتغير فرضه سجد أو لا لسقوط السجود بالقهقهة وكذا بالنية، لئلا يقع في خلال الصلاة، وتمامه في البحر والنهر

‏(‏ويسجد للسهو ولو مع سلامه‏)‏ ناويا ‏(‏للقطع‏)‏ لأن نية تغيير المشروع لغو ‏(‏ما لم يتحول عن القبلة أو يتكلم‏)‏ لبطلان التحريمة، ولو نسي السهو أو سجدة صلبية أو تلاوية يلزمه ذلك ما دام في المسجد‏.‏ ‏(‏سلم مصلي الظهر‏)‏ مثلا ‏(‏على‏)‏ رأس ‏(‏الركعتين توهما‏)‏ إتمامها ‏(‏أتمها‏)‏ أربعا ‏(‏وسجد للسهو‏)‏ لأن السلام ساهيا لا يبطل لأنه دعاء من وجه ‏(‏بخلاف ما لو سلم على ظن‏)‏ أن فرض الظهر ركعتان، بأن ظن ‏(‏أنه مسافر أو أنها الجمعة أو كان قريب عهد بالإسلام فظن أن فرض الظهر ركعتان أو كان في صلاة العشاء فظن أنها التراويح فسلم‏)‏ أو سلم ذاكرا أن عليه ركنا حيث تبطل لأنه سلام عمد‏.‏ وقيل لا تبطل حتى يقصد به خطاب آدمي ‏(‏والسهو في صلاة العيد والجمعة والمكتوبة والتطوع سواء‏)‏ والمختار عند المتأخرين عدمه في الأوليين لدفع الفتنة كما في جمعة البحر، وأقره المصنف، وبه جزم في الدرر‏.‏

‏(‏وإذا شك‏)‏ في صلاته ‏(‏من لم يكن ذلك‏)‏ أي الشك ‏(‏عادة له‏)‏ وقيل من لم يشك في صلاة قط بعد بلوغه وعليه أكثر المشايخ بحر عن الخلاصة ‏(‏كم صلى استأنف‏)‏ بعمل مناف وبالسلام قاعدا أولى لأنه المحل ‏(‏وإن كثر‏)‏ شكه ‏(‏عمل بغالب ظنه إن كان‏)‏ له ظن للحرج ‏(‏وإلا أخذ بالأقل‏)‏ لتيقنه ‏(‏وقعد في كل موضع توهمه موضع قعوده‏)‏ ولو واجبا لئلا يصير تاركا فرض القعود أو واجبه ‏(‏و‏)‏ اعلم أنه ‏(‏إذا شغله ذلك‏)‏ الشك فتفكر ‏(‏قدر أداء ركن ولم يشتغل حالة الشك بقراءة ولا تسبيح‏)‏ ذكره في الذخيرة ‏(‏وجب عليه سجود السهو في‏)‏ جميع ‏(‏صور الشك‏)‏ سواء عمل بالتحري أو بنى على الأقل فتح لتأخير الركن، لكن في السراج أنه يسجد للسهو في أخذ الأقل مطلقا، وفي غلبة الظن إن تفكر قدر ركن‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

أخبره عدل بأنه ما صلى أربعا وشك في صدقه وكذبه أعاد احتياطا‏.‏ ولو اختلف الإمام والقوم فلو الإمام على يقين لم يعد وإلا أعاد بقولهم‏.‏ شك أنها ثانية الوتر أم ثالثته قنت وقعد ثم صلى أخرى وقنت أيضا في الأصح‏.‏ شك هل كبر للافتتاح أو لا، أو أحدث أو لا، أو أصابه نجاسة أو لا، أو مسح رأسه أو لا، استقبل إن كان أول مرة وإلا‏.‏ واختلف لو شك في أركان الحج وظاهر الرواية البناء على الأقل، وعليك بالأشباه في قاعدة‏:‏ اليقين لا يزول بالشك‏.‏

باب صلاة المريض

من إضافة الفعل لفاعله أو محله ومناسبته كونه عارضا سماويا فتأخر سجود التلاوة ضرورة ‏(‏من تعذر عليه القيام‏)‏ أي كله ‏(‏لمرض‏)‏ حقيقي وحده أن يلحقه بالقيام ضرر به يفتى ‏(‏قبلها أو فيها‏)‏ أي الفريضة ‏(‏أو‏)‏ حكمي بأن ‏(‏خاف زيادته أو بطء برئه بقيامه أو دوران رأسه أو وجد لقيامه ألما شديدا‏)‏ أو كان لو صلى قائما سلس بوله أو تعذر عليه الصوم كما مر ‏(‏صلى قاعدا‏)‏ ولو مستندا إلى وسادة أو إنسان فإنه يلزمه ذلك على المختار ‏(‏كيف شاء‏)‏ على المذهب لأن المرض أسقط عنه الأركان فالهيئات أولى‏.‏ وقال زفر‏:‏ كالمتشهد، قيل وبه يفتى ‏(‏بركوع وسجود وإن قدر على بعض القيام‏)‏ ولو متكئا على عصا أو حائط ‏(‏قام‏)‏ لزوما بقدر ما يقدر ولو قدر آية أو تكبيرة على المذهب لأن البعض معتبر بالكل ‏(‏وإن تعذرا‏)‏ ليس تعذرهما شرطا بل تعذر السجود كاف ‏(‏لا القيام أومأ‏)‏ بالهمز ‏(‏قاعدا‏)‏ وهو أفضل من الإيماء قائما لقربه من الأرض ‏(‏ويجعل سجوده أخفض من ركوعه‏)‏ لزوما ‏(‏ولا يرفع إلى وجهه شيئا يسجد عليه‏)‏ فإنه يكره تحريما ‏(‏فإن فعل‏)‏ بالبناء للمجهول ذكره العيني ‏(‏وهو يخفض برأسه لسجوده أكثر من ركوعه صح‏)‏ على أنه إيماء لا سجود إلا أن يجد قوة الأرض ‏(‏وإلا‏)‏ يخفض ‏(‏لا‏)‏ يصح لعدم الإيماء ‏(‏وإن تعذر القعود‏)‏ ولو حكما ‏(‏أومأ مستلقيا‏)‏ على ظهره ‏(‏ورجلاه نحو القبلة‏)‏ غير أنه ينصب ركبتيه لكراهة مد الرجل إلى القبلة ويرفع رأسه يسيرا ليصير وجهه إليها ‏(‏أو على جنبه الأيمن‏)‏ أو الأيسر ووجهه إليها ‏(‏والأول أفضل‏)‏ على المعتمد ‏(‏وإن تعذر الإيماء‏)‏ برأسه ‏(‏وكثرت الفوائت‏)‏ بأن زادت على يوم وليلة ‏(‏سقط القضاء عنه‏)‏ وإن كان يفهم في ظاهر الرواية ‏(‏وعليه الفتوى‏)‏ كما في الظهيرية لأن مجرد العقل لا يكفي لتوجه الخطاب‏.‏ وأفاد بسقوط الأركان سقوط الشرائط عند العجز بالأولى ولا يعيد في ظاهر الرواية بدائع‏.‏

‏(‏ولو اشتبه على مريض أعداد الركعات والسجدات لنعاس يلحقه لا يلزمه الأداء‏)‏ ولو أداها بتلقين غيره ينبغي أن يجزيه كذا في القنية ‏(‏ولم يومئ بعينه وقلبه وحاجبه‏)‏ خلافا لزفر

‏(‏ولو عرض له مرض في صلاته يتم بما قدر‏)‏ على المعتمد ‏(‏ولو صلى قاعدا بركوع وسجود فصح بنى، ولو كان‏)‏ يصلي ‏(‏بالإيماء‏)‏ فصح لا يبني إلا إذا صح قبل أن يومئ بالركوع والسجود ‏(‏كما لو كان يومئ مضطجعا ثم قدر على القعود، ولم يقدر على الركوع والسجود‏)‏ فإنه يستأنف ‏(‏على المختار‏)‏ لأن حالة القعود أقوى فلم يجز بناؤه على الضعيف

‏(‏وللمتطوع الاتكاء على شيء‏)‏ كعصا وجدار ‏(‏مع الإعياء‏)‏ أي التعب بلا كراهة وبدونه يكره ‏(‏و‏)‏ له ‏(‏القعود‏)‏ بلا كراهة مطلقا هو الأصح ذكره الكمال وغيره‏.‏

‏(‏صلى الفرض في فلك‏)‏ جار ‏(‏قاعدا بلا عذر صح‏)‏ لغلبة العجز ‏(‏وأساء‏)‏ وقالا‏:‏ لا يصح إلا بعذر وهو الأظهر برهان ‏(‏والمربوطة في الشط كالشط‏)‏ في الأصح ‏(‏والمربوطة بلجة البحر إن كان الريح يحركها شديدا فكالسائرة وإلا فكالواقفة‏)‏ ويلزم استقبال القبلة عند الافتتاح وكلما دارت، ولو أم قوما في فلكين مربوطتين صح وإلا لا

‏(‏ومن جن أو أغمي عليه‏)‏ ولو بفزع من سبع أو آدمي ‏(‏يوما وليلة قضى الخمس وإن زاد وقت صلاة‏)‏ سادسة ‏(‏لا‏)‏ للحرج‏.‏ ولو أفاق في المدة، فإن لإفاقته وقت معلوم قضى وإلا لا ‏(‏زال عقله ببنج أو خمر‏)‏ أو دواء ‏(‏لزمه القضاء وإن طالت‏)‏ لأنه بصنع العباد كالنوم‏.‏

‏(‏ولو قطعت يداه ورجلاه من المرفق والكعب وبوجهه جراحة صلى بغير طهارة، ولا تيمم ولا يعيد وهو الأصح‏)‏ وقد مر في التيمم، وقيل لا صلاة عليه وقيل يلزمه غسل موضع القطع‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

أمكن الغريق الصلاة بالإيماء بلا عمل كثير لزمه الأداء وإلا لا‏.‏ أمره الطبيب بالاستلقاء لبزغ الماء من عينه صلى بالإيماء لأن حرمة الأعضاء كحرمة النفس‏.‏

مريض تحته ثياب نجسة، وكلما بسط شيئا تنجس من ساعته صلى على حاله وكذا لو لم يتنجس إلا أنه يلحقه مشقة بتحريكه‏.‏

باب سجود التلاوة

من إضافة الحكم إلى سببه ‏(‏يجب‏)‏ بسبب ‏(‏تلاوة آية‏)‏ أي أكثرها مع حرف السجدة ‏(‏من أربع عشرة آية‏)‏ أربع في النصف الأول وعشر في الثاني ‏(‏منها أولى الحج‏)‏ أما ثانيته فصلاتية لاقترانها بالركوع ‏(‏وص‏)‏ خلافا للشافعي وأحمد‏.‏ ونفى مالك سجود المفصل ‏(‏بشرط سماعها‏)‏ فالسبب التلاوة وإن لم يوجد السماع، كتلاوة الأصم والسماع شرط في حق غير التالي ولو بالفارسية إذا أخبر ‏(‏أو‏)‏ بشرط ‏(‏الائتمام‏)‏ أي الاقتداء ‏(‏بمن تلاها‏)‏ فإنه سبب لوجوبها أيضا، إن لم يسمعها ولم يحضرها للمتابعة ‏(‏ولو تلاها المؤتم لم يسجد‏)‏ المصلي ‏(‏أصلا‏)‏ لا في الصلاة ولا بعدها ‏(‏بخلاف الخارج‏)‏ لأن الحجر ثبت لمعينين فلا يعدوهم، حتى لو دخل معهم سقطت، ولا تجب على من تلا في ركوعه أو سجوده، أو تشهده للحجر فيها عن القراءة

‏(‏بشروط الصلاة‏)‏ المتقدمة ‏(‏خلا التحريمة‏)‏ ونية التعيين، ويفسدها ما يفسدها‏:‏ وركنها‏:‏ السجود أو بدله كركوع مصل وإيماء مريض وراكب ‏(‏وهي سجدة بين تكبيرتين‏)‏ مسنونتين جهرا وبين قيامين مستحبين ‏(‏بلا رفع يد وتشهد وسلام وفيها تسبيح السجود‏)‏ في الأصح ‏(‏على من كان‏)‏ متعلق بيجب ‏(‏أهلا لوجوب الصلاة‏)‏ لأنها من أجزائها ‏(‏أداء‏)‏ كالأصم إذا تلا ‏(‏أو قضاء‏)‏ كالجنب والسكران والنائم ‏(‏فلا تجب على كافر وصبي ومجنون وحائض ونفساء قرءوا أو سمعوا‏)‏ لأنهم ليسوا أهلا لها ‏(‏وتجب بتلاوتهم‏)‏ يعني المذكورين ‏(‏خلا المجنون المطبق‏)‏ فلا تجب بتلاوته لعدم أهليته، ولو قصر جنونه فكان يوما وليلة أو أقل تلزمه تلا أو سمع، وإن أكثر لا تلزمه بل تلزم من سمعه على ما حرره ملا خسرو، لكن جزم الشرنبلالي باختلاف الرواية ونقل الوجوب بالسماع من المجنون عن الفتاوى الصغرى والجوهرة قلت‏:‏ وبه جزم القهستاني ‏(‏لا‏)‏ تجب ‏(‏بسماعه من الصدى والطير‏)‏ ومن كل تال حرفا ولا بالتهجي أشباه ‏(‏و‏)‏ لا ‏(‏من المؤتم لو‏)‏ كان السامع ‏(‏في صلاته‏)‏ أي صلاة المؤتم بخلاف الخارج كما مر

‏(‏وهي على التراخي‏)‏ على المختار ويكره تأخيرها تنزيها، ويكفيه أن يسجد عدد ما عليه بلا تعيين ويكون مؤديا وتسقط بالحيض والردة ‏(‏إن لم تكن صلوية‏)‏ فعلى الفور لصيرورتها جزءا منها ويأثم بتأخيرها ويقضيها ما دام في حرمة الصلاة ولو بعد السلام فتح ثم هذه النسبة هي الصواب، وقولهم صلاتية خطأ قاله المصنف لكن في الغاية أنه خطأ مستعمل وهو عند الفقهاء خير من صواب نادر

