فصل: تفسير الآية رقم (78):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (78):

{وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)}
أخرج ابن مردويه، عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال لي عمر ألسنا كنا نقرأ فيما نقرأ {وجاهدوا في الله حق جهاده} في آخر الزمان كما جاهدتم في أوله قلت: بلى. فمتى هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: إذا كانت بنو أمية الأمراء، وبنو المغيرة الوزراء.
وأخرجه البيهقي في الدلائل عن المسور بن مخرمة. قال: قال عمر لعبد الرحمن بن عوف فذكره.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {وجاهدوا في الله حق جهاده} قال: جاهدوا عدو محمد حتى يدخلوا في الإسلام.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الحسن رضي الله عنه {وجاهدوا في الله حق جهاده} قال: ان الرجل ليجاهد في الله حق جهاده وما ضرب بسيف.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مقاتل رضي الله عنه {وجاهدوا في الله حق جهاده} يعني العمل أن يجتهدوا فيه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي رضي الله عنه {وجاهدوا في الله حق جهاده} قال: يطاع فلا يعصى.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج رضي الله عنه {وجاهدوا في الله حق جهاده} قال: لا تخافوا في الله لومة لائم {هو اجتباكم} قال: استخلصكم.
وأخرج ابن مردويه، عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: «قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-المجا هد من جاهد نفسه في طاعة الله».
وأخرج ابن جرير وابن مردويه والحاكم وصححه، «عن عائشة- رضي الله عنها- أنها سألت النبي- صلى الله عليه وسلم- عن هذه الآية {وما جعل عليكم في الدين من حرج} قال: من ضيق».
وأخرج ابن أبي حاتم، عن محمد قال: قال أبو هريرة لابن عباس أما علينا في الدين من حرج؛ في أن نسرق أو نزني قال: بلى. قال: {فما جعل عليكم في الدين من حرج} قال: الأصر الذي كان على بني إسرائيل وضع عنكم.
وأخرج ابن أبي حاتم، من طريق ابن شهاب، أن ابن عباس كان يقول: في قوله: {ما جعل عليكم في الدين من حرج} توسعة الإسلام؛ ما جعل الله من التوبة ومن الكفارات.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عثمان بن بشار، عن ابن عباس {وما جعل عليكم في الدين من حرج} قال: هذا في هلال رمضان؛ إذا شك فيه الناس، وفي الحج، إذا شكوا في الهلال، وفي الأضحى وفي الفطر وفي أشباهه.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير أن ابن عباس سئل، عن الحرج؟ فقال: ادعوا لي رجلاً من هذيل فجاءه فقال: ما الحرج فيكم؟ فقال: الحرجة من الشجر التي ليس لها مخرج.
فقال ابن عباس: هذا الحرج الذي ليس له مخرج.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي في سننه من طريق عبيدالله بن أبي يزيد، ان ابن عباس سئل عن الحرج؟ فقال: هاهنا أحد من هذيل؟ فقال رجل: أنا. فقال: ما تعدون الحرجة فيكم؟ قال: الشيء الضيق. قال: هو ذاك.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عكرمة قال: الحرج الضيق لم يجعله ضيقاً، ولكنه جعله واسعاً {أحل لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} {وما ملكت أيمانكم} {وحرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير}.
وأخرج محمد بن يحيى الذهلي في الزهريات وابن عساكر، عن ابن شهاب قال: سأل عبد الملك بن مروان علي بن عبدالله، عن هذه الآية؟ {وما جعل عليكم في الدين من حرج} فقال علي بن عبدالله: الحرج، الضيق؛ جعل الله الكفارات مخرجاً من ذلك. سمعت ابن عباس يقول ذلك.
وأخرج البيهقي في سننه، عن محمد بن زيد بن عبدالله بن عمر قال: قرأ عمر بن الخطاب هذه الآية {ما جعل عليكم في الدين من حرج} ثم قال: ادعوا لي رجلاً من بني مدلج. قال عمر: ما الحرج فيكم؟ قال: الضيق.
