فصل: تفسير الآيات (215- 217):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (215- 217):

{وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} بدأ بأهل بيته وفصيلته، فشق ذلك على المسلمين، فأنزل الله: {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {واخفض جناحك لمن اتبعك} يقول ذلك لهم. وفي قوله: {فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون} وقال: أمره بهذا ثم نسخه فأمره بجهادهم.

.تفسير الآيات (218- 220):

{الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220)}
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {الذي يراك حين تقوم} قال: للصلاة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك {الذي يراك حين تقوم} قال: من فراشك أو من مجلسك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد {الذي يراك حين تقوم} قال: أينما كنت.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد ابن جبير {الذي يراك حين تقوم} قال: في صلاتك {وتقلبك في الساجدين} قال: كما كانت تقلب الأنبياء قبلك.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين} قال: قيامه وركوعه وسجوده وجلوسه.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {الذي يراك حين تقوم} قال: يراك قائماً وقاعداً وعلى حالاتك {وتقلبك في الساجدين} قال: قيامه وركوعه وسجوده وجلوسه.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {الذي يراك حين تقوم} قال: يراك قائماً وقاعداً وعلى حالاتك {وتقلبك في الساجدين} قال: في الصلاة يراك وحدك ويراك في الجميع.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة {وتقلبك في الساجدين} قال: في المصلين.
وأخرج الفريابي عن مجاهد، مثله.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس {الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين} يقول: قيامك، وركوعك، وسجودك.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس {وتقلبك في الساجدين} قال: يراك وأنت مع الساجدين تقوم وتقعد معهم.
وأخرج سفيان بن عيينة والفريابي والحميدي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن مجاهد في قوله: {وتقلبك في الساجدين} قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى من خلفه في الصلاة كما يرى من بين يديه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {وتقلبك في الساجدين} قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رأى من خلفه كما يرى من بين يديه.
وأخرج مالك وسعيد بن منصور والبخاري ومسلم وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل ترون قبلتي هاهنا فوالله ما يخفى علي خشوعكم ولا ركوعكم وإني لاراكم من وراء ظهري».
وأخرج ابن أبي عمر العدني في مسنده والبزار وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن مجاهد في قوله: {وتقلبك في الساجدين} قال: من نبي إلى نبي حتى أخرجت نبياً.
وأخرج سفيان بن عيينة والفريابي والحميدي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن مجاهد {وتقلبك في الساجدين} قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى من خلفه في الصلاة كما يرى من بين يديه.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس في قوله: {وتقلبك في الساجدين} قال: ما زال النبي صلى الله عليه وسلم يتقلب في أصلاب الأنبياء حتى ولدته أمه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: بأبى أنت وأمي أين كنت وآدم في الجنة؟ فتبسم حتى بدت نواجده ثم قال إني كنت في صلبه، وهبط إلى الأرض وأنا في صلبه، وركبت السفينة في صلب أبي نوح، وقذفت في النار في صلب أبي إبراهيم، ولم يلتق أبواي قط على سفاح، لم يزل الله ينقلني من الإِصلاب الطيبة إلى الأرحام الطاهرة مصفى مهذباً لا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما. قد أخذ الله بالنبوّة ميثاقي، وبالإِسلام هداني، وبين في التوراة والإِنجيل ذكري، وبين كل شيء من صفتي في شرق الأرض وغربها، وعلمني كتابه، ورقي بي في سمائه، وشق لي من أسمائه فذو العرش محمود وأنا محمد ووعدني أن يحبوني بالحوض، وأعطاني الكوثر. وأنا أول شافع، وأول مشفع، ثم أخرجني في خير قرون أمتي، وأمتي الحمادون يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر».