‏(‏ومن سمعها من إمام‏)‏ ولو باقتدائه به ‏(‏فائتم به قبل أن يسجد الإمام لها سجد معه‏)‏ و لو ائتم ‏(‏بعده لا‏)‏ يسجد أصلا كذا أطلق في الكنز تبعا للأصل ‏(‏وإن لم يقتد به‏)‏ أصلا ‏(‏سجدها‏)‏ وكذا لو اقتدى به في ركعة أخرى على ما اختاره البزدوي وغيره وهو ظاهر الهداية

‏(‏ولو تلاها في الصلاة سجدها فيها لا خارجها‏)‏ لما مر‏.‏ وفي البدائع‏:‏ وإذا لم يسجد أثم فتلزمه التوبة ‏(‏إلا إذا فسدت الصلاة بغير الحيض‏)‏ فلو به تسقط عنها السجدة ذكره في الخلاصة ‏(‏فيسجدها خارجها‏)‏ لأنها لما فسدت لم يبق إلا مجرد التلاوة فلم تكن صلوية، ولو بعد ما سجدها لم يعدها ذكره في القنية، ويخالفه ما في الخانية تلاها في نفل فأفسده قضاه دون السجدة إلا أن يحمل على ما إذا كان بعد سجودها

‏(‏وتؤدى بركوع وسجود‏)‏ غير ركوع الصلاة وسجودها ‏(‏في الصلاة وكذا في خارجها ينوب عنها الركوع‏)‏ في ظاهر المروي بزازية ‏(‏لها‏)‏ أي للتلاوة ‏(‏و‏)‏ تؤدى ‏(‏بركوع صلاة‏)‏ إذا كان الركوع ‏(‏على الفور من قراءة آية‏)‏ أو آيتين وكذا الثلاث على الظاهر كما في البحر ‏(‏إن نواه‏)‏ أي كون الركوع ‏(‏لسجود‏)‏ التلاوة على الراجح ‏(‏و‏)‏ تؤدى ‏(‏بسجودها كذلك‏)‏ أي على الفور ‏(‏وإن لم ينو‏)‏ بالإجماع، ولو نواها في ركوعه ولم ينوها المؤتم لم تجزه ويسجد إذا سلم الإمام ويعيد القعدة، ولو تركها فسدت صلاته كذا في القنية وينبغي حمله على الجهرية‏.‏ نعم لو ركع وسجد لها فورا ناب بلا نية، ولو سجد لها فظن القوم أنه ركع، فمن ركع رفضه وسجد لها، ومن ركع وسجد سجدة أجزأته عنها، ومن ركع وسجد سجدتين فسدت صلاته لأنه انفرد بركعة تامة

‏(‏ولو سمع المصلي‏)‏ السجدة ‏(‏من غيره لم يسجد فيها‏)‏ لأنها غير صلاتية ‏(‏بل‏)‏ يسجد ‏(‏بعدها‏)‏ لسماعها من غير محجور ‏(‏ولو سجد فيها لم تجزه‏)‏ لأنها ناقصة للنهي فلا يتأدى بها الكامل ‏(‏وأعاده‏)‏ أي السجود لما مر، إلا إذا تلاها المصلي غير المؤتم ولو بعد سماعها سراج ‏(‏دونها‏)‏ أي الصلاة لأن زيادة ما دون الركعة لا يفسد إلا إذا تابع المصلي التالي فتفسد لمتابعته غير إمامه ولا تجزئه عما سمع تجنيس وغيره

‏(‏وإن تلاها في غير الصلاة فسجد ثم دخل الصلاة فتلاها‏)‏ فيها ‏(‏سجد أخرى‏)‏ ولو لم يسجد أو لا كفته واحدة لأن الصلاتية أقوى من غيرها فتستتبع غيرها وإن اختلف المجلس، ولو لم يسجد في الصلاة سقطتا في الأصح وأثم كما مر

‏(‏ولو كررها في مجلسين تكررت وفي مجلس‏)‏ واحد ‏(‏لا‏)‏ تتكرر بل كفته واحدة وفعلها بعد الأولى أولى قنية‏.‏ وفي البحر التأخير أحوط والأصل أن مبناها على التداخل دفعا للحرج بشرط اتحاد الآية والمجلس ‏(‏وهو تداخل في السبب‏)‏ بأن يجعل الكل كتلاوة واحدة فتكون الواحدة سببا والباقي تبعا لها، وهو أليق بالعبادة لأن تركها مع وجود سببها شنيع ‏(‏لا‏)‏ تداخل ‏(‏في الحكم‏)‏ بأن تجعل كل تلاوة سببا لسجدة فتداخلت السجدات فاكتفي بواحدة لأنه أليق بالعقوبة لأنها للزجر وهو ينزجر بواحدة فيحصل المقصود والكريم يعفو مع قيام سبب العقوبة وأفاد الفرق بقوله ‏(‏فتنوب الواحدة‏)‏ في تداخل السبب ‏(‏عما قبلها وعما بعدها‏)‏ ولا تنوب في تداخل الحكم إلا عما قبلها حتى لو زنى فحد ثم زنى في المجلس حد ثانيا ‏(‏و‏)‏ إسداء ‏(‏الثوب‏)‏ ذاهبا وآيبا ‏(‏وانتقاله من غصن‏)‏ شجرة ‏(‏إلى آخر وسبحه في نهر أو حوض تبديل‏)‏ للمجلس أو الآية ‏(‏فتجب‏)‏ سجدة أو سجدات ‏(‏أخرى‏)‏ بخلاف زوايا مسجد وبيت وسفينة سائرة وفعل قليل كأكل لقمتين وقيام ورد سلام، وكذا دابة يصلي عليها لأن الصلاة تجمع الأماكن ولو لم يصل تتكرر ‏(‏كما‏)‏ تتكرر ‏(‏لو تبدل مجلس سامع دون تال‏)‏ حتى لو كررها راكبا يصلي وغلامه يمشي تتكرر على الغلام لا الراكب ‏(‏لا‏)‏ تتكرر ‏(‏في عكسه‏)‏ وهو تبدل مجلس التالي دون السامع على المفتى به وهذا يفيد ترجيح سببية السماع وأما الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم فكذلك عند المتقدمين‏.‏ وقال المتأخرون‏:‏ تتكرر إذ لا تداخل في حقوق العباد، وأما العطاس فالأصح أنه إن زاد على الثلاث لا يشمته خلاصة

‏(‏وكره ترك آية سجدة وقراءة باقي السورة‏)‏ لأن فيه قطع نظم القرآن وتغيير تأليفه واتباع النظم والتأليف مأمور به بدائع، ومفاده أن الكراهة تحريمية ‏(‏لا‏)‏ يكره ‏(‏عكسه و‏)‏ لكن ‏(‏ندب ضم آية أو آيتين إليها‏)‏ قبلها أو بعدها لدفع وهم التفضيل إذ الكل من حيث إنه كلام الله في رتبة وإن كان لبعضها زيادة فضيلة باشتماله على صفاته تعالى واستحسن إخفاؤها عن سامع غير متهيئ للسجود‏.‏ واختلف التصحيح في وجوبها على متشاغل بعمل ولا يسمعها والراجح الوجوب زجرا له عن تشاغله عن كلام الله فنزل سامعا لأنه بعرضة أن يسمع

‏(‏ولو سمع آية سجدة‏)‏ من قوم ‏(‏من كل واحد‏)‏ منهم ‏(‏حرفا لم يسجد‏)‏ لأنه لم يسمعها من تال خانية فقد أفاد أن اتحاد التالي شرط‏.‏ ‏[‏مهمة لكل مهمة‏]‏ في الكافي‏:‏ قيل من قرأ آي السجدة كلها في مجلس وسجد لكل منها كفاه الله ما أهمه وظاهره أنه يقرؤها ولاء ثم يسجد، ويحتمل أن يسجد لكل بعد قراءتها وهو غيره مكروه كما مر‏.‏

وسجدة الشكر‏:‏ مستحبة به يفتى لكنها تكره بعد الصلاة لأن الجهلة يعتقدونها سنة أو واجبة وكل مباح يؤدي إليه فمكروه، ويكره للإمام أن يقرأها في مخافتة ونحو جمعة وعيد إلا أن تكون بحيث تؤدى بركوع الصلاة أو سجودها ولو تلا على المنبر سجد وسجد السامعون‏.‏

باب صلاة المسافر

من إضافة الشيء إلى شرطه أو محله، ولا يخفى أن التلاوة عارض هو عبادة والسفر عارض مباح إلا بعارض فلذا أخر؛ وسمي به لأنه يسفر عن أخلاق الرجال‏.‏ ‏(‏من خرج من عمارة موضع إقامته‏)‏ من جانب خروجه وإن لم يجاوز من الجانب الآخر‏.‏ وفي الخانية‏:‏ إن كان بين الفناء والمصر أقل من غلوة وليس بينهما مزرعة يشترط مجاوزته وإلا فلا ‏(‏قاصدا‏)‏ ولو كافرا، ومن طاف الدنيا بلا قصد لم يقصر ‏(‏مسيرة ثلاثة أيام ولياليها‏)‏ من أقصر أيام السنة ولا يشترط سفر كل يوم إلى الليل بل إلى الزوال ولا اعتبار بالفراسخ على المذهب ‏(‏بالسير الوسط مع الاستراحات المعتادة‏)‏ حتى لو أسرع فوصل في يومين قصر؛ ولو لموضع طريقان أحدهما مدة السفر والآخر أقل قصر في الأول لا الثاني‏.‏ ‏(‏صلى الفرض الرباعي ركعتين‏)‏ وجوبا لقول ابن عباس‏:‏ «إن الله فرض على لسان نبيكم صلاة المقيم أربعا والمسافر ركعتين»، ولذا عدل المصنف عن قولهم قصر لأن الركعتين ليستا قصرا حقيقة عندنا بل هما تمام فرضه والإكمال ليس رخصة في حقه بل إساءة‏.‏ قلت‏:‏ وفي شروح البخاري أن الصلوات فرضت ليلة الإسراء ركعتين سفرا وحضرا إلا المغرب فلما هاجر عليه الصلاة والسلام واطمأن بالمدينة زيدت إلا الفجر لطول القراءة فيها والمغرب لأنها وتر النهار فلما استقر فرض الرباعية خفف فيها في السفر عند نزول قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة‏}‏ وكان قصرها في السنة الرابعة من الهجرة وبهذا تجتمع الأدلة ا هـ كلامهم فليحفظ‏.‏

‏(‏ولو‏)‏ كان ‏(‏عاصيا بسفره‏)‏ لأن القبح المجاور لا يعدم المشروعية ‏(‏حتى يدخل موضع مقامه‏)‏ إن سار مدة السفر، وإلا فيتم بمجرد نية العود لعدم استحكام السفر ‏(‏أو ينوي‏)‏ ولو في الصلاة إذا لم يخرج وقتها ولم يك لاحقا ‏(‏إقامة نصف شهر‏)‏ حقيقة أو حكما لما في البزازية وغيرها‏:‏ لو دخل الحاج الشام وعلم أنه لا يخرج إلا مع القافلة في نصف شوال أتم لأنه كناوي الإقامة ‏(‏بموضع‏)‏ واحد ‏(‏صالح لها‏)‏ من مصر أو قرية أو صحراء دارنا وهو من أهل الأخبية ‏(‏فيقصر إن نوى‏)‏ الإقامة ‏(‏في أقل منه‏)‏ أي في نصف شهر ‏(‏أو‏)‏ نوى ‏(‏فيه لكن في غير صالح‏)‏ أو كنحو جزيرة أو نوى فيه لكن ‏(‏بموضعين مستقلين كمكة ومنى‏)‏ فلو دخل الحاج مكة أيام العشر لم تصح نيته لأنه يخرج إلى منى وعرفة فصار كنية الإقامة في غير موضعها وبعد عوده من منى تصح كما لو نوى مبيته بأحدهما أو كان أحدهما تبعا للآخر بحيث تجب الجمعة على ساكنه للاتحاد حكما ‏(‏أو لم يكن مستقلا برأيه‏)‏ كعبد وامرأة ‏(‏أو دخل بلدة ولم ينوها‏)‏ أي مدة الإقامة ‏(‏بل ترقب السفر‏)‏ غدا أو بعده ‏(‏ولو بقي‏)‏ على ذلك ‏(‏سنين‏)‏ إلا أن يعلم تأخر القافلة نصف شهر كما مر

‏(‏وكذا‏)‏ يصلي ركعتين ‏(‏عسكر دخل أرض حرب أو حاصر حصنا فيها‏)‏ بخلاف من دخلها بأمان فإنه يتم ‏(‏أو‏)‏ حاصر ‏(‏أهل البغي في دارنا في غير مصر مع نية الإقامة مدتها‏)‏ للتردد بين القرار والفرار ‏(‏بخلاف أهل الأخبية‏)‏ كعرب وتركمان ‏(‏نووها‏)‏ في المفازة فإذا تصح ‏(‏في الأصح‏)‏ وبه يفتى إذا كان عندهم من الماء والكلأ ما يكفيهم مدتها لأن الإقامة أصل إلا إذا قصدوا موضعا بينهما مدة السفر فيقصرون إن نووا سفرا وإلا لا ولو نوى غيرهم الإقامة معهم لم يصح في الأصح‏.‏ والحاصل أن شروط الإتمام ستة‏:‏ النية، والمدة، واستقلال الرأي، وترك السير، واتحاد الموضع، وصلاحيته، قهستاني‏.‏

‏(‏فلو أتم مسافر إن قعد في‏)‏ القعدة ‏(‏الأولى تم فرضه و‏)‏ لكنه ‏(‏أساء‏)‏ لو عامدا لتأخير السلام وترك واجب القصر وواجب تكبيرة افتتاح النفل وخلط النفل بالفرض، وهذا لا يحل كما حرره القهستاني بعد أن فسر أساء بأثم واستحق النار ‏(‏وما زاد نفل‏)‏ كمصلي الفجر أربعا ‏(‏وإن لم يقعد بطل فرضه‏)‏ وصار الكل نفلا لترك القعدة المفروضة إلا إذا نوى الإقامة قبل أن يقيد الثالثة بسجدة لكنه يعيد القيام والركوع لوقوعه نفلا فلا ينوب عن الفرض ولو نوى في السجدة صار نفلا