وأخرج أحمد، عن حذيفة بن اليمان قال: غاب عنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوماً فلم يخرج حتى ظننا أن لن يخرج، فلما خرج سجد سجدة، فظننا أن نفسه قد قبضت! فلما رفع رأسه قال: «إن ربي عز وجل إستشارني في أمتي ماذا أفعل بهم؟ فقلت: ما شئت أي رب؛ هم خلقك وعبادك، فاستشارني الثانية؟ فقلت له كذلك، فقال: لا أخزيك في أمتك يا محمد، وبشرني: إن أول من يدخل الجنة من أمتي معي سبعون ألفاً مع كل ألف سبعون ألفاً ليس عليهم حساب. ثم أرسل إلي ادع تجب، وسل تعط، فقلت لرسوله: أو معطي ربي سؤلي؟ قال: ما أرسلني إليك إلا ليعطيك. ولقد أعطاني ربي عز وجل ولا فخر، وغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر، وأنا أمشي حياء، وأعطاني أن لا تجوع أمتي ولا تغلب، وأعطاني الكوثر، فهو نهر في الجنة يسيل في حوضي، وأعطاني العز والنصر والرعب، يسعى بين يدي أمتي شهراً، وأعطاني: أني أول الأنبياء أدخل الجنة، وطيب لي ولأمتي الغنيمة، وأحل لنا كثيراً ممن شدد على من قبلنا، ولم يجعل علينا من حرج، فلم أجد لي شكراً إلا هذه السجدة».
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مقاتل بن حيان في قوله: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} يقول: لم يضيق الدين عليكم، ولكن جعله واسعاً لمن دخله، وذلك أنه ليس مما فرض عليهم فيه، إلا ساق إليهم عند الاضطرار رخصة؛ والرخصة في الدنيا فيها وسع عليهم رحمة منه، إذا فرض عليهم الصلاة في المقام أربع ركعات، وجعلها في السفر ركعتين وعند الخوف من العدو ركعة، ثم جعل في وجهة رخصة؛ أن يوميء إيماء أن لم يستطيع السجود، في أي نحو كان وجهه، لمن تجاوز عن السيئات منه والخطأ، وجعل في الوضوء والغسل رخصة، إذا لم يجد الماء أن يتيمموا الصعيد، وجعل الصيام على المقيم واجباً، ورخص فيه للمريض، والمسافر عدة من أيام أخر، فمن لم يطق فإطعام مسكين مكان كل يوم، وجعل في الحج رخصة؛ إن لم يجد زاداً أو حملاناً أو حبس دونه، وجعل في الجهاد رخصة؛ إن لم يجد حملاناً أو نفقة، وجعل عند الجهد والاضطرار من الجوع: أن رخص في الميتة والدم ولحم الخنزير قدر ما يرد نفسه؛ لا يموت جوعاً في أشباه هذا في القرآن، وسعة الله على هذه الأمة رخصة منه ساقها إليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي في قوله: {ملة أبيكم إبراهيم} قال: دين أبيكم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق، عن ابن عباس في قوله: {هو سماكم المسلمين من قبل} قال الله عز وجل {سماكم}.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {هو سماكم المسلمين} قال الله عز وجل {سماكم من قبل} قال الكتب كلها {وفي الذكر} {وفي هذا}، قال: القرآن.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {هو سماكم} قال الله: {سماكم المسلمين من قبل وفي هذا} أي في كتابكم: {ليكون الرسول شهيداً عليكم} أنه قد بلغكم {وتكونوا شهداء على الناس} أن رسلهم قد بلغتهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن سفيان في قوله: {هو سماكم المسلمين} قال الله عز وجل {من قبل} قال: في التوراة والإنجيل {وفي هذا} قال: القرآن {ليكون الرسول شهيداً عليكم} قال: {بأعمالكم وتكونوا شهداء على الناس} قال: على الأمم بأن الرسل قد بلغتهم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد في الآية قال: لم يذكر الله بالإسلام والإيمان غير هذه الأمة، ذكرت بهما جميعاً ولم يسمع بأمة ذكرت بالإسلام والإيمان غيرها.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد في قوله: {هو سماكم المسلمين} قال إبراهيم: ألا ترى إلى قوله: {ربنا واجعلنا مسلمين لك} الآية: كلها.