.تفسير الآيات (221- 223):

{هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (223)}
أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن سعيد بن وهب قال: كنت عند عبد الله بن الزبير فقيل له: إن المختار يزعم أنه يوحى إليه فقال ابن الزبير: صدق ثم تلا {هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم}.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {على كل أفاك أثيم} قال: كذاب من الناس {يلقون السمع} قال: ما سمعه الشيطان ألقاه {على كل أفاك} كذاب من الناس.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {تنزل على كل أفاك أثيم} قال: الأفاك: الكذاب. وهم الكهنة تسترق الجن السمع، ثم يأتون به إلى أوليائهم من الإِنس. وفي قوله: {يلقون السمع وأكثرهم كاذبون} قال: كانت الشياطين تصعد إلى السماء فتسمع، ثم تنزل إلى الكهنة فتخبرهم، فتحدث الكهنة بما أنزلت به الشياطين من السمع، وتخلط الكهنة كذباً كثيراً، فيحدثون به الناس. فأما ما كان من سمع السماء فيكون حقاً، وأما ما خلطوا به من الكذب فيكون كذباً.
وأخرج البخاري ومسلم وابن مردويه عن عائشة قالت: «سأل أناس النبي صلى الله عليه وسلم عن الكهان فقال: إنهم ليسوا بشيء فقالوا: يا رسول الله إنهم يحدثوننا أحياناً بالشيء يكون حقاً. قال: تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقذفها في أذن وليه فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة».
وأخرج البخاري وابن المنذر عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الملائكة تحدث في العنان- والعنان: الغمام- بالأمر في الأرض؛ فيسمع الشيطان الكلمة فيقرها في أذن الكاهن كما تقر القارورة، فيزيدون معها مائة كذبة».

.تفسير الآيات (224- 227):

{وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال: تهاجى رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحدهما من الأنصار؛ والآخر من قوم آخرين، وكان مع كل واحد منهما غواة من قومه وهم السفهاء فأنزل الله: {والشعراء يتبعهم الغاوون..} الآيات.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: تهاجى شاعران في الجاهلية وكان مع كل واحد منهما فئام من الناس. فأنزل الله: {والشعراء يتبعهم الغاوون}.
وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن عساكر عن عروة قال: لما نزلت {والشعراء} إلى قوله: {ما لا يفعلون} قال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله قد علم الله أني منهم. فأنزل الله: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} إلى قوله: {ينقلبون}.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي حسن سالم البراد قال: لما نزلت {والشعراء...} جاء عبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك، وحسان بن ثابت، وهم يبكون فقالوا: يا رسول الله لقد أنزل الله هذه الآية وهو يعلم انا شعراء أهلكنا؟ فأنزل الله: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاها عليهم.
وأخرج عبد بن حميد والحاكم عن أبي الحسن مولى بني نوفل؛ أن عبد الله بن رواحة، وحسان بن ثابت، أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزلت الشعراء يبكيان وهو يقرأ {والشعراء يتبعهم الغاوون} حتى بلغ {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} قال: أنتم {وذكروا الله كثيراً} قال: أنتم {وانتصروا من بعد ما ظلموا} قال: أنتم {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون} قال: الكفار.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس {يتبعهم الغاوون} قال: هم الكفار، يتبعون ضلال الجن والإِنس {في كل وادٍ يهيمون} في كل لغو يخوضون {وأنهم يقولون ما لا يفعلون} أكثر ولهم مكذبون، ثم استثنى منهم فقال: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً} في كلامهم {وانتصروا من بعد ما ظلموا} قال: ردوا على الكفار الذين كانون يهجون المؤمنين.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس {والشعراء} قال: المشركون منهم الذين كانوا يهجون النبي صلى الله عليه وسلم {يتبعهم الغاوون} غواة الجن {في كل واد يهيمون} في كل فن من الكلام يأخذون، ثم استثنى فقال: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} يعني حسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك، كانوا يذبون عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه هجاء المشركين.