‏(‏وصح اقتداء المقيم بالمسافر في الوقت وبعده فإذا قام‏)‏ المقيم ‏(‏إلى الإتمام لا يقرأ‏)‏ ولا يسجد للسهو ‏(‏في الأصح‏)‏ لأنه كاللاحق والقعدتان فرض عليه وقيل لا قنية ‏(‏وندب للإمام‏)‏ هذا يخالف الخانية وغيرها أن العلم بحال الإمام شرط لكن في حاشية الهداية للهندي الشرط العلم بحاله في الجملة لا في حال الابتداء‏.‏ وفي شرح الإرشاد ينبغي أن يخبرهم قبل شروعه وإلا فبعد سلامه ‏(‏أن يقول‏)‏ بعد التسليمتين في الأصح‏:‏ «أتموا صلاتكم فإني مسافر» لدفع توهم أنه سها، ولو نوى الإقامة لا لتحقيقها بل ليتم صلاة المقيمين لم يصر مقيما

وأما اقتداء المسافر بالمقيم فيصح في الوقت ويتم لا بعده فيما يتغير لأنه اقتداء المفترض بالمتنفل في حق القعدة لو اقتدى في الأوليين أو القراءة لو في الأخريين

‏(‏ويأتي‏)‏ المسافر ‏(‏بالسنن‏)‏ إن كان ‏(‏في حال أمن وقرار وإلا‏)‏ بأن كان في خوف وفرار ‏(‏لا‏)‏ يأتي بها هو المختار لأنه ترك لعذر تجنيس، قيل إلا سنة الفجر

‏(‏والمعتبر في تغيير الفرض آخر الوقت‏)‏ وهو قدر ما يسع التحريمة ‏(‏فإن كان‏)‏ المكلف ‏(‏في آخره مسافرا وجب ركعتان وإلا فأربع‏)‏ لأنه المعتبر في السببية عند عدم الأداء قبله

‏(‏الوطن الأصلي‏)‏ هو موطن ولادته أو تأهله أو توطنه ‏(‏يبطل بمثله‏)‏ إذا لم يبق له بالأول أهل، فلو بقي لم يبطل بل يتم فيهما ‏(‏لا غير و‏)‏ يبطل ‏(‏وطن الإقامة بمثله و‏)‏ بالوطن ‏(‏الأصلي و‏)‏ بإنشاء ‏(‏السفر‏)‏ والأصل أن الشيء يبطل بمثله، وبما فوقه لا بما دونه ولم يذكر وطن السكنى وهو ما نوى فيه أقل من نصف شهر لعدم فائدته، وما صوره الزيلعي رده في البحر

‏(‏والمعتبر نية المتبوع‏)‏ لأنه الأصل ‏(‏لا التابع كامرأة‏)‏ وفاها مهرها المعجل ‏(‏وعبد‏)‏ غير مكاتب ‏(‏وجندي‏)‏ إذا كان يرتزق من الأمير أو بيت المال ‏(‏وأجير‏)‏ وأسير وغريم وتلميذ ‏(‏مع زوج ومولى وأمير ومستأجر‏)‏ لف ونشر مرتب‏.‏ قلت‏:‏ فقيد المعية ملاحظ في تحقق التبعية مع ملاحظة شرط آخر محقق لذلك وهو الارتزاق في مسألة الجندي ووفاء المهر في المرأة وعدم كتابة العبد، وبه بان جواب حادثة جزيرة كريد سنة ثمانين وألف ‏(‏لا بد من علم التابع بنية المتبوع؛ فلو نوى المتبوع الإقامة ولم يعلم التابع فهو مسافر حتى يعلم على الأصح‏)‏ وفي الفيض وبه يفتى كما في المحيط وغيره دفعا للضرر عنه، فما في الخلاصة عبد أم مولاه فنوى المولى الإقامة إن أتم صحت صلاتهما وإلا لا مبنى على خلاف الأصح

‏(‏والقضاء يحكي‏)‏ أي يشابه ‏(‏الأداء سفرا وحضرا‏)‏ لأنه بعدما تقرر لا يتغير غير أن المريض يقضي فائتة الصحة في مرضه بما قدر‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

سافر السلطان قصر‏.‏

تزوج المسافر ببلد صار مقيما على الأوجه‏.‏

طهرت الحائض وبقي لمقصدها يومان تتم في الصحيح كصبي بلغ بخلاف كافر أسلم‏.‏

عبد مشترك بين مقيم ومسافر إن تهايآ قصر في نوبة المسافر وإلا يفرض عليه القعود الأول ويتم احتياطا ولا يأتم بمقيم أصلا وهو مما يلغز‏.‏

قال لنسائه‏:‏ من لم تدر منكن كم ركعة فرض يوم وليلة فهي طالق فقالت إحداهن عشرون والثانية سبعة عشر والثالثة خمسة عشر والرابعة إحدى عشر لم يطلقن لأن الأولى ضمت الوتر والثانية تركته والثالثة ليوم الجمعة والرابعة للمسافر، والله أعلم‏.‏

باب الجمعة

بتثليث الميم وسكونها ‏(‏هي فرض‏)‏ عين ‏(‏يكفر جاحدها‏)‏ لثبوتها بالدليل القطعي كما حققه الكمال وهي فرض مستقل آكد من الظهر وليست بدلا عنه كما حرره الباقاني معزيا لسري الدين بن الشحنة‏.‏ وفي البحر‏:‏ وقد أفتيت مرارا بعدم صلاة الأربع بعدها بنية آخر ظهر خوف اعتقاد عدم فرضية الجمعة وهو الاحتياط في زماننا، وأما من لا يخاف عليه مفسدة منها فالأولى أن تكون في بيته خفية‏.‏

‏(‏ويشترط لصحتها‏)‏ سبعة أشياء‏:‏ الأول‏:‏ ‏(‏المصر وهو ما لا يسع أكبر مساجده أهله المكلفين بها‏)‏ وعليه فتوى أكثر الفقهاء مجتبى لظهور التواني في الأحكام وظاهر المذهب أنه كل موضع له أمير وقاض يقدر على إقامة الحدود كما حررناه فيما علقناه على الملتقى‏.‏ وفي القهستاني‏:‏ إذن الحاكم ببناء الجامع في الرستاق إذن بالجمعة اتفاقا على ما قاله السرخسي وإذا اتصل به الحكم صار مجمعا عليه فليحفظ‏.‏ ‏(‏أو فناؤه‏)‏ بكسر الفاء ‏(‏وهو ما‏)‏ حوله ‏(‏اتصل به‏)‏ أو لا كما حرره ابن الكمال وغيره ‏(‏لأجل مصالحه‏)‏ كدفن الموتى وركض الخيل والمختار للفتوى تقديره بفرسخ ذكره الولوالجي‏.‏

‏(‏و‏)‏ الثاني‏:‏ ‏(‏السلطان‏)‏ ولو متغلبا أو امرأة فيجوز أمرها بإقامتها لا إقامتها ‏(‏أو مأمورة بإقامتها‏)‏ ولو عبدا ولي عمل ناحية وإن لم تجز أنكحته وأقضيته‏.‏

‏(‏واختلف في الخطيب المقرر من جهة الإمام الأعظم أو‏)‏ من جهة ‏(‏نائبه هل يملك الاستنابة في الخطبة‏؟‏ فقيل لا مطلقا‏)‏ أي لضرورة أو لا إلا أن يفوض إليه ذلك ‏(‏وقيل إن لضرورة جاز‏)‏ وإلا لا ‏(‏وقيل نعم‏)‏ يجوز ‏(‏مطلقا‏)‏ بلا ضرورة لأنه على شرف الفوات لتوقته فكان الأمر به إذنا بالاستخلاف دلالة ولا كذلك القضاء ‏(‏وهو الظاهر‏)‏ من عباراتهم‏.‏ ففي البدائع‏:‏ كل من ملك الجمعة ملك إقامة غيره وفي النجعة في تعداد الجمعة لابن جرباش إنما يشترط الإذن لإقامتها عند بناء المسجد، ثم لا يشترط بعد ذلك بل الإذن مستصحب لكل خطيب وتمامه في البحر وما قيده الزيلعي لا دليل له، وما ذكره منلا خسرو وغيره رده ابن الكمال في رسالته خاصة برهن فيها على الجواز بلا شرط وأطنب فيها وأبدع ولكثير من الفوائد أودع‏.‏ وفي مجمع الأنهر‏:‏ أنه جائز مطلقا في زماننا لأنه وقع في تاريخ خمس وأربعين وتسعمائة إذن عام وعليه الفتوى‏.‏

وفي السراجية‏:‏ لو صلى أحد بغير إذن الخطيب لا يجوز إلا إذا اقتدى به من له ولاية الجمعة، ويؤيد ذلك أنه يلزم أداء النفل بجماعة وأقره شيخ الإسلام‏.‏

‏(‏مات والي مصر فجمع خليفته أو صاحب الشرط‏)‏ بفتحتين حاكم السياسة ‏(‏أو القاضي المأذون له في ذلك جاز‏)‏ لأن تفويض أمر العامة إليهم إذن بذلك دلالة فلقاضي القضاة بالشام أن يقيمها وأن يولي الخطباء بلا إذن صريح ولا تقدير الباشا، وقالوا‏:‏ يقيمها أمير البلد ثم الشرطى ثم القاضي ثم من ولاه قاضي القضاة ‏(‏ونصب العامة‏)‏ الخطيب ‏(‏غير معتبر مع وجود من ذكر‏)‏ أما مع عدمهم فيجوز للضرورة

‏(‏وجازت‏)‏ الجمعة ‏(‏بمنى في الموسم‏)‏ فقط ‏(‏ل‏)‏ وجود ‏(‏الخليفة‏)‏ أو أمير الحجاز أو العراق أو مكة ووجود الأسواق والسكك وكذا كل أبنية نزل بها الخليفة وعدم التعييد بمنى للتخفيف ‏(‏لا‏)‏ تجوز ‏(‏لأمير الموسم‏)‏ لقصور ولايته على أمور الحج حتى لو أذن له جاز ‏(‏ولا بعرفات‏)‏ لأنها مفازة

‏(‏وتؤدى في مصر واحد بمواضع كثيرة‏)‏ مطلقا على المذهب وعليه الفتوى شرح المجمع للعيني وإمامة فتح القدير دفعا للحرج، وعلى المرجوح فالجمعة لمن سبق تحريمة وتفسد بالمعية والاشتباه، فيصلي بعدها آخر ظهر، وكل ذلك خلاف المذهب، فلا يعول عليه كما حرره في البحر‏.‏ وفي مجمع الأنهر معزيا للمطلب والأحوط نية آخر ظهر أدركت وقته لأن وجوبه عليه بآخر الوقت فتنبه

‏(‏و‏)‏ الثالث ‏(‏وقت الظهر فتبطل‏)‏ الجمعة ‏(‏بخروجه‏)‏ مطلقا ولو لاحقا بعذر نوم أو زحمة على المذهب لأن الوقت شرط الأداء لا شرط الافتتاح‏.‏ ‏(‏و‏)‏ الرابع‏:‏ ‏(‏الخطبة فيه‏)‏ فلو خطب قبله وصلى فيه لم تصح‏.‏ ‏(‏و‏)‏ الخامس‏:‏ ‏(‏كونها قبلها‏)‏ لأن شرط الشيء سابق عليه ‏(‏بحضرة جماعة تنعقد‏)‏ الجمعة ‏(‏بهم ولو‏)‏ كانوا ‏(‏صما أو نياما فلو خطب وحده لم يجز على الأصح‏)‏ كما في البحر عن الظهيرية لأن الأمر بالسعي للذكر ليس إلا لاستماعه والمأمور جمع‏.‏ وجزم في الخلاصة بأنه يكفي حضور واحد ‏(‏وكفت تحميدة أو تهليلة أو تسبيحة‏)‏ للخطبة المفروضة مع الكراهة وقالا‏:‏ لا بد من ذكر طويل وأقله قدر التشهد الواجب ‏(‏بنيتها، فلو حمد لعطاسه‏)‏ أو تعجبا ‏(‏لم ينب عنها على المذهب‏)‏ كما في التسمية على الذبيحة، لكنه ذكر في الذبائح أنه ينوب فتأمل‏.‏

‏(‏ويسن خطبتان‏)‏ خفيفتان وتكره زيادتهما على قدر سورة من طوال المفصل ‏(‏بجلسة بينهما‏)‏ بقدر ثلاث آيات على المذهب وتاركها مسيء على الأصح كتركه قراءة قدر ثلاث آيات، ويجهر بالثانية لا كالأولى ويبدأ بالتعوذ سرا‏.‏ ويندب ذكر الخلفاء الراشدين والعمين لا الدعاء للسلطان وجوزه القهستاني، ويكره تحريما وصفه بما ليس فيه، ويكره تكلمه فيها إلا لأمر بمعروف لأنه منها، ومن السنة جلوسه في مخدعه عن يمين المنبر ولبس السواد وترك السلام من خروجه إلى دخوله في الصلاة‏.‏ وقال الشافعي‏:‏ إذا استوى على المنبر سلم مجتبى ‏(‏وطهارة وستر‏)‏ عورة ‏(‏قائما‏)‏ وهل هي قائمة مقام ركعتين‏؟‏ الأصح لا، ذكره الزيلعي كشطرها في الثواب؛ ولو خطب جنبا ثم اغتسل وصلى جاز، ولو فصل بأجنبي فإن طال بأن رجع لبيته فتغدى أو جامع واغتسل استقبل خلاصة‏:‏ أي لزوما لبطلان الخطبة سراج، لكن سيجيء أنه لا يشترط اتحاد الإمام والخطيب‏.‏

‏(‏و‏)‏ السادس‏:‏ ‏(‏الجماعة‏)‏ وأقلها ثلاثة رجال ‏(‏ولو غير الثلاثة الذين حضروا‏)‏ الخطبة ‏(‏سوى الإمام‏)‏ بالنص لأنه لا بد من الذاكر وهو الخطيب وثلاثة سواه بنص -‏:‏ ‏{‏فاسعوا إلى ذكر الله‏}‏ - ‏(‏فإن نفروا قبل سجوده‏)‏ وقالا قبل التحريمة ‏(‏بطلت وإن بقي ثلاثة‏)‏ رجال ولذا أتى بالتاء ‏(‏أو نفروا بعد سجوده‏)‏ أو عادوا وأدركوه راكعا أو نفروا الخطبة وصلى بآخرين ‏(‏لا‏)‏ تبطل ‏(‏وأتمها‏)‏ جمعة‏.‏