وأخرج الطيالسي وأحمد وابن حبان والبخاري في تاريخه والترمذي وصححه والنسائي والموصلي وابن خزيمة وابن حبان والبوردي وابن قانع والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الشعب، عن الحارث الأشعري، عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «من دعا بدعوى الجاهلية، فإنه من جثاء جهنم قال رجل: يا رسول الله، وإن صام وصلّى؟ قال: نعم. فادعوا بدعوة الله التي سماكم بها المسلمين والمؤمنين عباد الله».
وأخرج ابن أبي شيبة، عن عبدالله بن يزيد الأنصاري قال: تسموا بأسمائكم التي سماكم الله بها: بالحنيفية والإسلام والإيمان.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وإسحق بن راهويه في مسنده، عن مكحول: أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «تسمى الله باسمين، سمى بها أمتي: هو السلام، وسمى أمتي المسلمين، وهو المؤمن، وسمى أمتي المؤمنين، والله تعالى أعلم».

.سورة المؤمنون:

.تفسير الآية رقم (1):

{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)}
أخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والترمذي والنسائي وابن المنذر والعقيلي والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل والضياء في المختارة عن عمر بن الخطاب قال: «كان إذا نزل على رسول الله صلى الله وعليه وسلم الوحي يسمع عند وجهه كدوي النحل، فأنزل عليه يوماً فمكثنا ساعة، فسري عنه فاستقبل القبلة فرفع يديه فقال: اللهم زدنا ولا تُنْقِِِِِِِِصْنَا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وارض عنا ارضنا، ثم قال: لقد أنزلت علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ {قد أفلح المؤمنون} حتى ختم العشر».
وأخرج البخاري في الأدب المفرد والنسائي وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن يزيد بن بابنوس قال: قلنا لعائشة، كيف كان خلق رسول الله صلى الله وعليه وسلم؟ قالت: كان خلقه القرآن. ثم قالت: تقرأ سورة المؤمنون {قد أفلح المؤمنون} فقرأ حتى بلغ العشر فقالت: هكذا كان خلق رسول الله صلى الله وعليه وسلم.
واخرج ابن عدي والحاكم والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «خلق الله جنة عدن، وغرس أشجارها بيده وقال لها: تكلمي. فقالت {قد أفلح المؤمنون}».
وأخرج الطبراني في السنة وابن مردويه من حديث ابن عباس مثله.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله: {قد أفلح المؤمنون} قال: قال كعب: لم يخلق الله بيده إلا ثلاثة: خلق آدم بيده، والتوراة بيده، وغرس جنة عدن بيده ثم قال: تكلمي.. فقالت: {قد أفلح المؤمنون} لما علمت فيها من الكرامة.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال: لما غرس الله الجنة نظر إليها فقال: {قد أفلح المؤمنون}.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال: لما خلق الله الجنة قال: {قد أفلح المؤمنون} وأنزل الله به قرآناً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {قد أفلح المؤمنون} يعني: سعد المصدقون بتوحيد الله.
وأخرج عبد بن حميد عن طلحة بن مصرف أنه كان يقرأ {قد أفلح المؤمنون} برفع أفلح.
وأخرج عن عاصم أنه قرأ بنصب {أفلح}.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله: {قد أفلح المؤمنون} قال: فازوا وسعدوا. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت قول لبيد:
فاعقلي إن كنت ما تعقلي ** ولقد أفلح من كان عقل

.تفسير الآية رقم (2):

{الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)}
أخرج سعيد بن منصور وابن جرير والبيهقي في سننه عن محمد بن سيرين قال: نبئت أن رسول الله صلى الله وعليه وسلم كان إذا صلى يرفع بصره إلى السماء، فنزلت {الذين هم في صلاتهم خاشعون}.