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس {يتبعهم الغاوون} قال: هم الرواة.
وأخرج البخاري في الأدب وأبو داود في ناسخه عن ابن عباس قال: {الشعراء يتبعهم الغاوون} فنسخ من ذلك واستثنى فقال: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً}.
وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً} قال: أبو بكر، وعمر، وعلي، وعبد الله بن رواحة.
وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه وأبو يعلى وابن مردويه عن كعب بن مالك أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أنزل في الشعراء ما أنزل فكيف ترى فيه؟ فقال: «إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه- والذي نفسي بيده- لكأنما بوجههم مثل نضج النبل».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن أبي سعيد قال: بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عرض شاعر ينشد فقال النبي صلى الله عليه وسلم «لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتلئ شعراً».
وأخرج الديلمي عن ابن مسعود مرفوعاً: الشعراء الذين يموتون في الإِسلام يأمرهم الله أن يقولوا شعراً تتغنى به الحور العين لأزواجهن في الجنة، والذين ماتوا في الشرك يدعون بالويل والثبور في النار.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من الشعر حكمة قال: وأتاه قرظة بن كعب، وعبد الله بن رواحة، وحسان بن ثابت فقالوا: إنا نقول الشعر، وقد نزلت هذه الآية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأوا {والشعراء} إلى قوله: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} قال: أنتم هم {وذكروا الله كثيراً} قال: أنتم هم {وانتصروا من بعد ما ظلموا} قال: أنتم هم».
وأخرج الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {والشعراء يتبعهم الغاوون} قال: كان الشاعران يتقاولان ليكون لهذا تبع ولهذا تبع.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة {والشعراء يتبعهم الغاوون} قال: هم عصاة الجن.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة {والشعراء يتبعهم الغاوون} قال: الشياطين {ألم تر أنهم في كل وادٍ يهيمون} قال: يمدحون قوماً بباطل، ويشتمون قوماً بباطل.
وأخرج الفريابي وابن جرير وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد {والشعراء يتبعهم الغاوون} قال: الشياطين {ألم تر أنهم في كل وادٍ يهيمون} قال: في كل فن يفتنون {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات...} قال: عبد الله بن رواحة، وأصحابه.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} قال: هذه ثنية الله من الشعراء ومن غيرهم {وذكروا الله كثيراً وانتصروا من بعد ما ظلموا} قال: في بعض القراءة {وانتصروا بمثل ما ظلموا} قال: نزلت هذه الآية في رهط من الأنصار هاجوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم كعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، وحسان بن ثابت {وسيعلم الذين ظلموا} من الشعراء وغيرهم {أي منقلب ينقلبون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات...} قال: نزلت في عبد الله بن رواحة، وفي شعراء الأنصار.
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت «اهج المشركين فإن جبريل معك».
وأخرج ابن سعد عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: «قيل يا رسول الله إن أبا سفيان بن الحرث بن عبد المطلب يهجوك، فقام ابن رواحة، فقال: يا رسول الله ائذن لي فيه قال: أنت الذي تقول ثبت الله؟ قال: نعم. يا رسول الله قلت:
ثبت الله ما أعطاك من حسن ** تثبيت موسى ونصراً مثل ما نصرا