‏(‏و‏)‏ السابع‏:‏ ‏(‏الإذن العام‏)‏ من الإمام، وهو يحصل بفتح أبواب الجامع للواردين كافي فلا يضر غلق باب القلعة لعدو أو لعادة قديمة لأن الإذن العام مقرر لأهله وغلقه لمنع العدو لا المصلي، نعم لو لم يغلق لكان أحسن كما في مجمع الأنهر معزيا لشرح عيون المذاهب قال‏:‏ وهذا أولى مما في البحر والمنح فليحفظ‏.‏ ‏(‏فلو دخل أمير حصنا‏)‏ أو قصره ‏(‏وأغلق بابه‏)‏ وصلى بأصحابه ‏(‏لم تنعقد‏)‏ ولو فتحه وأذن للناس بالدخول جاز وكره، فالإمام في دينه ودنياه إلى العامة محتاج، فسبحان من تنزه عن الاحتياج‏.‏

‏(‏وشرط لافتراضها‏)‏ تسعة تختص بها ‏(‏إقامة بمصر‏)‏ وأما المنفصل عنه فإن كان يسمع النداء تجب عليه عند محمد وبه يفتى كذا في الملتقى، وقدمنا عن الولوالجية تقديره بفرسخ ورجح في البحر اعتبار عوده لبيته بلا كلفة ‏(‏وصحة‏)‏ وألحق بالمريض الممرض والشيخ الفاني ‏(‏وحرية‏)‏ والأصح وجوبها على مكاتب ومبعض وأجير ويسقط من الأجر بحسابه لو بعيدا وإلا لا؛ ولو أذن له مولاه وجبت وقيل يخير جوهرة ورجح في البحر التخيير ‏(‏وذكورة‏)‏ محققة ‏(‏وبلوغ وعقل‏)‏ ذكره الزيلعي وغيره وليسا خاصين ‏(‏ووجود بصر‏)‏ فتجب على الأعور ‏(‏قدرته على المشي‏)‏ جزم في البحر بأن سلامة أحدهما له كاف في الوجوب لكن قال الشمني وغيره‏:‏ لا تجب على مفلوج الرجل ومقطوعها ‏(‏وعدم حبس و‏)‏ عدم ‏(‏خوف و‏)‏ عدم ‏(‏مطر شديد‏)‏ ووحل وثلج ونحوهما ‏(‏وفاقدها‏)‏ أي هذه الشروط أو بعضها ‏(‏إن‏)‏ اختار العزيمة و ‏(‏صلاها وهو مكلف‏)‏ بالغ عاقل ‏(‏وقعت فرضا‏)‏ عن الوقت لئلا يعود على موضوعه بالنقض وفي البحر هي أفضل إلا للمرأة

‏(‏ويصلح للإمامة فيها من صلح لغيرها فجازت لمسافر وعبد ومريض وتنعقد‏)‏ الجمعة ‏(‏بهم‏)‏ أي بحضورهم بالطريق الأولى

‏(‏وحرم لمن لا عذر له صلاة الظهر قبلها‏)‏ أما بعدها فلا يكره غاية ‏(‏في يومها بمصر‏)‏ لكونه سببا لتفويت الجمعة وهو حرام ‏(‏فإن فعل ثم‏)‏ ندم و ‏(‏سعى‏)‏ عبر به اتباعا للآية ولو كان في المسجد لم يبطل إلا بالشروع قيد بقوله ‏(‏إليها‏)‏ لأنه لو خرج لحاجة أو مع فراغ الإمام أو لم يقمها أصلا لم تبطل في الأصح فالبطلان به مقيد بإمكان إدراكها ‏(‏بأن انفصل عن‏)‏ باب ‏(‏داره‏)‏ والإمام فيها، ولو لم يدركها لبعد المسافة فالأصح أنه لا يبطل السراج ‏(‏بطل‏)‏ ظهره لا أصل الصلاة ولا ظهر من اقتدى به ولم يسع ‏(‏أدركها أو لا‏)‏ بلا فرق بين معذور وغيره على المذهب

‏(‏وكره‏)‏ تحريما ‏(‏لمعذور ومسجون‏)‏ ومسافر ‏(‏أداء ظهر بجماعة في مصر‏)‏ قبل الجمعة وبعدها لتقليل الجماعة وصورة المعارضة وأفاد أن المساجد تغلق يوم الجمعة إلا الجامع

‏(‏وكذا أهل مصر فاتتهم الجمعة‏)‏ فإنهم يصلون الظهر بغير أذان ولا إقامة ولا جماعة‏.‏ ويستحب للمريض تأخيرها إلى فراغ الإمام وكره إن لم يؤخر هو الصحيح

‏(‏ومن أدركها في تشهد أو سجود سهو‏)‏ على القول به فيها ‏(‏يتمها جمعة‏)‏ خلافا لمحمد ‏(‏كما‏)‏ يتم ‏(‏في العيد‏)‏ اتفاقا كما في عيد الفتح لكن في السراج أنه عند محمد لم يصر مدركا له ‏(‏وينوي جمعة لا ظهرا‏)‏ اتفاقا فلو نوى الظهر لم يصح اقتداؤه ثم الظاهر أنه لا فرق بين المسافر وغيره نهر بحتا

‏(‏إذا خرج الإمام‏)‏ من الحجرة إن كان وإلا فقيامه للصعود شرح المجمع ‏(‏فلا صلاة ولا كلام إلى تمامها‏)‏ وإن كان فيها ذكر الظلمة في الأصح ‏(‏خلا قضاء فائتة لم يسقط الترتيب بينها وبين الوقتية‏)‏ فإنها لا تكره سراج وغيره لضرورة صحة الجمعة وإلا لا، ولو خرج وهو في السنة أو بعد قيامه لثالثة النفل يتم في الأصح ويخفف القراءة‏.‏

‏(‏وكل ما حرم في الصلاة حرم فيها‏)‏ أي في الخطبة خلاصة وغيرها فيحرم أكل وشرب وكلام ولو تسبيحا أو رد سلام أو أمرا بمعروف بل يجب عليه أن يستمع ويسكت ‏(‏بلا فرق بين قريب وبعيد‏)‏ في الأصح محيط ولا يرد تحذير من خيف هلاكه لأنه يجب لحق آدمي، وهو محتاج إليه والإنصات لحق الله - تعالى، ومبناه على المسامحة وكان أبو يوسف ينظر في كتابه ويصححه والأصح أنه لا بأس بأن يشير برأسه أو يده عند رؤية منكر والصواب أنه يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم عند سماع اسمه في نفسه، ولا يجب تشميت ولا رد سلام به يفتى وكذا يجب الاستماع لسائر الخطب كخطبة نكاح وخطبة عيد وختم على المعتمد‏.‏ وقالا‏:‏ لا بأس بالكلام قبل الخطبة وبعدها وإذا جلس عند الثاني، والخلاف في كلام يتعلق بالآخرة أما غيره فيكره إجماعا وعلى هذا فالترقية المتعارفة في زماننا تكره عنده لا عندهما‏.‏ وأما ما يفعله المؤذنون حال الخطبة من الترضي ونحوه فمكروه اتفاقا وتمامه في البحر والعجب أن المرقى ينهى عن الأمر بالمعروف بمقتضى حديثه ثم يقول‏:‏ أنصتوا رحمكم الله‏.‏ قلت‏:‏ إلا أن يحمل على قولهما فتنبه‏.‏

‏(‏ووجب سعي إليها وترك البيع‏)‏ ولو مع السعي، في المسجد أعظم وزرا ‏(‏بالأذان الأول‏)‏ في الأصح وإن لم يكن في زمن الرسول بل في زمن عثمان‏.‏ وأفاد في البحر صحة إطلاق الحرمة على المكروه تحريما ‏(‏ويؤذن‏)‏ ثانيا ‏(‏بين يديه‏)‏ أي الخطيب‏.‏ أفاد بوحدة الفعل أن المؤذن إذا كان أكثر من واحد أذنوا واحدا بعد واحد ولا يجتمعون كما في الجلابي والتمرتاشي ذكره القهستاني‏.‏

‏(‏إذا جلس على المنبر‏)‏ فإذا أتم أقيمت ويكره الفصل بأمر الدنيا ذكره العيني ‏(‏لا ينبغي أن يصلي غير الخطيب‏)‏ لأنهما كشيء واحد ‏(‏فإن فعل بأن خطب صبي بإذن السلطان وصلى بالغ جاز‏)‏ هو المختار

‏(‏لا بأس بالسفر يومها إذا خرج من عمران المصر قبل خروج وقت الظهر‏)‏ كذا في الخانية لكن عبارة الظهيرية وغيرها بلفظ دخول بدل خروج‏.‏ وقال في شرح المنية‏:‏ والصحيح أنه يكره السفر بعد الزوال قبل أن يصليها ولا يكره قبل الزوال‏.‏

‏(‏القروي إذا دخل المصر يومها إن نوى المكث ثمة ذلك اليوم لزمته‏)‏ الجمعة ‏(‏وإن نوى الخروج من ذلك اليوم قبل وقتها أو بعده لا تلزمه‏)‏ لكن في النهر إن نوى الخروج بعده لزمته وإلا لا‏.‏ وفي شرح المنية‏:‏ إن نوى المكث إلى وقتها لزمته، وقيل لا ‏(‏كما‏)‏ لا تلزم ‏(‏لو قدم مسافر يومها‏)‏ على عزم أن لا يخرج يومها ‏(‏ولم ينو الإقامة‏)‏ نصف شهر

‏(‏يخطب‏)‏ الإمام ‏(‏بسيف في بلدة فتحت به‏)‏ كمكة ‏(‏وإلا لا‏)‏ كالمدينة‏.‏ وفي الحاوي القدسي‏:‏ إذا فرغ المؤذنون قام الإمام، والسيف في يساره، وهو متكئ عليه‏.‏ وفي الخلاصة‏:‏ ويكره أن يتكئ على قوس أو عصا‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

سمع النداء وهو يأكل تركه إن خاف فوت جمعة أو مكتوبة لا جماعة رستاقي‏.‏ سعى يريد الجمعة وحوائجه أن معظم مقصوده الجمعة نال ثواب السعي إليها، وبهذا تعلم أن من شرك في عبادته فالعبرة للأغلب‏.‏ الأفضل حلق الشعر وقلم الظفر بعدها

لا بأس بالتخطي ما لم يأخذ الإمام في الخطبة ولم يؤذ أحدا إلا أن لا يجد إلا فرجة أمامه فيتخطى إليها للضرورة ويكره التخطي للسؤال بكل حال‏:‏ «وسئل عليه الصلاة والسلام عن ساعة الإجابة فقال‏:‏ ما بين جلوس الإمام إلى أن يتم الصلاة» وهو الصحيح‏.‏ وقيل‏:‏ وقت العصر وإليه ذهب المشايخ كما في التتارخانية وفيها سئل بعض المشايخ ليلة الجمعة أفضل أم يومها‏؟‏ فقال‏:‏ يومها ذكر في إحكامات الأشباه مما اختص به يومها قراءة الكهف فيه ومن فهم عطفه على قوله، ويكره إفراده بالصوم، وإفراد ليلته بالقيام فقد وهم، وفيه تجتمع الأرواح وتزار القبور ويأمن الميت من عذاب القبر ومن مات فيه أو في ليلته أمن من عذاب القبر، ولا تسجر فيه جهنم، وفيه يزور أهل الجنة ربهم تعالى‏.‏

باب العيدين

سمي به لأن لله فيه عوائد الإحسان ولعوده بالسرور غالبا أو تفاؤلا، ويستعمل في كل يوم مسرة ولذا قيل‏:‏ عيد وعيد صرن مجتمعه وجه الحبيب ويوم العيد والجمعه فلو اجتمعا لم يلزم إلا صلاة أحدهما، وقيل الأولى صلاة الجمعة، وقيل صلاة العيد كذا في القهستاني عن التمرتاشي‏.‏ قلت‏:‏ قد راجعت التمرتاشي فرأيته حكاه عن مذهب الغير وبصورة التمريض فتنبه وشرع في الأولى من الهجرة ‏(‏تجب صلاتهما‏)‏ في الأصح ‏(‏على من تجب عليه الجمعة بشرائطها‏)‏ المتقدمة ‏(‏سوى الخطبة‏)‏ فإنها سنة بعدها، وفي القنية‏:‏ صلاة العيد في القرى تكره تحريما أي لأنه اشتغال بما لا يصح لأن المصر شرط الصحة‏.‏

‏(‏وتقدم‏)‏ صلاتها ‏(‏على صلاة الجنازة إذا اجتمعا‏)‏ لأنه واجب عينا والجنازة كفاية ‏(‏و‏)‏ تقدم ‏(‏صلاة الجنازة عن الخطبة‏)‏ وعلى سنة المغرب وغيرها والعيد على الكسوف، لكن في البحر قبيل الأذان عن الحلبي الفتوى على تأخير الجنازة عن السنة وأقره المصنف كأنه إلحاق لها بالصلاة لكن في آخر أحكام دين الأشباه ينبغي تقديم الجنازة والكسوف حتى على الفرض ما لم يضق وقته فتأمل‏.‏

‏(‏وندب يوم الفطر أكله‏)‏ حلوا وترا ولو قرويا ‏(‏قبل‏)‏ خروجه إلى ‏(‏صلاتها واستياكه واغتساله وتطيبه‏)‏ بما له ريح لا لون ‏(‏ولبسه أحسن ثيابه‏)‏ ولو غير أبيض ‏(‏وأداء فطرته‏)‏ صح عطفه على أكله لأن الكلام كله قبل الخروج، ومن ثم أتى بكلمة ‏(‏ثم خروجه‏)‏ ليفيد تراخيه عن جميع ما مر ‏(‏ماشيا إلى الجبانة‏)‏ وهي المصلى العام، والواجب مطلق التوجه ‏(‏والخروج إليها‏)‏ أي الجبانة لصلاة العيد ‏(‏سنة وإن وسعهم المسجد الجامع‏)‏ هو الصحيح ‏(‏ولا بأس بإخراج منبر إليها‏)‏ لكن في الخلاصة‏:‏ لا بأس دون إخراجه، ولا بأس بعوده راكبا‏.‏ وندب كونه من طريق آخر وإظهار البشاشة وإكثار الصدقة والتختم والتهنئة بتقبل الله منا ومنكم لا تنكر ‏(‏ولا يكبر في طريقها ولا يتنفل قبلها مطلقا‏)‏ يتعلق بالتكبير والتنفل كذا قرره المصنف تبعا للبحر لكن تعقبه في النهر ورجح تقييده بالجهر‏.‏ زاد في البرهان وقالا‏:‏ الجهر به سنة كالأضحى وهي رواية عنه ووجهها ظاهر قوله تعالى -‏:‏ ‏{‏ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم‏}‏ - ووجه الأول أن رفع الصوت بالذكر بدعة فيقتصر على مورد الشرع‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏وكذا‏)‏ لا يتنفل ‏(‏بعدها في مصلاها‏)‏ فإنه مكروه عند العامة ‏(‏وإن‏)‏ تنفل بعدها ‏(‏في البيت جاز‏)‏ بل يندب تنفل بأربع وهذا للخواص أما العوام فلا يمنعون من تكبير ولا تنفل أصلا لقلة رغبتهم في الخيرات بحر‏.‏ وفي هامشه بخط ثقة وكذا صلاة رغائب وبراءة وقدر لأن عليا رضي الله عنه رأى رجلا يصلي بعد العيد فقيل أما تمنعه يا أمير المؤمنين‏؟‏ فقال أخاف أن أدخل تحت الوعيد قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى‏}‏‏.‏