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في مراسيله وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه من وجه آخر عن ابن سيرين قال: «كان النبي صلى الله وعليه وسلم إذا قام في الصلاة نظر هكذا وهكذا يميناً وشمالاً، فنزلت {الذين هم في صلاتهم خاشعون} فحنى رأسه».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين قال: «كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة ويلتفتون يميناً وشمالاً، فأنزل الله: {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون} فقالوا برؤوسهم، فلم يرفعوا أبصارهم بعد ذلك في الصلاة، ولم يلتفتوا يميناً ولا شمالاً».
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن ابن سيرين قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما ينظر إلى الشيء في الصلاة فرفع بصره حتى نزلت آية، إن لم تكن هذه فلا أدري ما هي {الذين هم في صلاتهم خاشعون} فوضع رأسه».
وأخرج ابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء، فنزلت {الذين هم في صلاتهم خاشعون} فطأطأ رأسه».
وأخرج ابن مردوية عن ابن عمر في قوله: {الذين هم في صلاتهم خاشعون} قال: كانوا إذا قاموا في الصلاة اقبلوا على صلاتهم، وخفضوا أبصارهم إلى موضع سجودهم، وعلموا أن الله يقبل عليهم فلا يلتفتون يميناً ولا شمالاً.
وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن علي أنه سئل عن قوله: {الذين هم في صلاتهم خاشعون} قال: الخشوع في القلب، وإن تلين كنفك للمرء المسلم، وأن لا تلتفت في صلاتك.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {الذين هم في صلاتهم خاشعون} قال: خائفون، ساكنون.
وأخرج الحكيم الترمذي والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي بكر الصديق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعوذوا بالله من خشوع النفاق. قالوا يا رسول الله وما خشوع النفاق؟ قال: خشوع البدن، ونفاق القلب».
وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال: استعيذوا بالله من خشوع النفاق.
قيل له: وما خشوع النفاق؟ قال: إن ترى الجسد خاشعاً والقلب ليس بخاشع.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال: الخشوع في القلب هو الخوف، وغض البصر في الصلاة.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جريرعن إبراهيم {الذين هم في صلاتهم خاشعون} قال: الخشوع في القلب. وقال: ساكتون.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {الذين هم في صلاتهم خاشعون} قال: كان خشوعهم في قلوبهم، فغضوا بذلك أبصارهم، وخفضوا لذلك الجناح.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن الزهزي {الذين هم في صلاتهم خاشعون} قال: هو سكون المرء في صلاته.
وأخرج ابن المبارك وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في الآية قال: الخشوع في الصلاة السكوت فيها.
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن مجاهد عن عبدالله بن الزبير. أنه كان يقوم للصلاة كأنه عود، وكان أبو بكر رضي الله عنه يفعل ذلك. وقال مجاهد: هو الخشوع في الصلاة.
واخرج الحكيم الترمذي من طريق القاسم بن محمد عن أسماء بنت أبي بكر عن أم رومان والدة عائشة قالت: رآني أبو بكر الصديق رضي الله عنه أتميل في صلاتي، فزجرني زجرة كدت أنصرف من صلاتي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا قام أحدكم في الصلاة فليسكن أطرافه، لا يتميل تميل اليهود فإن سكون الأطراف في الصلاة من تمام الصلاة».
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنه رأى رجلاً يعبث بلحيته في صلاته فقال: لو خشع قلب هذا خشعت جوارحه».
وأخرج ابن سعد عن أبي قلابة قال: سألت مسلم بن يسار عن الخشوع في الصلاة فقال: تضع بصرك حيث تسجد.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وأبو داود والنسائي عن عائشة قالت: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال: هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة أنه قال في مرضه «اقعدوني، اقعدوني، فإن عندي وديعة أودعتها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يلتفت أحدكم في صلاته، فإن كان لا بد فاعلاً ففي غير ما افترض الله عليه».