قال: وأنت يفعل الله بك مثل ذلك، ثم وثب كعب فقال: يا رسول الله ائذن لي فيه فقال: أنت الذي تقول همت؟ قال: نعم يا رسول الله قلت:
همت سخينة أن تغالب ربها ** فليغلبن مغالب الغلاب

قال: أما إن الله لم ينس لك ذلك، ثم قام حسان الحسام فقال: يا رسول الله ائذن لي فيه، وأخرج لساناً له اسود فقال: يا رسول الله ائذن لي فيه فقال: اذهب إلى أبي بكر فليحدثك حديث القوم، وأيامهم، وأحسابهم واهجهم وجبريل معك»
.
وأخرج ابن سعد عن ابن بريدة، أن جبريل أعان حسان بن ثابت على مدحته النبي صلى الله عليه وسلم بسبعين بيتاً.
وأخرج ابن سعد وأحمد عن أبي هريرة قال: مر عمر بحسان وهو ينشد في المسجد فلحظ إليه. فنظر إليه فقال: قد كنت أنشد فيه، وفيه من هو خير منك. فسكت. ثم التفت حسان إلى أبي هريرة فقال: أنشدك بالله هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أجب عني اللهم أيده بروح القدس»؟ قال: نعم.
وأخرج ابن سعد عن ابن سيرين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة وهم في سفر «أين حسان بن ثابت؟ فقال: لبيك يا رسول الله وسعديك قال: أحد. فجعل ينشده ويصغي إليه حتى فرغ من نشيده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا أشد عليهم من وقع النبل».
وأخرج ابن عساكر عن حسن بن علي قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن رواحة: ما الشعر؟ قال: شيء يختلج في صدر الرجل فيخرجه على لسانه شعراً».
وأخرج ابن سعد عن مدرك بن عمارة قال: «قال عبد الله بن رواحة: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تقول الشعر إذا أردت أن تقول- كأنه يتعجب لذاك-! قلت: انظر في ذاك ثم أقول. قال: فعليك بالمشركين».
وأخرج ابن سعد عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يحمي أعراض المسلمين فقال عبد الله بن رواحة: أنا. وقال كعب بن مالك: أنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك تحسن الشعر. وقال حسان بن ثابت: أنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أهجهم فإن روح القدس سيعينك».
وأخرج ابن سعد عن محمد بن سيرين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا نصر القوم بسلاحهم أنفسهم فألسنتهم أحق. فقام رجل فقال: يا رسول الله أنا. قال: لست هناك. فجلس فقام آخر فقال: يا رسول الله أنا. فقال بيده معنى اجلس. فقام حسان فقال: يا رسول الله ما يسرني به مقولاً بين صنعاء وبصرى، وإنك ما سببت قوماً قط بشيء هو أشد عليهم من شيء يعرفونه، فمر بي إلى من يعرف أيامهم وبيوتاتهم حتى أضع لساني، فأمر به إلى أبي بكر».
وأخرج ابن سعد عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال: «هجا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثلاثة من كفار قريش: أبو سفيان بن الحرث، وعمرو بن العاص، وابن الزبعري، قال قائل لعلي: أهج عنا هؤلاء القوم الذين قد هجونا فقال علي: إن أذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلت. فقال: الرجل: يا رسول الله ائذن لعلي كيما يهجو عنا هؤلاء القوم الذين هجونا فقال: ليس هناك. ثم قال للأنصار: ما يمنع القوم الذين قد نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسلاحهم وأنفسهم أن ينصروه بألسنتهم؟ فقال حسان بن ثابت: أنا لها يا رسول الله، وأخذ بطرف لسانه فقال: والله ما يسرني بهم مقولاً بين بصرى وصنعاء فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكيف تهجوهم وأنا منهم؟ فقال: إني أسُلّكَ منهم كما تسل الشعرة من العجين، فكان يهجوهم ثلاثة من الأنصار يجيبونهم: حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة.
فكان حسان وكعب يعارضانهم بمثل قولهم بالوقائع، والأيام، والمآثر، ويعيرونهم بالمناقب، وكان ابن رواحة يعيرهم بالكفر وينسبهم إلى الكفر، ويعلم أنه ليس فيهم شيء شراً من الكفر. وكانوا في ذلك الزمان أشد القول عليهم قول حسان وكعب، وأهون القول عليهم قول ابن رواحة، فلما أسلموا وفقهوا الإِسلام كان أشد القول عليهم قول ابن رواحة»
.
وأخرج ابن أبي شيبة عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من الشعر حكماً».
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «إن من الشعر حكماً».
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن من الشعر حكماً، وإن من البيان سحراً».
وأخرج ابن أبي حاتم عن فضالة بن عبيدة في قوله: {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون} قال: هؤلاء الذين يخربون البيت.
وأخرج أحمد عن أبي أمامة بن سهل حنيف قال: سمعت رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أتركوا الحبشة ما تركوكم، فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يبايع رجل بين الركن والمقام، ولن يستحل هذا البيت إلا أهله، فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب، ثم تجيء الحبشة فتخربه خراباً لا يعمر بعده أبداً، وهم الذين يستخرجون كنزه».
وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اتركوا الحبشة ما تركوكم فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة».
وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال: من آخر أمر الكعبة أن الحبشة يغزون البيت، فيتوجه المسلمون نحوهم، فيبعث الله عليهم ريحاً شرقية فلا تدع لله عبداً في قلبه مثقال ذرة من تقى إلا قبضته حتى إذا فرغوا من خيارهم بقي عجاج من الناس.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة».
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي بن أبي طالب قال كأني أنظر إلى رجل من الحبش؛ أصلع، أجمع، حمش الساقين، جالس عليها وهو يهدمها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال: كأني به: أصيلع، أفيدع، قائم عليها، يهدمها بمسحاته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت: كتب أبي في وصيته سطرين بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما أوصى به أبو بكر بن أبي قحافة عند خروجه من الدنيا حين يؤمن الكافر، ويتقي الفاجر، ويصدق الكاذب. إني استخلفت عليكم عمر بن الخطاب فإن يعدل فذلك ظني به ورجائي فيه، وإن يجر ويبدل فلا أعلم الغيب {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن رباح قال: كان صفوان بن مجرز إذا قرأ هذه الآية بكى {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}.