‏(‏ووقتها من الارتفاع‏)‏ قدر رمح فلا تصح قبله بل تكون نفلا محرما ‏(‏إلى الزوال‏)‏ بإسقاط الغاية ‏(‏فلو زالت الشمس وهو في أثنائها فسدت‏)‏ كما في الجمعة كذا في السراج وقدمناه في الاثني عشرية

‏(‏ويصلي الإمام بهم ركعتين مثنيا قبل الزوائد، وهي ثلاث تكبيرات في كل ركعة‏)‏ ولو زاد تابعه إلى ستة عشر لأنه مأثور، لا أن يسمع من المكبرين فيأتي بالكل ‏(‏ويوالي‏)‏ ندبا ‏(‏بين القراءتين‏)‏ ويقرأ كالجمعة

‏(‏ولو أدرك‏)‏ المؤتم ‏(‏الإمام في القيام‏)‏ بعدما كبر ‏(‏كبر‏)‏ في الحال برأي نفسه لأنه مسبوق، ولو سبق بركعة يقرأ ثم يكبر لئلا يتوالى التكبير ‏(‏فلو لم يكبر حتى ركع الإمام قبل أن يكبر‏)‏ المؤتم ‏(‏لا يكبر‏)‏ في القيام ‏(‏و‏)‏ لكن ‏(‏يركع ويكبر في الركوع‏)‏ على الصحيح لأن للركوع حكم القيام فالإتيان بالواجب أولى من المسنون ‏(‏كما لو ركع الإمام قبل أن يكبر فإن الإمام يكبر في الركوع ولا يعود إلى القيام ليكبر‏)‏ في ظاهر الرواية فلو عاد ينبغي الفساد ‏(‏ويرفع يديه في الزوائد‏)‏ وإن لم ير إمامه ذلك ‏(‏إلا إذا كبر راكعا‏)‏ كما مر فلا يرفع يديه على المختار لأن أخذ الركبتين سنة في محله ‏(‏وليس بين تكبيراته ذكر مسنون‏)‏ ولذا يرسل يديه ‏(‏ويسكت بين كل تكبيرتين مقدار ثلاث تسبيحات‏)‏ هذا يختلف بكثرة الزحام وقلته

‏(‏ويخطب بعدها خطبتين‏)‏ وهما سنة ‏(‏فلو خطب قبلها صح وأساء‏)‏ لترك السنة، وما يسن في الجمعة ويكره يسن فيها ويكره ‏(‏و‏)‏ الخطب ثمان بل عشر ‏(‏يبدأ بالتحميد في‏)‏ ثلاث ‏(‏خطبة‏)‏ جمعة ‏(‏واستسقاء ونكاح‏)‏ وينبغي أن تكون خطبة الكسوف وختم القرآن كذلك ولم أره ‏(‏ويبدأ بالتكبير في‏)‏ خمس ‏(‏خطبة العيدين‏)‏ وثلاث خطب الحج إلا أن التي بمكة وعرفة يبدأ فيها بالتكبير ثم بالتلبية ثم بالخطبة كذا في خزانة أبي الليث ‏(‏ويستحب أن يستفتح الأولى بتسع تكبيرات تترى‏)‏ أي متتابعات ‏(‏والثانية بسبع‏)‏ هو السنة ‏(‏و‏)‏ أن ‏(‏يكبر قبل نزوله من المنبر أربع عشرة‏)‏ وإذا صعد عليه لا يجلس عندنا معراج ‏(‏و‏)‏ أن ‏(‏يعلم الناس فيها أحكام‏)‏ صدقة ‏(‏الفطر‏)‏ ليؤديها من لم يؤدها وينبغي تعليمهم في الجمعة التي قبلها ليخرجوها في محلها ولم أره وهكذا كل حكم احتيج إليه لأن الخطبة شرعت للتعليم ‏(‏ولا يصليها وحده إن فاتت مع الإمام‏)‏ ولو بالإفساد اتفاقا في الأصح كما في تيمم البحر، وفيها يلغز‏:‏ أي رجل أفسد صلاة واجبة عليه ولا قضاء‏؟‏ ‏(‏و‏)‏ لو أمكنه الذهاب إلى إمام آخر فعل لأنها ‏(‏تؤدى بمصر‏)‏ واحد ‏(‏بمواضع‏)‏ كثيرة ‏(‏اتفاقا‏)‏ فإن عجز صلى أربعا كالضحى ‏(‏وتؤخر بعذر‏)‏ كمطر ‏(‏إلى الزوال من الغد فقط‏)‏ فوقتها من الثاني كالأول وتكون قضاء لا أداء كما سيجيء في الأضحية وحكى القهستاني قولين ‏(‏وأحكامها أحكام الأضحى لكن هنا يجوز تأخيرها إلى آخر ثالث أيام النحر بلا عذر مع الكراهة وبه‏)‏ أي بالعذر ‏(‏بدونها‏)‏ فالعذر هنا لنفي الكراهة وفي الفطر للصحة ‏(‏ويكبر جهرا‏)‏ اتفاقا ‏(‏في الطريق‏)‏ قيل، وفي المصلى وعليه عمل الناس اليوم لا في البيت ‏(‏ويندب تأخير أكله عنها‏)‏ وإن لم يصح في الأصح، ولو أكل لم يكره أي تحريما ‏(‏ويعلم الأضحية وتكبير التشريق‏)‏ في الخطبة ‏(‏ووقوف الناس يوم عرفة في غيرها تشبيها بالواقفين ليس بشيء‏)‏ هو نكرة في موضع النفي فتعم أنواع العبادة من فرض وواجب ومستحب فيفيد الإباحة، وقيل يستحب ذلك كذا في مسكين‏.‏ وقال الباقاني‏:‏ لو اجتمعوا لشرف ذلك اليوم ولسماع الوعظ بلا وقوف وكشف رأس جاز بلا كراهة اتفاقا

‏(‏ويجب تكبير التشريق‏)‏ في الأصح للأمر به ‏(‏مرة‏)‏ وإن زاد عليها يكون فضلا قاله العيني‏.‏ صفته ‏(‏الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد‏)‏ هو المأثور عن الخليل‏.‏ والمختار أن الذبيح إسماعيل‏.‏ وفي القاموس أنه الأصح قال‏:‏ ومعناه مطيع الله ‏(‏عقب كل فرض‏)‏ عيني بلا فصل يمنع البناء ‏(‏أدى بجماعة‏)‏ أو قضي فيها منها من عامه لقيام وقته كالأضحية ‏(‏مستحبة‏)‏ خرج جماعة النساء والغزاة لا العبيد في الأصح جوهرة، أوله ‏(‏من فجر عرفة‏)‏ وآخره ‏(‏إلى عصر العيد‏)‏ بإدخال الغاية فهي ثمان صلوات ووجوبه ‏(‏على إمام مقيم‏)‏ بمصر ‏(‏و‏)‏ على مقتد ‏(‏مسافر أو قروي أو امرأة‏)‏ بالتبعية لكن المرأة تخافت ويجب على مقيم اقتدى بمسافر ‏(‏وقالا بوجوبه فور كل فرض مطلقا‏)‏ ولو منفردا أو مسافرا أو امرأة لأنه تبع للمكتوبة ‏(‏إلى‏)‏ عصر اليوم الخامس ‏(‏آخر أيام التشريق وعليه الاعتماد‏)‏ والعمل والفتوى في عامة الأمصار وكافة الأعصار‏.‏ ولا بأس به عقب العيد لأن المسلمين توارثوه فوجب اتباعهم، وعليه البلخيون، ولا يمنع العامة من التكبير في الأسواق في الأيام العشر وبه نأخذ بحر ومجتبى وغيره ‏(‏ويأتي المؤتم به‏)‏ وجوبا ‏(‏وإن تركه إمامه‏)‏ لأدائه بعد الصلاة‏.‏ قال أبو يوسف‏:‏ صليت بهم المغرب يوم عرفة فسهوت أن أكبر فكبر بهم أبو حنيفة ‏(‏والمسبوق يكبر‏)‏ وجوبا كاللاحق لكن ‏(‏عقب القضاء‏)‏ لما فاته، ولو كبر الإمام لا تفسد، ولو لبى فسدت ‏(‏ويبدأ الإمام بسجود السهو‏)‏ لوجوبه في تحريمتها ‏(‏ثم بالتكبير‏)‏ لوجوبه في حرمتها ‏(‏ثم بالتلبية لو محرما‏)‏ لعدمهما خلاصة‏.‏ وفي الولوالجية‏:‏ لو بدأ بالتلبية سقط السجود والتكبير‏.‏

باب الكسوف

مناسبته إما من حيث الاتحاد أو التضاد ثم الجمهور أنه بالكاف والخاء للشمس والقمر ‏(‏يصلي بالناس من يملك إقامة الجمعة‏)‏ بيان للمستحب وما في السراج لا بد من شرائط الجمعة إلا الخطبة رده في البحر عند الكسوف ‏(‏ركعتين‏)‏ بيان لأقلها، وإن شاء أربعا أو أكثر كل ركعتين بتسليمة أو كل أربع مجتبى وصفتها ‏(‏كالنفل‏)‏ أي بركوع واحد في غير وقت مكروه ‏(‏بلا أذان و‏)‏ لا ‏(‏إقامة و‏)‏ لا ‏(‏جهر و‏)‏ لا ‏(‏خطبة‏)‏ وينادي‏:‏ الصلاة جامعة ليجتمعوا ‏(‏ويطيل فيها الركوع‏)‏ والسجود ‏(‏والقراءة‏)‏ والأدعية والأذكار الذي هو من خصائص النافلة ثم يدعو بعدها جالسا مستقبل القبلة أو قائما مستقبل الناس والقوم يؤمنون ‏(‏حتى تنجلي الشمس كلها، وإن لم يحضر الإمام‏)‏ للجمعة ‏(‏صلى الناس فرادى‏)‏ في منازلهم تحرزا عن الفتنة ‏(‏كالخسوف‏)‏ للقمر ‏(‏والريح‏)‏ الشديدة ‏(‏والظلمة‏)‏ القوية نهارا والضوء القوي ليلا ‏(‏والفزع‏)‏ الغالب ونحو ذلك من الآيات المخوفة كالزلازل والصواعق والثلج والمطر الدائمين وعموم الأمراض، ومنه الدعاء برفع الطاعون وقول ابن حجر‏:‏ بدعة أي حسنة، وكل طاعون وباء ولا عكس، وتمامه في الأشباه‏.‏ وفي العيني‏:‏ صلاة الكسوف سنة‏:‏ واختار في الأسرار وجوبها صلاة الخسوف حسنة وكذا البقية‏.‏ وفي الفتح‏:‏ واختلف في استنان صلاة الاستسقاء فلذا أخرها‏.‏

باب الاستسقاء

‏(‏هو دعاء واستغفار‏)‏ لأنه السبب لإرسال الأمطار ‏(‏بلا جماعة‏)‏ مسنونة بل هي جائزة ‏(‏و‏)‏ بلا ‏(‏خطبة‏)‏ وقالا‏:‏ تفعل كالعيد وهل يكبر للزوائد‏؟‏ خلاف ‏(‏و‏)‏ بلا ‏(‏قلب رداء‏)‏ خلافا لمحمد ‏(‏و‏)‏ بلا ‏(‏حضور ذمي‏)‏ وإن كان الراجح أن دعاء الكافر قد يستجاب استدراجا، وأما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وما دعاء الكافرين إلا في ضلال‏}‏ ففي الآخرة شروح مجمع ‏(‏وإن صلوا فرادى جاز‏)‏ فهي مشروعة للمنفرد، وقول التحفة وغيرها ظاهر الرواية لا صلاة أي بجماعة

‏(‏ويخرجون ثلاثة أيام‏)‏ لأنه لم ينقل أكثر منها ‏(‏متتابعات‏)‏ ويستحب للإمام أن يأمرهم بصيام ثلاثة أيام قبل الخروج وبالتوبة ثم يخرج بهم في الرابع ‏(‏مشاة في ثياب غسيلة أو مرقعة متذللين متواضعين خاشعين لله ناكسين رءوسهم ويقدمون الصدقة في كل يوم قبل خروجهم ويجددون التوبة ويستغفرون للمسلمين ويستسقون بالضعفة والشيوخ‏)‏ والعجائز والصبيان ويبعدون الأطفال عن أمهاتهم‏.‏ ويستحب إخراج الدواب والأولى خروج الإمام معهم وإن خرجوا بإذنه أو بغير إذنه جاز ‏(‏ويجتمعون في المسجد بمكة وبيت المقدس‏)‏ ولم يذكر المدينة كأنه لضيقه وإن دام المطر حتى أضر فلا بأس بالدعاء بحبسه وصرفه حيث ينفع، وإن سقوا قبل خروجهم ندب أن يخرجوا شكرا لله تعالى‏.‏