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة من طريق عطاء قال: «سمعت أبا هريرة يقول: إذا صليت فإن ربك أمامك وأنت مناجيه فلا تلتفت. قال عطاء: وبلغني أن الرب يقول: يا ابن آدم إلى من تلتفت؟ أنا خير لك ممن تلتفت إليه».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء قال: إياكم والالتفات في الصلاة فإنه لا صلاة للملتفت، وإذا غلبتم على تطوع فلا تغلبوا على المكتوبة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال: إن الله لا يزال مقبلاً على العبد ما دام في صلاته ما لم يحدث، أو يلتفت.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبدالله بن منقذ قال: إذا قام الرجل إلى الصلاة أقبل الله عليه بوجهه، فإذا التفت أعرض عنه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال: إذا قام الرجل في الصلاة أقبل الله عليه بوجهه ما لم يلتفت.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحكم قال: إن من تمام الصلاة أن لا تعرف من عن يمينك ولا من عن شمالك.
وأخرج الحاكم وصححه من طريق جبير بن نفير بن عوف بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «نظر إلى السماء يوماً فقال: هذا أوان ما يرفع العلم، فقال له رجل من الأنصار يقال له ابن لبيد: يا رسول الله، كيف يرفع وقد أثبت في الكتب، ووعته القلوب؟ فقال: إن كنت لأحسبك من أفقه أهل المدينة، ثم ذكر ضلالة اليهود والنصارى على ما في أيديهم من كتاب الله قال: فلقيت شداد بن أوس فحدثته فقال: صدق عوف ألا أخبرك بأول ذلك. قلتُ: بلى. قال: الخشوع حتى لا ترى خاشعاً».
وأخرج الحاكم وصححه من طريق جبير بن نفير عن أبي الدرداء قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فشخص ببصره إلى السماء ثم قال: هذا أوان يختلس العلم من الناس حتى لا يقدروا منه على شيء فقال زياد بن لبيد: يا رسول الله وكيف يختلس منا وقد قرأنا القرآن؟ فوالله لَنَقْرَأَنَّهُ وَلَنُقْرِئَنَّهُ نساءنا وآباءنا فقال: ثكلتك أمك يا زياد، إن كنت لأعدك من فقهاء أهل المدينة، هذا التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى، فماذا يغني عنهم، فلقيت عبادة بن الصامت فقلت له: ألا تسمع ما يقول أخوك أبو الدرداء؟ وأخبرته. فقال صدق وإن شئت لأحَدِّثَنَّكَ بأول علم يرفع من الناس، الخشوع. يوشك أن تدخل المسجد فلا ترى فيه رجلاً خاشعاً».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والحاكم وصححه عن حذيفة قال: أول ما تفقدون من دينكم الخشوع، وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة. ولَتَنْقُضَنَّ عُرا الإسلام عروة عروة، ولْيُصَلِّيَنَّ النساء وهن حيض، ولَتَسْلُكَنَّ طريق من كان قبلكم حذو القِذة بالقذة، وحذو النعل بالنعل، لا تخطو طريقهم ولا تخطئ بكم حتى تبقى فرقتان من فرق كثيرة تقول إحداهما: ما بال الصلاة الخمس، لقد ضل من كان قبلنا إنما قال الله: {أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل} [ هود: 144] لا تصلوا إلا ثلاثاً. وتقول الأخرى: إنما المؤمنون بالله كإيمان الملائكة لا فينا كافر ولا منافق حق على الله أن يحشرهما مع الدجال.
وأخرج أحمد عن أبي اليسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «منكم من يصلي الصلاة كاملة، ومنكم من يصلي النصف والثلث والربع حتى بلغ العشر».
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وابن ماجة عن جابر بن سمرة قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لينتهين قوم يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم».
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن أنس بن مالك «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم فاشتد في ذلك حتى قال: لينتهن عن ذلك أو لَتُخْطَفَنَّ أبصارُهم».
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال: لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة قال: أما يخشى أحدكم إذا رفع بصره إلى السماء أن لا يرجع إليه بصره يعني وهو في الصلاة.