فصل: تفسير الآيات (110- 111):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (101- 103):

{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} قال: حين ينفخ في الصور فلا يبقى حي إلا الله عز وجل.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن السدي {فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} قال: في النفخة الأولى.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في الآية قال: ليس أحد من الناس يسأل أحداً بنسبه ولا بقرابته شيئاً.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في الآية قال: لا يسأل أحد يومئذ بنسب شيئاً ولا ينمي إليه برحم.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه سئل عن قوله: {فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} وقوله: {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} [ الصفات: 27] فقال: إنها مواقف. فأما الموقف الذي لا أنساب بينهم ولا يتساءلون عند الصعقة الأولى لا أنساب بينهم فيها إذا صعقوا، فإذا كانت النفخة الآخرة فإذا هم قيام يتساءلون.
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه من وجه إلى آخر عن ابن عباس أنه سئل عن الآيتين فقال: أما قوله: {ولا يتساءلون} فهذا في النفخة الأولى حين لا يبقى على الأرض شيء. وأما قوله: {فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} [ الصافات: 27] فإنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون.
وأخرج ابن المبارك في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن ابن مسعود قال: إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين- وفي لفظ: يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رؤؤس الأوّلين والآخرين- ثم ينادي مناد ألا إن هذا فلان ابن فلان فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه- فيفرح- والله- المرء أن يكون له الحق على والده أو زوجته وإن كان صغيراً. ومصداق ذلك في كتاب الله {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون}.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال: ليس شيء أبغض إلى الإنسان يوم القيامة من أن يرى من يعرفه مخافة أن يدور له على شيء، ثم قرأ {يوم يفر المرء من أخيه} [ عبس: 34].
وأخرج أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي في سننه عن المسور بن مخرمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي، وسببي، وصهري».
وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري».

.تفسير الآيات (104- 105):

{تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104) أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (105)}
أخرج ابن جرير عن ابن عباس {تلفح وجوههم النار} قال تنقح.
وأخرج ابن مردويه والضياء في صفة النار عن أبي الدرداء قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: {تلفح وجوههم النار} قال: تلفحهم لفحة فتسيل لحومهم على أعصابهم».
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وابن مردوية وأبو نعيم في الحيلة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن جهنم لما سيق إليها أهلها تلقتهم بعنق، فلفحتهم لفحة فلم تدع لحماً على عظم إلا ألقته على العرقوب».
وأخرج أبو نعيم في الحيلة عن ابن مسعود في قوله: {تلفح وجوههم النار} قال: لفحتهم لفحة فما أبقت لحماً على عظم إلا ألقته على أعقابهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن أبي الدنيا في صفة النار وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم في الحيلة عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: {تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون} قال: «تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته».
وأخرج ابن أبي شيبة عن مغيث بن سمي قال: إذا جيء بالرجل إلى النار قيل انتظر حتى نتحفك، فيؤتى بكأس من سم الأفاعي والأساود إذا أدناها من فيه نثرت اللحم على حدة والعظم على حدة.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود في قوله: {وهم فيها كالحون} قال: كلوح الرأس النضيج، بدأت أسنانهم وتقلصت شفاههم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {كالحون} قال: عابسون.

.تفسير الآيات (106- 107):

{قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107)}
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد {قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا} قال: شقوتهم التي كتبت عليهم.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن. أنه كان يقرأ {غلبت علينا شقاوتنا}.
وأخرج عبد بن حميد عن إسحاق قال: في قراءة عبد الله {شقاوتنا}.

.تفسير الآيات (108- 109):

{قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108) إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109)}
أخرج ابن أبي شيبة والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب، فيستغيثون بالطعام، فيغاثون بطعام من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع، فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام ذي غصة، فيذكرون أنهم كانوا يجيزون الغصص في الدنيا بالشراب، فيستغيثون بالشراب فيرفع إليهم الحميم بكلاليب الحديد، فإذا ذنت من وجوههم شوت وجوههم، وإذا دخلت بطونهم قطعت ما في بطونهم، فيقولون: ادعوا خزنة جهنم فيدعون خزنة جهنم إن {ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب} [ غافر: 49] فيقولون {أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} [ غافر: 50] فيقولون ادعوا مالكاً فيقولون {يا مالك ليقض علينا ربك} [ الزخرف: 77] فيجيبهم {إنكم ماكثون} فيقولون ادعوا ربكم فلا أحد خير من ربكم، فيقولون {ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضالين، ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون} [ المؤمنون: 106-107] فيجيبهم {اخسئوا فيها ولا تُكَلِّمون} فعند ذلك يئسوا من كل خير، وعند ذلك أخذوا في الزفير والحسرة والويل».
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: إن أهل جهنم ينادون مالكاً {يا مالك ليقض علينا ربك} فيذرهم أربعين عاماً لا يجيبهم ثم يجيبهم {إنكم ماكثون} ثم ينادون ربهم {ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فانا ظالمون} فيذرهم مثلي الدنيا لا يجيبهم ثم يجيبهم {اخسئوا فيها ولا تُكَلِّمون} قال: فيئس القوم بعدها، وما هو إلا الزفير والشهيق.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الشعب عن محمد بن كعب قال: لأهل النار خمس دعوات يجيبهم الله في أربعة، فإذا كانت الخامسة لم يتكلموا بعدها أبداً يقولون {ربنا أمتَّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل} [ غافر: 11] فيجيبهم الله {ذلكم بأنه إذا دعيَ الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم الله العلي الكبير} [ غافر: 12] ثم يقولون {ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحاً انا موقنون} [ السجدة: 12] فيجيبهم الله {فذقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا انا نسيانكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون} [ السجدة: 14] ثم يقولون {ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل} [ ابراهيم: 44] فيجيبهم الله {أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال} ثم يقولون {ربنا أخرجنا نعمل صالحاً غير الذي كنا نعمل} [ فاطر: 37] فيجيبهم الله {أو لو نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير} [ فاطر: 37] ثم يقولون {ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضالين، ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فانا ظالمون} [ المؤمنون: 106] فيجيبهم الله {اخسئوا فيها ولا تكلمون} فلا يتكلمون بعدها أبداً.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال: بلغنا أن أهل النار نادوا خزنة جهنم أن {ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب} [ غافر: 49] فلم يجيبوهم ما شاء الله، فلما أجابوهم بعد حين قالوا لهم {ادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} [ غافر: 50] ثم نادوا {يا مالك} لخازن النار {ليقض علينا ربك} [ الزخرف: 77] فسكت عنهم مالك مقدار أربعين سنة ثم أجابهم فقال: {إنكم ماكثون} ثم نادى الأشقياء ربهم فقالوا {ربنا أخرجنا منها فان عدنا فانا ظالمون} فسكت عنهم.. مقدار الدنيا ثم أجابهم بعد ذلك {اخسئوا فيها ولا تكلمون}.
وأخرج عبد بن حميدعن الحسن في الآية قال: تكلموا قبل ذلك وخاصموا فلما كان آخر ذلك قال: {اخسئوا فيها ولا تكلمون} قال: منعوا الكلام آخر ما عليهم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن زياد بن سعد الخراساني في قوله: {اخسئوا فيها ولا تكلمون} قال: فتنطبق عليهم فلا يسمع منها إلا مثل طنين الطست.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله: {اخسئوا} قال: اصغروا.
وأخرج ابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس {اخسئوا فيها ولا تكلمون} قال: هذا قول الرب عز وجل حين انقطع كلامهم منه.
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة النار عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله إذا قال لأهل النار {اخسئوا فيها ولا تكلمون} عادت وجوهم قطعة لحم ليس فيها أفواه ولا مناخير تردد النفس في أجوافهم».
وأخرج هناد عن ابن مسعود قال: ليس بعد الآية خروج {اخسئوا فيها ولا تكلمون}.

.تفسير الآيات (110- 111):

{فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ (111)}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {فاتَّخذتموهم سخرياً} قال: هما مختلفان.
سخرياً وسخرياً يقول الله: {ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً} [الزخرف: 32] قال: يسخرونهم والآخرون الذين يستهزون سخرياً.

.تفسير الآيات (112- 114):

{قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (113) قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (114)}
أخرج ابن أبي حاتم عن أيفع بن عبد الكلاعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله إذا أدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار قال لأهل الجنة {كم لبثتم في الأرض عدد سنين} قالوا: {لبثنا يوماً أو بعض يوم} قال: لنعم ما اتجرتم في يوم أو بعض يوم، رحمتي ورضواني وجنتي اسكنوا فيها خالدين مخلدين، ثم يقول: يا أهل النار {كم لبثتم في الأرض عدد سنين} قالوا {لبثنا يوماً أو بعض يوم} فيقول: بئس ما اتجرتم في يوم أو بعض يوم. ناري وسخطي امكثوا فيها خالدين» وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {فاسأل العادين} قال: الحساب.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد {فاسأل العادين} قال: الملائكة.

.تفسير الآيات (115- 116):

{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116)}
أخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن أبي حاتم وابن السني في عمل يوم وليلة وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه عن ابن مسعود أنه قرأ في أذن مصاب {افحسبتم أنما خلقناكم عبثاً} حتى ختم السورة فبرأ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ماذا قرأت في أذنه؟ فأخبره. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نفسي بيده لو أن رجلاً موقناً قرأها على جبل لزال».
وأخرج ابن السني وابن منده وأبو نعيم في المعرفة بسند حسن من طريق محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبيه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا نحن أمسينا وأصبحنا {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون} فقرأناها فغنمنا وسلمنا والله أعلم.