باب صلاة الخوف

من إضافة الشيء لشرطه ‏(‏هي جائزة بعده عليه الصلاة والسلام عندهما‏)‏ أي عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله خلافا للثاني ‏(‏بشرط حضور عدو‏)‏ يقينا‏.‏ فلو صلوا على ظنه فبان خلافه أعادوا‏.‏ ‏(‏أو سبع‏)‏ أو حية عظيمة ونحوها وحان خروج الوقت كما في مجمع الأنهر ولم أره لغيره فليحفظ‏.‏ قلت‏:‏ ثم رأيت في شرح البخاري للعيني أنه ليس بشرط إلا عند البعض حال التحام الحرب ‏(‏فيجعل الإمام طائفة بإزاء العدو‏)‏ إرهابا له ‏(‏ويصلي بأخرى ركعة في الثنائي‏)‏ ومنه الجمعة والعيد ‏(‏وركعتين في غيره‏)‏ لزوما ‏(‏وذهبت إليه وجاءت الأخرى فصلى بهم ما بقي وسلم وحده وذهبت إليه‏)‏ ندبا ‏(‏وجاءت الطائفة الأولى وأتموا صلاتهم بلا قراءة‏)‏ لأنهم لاحقون ‏(‏وسلموا ثم جاءت الطائفة الأخرى وأتموا صلاتهم بقراءة‏)‏ لأنهم مسبوقون هذا وإن تنازعوا في الصلاة خلف واحد وإلا فالأفضل أن يصلي بكل طائفة إمام ‏(‏وإن اشتد خوفهم‏)‏ وعجزوا عن النزول ‏(‏صلوا ركبانا فرادى‏)‏ إلا إذا كان رديفا للإمام، فيصح الاقتداء ‏(‏بالإيماء إلى جهة قدرتهم‏)‏ للضرورة

‏(‏وفسدت بمشي‏)‏ لغير اصطفاف وسبق حدث ‏(‏وركوب‏)‏ مطلقا ‏(‏وقتال كثير‏)‏ لا بقليل كرمية سهم‏.‏ ‏(‏والسابح في البحر إن أمكنه أن يرسل أعضاءه ساعة صلى بالإيماء وإلا لا‏)‏ تصح كصلاة الماشي والسائف وهو يضرب بالسيف‏.‏

‏[‏فروع في الراكب إن كان مطلوبا تصح صلاته‏]‏

الراكب إن كان مطلوبا تصح صلاته وإن كان طالبا لا، لعدم خوفه‏.‏ شرعوا ثم ذهب العدو لم يجز انحرافهم وبعكسه جاز‏.‏ لا تشرع صلاة الخوف للعاصي في سفره كما في الظهيرية وعليه فلا تصح من البغاة صح‏:‏ «أنه عليه الصلاة والسلام صلاها في أربع ذات الرقاع وبطن نخل وعسفان وذي قرد»‏.‏

باب صلاة الجنازة

من إضافة الشيء لسببه، وهي بالفتح الميت وبالكسر السرير، وقيل‏:‏ لغتان‏.‏ والموت صفة وجودية خلقت ضد الحياة، وقيل‏:‏ عدمية ‏(‏يوجه المحتضر‏)‏ وعلامته استرخاء قدميه، واعوجاج منخره وانخساف صدغيه ‏(‏القبلة‏)‏ على يمينه هو السنة ‏(‏وجاز الاستلقاء‏)‏ على ظهره ‏(‏وقدماه إليها‏)‏ وهو المعتاد في زماننا ‏(‏و‏)‏ لكن ‏(‏يرفع رأسه قليلا‏)‏ ليتوجه للقبلة ‏(‏وقيل يوضع كما تيسر على الأصح‏)‏ صححه في المبتغى ‏(‏وإن شق عليه ترك على حاله‏)‏ والمرجوم لا يوجه معراج

‏(‏ولا يلقن بعد تلحيده‏)‏ وإن فعل لا ينهى عنه‏.‏ وفي الجوهرة أنه مشروع عند أهل السنة ويكفي قوله ‏"‏ يا فلان يا ابن فلان اذكر ما كنت عليه وقل رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا، قيل يا رسول الله فإن لم يعرف اسمه قال‏:‏ ينسب إلى آدم وحواء ‏"‏‏.‏

ومن لا يسأل ينبغي أن لا يلقن‏.‏ والأصح أن الأنبياء لا يسألون ولا أطفال المؤمنين وتوقف الإمام في أطفال المشركين وقيل هم خدم أهل الجنة‏.‏

ويكره تمني الموت وتمامه في النهر وسيجيء في الحظر ‏(‏وما ظهر منه من كلمات كفرية يغتفر في حقه ويعامل معاملة موتى المسلمين‏)‏ حملا على أنه في حال زوال عقله ولذا اختار بعضهم زوال عقله قبل موته ذكره الكمال

‏(‏وإذا مات تشد لحياه وتغمض عيناه‏)‏ تحسينا له، ويقول مغمضه‏:‏ بسم الله وعلى ملة رسول الله اللهم يسر عليه أمره، وسهل عليه ما بعده، وأسعده بلقائك، واجعل ما خرج إليه خيرا مما خرج عنه ثم تمد أعضاؤه، ويوضع على بطنه سيف أو حديد لئلا ينتفخ، ويحضر عنده الطيب ويخرج من عنده الحائض والنفساء والجنب ويعلم به جيرانه وأقرباؤه ويسرع في جهازه ويقرأ عنده القرآن إلى أن يرفع إلى الغسل كما في القهستاني معزيا للنتف‏.‏ قلت‏:‏ وليس في النتف إلى الغسل بل إلى أن يرفع فقط، وفسره في البحر برفع الروح‏.‏ وعبارة الزيلعي وغيره تكره القراءة عنده حتى يغسل، وعلله الشرنبلالي في إمداد الفتاح تنزيها للقرآن عن نجاسة الميت لتنجسه بالموت قيل نجاسة خبث وقيل حدث، وعليه فينبغي جوازها كقراءة المحدث

‏(‏ويوضع‏)‏ كما مات ‏(‏كما تيسر‏)‏ في الأصح ‏(‏على سرير مجمر وترا‏)‏ إلى سبع فقط فتح ‏(‏ككفنه‏)‏ وعند موته فهي ثلاث لا خلفه ولا في القبر

‏(‏وكره قراءة القرآن عنده إلى تمام غسله‏)‏ عبارة الزيلعي حتى يغسل وعبارة النهر قبل غسله ‏(‏وتستر عورته الغليظة فقط على الظاهر‏)‏ من الرواية ‏(‏وقيل مطلقا‏)‏ الغليظة والخفيفة ‏(‏وصحح‏)‏ صححه الزيلعي وغيره ‏(‏ويغسلها تحت خرقة‏)‏ السترة ‏(‏بعد لف‏)‏ خرقة ‏(‏مثلها على يديه‏)‏ لحرمة اللمس كالنظر

‏(‏ويجرد‏)‏ من ثيابه ‏(‏كما مات‏)‏‏:‏ «وغسله عليه الصلاة والسلام في قميصه» من خواصه ‏(‏ويوضأ‏)‏ من يؤمر بالصلاة ‏(‏بلا مضمضة واستنشاق‏)‏ للحرج، وقيل يفعلان بخرقة، وعليه العمل اليوم، ولو كان جنبا أو حائضا أو نفساء فعلا اتفاقا تتميما للطهارة كما في إمداد الفتاح مستمدا من شرح المقدسي، ويبدأ بوجهه ويمسح رأسه ‏(‏ويصب عليه ماء مغلى بسدر‏)‏ ورق النبق ‏(‏أو حرض‏)‏ بضم فسكون الأشنان ‏(‏إن تيسر، وإلا فماء خالص‏)‏ مغلى ‏(‏ويغسل رأسه ولحيته بالخطمي‏)‏ نبت بالعراق ‏(‏إن وجد وإلا فبالصابون ونحوه‏)‏ هذا لو كان بهما شعر حتى لو كان أمرد أو أجرد لا يفعل

‏(‏ويضجع على يساره‏)‏ ليبدأ بيمينه ‏(‏فيغسل حتى يصل الماء إلى ما يلي التخت منه ثم على يمينه كذلك ثم يجلس مسندا‏)‏ بالبناء للمفعول ‏(‏إليه ويمسح بطنه رفيقا وما خرج منه يغسله ثم‏)‏ بعد إقعاده ‏(‏يضجعه على شقه الأيسر ويغسله‏)‏ وهذه غسلة ‏(‏ثالثة‏)‏ ليحصل المسنون ‏(‏ويصب عليه الماء عند كل اضطجاع ثلاث مرات‏)‏ لما مر ‏(‏وإن زاد عليها أو نقص جاز‏)‏ إذ الواجب مرة ‏(‏ولا يعاد غسله ولا وضوءه بالخارج منه‏)‏ لأن غسله ما وجب لرفع الحدث لبقائه بالموت بل لتنجسه بالموت كسائر الحيوانات الدموية إلا أن المسلم يطهر بالغسل كرامة له وقد حصل بحر وشرح مجمع‏.‏

‏(‏وينشف في ثوب ويجعل الحنوط‏)‏ وهو بفتح الحاء ‏(‏العطر المركب من الأشياء الطيبة غير زعفران وورس‏)‏ لكراهتهما للرجال، وجعلهما في الكفن جهل ‏(‏على رأسه ولحيته‏)‏ ندبا ‏(‏والكافور على مساجده‏)‏ كرامة لها

‏(‏ولا يسرح شعره‏)‏ أي يكره تحريما ‏(‏ولا يقص ظفره‏)‏ إلا المكسور ‏(‏ولا شعره‏)‏ ولا يختن، ولا بأس بجعل القطن على وجهه، وفي مخارقه كدبر وقبل وأذن وفم، ويوضع يداه في جانبيه لا على صدره لأنه من عمل الكفار ابن مالك

‏(‏ويمنع زوجها من غسلها ومسها لا من النظر إليها على الأصح‏)‏ منية‏.‏ وقالت الأئمة الثلاثة‏:‏ يجوز لأن عليا غسل فاطمة رضي الله عنها‏.‏ قلنا‏:‏ هذا محمول على بقاء الزوجية لقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «كل سبب ونسب ينقطع بالموت إلا سببي ونسبي» مع أن بعض الصحابة أنكر عليه شرح المجمع للعيني ‏(‏وهي لا تمنع من ذلك‏)‏ ولو ذمية بشرط بقاء الزوجية ‏(‏بخلاف أم الولد‏)‏ والمدبرة والمكاتبة فلا يغسلونه ولا يغسلهن على المشهور مجتبى‏.‏ ‏(‏والمعتبر‏)‏ في الزوجية ‏(‏صلاحيتها لغسله حالة الغسل لا‏)‏ حالة ‏(‏الموت فتمنع من غسله لو‏)‏ بانت قبل موته أو ‏(‏ارتدت بعده‏)‏ ثم أسلمت ‏(‏أو مست ابنه بشهوة‏)‏ لزوال النكاح ‏(‏وجاز لها‏)‏ غسله ‏(‏لو أسلم‏)‏ زوج المجوسية ‏(‏فمات فأسلمت‏)‏ بعده لحل مسها حينئذ اعتبارا بحالة الحياة‏.‏

‏(‏وجد رأس آدمي‏)‏ أو أحد شقيه ‏(‏لا يغسل ولا يصلى عليه‏)‏ بل يدفن إلا أن يوجد أكثر من نصفه ولو بلا رأس

‏(‏والأفضل أن يغسل‏)‏ الميت ‏(‏مجانا، فإن ابتغى الغاسل الأجر جاز إن كان ثمة غيره وإلا لا‏)‏ لتعينه عليه، وينبغي أن يكون حكم الحمال والحفار كذلك سراج

‏(‏وإن غسل‏)‏ الميت ‏(‏بغير نية أجزأ‏)‏ أي لطهارته لا لإسقاط الفرض عن ذمة المكلفين ‏(‏و‏)‏ لذا قال ‏(‏لو وجد ميت في الماء فلا بد من غسله ثلاثا‏)‏ لأنا أمرنا بالغسل فيحركه في الماء بنية الغسل ثلاثا فتح وتعليله يفيد أنهم لو صلوا عليه بلا إعادة غسله صح، وإن لم يسقط وجوبه عنهم فتدبر‏.‏ وفي الاختيار الأصل فيه تغسيل الملائكة لآدم عليه السلام وقالوا لولده هذه سنة موتاكم‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

لو لم يدر أمسلم أم كافر، ولا علامة فإن في دارنا غسل وصلي عليه وإلا لا‏.‏ اختلط موتانا بكفار ولا علامة اعتبر الأكثر فإن استووا غسلوا واختلف في الصلاة عليهم ومحل دفنهم كدفن ذمية حبلى من مسلم قالوا‏:‏ والأحوط دفنها على حدة ويجعل ظهرها إلى القبلة؛ لأن وجه الولد لظهرها‏.‏ ماتت بين رجال أو هو بين نساء يممه المحرم فإن لم يكن فالأجنبي بخرقة وييمم الخنثى المشكل لو مراهقا وإلا فكغيره فيغسله الرجال والنساء‏.‏ يمم لفقد ماء وصلي عليه ثم وجدوه غسلوه وصلوا ثانيا وقيل لا

‏(‏ويسن في الكفن له إزار وقميص ولفافة وتكره العمامة‏)‏ للميت ‏(‏في الأصح‏)‏ مجتبى واستحسنها المتأخرون للعلماء والأشراف ولا بأس بالزيادة على الثلاثة ويحسن الكفن لحديث‏:‏ «حسنوا أكفان الموتى فإنهم يتزاورون فيما بينهم ويتفاخرون بحسن أكفانهم» ظهيرية ‏(‏ولها درع‏)‏ أي قميص ‏(‏وإزار وخمار ولفافة وخرقة تربط بها ثدياها‏)‏ وبطنها ‏(‏وكفاية له إزار ولفافة‏)‏ في الأصح ‏(‏ولها ثوبان وخمار‏)‏ ويكره أقل من ذلك

‏(‏وكفن الضرورة لهما ما يوجد‏)‏ وأقله ما يعم البدن‏.‏ وعند الشافعي ما يستر العورة كالحي ‏(‏تبسط اللفافة‏)‏ أولا ‏(‏ثم يبسط الإزار عليها ويقمص ويوضع على الإزار ويلف يساره ثم يمينه ثم اللفافة كذلك‏)‏ ليكون الأيمن على الأيسر ‏(‏وهي تلبس الدرع ويجعل شعرها ضفيرتين على صدرها فوقه‏)‏ أي الدرع ‏(‏والخمار فوقه‏)‏ أي الشعر ‏(‏تحت اللفافة‏)‏ ثم يفعل كما مر ‏(‏ويعقد الكفن إن خيف انتشاره‏)‏

‏(‏وخنثى مشكل كامرأة فيه‏)‏ أي الكفن، والمحرم كالحلال والمراهق كالبالغ ومن لم يراهق إن كفن في واحد جاز والسقط يلف ولا يكفن كالعضو من الميت

