فصل: تفسير الآيات (47- 49):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (47- 49):

{قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49)}
أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عكرمة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. «لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه- والله يغفر له- حين سئل عن البقرات العجاف والسمان. ولو كنت مكانه- والله يغفر له- حين أتاه الرسول، لبادرتهم الباب. ولكنه أراد أن يكون له العذر».
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال: لم يرض يوسف عليه السلام أن أفتاهم بالتأويل حتى أمرهم بالرفق، فقال: {تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله} لأن الحب إذا كان في سنبله لا يؤكل.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {فذروه في سنبله} قال: أراد يوسف عليه السلام بالبقاء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {فذروه في سنبله} قال في بعض القراءة الأولى: هو أبقى له لا يؤكل.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن زيد بن أسلم رضي الله عنه أن يوسف عليه السلام في زمانه كان يصنع لرجل طعام اثنين، فيقربه إلى الرجل فيأكل نصفه ويدع نصفه، حتى إذ ما كان يوماً قرَّبهُ له فأكله فقال له يوسف عليه السلام: هذا أول يوم من السبع الشداد.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرر وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد} قال: هن السنون المحول الجدوب. وفي قوله: {يأكلن ما قدمتم لهن} يقول: يأكلن ما كنتم اتخذتم فيهن من القوت {إلا قليلاً مما تحصنون} أي مما تدخرون.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {مما تحصنون} يقول: تخزنون. وفي قوله: {وفيه يعصرون} يقول: الأعناب والدهن.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {عام فيه يغاث الناس} يقول: يصيبهم فيه غيث {وفيه يعصرون} يقول: يعصرون فيه العنب، ويعصرون فيه الزيت، ويعصرون من كل الثمرات.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من وجه آخر، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {وفيه يعصرون} يحتلبون.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن قتادة- رضي الله عنهما- في قوله: {وفيه يعصرون} يحتلبون.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس} قال: يغاث الناس بالمطر، {وفيه يعصرون} الثمار والأعناب والزيتون من الخصب.
وهذا علم آتاه الله علمه لم يكن فيما سئل عنه.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ثم يأتي من بعد ذلك عام...} الآية. قال: زادهم يوسف عليه السلام علم سنة لم يسألوه عنه.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {ثم يأتي من بعد ذلك عام} قال: أخبرهم بشيء لم يسألوه عنه وكان الله تعالى قد علمه إياه {فيه يغاث الناس} بالمطر {وفيه يعصرون} السمسم دهناً، والعنب خمراً، والزيتون زيتاً.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد- رضي الله عنه {فيه يغاث الناس} قال: بالمطر {وفيه يعصرون} قال: يعصرون أعنابهم.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الضحاك- رضي الله عنه {فيه يغاث الناس} قال: يغاث الناس بالمطر {وفيه يعصرون} قال: الزيت.
وأخرج ابن جرير، عن علي بن طلحة رضي الله عنه قال: كان ابن عباس رضي الله عنه يقرأ {وفيه تعصرون} بالتاء، يعني تحتلبون.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق عبدان المروزي رضي الله عنه عن عيسى بن عبيد عن عيسى بن عمير الثقفي رضي الله عنه قال: سمعته يقرأ {فيه يغاث الناس وفيه تعصرون} بالتاء، يعني الغياث المطر، ثم قرأ {وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجاً}.

.تفسير الآيات (50- 53):

{وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50) قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53)}
أخرج أحمد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن} فقال: «لو كنت أنا لأسرعت الاجابة وما ابتغيت العذر».
وأخرج ابن جرير وابن مردويه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يرحم الله يوسف إن كان لذا أناة حليماً، لو كنت أنا المحبوس، ثم أرسل إليّ لخرجت سريعاً».
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجبت لصبر أخي يوسف وكرمه- والله يغفر له- حيث أرسل إليه ليستفتى في الرؤيا، وإن كنت أنا لم أفعل حتى أخرج، وعجبت من صبره وكرمه- والله يغفر له- أتى ليخرج فلم يخرج حتى أخبرهم بعذره، ولو كنت أنا لبادرت الباب، ولكنه أحب أن يكون له العذر».
وأخرج أحمد في الزهد وابن المنذر، عن الحسن رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رحم الله أخي يوسف، لو أنا أتاني الرسول بعد طول الحبس لأسرعت الإجابة، حين قال: {ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة}».
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن} قال: أراد يوسف عليه السلام العذر قبل أن يخرج من السجن.
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإِيمان، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: لما جمع الملك النسوة قال لهن: انتن راودتن يوسف عن نفسه؟ {قلن: حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين} قال يوسف: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} فغمزه جبريل عليه السلام فقال: ولا حين هممت بها؟ فقال: {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {الآن حصحص الحق} قال: تبين.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد وقتادة والضحاك وابن زيد والسدي مثله.
وأخرج الحاكم في تاريخه، وابن مردويه والديلمي، عن أنس رضي الله عنه. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال «لما قالها يوسف عليه السلام، قال له جبريل عليه السلام: يا يوسف، اذكر همك. قال: {وما أبرئ نفسي}».
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن أبي الهذيل قال: لما قال يوسف عليه السلام {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال له جبريل عليه السلام: ولا يوم هممت بما هممت به؟ فقال: {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء}.
وأخرج ابن جرير، عن عكرمة قال: لما قال يوسف عليه السلام {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال الملك- وطعن في جنبه- يا يوسف، ولا حين هممت؟ قال: {وما أبرئ نفسي}.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم، عن حكيم بن جابر في قوله: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال: قال له جبريل: ولا حين حللت السراويل؟ فقال عند ذلك {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء}.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال: هو قول يوسف لمليكه حين أراه الله عذره.
وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر، عن ابن جريج قال: أراد يوسف عليه السلام العذر قبل أن يخرج من السجن، فقال: {ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم...} و {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال ابن جريج: وبين هذا وبين ذلك ما بينه، قال: وهذا من تقديم القرآن وتأخيره.
وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد في قوله: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال يوسف- يقول- لم أخن سيدي.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ، عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال هذا قول يوسف عليه السلام، لم يخن العزيز في امرأته. قال: فقال له جبريل عليه السلام: ولا حين حللت السراويل؟ فقال يوسف عليه السلام {وما أبرئ نفسي...} إلى آخر الآية.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال: قال له جبريل عليه السلام: اذكر همك. قال: {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} فقال له الملك أو جبريل: ولا حين هممت بها؟ فقال يوسف عليه السلام {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء}.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال: فقال له الملك: ولا حين هممت؟ فقال: {وما أبرئ نفسي}.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه قال: ذكر لنا أن الملك الذي كان مع يوسف عليه السلام قال له: اذكر ما هممت به. قال: {وما أبرئ نفسي}.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال: خشي نبي الله صلى الله عليه وسلم أن يكون زكى نفسه فقال: {وما أبرئ نفسي...} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر، عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {وما أبرئ نفسي} قال: يعني همته التي هم بها.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عبد العزيز بن عمير رضي الله عنه قال: النفس أمارة بالسوء، فإذا جاء العزم من الله، كانت هي التي تدعو إلى الخير.

.تفسير الآية رقم (54):

{وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54)}
أخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: فأتاه الرسول فقال له: ألق عنك ثياب السجن، والبس ثياباً جدداً وقم إلى الملك، فدعا له أهل السجن- وهو يومئذ ابن ثلاثين سنة- فلما أتاه، رأى غلاماً حدثاً. فقال: أيعلم هذا رؤياي ولا يعلمها السحرة والكهنة؟!... وأقعده قدامه وقال له: لا تخف، وألبسه طوقاً من ذهب وثياب حرير وأعطاه دابة مسرجة مزينة كدابة الملك، وضرب الطبل بمصر أن يوسف عليه السلام خليفة الملك.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {أستخلصه لنفسي} قال: أتخذه لنفسي.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن زيد العمي رضي الله عنه قال: لما رأى يوسف عليه السلام عزيز مصر قال: اللهم إني أسألك بخيرك من خيره، وأعوذ بعزتك من شره.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن أبي ميسرة رضي الله عنه قال: لما رأى العزيز لبق يوسف وكيسه وظرفه، دعاه. فكان يتغدى معه ويتعشى دون غلمانه، فلما كان بينه وبين المرأة ما كان، قالت: لم تدني هذا من بين غلمانك؟... مره فليتغد مع الغلمان. قال له: اذهب فتغد مع الغلمان. فقال له يوسف: أترغب أن تأكل معي... أنا والله يوسف بن يعقوب، نبي الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال الملك ليوسف: إني أحب أن تخالطني في كل شيء، إلا في أهلي، وأنا آنف أن تأكل معي. فغضب يوسف عليه السلام فقال: أنا أحق أن آنف، أنا ابن إبراهيم خليل الله، وأنا ابن إسحاق ذبيح الله، وأنا ابن يعقوب نبي الله.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قال: أسلم الملك الذي كان معه يوسف عليه السلام.