‏(‏و‏)‏ آدمي ‏(‏منبوش طري‏)‏ لم يتفسخ ‏(‏يكفن كالذي لم يدفن‏)‏ مرة بعد أخرى ‏(‏وإن تفسخ كفن في ثوب واحد‏)‏ وإلى هنا صار المكفنون أحد عشر‏.‏ والثاني عشر‏:‏ الشهيد ذكرها في المجتبى

‏(‏ولا بأس في الكفن ببرود وكتان وفي النساء بحرير ومزعفر ومعصفر‏)‏ لجوازه بكل ما يجوز لبسه حال الحياة وأحبه البياض أو ما كان يصلي فيه

‏(‏وكفن من لا مال له على من تجب نفقته‏)‏ فإن تعددوا فعلى قدر ميراثهم‏.‏ ‏(‏واختلف في الزوج والفتوى على وجوب كفنها عليه‏)‏ عند الثاني ‏(‏وإن تركت مالا‏)‏ خانية ورجحه في البحر بأنه الظاهر لأنه ككسوتها ‏(‏وإن لم يكن ثمة من تجب عليه نفقته ففي بيت المال فإن لم يكن‏)‏ بيت المال معمورا أو منتظما ‏(‏فعلى المسلمين تكفينه‏)‏ فإن لم يقدروا سألوا الناس له ثوبا فإن فضل شيء رد للمصدق إن علم وإلا كفن به مثله، وإلا تصدق به مجتبى وظاهره أنه لا يجب عليهم إلا سؤال كفن الضرورة لا الكفاية ولو كان في مكان ليس فيه إلا واحد، وذلك الواحد ليس له إلا ثوب لا يلزمه تكفينه به ولا يخرج الكفن عن ملك المتبرع

‏(‏والصلاة عليه‏)‏ صفتها ‏(‏فرض كفاية‏)‏ بالإجماع فيكفر منكرها لأنه أنكر الإجماع قنية ‏(‏كدفنه‏)‏ وغسله وتجهيزه فإنها فرض كفاية‏.‏

‏(‏وشرطها‏)‏ ستة ‏(‏إسلام الميت وطهارته‏)‏ ما لم يهل عليه التراب فيصلى على قبره بلا غسل، وإن صلى عليه أولا استحسانا وفي القنية الطهارة من النجاسة في ثوب وبدن ومكان، وستر العورة شرط في حق الميت والإمام جميعا؛ فلو أم بلا طهارة والقوم بها أعيدت وبعكسه لا كما لو أمت امرأة ولو أمة لسقوط فرضها بواحد وبقي من الشروط بلوغ الإمام تأمل وشرطها أيضا حضوره ‏(‏ووضعه‏)‏ وكونه هو أو أكثره ‏(‏أمام المصلي‏)‏ وكونه للقبلة فلا تصح على غائب ومحمول على نحو دابة وموضوع خلفه، لأنه كالإمام من وجه دون وجه لصحتها على الصبي وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي لغوية أو خصوصية‏.‏ وصحت لو وضعوا الرأس موضع الرجلين وأساءوا إن تعمدوا، ولو أخطئوا القبلة صحت إن تحروا وإلا لا مفتاح السعادة‏.‏

‏(‏وركنها‏)‏ شيئان ‏(‏التكبيرات‏)‏ الأربع، فالأولى ركن أيضا لا شرط، فلذا لم يجز بناء أخرى عليها ‏(‏والقيام‏)‏ فلم تجز قاعدا بلا عذر‏.‏

‏(‏وسنتها‏)‏ ثلاثة ‏(‏التحميد والثناء والدعاء فيها‏)‏ ذكره الزاهدي، وما فهمه الكمال من أن الدعاء ركن والتكبيرة الأولى شرط رده في البحر بتصريحهم بخلافه

‏(‏وهي فرض على كل مسلم مات خلا‏)‏ أربعة ‏(‏بغاة، وقطاع طريق‏)‏ فلا يغسلوا، ولا يصلى عليهم ‏(‏إذا قتلوا في الحرب‏)‏ ولو بعده صلى عليهم لأنه حد أو قصاص ‏(‏وكذا‏)‏ أهل عصبة و ‏(‏مكابر في مصر ليلا بسلاح وخناق‏)‏ خنق غير مرة فحكمهم كالبغاة‏.‏

‏(‏من قتل نفسه‏)‏ ولو ‏(‏عمدا يغسل ويصلى عليه‏)‏ به يفتى وإن كان أعظم وزرا من قاتل غيره‏.‏ ورجح الكمال قول الثاني بما في مسلم‏:‏ «أنه عليه الصلاة والسلام أتي برجل قتل نفسه فلم يصل عليه»‏.‏

‏(‏لا‏)‏ يصلى على ‏(‏قاتل أحد أبويه‏)‏ إهانة له، وألحقه في النهر بالبغاة‏.‏

‏(‏وهي أربع تكبيرات‏)‏ كل تكبيرة قائمة مقام ركعة ‏(‏يرفع يديه في الأولى فقط‏)‏ وقال أئمة بلخ في كلها ‏(‏ويثني بعدها‏)‏ وهو ‏"‏ سبحانك اللهم وبحمدك ‏"‏ ‏(‏ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ كما في التشهد ‏(‏بعد الثانية‏)‏ لأن تقديمها سنة الدعاء ‏(‏ويدعو بعد الثالثة‏)‏ بأمور الآخرة والمأثور أولى، وقدم فيه الإسلام مع أنه الإيمان لأنه منبئ عن الانقياد فكأنه دعاء في حال الحياة بالإيمان والانقياد، وأما في حال الوفاة فالانقياد، وهو العمل غير موجود ‏(‏ويسلم‏)‏ بلا دعاء ‏(‏بعد الرابعة‏)‏ تسليمتين ناويا الميت مع القوم، ويسر الكل إلا التكبير زيلعي وغيره، لكن في البدائع العمل في زماننا على الجهر بالتسليم‏.‏ وفي جواهر الفتاوى‏:‏ يجهر بواحدة

‏(‏ولا قراءة ولا تشهد فيها‏)‏ وعين الشافعي الفاتحة في الأولى‏.‏ وعندنا تجوز بنية الدعاء، وتكره بنية القراءة لعدم ثبوتها فيها عنه عليه الصلاة والسلام

وأفضل صفوفها آخرها إظهارا للتواضع ‏(‏ولو كبر إمامه خمسا لم يتبع‏)‏ لأنه منسوخ ‏(‏فيمكث المؤتم حتى يسلم معه إذا سلم‏)‏ به يفتى، هذا إذا سمع من الإمام، ولو من المبلغ تابعه، وينوي الافتتاح بكل تكبيرة وكذا في العيد

‏(‏ولا يستغفر فيها لصبي ومجنون‏)‏ ومعتوه لعدم تكليفهم ‏(‏بل يقول بعد دعاء البالغين‏:‏ اللهم اجعله لنا فرطا‏)‏ بفتحتين‏:‏ أي سابقا إلى الحوض ليهيئ الماء، وهو دعاء له أيضا بتقدمه في الخير، لا سيما، وقد قالوا‏:‏ حسنات الصبي له لا لأبويه بل لهما ثواب التعليم ‏(‏واجعله ذخرا‏)‏ بضم الذال المعجمة، ذخيرة ‏(‏وشافعا مشفعا‏)‏ مقبول الشفاعة‏.‏

‏(‏ويقوم الإمام‏)‏ ندبا ‏(‏بحذاء الصدر مطلقا‏)‏ للرجل والمرأة لأنه محل الإيمان والشفاعة لأجله

‏(‏والمسبوق‏)‏ ببعض التكبيرات لا يكبر في الحال بل ‏(‏ينتظر‏)‏ تكبير ‏(‏الإمام ليكبر معه‏)‏ للافتتاح لما مر أن كل تكبيرة كركعة، والمسبوق لا يبدأ بما فاته‏.‏ وقال أبو يوسف‏:‏ يكبر حين يحضر ‏(‏كما لا ينتظر الحاضر‏)‏ في ‏(‏حال التحريمة‏)‏ بل يكبر اتفاقا للتحريمة، - - لأنه كالمدرك ثم يكبران ما فاتهما بعد الفراغ نسقا بلا دعاء إن خشيا رفع الميت على الأعناق‏.‏ وما في المجتبى من أن المدرك يكبر الكل للحال شاذ نهر ‏(‏فلو جاء‏)‏ المسبوق ‏(‏بعد تكبيرة الإمام لرابعة فاتته الصلاة‏)‏ لتعذر الدخول في تكبيرة الإمام‏.‏ وعند أبي يوسف يدخل لبقاء التحريمة، فإذا سلم الإمام كبر ثلاثا كما في الحاضر وعليه الفتوى، ذكره الحلبي وغيره‏.‏

‏(‏وإذا اجتمعت الجنائز فإفراد الصلاة‏)‏ على كل واحدة ‏(‏أولى‏)‏ من الجمع وتقديم الأفضل أفضل ‏(‏وإن جمع‏)‏ جاز، ثم إن شاء جعل الجنائز صفا واحدا وقام عند أفضلهم، وإن شاء ‏(‏جعلها صفا مما يلي القبلة‏)‏ واحدا خلف واحد ‏(‏بحيث يكون صدر كل‏)‏ جنازة ‏(‏مما يلي الإمام‏)‏ ليقوم بحذاء صدر الكل وإن جعلها درجا فحسن لحصول المقصود ‏(‏وراعى الترتيب‏)‏ المعهود خلفه حالة الحياة، فيقرب منه الأفضل فالأفضل الرجل مما يليه؛ فالصبي فالخنثى فالبالغة فالمراهقة؛ والصبي الحر يقدم على العبد، والعبد على المرأة؛ وأما ترتيبهم في قبر واحد لضرورة فبعكس هذا، فيجعل الأفضل مما يلي القبلة فتح

‏(‏ويقدم في الصلاة عليه السلطان‏)‏ إن حضر ‏(‏أو نائبه‏)‏ وهو أمير المصر ‏(‏ثم القاضي‏)‏ ثم صاحب الشرط ثم خليفته ثم خليفة القاضي ‏(‏ثم إمام الحي‏)‏ فيه إيهام، وذلك أن تقديم الولاة واجب، وتقديم إمام الحي مندوب فقط بشرط أن يكون أفضل من الولي، وإلا فالولي أولى كما في المجتبى وشرح المجمع للمصنف‏.‏ وفي الدراية‏:‏ إمام المسجد الجامع أولى من إمام الحي‏:‏ أي مسجد محلته نهر ‏(‏ثم الولي‏)‏ بترتيب عصوبة الإنكاح إلا الأب فيقدم على الابن اتفاقا إلا أن يكون عالما والأب جاهلا فالابن أولى‏.‏ فإن لم يكن له ولي فالزوج ثم الجيران، ومولى العبد أولى من ابنه الحر لبقاء ملكه، والفتوى على بطلان الوصية بغسله والصلاة عليه

‏(‏وله‏)‏ أي للولي‏.‏ ومثله كل من يقدم عليه من باب أولى ‏(‏الإذن لغيره فيها‏)‏ لأنه حقه فيملك إبطاله ‏(‏إلا‏)‏ أنه ‏(‏إن كان هناك من يساويه فله‏)‏ أي لذلك المساوي ولو أصغر سنا ‏(‏المنع‏)‏ لمشاركته في الحق، أما البعيد فليس له المنع ‏(‏فإن صلى غيره‏)‏ أي الولي ‏(‏ممن ليس له حق التقديم‏)‏ على الولي ‏(‏ولم يتابعه‏)‏ الولي ‏(‏أعاد الولي‏)‏ ولو على قبره إن شاء لأجل حقه لا لإسقاط الفرض؛ ولذا قلنا‏:‏ ليس لمن صلى عليها أن يعيد مع الولي لأن تكرارها غير مشروع ‏(‏وإلا‏)‏ أي وإن صلى من له حق التقدم كقاض أو نائبه أو إمام الحي أو من ليس له حق التقدم وتابعه الولي ‏(‏لا‏)‏ يعيد لأنهم أولى بالصلاة منه‏.‏ ‏(‏وإن صلى هو‏)‏ أي الولي ‏(‏بحق‏)‏ بأن لم يحضر من يقدم عليه ‏(‏لا يصلي غيره بعده‏)‏ وإن حضر من له التقدم لكونها بحق‏.‏ أما لو صلى الولي بحضرة السلطان مثلا أعاد السلطان كما في المجتبى وغيره وفيه حكم صلاة من لا ولاية له كعدم الصلاة أصلا فيصلي على قبره ما لم يتمزق

‏(‏وإن دفن‏)‏ وأهيل عليه التراب ‏(‏بغير صلاة‏)‏ أو بها بلا غسل أو ممن لا ولاية له ‏(‏صلي على قبره‏)‏ استحسانا ‏(‏ما لم يغلب على الظن تفسخه‏)‏ من غير تقدير هو الأصح‏.‏ وظاهره أنه لو شك في تفسخه صلي عليه، لكن في النهر عن محمد لا كأنه تقديما للمانع ‏(‏ولم تجز‏)‏ الصلاة ‏(‏عليها راكبا‏)‏ ولا قاعدا ‏(‏بغير عذر‏)‏ استحسانا‏.‏

‏(‏وكرهت تحريما‏)‏ وقيل ‏(‏تنزيها في مسجد جماعة هو‏)‏ أي الميت ‏(‏فيه‏)‏ وحده أو مع القوم‏.‏ ‏(‏واختلف في الخارجة‏)‏ عن المسجد وحده أو مع بعض القوم ‏(‏والمختار الكراهة‏)‏ مطلقا خلاصة، بناء على أن المسجد إنما بني للمكتوبة، وتوابعها كنافلة وذكر وتدريس علم، وهو الموافق لإطلاق حديث أبي داود‏:‏ «من صلى على ميت في المسجد فلا صلاة له»‏.‏

‏(‏ومن ولد فمات يغسل ويصلى عليه‏)‏ ويرث ويورث ويسمى ‏(‏إن استهل‏)‏ بالبناء للفاعل‏:‏ أي وجد منه ما يدل على حياته بعد خروج أكثره، حتى لو خرج رأسه فقط وهو يصيح فذبحه رجل فعليه الغرة، وإن قطع أذنه فخرج حيا فمات فعليه الدية ‏(‏وإلا‏)‏ يستهل ‏(‏غسل وسمي‏)‏ عند الثاني وهو الأصح فيفتى به على خلاف ظاهر الرواية إكراما لبني آدم كما في ملتقى البحار‏.‏ وفي النهر عن الظهيرية‏:‏ وإذا استبان بعض خلقه غسل وحشر هو المختار ‏(‏وأدرج في خرقة ودفن ولم يصل عليه‏)‏ وكذا لا يرث إن انفصل بنفسه ‏(‏كصبي سبي مع أحد أبويه‏)‏ لا يصلى عليه لأنه تبع له أي في أحكام الدنيا لا العقبى، لما مر أنهم خدم أهل الجنة‏.‏ ‏(‏ولو سبي بدونه‏)‏ فهو مسلم تبعا للدار أو للسبي ‏(‏أو به فأسلم هو أو‏)‏ أسلم ‏(‏الصبي وهو عاقل‏)‏ أي ابن سبع سنين ‏(‏صلي عليه‏)‏ لصيرورته مسلما‏.‏ قالوا‏:‏ ولا ينبغي أن يسأل العامي عن الإسلام بل يذكر عنده حقيقته، وما يجب الإيمان به، ثم يقال له‏:‏ هل أنت مصدق بهذا‏؟‏ فإذا قال نعم اكتفي به‏.‏ ولا يضر توقفه في جواب ما الإيمان ما الإسلام فتح‏.‏

‏(‏ويغسل المسلم ويكفن ويدفن قريبه‏)‏ كخاله ‏(‏الكافر الأصلي‏)‏ أما المرتد فيلقى في حفرة كالكلب ‏(‏عند الاحتياج‏)‏ فلو له قريب فالأولى تركه لهم ‏(‏من غير مراعاة السنة‏)‏ فيغسله غسل الثوب النجس ويلفه في خرقة ويلقيه في حفرة وليس للكافر غسل قريبه المسلم‏:‏

‏(‏وإذا حمل الجنازة وضع‏)‏ ندبا ‏(‏مقدمها‏)‏ بكسر الدال وتفتح وكذا المؤخر ‏(‏على يمينه‏)‏ عشر خطوات لحديث‏:‏ «من حمل جنازة أربعين خطوة كفرت عنه أربعين كبيرة» ‏(‏ثم‏)‏ وضع ‏(‏مؤخرها‏)‏ على يمينه كذلك، ثم مقدمها على يساره ثم مؤخرها كذلك، فيقع الفراغ خلف الجنازة فيمشي خلفها؛ وصح‏:‏ «أنه عليه الصلاة والسلام حمل جنازة سعد بن معاذ» ويكره عندنا حمله بين عمودي السرير بل يرفع كل رجل قائمة باليد لا على العنق كالأمتعة، ولذا كره حمله على ظهر ودابة

‏(‏والصبي الرضيع أو الفطيم أو فوق ذلك قليلا يحمله واحد على يديه‏)‏ ولو راكبا ‏(‏وإن كان كبيرا حمل على الجنازة ويسرع بها بلا خبب‏)‏ أي عدو سريع ولو به كره

‏(‏وكره تأخير صلاته ودفنه ليصلي عليه جمع عظيم بعد صلاة الجمعة‏)‏ إلا إذا خيف فوتها بسبب دفنه قنية ‏(‏كما كره‏)‏ لمتبعها ‏(‏جلوس قبل وضعها‏)‏ وقيام بعده ‏(‏ولا يقوم من في المصلى لها إذا رآها‏)‏ قبل وضعها ولا من مرت عليه هو المختار، وما ورد فيه منسوخ زيلعي

‏(‏وندب المشي خلفها‏)‏ لأنها متبوعة إلا أن يكون خلفها نساء فالمشي أمامها أحسن اختيار‏.‏ ويكره خروجهن تحريما، وتزجر النائحة، ولا يترك اتباعها لأجلها، ولا يمشي عن يمينها ويسارها ‏(‏ولو مشى أمامها جاز‏)‏ وفيه فضيلة أيضا ‏(‏و‏)‏ لكن ‏(‏إن تباعد عنها أو تقدم الكل‏)‏ أو ركب أمامها

‏(‏كره‏)‏ كما كره فيها رفع صوت بذكر أو قراءة فتح

‏(‏وحفر قبره‏)‏ في غير دار ‏(‏مقدار نصف قامة‏)‏ فإن زاد فحسن ‏(‏ويلحد ولا يشق‏)‏ إلا في أرض رخوة ‏(‏ولا‏)‏ يجوز أن ‏(‏يوضع فيه مضربة‏)‏ وما روي عن علي فغير مشهور لا يؤخذ به ظهيرية ‏(‏ولا بأس باتخاذ تابوت‏)‏ ولو من حجر أو حديد ‏(‏له عند الحاجة‏)‏ كرخاوة الأرض

‏(‏و‏)‏ يسن أن ‏(‏يفرش فيه التراب‏.‏ مات في سفينة غسل وكفن وصلي عليه وألقي في البحر إن لم يكن قريبا من البر ولا ينبغي أن يدفن‏)‏ الميت ‏(‏في الدار ولو‏)‏ كان ‏(‏صغيرا‏)‏ لاختصاص هذه السنة بالأنبياء واقعات‏.‏

‏(‏و‏)‏ يستحب أن ‏(‏يدخل من قبل القبلة‏)‏ بأن يوضع من جهتها ثم يحمل فيلحد ‏(‏و‏)‏ أن ‏(‏يقول واضعه‏:‏ بسم الله، وبالله، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويوجه إليها‏)‏ وجوبا، وينبغي كونه على شقه الأيمن ولا ينبش ليوجه إليها ‏(‏وتحل العقدة‏)‏ للاستغناء عنها ‏(‏ويسوى اللبن والقصب لا الآجر‏)‏ المطبوخ والخشب لو حوله، أما فوقه فلا يكره ابن مالك‏.‏ ‏[‏فائدة‏]‏ عدد لبنات لحد النبي عليه الصلاة والسلام تسع بهنسي ‏(‏وجاز‏)‏ ذلك حوله ‏(‏بأرض رخوة‏)‏ كالتابوت ‏(‏ويسجى‏)‏ أي يغطى ‏(‏قبرها‏)‏ ولو خنثى ‏(‏لا قبره‏)‏ إلا لعذر كمطر ‏(‏ويهال التراب عليه، وتكره الزيادة عليه‏)‏ من التراب لأنه بمنزلة البناء ويستحب حثيه من قبل رأسه ثلاثا، وجلوس ساعة بعد دفنه لدعاء وقراءة بقدر ما ينحر الجزور ويفرق لحمه‏.‏

‏(‏ولا بأس برش الماء عليه‏)‏ حفظا لترابه عن الاندراس ‏(‏ولا يربع‏)‏ للنهي ‏(‏ويسنم‏)‏ ندبا‏.‏ وفي الظهيرية وجوبا قدر شبر ‏(‏ولا يجصص‏)‏ للنهي عنه ‏(‏ولا يطين، ولا يرفع عليه بناء‏.‏ وقيل‏:‏ لا بأس به، وهو المختار‏)‏ كما في كراهة السراجية‏.‏ وفي جنائزها‏:‏ لا بأس بالكتابة إن احتيج إليها حتى لا يذهب الأثر ولا يمتهن

‏(‏ولا يخرج منه‏)‏ بعد إهالة التراب ‏(‏إلا‏)‏ لحق آدمي ك ‏(‏أن تكون الأرض مغصوبة أو أخذت بشفعة‏)‏ ويخير المالك بين إخراجه ومساواته بالأرض كما جاز زرعه والبناء عليه إذا بلي وصار ترابا زيلعي‏.‏

‏(‏حامل ماتت وولدها حي‏)‏ يضطرب ‏(‏شق بطنها‏)‏ من الأيسر ‏(‏ويخرج ولدها‏)‏ ولو بالعكس وخيف على الأم قطع وأخرج ولو ميتا وإلا لا كما في كراهة الاختيار‏.‏ ولو بلع مال غيره ومات هل يشق قولان، والأولى نعم فتح‏.‏

‏[‏فروع في الاتباع أفضل من النوافل‏]‏

الاتباع أفضل من النوافل لو لقرابة أو جوار أو فيه صلاح معروف‏.‏ يندب دفنه في جهة موته وتعجيله وستر موضع غسله فلا يراه إلا غاسله ومن يعنيه، وإن رأى به ما يكره لم يجز ذكره، لحديث‏:‏ «اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم»‏.‏

ولا بأس بنقله قبل دفنه وبالإعلام بموته وبإرثائه بشعر أو غيره، لكن يكره الإفراط في مدحه لا سيما عند جنازته، لحديث‏:‏ «من تعزى بعزاء الجاهلية» وبتعزية أهله وترغيبهم في الصبر

وباتخاذ طعام لهم وبالجلوس لها في غير مسجد ثلاثة أيام، وأولها أفضل‏.‏ وتكره بعدها إلا لغائب‏.‏ وتكره التعزية ثانيا، وعند القبر، وعند باب الدار؛ ويقول عظم الله أجرك، وأحسن عزاءك، وغفر لميتك وبزيارة القبور ولو للنساء لحديث‏:‏ «كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها» ويقول‏:‏ السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ويقرأ يس، وفي الحديث‏:‏ «من قرأ الإخلاص أحد عشر مرة ثم وهب أجرها للأموات أعطي من الأجر بعدد الأموات»،

ويحفر قبرا لنفسه، وقيل يكره؛ والذي ينبغي أن لا يكره تهيئة نحو الكفن بخلاف القبر‏.‏ يكره المشي في طريق ظن أنه محدث حتى إذا لم يصل إلى قبره إلا بوطء قبر تركه‏.‏

لا يكره الدفن ليلا ولا إجلاس القارئين عند القبر وهو المختار‏.‏ عظم الذمي محترم‏.‏

إنما يعذب الميت ببكاء أهله إذا أوصى بذلك‏.‏

كتب على جبهة الميت أو عمامته أو كفنه عهد نامه يرجى أن يغفر الله للميت‏.‏ أوصى بعضهم أن يكتب في جبهته وصدره - بسم الله الرحمن الرحيم - ففعل ثم رئي في المنام فسئل فقال‏:‏ لما وضعت في القبر جاءتني ملائكة العذاب، فلما رأوا مكتوبا على جبهتي بسم الله الرحمن الرحيم قالوا‏:‏ أمنت من عذاب الله‏.‏

باب الشهيد

فعيل بمعنى مفعول لأنه مشهود له بالجنة أو فاعل لأنه حي عند ربه فهو شاهد‏.‏ ‏(‏هو كل مكلف مسلم طاهر‏)‏ فالحائض إن رأت ثلاثة أيام غسلت وإلا لا لعدم كونها حائضا‏:‏ «ولم يعد عليه السلام غسل حنظلة لحصوله بفعل الملائكة»، بدليل قصة آدم ‏(‏قتل ظلما‏)‏ بغير حق ‏(‏بجارحة‏)‏ أي بما يوجب القصاص ‏(‏ولم يجب بنفس القتل مال‏)‏ بل قصاص، حتى لو وجب المال بعارض كالصلح أو قتل الأب ابنه لا تسقط الشهادة ‏(‏ولم يرتث‏)‏ فلو ارتث غسل كما سيجيء ‏(‏وكذا‏)‏ يكون شهيدا ‏(‏لو قتله باغ أو حربي أو قاطع طريق ولو‏)‏ تسببا أو ‏(‏بغير آلة جارحة‏)‏ فإن مقتولهم شهيد بأي آلة قتلوه، لأن الأصل فيه شهداء أحد ولم يكن كلهم قتيل سلاح ‏(‏أو وجد جريحا ميتا في معركتهم‏)‏ المراد بالجراحة علامة القتل؛ كخروج الدم من عينه أو من أذنه أو حلقه صافيا، لا من أنفه أو ذكره أو دبره أو حلقه جامدا

‏(‏فينزع عنه ما لا يصلح للكفن، ويزاد‏)‏ إن نقص ما عليه عن كفن السنة ‏(‏وينقص‏)‏ إن زاد ‏(‏ل‏)‏ أجل أن ‏(‏يتم كفنه‏)‏ المسنون ‏(‏ويصلى عليه بلا غسل ويدفن بدمه وثيابه‏)‏ لحديث‏:‏ «زملوهم بكلومهم»

‏(‏ويغسل من وجد قتيلا في مصر‏)‏ أو قرية ‏(‏فيما‏)‏ أي في موضع ‏(‏يجب فيه الدية‏)‏ ولو في بيت المال كالمقتول في جامع أو شارع ‏(‏ولم يعلم قاتله‏)‏ أو علم ولم يجب القصاص، فإن وجب كان شهيدا كمن قتله اللصوص ليلا في المصر فإنه لا قسامة ولا دية فيه للعلم بأن قاتله اللصوص، غاية الأمر أن عينه لم تعلم فليحفظ، فإن الناس عنه غافلون ‏(‏أو قتل بحد أو قصاص‏)‏ أي يغسل وكذا بتعزير أو افتراس سبع‏.‏

‏(‏أو جرح وارتث‏)‏ وذلك ‏(‏بأن أكل أو شرب أو نام أو تداوى‏)‏ ولو قليلا ‏(‏أو أوى خيمة أو مضى عليه وقت صلاة وهو يعقل‏)‏ ويقدر على أدائها ‏(‏أو نقل من معركة‏)‏ وهو يعقل، سواء وصل حيا أو مات على الأيدي وكذا لو قام من مكانه إلى مكان آخر بدائع ‏(‏لا لخوف وطء الخيل أو أوصى بأمور الدنيا، وإن بأمور الآخرة لا‏)‏ يصير مرتثا ‏(‏عند محمد وهو الأصح‏)‏ جوهرة لأنه من أحكام الأموات ‏(‏أو باع أو اشترى أو تكلم بكلام كثير‏)‏ وإلا فلا، وهذا كله إذا كان ‏(‏بعد انقضاء الحرب ولو فيها‏)‏ أي في الحرب ‏(‏لا‏)‏ يصير مرتثا بشيء مما ذكر، وكل ذلك في الشهيد الكامل، وإلا فالمرتث شهيد الآخرة وكذا الجنب ونحوه، ومن قصد العدو فأصاب نفسه، والغريق والحريق والغريب والمهدوم عليه والمبطون والمطعون والنفساء والميت ليلة الجمعة وصاحب ذات الجنب ومن مات وهو يطلب العلم، وقد عدهم السيوطي نحو الثلاثين‏.‏